صلاح سرميني
الناقد السينمائيّ ليس نبياً، ولا
قديساً، ولا حتى مُصلحاً اجتماعياً، ويكفي بأن يستحوذ على
اهتمام قارئ واحد.
(كراسات الفيلم القصير) أقصر من أن
نتحدث عنها بفخامة، هي ليست مجلة تحت، أو فوق التأسيس (رُبما
تتوّقف بعد العدد صفر)، ولن تكون مساحةً لإظهار البطولات
السينمائية.
أقلّ ضعفاً من أن تتحوّل إلى أداةٍ
عملاقة لتكسير الحدود، والعراقيل التي كانت، أو مازالت
تُواجهنا في أيّ مكان من العالم.
لا تطمح بأن يتردد اسمها في أصقاع
الدنيا، ولا تأمل بأن تُنشئ صالة عرض، وأوطاناً، ... وأوهاماً
صبيانية.
كنتُ، وما أزال أمتلك حرية الكتابة
قبل، وبعد إنشاء هذه الكراسات التي أطلق فكرتها، وتحمّس لها
هذا المخرج السودانيّ (اللطيف) "إبراهيم عمر"، وتبنيّتها كما
هي، بسيطةٌ بدون ادعاءاتٍ كبيرة.
ولا أعتقد بأنها سوف تمنحني المزيد،
لأنّ كبرى الصحف، والمجلات العربية لم تبخل عليّ يوماً
بمساحاتها، وصفحاتها، كتبتُ فيها ما أشاء، وامتلكت الحرية في
قول كلمتي، وكنتُ أُعلي من شأن الصورة التي أريد، ولم أعاني
حتى من نشر دراسة عن (المثلية الجنسية في السينما)، والتي
يرتعب منها أصحاب العاهات الذهنية من حرّاس الأخلاق الحميدة،
والذين أعمتهم البصيرة من العثور على هذه التيمة في معظم
الأفلام الغربية التي يتابعونها، ولم تخلو السينما العربية
منها.
(كراسات الفيلم القصير) لا تُعنى بفكر
السينما المُعاصرة، ونظريات الفيلم، والاصدارات السينمائية
الجديدة من الكتب، والمجلات، والمطبوعات المتخصصة، هي تريد أن
تعرفها، وتفهمها، وتدرسها، وتتمّعن فيها أولاً قبل أن تقدمها
للآخرين.
وتريد من السينما أن تكون ما تكون،
لأنّ النقد المراهق وحده هو الذي حصرها في مهمةٍ شمولية كأداة
تفكير في مشاكل الواقع، ومتناقضات مجتمعاتنا الإنسانية.
(كراسات الفيلم القصير) ليس لها أيّ
هدف محدد سلفاً، ولا تطمح بأن تكون منبراً للأقلام الحرّة، أو
السجينة، وهي أصغر من أن تكشف عن الحقيقة، أو الكذب، الخضوع،
أو الخنوع، الرضوخ، أو العنفوان، ولا تتبّجح بأنها سوف تكنس
الهراء العام، لأنها ليست مكنسة، أو مقشة، أو تهتمّ بتفتيح
الأذهان، وتوعية الشعوب، وغسيل العيون،…
الناقد السينمائيّ ليس نبياً، ولا
قديساً، ولا حتى مُصلحاً اجتماعياً، ويكفي بأن يستحوذ على
اهتمام قارئ واحد كي يشعر ببعض الرضا.
(كراسات الفيلم القصير) ليست تحيةً إلى
دار سينما بعينها في هذا الحيّ، أو ذاك الزقاق، وليس لها
القدرة بأن تنفخ الحياة في هذه الصالة، أو تلك.
ولا تدّعي بأن تكون جسراً، طريقاً،
شارعاً، ولا حتى زقاقاً، أو عطفةً تربط ما بين حركات، وتيارات
السينما في العالم، وبين العالم العربي، وقبل أن تنفتح على
اتجاهات النقد الحديث، والقراءات المُتجددة للسينما كأداة
للتفكير، والتأمل، وارتباطها كفنٍ بالمعارف الجديدة في الفنون،
والفلسفة، .... سوف تحاول أولاً الانفتاح على نفسها، وعلى أقرب
شخص لها.
ولن تنحاز إلى سينمات الجنوب، أو
الشمال، سينما الواقع، أو الفانتازيا، المحاولات السينمائية
الأمريكية المُستقلة، أو أفلام هوليوود..... لأنها حددت هدفها
سلفاً: الاهتمام بكلّ أشكال الفيلم القصير، وألوانه، وأطيافه.
ببساطة، (كراسات الفيلم القصير) مثل
مئاتٍ غيرها، سوف تبني نفسها حالياً في العالم الافتراضيّ،
والورقيّ لاحقاً، وهذا أكثر ما تطمح إليه.
هذه المُبادرة ليست أقلّ، ولا أكثر من
...كراساتٍ مخصصة للفيلم القصير. |