ملفات خاصة

 
 
 

بناهي ينتصر في كانّ…

رحلة مناضل من سجون إيران إلى "السعفة"

هوفيك حبشيان - كانّ - "النهار"

كان السينمائي الدولي

الثامن والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

بعد إثني عشر يوماً من المنافسة الحامية بين مجموعة أعمال سينمائية، أُسنِدت مساء السبت الماضي "السعفة الذهب" إلى المخرج الإيراني جعفر بناهي، 65 عاماً، عن فيلمه "حادث بسيط"، وذلك في ختام الدورة الثامنة والسبعين من مهرجان كانّ السينمائي (13 - 24 أيار). جاءت الجائزة تتويجاً لاختيار لجنة التحكيم التي ترأستها الممثّلة الفرنسية جولييت بينوش ذات الروابط المتينة بالسينما الإيرانية، منذ تعاونها مع عباس كيارستمي. وكأن القدر شاء أن يكرّس مساراً بدأه كيارستمي نفسه حين نال أولى "السعفات" الإيرانية عن "طعم الكرز"، وها هو بناهي، بعد ثمانية وعشرين عاماً، يعود ليحمل "السعفة" الثانية إلى بلاده.

بناهي الفائز الثاني بـ"السعفة"، يتكبّد مرارة الظلم والسجن. فقد سبق له أن شهد هذا المصير المخرج التركي الكردي يلماز غونيه، الذي فاز بها عام 1982 عن فيلمه "يول"، الذي كتبه أثناء وجوده خلف القضبان. وبعد فراره إلى فرنسا، أكمل هناك مونتاج الفيلم، ليصل به إلى مهرجان كانّ ويحرز الجائزة الكبرى، مسجّلاً به شهادة على دور الفنّ في مواجهة القهر والاستبداد.

هذه هي المرة الأولى، منذ 15 عاماً، يخرج فيها بناهي من إيران، للمشاركة في مهرجان سينمائي. ورغم أنها ليست زيارته الأولى لفرنسا منذ رفع حظر السفر عنه، إذ سبق أن زارها قبل عامين بعد الإفراج عنه من السجن إثر إضراب عن الطعام، فظهوره هذا العام يحمل طابعاً استثنائياً، ليس فقط لرمزية الحدث، إنما لما يحمله من انتصار شخصي وفنّي يتحقّق بعد عذابات طويلة. بعد تسلّمه "السعفة"، قال بناهي الذي ظلّ جالساً في كرسيه للحظات، بأنه شاهد وجوه الذين كانوا معه في السجن فرداً فرداً

في 2010، حجزت السلطات الإيرانية جواز سفر بناهي، ووجّهت إليه تهمة "نشر الدعاية المناهضة للنظام"، وقضت بسجنه ست سنوات، مانعةً اياه من العمل في السينما لمدة عشرين عاماً؛ وهو حظر لم يرضخ له. ومنذ ذلك التاريخ، دخل السجن وخرج منه أكثر من مرة، وكان آخر اعتقال له قبيل عرض فيلمه السابق "لا دببة" في البندقية، حيث شارك العمل في المسابقة بينما كان مخرجه خلف القضبان، ليفوز حينها بجائزة لجنة التحكيم الخاصة.

رغم المضايقات التي لا تُعدّ ولا تُحصى والتي تعرّض لها بناهي على يد السلطات الإيرانية، لم يتوان عن مواصلة عمله السينمائي. والمفارقة أن فترة الحظر المفروضة عليه، التي كان يفترض أن تغلق باب السينما في وجهه، تحوّلت إلى فسحة إنتاج مكثّفة، إذ أنجز خلالها ستّة أفلام، صوّرها جميعها سراً في مسقطه طهران. من بينها "تاكسي" (2015) الذي نال عنه جائزة "الدبّ الذهب" في مهرجان برلين، إلى جانب عدد من الجوائز الدولية التي لم يتمكن من تسلّمها شخصياً بسبب منع السفر.

وكان من المعتاد أن تترك له المهرجانات كرسياً شاغراً، كتعبير رمزي عن حضوره الغائب، في كلّ مرة شارك فيها بفيلم، قبل أن يعود مساء السبت، ليتسلّم بنفسه أول جائزة كبرى له مذ تتويجه بـ"الأسد الذهب" في مهرجان البندقية عن فيلمه "الدائرة" في بداية مسيرته، مطلع الألفية. وبهذا الفوز، ينضمّ بناهي إلى نادٍ صغير من المخرجين الذين حصدوا الجوائز الثلاث الكبرى في كانّ وبرلين والبندقية.

فهل كانت الجائزة ذات امتداد سياسي، رغبة من لجنة التحكيم في اغتنام الفرصة لجعل التتويج لحظة رمزية، احتفاءً بفنّان لم ينكسر رغم كلّ القيود؟ سؤال مشروع، لا سيما في زمن تزحف فيه الفاشية إلى الفنّ، وفي مهرجان اعتاد أن يكرّم الأعمال التي تقف في وجه القمع منتصرةً لحرية التعبير.

الجوائز الأخرى جاءت على النحو الآتي: “قيمة عاطفية" للنروجي يواكيم ترير نال "الجائزة الكبرى"، ثانية الجوائز من حيث الأهمية. دراما عائلية تدور على علاقة أب مخرج سينمائي بابنتيه بعد غيابه الطويل ووفاة الأم. يحمل الفيلم بصمة فنية دقيقة، يدمج السخرية بالألم ويتناول مواضيع الفقد والمصالحة.

"صوت السقوط" للألمانية ماشا شيلينسكي، فاز بجائزة لجنة التحكيم. الفيلم عن أربع فتيات شابات يعشن مراهقتهن في أربعة عصور متباعدة، لكن في المكان نفسه: مزرعة نائية في شمال ألمانيا. تشارك الفيلم الجائزة (مناصفة) مع "صراط" للمخرج الفرنسي الإسباني أوليفييه لاشيه الذي كان أحد أقرب الأفلام إلى قلوب بعض النقّاد. يأخذ المشاهد في رحلة بصرية وروحية عبر الصحراء، حيث يبحث أب إسباني عن ابنته المختفية.

