إقبال على الفيلمين المصري والسوداني في النصف الأول
لمهرجان الجونة
تقرير ــ أحمد فاروق:
·
النجوم يفضلون عروض السجادة الحمراء.. ونقاشات مع المتخصصين
حول حكايات اللاجئين فى السينما وأهمية ترميم الأفلام
على مدى ثلاثة أيام، شهدت شاشة مهرجان الجونة السينمائى،
عرض 33 فيلما، بالإضافة إلى إقامة عدد من الندوات والمناقشات، وكذلك
الإعلان عن مبادرات جديدة، نرصد أبرزها فى التقرير التالى..
على مسرح المارينا الذى يضم ما يقرب من 900 مقعد، اختار المهرجان عددا من
الأفلام التى تحظى بإقبال كبير من حيث مشاهدة الجمهور والنقاد والنجوم،
والتى تكون فى الغالب عربية، ويقام لها سجادة حمراء، وهو ما يجعلها جاذبة
للنجوم، الذين يحرصون على الظهور كل ليلة بإطلالات جديدة.
ومن بين هذه الأفلام التى رفعت شعار كامل العدد، «لما
بنتولد» من مصر للمخرج تامر عزت، الذى شهد المهرجان عرضه العالمى الأول
مساء السبت، بحضور صناعه وأبطاله، وكذلك الفيلم السودانى «ستموت فى
العشرين» للمخرج أمجد أبو العلا، والفائز بجائزة أسد المستقبل فى مهرجان
فينيسيا الأخير، ومن المتوقع أن يشهد عرض الفيلم المصرى الثانى «الفارس
والأميرة» مساء غدا إقبالا كبيرا، باعتباره أول فيلم تحريك مصرى.
جائزة فاريتى
لا يتوقف الوجود السودانى عند فيلم «ستموت فى العشرين»،
الذى يعد سابع فيلم فى تاريخ السينما السودانية، وإنما هناك أيضا الوثائقى
«حديث مع الأشجار» الذى يعرض الأربعاء المقبل، وهو من إخراج صهيب قسم
البارى، الذى منحته مجلة فاريتى جائزة أفضل موهبة عربية فى الشرق الأوسط،
فى حفل أقيم مساء أمس الأول على هامش فاعليات المهرجان، والتى كان قد حصل
عليها فى الدورة السابقة المخرج المصرى المخرج أبو بكر شوقى، بينما حصل
عليها فى الدورة الأولى المخرج اللبنانى زياد دويرى.
وفيلم «حديث عن الأشجار» عرض للمرة الأولى فى مهرجان برلين،
ونال جائزتى الجمهور وأفضل فيلم وثائقى فى قسم بانوراما فى الدورة الـ 69
لمهرجان برلين السينمائى، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة فى مهرجان إسطنبول
السينمائى.
إحسان عبدالقدوس
افتتح المهرجان معرض الكاتب الراحل إحسان عبدالقدوس الذى
يقام بمناسبة مرور مائة سنة على ميلاده، وذلك بحضور عائلة ساويرس، وعدد من
النجوم أبرزهم يسرا، وإلهام شاهين، وبشرى، والمخرجان عمرو عرفة وإيناس
الدغيدى، بالإضافة إلى مدير المهرجان انتشال التميمى الذى توجه بالشكر
لعائلة الراحل إحسان عبدالقدوس، لحفاظهم على تراث والدهم وأرشيفه، والتى
يمكن أن تتحول لمتحف وليس مجرد معرض.
أما أحمد إحسان عبدالقدوس نجل الكاتب الراحل، فأعلن أن
المعرض يضم 45 أفيشا أصليا للأفلام المأخوذة عن روايات والده، بالإضافة إلى
عدد من مقتنياته النادرة، منها قطع الأثاث الخاصة به، ولوحات فنية، وشهادات
تقدير وتكريمات حصل عليها الكاتب، ووثائق مكتوبة بخط يده من أعماله
الروائية والصحفية، وصور نادرة.
وللكاتب إحسان عبدالقدوس أكثر من 600 رواية وقصة، 47 منها
تحولت إلى أفلام سينمائية، و5 تحولت إلى نصوص مسرحية، و9 أصبحت مسلسلات
إذاعية، و10 أخرى تحولت إلى مسلسلات تليفزيونية، إضافة إلى أن 65 من
رواياته ترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والأوكرانية والصينية.
