ملفات خاصة

 
 
 

«هوليوود» تقتل نجومها بمسلسلات ورسوم

ماذا سيفعل توم كروز بعد مهمّته المستحيلة الأخيرة؟

بالم سبرينغز كاليفورنيامحمد رُضا

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 97)

   
 
 
 
 
 
 

عندما يتساءل البعض أين هم النجوم الكبار؟ فهناك أكثر من جواب.

إذا كان السؤال عن عمالقة التمثيل في الفن السابع، أمثال مارلون براندو، وكلارك غيبل، وباربرا ستانويك، وجاك نيكلسن، وصوفيا لورِين، وجوليانو جيما، وهمفري بوغارت، وجيمس ستيوارت، وكاثرين دينوف، وأنتوني كوين، وعشرات سواهم، فإن الجواب هو أن معظمهم وافته المنية ورحل عن الدنيا. القلّة الباقية اعتزلت أو تجهدُ لأن تبقى حاضرة. المثال الأبرز هنا، كاثرين دينوف (81 سنة) التي شوهدت خلال عام 2024 في 3 أفلام متعاقبة.

أما إذا كان السؤال مناطاً بنجوم جيل الثمانينات والتسعينات ممن لا يزالون أحياء، أمثال سيلفستر ستالون، وأرنولد شوارتزنيغر، وسيغورني ويڤر، وسوزان ساراندون، وأنتوني هوبكنز، وميل غيبسن، وجيسيكا لانج، وكيم باسنجر، وغلين كلوز، وهاريسون فورد، وستيفن سيغال، وروبرت دي نيرو، وآل باتشينو وسواهم من الجيل نفسه، فحبّهم للبقاء على الشاشة مثالي يدفعهم للظهور إمّا في أدوار مساندة أو في أفلام صغيرة معظمها يتوفّر على منصات الاشتراكات.

أما بالنسبة للزمن الحالي، فإن الأمور مختلفة، فعلى الأقل تمتّع من ذُكروا أعلاه بأدوارٍ خالدة لا تُنسى في أنواع سينمائية متعدّدة (أكشن، دراما، كوميديا، ميوزيكال... إلخ).

الحال أنه لم يعد هناك من ممثلين كثيرين يستطيعون حمل أعباء فيلمٍ واحدٍ من نقطة الانطلاق إلى أعلى قائمة النجاح. أحد القلّة توم كروز، وذلك بسبب سلسلة «Mission: Impossible» التي قاد بطولتها منفرداً، ولا تزال لديه ورقة واحدة من هذا المسلسل مفترضٌ بها أن تهبط على شاشات السينما في مايو (أيار) المقبل.

بطولات جماعية

بكلمة أخرى: لم يعد هناك نجوم كما كان الحال في زمن مضى. نعم هناك توم هانكس، وروبرت داوني جونيور، وجوني دَب، وسكارليت جوهانسون، ودانيال كريغ، ونيكول كيدمان، لكن على عكس الماضي البعيد، عندما كان اسم الممثل رهاناً على إقبالٍ هائل لجمهور لا يفوّت أي فيلم له، لا يستطيع أحد من هؤلاء، على الرغم من ذيوع اسمه، ضمان نجاح فيلمٍ واحدٍ.

ما يُثبت ذلك، هو استقراءُ حقيقة سقوط أفلامٍ أدّى المذكورة أسماؤهم أعلاه بطولاتها منفردين، لكنها أثمرت عن فتورِ إقبالٍ كما حال توم هانكس، وجنيفر لورنس، وجوني دَب، وروبرت داوني جونيور.

الحادث فعلياً أن «هوليوود» قضت على نجومها بنفسها.

كيف فعلت ذلك؟ وما المنهج الذي اتبعته ولماذا؟

الذي حصل، منذ 3 عقود وإلى اليوم، هو أن هوليوود أطلقت، منذ مطلع القرن الحالي، مئات الأفلام ذات الأجزاء المتسلسلة بحيث بات اهتمامُ الجمهور منصبّاً على الفيلم وليس على الممثل الذي لم يَعُد وحده في معظمها، بل يؤازره ممثلون آخرون من حجم النجومية نفسها.

