دراكولا، تحفة برام ستوكر القوطية ألهمت مجموعةً من
الاقتباسات، بعضها غريبٌ، وشاذٌّ بعض الشيء، "دراكولا
في باكستان"، فيلمٌ نادرٌ من إنتاج عام 1967، وإخراج
خواجة سارفراز، يقع بالتأكيد ضمن هذه الفئة.
يُركز الفيلم على شخصية البروفيسور طاباني، والذي
اعتقاداً بأنه طوّر اكسيراً للحفاظ على الشباب
الأبديّ، ولكنه مات بعد أن ابتلع خليطه، وظهر مرةً
أخرى كمصاص دماء، ومنذ تلك اللحظة، وعند حلول الظلام،
يغادر قصره، ويزرع الرعب في الشوارع الباكستانية،
يمتصّ الدماء البشرية بصحبة مساعدته الجذابة، التي
تحولت بدورها إلى مصاصة دماء.
وفي أحد الأيام، يستقبل دراكولا زميله الطبيب الشاب
عقيل هركر الذي جاء إلى القصر ضيفاً، هل سينجح في
الهروب من لدغة أسنانه، ووضع حدٍّ لجنونه المُتعطش
للدماء؟
على لحن "كوكاراتشا"
فيلمٌ/لؤلؤة حقيقية نادرة لمُحبّي هذا النوع، فضولٌ
حقيقيٌّ، حيث تكمن خصوصية إعادة القراءة الحرّة لقصة
بي ستوكر في ترانسيلفانيا في مزيجها من الأنواع، حيث
يمزج الفيلم بين مسرحة السينما الصامتة، والكوميديا
الموسيقية الهذيانية، والاقتراضات الأسلوبية،
البصرية من إنتاجات شركة هامر (سلسلة "دراكولا" التي
مثلها كريستوفر لي).
كان هذا الاقتباس لرواية برام ستوكر من أوائل أفلام
الرعب التي تمّ تصويرها في باكستان، لا تخلو من بعض
الخفة، والتبسيط تجاه الأسطورة الأصلية: الله وحده
يستطيع أن ينقذ البطل، ويقضي على الوحش؛ والأجواء
القوطية التقليدية تتخللها فواصل موسيقية، مشاهد غناء،
ورقص متجذرة في تقاليد سينما بوليوود الخالصة.
في الوقت الحالي، يلخص فيلم
"دراكولا في باكستان " وحده مسيرة مصاص الدماء القصيرة
في
Lollywood
، حيث صناعة السينما الباكستانية، ومقرّها لاهور.
كان الاعتقاد الأوليّ بأن بكرات الفيلم مفقودة منذ
فترةٍ طويلة، ولكن، تمّ العثور عليها تقريباً في سلة
مهملات، ثمّ استردّها، ورممّها عمر علي خان، مؤرخ
أفلام بوليوود، ولوليوود.
في تلك السنة 1967، سمحت الرقابة الباكستانية بعرض
الفيلم على مستوى ضيقٍ، مع تصنيف
X،
- بسبب النصّ الضمني الجنسيّ - بعد أن تعهد المنتج،
والمخرج بعدم عمل المزيد من نفس النوع، ومن هنا ندرته،
وبعد ذلك مُنعت دور الإنتاج الباكستانية من صُنع
المزيد من أفلام مصاصي الدماء.
هذا الحظر المُفاجئ يجعل "دراكولا في باكستان" نافذة
لتخيل ما يمكن أن تكون عليه سينما رعب
Lollywood.
نجد على وجه الخصوص بصمة سلسلة أفلام دراكولا التي
مثلها كريستوفر لي، وأخرجها تيرينس فيشر (كابوس
دراكولا، دراكولا، أمير الظلام ...) في تمثيل الكونت –
التي جسدها الممثل ريحان - دون أن ننسى استخدام آلات
الكمان لتضخيم الرعب عند المتفرج.
بالإضافة إلى حركات الكاميرا الباروكية، والإضاءة
التعبيريّة، وديكوراته المُضخمّة بشكلٍ متعمّد، يُعدّ
"دراكولا في باكستان" جزءاً من نوع
Lollywood
بفضل فترات الاستراحة الموسيقية
المربكة، بما في ذلك واحدة على أنغام أغنية
"La cucaracha"
وغيرها.
التعبيرية
تلاعبات الظلال، تباينات الأبيض والأسود، ديكوراتٍ
حُلمية ...
إذا كان "دراكولا في باكستان" ينحدر من فيلم
"نوسفيراتو" (مورناو ، 1922)، فإن ذلك يحدث من خلال
أفلام أخرى، مثل العديد من حلقات السلاسل المفقودة.
مثال: القطة السوداء (Edgar G. Ulmer
،
1934)
من سلسلة أفلام
B
رائعة مقتبسة من إدجار آلان بو، والتي تجمع بين المسرح
التعبيري، والجمالية القوطية.
في فيلم خواجة سرفراز، يظهر هذا التأثير بشكلٍ خاصّ
خلال زيارات أقبية "القصر" المليئة بأنسجة العنكبوت
الضخمة.
شركة إنتاج
La Hammer
(المطرقة)
نظرًا للقرب الثقافي بين المملكة المتحدة، وباكستان –
والتي كانت مستعمرة بريطانية حتى عام 1947 - تُعدّ
منتجات شركة هامر واحدة من أصول، ومنابت "دراكولا في
باكستان"، والذي يضاعف الاقتراض من فيلم "كابوس
دراكولا" (تيرينس فيشر ، 1958).
بالإضافة إلى النبضات الباروكية للإخراج (الزووم
العدوانية، والموسيقى الحادة)، فإن التشابه بين مصاصيّ
الدماء مذهلٌ للغاية.
لعبه الممثل ريحان، كلّ ذلك في مسرحةٍ واضحة، يتابع
دراكولا هذا خطى كريستوفر لي: يلتهم النساء، ويرتدي
ملابس أنيقة، وبحجم يتوافق مع التعبيرية.
لوليوود
تتوضح لمسات
Lollywood
هنا من خلال فواصل موسيقية مماثلة لتلك الخاصة بأفلام
بوليوود من الهند المجاورة.
تعلن هذه الفواصل المفاجئة في النغمة عن المشاهد
العائلية الميلودرامية، الثابتة، والثرثارة قليلاً.
الفكرة الأكثر حداثة؟ وضع الحبكة في ستينيّات القرن
الماضي في باكستان، جعل من الممكن تصوير مطاردة غريبة
بالسيارة، مع مصاص الدماء خلف عجلة القيادة.
*دراكولا في باكستان (زيندا لاش)، فيلمٌ باكستاني من
إنتاج عام 1967، وإخراج خواجة سرفراز.
سيناريو: نسيم رضواني، ومشير قازمي، مقتبس من رواية
دراكولا لبرام ستوكر.
الموسيقى: صادق حسين. |