ملفات خاصة

 
 
 

نتائج سياسية للدورة الـ78 في «كان»

«حادث بسيط»... ليس أفضل العروض

كانمحمد رُضا

كان السينمائي الدولي

الثامن والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

إذا كانت أفلام مهرجان «كان» الفائزة بـ«السعفة الذهبية» طوال السنوات الـ10 الأخيرة قد اعتادت التوجّه إلى سباق «الأوسكار» كل عام، فإنه من غير المحتمل أن يُحقِّق فيلم جعفر بناهي «حادث بسيط» هذا الوعد. وإنْ فعل؛ فمن المؤكد، إلى حدٍ بعيد، أنه لن يفوز بجائزة «أوسكار أفضل فيلم عالمي»، (أجنبي سابقاً)، في العام المقبل.

السبب ليس بالضرورة أن العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران تمرُّ دائماً بأنابيب اختبار مستعصية؛ بل لأن أعضاء «الأكاديمية» يفوقون بأضعاف مضاعفة عدد أعضاء لجنة التحكيم في «كان»، تلك التي مَنحت هذا الفيلم سعفته، وتوجُّهاتهم أبعد ما تكون عن السياسة.

ليس أن «الأكاديمية» منحت دائماً الأفلام المستحقة جائزتها، فهي، خلال المدة نفسها، منحت عدداً لا بأس به من الجوائز التي ضلّت طريقها نحو أفلام ضحلة («Nomadland» في 2021، و«Coda» في 2022، على سبيل المثال). لكن مع وجود مئات المخرجين وآلاف الفنيين بين أعضاء «الأكاديمية»، فمن غير المحتمل أن يُنظر إلى فيلم بناهي على أنه أكثر من فيلم ذي فكرة طريفة، غارق في مسائل يعالجها الفيلم حواريّاً.

اختطاف

«حادث بسيط» (ويحمل عنواناً آخر هو «مجرد حادث بسيط - Just a Simple Accident»)، فيلم معتدل الأهمية من حيث المضمون، وأقل من ذلك في الخانة الفنية. يحكي عن رجل يُدعى «وحيد (وحيد مبصري)» يعتقد أنه قبض على ضابط سابق «إقبال (إبراهيم عزيزي)»، كان قد عذَّبه خلال استجوابه وآخرين قبل سنوات. يختطفه «وحيد» إلى مكان مقفر، ويرميه في حفرة ومن ثَمَّ يهيل عليه التراب لدفنه حيّاً. لكنه يتوقف حين يقرر أن انتقامه ينبغي ألا يكون فردياً. يُخرجه من الحفرة، ويضعه مُكمّماً ومربوطاً في صندوق شاحنته الصغيرة، ويجمع 3 أشخاص آخرين (بينهم مصوّرة تُدعى «شيڤا»)، كانوا أيضاً قد تعرّضوا للتعذيب على يد «إقبال» خلال مدة اعتقالهم بسبب تعبيرهم سابقاً عن معارضتهم النظام.

غضب هؤلاء من المخطوف مبرَّرٌ بالطبع (في الفيلم وخارجه)، لكن سرعان ما يتبدَّد اليقين، وتسود الريبة في أن «إقبال» هو الشخص نفسه الذي استجوبهم. فهناك من يعتقد أن صوته لا يُشبه صوت الضابط، الذي لم يرَ أحدٌ وجهه. في النهاية، وبعد نقاشات مطوَّلة ومشاعر حادّة، وحوارات تصطفُّ كعلب السردين، ينتصر التخمين على اليقين، ويُترك المتهم مربوطاً إلى شجرة في برِّية شاسعة. مشهد أخير يُظهِر «وحيد» وهو يسمع صوت خطوات خلفه، يتميَّز بأن الضابط المعني يستخدم ساقاً صناعية.

دوافع

تحمل النهاية احتمال أن يكون «إقبال» (ذو الساق المعطوبة) هو فعلاً الضابط، وقد عاد لينتقم، أو أن «وحيد» والآخرين أخطأوا في تحديد هوية الضابط، (وقد ارتابوا فيها أصلاً، لكن الغضب طغى على تصرفاتهم)، أو أن النهاية تقول إن ما حدث لهؤلاء ما زال محتملاً.

لا خلاف في الدوافع المبرَّرة التي دفعت جعفر بناهي إلى إنجاز هذا الفيلم. فقد دخل السجن وخرج منه مراراً، ومن المحتمل أنه لم يتعرَّض للتعذيب، لكنه أدرك أن عليه تقديم فيلم يحمل رأيه ورؤيته السياسية بشأن هذا الموضوع. إنها رسالة تقول إن هذه الممارسات يجب ألا تقع. المضمون سليم بحد نفسه، لكن التنفيذ هو ما يجعل الفيلم بعيداً عن التمتع بعناصر فنية تؤهله للفوز.

مثل سواه من أفلام المخرج، الفكرة تستولي على كل شيء، مع قدر من انتماء تنفيذها إلى أسلوبه في كيفية صنع أفلام عنها.

أفلام أفضل

هذا يفتح باب التساؤل: هل كانت السياسة هي العامل الأول في منح «حادث بسيط» السعفة الذهبية؟ لأننا إذا نظرنا إلى الأفلام التي نالت جوائز أخرى، مثل «صِراط» و«صوت السقوط»، اللذين تقاسما «جائزة لجنة التحكيم»، فسنجدهما أكثر استحقاقاً لـ«السعفة» من الناحية الفنية البحتة.

في الواقع، يوحي تقاسم «جائزة لجنة التحكيم»، (الثانية في الترتيب)، بأن هذين الفيلمين كانا موضع نقاش فعليٍّ على طاولة اللجنة، على أساس منح أحدهما «السعفة». وتعويضاً، تبعاً لهذه القراءة، جُمعا معاً في خانة الجائزة التي نالاها.

«صوت السقوط» لماشا شيلينسكي (ألمانيا)، يستعرض 4 حكايات لـ4 نساء في أزمنة مختلفة، ويتميّز بمعالجة بصرية رائعة من حيث الصورة، والصوت، والتمثيل، والكتابة، وبالطبع الإخراج. يربط الفيلم بين حكاياته ونسائه في تتابع وطيد، دون تكلف. ضعفه الوحيد يتمثَّل في افتقاده خيطاً سردياً متلاحماً يستند إليه المشاهد.