كثير من هذه المسلسلات يضعُ ممثلين مشهورين في البطولة كما حال سلسلة «The Avengers»، التي ضمّت روبرت داوني جونيور، وسكارليت جوهانسن، وجوينيث بالترو، وصامويل ل. جاكسون، ومارك رافالو، وكريس إيڤانز تحت مظلّتها.

في مسلسل «كابتن أميركا»، وإلى جانب داوني جونيور، وسكارليت جوهانسون، وإيڤنز، أيضاً تناثر بول رود، وتوم هولاند، وإليزابيث أولسن. كلُ واحدٍ منهم قدّم في هذا المسلسل وسواه من أفلام الكوميكس والسوبر هيروز نمرته، وقبض أجره ومضى منتظراً الجزء التالي.

أيّ فيلم خارج هذه المنظومة مرجّح فشله. بذلك تكون «هوليوود» قد ساهمت في دفن نجومها عبر توجيه الجمهور لقبولهم الجميع معاً على طريقة «اشترِ اثنين واحصل على الثالث مجاناً».

ولا عجب أن أعلى الأفلام إيراداً حول العالم كسرت إمكانية تعزيز العودة إلى أيامٍ كان اسم ممثلٍ كبيرٍ واحدٍ، (لنقل كلينت إيستوود أو أنتوني هوبكنز)، كفيلاً بجرِّ أقدام المشاهدين إلى صالات السينما بسببه هو.

الأفلام العشرة التي تقود قائمة أعلى الأفلام رواجاً حول العالم، تتألف من 4 أفلام من «الأنيميشن» هي، «Inside Out 2»، و«Despicable Me 4»، و«Moana 2»، و«Kung Fu Panda 4».

بعض هذه الأفلام جاءت بممثلين مجهولين، وأُخرى جلبت بعض الأسماء المعروفة. في «إنسايد آوت 2»، اعتُمد على عددٍ من الممثلين غير المعروفين أمثال مايا هوك، وليزا لابيرا، وتوني هايل، ولويس بلاك.

في «مونا 2»، استُعين باسم معروف واحد هو، دواين جونسون الذي تقاضى 50 مليون دولار وأُحيط بممثلين مجهولين. نعم الإقبال على هذا الفيلم أثمر عن 441 مليونَ دولارٍ حتى الآن (ما زال معروضاً)، لكن ليس بسبب اسم بطله جونسون، بل بسبب تطبيع جمهور مستعدٍ لأن يرى الفيلم حلقةً مسلسلةً أكثر مما يهتم لو أن جونسون أو دنزل واشنطن قام بالأداء الصوتي.

سقوط وونكا

أحد الأفلام العشرة كان من بطولة وحشين كاسرين هما غودزيللا وكينغ كونغ. معهما من يحتاج لممثلين معروفين، أشهر المشتركين كانت ريبيكا هول، أما الباقون فهم مجموعة جديدة أخرى لم يعد باستطاعة كثيرين حفظ أسمائهم.

يتمتع الفيلم الخامس في القائمة «Dune 2»، بوجود ممثلين معروفين أمثال تيموثي شالامي، وزيندايا، وخافيير باردم. لكن الكل يعرف هنا أنه لو لم يكن شالامي أو زيندايا أو باردم لكان هناك آخرون لن يقدّموا أو يؤخّروا نجاح هذا الفيلم، لأن الإقبال كان، كما كل الأفلام الأخرى، من أجله وليس من أجل ممثليه.

لهذا نجد أنه عندما حاول شالامي تعزيز مكانته ببطولة منفردة في «Wonka»، سقط الفيلم وأنجز أقلَّ بكثيرٍ ممّا وعد به.

