"قصصٌ
تُرى وتُروى" في مهرجان أفلام السعودية
دورة تحتفي بإبراهيم الحساوي ومسيرته الفنية الاستثنائية.
يثبت مهرجان أفلام السعودية نفسه كواحد من أهم المهرجانات
السينمائية في المملكة، وفي دورته المنعقدة حاليا يسلط الضوء على أعمال
سينمائية مهمة لمخرجين من السعودية وخارجها، تبحث أغلبها في موضوع الهوية
بأساليب معاصرة تواكب حركة الفن السابع حول العالم.
الرياض
- يواصل
مهرجان أفلام السعودية تقديم فعاليات دورته الحادية عشرة حتى الثالث
والعشرين من أبريل الجاري، تحت شعار “قصصٌ تُرى وتُروى”، وتركز على محور
“سينما الهوية”، بهدف استكشاف كيف تعكس السينما الهويات الشخصية والثقافية
والوطنية.
المهرجان انطلق مساء الخميس بحفل أقيم في مركز الملك
عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) بمدينة الظهران بمشاركة 67 فيلما، ويُعد
من أقدم مهرجانات الأفلام في السعودية، حيث انطلق في عام 2008، مانحًا
صنّاع الأفلام المحليين منصة لعرض أفلامهم، وتطوير نصوصهم، والاشتراك في
البرامج التعليمية، والتواصل مع صنّاع أفلام آخرين للعمل على مشاريع
مستقبلية.
وتُقام على هامش المهرجان 4 ندوات و4 برامج تدريبية،
بالإضافة إلى عقد 3 جلسات تتخللها فعاليات توقيع كتب الموسوعة السعودية
للسينما، كما يضم سوق الإنتاج المصاحب للمهرجان 22 مشروعًا بواقع 22 جهة
عرض.
ومن أبرز فعاليات المهرجان هذا العام عرض فيلم الافتتاح
“سوار” وهو من إخراج أسامة الخريجي ومن إنتاج سعودي، ومن بطولة يزيد
المجيول وفهيد محمد وعلي سرور وسارا البهلكي ويوسف دمير وأوزجي سومر.
إبراهيم الحساوي: التكريم
استثنائي لأنني عاصرت هذا المهرجان منذ دورته الأولى
ويُسلط الفيلم الضوء على قضايا اجتماعية معاصرة من خلال
حكاية طفلين حديثي الولادة أحدهما سعودي والآخر تركي، جرى تبديلهما بطريق
الخطأ في المستشفى، لكن المصادفة وحدها تؤدي إلى اكتشاف الأمر بعد أن أصبحت
لكل منهما عائلته وحياته الخاصة.
وتُروى أحداث الفيلم على مدار 3 فصول مؤثرة، ليقدّم “سوار”
قصة متجذّرة في عمق المجتمع السعودي، تتقاطع مع أبرز محاور الدورة الحادية
عشرة من المهرجان، “سينما الهوية”.
كما كرم المهرجان خلال حفل الافتتاح الفنان السعودي إبراهيم
الحساوي تقديرًا لمسيرته الفنية وإسهاماته في دعم صناعة الأفلام في
السعودية.
والحساوي (1964) ممثل وشاعر ومخرج ومنتج سعودي، في رصيده
أربعة عقود من الإبداع الفني والكثير من الأعمال الفنية وخاصة منها
السينمائية افتتحها بفيلم “عايش” عام 2009، وامتلأ بتجارب حقّقت نجاحاتٍ
وقفزاتٍ ساهمت في تمهيد الطريق لصُنّاع الأفلام الشباب في المملكة، ومنها
“شكوى” و”ليمون أخضر” و”بسطة” و”فضيلة أن تكون لا أحد” و”أيقظني” و”المسافة
صفر” و”أغنية الغراب” و”إلى ابني”، وغيرها من الأفلام. وهو حاصل على جائزة
“الأفلام” من مبادرة الجوائز الثقافية الوطنية عام 2023.
وخلال كلمة له بالمناسبة أهدى الحساوي تكريمه إلى صناع
الأفلام وزوجته، قائلاً “من يستحق التكريم حقًا هم صناع الأفلام الذين
منحوني فرصة الظهور في أعمالهم، وهذا التكريم أهديه لرفيقة الدرب وحبيبة
القلب.. زوجتي.”
وأضاف “ممتن لهذا التكريم، كُرمت تكريمات عديدة أعتز فيها،
وهذا التكريم استثنائي لأنني عاصرت هذا المهرجان منذ دورته الأولى وحتى
الآن.”