«صِراط» لأوليڤر لاكس (إسبانيا) لا يقلُّ مستوى من حيث الإنجاز في كل الجوانب الأساسية للعمل. إنه دراما لا شيء متوقَّعاً فيها، ولا أي حدث يعاني من التكلّف أو الافتعال. سرد برؤية جمالية داكنة لا تُخفي ذلك الخط الروحاني الباحث في الصلة بين الحياة والموت، وبين الأرض والسماء.

أحد هذين الفيلمين كان يستحق «السعفة الذهبية» لو أن المسألة عند لجان التحكيم لا تزال تُفضِّل فنَّ الفيلم على مضمونه.

دورة العام الحالي، كانت ممتازة في عموم اختياراتها. الأفلام الجيِّدة والمهمِّة توزَّعت على جميع أقسام المهرجان، وهي، دون شك، أفضل دورة منذ 5 سنوات، حين داهم وباء «كورونا» مفاصل المهرجانات والحياة بأكملها.

 

الشرق الأوسط في

25.05.2025

 
 
 
 
 

الإيراني جعفر بناهي يفوز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان عن فيلم "مجرد حادث"

طهران/ صابر غل عنبري

فاز المخرج الإيراني جعفر بناهي يوم السبت بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي بنسخته الثامنة والسبعين عن فيلمه "مجرد حادث"، ليصبح رابع مخرج في العالم يفوز بثلاث جوائز كبرى في المهرجانات السينمائية الدولية بعد الفرنسي هنري جورج كلوزو، والإيطالي مايكل أنجلو أنطونيوني، والأميركي روبرت ألتمان. وفيما دأب بناهي خلال أيام حضوره في مهرجان كان على توجيه انتقادات للسلطات الإيرانية في مقابلاته والإعلان عن دعمه لسجناء إيرانيين، دعا في كلمته أثناء استلامه الجائزة، الإيرانيين جميعاً من أي تيار أو مدرسة فكرية في الداخل والخارج من الساعين إلى الحرية والكرامة الإنسانية والديمقراطية، إلى ترك الخلافات جانباً والحفاظ على البلد ووحدته.

وأعرب جعفر بناهي عن أمله "في حلول يوم لا يطلب منا أحد ماذا نفعل أو ما لا نفعل وماذا نلبس أو ما لا نلبس وماذا نصنع أو ما لا نصنع". وسبق أن حصل المخرج الإيراني على جائزتي الدب الذهبي في برلين عن فيلم "تاكسي طهران" والأسد الذهبي في مهرجان البندقية عن فيلم "ثلاثة وجوه". وتعاطى الإعلام الإيراني بشكل مختلف مع نبأ حصول بناهي كأحد ألمع المخرجين الإيرانيين على جائزة السعفة الذهبية، فبينما لقي الخبر ترحاباً كبيراً في وسائل إعلام معارضة وإصلاحية وشبكات التواصل الاجتماعي، تعامل الإعلام الرسمي وشبه الرسمي مع الحدث ببرودة.

وقالت وسائل إعلام إيرانية محافظة، مثل وكالة فارس الإيرانية في تقرير لها إن "مهرجان كان في ظروف سياسية ونظراً إلى القضايا التي تدور حول جعفر بناهي داخل إيران منحه جائزة السعفة الذهبية في دورته الـ78"، مقللة من أهمية الفيلم. وقالت إنه "عمل فني عادي كما يقول كثير من الناقدين"، مشيرة إلى أن رئيس تحرير مجلة دفاتر السينما الفرنسية ماركوس أوزل قال إن فيلم "مجرد حادث" "يستحق نجمة فقط من أصل أربع نجوم.

من جهتها، بعثت السجينة الإيرانية نرجس محمدي الفائزة بجائزة نوبل للسلام برسالة تهنئة للمخرج من سجن إيفين في طهران، واصفة بناهي بأنه "مخرج إيراني شجاع وبارز"، قائلة إنه "وصل إلى هذا المقام الرفيع ليس فقط بإنتاجه فيلم مجرد حادث، بل بنهجه الذي لا يعرف التعب لتعميق مفاهيم إنسانية وحقوق الإنسان".

وأنتج بناهي (64 عاماً) فيلم "مجرد حادث" سرّاً من دون الحصول على إذن التصوير من السلطات الإيرانية. وتدور قصة الفيلم الدرامية التي توجه انتقادات حادة للسلطات الإيرانية، حول رجل اسمه إقبال يضرب كلباً بسيارته فيقتله ليتسبب هذا الحادث في تعطل السيارة بعد فترة وجيزة. يذهب إلى مرأب قريب يملكه رجل اسمه وحيد ويكتشف أن الرجل يشبه الضابط الذي عذبه في السجن ودمر حياته.

يستعد إقبال لدفنه حياً لكنه يشك في هوية الرجل ويذهب إلى أحد السجناء للتأكد. يلتقي بسالار بائع الكتب والفتاة شيفا مصورة حفلات الزفاف والعروس جولي والعريس علي والعامل الغاضب حميد. تحتل شاحنة وحيد التي يتم ركوبها ليلاً ونهاراً من قبل هؤلاء الضحايا، ويسعون جميعاً للانتقام من الرجل الذي أساء معاملتهم بوحشية. خلال الرحلة، يفكرون في التبعات الأخلاقية لقتل أسيرهم وما إذا كان هو حقاً ذلك الضابط.

وحضر جعفر بناهي هذا العام لأول مرة منذ 15 عاماً في فعاليات مهرجان كان بعد منعه من الخروج من البلاد إثر إدانته في عام 2010 بتهمة "الدعاية ضد النظام"، ما منعه من المشاركة في أي من الأحداث السينمائية الدولية. ولا أحد يعلم المصير الذي تخبئه له السلطات في طهران بعد عرض فيلمه الروائي الـ11، والذي يهاجمها بشكل مباشر وينتقد الإجراءات التعسفية المرتكبة من قوات الأمن. وقال بناهي في مقابلة مع وكالة فرانس برس: "الأهم هو أنّ الفيلم قد أُنتج. لم أُفكر في ما قد يحدث بعد ذلك. أشعر بأنني حيّ ما دمت أصنع أفلاماً. إن لم أصنع أفلاماً، فلا يُهمني ما يحدث لي بعد الآن".