ما سبق يؤكد الحالة الحاضرة من أن نظام إطلاق أفلام الرُّسوم والمسلسلات الفانتازية أثمر عن إضعاف موقع الممثل جماهيرياً. غداً عندما ينتهي كروز من عرض آخر جزءٍ من «المهمّة: مستحيلة» سينضمُّ إلى من أفُلَت قوّتهم التجارية أو كادت. سينضم إلى جوني دَب، مثلاً، الذي من بعد انقضاء سلسلة «قراصنة الكاريبي» وجد نفسه في وحول أفلام لا ترتفع بإيرادها إلى مستوى جيد.

 

####

 

شاشة الناقد

«العواصف» و«احتفال»

محمد رُضا

LES TEMPÊTES

(جيد)

* إخراج: دانيا ريمون-بوغنو

* فرنسا/ بلجيكا (2024)

الفيلم الثاني الذي يتعاطى حكاية موتى- أحياء، في فيلم تدور أحداثه في بلدٍ عربي من بعد «أغورا» للتونسي علاء الدين سليم («شاشة الناقد» في 23-8-2024). مثله هو ليس فيلم رعب، ومثله أيضاً الحالة المرتسمة على الشاشة هي في جانب كبير منها، حالة ميتافيزيقية حيث العائدون إلى الحياة في كِلا الفيلمين يمثّلون فكرةً أكثر ممّا يجسّدون منوالاً أو حدثاً فعلياً.

«العواصف» إنتاج فرنسي- بلجيكي للجزائرية الأصل بوغنو التي قدّمت 3 أفلام قصيرة قبل هذا الفيلم. النقلة إلى الروائي يتميّز بحسُن تشكيلٍ لعناصر الصورة (التأطير، والإضاءة، والحجم، والتصوير نفسه). لكن الفيلم يمرّ على بعض التفاصيل المكوّنة من أسئلة لا يتوقف للإجابة عليها، أبرزها أن بطل الفيلم ناصر (خالد بن عيسى)، يحفر في التراب لدفن مسدسٍ بعد أن أطلق النار على من قتل زوجته قبل 10 سنوات. لاحقاً نُدرك أنه لم يُطلق النار على ذلك الرجل بل تحاشى قتله. إذن، إن لم يقتل ناصر أحداً لماذا يحاول دفن المسدس؟

الفيلم عن الموت. 3 شخصيات تعود للحياة بعد موتها: امرأتان ورجل. لا أحد يعرف الآخر، وربما يوحي الفيلم، أنّ هناك رابعاً متمثّلاً بشخصية ياسين (مهدي رمضاني) شقيق ناصر.

ناصر هو محور الفيلم وكان فقد زوجته «فجر» (كاميليا جردانة)، عندما رفضت اعتلاء حافلة بعدما طلب منها حاجز إرهابي ذلك. منذ ذلك الحين يعيش قسوة الفراق. في ليلة ماطرة تعود «فجر» إليه. لا يصدّق أنها ما زالت حيّة. هذا يؤرقها فتتركه، ومن ثَمّ تعود إليه إذ يُحسن استقبالها هذه المرّة. الآخران امرأة ورجل عجوزان لا قرابة أو معرفة بينهما. بذا الموت الحاصد لأرواح تعود إلى الحياة من دون تفسير. الحالة نفسها تقع في نطاق اللا معقول. الفصل الأخير من الفيلم يقع في عاصفة من التراب الأصفر، اختارته المخرجة ليُلائم تصاعد الأحداث الدرامية بين البشر. تنجح في إدارة الجانبين (تصوير العاصفة ووضعها في قلب الأحداث)، كما في إدارة ممثليها على نحوٍ عام.

ما يؤذي العمل بأسره ناحيةٌ مهمّةٌ وقعت فيها أفلام سابقة. تدور الأحداث في الجزائر، وبين جزائريين، لكن المنوال الغالب للحوار هو فرنسي. النسبة تصل إلى أكثر من 70 في المائة من الحوار بينما، كما أكّد لي صديق من هناك، أن عامّة الناس، فقراء وأغنياء وبين بين، يتحدّثون اللهجة الجزائرية. هذا تبعاً لرغبة تشويق هذا الإنتاج الفرنسي- البلجيكي، لكن ما يؤدي إليه ليس مريحاً أو طبيعياً إذ يحول دون التلقائية، ويثير أسئلة حول غياب التبرير من ناحية، وغياب الواقع من ناحية أخرى.

