ملفات خاصة

 
 
 

جائزة جعفر بناهي: أنْ يفوز فيلم أو مخرج لأسباب غير فنية

كان/ ندى الأزهري

كان السينمائي الدولي

الثامن والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

وُصِفَت بأنّها سعفة ذهبية "من أجل الحرية في إيران". إنّها كذلك. لذا، كان يمكن أنْ تُمنح في مهرجان سينمائي لحقوق الإنسان مثلاً، أو مهرجان للكرامة أو للمقاومة، أكثر من أن تُمنح في أهمّ مهرجان سينمائي، يهتم بالأكثر تعبيراً عن الإبداع في الفن السابع.

هذا لا يعني أنّ الإيراني جعفر بناهي الفائز بتلك السعفة عن "حادث بسيط" (الدورة الـ78، 13 ـ 24 مايو/أيار 2025)، غير مُبدع. أو أنّ فيلمه هذا ليس جيداً. بناهي سينمائي خلّاق بأسلوبه الإخراجي ونصوصه. ينطبق عليه القول إنّ القيود حليف أكبر للفنان. لكنْ، في فيلمه الأخير، طغى الجانب السياسي على الفني. هذا يحصل، في مهرجان "كانّ" أو في غيره من المهرجانات الكبرى: أنْ يفوز فيلم أو مخرج لأسباب غير فنية خالصة.
كلّ مشاركة لبناهي في أكبر مهرجانات العالم تثير انتباهاً خاصاً، ليس فقط لقيمة أفلامه، بل لما له علاقة بالسياسة. هو يدرك جيداً أهميتها. بات معروفاً. لكنْ، لا بدّ من تذكير بأنّه "مشاغب" سياسي، دأب على انتقاد نظام بلده. هذا يحظى بإعجاب الغرب
.

تزايد الاهتمام به منذ الحكم عليه في بلده، بسبب مشاركته في تجمّعات ضد النظام، وتصويره سرّاً فيلماً عن التظاهرات المعترضة على إعادة انتخاب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، عام 2009. الحكم عليه؟ السجن ست سنوات (نفّذ منه 86 يوماً، والباقي إقامة جبرية لم يتقيّد بها، وتُرك حرّاً في تنقّلاته الداخلية). كما مُنع من مغادرة إيران، ومن العمل 20 عاماً. سُجن ثانية نحو سبعة أشهر، بين عامي 2022 و2023، ثم أُطلق سراحه بعد تنفيذه إضراباً عن الطعام. لكنّه لم يتوقّف، رغم المنع والحظر، عن صنع الأفلام التي تُندّد بوضعه الشخصي، وبوضع الشعب الإيراني في مواجهة القيود التي فرضها النظام الإسلامي، ودائماً "بالسرّ"، كما يُروَّج. تُرسل تلك الأفلام إلى مهرجانات برلين و"كانّ" وفينيسيا، وتنال جوائز أساسية، ويُترك في احتفالات التتويج مقعدٌ فارغ له بسبب منعه من السفر، ما يُثير تعاطفاً دولياً.

إذا كانت إيران بلداً أمنياً يقمع الناس، ولا تفوت مخابراته شاردة أو واردة، يُمكن التساؤل عن كيفية تَمكُّن مخرج، الأنظار مُسلّطة عليه، من تصوير خمسة أفلام سرّياً. التساؤل الأمثل: لا يُمكنه التصوير سرّاً، لكنْ ربما تَغضّ السلطات النظر عنه لأسباب مُعقّدة لا مجال لسردها هنا، مع الإشارة إلى وجود تيارات سياسية في النظام نفسه، لها مواقف متباينة ومتناقضة من السينما، ومن تمثيل إيران في الخارج.

لم يستطع جعفر بناهي مغادرة إيران إلا عام 2023. لكنّه كان يُصوّر أفلامه مُتنقّلاً بين طهران ومدن أخرى. هذا يدلّ على الحرية النسبيّة لتحرّكاته في بلده، قياساً بما يُشاع. أساساً، لا يحقّ منع أحد من الحركة والعمل، فهذان حقّان أساسيان من حقوق الإنسان. لكنْ، يمكن القول إنّ المبالغات ربما تُنتج ردّ فعل عكسي، والنظرة إلى العمل السينمائي بعين سياسية تسيء إليه، وإلى صاحبه، في المدى الطويل.

إعلان خبر مشاركة "حادث بسيط" في الدورة الـ78 لمهرجان "كانّ" أثار تساؤلاً عن قدوم بناهي إلى تلك المدينة، بعد إرساله "سرّاً" فيلمه المُصوّر "سرّاً": هل سيأتي؟ أم سيُترك مقعده فارغاً؟ بناهي في فرنسا قبل وقت قليل على بدء الدورة الأخيرة، لإجراء عمليات ما بعد الإنتاج، وبإمكانه البقاء إلى أنْ يحين موعد الدورة. لكنّه فضّل العودة إلى طهران. هكذا توفّرت للسلطة فرصة لتمنعه من السفر، وحضور العرض، لكنّها لم تفعل، فكانت المفاجأة. للإيرانيين قدرة دائمة على المفاجأة.