المخرج البرازيلي كليبير مندونسا فيلو وفيلمه "عميل سري" كانت له جائزة الإخراج. عمل بديع يستعرض فترة الديكتاتورية العسكرية في البرازيل عام 1977 من خلال قصّة مارسيلو (فاغنر مورا - فاز بجائزة التمثيل)، الرجل الأرمل الذي يعود إلى مسقط رأسه وسط جوّ من الخوف والترقّب.

"أمّهات شابات" للأخوين البلجيكيين لوك وجان بيار درادين، نال جائزة السيناريو. فيلم عن خمس مراهقات يجمعهن سقف دار للأمومة، حيث يجدن الدعم في مواجهة تحديات الأمومة المبكرة. ومن أجواء قريبة، استمدّت المخرجة والممثّلة الفرنسية التونسية حفصية حرزي حكاية فيلمها "الصغيرة الأخيرة" (مراهقة من ضواحي باريس تنتمي إلى بيئة عربية إسلامية تقليدية تكتشف مثليتها). الفيلم جلب لناديا مليتي، في دور فاطمة، جائزة التمثيل التي كانت متوقّعة للممثّلة الفرنسية ليا دروكير عن دور المحقّقة في "قضية 137" لدومينيك مول. أخيراً، ابتدعت لجنة التحكيم "جائزة خاصة" لرد الاعتبار إلى "انبعاث" للمخرج الصيني بي غان. عمل قَسَم النقّاد بين مَن اعتبره تحفة فنية ومَن رأى فيه نصّاً كيتشياً

 

####

 

كانّ 78 - "حادث بسيط": جردة حساب سياسية وأخلاقية

هوفيك حبشيان - كانّ - "النهار"

حادث بسيط“ لجعفر بناهي، الفائز بـ“سعفة“ مهرجان كانّ 78، يبدأ، كما يوحي عنوانه، من لحظة لا قيمة لها: حادث سير بسيط تتعرض له سيارة، يصطدم سائقها بكلب، لكن ما يبدو عرضياً يتحوّل سريعاً إلى شرارة تفتح بوابة الماضي. فالرجل الذي كان خلف المقود (إبرهيم عزيزي) ليس إلا أحد الجلادين السابقين لدى النظام الإيراني، حارب في سوريا دفاعاً عن "مقدّساته"، رجل ترك خلفه سلسلة من الأجساد المعذّبة والندوب النفسية، من بينها ندوب وحيد (وحيد مبصري)، الذي سيلقي القبض عليه. سنوات من الصبر تنتهي بلحظة مواجهة غير متوقّعة. الضحية يلقي القبض على جلاده، وبدافع من الغضب المكبوت، يحاول دفنه حياً، لكنه يتردد. هل هو متأكّد من هوية هذا الرجل؟ هل في إمكانه أن يُسلّم ضميره لقرار مصيري بناءً على شكّ؟ هكذا سيبدأ رحلة للتحقّق من الحقيقة، حيث يستدعي عدداً من الضحايا، من السجناء السابقين والمعارضين الذين نالوا نصيبهم من التعذيب، ليتأكّد من أن الجلاد الذي في قبضته هو ذاته الذي نكّل بهم. وحين يتأكّد الجميع من هويته، لا يطلبون منه سوى الاعتراف. ولكن، هل حقّاً هذا ما يريدونه؟ أم أن تحت هذا الطلب البسيط، طبقات من الأسئلة المرتبطة بالعدالة والكرامة والشفاء، وربما حتى الانتقام؟

الفيلم ليس مجرد سرد لحكاية مواجهة بين ضحية وجلاد. إنه بحث كثيف في معنى العدالة، في هشاشة الحقيقة، وفي المسافة بين الألم الشخصي والمساءلة الجماعية. الحادثة العابرة تصبح مدخلاً إلى "جردة حساب" سياسية وأخلاقية، حيث يمتنع بناهي عن الأجوبة، طارحاً أسئلة تزداد ثقلاً مع تقدّم الأحداث وتعقيدها أكثر فأكثر.

هكذا، يكتب بناهي، من خلال هذا العمل، أشبه بوصيته السينمائية. رغم كلّ ما عاناه من ظلم وقمع، يقارب مسألة الديكتاتورية بهدوء، وبنزاهة فكرية تسعى إلى الفصل بين الجريمة والمجرم، من دون الوقوع في التبسيط. كما يمرّر تساؤلات عن الفساد والانقسام داخل المجتمع وانهيار الثقة، وحتى عن العجز الجماعي في توحيد الصفوف، رغم وحدة الألم والمصير. فالعذاب المشترك، كما يلمّح بناهي، لا يكفي دائماً لتوحيد الإيرانيين.

لا يتوقّف الفيلم عند حدود إدانة السلطة القمعية، فهذا تحصيل حاصل، بل يتخطاها ليصوّب عدسته نحو مَن يتلقى هذا القمع، أي الضحايا أنفسهم. من خلال سلسلة من الحوارات المشحونة بينهم، يظهر بناهي أن لا موقفاً موحّداً في كيفية التعامل مع الجلاد، ولا إجماعاً على الكيفية التي يجب أن تُصفَّى فيها الحسابات. لكلٍّ من الضحايا نظرته، قناعاته، ومخاوفه التي تُملي عليه موقفه من الجلاد: هناك مَن يطالب بصرف النظر عنه، وآخر بالاعتراف، وثالث لا يحسم، ورابع يهاب أن يتحوّل إلى نسخة من جلاده.

ببساطة شديدة، يطلق بناهي تحذيره: إياك أن تصبح وحشاً وأنت تحارب الوحوش. لا يقدّم هذا التحذير بوصفه شعاراً أخلاقياً مجرداً وباهتاً، إنما كمعضلة وجودية تمس كلّ إنسان. ففي لحظة معينة، يجد الضحية نفسه فجأةً في موقع القوة، والجلاد في موقع الضعف. فكيف سيتصرف؟ كيف سيتعامل مع هذه المفارقة القاسية؟ هنا يكمن جوهر الفيلم، في هذا السؤال المربك: ما الذي يميّزك عن الذي قهرك؟

من المؤكّد أن سنوات الاضطهاد التي عاشها بناهي منحته وقتاً كافياً للتفكير في هذه العلاقة بين القامع والمقموع. وليس من المصادفة أن يختار تحويل هذه التجربة إلى فيلم يتجاوز الحالة الإيرانية، ليطرح سؤالاً كونياً يتعلّق بالبشرية جمعاء: كيف نواجه الظلم من دون أن نعيد إنتاجه؟ كيف نطالب بالعدالة من دون أن نغرق في مستنقع الانتقام؟ ينطلق بناهي من هنا ليطرح سؤالاً أخلاقياً حول عبء الماضي الذي لا تصلحه أي عدالة انتقائية. فالماضي، كما يقول الفيلم ضمناً، لا يمكن استرجاعه ولا إصلاحه بالقصاص وحده، إنما بالبحث المستمر عن معنى إنساني وسط أنقاض الذاكرة.

