صلاح سرميني

 
سيرة جديد مقالات ملفات
 
 
 
 

ملفات

 

>>>

25

24

23

22

21

 

الاشتغال الدلاليّ للقيّم الأسطورية في الأفلام السينمائية المُعاصرة

كتابة: حيدر وسم العيفاري/ العراق

 
   
 

رسالة ماجستير

(الاشتغال الدلالي للقيم الأسطورية في الأفلام السينمائية المعاصرة)

التقدير : إمتياز

إشراف : أ.م.د. حكمت البيضاني

 

مُلخص البحث:

عملت مُعطيات الفنّ السينمائي على التعامل مع مختلف مناحي الحياة، سواء أكانت وُفق المُعطى الواقعي، أم الانطباعي محاكيةً الماضي، والحاضر، والمستقبل.

 وعلى الرغم من تطوّر وسائل، وتقنيات الاتصال، بقيت الصورة المتحركة عبر السينما تقف في مقدمتها، بالنظر لما تمتلكه من جمهورٍ متلقي واسع المدى، والأبعاد، فضلاً عن تخطيها حدود المحلية، والإقليمية، والدولية.

وتنوّعت الاشتغالات الجمالية، والفنية التعبيرية لعناصر اللغة السينمائية عبر الاستعانة بالأدب، والقصة، والشعر في حقولٍ مجاورة تبنتها لنتاجاتٍ وُظفت فيها المعالجات الإخراجية لعناصر اللغة السينمائية، وبرز من بينها التعامل مع الأساطير، والحكايات التي لامست حياة معظم الشعوب، وموروثها الفكري، والثقافي، وبيان اشتغالها الدلالي في السينما المعاصرة عبر توظيف الأداء الحيّ، والتمازج مع تقنيات الحاسوب للوصول إلى المنتج الفني الذي يحقق الإدراك، والفهم لدى المتلقي.

إذّ تُعدّ السينما أداةً حيويةً من أدوات نشر الثقافة، والمعرفة، والتعريف بهما بين الشعوب، فضلاً عن جوانبها التربوية، والترفيهية، وتحقيق مُعطياتٍ تراثية تكون امتداداً لمفاهيم، وعادات، وتقاليد الشعوب.

ومن هنا، فقد انطلق الباحث من مبدأ التعريف، والاطلاع على ظاهرةٍ أخذت حيزاً واسعاً في نتاجات الفن السينمائي عبر تحويل الأساطير سواء أكانت الواقعية، أم الافتراضية، إلى أفلام سينمائية، ومدى ما تتركه من اشتغال دلاليّ لقيّمها عبر عناصر اللغة السينمائية.

وبما أن هذه الظاهرة الفنية تُعدّ تجربةً مثيرةً، وهامة في السينما، فإن الباحث أثاره التعرّف على الكيفيات، والمعالجات التي يتحقق فيها الإشتغال الدلالي للقيم الأسطورية في الأفلام السينمائية المعاصرة، والتي تحقق المتعة الجمالية، والتعبيرية لدى المتلقي.

وقد اشتمل البحث على خمسة فصول:

الفصل الأول، وتضمن: مشكلة البحث، والحاجة إليه، والتي تلخصت في التساؤل الآتي: ما هي الكيفيات التي يتحقق بها الإشتغال الدلالي للقيم الأسطورية في الأفلام السينمائية المعاصرة؟

وقد تمثلت أهمية البحث في كونه دراسةً تؤدي إلى الكشف عن مستويات التوظيف الجمالية، والدلالية، والبنائية الدرامية للقيم الأسطورية في الأفلام السينمائية المعاصرة.

فيما هدف البحث إلى الكشف عن الكيفيات التي تمّ بها بناء جماليات الإشتغال الدلالي للقيّم الأسطورية في الأفلام السينمائية المعاصرة.

الفصل الثاني: الإطار النظري، والدراسات السابقة

المبحث الأول: مُعطيات المفهوم الأسطوري في الفيلم السينمائي.