 

العربي الجديد اللندنية في

25.05.2025

 
 
 
 
 

"كان 2025"... جعفر بناهي يحصد الذهب وحضور متألق للعراق وفلسطين

غزة حاضرة في دورة تؤسس لمستقبل واعد لسينما الشرق الأوسط

آراش عزيزي

على مدى العقدين الماضيين، مُنع المخرج الإيراني جعفر بناهي من ممارسة الإخراج السينمائي بأمر من سلطات بلاده. لكن، حتى أثناء خضوعه للإقامة الجبرية أو اعتقاله في السجن، لم يتوقف عن صناعة الأفلام بطريقة أو بأخرى، ونجح في انتزاع أبرز الجوائز في المهرجانات السينمائية العالمية. ومع أن الحظر رُفع عنه أخيرا، اختار مجددا أن ينجز فيلما سريا، دون الحصول على إذن رسمي من الجهات المعنية. والنتيجة واحد من أكثر أعماله جرأة حتى الآن، بعنوان "مجرد حادث"، وهو الفيلم الذي منحه، يوم الأحد، أعلى تكريم في مسيرته: السعفة الذهبية في مهرجان "كان" السينمائي. وعلى خلاف المناسبات السابقة، استطاع هذه المرة السفر إلى كانّ وتسلّم الجائزة بنفسه، وهو يعتزم العودة إلى إيران فور انتهاء المهرجان.

معضلة أخلاقية

يُعد بناهي اليوم من بين أكثر المخرجين تتويجا في تاريخ السينما العالمية، إذ يشارك المخرج الإيطالي مايكل أنجلو أنطونيوني مكانة فريدة كأحد مخرجَين اثنين فقط نالا الجوائز الأربع الكبرى في مهرجانات كان والبندقية وبرلين ولوكارنو.

وكما كان متوقعا، استغل بناهي كلمته خلال تسلمه الجائزة لطرح قضايا سياسية، فتحدث عن حلمه بيوم تسود فيه الحرية في إيران، حيث "لا يُفرض علينا ما نرتديه أو لا نرتديه، ولا يملى علينا في السينما ماذا نصنع أو لا نصنع". لكنه وجّه كذلك رسالة إلى أبناء بلده، مناشدا إياهم أن "يتجاوزوا خلافاتهم" ويضعوا "بلدنا" فوق كل اعتبار. في ذلك تذكير بأن بناهي ليس مجرد ناشط ديمقراطي، بل شخص وطني أيضا، يقلقه اتساع رقعة التصدعات والانقسامات في البلاد.

أما فيلمه الجديد، فيخوض هذه القضايا بشجاعة لافتة. يحمل "مجرد حادث" في طياته معضلة تبدو بسيطة في ظاهرها، لكنها صادمة في جوهرها: ماذا لو آلت السلطة إلى أيدي أولئك الذين تعرضوا للتعذيب؟ في الفيلم، يلتقي سجين سياسي سابق مصادفة بجلاده السابق، فيختطفه، ثم يدعو مجموعة من السجناء السياسيين السابقين ليتشاوروا في مصيره. غير أن الموقف يزداد تعقيدا بوجود زوجة الجلاد، الحامل في مراحلها الأخيرة، وابنته البالغة ثمانية أعوام، واللتين يبدو أن غيابه يترك فيهما أثرا بالغا.

استغل بناهي كلمته خلال تسلمه الجائزة لطرح قضايا سياسية، فتحدث عن حلمه بيوم تسود فيه الحرية في إيران

يتيح بناهي للسجناء السابقين في فيلمه مساحة للتعبير عن رؤاهم المتباينة، في تجسيد رمزي لتعدد الأصوات داخل المجتمع المدني الإيراني. ومن خلال إبرازه التناقضات الداخلية والتحديات الأخلاقية المختلفة، يُظهر قدرته على ممارسة نقد ذاتي عميق حيال التيار السياسي الذي ينتمي إليه. وتتجلى في هذا السياق الشخصية الأكثر سلبية في الفيلم، حميد، الشاب المندفع الذي يؤمن بأن الجماعة لا تملك ترف التزام المبادئ الأخلاقية عند مواجهة أعوان النظام. غير أن حميد يُمنى بالهزيمة أمام زملائه، الذين يرفضون نهجه ويقررون إبعاده عنهم. وعلى الرغم من أن هؤلاء لا يبرّئون الرجل المحتجز، فإنهم يصرون على التمسك بإنسانيتهم، ويختارون طريق اللاعنف. إنها رسالة واضحة ومباشرة من بناهي ترفض التطرف.

ورغم ارتكازه على السياق الإيراني، فإن الفيلم يعالج معضلة أخلاقية تتجاوز حدود المكان، مما يمنحه بُعدا عالميا بالغ الأثر: كيف يتصرف المظلوم إذا آلت إليه السلطة، ولو لبرهة؟ لعل هذا الطرح العالمي هو ما جعل الفيلم محط تقدير واسع من لجنة التحكيم ونخبة من النقاد.

الجائزة الكبرى

أما الفيلم الآخر الذي لاقى رواجا كبيرا بين جمهور المهرجان، فكان "قيمة عاطفية" للمخرج النروجي يواكيم تريير، الحاصل على الجائزة الكبرى، وهي ثاني أرفع جوائز مهرجان كان. وكما في عمله الشهير، "أسوأ شخص في العالم"، أحد أبرز أفلام دورة 2021، عاد تريير ليتعاون مع الممثلة رينات رينسفه، مقدّما معها عملا مؤثرا يدور، على غرار أعماله السابقة، حول تعقيدات الحياة العاطفية لشخصياته.

تؤدي رينسفه دور نورا، ممثلة في المسرح الوطني النروجي، تقاطع والدها، المخرج الشهير غوستاف بيرغ (يجسده ستيلان سكارسغارد)، لكنها تحافظ في المقابل على علاقة قوية بأختها. يحاول الأب إصلاح العلاقة بأسلوب غير مألوف، فيطلب منها أداء دور البطولة في سيناريو كتبه خصيصا لها. لكنها ترفض، فيُمنح الدور إلى رايتشل كيمب، نجمة أميركية خيالية تؤدي دورها إيل فانينغ.