كلّما توغّل الفيلم في مجراه السردي، تهاوت تدريجياً الحدود بين مَن في الأعلى ومَن في الأسفل. تتلاشى الفوارق بين الجلاد والضحية، وتغدو الأدوار قابلة للتبدّل، كأن بناهي يجرنا إلى سؤال خطير وجريء: هل الجلاد مجرّد صورة معكوسة عن الضحية؟ وهل هناك نقطة تلتقي فيها التجربتان؟

في مشهد ما قبل الختام، وهو مشهد تأسيسي يُعد من اللحظات الأكثر كثّافة في الفيلم، يقول بناهي كلّ شيء تقريباً عن إيران: ماضيها القريب، حاضرها، وربما عن مآلاتها المقبلة. لكنه لا يقول ذلك بلغة المواجهة والصدام، بل بلغة تشي برغبة في طيّ صفحة الضغينة. كأن الفيلم بأكمله دعوة إلى المصالحة، لا بمعناها السياسي الباهت، بل كموقف وجودي عميق من العالم، ومن الذات الجريحة.

ورغم غزارة المضامين التي من شأنها أن تُسحق في يد مخرج آخر، فإن بناهي يتعامل معها بخفّة أسلوبه المعتادة، مازجاً السخرية بالحكمة، ومستخرجاً الشعر من اللحظات التي لا يتوقّع فيها المتفرج شيئاً سوى الألم أو الترقّب. هنا، تتجلّى عبقريته في تحويل السينما إلى ما يشبه "فعل تنفّس". يخلق من لا شيء سينما كاملة تنبض بالحياة، وتبلغ ذروتها التعبيرية من داخل المحن والقيود.

الفيلم إيراني حتى العظم: شخصياته عادية لا يميّزها شيء في ظاهرها، الرهان فيه على الحوارات لا على الانفعال المصطنع، ديكوراته واقعية إلى حد التلاشي، والأحداث الكبرى تُستَبعد من مجال النظر لتبقى كامنة خلف الأبواب والنظرات والكلمات. لحظة عابرة، حادث سيارة تافه، تكفي لأن تفتح على جحيم داخلية، وتحمل في طيّاتها بلداً بأسره: نظامه، تاريخه، جراحه، وحتى فنّه.

يعرف بناهي توازنات بلده كما لا يعرفها أحد غيره، ويجيد محاصرة مجتمع بكامله ضمن حيز سينمائي. وإن كانت غالبية مشاهد الفيلم تدور في أماكن مفتوحة، إلا أن الإحساس الغالب هو أننا داخل بيئة خانقة. وهذه المفارقة ليست عَرضاً، إنما نتيجة حسّ مخرج يُتقن تحويل القيود إلى إمكانات جمالية تتجاوز فعل المقاومة إلى أداة جوهرية في صياغة إخراجية متقشّفة، شديدة القوة والتأثير.

 

النهار اللبنانية في

25.05.2025

 
 
 
 
 

"حادث بسيط" ظفر بالسعفة الذهبية..

هكذا توهجت السينما الإيرانية في مهرجان كان

غزل أريحي

حققت السينما الإيرانية إنجازًا تاريخيًّا لافتًا خلال مهرجان كان السينمائي 2025، إذ نال فيلم "حادث بسيط" لجعفر بناهي السعفة الذهبية، وتسلّم المخرج البالغ 64 عاما جائزته التي قدمتها إليه رئيسة لجنة التحكيم جولييت بينوش.

السينما الإيرانية أكدت حضورها القوي على الساحة العالمية من خلال فوز "حادث بسيط" بالسعفة الذهبية، إلى جانب المشاركة اللافتة لفيلم "المرأة والطفل" للمخرج الشاب سعيد روستائي، الذي أثار جدلا واهتماما واسعا.

نجمان إيرانيان في سماء "كان"

يعد إنجاز جعفر بناهي الثاني فقط للسينما الإيرانية بعد "طعم الكرز" لعباس كيارستمي سنة 1997، ويحكي فيلم "حادث بسيط" قصة رجل يُدعى إقبال، يصدم كلبا بسيارته في ليلة مظلمة أثناء قيادة زوجته الحامل، فتتوقف سيارته ويتعطل محركها. وحين يصل إقبال إلى ورشة ميكانيكية، يلاحظ صاحبها أن إقبال يشبه ضابط تعذيب تسبب في خراب حياته أثناء سجنه، فتبدأ سلسلة من الأحداث التي تأخذ طابعا نفسيا واجتماعيا عميقا، حيث ينضم الضحايا المتضررون من إقبال إلى مالك الورشة في رحلة صراع بين الانتقام والضمير.

"حادث بسيط" أُنتج سرًّا من دون تصاريح رسمية من السلطات الإيرانية، بما يعكس جرأة بناهي في معالجة موضوعات حساسة، مستخدما لغة سينمائية تعكس الواقع المؤلم بأسلوب فني متميز. عرض الفيلم في مهرجان كان لاقى استحسانا نقديا وجماهيريا واسعا، واعتبره كثيرون عملا سينمائيا متكاملا يجمع بين الحبكة الدرامية المتقنة والرسائل السياسية والاجتماعية العميقة.

وفي المهرجان نفسه، شارك سعيد روستائي بفيلمه "المرأة والطفل" الذي يروي قصة مهناز، وهي امرأة أرملة تعمل ممرضة وتحاول أن تبني حياة جديدة وسط تحديات اجتماعية وجندرية قاسية في إيران. يعكس الفيلم صراعات الطبقة العاملة والنساء اللواتي يعانين من نظام ذكوري قاس، إذ تتشابك حياة مهناز بين العمل، وتربية أطفالها، وصراعاتها مع الرجل الجذاب والمخادع حميد الذي يستغل وضعها الاجتماعي والنفسي. أداء بريناز إيزديار في دور مهناز لاقى إشادة كبيرة من النقاد الذين وصفوه بأنه قوي وعميق، قادر على نقل معاناة النساء الإيرانيات بطريقة مؤثرة وواقعية.