كما وجّه شكره لرئيس هيئة الأفلام عبدالله العياف، الذي
منحه أول فرصة سينمائية من خلال مشاركته في فيلم “عايش”، مؤكّدًا أن هذه
الخطوة كانت نقطة تحوّل مهمة في مسيرته الفنية.
وبهذه المناسبة أطلق المهرجان كتابًا خاصًا يوثق رحلة
الحساوي بعنوان “إبراهيم الحساوي.. من مسرح القرية إلى شاشة العالم”، من
إعداد الكاتب والإعلامي جعفر عمران، كما عُرض فيلم وثائقي يستعرض أبرز
محطات حياته ومسيرته الفنية.
وأوضحت رئيسة قسم البرامج في مركز “إثراء” نورة الزامل أن
انطلاق الدورة الـ11 من مهرجان أفلام السعودية يأتي امتدادًا لدور المركز
في دعم الصناعات الإبداعية، واحتضان المواهب السينمائية السعودية والخليجية.
من أبرز فعاليات المهرجان هذا العام، عرض فيلم الافتتاح
"سوار" وهو من إخراج أسامة الخريجي ومن إنتاج سعودي
وأكدت أن المهرجان لم يعد مجرد منصة لعرض الأفلام، بل أصبح
مساحة حيوية تلتقي فيها العدسات وتتقاطع الرؤى، ليُعاد من خلالها تشكيل
الواقع بخيال إبداعي يعكس تنوّع المجتمع السعودي وثراء هويته.
وتابعت “من هنا اخترنا أن يكون محور المهرجان لهذا العام
‘سينما الهوية’ لنتساءل معا: هل بدأت تتشكل ملامح واضحة لهوية أفلامنا؟ أم
أننا لا نزال في مرحلة التلقي والتأثر؟ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف ننتقل
إلى موقع التأثير والإضافة في المشهد السينمائي؟”
وتسلط الدورة الحادية عشرة من المهرجان الضوء على السينما
اليابانية في سبيل بناء جسور لنقل المعرفة والتجارب إلى صنّاع الأفلام في
المملكة، حيث يعمل المهرجان على تعزيز حضور السينما السعودية عربيا
وعالميا، ودعم المبدعين من خلال منصات تفاعلية تُثري المشهد السينمائي
المحلي والدولي.
وسيعرض برنامج “أضواء على السينما اليابانية” في هذه الدورة
مجموعة أفلام مختارة من اليابان بالإضافة إلى تقديم باقة متنوعة من الأنشطة
ذات الصلة، متضمنًا البرنامج ورش عمل وتجارب تفاعلية للأطفال والعائلات
وحضور المهرجان.
ويهدف محور “سينما الهوية” إلى عرض مجموعة من أبرز الأفلام
الطويلة والقصيرة، العربية والدولية، التي تستكشف موضوع الهوية في
المجتمعات. كما يتناول البرنامج أفلاما تعكس وتؤثر في فهم الهوية الفردية
والوطنية والثقافية، مع تسليط الضوء على التحديات والتحولات التي تواجه
الهوية. ويُعنى المهرجان أيضا بالأفلام التي تبرز التراث الثقافي
والمعماري، وتستكشف العلاقة بين المدن والهوية، وتأثير هذه العلاقة على
مستقبل المجتمعات.
وتضم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة لهذا العام ثمانية
أعمال تمثّل طيفًا متنوعًا من التجارب السردية والبصرية، من بينها ثلاثة
أفلام سعودية هي: “ثقوب” للمخرج عبدالمحسن الضبعان، و”سلمى وقمر” للمخرجة
عهد كامل، و”هوبال” للمخرج عبدالعزيز الشلاحي، إلى جانب مشاركات عربية مثل
“أناشيد آدم” للمخرج العراقي عدي رشيد، و”رفعت الجلسة” للمخرج الكويتي محمد
المجيبل، و”فخر السويدي” للمخرج المصري هشام فتحي بالمشاركة مع السعوديين
عبدالله بامجبور وأسامة صالح، بالإضافة إلى فيلم “إسعاف” للمخرج البريطاني
كولين تيج. وتُسجّل هذه الدورة العرض العالمي الأول لفيلمين هما “رفعت
الجلسة”، و”سوار”.