حضر بناهي، ونال السعفة، وألقى خطاباً طويلاً، مُطالباً فيه جميع الإيرانيين بـ"أنْ يضعوا كلّ المشاكل والاختلافات جانباً"، فالأهم الآن الوطن والحرية: "لنَصِلْ معاً إلى تلك اللحظة، التي لن يجرؤ فيها أحدٌ على إملاء ما نرتديه، أو ما نقوله، أو ما لا نفعله".

أثار فوز الفيلم ردود أفعال مبتهجة في العالم. كان مناسبة لتدخّل سياسيين فرنسيين، كوزير الخارجية جان ـ نويل بارو، الذي كتب في منصة "إكس": "في عمل من أعمال المقاومة ضد قمع النظام الإيراني، فاز جعفر بناهي بالسعفة الذهبية، (وهذا) يبعث الأمل في جميع المناضلين من أجل الحرية في كل مكان". الخارجية الإيرانية احتجّت، واستدعت القائم بأعمال السفارة الفرنسية في طهران، وندّدت بهذه التصريحات، واصفةً إياها بأنها "تدخّل سافر في الشؤون الداخلية الإيرانية"، فضلاً عن اتهامها باريس بـ "استغلال فرصة استضافة حدث سينمائي لتحقيق أهداف سياسية" (العربي الجديد، 25 مايو/أيار 2025).

ابتهج إيرانيون معارضون بالفوز، وإنْ لم يُشاهدوا أي فيلم لبناهي، أو كانوا من هؤلاء الذي لا يميلون إلى سينماه، كما يُقال في الداخل. هنّأه سينمائيون ينتقدون النظام، كأصغر فرهادي، و"دار السينما" (هيئة مستقلّة للسينمائيين الإيرانيين)، التي رأت في بيان لها أنّ الفوز "إشارة إلى حيوية السينما الإيرانية، ومساهمة بناهي في المشهد السينمائي العالمي"، واصفة الحدث بـ"التاريخي"، وبأنّه مبعث افتخار للسينما الإيرانية. كذلك هلّلت صحفٌ، مثل "شرق"، للخبر، لكنْ من دون تفاصيل.

صحف إيرانية عدة اتفقت على نعت الجائزة بالسياسية. تساءلت "همشهري" (جريدة إلكترونية معتدلة، تابعة لبلدية طهران)، في 26/ 5/ 2025، إنْ كان منح السعفة للفيلم، أمْ لمواقف سياسية، مستندة إلى مقالة "دفاتر السينما" الفرنسية، التي لم تعطِ علامة عالية له، خلافاً لصحف بريطانية "تُفضّل المضمون على الشكل السينمائي، وتهمل الجانب الفني".

كما اتّهمت النقاد الغربيين بأنهم يتعاملون مع السينما الإيرانية بمعايير مزدوجة، إذْ يُعطون الأولوية للموضوع والقصة، على حساب البنية والشكل. وبأنّ هذا النهج تجاه الأفلام الإيرانية منح أفلاماً تُعتبر مثيرة للجدل، ولم تُتح لها فرصة الإنتاج إلا خارج أطر صناعة الأفلام الرسمية، امتيازاً بنظر الغرب.

تساءلت الصحف تلك عن مدى صحة هذا الحكم على الأفلام، ومدى الثقة بجوائز المهرجانات السينمائية، والمراجعات الإيجابية، وإلى أي مدى يُمثّل فيلم بناهي انعكاساً لواقع المجتمع الإيراني، وإنْ لم تكن الصورة التي يُقدّمها عن إيران مجرّد انعكاس للأفكار والآراء الغربية عنها. انتقدت صحف عدّة وسائل الإعلام الغربية، التي لا تتسامح مع الروايات المُضادة، معتبرةً أنّ مهرجان "كانّ" ليس منفصلاً عن السياسات الغربية، مستدركة أنّ هذا لا يعني أنّ المهرجان يفتقر إلى الاستقلالية، أو يتبع بالضرورة خطاً سياسياً مُحدّداً في اتّخاذ قراراته، ومنح جوائزه، بل في أنّه "يتنفّس الأجواء الثقافية نفسها التي لم تُظهر أيّ ردّ فعل قوي تقريباً تجاه مقتل مئات الآلاف في غزة، العام الماضي".

انتهت صحفٌ مختلفة إلى القول إنّ الصورة التي يرغب فيها الغرب عن الشرق الأوسط "غريبة"، ونابعة من الحركة الإعلامية العامة، والمعايير الفنية لمنح الجوائز لأفلام هذه المنطقة التي لا تُثير اهتمام المشاركين في المهرجانات.