ويصف الناقد السينمائي البارز في صحيفة "غارديان" البريطانية بيتر بردشاو فيلم "المرأة والطفل" بأنه دراما مؤلمة وحادة تنقل تجربة النساء الإيرانيات في الزواج. يقدم الفيلم تصويرا دراميا حادا للتحديات التي تواجه النساء في إيران، ويستخدم التفاصيل اليومية البسيطة لتسليط الضوء على المشكلات الاجتماعية، مما يجعله أكثر من مجرد سرد شخصي، بل صورة تنطق بأصوات الطبقات الاجتماعية المتنوعة في المجتمع. ورغم جودة العمل الفنية، عانى سعيد روستائي من ضغوط السلطات، حيث حُكم عليه بالسجن بسبب عرض فيلمه السابق في مهرجان كان 2022، وذلك ما يضيف إلى الفيلم بعدا آخر.

جدلية القانون والطغيان

في مداخلة للجزيرة نت، يشير الناقد السينمائي الإيراني علي فرهمند إلى أن "المرأة والطفل" لاقى انتقادات شديدة من نقاد ناطقين بالفارسية. ويوضح أن معظم النقاد يعتقدون أن وجود فيلم يحمل تصاريح رسمية واستثمارا حكوميا يشكل نوعا من الإضفاء الشرعي على هياكل السلطة في الجمهورية الإسلامية، وخاصة الحجاب الإجباري، مضيفا أنه في حين أن هذا الرأي يتعارض مع مضمون أفلام روستائي التي غالبا ما تنتقد الهياكل الاجتماعية من داخل منظومة السلطة.

وبحسب فرهمند، فإن فيلم "المرأة والطفل"، مثل أفلام روستائي الثلاثة الطويلة السابقة، يتبع نهج الواقعية النقدية ويروي قصة حقيقية، حيث يركز العمل على حياة مهناز، الممرضة الأرملة التي تواجه تحديات اجتماعية وعائلية، ويقدم صورة عن التفاوتات بين الجنسين في المجتمع الإيراني.

يوضح الناقد أن روستائي يستخدم في هذا الفيلم السرد الدرامي العاطفي لفحص الهياكل الأبوية التي تضع النساء في مواقف صعبة. ويرى أن شخصية حميد، الذي يلعب دوره بيام معادي، تمثل رجلا رغم موقعه الاجتماعي الأدنى يمتلك السيطرة على مهناز بسبب البنى الاجتماعية، وهذه السيطرة تؤدي إلى قرارات ذات عواقب كارثية على عائلة مهناز. ومن خلال أسلوب واقعي وتركيز على تفاصيل الحياة اليومية، يقدم الفيلم صورة ملموسة عن تحديات النساء في المجتمع الإيراني، وفق رأي فرهمند.

في المقابل، يرى أن فيلم "حادث بسيط" من إخراج جعفر بنهابي الذي تم إنتاجه من دون تصريح رسمي وفاز بجائزة السعفة الذهبية في كان 2025، يعالج مواضيع العدالة والانتقام. ويضيف فرهمند أن الفيلم يحكي قصة رجل كان ضحية تعذيب في السجن ويسعى للانتقام من جلاده السابق، وينتقد هياكل السلطة والظلم في المجتمع، إذ يستخدم بناهي أسلوب الواقعية الجديدة وسردا معقدا يدعو المشاهدين للتفكير في الحدود الأخلاقية والعدالة.

يوضح الناقد أن التقابل بين هذين الفيلمين في مهرجان كان يعكس تنوع السينما الإيرانية وتعقيدها. فبينما تُنتج الأفلام الرسمية مثل "المرأة والطفل" وفقا للقوانين الرسمية وتتناول قضايا اجتماعية، تقدم الأفلام غير القانونية مثل "حادث بسيط" نقدا أكثر مباشرة لهياكل السلطة متجاهلة القيود، ومع ذلك قد يُعتبر استبعاد أو تقييد حضور الأفلام الرسمية في المهرجانات إجراء غير ديمقراطي، حسب رأيه.

ويعتقد أنه يجب أن تكون السينما مساحة للتعبير عن وجهات نظر متنوعة، والسماح لأعمال مختلفة بأساليب ووجهات نظر متعددة بالعرض معا، حيث يقول إنه من خلال هذا التنوع فقط يمكن تقديم صورة أكثر اكتمالا وواقعية عن المجتمع، والوصول إلى فهم أعمق للقضايا الاجتماعية.

ويختم فرهمند حديثه باقتباس للمفكر الفرنسي بيير بورديو إذ يقول إن مجال الثقافة هو ساحة تتشكل من قوى مختلفة ذات رؤوس أموال رمزية متنوعة، ويجب الاعتراف بأن الثقافة الجماهيرية لا يجب أن تُرقى فحسب، بل يجب أن تقف جنبا إلى جنب مع ثقافة المقاومة لتمثيل الصراعات الاجتماعية.

القيود سر الإبداع؟

السينما الإيرانية بدأت رحلة تميزها العالمي في التسعينيات مع المخرج عباس كيارستمي الذي حقق نقلة نوعية بفوزه بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان عام 1997 عن فيلمه "طعم الكرز"، ليضع إيران على خريطة السينما العالمية بشكل لافت. تلاه جيل من المخرجين البارزين مثل محمد مخملباف المعروف بتصويره القضايا الاجتماعية والسياسية بجرأة، وأصغر فرهادي الذي أثبت قدرة السينما الإيرانية على الوصول إلى أرقى الجوائز العالمية، حيث فاز بالأوسكار عن فيلمه "انفصال نادر عن سيمين" (2011)، مقدما سردا إنسانيا عميقا يعكس الصراعات الشخصية والاجتماعية في إيران.

هذا الإرث الغني من الإبداع الفني استمر عبر سنوات من الرقابة التي تفرضها السلطات الإيرانية، إلا أن ذلك لم يمنع هؤلاء المبدعين من تقديم أعمال تنبض بالحياة، تعبّر عن هموم مجتمعاتهم وتسلط الضوء على القضايا الإنسانية والاجتماعية بأساليب فنية مبتكرة.

