لثلاث
سنوات ظلّ الناقد السينمائي البحريني حسن حدّاد مشتغلاً ومنشغلاً بموقعه
السينمائي (سينماتك)، لثلاث سنوات ظلّ الحلمُ يراوده في نقل صورة سينمائية
يراها هو إلى واقع إلكتروني مزدحم ومشحون، وحده كان يعمل، وبهدوء تام يحاول
أن يبني عالماً سينمائياً لا يخصّه وحده، عالمٌ لغته هي الصورة السينمائية
التي أدهشته منذ أن التمعت عيناه على أولى مشاهدها.
في موقع
(سينماتك) ثمة خلية نحل كاملة تشتغل بحماس كل أسبوع حين تزور الموقع ستراه
مختلفاً، مواد مختلفة، انتقاءات مختلفة من الصحف والمجلات، قراءات مختلفة..
وكأن من يقوم على هذا الموقع البسيط في تصميمه الخارجي رجلٌ يعيشُ حلمه
بكلّه أو يعيشهُ الحلم في كلّه.
حسن حداد
لم يكن ليلتفت أبداً إلى طرح أسئلة من قبيل (حسناً.. وما الفائدة؟) أو (من
سيقرأ؟) أو حتى مقولات أخرى من قبيل (وهل ستستطيع؟)..(لا تكن متفائلاً
كثيراً!!) كان الحلم يسيّره، كطفلٍ يبني كونه الصغير غير عابئٍ بالكون
الكبير الذي (يحيطه) أو(يحبطه)، أسئلة مثل هذه استطاعت أن تنخر مؤسسات
ثقافية كبيرة في البحرين، واستطاعت أن تنال من مثقفين كثيرين،
غير أنها لم تنل أبداً من عزيمة طفلٍ يحلُم بموقعه السينمائي، وينفّذه
لوحده كما لو أنه مؤسسة في رجل.
تحيلنا
هذه الحالة من التعامل الثقافي
الجميل في (تصدير الحلم أو تفعيله) إلى ما ينتاب مؤسسات ثقافية وأفراد
مثقفين من حالة الخمول واليأس الثقافي، ومن قتل الأحلام الذي يُمارس بشكل
يومي عندنا دونَ أن يُلتفت إليه، أحلام يقتلها أصحابها يأساً، وأحلام
تقتلها مؤسسات يُفترض بها أن تكون راعية للثقافة، وأحلام يقتلها جمهور
اعتاد أن لا يعير كل ما هو ثقافي أي اهتمام.
هذا الرجل
لم يُغلق حلمه عليه، لم ييأس منه، ولم يلتفت إلى أحد، ولذلك استمرّ في
الحلم لثلاث سنوات ومازال، لم ينتظر نبوءات ولا مخلّصين، وحده حرثَ أرضه
ووحده صنع المطر.. وسقاها، وكلنّا وقفنا أمامَ واحته الخضراء باندهاش..
أهكذا يتفتّح الحلم؟
*شاعر وكاتب بحريني