وجاءت مُعطيات المبحث الأول في استعراضٍ علميٍّ لفهم مصطلح الأسطورة، وموجزاً عنها، والتعرّض إلى الأسباب التي أسهمت في نشوئها، ضمن مُعطيات الحقول المجاورة لحقل الفن، ومنها علم النفس، والاجتماع، والأنثروبولوجيا، والأنواع الأسطورية، مستعيناً بالأمثلة الفيلمية.

المبحث الثاني: ثنائية القيمة الأسطورية، ودلالاتها السردية في الصورة السينمائية.

فيما تمثلت مُعطيات المبحث الثاني التعرّض إلى القيمة الأسطورية، ودلالاتها في بُنية السرد الدرامي في الفن السينمائي، عبر بُنية الشخصية، والحوار، ووحدة الموضوع القصصي، ونوع الحبكة، ومُعطيات بنائه السردي من التمهيد وصولاً للحلّ في عناصر البناء الدرامي للقيمة للفيلم الأسطوري.

المبحث الثالث: اشتغال عناصر لغة الصورة لتجسيد الدلالة الأسطورية.

فيما تناول المبحث الثالث المُعطيات الفنية عبر الاشتغالات الدلالية لعناصر اللغة السينمائية في إظهار القيّم في الأفلام الأسطورية المعاصرة.

وعلى وُفق ما تقدم، فقد خرج الباحث بمجموعةٍ من المؤشرات تمّ عرضها على السادة الخبراء المختصين، ليعتمدها الباحث كأداةٍ للتحليل، كما هو مبينٌ في إجراءات البحث، واختتم الفصل الثاني باستعراض مجموعة من الدراسات السابقة التي اقتربت في أماكن، وابتعدت في أخرى من مُعطيات البحث.

أما الفصل الثالث (إجراءات البحث)، فقد تضمّن منهج البحث، وأداة البحث، ووحدة التحليل، ومجتمع، وعينة البحث مع صدق الأداة، وثباتها، ومن ثمّ خطوات تحليل عينات للبحث، والتي تمثلت في عينتين.

أما الفصل الرابع، والذي تناول تحليل عينة البحث، والمُكوّنة من فيلمين، الأول (آلهة مصر) إنتاج 2016 من إخراج اليكي بروياس، وفيلم (الملك آرثر: إسطورة السيف) إنتاج 2017 من إخراج غاي ريتشي.

فيما تمثل الفصل الخامس، بالنتائج، والاستنتاجات، وقد توصل الباحث إلى مجموعةٍ من النتائج التي خرج منها بعد تحليل العينات ومن بينها:

1.  تبين أن اعتماد المعالجة الإخراجية لإنتاج مُعطى فكري بالشكل والمضمون في الإشتغال الدلالي للقيّم الأسطورية في الأفلام السينمائية المعاصرةـ، اعتمد توظيف تقنية تعليق الراوي العليم، والسارد للأحداث، والذي منح المُنتَج الفيلمي تأسيساً لمسببات الأحداث، وتمهيداً للقادم منها، وكما ظهر في عينة البحث.

2.  اعتمدت مُعطيات في الاشتغال الدلالي للقيم الأسطورية في الأفلام السينمائية المعاصرة عبر ثنائيات الخير والشر، البقاء والفناء، الموت والحياة، والسحر والشعوذة، والانتصار والهزيمة، والطاعة والمعصية، والماضي والمستقبل، وكما ظهر في عينة البحث.

3.  وظف التنوع الحكائي اعتماداً على محرزات سردية تأريخية، ورمزية، وروحية، وطبيعية، ودينية في الإشتغال الدلالي للقيم الأسطورية في الأفلام السينمائية المعاصرة، وكما ظهر في عينة البحث.