اليوم، يمثل جعفر بناهي وسعيد روستائي امتدادا طبيعيا لهذا التيار السينمائي الذي يستخدم الفن أداة طرح وتحقيق للحرية. فهما يثبتان أن السينما الإيرانية ليست مجرد فن، بل حركة ثقافية تعبر عن نبض الشعب الإيراني، وتواصل مسيرتها في مهرجان كان، منجزين إنجازات تُسجل في سجل السينما العالمية رغم الصعوبات الكبيرة.

تؤكد مشاركة هذين الفيلمين في مهرجان كان 2025 قدرة السينما الإيرانية على التمسك بصوتها، حيث استطاع بناهي وروستائي أن يقدما أعمالا فنية تعبر عن هموم المجتمع الإيراني بصدق وجرأة.

المصدر الجزيرة

 

الجزيرة نت القطرية في

25.05.2025

 
 
 
 
 

«حادث بسيط» في كان:

جعفر بناهي يصوّر تعقيد الإنسان ببساطة مذهلة

سليم البيك

لا يبدأ الحديث عن فيلم الإيراني جعفر بناهي، من دون التصريح بأن العملَ وُلِد كلاسيكياً. من لحظة انتهاء عرضه الأول، بات الفيلم عظيماً.

الفيلم المشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان، ونال السعفة الذهبية ، والذي أنجزه بناهي بعد خروجه من السجون الإيرانية في 2023، وقد اعتُقل فيها لعام، الفيلم درس إنساني في السينما، ودرس سينمائي في الإنسانية. هو نصٌّ نظري، بصري، في مدى تركيب الموقف الإنساني البسيط وتعقيده، في حالة كالإيرانية، حيث دولة طاغية تحمل مشاعر الضغينة لشعبها وبالتالي الانتقام، من دون أن يعطب ذلك، بالضرورة، الالتفات الإنساني، الغريزي، لدى الناس، لدى شخصيات هذا الفيلم مثلاً.

للفيلم مشهدان، افتتاحي وختامي مذهلان. الختامي تحديداً، حيث انفتاحه على ما بعده، ما سينال الشخصيات من بعد إسدال الستار، وكان بدقيقتين أو ثلاث دقائق، جعله من تلك المشاهد التي تعلق لسنوات في الأذهان، والتي ستصير مرجعيةً فتعلق لسنوات أكثر وأكثر، في الأذهان والنصوص.

يبدأ الفيلم بحادث بسيط لرجل مع زوجته وطفلته، في سيارته ليلاً، يصدم كلباً، يتركه ويكمل، تقول ابنته إنه قتل الكلب.. لا يكترث الرجل لشيء. لكن الحادث يتسبب بعطل في السيارة فيضطر للجوء إلى مكانٍ لإصلاحها، في الساعات الأولى من الصباح. هناك يعمل رجل سيتعرف على السائق، والأخير رجل أمن إيراني بساق اصطناعية قام بتعذيب إيرانيين بتهمة معارضة النظام، ولا يتأثر، تماماً كما يدهس كلباً ويكمل مسيرَه. تعرّف الرجل إذن إلى صوت الخطوات بساق اصطناعية، فلحق صاحبها وخطفه. حاول دفنه حياً انتقاماً، لكنه تشكك في هويته. ذهب إلى صديق ليتأكد فدلّه على امرأة، مرّا على أكثر من ضحية لهذا الرجل ذي الساق الصدئة، للتأكد. خلالها، ستتصل الطفلة بأبيها فيردّ الخاطف، تبكي بأن أمها ستموت وتستغيث، على أساسها يتصرف الضحايا السابقين، في موقف هو محكٌّ إنساني.

الفيلم المتكامل، أقوى نقاطه السيناريو، تلك الحوارات الطويلة المستدركة واحدها للآخر، المتسارعة المتلاحقة، البسيطة العفوية، التي تبني، طبقةً طبقة، قصةً أخلاقية نموذجية، بحساسية كتابيّة نعرفها عن بناهي. هي أحاديث غير عادية للظرف غير العادي. هي أحاديث يرتفع فيها منسوب التوتر، مشهداً مشهداً. الفيلم بذلك نموذجي في كيف تتقدّم القصة وكيف تتطوّر الشخصيات، لا يحتمل أن تُقطَعَ دقيقةَ منه ولا يحتمل أن تُضافَ أخرى. خلال المشاهدة يخطر لأحدنا أن الفيلم عمل إيراني آخر سيوازي في السنوات المقبلة فيلمَ «طعم الكرز» لعباس كياروستامي في مكانته في تاريخ السينما، وفي مكانة المرجعية التي سينالها فيلم بناهي. سيكون انتقالةً في الهوية السينمائية الإيرانية، في قصصها وشخوصها وتصويرها، في واقعية ذلك وبساطته المركّبة. الفيلم، بعمليات تصويره، تكريس للصورة الإيرانية، تلك الواقعية الأخلاقية، مع نقل لها إلى مستوى آخر. العظمة في القصة الإنسانية لا تكون في الابتكار، بل في تكرار مبتكَر. الفيلم الذي يحكي عن سؤال انتقام الضحية، عن الكارما التي لا تترك ظالماً بحاله، عن إدراك الطفولة البديهي بأنه «قتلَ الكلب»، وتَقابلُ ذلك مع التردد المرتبك للضحايا في التصرّف تشبّهاً بمعذّبهم، الذي، للمناسبة، عُرفت هويته من خلال ساقه التي، للمناسبة أيضا، كانت لفقدانه ساقه في الحرب «من أجل المرشد» كما قال. في سوريا، هذه كارما أخرى لضحايا آخرين.

وليست الإشارة المباشرة لمسرحية الأيرلندي صمويل بيكيت «في انتظار غودو» عبثيةً هنا، وإن كان المغزى منها عبثياً في جدوى انتظار العقاب، عقاب الضحية لمعذبها. عقابٌ النقاشُ المرتبك حولها، لإنسانيته، قد يحوّله إلى غودو (المهدي؟) المنتظَر وغير الآتي، غير الموجود، فيمحو العبثُ الرغبةَ بوجوده. تمحو الحواراتُ، في الفيلم والمسرحية من قبله، المعنى والجدوى. الفرد هنا، لا الخرافة، هو معنى الإنسانية وجدواها، وهو هنا ضحية في محك إنسانيتها، في إغواء انتقامها.

