يقول "جان بيير جونيه" مخرج الفيلم الفرنسيّ (المصير الرائع لإميلي بولان),
وعرّاب الدورة الثالثة ل"صالون السينما" الذي انعقدت فعالياته في باريس
خلال الأيام 16-17- 18 يناير.
ـ عندما كنتُ شاباً, كانت السينما بالنسبة لي عالماً لا يمكن الاقتراب منه,
محجوزاً لطائفةٍ جاءت من كوكبٍ آخر, ولو كان صالون السينما موجوداً في ذلك
الزمان, لما غفلت عينايّ في قبل أسبوعين من افتتاحه, بسبب الانتظار, وكنتُ
مشيت في كلّ ممرّ, ووقفت أمام كلّ منصة عرض, الخريطة بين أصابعي, أشعر
بالقلق من فكرة فقدان نشاطٍ واحد, ولهذا السبب, فقد وافقت بأن أكون راعياً
للدورة الثالثة لصالون السينما, إنه مشروع رائع فخور بأن أشارك فيه.
يمتلك "صالون السينما" هدفاً تربوياً, تعليميا,ً وتثقيفياً, ..ويزدحم
بالفعاليات لتقديم, وتفسير, وتبسيط عموم المهن السينمائية للجمهور العريض,
وإثارة فضوله, وزيادة جرعة عشقه للسينما.
إحدى النشاطات المُقترحة تحت عنوان " أحبُ, وأدعمُ السينما" تهدف إلى
التوعية بأهمية الحصول على الأفلام من الأنترنت بطرقٍ قانونية, وذلك
للفائدة الاقتصادية, واستمرارية السينما.
نشاطٌ آخر بعنوان "المواطن سينما" يدعو الزوار, مهما كانت أعمارهم, بأن
يصبحوا, خلال أيام الصالون, مواطنين سينمائيين حقيقيين, وذلك بممارسة كلّ
المهن السينمائية, وقد جُهزت لهذا الغرض بلاتوهات مُصغرة, وورش عملٍ خصيصاً
ليصنع كلّ زائر " فيلمه الخاص".
وتحت عنوان " كلّ ما أردتَ أن تعرفه عن بلاتوهات السينما, ولم تمتلكَ
الجرأة لطلب ذلك", يتابع الزائر تصوير مشاهد سينمائية ينفذها طلبة مدارس
السينما, وممثلين متدربين.
وتسلط الدورة الثالثة للصالون الأضواء على مواهب سينمات العالم (ممثلين,
مخرجين, منتجين, مؤلفي موسيقى,..), يتعاقب فريق عمل بعض الأفلام للحديث
بشغفٍ عن مهنتهم, وأفلامهم, ومن هؤلاء :
جان بيير جونيه, كوستا غافراس, جيرار جونيو, فرانسوا بيرليان, روبير
غيديغيان, توني مارشال, كلود شابرول, ألكسندر دبلا, ريتشارد أنكونينا, إما
دي كونيز, جان جاك بينكس, فرانسيس هوستر, وآخرين...
وعن طريق مغامري الفن السابع, يكتشف زوار الصالون كواليس الإبداع الفيلمي
من عام 1895 وحتى اليوم, وذلك من خلال اللقاء مع صُناع الحلم عبر أفلام
حققت نجاحاً جماهيرياً في عام 2008, ومازالت تُعرض في عام 2009.
واكثر من ذلك, دروساً سينمائية يقدمها أفضل التقنيين الفرنسيين الذين حازوا
على جوائز "سيزار" في الأعوام السابقة.
وفي "قرية التحريك" يكشف هذا الفن المُدهش عن أسراره من أسلوب العمل
التقليدي إلى التحريك ثلاثيّ الأبعاد, ويتعرف الزائر على مراحل إنجاز
الأفلام من الألف إلى الياء, ولهذا الغرض, يشرح متخصصون في التحريك,
والمُؤثرات الخاصة طرائقهم السحرية, وبالتركيز بشكل خاصّ على سينما التحريك
الفرنسية.
ويعرض الصالون حوالي 20 فيلماً قصيراً, وطويلاً من التحريك حتى الروائي
مروراً بالتسجيلي.
ومن بين النشاطات البارزة, وبالتعاون مع مجلة دفاتر السينما, تمّ تكريم
المخرج المصري الراحل "يوسف شاهين" بحضور :
ناصر كمال السفير المصري في فرنسا.
جاك لانغ وزير الثقافة الفرنسي السابق.
فابيان فونيّيه من شركة التوزيع(Pyramide
Distribution).
تيري جوس, مؤلف, وناقد من مجلة دفاتر السينما.
المنتجة ماريان خوري.
المنتج غابرييل خوري.
الممثلة يسرا.
مدير التصوير رمسيس مرزوق.
والمنتج هشام عبد الخالق.
وفي لقاء آخر, تمّ عرض الفيلم الروائي القصير " فتوش" بحضور مخرجه المصري
المُقيم في باريس "هشام عبد الخالق, المنتج "أوليفييه يليس", مدير التصوير
رمسيس مرزوق, الممثل "سليم كشيوش, و"ماري غابرييل لوفيفر".