هاجمت صحيفة "طهران تايمز"، الناطقة بالإنكليزية (27/ 5) تسييس الفن والسينما، قائلةً إنّ مهرجان "كانّ" هذا العام "أثبت مُجدّداً التضحية بالقيمة الفنية لخدمة برامج سياسية"، وأنّ "حادث بسيط"، وفقاً لنقّاد مستقلّين، يفتقر إلى القيمة الفنية والجاذبية السينمائية، وأنّ الجائزة مُنحت له لـ"توجهه السياسي". ووفقاً لخبراء الثقافة الإيرانيين، ما منح بناهي الجائزة لم يكن تألقه السينمائي أو إبداعه الفني، بل التوافق السياسي للموضوع مع معاداة إيران. وأشارت إلى أنّها ليست المرة الأولى التي تُشيد فيها المهرجانات الغربية بأفلامٍ ذات دوافع سياسية ضد الجمهورية الإسلامية؛ وأنّ هذه الأفلام تفتقر إلى القيم السينمائية والفنية، وأنّها مجرّد تعليقات سياسية صريحة ومُكرّرة، وتميل إلى تقديم صورة مُشوّهة وقاتمة وغير مكتملة عن الحياة الإيرانية.

وتساءلت "كيهان" (صحيفة متشددة): أهذه سينما، أم بيان سياسي؟ فالفيلم لم يكن محط الأنظار لجودته السينمائية، بل لاسم مخرجه، ومواقفه السياسية. وأشارت إلى مراجعة "دفاتر السينما" له. كما اتهمت المؤتمرات الصحافية للمهرجان، إذْ لم يكن فيها التركيز الرئيسي لبناهي على الفيلم، بل على السياسة وإيران. كأنّه بدلاً من حضور فعالية فنية، دُعي إلى اجتماع للمؤسّسات السياسية الغربية، ومن مناقشة السينما، راح يقرأ بيانات ويردّد شعارات. وكتبت أنّ بناهي ادّعى أنْ لا حرية في إيران، رغم أنّه صنع فيلمه فيها من دون الحصول على ترخيص. ربما كان الأفضل أنْ يشرح كيف أنّه وسط ما يُسمّى بالاختناق في البلد، صنع بحرية فيلماً، وشارك في مهرجان "كانّ" السينمائي. رأت الصحيفة أنّ هذا النهج يتبدّى بوضوح في تصريح تييري فريمو، المندوب العام للمهرجان، الذي صرّح سابقاً بالقول إنّ "كلّ أفلام جعفر بناهي ستُقبل في هذا المهرجان"، مُعتبرة أنّ في التصريح دليلاً على التحيّز وتفضيل الآراء السياسية على المعايير الفنية، أكثر منه على احترام الفنان. بحسب الصحيفة نفسها، هذه عبارة واضحة: لا يهمّ أي فيلم يُخرجه بناهي، فالمهمّ أنْ يكون بناهي.

 

العربي الجديد اللندنية في

01.06.2025

 
 
 
 
 

«لأجل آدم»… حكاية مختلفة عن الأمومة

محمد طارق

من ضمن ثلاث أفلام اختيرت لافتتاح عروض مهرجان كان، أحدهم لافتتاح المسابقة الرسمية وثان لافتتاح قسم “نظرة ما” وثالث لافتتاح “أسبوع النقاد”، جاء فيلم لورا فونديل “لأجل آدم Adam’s sake الذي افتتح فعاليات أسبوع النقاد أكثر تلك الأفلام تاثيرًا واختلافًا

دفعني اسم المخرجة البلجيكية لورا فونديل لتجاهل فيلم في المسابقة الرسمية كان يُرض في نفس وقت فيلمها، فذهبت لمشاهدة “لأجل آدم” وهو فيلمها الروائي الطويل الثاني. ففيلمها الأول “ملعب” لا يزال في مخيلتي كواحد من أفضل الأفلام التي صُنعت في السنوات الأخيرة. وكما في فيلمها الأول “ملعب Playground” الذي نتابع من خلاله الاحداث في مدرسة من وجهة نظر طفل، يدور فيلمها الثاني في مكان متعلق بالأطفال أيضًا. هذه المرة، نحن في عنبر مستشفى خاص برعاية الأطفال الذين يخضعون لإشراف الرعاية الاجتماعية.

عقب حُكم قضائي، يُنقل آدم البالغ من العمر أربع سنوات إلى المستشفى لسوء التغذية. نراه هزيلًا، يتطلب إطعامه إدخال أنبوب من خلال أنفه، ما يتسبب في كثير من الألم له، إلى جانبه نرى امرأتين: أمه ريبيكا، التي ترفض ترك المستشفى رغم تعليمات الرعاية الاجتماعية التي تخصص وقتًا محدودًا للزيارة، ولوسي الممرضة التي تسمح للأم بتجاوز القواعد لكنها لا توافق على تصرفاتها رغم أنها تحاول مساعدتها

