Fog Line
(أو خطّ
الضباب)، فيلمٌ تجريبيٌّ قصيرٌ، وصامتٌ من إنتاج عام
1970 أخرجه السينمائيّ لاري جوتهايم، يُظهر منظراً
ريفياً مع ضبابٍ يتلاشى ببطء.
تصبح الأشكال المرئية بشكلٍ خافتٍ للمناظر الطبيعية
أكثر وضوحاً على مدار الفيلم.
لقطةٌ واحدةٌ ثابتةٌ لمدة 11 دقيقة لمنظرٍ طبيعيّ
ريفيّ.
في بداية الفيلم، يحجب الضباب الكثيف الرؤية، تعبر
مجموعتان من خطوط الهاتف إطار الصورة، تقسمها تقريباً
(ومنها جاء العنوان).
على مدار الفيلم، يتلاشى الضباب تدريجياً، ويكشف عن
أشكالٍ مختلفة في هذا المجال.
تنتشر العديد من الأشجار في جميع أنحاء المنطقة، يدخل
حصانان في الإطار، ويرعيان عبر الجزء السفليّ من
الصورة، ويطير طائرٌ عبر الحقل.
*****
بعد حصوله على درجة الدكتوراه من جامعة يالي، انتقل
جوتهايم إلى جامعة بينغهامتون في نيويورك.
صوّر الفيلم بالقرب من منزله هناك، اختار تصوير جزء من
الريف تمرّ خلاله الخيول في الصباح.
درس المنطقة لأشهرٍ، وصوّرها عدة مراتٍ، استخدم
جوتهايم عدسةً طويلةً للتصوير.
عُرض الفيلم في مهرجان نيويورك السينمائي عام 2005،
وفي عام 2008 تمّ تحويله إلى نظامٍ رقميّ لإدراجه في
مجموعة أقراص
DVD
تحت عنوان:
Treasures IV:
American Avant-Garde Film
،
1947-1986.
وصف الناقد ديف كير الفيلم بأنه "واحدٌ من أكثر
الأفلام الطليعية جمالاً بشكلٍ مخيف".
وأشار المخرج بول شريدر إلى أن ذلك "يوضح مدى سحر
الانتظار".
*****
يتحدث السينمائيّ لاري جوتهايم عن فيلمه:
"يتلاشى الضباب في المشهد، بالنسبة للمُشاهد اليقظ،
يمكن أن يتلاشى الضباب العقليّ أيضاً، لا ينتقل من
الأبيض إلى الوضوح الكامل، إنه يعرض فقط جزءاً من
الوقت، وجزءاً من سياقٍ في المشهد، وفي ذهن المُشاهد،
الصورة بأكملها تتغير ببطء، السماء، الأرض، وما هو على
الحواف.
السمات الرئيسية هي الأشجار الثلاثة، والأسلاك، ترتفع
الأشجار هناك، تُظهر كيانها، لديها شكلٌ ناعمٌ بدون
مخططٍ تفصيليّ، خطوط الأسلاك شيءٌ آخر، إنها أقرب إلى
التخطيط من الرسم، العقل المُسيطر بدلاً من الخيال.
من خلال عملي تتوضح الآثار المترتبة على هذا التباين،
هناك شيءٌ أثيريٌّ شبحيّ، المُشاهد مدعوّ لاستكشاف
الشاشة، والنظر هنا، وهناك، كلّ واحد من المُشاهدين
يسلك مساراً بصرياً مختلفاً، أولئك الذين يتضمّن
مسارهم الدخول في المُستحلب الذي تتكوّن منه دعامة
الفيلم، يُكافئون بمشاهدة خيول الأشباح، أول الحيوانات
في أفلامي.
*****
يقول السينمائي الأمريكي جوناس ميكاس عن الفيلم:
"إنه فيلمٌ قصير، ولكنه مثاليّ".
أما السينمائي الأمريكي توني كونراد، فيقول:
"الاستعارة في
FOG LINE
موظفةٌ بدقةٍ لدرجة أنني أجد نفسي أتراجع في اتجاهاتٍ
عديدة لاكتشاف مصدرها".
بينما كتب الأكاديمي الأمريكي ريمون فويري عن الفيلم:
FOG LINE
هو قطعةٌ رائعةٌ من الفنّ المفاهيمي، يقف على حافةٍ
رفيعةٍ بين الروح، والحكمة- لحنٌ يختلف فيه كلّ إطارٍ
حرفياً عن كلّ إطارٍ سابق (نظراً لأنّ الضباب يتلاشى
دائماً)، والعناصر المختلفة من التكوين - الأشجار،
الحيوانات، النباتات، السماء، والأهمّ من ذلك، مُستحلب
الشريط الفيلميّ، حبّيبات الفيلم نفسه - تستمرّ في
اللعب مع بعضها البعض كما تفعل النوتات الموسيقية.
تساهم جودة الضوء - نغمة الصورة نفسها - في الغموض،
والإثارة اللذين يتكشفان، وتلاشي الضباب، وتدفق
الفيلم، داخل تركيبةٍ ثابتة، ومع ذلك، في إطارٍ حركيّ
مائع، وديناميكيّ، وحازم.
وفي مجلة
Film Culture
كتب السينمائي الأمريكي باري جيرسون:
إنّ كمال بعض الأعمال السينمائية يمنحها مظهراً من
التكتم، والبساطة، يبدو أن تعقيدها دقيق، وملائم لدرجة
أنها تركت نفسها تتكشف بسلاسة -- وتأسرنا بشكلها -
شكلٌ يعكس توازناً متناغماً بين العديد من الاهتمامات
الجمالية.
يُعدّ فيلم
لاري جوتهايم أحد هذه الأفلام.
الاهتمام بحافة إطار الصورة، والتفاصيل المعزولة،
والأهمية المُعطاة للإطار كشكلٍ، وإظهار ما هو على
الحافة، وحبه لملمس الدعامة الفوتوغرافية (الطبقة
الحسّاسة لشريط الفيلم)؛ يتمّ التعامل بوعيّ مع كلّ
هذه الجوانب من الفيلم.
تذهلنا هذه الصور الرائعة: حساسية غوتهايم الشعرية
للصفات الجوهرية للصورة الفوتوغرافية، واستخدامه
الدقيق، والصارم للإطار يحوّل المنظر الطبيعيّ، ويعزل،
ويلفت انتباهنا إلى الجمال الذي ظلّ مخفياً حتى الآن،
والتي تكشفها لنا نظرته الانتقائية للغاية. |