* عروض مهرجان مراكش.

«احتفال» (كرواتيا إودڤيحوال سنتر)

CELEBRATION

(ممتاز)

* إخراج: برونو أنكوڤيتش

* كرواتيا/ قطر (2024)

«احتفال» فيلم رائع لمخرجه برونو أنكوڤيتش الذي أمضى قرابة 10 سنوات في تحقيق أفلام قصيرة. هذا هو فيلمه الطويل الأول، وهو مأخوذ عن رواية وضعها سنة 2019 دامير كاراكاش، وتدور حول رجل اسمه مِيّو (برنار توميتش)، نَطّلع على تاريخ حياته في 4 فصول. الفصل الأول يقع في خريف 1945، والثاني في صيف 1933، والثالث في شتاء 1926، والرابع في ربيع 1941. كلّ فصل فيها يؤرّخ لمرحلة من حياة بطله مع ممثلٍ مختلف في كل مرّة.

نتعرّف على مِيو في بداية الفيلم يُراقب من فوق هضبة مشرفة على الجيش النظامي، الذي يبحث عنه في قريته. يمضي مِيو يومين فوق الجبل وتحت المطر قبل أن يعود الفيلم به عندما كان لا يزال فتى صغيراً عليه أن يتخلّى عن كلبه بسبب أوامر رسمية. في مشهد لا يمكن نسيانه، يربط كلبه بجذع شجرة في الغابة ويركض بعيداً يلاحقه نباح كلب خائف، هذا قبل أن ينهار مِيو ويبكي. ينتقل الفيلم إلى شتاء 1926. هذه المرّة الحالة المعيشية لا تسمح لوالده بالاختيار، فيحمل جدُّ مِيو فوق ظهره لأعلى الجبل ليتركه ليموت هناك (نحو غير بعيد عمّا ورد في فيلم شوهاي إمامورا «موّال ناراياما» The Ballad of Narayama سنة 1988). وينتهي الفيلم بالانتقال إلى عام 1941 حيث الاحتفال الوارد في العنوان: أهالي القرى يسيرون في استعراضٍ ويرفعون أيديهم أمامهم في تحية للنازية.

«احتفال» معني أكثر بمراحل نمو بطله وعلاقاته مع الآخرين، وسط منطقة ليكا الجبلية الصعبة كما نصّت الرواية. ما يعنيه هو ما يُعانيه مِيو وعائلته وعائلة الفتاة التي يُحب من فقر مدقع. هذا على صعيد الحكاية وشخصياتها، كذلك وَضعُ مِيو وما يمرّ به من أحداث وسط تلك الطبيعة القاسية التي تُشبه قسوة وضعه. ينقل تصوير ألكسندر باڤلوڤيتش تلك الطبيعة وأجواءها الممطرة على نحوٍ فعّال. تمثيلٌ جيدٌ وناضجٌ من مجموعة ممثلين بعضُهم لم يسبق له الوقوف أمام الكاميرا، ومن بينهم كلارا فيوليتش التي تؤدي دور حبيبة مِيو، ولاحقاً، زوجته.

* عروض مهرجان زغرب (كرواتيا).

 

الشرق الأوسط في

26.12.2024

 
 
 
 
 

يستحق الأوسكار.. ادريان برودي في The Brutalist

البلاد/ طارق البحار:

بين فيلمي "The Brutalist" و"The Pianist"، أصبح النجم أدريان برودي الآن مسؤولاً بمفرده عن اثنين من أقوى الأفلام في القرن الحادي والعشرين. وبالتأكيد، لا يهم ما إذا كان برودي سيفوز بجائزة الأوسكار الثانية في عام 2025. بعد 21 عاماً من كونه أصغر فائز بجائزة الأوسكار لأفضل ممثل عن دوره في "The Pianist"، يقدم برودي من خلال "The Brutalist" أداءً متميزاً يعزز مكانته في تاريخ السينما.

