المهرجانات السينمائية (6)
صلاح سرميني
يسأل مخرج أفلام قصيرة، ويبدو بأنه سؤالٌ يتشارك به
جميع مخرجي الأفلام القصيرة"
قد يبدو سؤالي غريباً، وقد ينمّ عن جهلٍ، وقد يحوطه
بعض الاحباط، إلاّ أني، في الحقيقة، وفي خضمّ هذا
الزحام، والجدل الدائر حول المهرجانات السنيمائية،
والاشتراك فيها، ومحاولات الفوز بأحد جوائزها، اصبحت
اتساءل حول جدوى الاشتراك بها.
ما الدافع الى الاشتراك في مهرجانٍ لم يسمع عنه أحد،
قد يجيب البعض أن الاشتراك في أحد المهرجانات، ونيل
أحد جوائزه هو دليل نجاح الفيلم.
*****
ما هو الدافع من الاشتراك في مهرجانٍ لم يسمع به أحد؟
من قال لنا بأن هذا المهرجان، أو ذاك لم يسمع به أحد؟
إذا كنت أنت، أو هو، أو أنا، لا نعرفه، فهي مشكلتنا،
وليست مشكلة المهرجان، أو المهرجانات.
هناك في العالم آلاف المهرجانات لا نعرفها، ولم نسمع
عنها، في فرنسا وحدها هناك حوالي 350/400 مهرجان
فعليّ، وفي بعض الأحيان، وعلى الرغم من إقامتي الطويلة
في هذا البلد، أكتشف مهرجاناً جديداً لا أعرفه سابقاً.
على سبيل المثال، في شهر سبتمبر الماضي انعقدت دورة
جديدة لمهرجان تخصصي بعنوان: مهرجان سينما الغرابة، من
يعرفه في بلادنا؟
إذاً، هناك من يعرف، وهناك من لا يعرف، ويتوجب على من
لا يعرف أن يعرف.
ولكن، ماهي أهمية هذه المهرجانات التي لا يعرفها أحد؟
لكلّ مهرجانٍ أهميته على المستوى المحلي، والوطني،
والدولي، ولكلّ مهرجان أهمية تختلف عن المهرجانات
الأخرى، ولكلّ مهرجان هدف يختلف عن أهداف المهرجانات
الأخرى...
والمهرجانات لم تتأسّس، وتنتشر، وتزدهر كي تمنح جوائز
فقط، لقد تأسّست كي تساهم ـ على الأقلّ ـ في نشر
السينما، وترويجها، وعشرات أهدافٍ أخرى يمكن أن تكون
موضوعاً لكتاب.
ما هو الدافع من الاشتراك في مهرجان إذاً؟
الدافع هو أن المهرجانات هي المنصات الجماهيرية
الوحيدة لعرض الأفلام القصيرة التي لا تجد لها مكاناً
للعرض في صالات السينما، ونسبياً في القنوات
التلفزيونية.
بدون المهرجانات السينمائية، سوف تموت الأفلام
القصيرة، علماً بأنها البذور الأساسية للسينما.
تخيل أن تموت هذه البذور، هذا يعني موت السينما.
الجائزة التي يحصل عليها فيلم ما من مهرجانٍ كبيرٍ مثل
كان، وبرلين، ...إلخ تعني جودة الفيلم حتماً، وهذه
الجودة نسبية تختلف من شخصٍ إلى آخر.
والدليل بأننا بعد كلّ مهرجانٍ كبيرٍ نقرأ كتاباتٍ
لصحفيين، ونقاد تستنكر حصول هذا الفيلم، أو ذاك على
جائزة.
ولكن، وعلى الرغم من التباين في ردود الأفعال، مع، أو
ضدّ، فقد حصل الفيلم على جائزة من كان، أو برلين...،
وهي غصباً عني، وعنك، وعن كلّ الصحفيين، والنقاد، وأيّ
شخص كان، جائزة مهمة سوف تفتح كلّ الأبواب للمخرج،
والفيلم، ومشاريعه القادمة.
في المقابل، هناك مهرجانات كثيرة، وكثيرة جداً تمنح
جوائز، وشهادات تكريم، واستحقاقٍ، وكلّ ما يخطر على
البال، وخاصة تلك التي نجدها في مواقع التسجيل التي لا
تتطلب أكثر من كبسة زرّ، وفي معظم الأحيان رسوم تسجيل
أصبحت موضوعاً لنقاشٍ، وتساؤلاتٍ بعد أن بدأ بعض
النابهين استخدامها لأغراضٍ نفعية بعيدة كلّ البعد عن
جوهر المهرجان، وهو المنفعة العامة بدون أهدافٍ ربحية.
هذه الجوائز تعني الكثير لمن حصل عليها، ولكنها لا
تعني شيئاً لمن يعرف مستوى الفيلم، ومستوى المهرجان.
أما لماذا تمنح بعض المهرجانات جوائز لأفلام (نختلف
على مستواها النوعي)؟
الأسباب أيضاً كثيرة، وتختلف من مهرجانٍ إلى آخر،
وتتعلق بسياسة كلّ مهرجان، وآلياته.
الأهم في هذا الموضوع ليس الجائزة التي حصل عليها
الفيلم، ولكن الفيلم نفسه.
ومن المفيد بأن لا ننسى، جوائز معظم المهرجانات: درع،
تمثال، شهادة ورقية، وشعار إلكتروني.
وهنيئاً لكلّ من يحصل عليها
. |