خالد جلال يرثي سميحة أيوب: مش مصدق إن البطلة مش هتظهر
تاني
دعاء فودة
برسالة تمس القلب وتفيض حبا وحنينا وفقدا، كتب المخرج
الكبير خالد
جلال كلمات
صادقة ومؤثرة في رثاء سيدة المسرح العربي سميحة
أيوب،
بكلمات ليست مجرد تأبين أو رثاء، بل شهادة حب ووفاء وامتنان، يروي فيها
"ابنها الروحي" المخرج خالد جلال، كيف كانت الحضور والظل، السند والحكمة،
الإبداع والقوة في كل تفاصيل الحياة والفن، فكانت "خالد جلال وسيدة المسرح"
علاقة فنية وإنسانية نادرة، جمعت بين "فنان استثنائي" و"أيقونة مسرح لا
تتكرر"، تحولت إلى رابطة أمومة روحية، مليئة بالحكايات والمواقف والمشاعر
التي لا تنسى، وفي لحظة وداع مؤلمة، كتب "خالد جلال" كلماته التالية:
وجاء نص رثاء المخرج خالد جلال لسيدة المسرح العربي سميحة
أيوب كالتالي:
"أمي
حبيبتي،
بعد التحية والسلام،
لأول مرة ما ألاقيش كلمات تعبّر عن مشاعر الفقد اللي حسّيت
بيها النهارده.
يمكن علشان صعب أصدق، بعد طول الوقت معاكي، إن البطلة مش
هتظهر تاني.
ويمكن لأن الحياة الحقيقية مش زي الفيلم اللي ممكن نشوفه كل
يوم، والبطلة تظهر في نفس الثانية ونستمتع بإبداعها.
آخر مرة تمثيل كانت في عيد الشرطة اللي قبل اللي فات، وكنتي
تعبانة قبلها، وأصريتِ إنك تيجي ووافقْتي، وكنتي زي البدر على الشاشة، وعلى
المسرح.
وجه الحصاد، الريس كلّمك، وكلّمتِيه، وطلع على المسرح
وحيّاكِ وقبّل جبينك.
من تسع سنين كنا في المغرب، وسمعتك بتتكلمي مع القديرة
الراحلة ثريا جبران، وقلت لك: "الكلام ده لازم نحتفظ بيه، ده ميراث"،
وقلتي: "تعالي نعمل كده"، وعملنا "سميحة أيوب تروي لخالد جلال" سنة 2016.
وسام عظيم بأفخر بيه لحد النهارده، إنك بتحكيلي أنا، والناس
بتسمع حكاياتك.
في كل رحلة، وفي كل مكان، كنتي موجودة.
وجودك كان سند، وحماية، وأمان، وحنان، وحب، وطيبة، وقوة.
كل كلمة كنتي بتقوليها كانت خبرة عمر، ودرس عميق، حتى وانتي
بتهزّري.
فاكرة أول مرة شفتيني سنة 1996 في روما، مع العظيم الراحل
سعد الدين وهبة؟
كنتوا راجعين من ألمانيا، وزرتونا في الأكاديمية المصرية
بروما، ودخلتي بروفة مسرحيتي، وسمعتيني وأنا بأخرج، وقلتي: "لازم نشوفك لما
ترجع مصر، وارجع بسرعة".
ولما طلبت صوتك يحكي حكاية دفعة "بعد الليل" في حفل تخرجهم،
وحكيتي، فبقت حفلتهم بقيمة الصوت والنور من جمال صوتك.
ولما طلبت منك تظهري على شاشة افتتاح مهرجان المسرح العربي
بالقاهرة، وقلتي لضيوف مصر من كل الوطن العربي:
"أهلاً
بيكم في مصر.. مهد المسرح العربي"
إيه ده يا أمي؟ هرم بيتكلم؟
فاكرة لما الرئيس حافظ الأسد سماكِ "سيدة المسرح العربي"؟
طب فاكرة لما الرئيس أنور السادات قال للرئيس جيسكار ديستان:
"مدام
سميحة.. توجور كومبليه"؟
فاكرة وقفتك مع الست أمينة رزق في فرنسا وإنتوا بتعملوا
"فيدرا"؟
فاكرة وإنتِ ماسكة المسرح الحديث لما بدأت حرب أكتوبر،
وخليتي العبقري محمد نوح والفرقة يعملوا:
"مدد
مدد.. شدي حيلك يا بلد"؟
طيب، فاكرة التمثال اللي عملهولِك عصام درويش؟ كنتي فرحانة
بيه قد إيه؟
أمي الحبيبة،
كلامي ملخبط، مش كده؟
معلش، ما هو ألف حكاية وحكاية معاكي، برضه مش سهل ترتيبها
في كلمتين هنا.
كنت دايمًا في لحظات الوداع اللي زي دي بكتب بالفصحى وأقول:
"الحزن
عميق"،
ولأول مرة أكتشف إني ممكن أحزن أكتر من الجملة دي.
ودايماً كنت أقول للي رحل: "ادعيلنا".
بس معاكي، باقولك:
"اتطمني،
أنا هافضل أدعيلك ليل ونهار، ماتخافيش".
وأخيرًا… اللي زيك يفضل عايش في القلوب والأرواح، ومرفرف
حوالينا على طول.
ويا سوسو الجميلة… هازعل ليه؟
وهي يعني أم كلثوم ماتت؟
ما هي عايشة لحد النهارده…
تصبّحي على خير
بحبك
ابنك خالد جلال |