فوز جعفر بناهي في «كان السينمائي الـ 78»
يُثير إشادات وانتقادات سياسية خارج وداخل إيران
كان ـ «سينماتوغراف»
فاز المخرج الإيراني المعارض جعفر بناهي بجائزة السعفة
الذهبية في مهرجان كان السينمائي الثامن والسبعين عن فيلمه "حادث بسيط"،
محققًا إشادات واسعة من شخصيات سياسية ومدنية وثقافية حول العالم.
وُصفت جائزة فيلمه، التي اعتُبرت إنجازًا تاريخيًا للسينما
الإيرانية ونصرًا رمزيًا لحرية التعبير، بأنها أثارت انتقادات لاذعة من
وسائل الإعلام الموالية للحكومة في إيران.
ووُصف بناهي، السجين السياسي السابق الذي مُنع من السفر
وصناعة الأفلام لأكثر من عقد، بحفاوة بالغة في حفل توزيع الجوائز.
وقدمت الممثلة الشهيرة كيت بلانشيت جائزة السعفة الذهبية
مساء أمس السبت. وفي خطابه، ألقى بناهي كلمةً توحدت فيها أصوات الإيرانيين
داخل البلاد وخارجها، داعيًا إياهم إلى "وضع خلافاتهم جانبًا" والعمل معًا
من أجل الديمقراطية والكرامة وحقوق الإنسان.
وقال بناهي، وسط تصفيق حار من الجمهور: "لا أحد يُملي علينا
ما نرتديه، أو ما نفعله، أو ما نصنعه من أفلام".
ووصف وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو هذه اللحظة بأنها
"عمل رمزي للمقاومة" ضد القمع. وكتب بارو على موقع
X: "إن
فوز جعفر بناهي بالسعفة الذهبية يُحيي الأمل لدى المناضلين من أجل الحرية
حول العالم".
وأثار هذا الفوز ردود فعل عاطفية من مختلف الشخصيات
السياسية والفنية الإيرانية في الداخل والخارج.
ووصفت نرجس محمدي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، بناهي
بأنه "مخرج شجاع ومتميز"، وجاء تكريمه ثمرة سنوات من الجهد الدؤوب لتعميق
القيم الإنسانية والمدنية من خلال الفن.
وهنأ الأمير رضا بهلوي، الوريث المنفي للنظام الملكي السابق
في إيران، بناهي، ووصف الجائزة بأنها "شرف عظيم لإيران".
وأعرب عن أمله في أن يتمكن صانعو الأفلام الإيرانيون يومًا
ما من العمل "دون رقابة أو قيود" في وطنهم.
ووصف الناشط الإيراني حامد إسماعيليون بناهي بأنه "بطل
حقيقي"، مشيدًا بصموده في وجه الرقابة والقمع. وقال: "شجاعته تُلهم كل من
يناضل من أجل العدالة والحرية".
كما أشادت الممثلة الإيرانية البريطانية نازانين بنيادي
بخطاب بناهي، واصفة إياه بـ"الصوت الموحد" في وقت يبحث فيه الإيرانيون عن
التضامن والرؤية.
وشارك في موجة الاحتفالات 135 ناشطًا مدنيًا وسياسيًا
وثقافيًا، حيث أصدروا بيانًا مشتركًا أشادوا فيه ببناهي باعتباره رمزًا
للنزاهة الفنية والدفاع عن حقوق الإنسان.
وذكر البيان أن بناهي انضم إلى كوكبة نادرة من صانعي
الأفلام إلى جانب أساطير سينمائية مثل مايكل أنجلو أنطونيوني وروبرت
ألتمان، ليحصدوا جوائز السينما الأوروبية الكبرى الثلاث: الدب الذهبي
(برلين)، والأسد الذهبي (فينيسيا)، والآن السعفة الذهبية (كان).
صُوّر فيلم "حادث بسيط"، وهو فيلم إثارة سياسي، سرًا في
إيران دون تصريح حكومي، وفي تحدٍّ صريح لقوانين الحجاب الإلزامي.
وقد أثار إنتاج الفيلم وتحدي بناهي العلني لقوانين الرقابة
إعجاب مجتمعات السينما الدولية وجماعات حقوق الإنسان.
كما منحت لجنة تحكيم مهرجان كان بناهي جائزة المواطنة في
المهرجان، تقديرًا لمساهماته الواسعة في مجال حرية التعبير.
يتزايد عدد صانعي الأفلام الإيرانيين الذين يتحدون الرقابة
الأيديولوجية الصارمة في البلاد من خلال إنتاج أفلام دون الحصول على إذن من
وزارة الثقافة لعرضها في الخارج.
في العام الماضي، صرّح المخرج الإيراني البارز أصغر فرهادي
بأنه لن يُنتج أي أفلام في إيران حتى يُرفع الحظر المفروض على عرض النساء
بدون حجاب، كما يطالب الشعب.
أما داخل إيران، فقد قوبلت الجائزة إما بالصمت أو بالغضب من
قِبل وسائل الإعلام المرتبطة بالدولة.
رفضت صحيفة "فرهيختيغان" اليومية المحافظة، التابعة لجامعة
آزاد الإسلامية، التكريم بعنوان: "السعفة الذهبية تصدأ".
اتهمت الافتتاحية المهرجانات السينمائية الأوروبية بالتحيز
الاستشراقي، وأشارت إلى أن الإشادة ببناهي كانت مدفوعة بدوافع سياسية لا
بجدارة فنية.
وذهبت وكالة أنباء الطلاب
(SNN)
إلى أبعد من ذلك، حيث وصفت بناهي بأنه "وسيط" و"بائع لإيران". ووصفت الحفل
بأنه "عرض سياسي" من تدبير "مسوقي العلاقات العامة".
وعلى الرغم من الانتقادات، أعاد فوز بناهي إشعال النقاشات
حول حرية التعبير، والمقاومة الفنية، والوحدة الوطنية بين الإيرانيين حول
العالم.
وبينما كان يغادر المسرح في كان، أعرب بناهي عن أمل بسيط:
"أحلم بإيران حيث لا يتم إسكات الفنانين، حيث لا حدود للحقيقة، وحيث لا
يعيش أحد في خوف من رواية قصة". |