بفضل براعة تريير في تقديم الحياة العاطفية المعقدة لشخصياته، حصد الفيلم استحسانا فوريا في كان، ويبدو مرشحا قويا لنيل إعجاب جمهور عالمي واسع

بفضل لمسة تريير المميزة، تمكن الفيلم من أن يكون خفيف الظل في اللحظات المناسبة، وعميق التأثير حين تستدعي الدراما ذلك، أما شخصياته فقد رسمت بعناية وصبر. فكيمب على سبيل المثل، لا تُصوَّر كنجمة مغرورة أو متعالية، بل كفنانة صادقة، تحمل شغفا حقيقيا بالسينما، وتعاطفا صادقا مع نورا. تبرع رينسفه في التعبير عن التقلبات الداخلية لشخصيتها، أحيانا بمجرد تعبيرات وجهها الهادئة والعميقة. وبفضل براعة تريير في تقديم الحياة العاطفية المعقدة لشخصياته الحضرية، خصوصا الشابة منها، حصد الفيلم استحسانا فوريا في كان، ويبدو مرشحا قويا لنيل إعجاب جمهور عالمي واسع.

تكريم غير مستحق

لكن هذا التميز لم ينسحب بالضرورة على باقي الفائزين في مهرجان كان. فقد حصلت المخرجة الألمانية ماشا شيلينكسي على جائزة لجنة التحكيم، وهي ثالث أرفع جوائز المهرجان، عن فيلمها "صوت السقوط" الذي يعرض، بإيقاع متأن، قصصا متشابكة لعدة أجيال من النساء الألمانيات. ورغم أن البُعد البصري الذي تميزت به شيلينكسي كان كفيلا لفت انتباه لجنة التحكيم، فإن الفيلم يعاني من ضعف في البناء السردي، إلى حد يُفقده التماسك ويحدّ من تأثيره، مما يرجح أن يبقيه محصورا في نطاق جمهور محدود.

وفي السياق نفسه، تقاسم فيلم "صراط" للمخرج الإسباني أوليفر لاشي الجائزة ذاتها. تدور أحداث الفيلم في المغرب، ويتتبع قصة أب إسباني يصطحب ابنه وكلبه في رحلة للبحث عن ابنته التي اختارت التوجه إلى الصحراء للمشاركة في حفلات "الرايف" وقد أثارت الحبكة الجريئة إعجاب جمهور المهرجان، مما جعله من أبرز المرشحين لنيل الجوائز. غير أن الفيلم، للأسف، ينضم إلى سلسلة من الأعمال التي تتخذ من شمال أفريقيا خلفية لأحداثها، دون أن تفسح حيزا فعليا لظهور شخصيات محلية حقيقية.

أقول لكل فلسطيني إن حياتك مهمة وصوتك مهم، وقريبا ستكون فلسطين حرة

طرزان ناصر

ومن بين الأعمال التي عانت من ضعف في الإيقاع والبناء السردي، فيلم "العميل السري" للمخرج البرازيلي كليبر ميندونسا فيليو، الذي فاز بجائزة أفضل مخرج، إضافة إلى جائزة أفضل ممثل، والتي نالها فاغنر مورا عن أدائه اللافت. كما حصل الفيلم على جائزة الاتحاد الدولي للنقاد السينمائيين (فيبريسي). ويبدأ "العميل السري" بعرض لمحة آسرة عن الحياة في شمال شرق البرازيل خلال سبعينات القرن الماضي، لكنه يتشتت كثيرا ولا يمنح شخصياته فرصة كافية للنمو أو التبلور.

متع سينمائية

أما فيلم "القيامة" للمخرج الصيني بي غان، فلا يدّعي حتى الانتماء إلى السرد التقليدي. ومع ذلك، فقد نال إعجاب رئيسة لجنة التحكيم جولييت بينوش وأعضاء اللجنة إلى درجة دفعتهم إلى استحداث جائزة "خاصة" لتكريمه. ومحاولة فهم مغزى "القيامة" لحظة بلحظة قد لا تكون الطريقة الأنسب للتعامل معه. بدلا من ذلك، فإن الانسياق مع تجربة الفيلم يفتح المجال أمام متعة سينمائية تتكشف تدريجيا مع مرور الوقت. فسواء من خلال حوار عن البوذية بين معلم وتلميذه، أو دردشة بسيطة بين مراهقين حول أولى قبلاتهما، ينجح بي غان في أسر انتباه الجمهور بأساليب مدهشة وغير تقليدية.

أما الجائزتان المتبقيتان في القسم الرئيسي من مهرجان كان، فذهبتا إلى أفلام ذات طابع اجتماعي ناقد. فقد فازت نادية ميليتي بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم "الأخت الصغرى" الذي يروي حكاية فتاة تمر بمرحلة نضوج في باريس. وقد أدت ميليتي، في أول ظهور سينمائي لها، دورها بإتقان لافت، مجسّدة شابة تبحث عن ذاتها وتعيد تشكيل هويتها مع كل تجربة تخوضها.

ذهبت جائزة الكاميرا الذهبية، المخصصة لأفضل فيلم لمخرج لأول مرة، إلى الفيلم العراقي "كعكة الرئيس" لحسن هادي

فيما ذهبت جائزة أفضل سيناريو إلى الأخوين داردين عن فيلمهما "أمهات شابات" اللذين يواصلان من خلاله نهجهما المعروف في تقديم أعمال ذات منحى اشتراكي، ويركز هذه المرة على حياة أمهات عازبات في مأوى بمدينة لياج البلجيكية. وكما اعتاد جمهورهما، ينصب تركيز الأخوين داردين على الطبقية الاجتماعية، متجنبَين المقاربات التي تركز على النوع أو العرق، والتي باتت رائجة في السينما المعاصرة. ويتجنب الأخوان تصوير العائلات الفقيرة بطريقة استعراضية أو مثيرة للشفقة. وبدلا من ذلك، يمنحان شخصياتهما، رغم ما تواجهه من صعوبات في تأمين أبسط مقومات العيش، فرصا للتعبير عن تقديرها العميق والصادق للثقافة الرفيعة.

غزة حاضرة

وهكذا، برز جعفر بناهي ونادية ميليتي كأبرز الفائزين من منطقة الشرق الأوسط ضمن المسابقة الرسمية. غير أن الحضور الإقليمي تجاوز حدود هذا القسم، إذ تألق صانعو أفلام من الشرق الأوسط في أقسام أخرى من المهرجان. فقد فاز الشقيقان الفلسطينيان طرزان وعرب ناصر بجائزة أفضل مخرج في فئة "نظرة ما" عن فيلمهما "كان يا ما كان في غزة". ولم ينس الأخوان ناصر الإشارة إلى معاناة غزة في خطاب تلقي الجائزة. فقال طرزان ناصر: "أقول لكل فلسطيني إن حياتك مهمة وصوتك مهم، وقريبا ستكون فلسطين حرة". أما عرب ناصر فذكر حديثا جرى مع أمه حين أبدى مع شقيقه ترددا في الذهاب إلى كان، إذ قالت لهما: "لا لا، عليكما الذهاب والتحدث إلى الناس هناك... قولا لهم أن يوقفوا الإبادة، لا نستطيع التحمل أكثر من ذلك".

