إن كان أيّ مشاهد يريد اتهام منصة نتفليكس بانتهاك كلّ
التابوهات، وتجاوز القيم، والمعايير المتعارف عليها في
المجتمعات، أو الموجودة في السينمات، والدراما
التلفزيونية في العالم، فإن الفيلم الهندي «دوللي
كيتي»، هو أفضل مثال، عنوانه الكامل هو:
Dolly Kitty
Aur Woh Chamakte Sitare
وترجمته الحرفية هي:
«دوللي كيتي»، وتلك النجوم الساطعة.
هو فيلمٌ صادمٌ من حيث الأفكار، أو المَشَاهد، من
المفروض أنه مخصص لجمهور يفوق سنه الـ 18 سنة، حسب ما
حدده موقع نتفليكس، العمل صادمٌ من حيث عدد المَشاهد
الجنسية الصريحة، التي لم نكن نراها في بوليود بهذه
الطريقة الواقعية، حتى في الأفلام التي أنتجتها بوجا
بهات في بوليود، ومثلتها بيباشا باسو، وساني ليون
(ممثلة الإباحية السابقة)، مشاهد الفراش، والعلاقة
الحميمية، وممارسة العادة السرية، كانت حاضرة بقوة،
ومكررة بكثرة.
الجنس في هذا الفيلم، ليس مجرد أجساد جميلة، وإغراء
مجاني، مثلما ورد في فيلم "جسم" بجزأيه الأول،
والثاني، «دوللي كيتي»، يطرح الجنس كضرورة أساسية في
الحياة، وكمحرك لكثير من الشخصيات، وكسبب لحلّ بعض
المشاكل، ومسبب أحيانا للمشاكل في حدّ ذاتها.
مشكل المثلية، ومشكل التنشئة الاجتماعية الخاطئة،
الدعارة الإلكترونية، والبغاء التقليدي، الحبّ الكاذب،
العلاقات العابرة، مشكلة الوصول للذروة بين الزوجين،
وعدم التكافؤ الجنسي، والعاطفي بينهما، الخيانة
الزوجية من الطرفين، ومبرراتها حسب كلّ طرف، هذه كلها
قضايا، تجعل الفيلم متخماً بالتابوهات، وصادماً بطريقة
غير معقولة.
الفيلم كان صادماً أيضا، من حيث أفكاره غير النمطية،
والمرفوضة من قبل بوليود التقليدية، بوليود التي تنتج
لنفسها بدون الاستعانة بنتفليكس، أو بمنصة إلكترونية
أخرى، ربما المبررات الواقعية التي تمّ سردها، وعرضها
عبر شخصية الأم الخائنة، التي يخونها زوجها
إلكترونياً، ويتحرش بقريبتها التي تسكن معهما، ربما
هذه هي أخطر فكرة قد يرفضها بعض صناع السينما في
الهند، أو يرفضها أغلب جمهور السينما الهندية.
كذلك، موقف الأم من ميولات ابنها الصغير المثلية،
وتقبلها لهويته الجنسية الأنثوية، رغما ذكوريته
العضوية، هو أيضاً موضوع نادراً ما نعثر عليه في
السينما الهندية، حسب علمي، فقط في فيلم "أناجانا
أنجاني"، تمّ عرض الفكرة بطريقة كوميدية بين أبهيشيك
باتشان، وجون ابراهام، وتقبل والدة أبهيشيك للأمر
الواقع، وكانت خدعة من طرفهما للإيقاع ببريانكا شوبرا
في حبهما، والسكن معها في نفس الشقة، يعني لم تكن
مثلية حقيقية، بل كان البطلان يتظاهران فقط بالمثلية.
بطلة الفيلم الرئيسية، هي كونكونا سن شارما، رفقة
Bhumi Pednekar،
إضافة لممثلين آخرين، بينما مخرجة الفيلم، ومؤلفة قصته
هي Alankrita
Shrivastava،
ويبدو أنها فيمينيست التوجه، حسب هذا الفيلم، وحسب
أعمالها السابقة، واللاحقة، سواء السينمائية، أو
التلفزيونية.
أما إنتاج الفيلم، فقد كان سنة 2019، من طرف
Shobha Kapoor
وابنتها
Ekta Kapoor،
وتمّ صدوره، وبثه على نتفليكس سنة 2020.
بطلة الفيلم، كونكونا سن شارما لم تتوقف أبداً عن
التمثيل، رغم زواجها من 2010 لغاية طلاقها سنة 2020،
من الممثل
Ranvir Shorey،
حيث بقيت تمثل بمعدل فيلمين إلى خمسة أفلام في السنة
الواحدة، وهي ابنة الكاتب، والصحفي الهندي المعروف
Mukul Sharma،
والسينمائية الهندية Aparna Sen،
التي بدأت كممثلة، ثم تحولت لكتابة السيناريو،
والإخراج.
كونكونا، ممثلة مدعومة، من أبناء العائلات الفنية، لكن
لديها خط مختلف قليلاً عن زميلاتها من أبناء النجوم،
والعائلات الفنية، بحكم جمالها المتواضع، الذي جعلها
تحظى بأدوار مختلفة نوعاً ما، ومع ذلك لديها أفلام
رومانسية، وميليودرامية استعراضية، ولولا أنها من
العائلات الفنية، كانت ربما توجهت نحو سينمات الأقاليم
الأخرى في الهند، ممن يقبلون الممثلات ذوات البشرة
الداكنة، لأن المعروف عن بوليود، هو ابتعادها في
الغالب عن نوعية الممثلات اللواتي يصلحن لسينما
التاميل، والبنغال مثلاً، ولا تزال تهمة العنصرية،
والتمييز لصيقة ببوليود لغاية يومنا هذا.
والمشاهد الجريئة التي ظهرت فيها كونكونا في فيلم
«دوللي كيتي»، تعتبر أمراً غير مسبوق أبداً في مشوارها
الفني، ولا أدري هل هو عامل التقدم في السن، الذي فرض
عليها مثل هذه الأدوار، أم أن المعادلة السينمائية في
بوليود مع نتفليكس، جعلت من الخطوط الحمراء لدى
الممثلات الهنديات تتغير.
البطلة الرئيسية الثانية في الفيلم، هي نجمة صاعدة
اسمها
Bhumi Pednekar
، عمرها الفني قصير، حوالي 7 سنوات، مقارنة بالبطلة
الأولى كونكونا سن شارما، التي تُعتبر من نجوم الصف
الأول في بوليود، لذلك، في الغالب، يتمّ توقع مثل هذه
الأدوار من الممثلات الجديدات، أكثر مما ننتظره من
نجمة مثل كونكونا.
أغاني الفيلم القليلة، كانت مدمجة في السياق الدرامي
للفيلم، كأغاني ملاهي ليلية، أو كخلفية موسيقية،
والمعروف عن نتفليكس، منذ دخولها عالم الشراكة مع
بوليود، أنها لا تنتج أفلاماً نمطية استعراضية
بالمفهوم البوليودي التقليدي. |