الحادث في «حادث بسيط» (Un simple accident) ليس بسيطاً كما نرى، هو تتابع لحوادث سابقة وأخرى لاحقة محتملة. للحادث البسيط أثر الفراشة. لحظة واحدة، إدراك صوت الساق الصدئة، حملَ حادثاً بسيطاً كان دهساً لكلب يمرّ عنه الرجل، كما مرّ عن حوادث كانت له بسيطة. تعذيب وقتل، في إيران وسوريا.. هي حوادث بسيطة ستتعثر ببعضها لشدتها وكثرتها، وبصدفة كارميّة أو عبثية أو إلهية فلكل منّا تفسيره، الأكيد أنها بحنكة درامية قبل أن تكون صدفة، في البناء على تاريخ يسبق المشهد الأول، وأحداث «بسيطة» لا تنتهي تلحقه، بذلك كله كان الفيلم، وهو علامة فارقة في مسيرة جعفر بناهي السينمائية وفي التاريخ السينمائي لبلاده، كان الفيلم حقاً درساً في الإنسانية، شديد البساطة في تركيبه، وشديد التركيب في بساطته.

كاتب فلسطيني سوري

 

القدس العربي اللندنية في

25.05.2025

 
 
 
 
 

فيلم حادث بسيط يتوج بناهي بالسعفة الذهبية في مهرجان كان..

والمخرج الإيراني: الأهم الحرية في بلادي

خالد محمود

·        الفيلم الفلسطينى «سعيد لأنك ميت الآن» أفضل فيلم قصير.. والتونسية نادية مليتى أفضل ممثلة

وسط أجواء احتفالية عالمية واسعة بالأفلام المشاركة التى عبرت عن تنوع التجارب الفنية كاشفة موجة جديدة للسينما.. اختتم مهرجان كان السينمائى الدولى دورته الـ٧٨ بحفل توزيع الجوائز الذى أقيم مساء أمس الأول، فى قصر المهرجانات بمنطقة كروازيت المرصعة بالنجوم على شاطئ الريفييرا الفرنسية. وجاءت جوائز المسابقة الرسمية التى ترأست لجنة تحكيمها النجمة الفرنسية جولييت بينوش فى معظمها حسب توقعات النقاد، بينما جاء بعضها مخالفا لتلك التوقعات.

وبين هذا وذاك، فإن دورة هذا العام جاءت حافلة بمجموعة من الأفلام المهمة، التى تبارى فيها المخرجون والنجوم لتقديم أدوار وقصص وحكايات ورؤى فنية عميقة وجديدة وكاشفة عن أبعاد جديدة لفن السينما - بحسب إيريس نوبلوخ رئيسة المهرجان، وتييرى فريمو المندوب العام .

وحصد فيلم «حادث بسيط» للمخرج الإيرانى جعفر بناهى جائزة السعفة الذهبية لتمنح بذلك الجائزة الأرفع للمهرجان العريق لمخرج مُنع من مغادرة إيران لأكثر من 15 عامًا. والذى تمكّن من الحضور إلى مهرجان كان اخيرا .

وسبق أن سُجن بناهى البالغ 64 عاما، مرتين فى إيران ومُنع من التصوير لمدة 20 عاما.

قدّمت كيت بلانشيت الجائزة لبناهى، وقالت رئيسة لجنة التحكيم جولييت بينوش عند إعلانها عن الجائزة «الفن يحرك الطاقة الإبداعية لإخراج أفضل ما بداخلنا.. إنه قوة تحول الظلام إلى تسامح وأمل وغفران وحياة جديدة.

بناهى الذى أنتج أفلامًا سرًا فى وطنه، منها فيلم «هذا ليس فيلمًا» صُوّر فى غرفة معيشته، و«تاكسى» الذى صُوّر فى سيارة، وقد صُوّر الفيلم الفائز سرا، إذ رفض المخرج طلب الإذن بالتصوير. وفى تحدّ لقوانين بلده، ظهرت ممثلات كثيرات فى العمل من دون حجاب.

المشهد كان ملهما، وقف الجمهور مصفقا بحرارة للمخرج، الذى رفع ذراعيه على الفور واتكأ على مقعده فى ذهول قبل أن يصفق لزملائه والجمهور من حوله.

قال بناهى إن الأهم هو الحرية فى بلاده. وأضاف: «فلنتحد. لا ينبغى لأحد أن يجرؤ على أن يُملى علينا ما يجب أن نرتديه، أو ما يجب أن نفعله، أو ما لا يجب أن نفعله. السينما مجتمع. لا يحق لأحد أن يُملى علينا ما يجب علينا فعله أو ما لا يجب علينا فعله.

على المسرح، رحبت به رئيسة لجنة تحكيم مهرجان كان السينمائى، جولييت بينوش، التى رفعت اسمه فى مهرجان كان عام ٢٠١٠ تكريمًا له عندما كان قيد الإقامة الجبرية.

«حدث بسيط» يقدم قصة أخلاقية تغوص فى مخطط سجناء سابقين للانتقام من جلاديهم».

حيث يروى الفيلم الملىء بجرعات متساوية من الفكاهة الساخرة والغضب، قصة خمس شخصيات يعتقدون أنهم تعرفوا على المدعى العام الذى عذبهم أثناء اعتقالهم - ولكن بما أنهم كانوا جميعا معصوبى الأعين فى السجن، لا يمكن لأحد منهم أن يكون متأكدا تماما من أن أسيرهم هو نفس الرجل.

وأعلن بناهى أنه سيعود إلى وطنه الأحد بالرغم من خطر التعرض لأعمال انتقامية. ولا يُعرف المصير الذى تخبئه له السلطات بعد فيلمه الحادى عشر. ويسود غموض حيال المصير الذى تخبئه له السلطات فى طهران بعد فيلمه.

فيما ذهبت الجائزة الكبرى، وهى ثانى أرفع جوائز المهرجان بعد السعفة الذهبية، إلى الفيلم النرويجى «القيمة العاطفية» للمخرج يواكيم ترير، المعروف بأسلوبه العاطفى المتوازن وقدرته على تصوير العلاقات الإنسانية بعمق بالغ.

الفيلم نال إعجاب لجنة التحكيم بفضل السيناريو المحكم وأداء ممثليه الرائعين، خاصةً فى تناوله لموضوعات الفقد والارتباط بأسلوب شاعرى دون مبالغة.