تذكرنا ريبيكا بالأم في “نحتاج للحديث عن كيفن We need to talk about Keven” للين رامزي، فهي أم مخلصة محبة، لكنها مُضللة بهذا الحب، ترفض إطعام ابنها أي طعام حقيقي، وتمنحه أكلًا يتسبب في المزيد من سوء التغذية. هذا نوع من الحب المسموم بعاطفة قوية، حب أمومي عنيف يهدد، للأسف، صحة ابنها

ابنها آدم، على الناحية الأخرى، ورغم تعبه الشديد، مخلص لها تمامًا، ويسمع كلامها في جميع الأحوال، يترك طعام المستشفى الضروري لإنقاذه من الموت ليأكل الأكل الذي تحضره ريبيكا معها. بين الأم والابن، تظهر لوسي الممرضة، الأم أيضًا، والمنهكة جراء اللهاث وراء حالات الأطفال المرضية المختلفة. تفضح عيناها الكثير عن شخصيتها، وجهها يبدو صارمًا بينما تحمل داخلها تعاطفًا كبيرًا تجاه ريبيكا وطفلها، وتحاول بدبلوماسية شديدة أن تقف في صف الاثنين، دون خرق قواعد الرعاية الاجتماعية وأوامر مديرها أيضًا

هذا الموقف الذي تقفه لوسي، يوحي بأنها شخصية متعاطفة مهتمة بعملها بجدية، إذ أنها يمكن ببساطة أن تفعل مثلما يفعل باقي زملائها من عزل لإحساسهم الشخصي، لكنها لا تفعل ذلك، وهذا ربما ما يضعها هي في نوع ما من مأزق، ربما تشعر لوسي بذنب شديد تجاه شيء اقترفته هي كأم وتحاول إصلاحه أيضًا، نراها تتحدث مع ابنتها خلال اليوم، لكن دون ذكر تفاصيل واضحة

هذا النوع من الغموض حول حياة لوسي وابنتها، وحول ما هو نوع الطعام الذي تمنحه رييبيكا لابنها، يجعلنا نمنح تركيزنا لتفاصيل المكان والزمان والمشاعر المتولدة من تلك الأحداث المتلاحقة في وقت قصير، دون التركيز على الحكم على الشخصيات. تسعى المخرجة لتوريطنا في تلك الحكاية وفي ذلك المكان، الذي هو عنصر مهم في فيلمها السابق “ملعب” حيث تدور الأحداث في مدرسة، أو هنا في فيلمها الأحدث حيث تدور الأحداث كلها في عنبر رعاية للأطفال. إضافة إلى ذلك، يمكن رؤية اهتمامها بشيئين أساسيين في كلا الفيلمين: الطفولة وديناميكيات الأماكن التي يدخلها الأطفال، فتشكل وعيهم تجاه العالم

على مدار اليوم الذي نقضيه في المستشفى مع لوسي وريبيكا وآدم، ندخل إلى عالم عنابر الرعاية الاجتماعية للأطفال، ونلاحظ بعضًا من أخطاء في النظام بأسره، نشاهد وجهة نظر واضحة ربما تذكر بأعمال الأخوين داردين، لكننا في نفس الوقت لا نرى انجرافًا لتلك النقطة، قدر ما يخلص الفيلم لدراما شخصياته.

على مدار مدة الفيلم البالغة 75 دقيقة، وهي مدة نادرة حاليًا في الأفلام الفنية، نشعر بالإيقاع الحبيس للشخصيات الثلاثة وما يوده كل واحد منهم، ريبيكا لا تود أن تترك ابنها، آدم لا يود ترك أمه لكنه لا يرغب بالموت أيضًا، ولوسي واقعة بين نظام بيروقراطي غير متعاطف وبين الخطر الآت من حب ريبيكا المضلل لابنها

على المستوى البصري، تحتفظ فونديل من فيلمها الأول بلقطاتها التي تتبع فيها الأبطال وتحبسهم في كادرات لا تمنحهم أي مساحة، كما الوضع الذي يعيشونه، كما تستخدم العناصر البصرية الآتية من عوالم المستشفيات بأضوائها البيضاء وطغيان اللون الأزرق على سرائرها. ما يضيف إلى إحساسنا بالشخصيات هو شريط الصوت النابع أيضًا من عالم الفيلم – المستشفى – حيث نستمع دائمًا إلى صوت الماكينات الطبية المستمر الموتر، والمشابه أحيانا لإيقاع الفيلم. كما تختار فونديل ممثلاتها بعناية، سواء آنا ماريا فارتولومي (ريبيكا)، أو ليا دروكر في دور لوسي. كما تختار طفلاً – لدور آدم- ذا شخصية واضحة، يستطيع التمثيل كممثل محترف دون الاحتياج حتى لاستخدام الحوار على الرغم من عمره الصغير

هكذا نجد أنفسنا عالقين مثل شخصيات الفيلم الثلاثة، في لحظات درامية حساسة، نشعر فيها بقشعريرة تلامس مشاعرنا بشدة، وتجعلنا نغرق ونتماهى تمامًا مع آدم وريبيكا ولوسي