4.  يمنح البناء الدرامي وفقاً لهيمنة حبكة واحدة، تنشطر منها حبكاتٍ متوالدة، تعزز مستويات التوظيف الجمالية، والدلالية لإنتاج الإشتغال الدلالي للقيم الأسطورية في الأفلام السينمائية المعاصرة، والتي تفعل من الأداء الصوري لتحقيق تعبيرية، وكما ظهر في عينة البحث.

وبعد ذلك، تمّ وضع الاستنتاجات، ثم خرج الباحث بمجموعةٍ من التوصيات، والمقترحات، ووضع قائمة بالمصادر، والملاحق، وختم البحث بملخص للغة الانكليزية.

Paparazzi

(المصورون الفضوليّون)

هيرفيه بيشار

خلال تصوير فيلم (الاحتقار) Le Mépris للمخرج جان لوك جودار، كان يتوّجب على بريجيت باردو أن تواجه عدسات المصورين الفضوليين المنتشرين في كلّ مكان.

***

التقى المخرج جان لوك جودار بالمخرج جاك روزييه عندما اكتشف فيلمه Blue Jeans في عام 1958، خمس سنواتٍ قبل تصوير (الاحتقار).

الصداقة بين الرجلين، والتزامهما بالموجة الجديدة، شجّعت روزييه على أن يعرض على جودار تصوير مراحل تصوير فيلمه التالي.

كان "الاحتقار" منتظراً بشكلٍ خاص: حيث تلتقي شخصيتان متعارضتان في السينما، النجم الأساسي للسينما الفرنسية، والمخرج الشاب من الموجة الجديدة.

يتعرف روزييه على النجمة باردو عن طريق جودار، يلاحظ العديد من المُصورين الفضوليين يسعون وراء النجمة، ومع هؤلاء الـ" paparazzi "، وهي كلمةُ صاغها فيديريكو فيلليني، وغير معروفة في فرنسا، يدرك بأنه وجد موضوعاً أصليّاً يتوافق مع اهتماماته الفنية: أيّ تصوير الأشخاص كما همّ، خيالييّن بشكلٍ طبيعي وهكذا، يلتحق بجودار في إيطاليا، والنجمة بريجيت باردو، والمصورين الفضوليين.

أراد روزييه أن يكون متحفظاً، ومع ذلك، فقد طلب من بريجيت باردو بعض الطلبات المُتعلقة بإخراج فيلمه، أيّ تُمثل، كما فعل الشيء نفسه مع المصورين.

على أساس إعادة بناءٍ تسجيلي (يبدأ الفيلم باللقاء في جزيرة كابري بين بريجيت باردو، وجان لوك جودار)، حالما يقترح روزييه طريقةً شخصيةً، وروائيةً للغاية، محادثة بين بريجيت باردو، والمصورين الثلاثة.

تقدم طريقة إخراجه، ومونتاجه الديناميكي بشكلٍ خاص فيلماً بحداثيةٍ لا تزال مناسبةً حتى اليوم.

يصور باردو من مسافةٍ قريبة، وبعيدة للغاية، ويدرج أغلفة الصحف التي يتمّ تمريرها بأقصى سرعة، وتحتلّ الأحرف الأولى "ب.ب" فجأة الشاشة بأكملها، مع تأثيرٍ بصريّ قويّ للغاية.

يحافظ شريط الصوت على هذه الحيوية: تتدخل الأصوات، والكلمات فجأةً، وتضبط الموسيقى إيقاع لقطات الفيلم، وتحدد السرعة.

طلب روزييه من أنطوان دوهاميل تأليف الموسيقى قبل المونتاج النهائي.

وهكذا، يقوم السينمائيّ بمونتاج اللقطات التي تمثل أغلفة الصحف وُفقا للتغييرات في موتيفات الموسيقى.

يذكرنا عرض Paparazzi بأهمية سينما جاك روزييه، وطريقته الفريدة في التصوير، والمونتاج، ورواية القصص.

 

جاك روزييّه، فرنسا / 1963

مع بريجيت باردو، جان لوك جودار، فريتز لانغ، جاك بالانس، وميشيل بيكولي.