أما الفلسطيني توفيق برهوم فحصد السعفة الذهبية للأفلام القصيرة عن فيلمه "أنا سعيد لأنك مت الآن". في حين ذهبت جائزة الكاميرا الذهبية، المخصصة لأفضل فيلم لمخرج لأول مرة، إلى الفيلم العراقي "كعكة الرئيس" لحسن هادي، الذي يروي قصة فتاة في التاسعة من عمرها تُجبر على إعداد كعكة لمناسبة عيد ميلاد صدام حسين، تحت طائلة العقاب.

تشير هذه النتائج إلى حضور عربي قوي في المهرجان، يبشّر بمستقبل واعد للسينما في المنطقة، في عام شهد تتويج مخرج من الشرق الأوسط بالسعفة الذهبية.

 

مجلة المجلة السعودية في

25.05.2025

 
 
 
 
 

"كعكة الرئيس" أول فيلم عراقي على مائدة مهرجان كان السينمائي

إيمان كمال

سجل العراق إنجازا غير مسبوق في تاريخ مشاركاته السينمائية، بعد فوز فيلم "كعكة الرئيس" للمخرج حسن هادي بجائزة "الكاميرا الذهبية" (Caméra d’Or) خلال الدورة الـ78 من مهرجان كان السينمائي، والتي تمنح لأفضل عمل أول لمخرج واعد. كما حصد الفيلم جائزة "اختيار الجمهور" في قسم "أسبوعي المخرجين"، في إنجاز مزدوج يعزز حضور السينما العراقية على الساحة الدولية.

قصة الطفلة والكعكة وبلد تحت الحصار

يُعدّ فيلم "كعكة الرئيس" من المحاولات اللافتة للمخرج حسن هادي في تصوير المجتمع العراقي من زاوية إنسانية بعيدة عن المباشرة، حيث اعتمد على بناء بصري غني بالرموز وطرحٍ شاعري يلتقط المأساة اليومية من دون خطب أو شعارات. تدور أحداث الفيلم خلال تسعينيات القرن الماضي في إحدى القرى النائية جنوب العراق، وتحديدًا في منطقة الأهوار، في ظل حصار اقتصادي خانق وظروف معيشية قاسية وندرة شديدة في الموارد.

تُفاجأ الطفلة لمياء، ذات التسعة أعوام، بتكليف مدرسي غريب: إحضار كعكة للاحتفال بعيد ميلاد الرئيس. وما تبدو مهمة بسيطة، تتحوّل إلى رحلة محفوفة بالمخاطر عبر مدينة منهكة. تجد لمياء نفسها محاصرة بمهمة إجبارية لا مجال للتراجع عنها، في بيئة يسودها الخوف والرقابة، حيث تصبح الكعكة رمزًا للسلطة والطاعة، بل مسألة حياة أو عقاب.

يمزج الفيلم بين الكوميديا السوداء والدراما السياسية، ليعكس واقعًا مضطربًا عاشه العراقيون خلال تلك الفترة، ويطرح بأسلوب إنساني عميق تأثير ذلك على حياة المواطنين، لا سيما الأطفال.

إنتاج دولي بروح محلية

يمثل "كعكة الرئيس" تجربة إنتاج مشترك بين العراق، والولايات المتحدة، وقطر، بدعم من عدة جهات، منها معهد الدوحة للأفلام ومؤسسة "إس إف فيلم راينِن"، كما شارك في مختبرات "صن دانس" لتطوير السيناريو والإخراج.

أُسندت مهام التصوير إلى مدير التصوير تيودور فلاديمير باندورو، وكتب الموسيقى التصويرية الفنان العراقي رحيم الحاج، في حين ضمت قائمة الممثلين كلا من بنين أحمد نايف، وسجاد محمد قاسم، ووحيد ثابت خريبط.

تقدير عالمي لصوت عراقي جديد

نال الفيلم إشادة واسعة من النقاد ولجنة التحكيم، التي اعتبرت أن العمل يقدم سردا بصريا مبتكرا لقصة محلية ذات طابع عالمي. وفي تصريحات له بعد الفوز، قال المخرج حسن هادي: "كعكة الرئيس ليست فقط عن العراق، بل عن كل طفل يعيش تحت نظام يخنق حريته ويصادر خياله. أهدي هذه الجائزة لكل من لم يُسمح له بالكلام".

ويعد هذا التتويج أول فوز عراقي بجائزة رسمية في تاريخ مهرجان كان، مما يعكس تطور المشهد السينمائي في البلاد، وعودة الأصوات العراقية الشابة بقوة إلى المنصات العالمية.

المصدر الجزيرة

 

####

 

رغم انقطاع الكهرباء..

مهرجان كان الـ78 يختتم فعالياته ويعلن القائمة الكاملة للفائزين

نجوان أحمد

في ظل تصاعد التوترات الدولية، اختتم مهرجان كان السينمائي دورته الـ78 بنجاح ملحوظ. على الرغم من الانقطاع المفاجئ  للتيار الكهربائي، الذي شمل مناطق واسعة من المدينة وعطّل عددا من العروض السينمائية وأخرّ بعض الفعاليات الموازية.

أثار الحادث حالة من الارتباك لدى الحاضرين، وطرح تساؤلات عن جاهزية البنية التحتية لمثل هذا الحدث العالمي. وبينما سارعت إدارة المهرجان إلى تشغيل المولدات الاحتياطية في قصر المهرجانات لضمان استمرار العروض الرئيسية، أعلنت السلطات المحلية في مدينة كان فتح تحقيق رسمي لتحديد أسباب الانقطاع، وما إذا كان ناتجا عن عطل تقني، أو خلل في الشبكة الإقليمية، أو عوامل خارجية أخرى.

وتمكّن المنظمون من السيطرة على الموقف بسرعة بفضل اعتمادهم على مولدات كهربائية، مما أتاح استكمال فعاليات المهرجان في موعدها، بما فيها حفل توزيع الجوائز الذي أدارته رئيسة لجنة التحكيم جولييت بينوش.