ومع مرور الوقت وتصاعد الأحداث، نخرج مع نهاية الفيلم من قاعة مظلمة، بأحاسيس متضاربة حول كل منهم، لكننا بالتأكيد يمكننا أن نرى مدى إبداعية فونديل في تصوير تلك العوالم، التي تبقى معنا حتى مع مغادرتنا للقاعة لأيام وربما لسنوات

 

موقع "فاصلة" السعودي في

01.06.2025

 
 
 
 
 

«العميل السري»… عندما  يتحول الحنين إلى مقاومة سينمائية

نسرين سيد أحمد

كان – « القدس العربي»: في «العميل السري» يقدم المخرج البرازيلي كليبر مندونسا فيلو، الحائز جائزة الإخراج في مهرجان كان لدورته الثامنة والسبعين (13 إلى 24 مايو/أيار 2025) عملاً سينمائياً متكاملاً يُحاكي الذاكرة، بقدر ما يُحلل الواقع السياسي والاجتماعي للبرازيل في أواخر السبعينيات. الفيلم، الذي يستغرق 160 دقيقة، لا يكتفي بسرد قصة بوليسية أو درامية، بل يغوص في عمق التاريخ، وينسج من تفاصيل الحياة اليومية زمن الحكم العسكري نسيجاً درامياً مشبعاً بالتوتر والحنين والسخرية المريرة.

تدور أحداث الفيلم في عام 1977 في مدينة ريسيفي، وهي المدينة التي عاش فيها مندونسا وهو لا يزال طفلاً. هذا البعد الشخصي يظهر بوضوح في تفاصيل العمل: من توق الطفل ابن بطل الفيلم لمشاهدة فيلم «الفك المفترس» (Jaws)، الذي كان في دور العرض في البرازيل آن ذلك، إلى التصوير الحسي للحياة تحت القمع، في ظل حرارة خانقة ومناخ سياسي لا يقل اختناقاً. يستخدم المخرج أجواء الكرنفال الاحتفالية الفوضوية كغطاء سردي لحوادث القتل والاختفاء القسري، وهي استعارة ذكية لكيفية تزييف الأنظمة الاستبدادية للواقع. يؤدي واغنر ماورا، الذي حاز جائزة أفضل ممثل في مهرجان كان، في أداء مميز بالغ الحساسية دور مارسيليو، وهو شخص غامض له أكثر من هوية، يفر من الشمال للالتحاق بابنه في ريسيفي، هارباً من خطر لم يُفصح عنه مباشرة. وفي طريقه، يتوقف عند محطة وقود، ليجد جثة مغطاة بكرتون قرب مضخة البنزين، في مشهد سريالي لا يعيره رجال الشرطة أدنى اهتمام، ما يكشف بوضوح عن واقع عبثي فقدت فيه الحياة قيمتها.

رغم عنوان الفيلم، «العميل السري»، إلا أن العمل لا يتبع قواعد أفلام التجسس التقليدية. لا نجد المطاردات، بل ما يقدمه مندونسا هو نوع من التجسس المعنوي والوجودي، حيث الشخصيات العادية تصبح حاملة لأسرار كبرى، وصمتها أبلغ من الكلام. مارسيليو لا يُعد العميل السري بالمعنى المباشر، بل هو شخص يعيش في تخفٍ بهوية مستعارة، يعيش في مأوى سري يضم العديد من الأشخاص في مثل ظروفه. فهم مدنيون اضطرتهم معارضتهم للنظام، أو امتلاكهم لأسرار يريد النظام الاستيلاء عليها، للنزوح والعيش بهويات زائفة في مأوى سري في ريسيفي. يحصل مارسيلو، الذي كان أكاديميا وباحثا في حياته الأصلية، على وظيفة في مكتب السجل المدني. هناك يبدأ رحلته للبحث عن ملفات قد تقوده لفهم ماضٍ عائلي معقّد، خصوصاً ما يتعلّق بوالدته. أهمية هذا البحث لا تتضح إلا في نهاية الفيلم، عندما يظهر ماورا في دور جديد، حديث ومختلف، يكشف عن طبقة إضافية من السرد.