الهند
ضيفة شرف الدورة الثالثة
منذ بداياته, حرص "صالون السينما" في باريس على اختيار سينما بلدٍ معين
لتكون ضيفة شرف, وكانت السينما الهندية من نصيب الدورة الثالثة, وربما يكون
هذا الاختيار" الاستثنائيّ" رداً فعالاً " وحضارياً" على الكثير من
المُشككين بأهمية السينما الهندية, والذين ينظرون إليها نظرةً دونية, وهم
في الحقيقية يجهلون تاريخها, إبداعاتها, تنوّعها, ثرائها, وخصوصيتها,..
وأتوقع بأنهم يحتفظون في ذاكرتهم البعيدة بصور بعض الأفلام التي شاهدوها في
طفولتهم, ومراهقتهم, ومن ثمّ ابتعدوا عنها بحجة أنهم كبروا, ونضجت مداركهم,
ومعارفهم, ومفاهيمهم, وتطورت أذواقهم التي انحصرت بالإعجاب, والانبهار
بالسينما الأمريكية, أو "سينما المؤلف" التي يعتبرونها سينما جادة "غير
تجارية", مع أنّ السينما منذ بداياتها توجهت نحو الجمهور بحثاً عن أمواله
لقاء الفرجة على قصصها, وحكاياتها.
لن أطيل اليوم في تحليل أسباب شغف ملايين المتفرجين بالسينما الهندية, وسوء
فهم آخرين لها, وامتلاك أفكاراً مُسبقة, وخاطئة عنها.
ويكفي التمّعن جيداً بكلّ الأنشطة, والفعاليات, والعروض التي خُصصت لها في
الدورة الأخيرة/الثالثة لصالون السينما كي نفهم إلى أيّ حدٍ فرضت هذه
السينما نفسها بأفلامها(الجيدة, والسيئة على السواء).
كان من المُفترض بأن يلتقي زوار الصالون مع "أيشواريا راي", ولكنها تغيّبت
عن موعدها المُحدد في صباح اليوم الأول, ولكن "أميتاب باشان" كان حاضراً
اسماً, وجسداً, وصوراً, وأفلاماً.
ويمكن حصر النشاطات, والفعاليات, والعروض المُقترحة لذاك التكريم :
ـ درس السينما مع الممثل الهنديّ الأكثر شهرةً, الأسطورة "أميتاب باشان",Big
B
كما يُسمونه.
هو مشهورٌ بطوله(1.91متراً), ولكنّ قائمة أعماله وصلت حالياً إلى الرقم
170 فقط(كان يمثل أحياناً 11 فيلماً في العام الواحد), وتتميّز أدواره
بالتنوع المُدهش.
كما أنه متعدد المواهب: الرقص, والغناء, وفي الكثير من الأفلام يؤدي
الأغاني بنفسه, ويُعير صوته إلى عددٍ كبير من الأفلام, ومنها أعمالاً شهيرة
للمخرج البنغالي "ساتياجيت راي".
يُعتبر "أميتاب باشان" بحقٍ ظاهرةً حقيقيةً, تخطت شعبيته أيّ ممثلٍ آخر في
العالم, وأصبح أسطورةً حية, وبدل أن يستريح, ويعيش شيخوخةً هادئة, يواصل
التمثيل في دزينة من الأفلام في العام(من المُفترض بأن يُعرض له 18 فيلماً
خلال العاميّن 2008 و2009).
ـ طاولةٌ مستديرة لمُناقشة الإشكاليات المُتقاطعة بين باريس, وبومباي حول
استقبال الأفلام لتصويرها في فرنسا.
ـ حلقة بحث لتحليل فوائد, ومُتطلبات الإنتاج المُشترك في الواقع الحالي
للسينما الهندية.
ـ حلقة نقاشٍ حول عقبات توزيع السينما الهندية في فرنسا.
ـ عرض صورٍ لمُقتنياتٍ من متحف(quai
Branly)
بمُصاحبة حكاياتٍ تراثية هندية.
ـ عرض(Camera
Kids)
من إخراج(Ross
Kauffman
و
Zana Briski),
وهو فيلمٌ تسجيلي (في عام 2005حصل على أوسكار أفضل فيلم تسجيلي) يتابع قصة
أطفالٍ كانوا يمارسون الدعارة في مدينة كالكوتا, ومن ثمّ أصبحوا مُتدربين
على التصوير الفوتوغرافي.
ـ لقاءٌ حول الفيلم القصير (Bhai-bhai)
من إنتاج عام 2005 لمُخرجه الفرنسي(Olivier
Klein),
ويحكي عن شابٍ هنديّ بدون أوراقٍ قانونية, تقبض عليه الشرطة, وينتظر ترحيله
إلى بلده, وخلال التحقيق معه تقع شرطية في غرامه,..
ـ عرض فيلم (Provoked)
من إنتاج عام 2007 لمخرجه(Jag
Mundhra).
ـ ليلةٌ خاصة بالأفلام الهندية, وعُرض خلالها ثلاثة أفلام قدمها "أميتاب
باشان" :
(Sholay)
من إنتاج عام 1975, وإخراج(Ramesh
Sippy).
(Black)
من إنتاج عام 2005, وإخراج(Sanjay
Leela Bhansali).
(Sarkar
Raj)
من إنتاج عام 2008, وإخراج(Ram
Gopal Varma).
موقع
"إيلاف" في 20
يناير 2009
|