في واحدة من أكثر اللحظات اللافتة في تاريخ المهرجان، فاز المخرج الإيراني جعفر بناهي بالسعفة الذهبية عن فيلمه "لم يكن سوى حادث"، وهو أول عمل له بعد رفع الحظر الحكومي عنه. الفيلم يخلط بين الغضب والسخرية السوداء، ويستعرض قصة خمسة سجناء سابقين يعتقدون أنهم تعرفوا إلى المدعي العام الذي عذّبهم في السجن. وقد استوحى بناهي الفيلم من أحاديث جرت بينه وبين سجناء آخرين خلال فترة اعتقاله.

أما الجائزة الكبرى، فجاءت من نصيب المخرج النرويجي يواكيم تريير عن فيلم "قيمة عاطفية"، الذي يتناول علاقة متوترة بين مخرج وابنته الممثلة، ومحاولته إصلاحها بإشراكها في فيلمه الأكثر خصوصية. وأكد تريير أن السينما تمثل "لغة بديلة للتوحيد".

جوائز الأداء التمثيلي ذهبت إلى فاغنر مورا كأفضل ممثل عن فيلم "العميل السري"، حيث يؤدي دور أب يحاول النجاة من محاولة اغتيال أيام الديكتاتورية العسكرية في البرازيل. وقد حصد الفيلم نفسه جائزة أفضل مخرج للمخرج كليبر مندونسا فيليو.

الحفل شهد لحظات مرحة أيضاً، منها أداء غير متوقع للنجم جون سي. رايلي الذي غنى "La Vie En Rose" بالإنجليزية خلال تقديمه جائزة أفضل سيناريو، التي ذهبت إلى الأخوين جان بيير ولوك داردين عن فيلم "أمهات شابات".

جائزة لجنة التحكيم قُسمت بالتساوي بين فيلم "صراط" للمخرج الإسباني أوليفييه لاكس وفيلم "صوت السقوط" للمخرجة الألمانية ماشكا شيلينسكي، في حين حصل المخرج الصيني بي غان على جائزة خاصة عن فيلمه "القيامة".

ومنحت جائزة الكاميرا الذهبية لأفضل فيلم، للمخرج العراقي حسن هادي عن فيلم "كعكة الرئيس"، وهو أول فيلم عراقي يفوز بجائزة في تاريخ مهرجان كان.

وإليكم القائمة الكاملة لجوائز مهرجان كان السينمائي في دورته الـ78:

المسابقة الرسمية

السعفة الذهبية: "لم يكن سوى حادث" (It Was Just an Accident) – جعفر بناهي.

الجائزة الكبرى: "قيمة عاطفية" (Sentimental Value) – يواكيم تريير.

أفضل مخرجكليبر مندونسا فيليو "العميل السري" (The Secret Agent).

أفضل ممثلفاغنر مورا- "العميل السري" (The Secret Agent).

أفضل ممثلةنادية ميليتي- "الأخت الصغيرة (Little Sister).

جائزة لجنة التحكيم (مناصفة): "صراط" (Sirat) – "أوليفييه لاكس" (Olivier Laxe).

"صوت السقوط" (Sound of Falling) – "ماشا شيلينسك" (Mascha Schilinski).

جائزة خاصة: "القيامة" (Resurrection) – بي غان.

أفضل سيناريو: "أمهات شابات" (Young Mothers) – جان بيير ولوك داردين.

جوائز أخرى

الكاميرا الذهبية: "كعكة الرئيس" (The President’s Cake) – حسن هادي.

تنويه خاص بالكاميرا الذهبية: "ظل والدي" (My Father’s Shadow) – أكينولا ديفيز جونيور.

السعفة الذهبية للفيلم القصير: "سعيد أنك متّ الآن" (I’m Glad You’re Dead Now) – توفيق برهوم.

تنويه خاص للفيلم القصير "علي" (Ali) – عدنان الراجيف.

جائزة العين الذهبية للفيلم الوثائقي: "إيماجو" (Imago) – ديني عمر بيتساييف.

جائزة لجنة تحكيم العين الذهبية: "رجل الستة مليارات دولار | The Six Billion Dollar Man" – يوجين جاريكي.

جائزة "Palme Dog" لأفضل كلب في فيلم: "باندا" (Panda) – "الحب الذي يبقى" (The Love That Remains).

جوائز النقاد الدوليين

جائزة النقاد (المسابقة الرسمية): "العميل السري | The Secret Agent" – كليبر مندونسا فيليو.

جائزة النقاد (نظرة ما): "قنفذ البحر" (Urchin) – هاريس ديكنسون.

جائزة النقاد (الأقسام الموازية): "رحلة بذور الهندباء | Dandelion’s Odyssey" – موموكو سيتو | Momoko Seto

نظرة ما

جائزة نظرة ما: "نظرة الفلامينغو الغامضة" (The Mysterious Gaze of the Flamingo) – دييغو سيبيديس.

جائزة لجنة التحكيم: "شاعر" (A Poet) – سيمون ميسا سوتو.

أفضل إخراج طرزان وعراب نصار- "كان يا ما كان في غزة | Once Upon a Time in Gaza"

جوائز الأداء التمثيلي

كليو ديارا – "لا أرتاح إلا في العاصفة" (I Only Rest in the Storm).

فرانك ديلان – "قنفذ البحر" (Urchin).

أفضل سيناريو "راكب الدراجة الخلفي" (Pillion) – هاري لايتون.

تنويه خاص "نورة" (Norah) – توفيق الزيدي.

أسبوع المخرجين

جائزة "يوروبا سينما": "ثعالب برية" (Wild Foxes) – فاليري كارنوي.

جائزة المؤلفين والملحنين المسرحيين "ثعالب برية" (Wild Foxes) – فاليري كارنوي.

جائزة اختيار الجمهور: "كعكة الرئيس" (The President’s Cake) – حسن هادي | Hasan Hadi

أسبوع النقاد

الجائزة الكبرى "شبح مفيد" (A Useful Ghost) – راتشابوم بونبونتشاكوك.

جائزة "اللمسة الفرنسية": "إيماجو" (Imago) – ديني عمر بيتساييف.

جائزة مؤسسة GAN للتوزيع: "الفتاة العسراء" (Left-Handed Girl).

جائزة النجم الصاعد من مؤسسة لويس روديرير: تيودور بيليرين- "نينو".