تختلط الأزمة في الفيلم، حيث تستمع فتاتان بدقة إلى تسجيلات صوتية لمارسيلو، نظنهما في بادئ الأمر مكلفتين بالتنصت على محادثاته من قبل النظام العسكري، ولكننا نكتشف لاحقاً أنهما طالبتان جامعيتان تعملان على أرشفة أصوات من تعرضوا للتجسس والتنصت في الحقبة الديكتاتورية. ربما يود ميندونسا أن يكشف لنا أن الماضي ما زال حاضرا رغم نسيانه أو محاولات طمسه. ففي الفيلم خط مواز من النقد الاجتماعي، يظهر جلياً في ملاحظات مارسيليو خلال عمله الجديد. يرى بوضوح التمييز الصارخ بين الطبقات: كيف يُحمى الأغنياء وتُهمّش الطبقات الكادحة، وكيف يمكن التخلص من شخص مثله دون أن يُسأل أحد. هذا الإدراك لا يُقدَّم مباشرة، بل يُنسج بذكاء ضمن مشاهد الحياة اليومية، ليشكّل ما يشبه الأطروحة النقدية للواقع البرازيلي القديم والجديد. يقدّم الفيلم حبكة فرعية عبثية لكنها دالة، حيث تكتشف ساق بشرية في أحشاء سمكة قرش يتم صيدها، ما يُفجّر حالة من الهوس الشعبي، والقلق في الصحف وعلى شاشة التلفزيون.
تتحول القصة إلى حالة من الفزع العام، وتُوظف سياسياً لصرف الانتباه أو تخويف فئات معينة في المجتمع، وللتستر على حملات القتل والاختفاء القسري التي يشنها النظام. ما يظهره الفيلم بجلاء هو أنه في أزمنة القمع والديكتاتورية، يطال القمع والظلم الجميع سواء، كان ناشطاً سياسيا معلناً، أم مدنيا شاءت ظروفه ألا يرضى عنه النظام لسبب من الأسباب.

 

القدس العربي اللندنية في

01.06.2025

 
 
 
 
 

«القيامة» و«غزة» و«أمهات صغيرات».. أفلام الجوائز فى «كان»

د. أحمد عاطف درة

شهد مهرجان «كان» السينمائى الدولى الثامن والسبعون، الذى اختتم الأسبوع الماضي، عرض مجموعة رائعة من الأفلام، أبرزها ثلاثة أفلام حازت جوائز مختلفة من المهرجان، هي: «القيامة» للمخرج الصينى بى جان، و«كان يا ما كان فى غزة»، للفلسطينيين عرب وطرزان ناصر، و«أمهات صغيرات» للأخوين البلجيكيين جان بيير ولوك داردين.

> فيلم «القيامة»

حصل «القيامة» على جائزة خاصة من لجنة التحكيم، ويُعد تأملًا شخصيًا، مشبعا بالصور عند مفترق الطرق بين الأحلام والذكريات والأمثال والواقعية والقصص الخيالية والخيال العلمى والميلودراما والإثارة المظلمة.

تتكشف أحداث «القيامة» على مدار فصول متعددة. يبدأ المصير الغريب للبطل. إنه آخر رجل قادر على الحلم فى عالم نسى كيف يحلم. يصبح «رجل السينما»، شخصية وحشية.. أحلامه السينمائية ترشدنا من خلالها.

نبدأ الرحلة عبر القرن العشرين، ونتتبع فيها تاريخ الصين والفن السابع، وننجرف عبر محيط من المفاجآت والرموز، بينما يحفز بى جان حواسنا. يخصص الفيلم أجزاء منفصلة للسمع والتذوق والشم، وأخيرًا اللمس.

يصدمنا الفيلم. إنه شفاف فى بعض الأحيان، أو غير قابل للاختراق تمامًا. ومع ذلك يجسد محاولة نابضة بالحياة.. إنه يتخيل أيضًا مستقبل السينما، خاليًا من السرد الخطى واستخدام المؤثرات الخاصة لإضفاء طابع شعرى على العالم.

«كان يا ما كان فى غزة» هو الفيلم الثالث للفلسطينيين عرب وطرزان ناصر، الحائز جائزة أفضل مخرج فى قسم «نظرة ما» بالمهرجان هذا العام.

نحن فى غزة عام 2007، فى عالمٍ غير موجود الآن، حيث رجال الشرطة الفاسدون، وتجار المخدرات الذين يبيعون المخدرات للسكان المنهكين من جراء سنوات الاحتلال.

هذه القصة الغريبة عن مُهرب، وبائع فلافل يتحول دون قصد إلى مُروج، وضابط شرطة يُرقّى إلى وظائف ناجحة من خلال الفساد، تعكس سينما هذين المخرجين: غير تقليدية، قاسية، وساخرة، خاصةً بالنظر إلى الوضع العصيب الذى يعيشه الفلسطينيون.

> فيلم «غزة»

لا يتناول «كان يا مرة فى غزة» القضية الإسرائيلية - الفلسطينية مباشرةً، بل من خلال أصواتٍ ذكية. لذا، لا يهدف إلى أن يكون واقعيا. فالشر فى كل مكان، ولتحقيق هذه الغاية، يقدم مجموعة من الشخصيات تُذكرنا بقصة فولتير. انتقاد النظامين المتعارضين واضح، حيث اختار عرب وطرزان ناصر الوقوف إلى جانب الأهالى الذين يعانون الحرب.

يُظهر صانعا الفيلم ببراعة فى قصتهما أن حقيقة غزة معقدة ويصعب إدراكها. هى إعادة كتابة لتاريخ أرضٍ محتلةٍ. كما لو أنه، لن يكون هناك أيُّ شكلٍ من أشكال السكينة أو السلام ممكنًا فيها.