نقاشات سينمائية
يحرص المهرجان صباح كل يوم على إقامة عدد من الندوات
والنقاشات السينمائية، منها جلسة حول التقاطعات بين التكنولوجيا والإعلام،
وتناول النقاش تقنيات الواقع الافتراضى، والبث المدفوع على الإنترنت وغيرها
من التطورات الحديثة، التى تغير شكل الإنتاج السينمائى والفنى فى العالم
العربى والشرق الأوسط، وجلسة ثانية ناقشت أهمية ترميم الأفلام وتأثيره على
الدراما، بمشاركة ساندرا شولبرج رئيسة مؤسسة «أندى كولكت» لترميم الأعمال
الفنية الخاصة، والتى بدأت حديثها بجملة «إذا نجحنا فى بناء صناعة جيدة
للأفلام.. فليس علينا إلا إيجاد بنية تحتية قوية للحفاظ عليها وتخزينها»،
مشددة على أهمية إيجاد سبل دائمة للحفاظ على الإنتاج السينمائى الذى يجرى
إنتاجه.
وكشفت «شولبرج» أن ترميم النسخ الأصلية للأفلام يواجه
تحديات كبرى بسبب ضعف التمويل الموجه لذلك، خاصة أنها تعتمد بشكل رئيسى على
المنح من الجهات المختلفة، وهذا ما واجهته مؤسستها أثناء محاولاتها لترميم
بعض الأفلام القديمة التى تعود إلى إنتاج عام ١٩٧٠ من الأفلام التى ناقشت
قضايا المرأة ذات الأصول الإفريقية مثلا، وكذلك قضايا الأمريكيين السود، أو
ذوى الأصول الآسيوية، هو هذه عادة مشكلات تواجه ترميم الأفلام الخاصة.
وأشارت ساندرا شولبرج إلى أن الحصول على النسخ الأصلية
«نيجاتيف» هى أيضا من أكبر المشكلات خاصة أن أغلبيتها تم تخزينها بصورة
خاطئة تماما، فى مخازن لم تراع أصول تخزين هذه المواد الخام، موضحة أنه فى
بعض الأحيان كان يتم اللجوء إلى تخزينها فى ثلاجات المنازل للحفاظ على
جودتها لأطول فترة ممكنة، مشيرة إلى أنه لو تم النجاح فى الوصول لصيغ جيدة
لتخزين وحفظ الأفلام يمكننا الاحتفاظ بها لمدة لا تقل عن ٣٠٠ سنة مثلا.
أما الجلسة الثالثة فكانت بعنوان «أصوات اللاجئين فى
السينما»، التى قدمتها لمعرفة تأثير صناعة الأفلام على قضية اللاجئين،
وتحدثت خلالها الممثلة الأردنية صبا مبارك عن تجربتها مع مسلسل «عبور» الذى
أنتجته، ومثلت به، وتناول قصصا مختلفة لحياة اللاجئين فى أحد المخيمات
بالأردن، مستعرضا الجانب الإنسانى لحياة اللاجئين، مؤكدة أنها المسلسل عكس
واقعهم.
المخرج عمرو سلامة أيضا شارك بالجلسة، متحدثا عن أهمية
الموسيقى فى معالجة القضايا الدرامية، وأنها تؤثر بالقطع فى تغيير السلوك
والتعبير عن الشعور، والأفكار والأيديولوجيات، مشيرا إلى أغنية «لو كان»
لفريق وسط البلد والتى أخرجها، وتناول فيها قضايا اللجوء، عبر حكايات
حقيقية استمع إليها فريق العمل من اللاجئين، خاتما حديثه بأن اهتمام الفن
يعزز من الشعور بقضايا اللجوء والنزوح.
من جانبه أعرب الممثل السورى قصى شيخ نجيب عن سعادته بعودة
السماح بتصوير الأعمال الفنية مرة أخرى فى بلاده، مؤكدا أن أهم القضايا
التى سيهتم بها خلال الفترة الحالية والقادمة هى مناقشة وعرض قضايا اللجوء
والنزوح وما تخلفه من أثر عنيف على الإنسانية.
وأوضح أن اللاجئين لهم قصص مهمة فى الكفاح والنجاح والصمود
فى جميع المناطق التى نزحوا إليها، وهى إحدى أدوات دعم اللاجئ نفسيا، ومن
هذه القصص حكاية أسرة من الأطباء غادرت إلى كندا، وفشلت فى معادلة شهاداتها
للعمل، لكن اليأس لم يطرق بابها وقررت صناعة نوع من الشيكولاتة المنزلية
أسموه «السلام بالشيكولاتة» ووزعت فى السوبر ماركت الكبرى، وحققت أرباحا
ضخمة، حتى تذوقها رئيس الوزراء الكندى جاستين ترودو، واشترى بعضا منها
أثناء توجهه لزيارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وعرضها فى أحد
اجتماعاته، وقال خلال الاجتماع «هكذا يصنع اللاجئون متى تتاح لهم الفرصة
للسلام».
أما دانيلا ساتشيلا، مدير عام بالمفوضية السامية للأمم
المتحدة لشئون اللاجئين، قالت إن أهم ما يمكن التركيز عليه أثناء تناول
قضية اللاجئين هو الكلام مع اللاجئين وليس الكلام عنهم، وهذا يدعم مبدأ
الإنسانية بوضوح. |