جائزة لايتس سين لاكتشاف الأفلام القصيرة: "لمينا | L’mina" – رندا مروفي.

جائزة المؤلفين المسرحيين للفيلم القصيرغييرمو غالو وفيكتور ألونزو بيربل– "مدينة بلا نوم | Sleepless City".

جائزة "كانال بلس" للفيلم القصير: "الإيروجينيسيس | Erogenesis" – زاندرا بوبيسكو.

المصدر الجزيرة مواقع إلكترونية

 

الجزيرة نت القطرية في

25.05.2025

 
 
 
 
 

'مجرد حادث' يتوج بالسعفة الذهبية في كان السينمائي

السينما العراقية تحقق إنجازا استثنائيا في المهرجان الفرنسي بحصول فيلم 'مملكة القصب' للمخرج حسن هادي على جائزة الكاميرا الذهبية.

كان (فرنسا)فاز المخرج الإيراني المعارض جعفر بناهي، السبت، بجائزة السعفة الذهبية في ختام فعاليات الدورة الثامنة والسبعين لمهرجان كان السينمائي الدولي عن فيلمه "مجرد حادث" (إت وز جاست آن أكسدنت) الذي صُوّر في السر، داعيا على منبر الحدث السينمائي إلى "حرية" بلاده.

وتمكن المخرج البالغ 64 عاما من حضور مهرجان كان لأول مرة منذ 15 عاما وتسلم جائزته الأرفع في الحدث العريق والتي قدمتها إليه رئيسة لجنة التحكيم جولييت بينوش، عن فيلمه الذي يقدّم قصة أخلاقية تغوص في مخطط سجناء سابقين للانتقام من جلاديهم.

ويحظى بناهي بحصوله على السعفة الذهبية بشرف لم يحققه كثيرون غيره بالفوز بأهم جائزة في جميع المهرجانات السينمائية الثلاثة الكبرى في أوروبا. وكان قد فاز بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين عن فيلم "تاكسي" عام 2015، وجائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية عن فيلم "الدائرة" (ذا سيركل) عام 2000.

وقال بناهي باللغة الفارسية لدى تسلمه الجائزة من الممثلة الأسترالية الأميركية كايت بلانشيت بجانب بينوش، بحسب ترجمة قدمها المهرجان، "دعونا نضع جانبا (…) كل المشاكل والاختلافات، الأمر الأكثر أهمية في هذه اللحظة هو بلدنا وحرية بلدنا".

ويتناول الفيلم التشويقي الفائز بالجائزة معضلة سجناء سابقين يحاولون الانتقام من جلاديهم، في انتقاد مباشر للسلوك التعسفي لقوات الأمن. ويقدّم الفيلم أيضا فرصة للتأمل في مبدأ العدالة والانتقام في مواجهة القمع.

وأعلن بناهي الذي سُجن مرتين في إيران حيث كان ممنوعا من المغادرة حتى فترة قريبة خلت، أنه سيعود إلى وطنه الأحد رغم خطر التعرض لأعمال انتقامية. ولا يُعرف المصير الذي تخبئه له السلطات بعد فيلمه الحادي عشر.

وكان بناهي قال لوكالة فرانس برس، الثلاثاء، "الأهم هو أن الفيلم قد أُنتج. لم أُفكر في ما قد يحدث بعد ذلك. أشعر بأني حيّ ما دمت أصنع أفلاما".

وقد صُوّر الفيلم الفائز سرا، إذ رفض المخرج طلب الإذن بالتصوير. وفي تحدّ لقوانين الجمهورية الإسلامية، ظهرت ممثلات كثيرات في العمل من دون حجاب.

وتطرقت بينوش خلال تسليمه جائزة السعفة الذهبية إلى الدور الذي يضطلع به الفنانون في "تحويل الظلام إلى غفران"، قائلة "الفن يستفز ويطرح الأسئلة ويبدّل الأوضاع (…) الفن يحرك الطاقة الإبداعية لأثمن جزء فينا وأكثره حيوية. قوة تحوّل الظلام إلى غفران وأمل وحياة جديدة".

وكشف بناهي لرويترز أنه يخطط للعودة لبلاده بعد المهرجان، موضحا "سواء فزت أو لم أفز، كنت سأعود في كل الأحوال. لا أخشى التحديات"، مضيفا أنه لن ينسى أبدا يومه الأول في مهرجان هذا العام، ومشاهدة الفيلم مع الجمهور بعد كل هذه السنوات، قائلا "كانت كل لحظة مثيرة".

وكان آخر حضور لبناهي في المهرجان عام 2003، عندما عُرض فيلمه "الذهب القرمزي" (كريمسون جولد) الذي أهله لجائزة لجنة التحكيم آنذاك.

وبناهي ثاني إيراني يفوز بجائزة السعفة الذهبية بعد عباس كياروستامي عن فيلم "طعم الكرز" في العام 1997. والعام الماضي، فاز إيراني آخر هو محمد رسولوف بجائزة خاصة عن فيلمه المثير للجدل "بذرة التين المقدس" (دانه انجر مقدس) وبعد أن وصل سرا إلى مدينة كان، اختار رسولوف المنفى. وكانت جائزة السعفة الذهبية مُنحت العام الماضي لفيلم "أنورا" للمخرج الأميركي شون بيكر.

وفاز كذلك المخرج النرويجي يواكيم تريير بالجائزة الكبرى عن الفيلم الدرامي "قيمة عاطفية" (سنتمنتال فاليو)، وهي ثاني أكبر جائزة في المهرجان بعد السعفة الذهبية وتمنحها لجنة التحكيم لأحد الأفلام الروائية.

ولم تتضمن قائمة الجوائز هذا العام أي أفلام أميركية، إذ خرجت إنتاجات كبيرة مثل فيلم "إدينغتون" للمخرج آري أستر مع خواكين فينيكس، و"داي ماي لوف" للمخرجة لين رامساي مع جنيفر لورانس خالية الوفاض.

وفضّلت لجنة التحكيم التي ضمت من بين أعضائها الممثلين الأميركيين جيريمي سترونغ وهالي بيري، أفلاما لا تشبه الإنتاجات السائدة في القطاع، بالإضافة إلى المواهب الشابة.

ومن بين هؤلاء الفرنسية الشابة نادية مليتي التي حصلت على جائزة أفضل ممثلة وهي لم تتعدّ الثالثة والعشرين، عن أول دور سينمائي لها في فيلم "الأخت الصغيرة" (La petite derniere) للمخرجة حفصية حرزي والذي تدور أحداثه حول ابنة مهاجرين جزائريين في باريس.