> فيلم «أمهات صغيرات»

الفيلم الأخير هو «أمهات صغيرات» للأخوين البلجيكيين جان بيير ولوك داردين، الحائزين جائزة السيناريو فى «كان». يظهر الفيلم أربع شخصيات، فتيات مراهقات، أمهات عازبات، كما كنّ يُطلق عليهن، يُقمن فى دار رعاية تُسمى «دار الأمومة»، على مقربة من مدينة لييج.

ملاذٌ آمن، شرنقة، حيث تساعدهن العاملات فى مجال رعاية الأطفال والمختصات النفسيات على رعاية أطفالهن، والتخطيط لمستقبلهن.. يُبذل كل شيء لحمايتهن وتمكينهن. مفارقة هؤلاء المراهقات، اللواتى تجاوزن مرحلة الطفولة، وهن فى سنٍّ أكثر عُرضةً للإفراط والإهمال. لكن ينتظرهن صراعٌ، مزيجٌ من حب الأم، وإرادة البقاء، ومشاعر الذنب.

جميعهن يتأثرن، بطريقةٍ أو بأخري، بالفقر الاجتماعى والنفسي. تُميّزهن اختلافات خلفياتهن. يُضفى تداخل السرديات الأربع مزيدًا من التنوع والمفاجآت والمنعطفات بينهن، فى إطار زمنى أكثر كثافة. يُبرز المشاعر الجوهرية المتعلقة بالعلاقة مع الآخرين، وخاصةً مع الطفل. يقدم الفيلم أيضًا لحظات من المشاركة والحنان.

«نعيمة» هى أم شابة خامسة، تفرح بمغادرتها «بيت الأم»، شاكرةً الجميع على دعمهم فى خطابٍ نابض بالحياة. هذا اليقين من الحقيقة هو ما نحبه فى هذا الفيلم المتفائل، على الرغم من كل سياق الفقر.

 

الأهرام اليومي في

01.06.2025

 
 
 
 
 

"مهمة: مستحيلة ـ الحساب الأخير":

ثلاث ساعات "سينمائية" من الحركة والإثارة

محمد صبحي

لنتخيّل مشهداً تدور أحداثه في منتصف 1996، يظهر فيه أحدهم صارخاً، في ساحة عامّة بعاصمة كبرى، بأنّ فيلم الأكشن الأخير لتوم كروز سيُطلق العنان لإحدى أنجح سلاسل الأفلام في الأعوام الـ30 المقبلة. ويُعلن أنّ كروز سيبلغ 65 عاماً، ويُلقّب بمنقذ دور السينما بعد جائحة صحية عالمية، وهذا اللقب سيُلصقه به ستيفن سبيلبرغ نفسه، وأنّه سيُعلّق من الطائرات، ويقفز بالمظلات، ويطير من المنحدرات، ويُلقى من الغوّاصات. كما أنّه سيُستَقبل كما يليق برئيسٍ في مهرجان "كانّ"، حيث سيُعرض الفيلم الذي سيُعلن عنه كآخر أفلام السلسلة. يُرجّح أنْ يُختتم المشهد برجلٍ طيب يرتدي سترةً مُقيّدةً، في جناح اضطرابات نفسية، غير مُدرك أنّ الزمن سيُثبت صحة كلّ ما قاله.

سيأتي وقت لمراجعة تاريخ ملحمةٍ بثمانية أفلام، لم تمنعها أصولها التلفزيونية من بناء عالمٍ فريد وقوي على نحو متزايد، بمشاهد حركةٍ مُذهلة، وبطلٍ أصبح أكثر إنسانية، تاركاً نفسه يُثقل كاهله شعور الذنب، كما لو أنّه، بعد أحداث "11 سبتمبر" (2001)، اتّضح له أنّ السفر حول العالم لإنقاذ البشرية ليس فعلاً مجّانياً. يعرف جيمس بوند هذا أيضاً، إذْ امتلك في سنواته الأخيرة (دانيال كريغ) التمثيلَ الأكثر دنيوية وسفالة وجسدية، والأقل أناقة في تاريخ الشخصية.

استناداً إلى المسلسل الشهير "مهمّة: مستحيلة" (1966 ـ 1973)، شيّد المخرجون براين دي بالما (الفيلم الأول) وجون وو (الثاني)، وجي. جي. أبرامز (الثالث)، وبراد بيرد (الرابع)، وكريستوفر ماكويري (الخامس ـ الثامن) قاطرةً مُصمّمة خصيصاً لتوم كروز وضمان تألقّه. يبدو أن "الفرانشايز" السينمائي، المذهل والمثير، يقترب من نهايته (مع أنّه في هوليوود لا يمكن الجزم بنهاية أي شيء)، مع ممثل يبلغ 63 عاماً (مواليد الثالث من يوليو/تموز 1962)، وبعد تكريسه نحو ثلاثة عقود لأداء دور العميل إيثان هانت (الفيلم الأول عام 1996)، المتمتّع بلياقة بدنية وبنية جسدية رائعة، لتأدية مشاهد الحركة الصعبة والمذهلة (هنا توجد مشاهد تحت الماء وأخرى جوّية).