نومادلاند، عندما يتحول الشعر إلى صورة

منى عمر/ السودان

في كلّ مرةٍ  أشاهد فيلماً، أركزّ في حيوات الناس، الأبطال، الحكاية كلّها دفعةً واحدة، هذه المرة، في نومادلاند، إخراج كلوي تشاو، كنت مركزة كثيراً على تفاصيل الصورة، وعلاقتها بالحكاية التي كانت محكية بشكلٍ سرديٍّ غير عادي، اعتمدت المخرجة على الممثلة فرانسيس مكدورماند على سرد حكايات المهشمين، وقصة أناس حياتهم مسلوبة تماماً، مثل ماكينات العمل، وضحايا الروتين اللانهائي، هذه الحياة التي تقود بطولتها الممثلة مكدورماند التي يتوفي زوجها لتواجه مصيرًا صعبًا في مواجهه الحياة والناس، والروتين اليوم، كيف يمكن أن تعيش مشرداً داخل عربة متنقلة هي كل ما تملكه، هذه الحياة ربما لا تعيد لنا كل خياراتنا الأولي، لكنها تُفأجئنا بالصدمات، أما أن نستمر فيها بشكلٍ قويّ، أو أن نترجل، ونترك كلّ شيءٍ لتنتصر علينا الحياة .

تبدأ الشخصية الرئيسة في تطوّرها بشكلٍ تدريجيّ، تحاول أن تتقبل الصدمات، أن تواجة مصيرها بنفسها، يتوفي زوجها، تترك عملها، ليس لها أيّ فرصة أخرى للبقاء سوى أن تتقبل كلّ ما يحدث بصدرٍ رحب،  وأن تصبح رحالةً متجولةً في أنحاء الولايات المتحدة، هذه الرحلة  ليست فقط خارجية، بل تصبح رحلتها ايضاً اكتشافاً داخل الذات، فالشخصية تعاني في الاساس من عدم الاستقرار، عدم التوازن الداخلي هو الاساس الذي تمّ على اساسه هذا الفيلم، هذا التفكك الداخلي، وعدم الثبات جعل من الممثلة التي نتبابعها في مسيرتها، وكأننا نتابع حياة تسجيلية على الشاشة، جعلت منها رحالة تجول الأرض شرقًا، وغربًا، وتواجه في هذه المناطق المختلفة مصائر متعددة من المواقف .

تتغير حياتها بعد أن تندمج مع آخرين يشتركون معها في نفس المصير، حياة التجوال، هذه الحياة التي يختارونها بأنفسهم، هي حياة في خارجها تشبه لوحة زاهية، لكن، في عمقها، وتشعباتها، تدرك أن كل شخص منهم ترك مصيراً مجهولاً في الخلف، فالممثلة "مكدورماند" عندما تقع في حب شخص آخر، رجل تتعرّف عليه في حياتها الجديدة، ويُدخلها هذا الرجل إلي حياته، في النهاية، تكتشف بعد أن تكون ذهبت بعيداً معه في رحلة المشاعر القصيرة تلك، وأنهما تشابكا معًا عاطفيًا، تختار الهروب لأسبابٍ مجهولة، لا نعلمها بشكل مباشر، لكنها أسبابها المنطقية، عندما وجدت أن الرجل عاد إلي حياته الطبيعية، وعاد إلى ابنه وحفيده، قررت فجأةً أن تتركه في هذا الوضع، وترحل بعيدًا، واختارت حياة منذ البداية، حياة الرحالة، هذه الحياة التي تسعدها في لحظة، لا تستيطع أن تبدل هذه الحياة، مهما كانت بشيء آخر، حتى لو كان هذا الشيء حباً جديداً، أو نظرةً ربما تغير تفكيرها في الزهد، وحياة الرحالة.

سينماتك في ـ  01 يناير 2023

* هذه المواد نشرت في جريدة التيار السودانية، بتاريخ 25.07.2021

 

>>>

25

24

23

22

21

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004