وتقاسم جائزة لجنة التحكيم فيلما «سيرات» إخراج الفرنسى أوليفر لاكس، والذى يدور حول طفلين يحاولان عبور الحدود الأوروبية فى رحلة محفوفة بالمخاطر. و«صوت السقوط» إخراج ماشا شيلينسكى.

وذهبت جائزة أفضل مخرج إلى البرازيلى كليبر مندونسا فيليو عن فيلمه السياسى «العميل السرى»، الذى يُعيد طرح ثيمة السلطة والمقاومة من خلال قصة عميل مزدوج يعيش بين الولاء والتمرد.

وفاز بجائزة أفضل سيناريو إلى الأخوان البلجيكيين جان - بيير ولوك داردان عن فيلم «الأمهات الشابات»، الذى يتناول معاناة الأمهات العازبات فى بيئة قاسية،

من خلال دار تعنى برعاية أمهات مراهقات يعانين ظروفا صعبة، حيث إن النص تميز بالبساطة والحساسية، ما جعله واحدًا من أكثر الأعمال تأثيرًا فى المهرجان.

وفازت بجائزة أفضل أداء للممثلة التونسية نادية مليتى فى دورها المؤثر فى فيلم «الصغيرة الأخيرة» للمخرجة حفصية حرزى، حيث جسّدت شخصية امرأة تُصارع الفقد والعزلة فى بيئة اجتماعية محافظة.

وأشاد النقاد بأدائها الصامت الملىء بالتعبير، والذى جسّد الانكسار الداخلى للشخصية بعمق.

وفاز بأفضل أداء الممثل البرازيلى فاجنر مورا فى فيلم العميل السرى عن أدائه اللافت فى فيلم «العميل السرى»، حيث جسد شخصية معقدة مليئة بالتناقضات.

ومنحت لجنة التحكيم جائزة خاصة للفيلم الإيرانى «القيامة» من إخراج بى جان، وهو عمل بصرى ملىء بالتأمل، يتناول فكرة البعث والهوية الثقافية فى إيران المعاصرة.

وكانت المسابقة الرسمية قد شهدت منافسة ساخنة بين٢٢ فيلما، طرحت العديد من القضايا الاجتماعية والسياسية.

«كعكة الرئيس»

فاز الفيلم العراقى «كعكة الرئيس» بجائزة الكاميرا الذهبية (Caméra d’Or) لأفضل عمل أول، من إخراج حسن هادى.

حيث يروى الفيلم قصة طاهٍ فى القصر الرئاسى خلال فترة صاخبة من تاريخ العراق، بأسلوب ساخر لكنه يحمل عمقًا سياسيًا مؤثرًا، وتُعد هذه الجائزة دعمًا قويًا للأصوات السينمائية الجديدة القادمة من المنطقة العربية.

حصل الفيلم النيجيرى «ظل والدى» على ذكر خاص من لجنة التحكيم، وهو عمل شاعرى يستعيد سيرة الأب فى قالب شبه وثائقى، وقد أخرجه أكينولا ديفيز جونيور، الفيلم استُقبل بحرارة ضمن العروض الموازية، ويُعد إضافة مهمة للسينما الإفريقية الصاعدة.

تم اختيار الفيلم الفلسطينى «سعيد لأنك ميت الآن» للمخرج توفيق برهوم بـجائزة السعفة الذهبية لأفضل فيلم قصير، حيث إن الفيلم يتناول مفهوم التحرّر الشخصى وسط واقع قاتم، وهذا بأسلوب رمزى مكثف وجرىء، ما جعله أحد أقوى الأفلام القصيرة فى المهرجان فيما نال فيلم «على» إخراج عدنان الراجيف على تنويه خاص.

 

الشروق المصرية في

25.05.2025

 
 
 
 
 

نقاد «فاصلة» يختارون فيلم «صراط» كأفضل أفلام مسابقة كان 78 الرسمية

فاصلة

مع انتهاء عروض المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي في دورته الـ78، استعرض فريق نقّاد «فاصلة» آراءهم في الأفلام المشاركة، عبر تقييم شامل شمل 22 فيلمًا. وبينما تنوعت التقييمات بين الإعجاب الشديد والتحفظ، ظهرت بعض الاتجاهات اللافتة التي تكشف عن إجماع واضح في بعض المواضع، واختلافات حادة في مواضع أخرى.

«صراط» يتصدّر… أفضل فيلم بإجماع النقاد

في قراءة دقيقة لتوزيع التقييمات، برز فيلم «SIRAT» للمخرج الأسباني الفرنسي أوليفر لاكسي، بوصفه «أفضل فيلم في المسابقة الرسمية» حسب اختيارات النقاد، إذ حصل على أعلى معدل تقييم جماعي (4.4 من 5)، مع منح عدد كبير من النقاد له تقييمًا مرتفعًا تراوح بين 4 و5 نجوم.

نال الفيلم تقييم 5 نجوم من كل من النقاد:  (أحمد شوقي، شفيق طبارة، أحمد العياد، محمد طارق، حسام فهمي). وهو ما يجعله الفيلم الوحيد الذي نال هذا القدر من الإجماع النقدي في الدورة الحالية.

وبعد «SIRAT» يأتي فيلم المخرج كليبر ميندونسا فيلهو «THE SECRET AGENT» بتقييم جماعي قدر إجماليه بـ(4 من 5)

أفلام حصلت على تقييمات 5 نجوم من بعض النقاد

ومنح النقاد النجوم الخمسة لعدة أفلام أخرى، لكن لم تحصل على إجمال الأصوات، وهي:

 «DIE MY LOVE» للمخرجة لين رامزي: نال 5 نجوم من شفيق طباره ومحمد الظاهري

«SENTIMENTAL VALUE» للمخرج يواكيم ترير: نال 5 نجوم من هوفيك حبشيان وشفيق طبارة وحسام فهمي

«A SIMPLE ACCIDENT» للمخرج جعفر بناهي: نال 5 نجوم من شفيق طبارة وهوفيك حبشيان

«RESURRECTION» للمخرج  بي جان: نال 5 نجوم من كل من سعيد المزواري وأندرو محسن

الأفلام الأضعف تقييمًا

فيلم «EAGLES OF THE REPUBLIC» للمخرج السويدي ذو الأصول المصرية طارق صالح حصل على أدنى معدل تقييمي بمتوسط 1 من 5 نجوم

 يليه فيلم «FUORI» للمخرج الإيطالي  ماريو مارتوني، بتقييم 1.5 من 5. ويشير هذا إلى إجماع نقدي سلبي تجاه الفيلمين، سواء على مستوى التنفيذ أو الطرح الفني.