"مهمة: مستحيلة ـ الحساب الأخير" (2025، الثامن والأخير من السلسلة) يبدأ وينتهي بإشادات ذاتية بهذه الملحمة. في مشهدٍ أشبه بتأبين يُخلّد ذكرى راحلين، كما في حفل توزيع جوائز "أوسكار"، تُعاد مشاهد من الأفلام السابقة كلّها في البداية، كنوعٍ من التكريم لمن رحلوا (خاصّةً لحبيبات هانت، اللواتي يأتين بمثابة تضحيةٍ يجب دفعها). مع تكريم وتقدير كثيرَين، يؤدّي الفيلم ما يشبه رقصة نصر عبر عواصم أوروبية كبرى، إضافة إلى القطب الشمالي، في محاولة لمنع وقوع كارثة نووية طال انتظارها على الأرض.

قبل عامين، في "الحساب الأخير - الجزء الأول"، حضر تهديد مروّع شكّله ما يُسمى "الكيان"، القوة المدمّرة التي يتحكّم بها الذكاء الاصطناعي، والتي ربما تقضي على الكوكب. لكنْ هنا، بعد التفسيرات الواضحة والتعليمية، وحتى الخرقاء، للمسألة (نصّ كريستوفر ماكويري وإريك جيندريسن ليس مبتكراً إطلاقاً)، كلّ شيء أبسط وأكثر مباشرة: يجب على هانت، بمساعدة فريقه الذي يضمّ غريس (هايلي أتويل) ولوثر (فينغ رامز) وبينجي (سيمون بيغ) وباريس (بوم كليمينتيف)، السباحة والجري والقفز والقيادة والطيران والقتال حتى اللحظة الأخيرة لإنقاذ العالم.

مُحرّك السرد سيبدو غريباً قبل خمس سنوات، لكنّه اليوم أصبح من المعقول أنّ ذكاءً اصطناعياً قوياً يلتهم كلّ شيء في طريقه (الافتراضي)، ما يولّد موجة اختراقات وسيلاً من الأخبار الكاذبة، التي تُزعزع المنطق الجيوسياسي. يزداد الأمر سوءاً بعد سيطرة الكيان على الأسلحة النووية للقوى الذرّية كلّها تقريباً. المقاومة، طبعاً، تتمثل في الولايات المتحدة الأميركية. فماذا ينبغي أنْ يفعل هانت في مواجهة كارثة وشيكة؟ أساساً، كما الحال دائماً: يُوجّه فريقه لإنقاذ آلة ما من غواصة روسية غارقة، قادرة، باستخدام أداة ما، على ترويض الكيان.

لكنّ الحبكة، كالحال دائماً في أفلام الأكشن، أقلّ أهمية، لأنّ تركيز 170 دقيقة (التي تمرّ سريعاً) ينصبّ على المشاهد الطويلة: كروز يسبح ويركض ويقفز ويقود ويغوص ويهدّد ويطير ويخترق ويسرق ويعاني ويخطئ ويقتل ويموت، ثم يعود إلى الحياة. يفعل كلّ شيء تقريباً بنفسه، في ما يكون ربما أعظم لفتة غرور وإيثار في هوليوود المعاصرة. باعتباره الشخص الذي يفسّر رغبات النجم وتطلّعاته بشكل أفضل، ابتكر ماكويري فيلماً يغيّر لونه، بينما يتغلّب هانت على عقبات من كلّ الأنواع: تتراوح مناخات الفيلم من الخانق والمقبض إلى المشهدي والطنّان بسلاسة وطبيعية شخص يعرف أنّه، كما يقول شعار شركة الملابس الرياضية الشهيرة، "لا شيء مستحيل".

لن تُكشف النهاية بالطبع، لكنها تُثير أيضاً مشاعرَ الوجدان، وتُشبه إعادة تشغيل شريط فيديو قديم للتعبير عن الامتنان لهذه العقود الثلاثة، التي نجت فيها سينما الحركة الكلاسيكية (بعيداً من استخدام التقنيات الحديثة في تكوين المشاهد الكبيرة) بفضل تحالف كروز، من موقعه منتجاً وبطلاً في الملحمة، مع صانعي أفلامٍ موهوبين، للحفاظ على عراقة هوليوود، مصنع الأفلام الشعبية. هذا الجوهر، تحديداً، احتفى به مُحبّون عديدون للسينما في العرض الرائع في قاعة لوميير الشاسعة، بفضل شاشتها العملاقة، وتجهيزاتها الصوتية القوية التي تهزّ المقاعد.

هوليوود بكلّ روعتها، لكنْ على أرضٍ فرنسية.

 

العربي الجديد اللندنية في

02.06.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004