كان فيلم "حصى" أو
Koozhangal
بالتاميلية، مرشحاً في القائمة الطويلة لأوسكار أحسن
فيلم أجنبي لسنة 2022، لكن، لم يتمّ اختياره في
القائمة النهائية.
هو فيلمٌ غارقٌ في المحلية الهندية التاميلية، مدته
تقريبا ساعة، و 13 دقيقة، فيلمٌ صادمٌ جداً، مغايرٌ
لكلّ ما يعتقده الناس عن السينما الهندية، تمّ تصويره
بالمناطق الصحراوية في عمق التاميل المنسية، في صحراء
حجرية قاحلة جداً، وسط أجواء حارة جداً، كانت صعبةٌ
حتى على فريق العمل خلال التصوير.
الفيلم كأنه وثائقي، أو تسجيلي، فيه كلامٌ قليلٌ بين
الممثلين، حواراتٌ تلقائيةٌ كأن أغلب الممثلين من
أبناء الشعب العادي، وليسوا ممثلين محترفين، وفعلاً،
حتى أبطال الفيلم، ليسوا من نجوم الصف الأول في سينما
التاميل الهندية، المعروفة بتقليدها كثيراً للسينما
الناطقة باللغة الهندية، مع أنها بدأت تتميز قليلاً في
السنوات الأخيرة، وترفع عنها عباءة الأفلام المُنتجة
في بومبي، وسيطرتها، من خلال أفلام غير نمطية،
ومختلفة، مثل هذا الفيلم، الذي كان حتى بدون موسيقى
تصويرية، فقط الصمت، وصدى الصحراء الواسعة المخيفة،
وصوت وقع الأقدام الحافية لأبناء القرى التاميلية
الفقيرة، التي تسير على الحصى الساخن وسط صحراء لا
ترحم.
اللقطة الأولى التي بدأ بها الفيلم، كانت كأنها صورة
ثابتة، وصامتة، بينما هي في الواقع صورة لعش طير ثابت
على غصن شجرة، ينتظر وصول الأم لعش أبنائها.
كان مشهدا صامتاً جداً، واستمر الصمت في الفيلم،
تخللته بعض الحوارات، والشجارات باللهجة التاميلية،
بين ممثلين داكني البشرة، رجالاً، ونساءً، وأطفالاً،
يمثلون طبقةً مهمشةً جداً من التاميل الهندي المنسيّ،
لا نراها في أغلب الأفلام الناطقة باللغة الهندية.
البيئة في الفيلم قاسية جداً، يعاني السكان من شح
المياه، وندرتها، عدم توفر النقل، وأبسط متطلبات،
وضروريات الحياة، والزمن شبه مفقود في تلك القرى، أو
كأنّ الزمن توقف، حياة بدائية جداً يعانيها سكان جنوب
الهند، بعضهم يصطادون الفئران لأكلها، هم لا يمثلون كل
الهند، لكنهم جزء من التنوع، والتناقض الهندي المعروف
في كل شيء، الطبقية، والأديان، والأعراق، والعادات،
والتقاليد.......
أراد مخرج الفيلم
P. S. Vinothraj
المنتج سنة 2021، أن يكون فيلمه مستوحى من قصة حقيقية،
كتبها بنفسه، أراد له أن يكون مختلفاً جداً لدرجة
التطرف، وصادماً، ونفس ما قلته عن الفيلم الهندي
(الناطق بلغة المالايالام) المُرشح السنة الماضية
لأوسكار أحسن فيلم أجنبي لسنة 2021، هو نفس ما أقوله
تقريبا عن هذا الفيلم التاميلي أيضا، لأنه كسر كل
القواعد النمطية للسينما الهندية، و تمرد على كل
التوابل الهندية المستخدمة في أغلب الأفلام المعتادة،
ومع ذلك فشل في الوصول للقائمة النهائية لأوسكار أحسن
فيلم ناطق بلغةٍ غير إنجليزية لسنة 2022.
كان التصوير في الفيلم أيضاً مغايراً، حيث، وكما ذكرت،
كانت اللقطة الأولى شبه ثابتة لعش طائر، وكانت كثير من
المشاهد مصورة بالكاميرا الجوية، أو العلوية، ليعيش
المشاهد جوّ الصحراء الشاسعة التي تبدو كأنها بدون
نهاية، وبدون حدود، بينما لجأ المخرج للقطات الكلوز
آب، ولقطات من زاوية منخفضة للشخصية الشريرة في القصة،
الأب السكير المتعجرف، وهي لقطات تركز على ملامح وجهه
المخيف، ومناسبة لشخصيته المكروهة في الفيلم.
كما استعمل المخرج أحياناً طريقة التصوير بالكاميرا
المتحركة مع حركة جسم الممثلين، خاصة لما يلاحق الطفل
المسكين والده في الصحراء الخالية، لزيادة التوتر،
وشعور الممثل بمعاناة الطفل الحافي في الصحراء الحارة.
ملخص حكاية الفيلم هو أبٌ سكيرٌ مهملٌ لعائلته، يخرج
ابنه من المدرسة البعيدة عن قريته عنوةً، ويُعيده
للمنزل، مهدداً له بالضرب، و بتطليق أمه، وما يحدث بين
طريق العودة من المدرسة إلى المنزل، هي أحداث الفيلم،
هو فيلمٌ عن حقوق الطفل، والمرأة المهضومة في عمق
التاميل الهندي، يتكرر تعرّض الطفل للإهانة، والضرب
خلال القصة، هو طفلٌ قليل الكلام، لكن ملامح وجهه
معبرة، وشخصيته قوية، و يرمز للأمل في الفيلم، حيث،
وبعد أن أضاع لعبة أخته الصغيرة التي كان سوف يهديها
لها (كلب بلاستيكي صغير، وقديم)، بسبب ضرب والده له
وسط الأشواك، والحصى خلال سيّرهما، يلتقي في آخر
الفيلم بجروٍّ جميل ضائع، فيأخذه لأخته الصغيرة كتعويض
عن هديتها الضائعة.
ينتهي الفيلم بلعب الطفل، وأخته مع الجروّ الجميل،
بينما تقف أمهما في طابورٍ مع نساءٍ كثيراتٍ لملء
قِرَب الماء من بركةٍ صغيرة فيها بعض الماء الضحل، وهو
مصدر الماء الوحيد في القرية، بينما يستمر الأب السكير
في جلوسه بالمنزل، منتظراً زوجته.
نهاية الفيلم، مزيجٌ بين أملٍ موجود، ومعاناة مستمرة. |