الدورة الحادية عشرة تُنظّم عددًا من البرامج المصاحبة التي
تثري المشهد السينمائي، أبرزها "سوق الإنتاج"
أما مسابقة الأفلام الوثائقية فتشهد مشاركة سبعة أفلام من
السعودية والخليج، تمزج بين التوثيق المباشر والتأمل الذاتي والرصد
الاجتماعي. من بين هذه الأعمال فيلم “عندما يشع الضوء” لريان البشري، الذي
يوثق مسيرة فنية لعدد من المبدعين السعوديين منذ الستينات حتى اليوم،
و”عثمان في الفاتيكان” لياسر بن غانم، الذي يتناول مسيرة الفنان عثمان
الخزيم من الخرج إلى الفاتيكان، بينما يأخذنا فيلم “الجانب المظلم من
اليابان” لعمر فاروق العوضي من البحرين في رحلة شخصية تكشف التناقض بين
الصورة المثالية لليابان وواقعها المعقّد.
ويُقدّم محمد الغافري من عُمان فيلم “عين السبعين”، الذي
يعرض حياة العم عبدالله الصقري عبر سبعة عقود من الزمن، في حين يرصد “سارح”
لعبدالله اسكوبي تفاصيل العلاقة بين راعي إبل وبيئته الصحراوية، بينما
يسلّط “دينمو السوق” لعلي العبدالله الضوء على رجل مسنّ يواصل العمل في سوق
الحراج بعد تقاعده، ويُختتم البرنامج بفيلم “قرن المنازل” لمشعل الثبيتي،
الذي يستعرض جماليات الطبيعة والتقاليد في قرية ريفية بالطائف.
وضمن مسابقة الأفلام الروائية القصيرة يتنافس 21 فيلمًا،
تنتمي إلى السعودية والخليج والعالم العربي، وتستعرض موضوعات متعلقة بالفقد
والهوية والتحولات النفسية والاجتماعية. ومن أبرز هذه الأعمال “قن” لمجتبى
الحجي، حيث يخوض طفل مغامرة لإرضاء أصدقائه بعد تمزيق والده لكرة اللعب،
و”تراتيل الرفوف” لهناء الفاسي، التي تكشف أسرارًا عائلية خلال رحلة إلى
العلا، بالإضافة إلى فيلم “أختين” لوليد القحطاني، الذي يتناول أزمة هوية
مهنية في مقابلة تلفزيونية، و”ناموسة” لرنيم ودانة المهندس، التي تغوص في
عالم رمزي بعوضي.
كما
يبرز فيلم “ميرا ميرا ميرا” لخالد زيدان بقصته عن رجل يفقد القدرة على
الكلام، و”علكة” لبلال البدر، حيث يهدي الطفل سعد أعزّ ما يملك -علكته-
لحبيبته الصغيرة دانيا. وتشمل الأعمال الأخرى “محض لقاء” لمحسن أحمد،
و”شريط ميكس” لعلي أصبعي، و”ملِكة” لمرام طيبة، و”هو اللي بدأ” لعبدالله
العطاس، وغيرها. ويُعرض عدد من هذه الأفلام للمرة الأولى عالميًا، مثل
“شرشورة” و”ونعم” و”محض لقاء” و”جوز” و”خدمة للمجتمع” و”هو اللي بدأ”.
إلى جانب المسابقات تُنظّم الدورة الحادية عشرة عددًا من
البرامج المصاحبة التي تثري المشهد السينمائي، أبرزها “سوق الإنتاج”.
وتشارك مؤسسة البحر الأحمر السينمائي، المشرفة على مهرجان
البحر الأحمر السينمائي، في الدورة الـ11 من مهرجان أفلام السعودية، عبر
جناح خاص ضمن سوق الإنتاج، بالإضافة إلى 5 أفلام مشاركة حظيت بدعم مؤسسة
البحر الأحمر السينمائي، ومنح مالية للمشاريع السينمائية في مرحلتي الإنتاج
والتطوير. وتأتي مشاركتها في إطار إستراتيجيتها الرامية إلى توثيق التعاون
والشراكات مع المهرجانات السينمائية المتميزة محليًا وعالميًا.
يُذكر أن المهرجان يُنظم من قبل جمعية السينما السعودية،
بالشراكة مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)، وبدعم من هيئة
الأفلام التابعة لوزارة الثقافة، ويُعد المهرجان منصة مهمة لصنّاع الأفلام
المحليين، حيث يُتيح لهم عرض أعمالهم، والتواصل مع محترفين في المجال،
والمشاركة في ورش عمل وبرامج تعليمية. كما يُمثل فرصة للجمهور لاكتشاف
أفلام مستقلة لا تُعرض في دور السينما التجارية. |