توزيع التقييمات العامة

 التقييم الأكثر شيوعًا بين جميع الأفلام كان 3 من 5، حيث نالته 7 أفلام، يليه تقييم 2 و4، ولكل منهما 5 أفلام. أما تقييم 1 و1.5 ناله عدد محدود من الأفلام، ما يعكس قلة الأفلام التي اعتُبرت ضعيفة بشكل واضح خلال هذه الدورة. يعني ذلك أن معظم أفلام المسابقة وُضعت في منطقة التقدير المتوسط، حيث انقسمت الآراء بين نقاط قوة وضعف دون إجماع حاد.

خلاصة الاتجاهات النقدية:

فيلم صراط جمع بين العدد الكبير من المشاهدات والرضا النقدي المرتفع، ما يضعه في موقع الصدارة.

بعض الأفلام مثل «CASE 137» و«SENTIMENTAL VALUE»، حققت حضورًا واسعًا لكنها لم تحصد إجماعًا كاملًا.

تباين الأذواق واضح في أفلام مثل «DIE MY LOVE»، و«RESURRECTION»، حيث حازت إعجاب بعض النقاد وفتورًا من آخرين.

فيلم «A SIMPLE ACCIDENT» للمخرج جعفر بناهي والحائز على السعفة الذهبية لم يحصل على 5 نجوم إلا من الناقدين هوفيك حبشيان وشفيق طبارة، وتراوح تقييمه من نقاد فاصلة ما بين 4 و3 نجوم.

 

####

 

طفلة، كعكة، وديكتاتور.. سيرة العراق في فيلم حسن هادي الفائز في "كان"

الكاميرا الذهبية بمهرجان كان لفيلم عراقي عن صدام حسين.. ما قصته؟

 إعداد: فريق التحرير- إيلاف

إيلاف من بغدادحقق فيلم عراقي، جائزة "الكاميرا الذهبية" في مهرجان كان الدولي للأفلام، وذلك خلال المشاركة العراقية الأولى في المهرجان تاريخيا.

ومنح مهرجان كان جائزة "الكاميرا الذهبية" لفيلم "كعكة الرئيس" للمخرج الشاب حسن هادي، الذي نافس ضمن مسابقة "أسبوع المخرجين".

ما قصة "كعكة الرئيس"؟

اختار حسن هادي موضوعا شائكا يعكس تجربة جيله الذي نشأ وسط سنوات الحرب والحصار في تسعينيات القرن الماضي، مستعيدا من ذاكرته الطفولية مشاهد متكررة للاحتفال بعيد ميلاد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في 28 أبريل من كل عام، والذي كانت تشهده الشوارع والمؤسسات والمدارس في مختلف أنحاء البلاد.

تدور أحداث الفيلم حول الطفلة "لميعة" ذات الأعوام التسعة، التي تعيش مع جدتها في منطقة الأهوار جنوبي العراق، وسط ظروف اقتصادية صعبة.

ويجسد الفيلم لحظات عندما كان فيه طلاب المدارس يُجبرون على إحضار كعكة للاحتفال بعيد ميلاد الرئيس، رغم الفقر الذي عانى منه الكثيرون وقتها.

وقد صُوّر الفيلم في أهوار الجنوب، ملتقطا مشاهد خلابة لزوارق القصب على سطح المياه قبل أن تتحول المنطقة إلى ساحة مواجهات بين المعارضة وقوات النظام.

مخرج عراقي وأستاذ جامعي في نيويورك

يُشار إلى أن حسن هادي هو مخرج وكاتب سيناريو عراقي يقيم حاليا في نيويورك، ويشغل منصب أستاذ مساعد في جامعة نيويورك، حيث يواصل تقديم أعمال سينمائية تتناول قضايا الذاكرة والحرب والهوية.

 

موقع "فاصلة" السعودية في

25.05.2025

 
 
 
 
 

طفلة، كعكة، وديكتاتور.. سيرة العراق في فيلم حسن هادي الفائز في "كان"

الكاميرا الذهبية بمهرجان كان لفيلم عراقي عن صدام حسين.. ما قصته؟

 إعداد: فريق التحرير- إيلاف

إيلاف من بغدادحقق فيلم عراقي، جائزة "الكاميرا الذهبية" في مهرجان كان الدولي للأفلام، وذلك خلال المشاركة العراقية الأولى في المهرجان تاريخيا.

ومنح مهرجان كان جائزة "الكاميرا الذهبية" لفيلم "كعكة الرئيس" للمخرج الشاب حسن هادي، الذي نافس ضمن مسابقة "أسبوع المخرجين".

ما قصة "كعكة الرئيس"؟

اختار حسن هادي موضوعا شائكا يعكس تجربة جيله الذي نشأ وسط سنوات الحرب والحصار في تسعينيات القرن الماضي، مستعيدا من ذاكرته الطفولية مشاهد متكررة للاحتفال بعيد ميلاد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في 28 أبريل من كل عام، والذي كانت تشهده الشوارع والمؤسسات والمدارس في مختلف أنحاء البلاد.

تدور أحداث الفيلم حول الطفلة "لميعة" ذات الأعوام التسعة، التي تعيش مع جدتها في منطقة الأهوار جنوبي العراق، وسط ظروف اقتصادية صعبة.

ويجسد الفيلم لحظات عندما كان فيه طلاب المدارس يُجبرون على إحضار كعكة للاحتفال بعيد ميلاد الرئيس، رغم الفقر الذي عانى منه الكثيرون وقتها.

وقد صُوّر الفيلم في أهوار الجنوب، ملتقطا مشاهد خلابة لزوارق القصب على سطح المياه قبل أن تتحول المنطقة إلى ساحة مواجهات بين المعارضة وقوات النظام.

مخرج عراقي وأستاذ جامعي في نيويورك

يُشار إلى أن حسن هادي هو مخرج وكاتب سيناريو عراقي يقيم حاليا في نيويورك، ويشغل منصب أستاذ مساعد في جامعة نيويورك، حيث يواصل تقديم أعمال سينمائية تتناول قضايا الذاكرة والحرب والهوية.

 

موقع "إيلاف" السعودي في

25.05.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004