وتؤدي هذه الطالبة الرياضية التي رُصدت في اختبار أداء دور "فاطمة" ابنة السبعة عشر عاما، وهي شابة مسلمة تكتشف مثليتها الجنسية. والفيلم مقتبس من رواية سيرة ذاتية للكاتبة فاطمة دعاس صادرة عام 2020.

وأوضحت الممثلة الشابة لوكالة فرانس برس في المهرجان "عندما قرأت الكتاب، شعرت فورا بتواصل مع القصة لأنها أثرت فيّ بعمق، وكذلك مع هذا السعي للتحرر. لقد شعرت بالقرب منها كثيرا (…) بسبب محيطها وخلفيتها الاجتماعية".

وفاز فيلم "العميل السري" (The Secret Agent) للمخرج البرازيلي كليبر ميندونسا فيليو (56 عاما) بجائزتين: أفضل مخرج وأفضل ممثل لفاغنر مورا (48 عاما) المعروف خارج البرازيل بتجسيده شخصية بابلو إسكوبار في مسلسل "ناركوس" على نتفليكس.

وقال كليبر ميندونسا فيليو خلال تسلمه الجائزة نيابة عن الممثل الفائز في قصر المهرجانات في كان "إنه ممثل استثنائي، ولكنه أيضا إنسان مميز للغاية. آمل أن يعود عليه هذا التكريم بالنفع الكبير".

وفي فيلم "العميل السري"، وهو أول عمل سينمائي يُصوّره في البرازيل منذ العام 2012، يؤدي فاغنر مورا دور أستاذ جامعي تتم مطاردته لأسباب غامضة إبان حكم نظام ديكتاتوري عسكري.

وأفاد مورا في مقابلة في كان "الشخصية التي أؤديها لا تريد إلا أن تعيش وفقا للقيم التي تمثلها. من المؤسف أنه في الأوقات البائسة، يكون التمسك بقيم الكرامة أمرا خطيرا".

واستحدثت لجنة التحكيم جائزة خاصة لفيلم "القيامة" (Resurrection) الشعري للصيني بي غان البالغ 35 عاما. وأشادت جولييت بينوش بـ"الإبداع العظيم" في هذا العمل.

وتقاسم جائزة لجنة التحكيم مناصفة كل من فيلم "سيرات" الذي يحكي قصة أب وابنه يتجهان إلى الصحراء المغربية للمخرج الفرنسي الإسباني أوليفييه لاكس، والفيلم الدرامي العائلي "صوت السقوط" (ساوند أوف فولينغ) للمخرجة الألمانية ماشا شيلينسكي التي تستكشف مئة عام من الصدمات العائلية من خلال مصير أربع نساء في الفيلم.

ومن بين المخرجات السبع المشاركات في المسابقة من أصل 22 فيلما، وحدها هذه المخرجة البالغة 41 عاما ظفرت بجائزة.

كما أن الشقيقان البلجيكيان لوك وجان بيار داردين، وهما من أنجح السينمائيين في تاريخ المهرجان، إذ نالا السعفة الذهبية مرتين خلال مسيرتهما، حصدا مكافأة جديدة هي جائزة السيناريو عن فيلمهما "الأمهات الشابات" (يانغ ماذرز).

وقد فازا بهذه المكافأة للمرة الثانية بعد جائزة أولى عن "صمت لورنا" سنة 2008. ويدور عملهما الاجتماعي الجديد حول دار تعنى برعاية أمهات مراهقات يعانين ظروفا صعبة.

وفي ختام مهرجان كان بدورته الثامنة والسبعين التي لم تغب عنها السياسة، فقد حضرت الصراعات في الشرق الأوسط وأوكرانيا في المهرجان، فاز فيلم "مملكة القصب" الذي عرض ضمن فعاليات أسبوعَي المخرجين للمخرج العراقي حسن هادي بجائزة "الكاميرا الذهبية".

وكتب المخرج المسرحي العراقي أنس عبدالصمد في تدوينة نشرها على صفحته بموقع فيسبوك "ألف مبارك للسينما العراقية! فوز الفيلم العراقي بجائزة السعفة الذهبية (الكاميرا الذهبية) في مهرجان كان السينمائي الدولي هو لحظة تاريخية نفتخر بها جميعًا. إنجاز عالمي يؤكد أن صوت العراق حاضر، مبدع، ومؤثر على الساحة الفنية العالمية. تحية لصُنّاع الفيلم ولكل من آمن أن الإبداع العراقي لا تحدّه الظروف، بل يزدهر رغمها. من العراق إلى العالم… مبروك لنا جميعًا!".

وتدور أحداث الفيلم في أوائل تسعينات القرن العشرين، عندما كان العراق خاضعا لعقوبات اقتصادية صارمة فرضتها الأمم المتحدة بعد غزوه للكويت.

وجائزة الكاميرا الذهبية هي جائزة تتنافس عليها جميع أفلام المسابقة الرسمية في مهرجان كان، بما في ذلك أكثر من 150 فيلمًا طويلا، ما يشكل هذا إنجازا استثنائيا للسينما العراقية، وحدث نادر لا يتكرر كل يوم، ولا يحدث لأي فيلم.

وكانت وزارة الثقافة والسياحة والآثار أعلنت خلال مايو/أيار الجاري عن مشاركة العراق رسميا وللمرة الأولى بجناح خاص في سوق أفلام مهرجان كان السينمائي الدولي 2025، حاملاً معه صوت السينما العراقية، رواياتها، ذاكرتها، وتفاصيلها التي لا تنكسر من خلال مبادرة دعم السينما العراقية.

ويمثّل الجناح العراقي منصة تربط العراق بالعالم من خلال السينما، معلناً عن بداية عقد للسينما العراقية وخطوة انطلاقة جديدة نحو العالمية، تشرق فيه الحكايات العراقية على شاشات المهرجان الأهم عالميا.

وشهد المهرجان الفرنسي خلال الأسبوعين الماضيين عروضا زاخرة بالنجوم، من دينزل واشنطن إلى توم كروز الذي جاء لتقديم أحدث أفلام سلسلة "ميشن إمباسيبل"، مرورا بسكارليت جوهانسون التي شاركت بأول تجربة إخراجية لها، ونيكول كيدمان.

 

ميدل إيست أونلاين في

25.05.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004