انفتح برودي مؤخرا على الصدمة التي عانى منها أثناء لعب دور Władysław Szpilman، عازف البيانو، وسعيه للنجاة من أهوال الحرب العالمية الثانية. أؤمن بكل كلمة من برودي عندما يقول إن هذا الدور حطمه جسديا وعقليا وروحيا. هذا بلا شك أحد أصعب الأفلام التي شاهدتها على الإطلاق.

والآن لدينا فيلم The Brutalist مع برودي مرة أخرى، يلعب دور رجل يهرب من الحرب العالمية الثانية. يتناول الفيلم الدرامي الذي يمتد لثلاث ساعات ونصف، قصة "لازلو توث"، المهندس المعماري، على مدار ما يقرب من أربعة عقود. خلال هذه الفترة، يهاجر إلى الولايات المتحدة ويبدأ العمل مع رجل ثري ولكنه متهور يسعى لبناء مركز مجتمعي طموح.

خلال الأحداث، يساعد لازلو في لم شمل هذا الرجل مع زوجته المريضة (جونز) ويبدأ في تشييد المبنى الذي يحلم به. لكن حادثة حاسمة تغير مسار حياتهم جميعًا إلى الأبد.

ويضم فريق جو ألوين، وأليساندرو نيفولا، وجوناثان هايد، وإسحاق دي بانكولي، ورافي كاسيدي، وستاسي مارتن، وإيما ليرد، وبيتر بوليكاربو.

 وإضافًة إلى إخراج الفيلم، شارك كوربيت أيضًا في كتابة السيناريو مع زوجته مونا فاستفولد.

لا يهم ما إذا كان أدريان برودي يفوز بجائزة الأوسكار الثانية أم لا، فهو بلا شك ممثل من الأجيال ومالك اثنين من أفضل الأفلام في هذا القرن.

 

البلاد البحرينية في

26.12.2024

 
 
 
 
 

«نوسفيراتو» .. إعادة تصور لتحفة سينمائية كلاسيكية

لوس أنجلوس ـ «سينماتوغراف»

تستعد السينما العالمية لاستقبال فيلم «نوسفيراتو»، العمل الجديد الذي يعيد إحياء أحد أكثر الأفلام تأثيرًا في تاريخ الرعب.

الفيلم من إخراج روبرت إيجرز، الذي اشتهر بأسلوبه الفريد في تقديم القصص السينمائية، ويضم مجموعة مميزة من النجوم، بما في ذلك ليلي روز ديب وبيل سكارسجارد.

يعيد الفيلم تقديم القصة الأصلية لفيلم الرعب الكلاسيكي الصامت الذي صدر عام 1922، ولكن برؤية جديدة تعكس تطور صناعة السينما.

«نوسفيراتو» يتناول حكاية مصاص دماء قديم يعيش في قلعة نائية، حيث تنقلب حياته رأسًا على عقب عندما يقع في حب امرأة شابة.

الفيلم يجمع بين أجواء الرعب الكلاسيكية والتأملات النفسية العميقة حول الحب، الوحدة، والطبيعة البشرية، ويهدف إلى إعادة سرد القصة مع الحفاظ على روحها الأصلية، بينما يضيف لمسة معاصرة تجعلها قريبة من الجمهور الحديث.

يقود المشروع المخرج روبرت إيجرز، الذي اشتهر بأعماله السينمائية المبتكرة مثل «ذا ويتش» و»ذا لايتهاوس»، ويتميز بقدرته على خلق عوالم سينمائية غامرة تجمع بين التفاصيل التاريخية الدقيقة والأجواء النفسية المكثفة.

في دور نوسفيراتو، يقدم بيل سكارسجارد أداءً مميزًا يبرز تعقيدات الشخصية ويمنحها أبعادًا جديدة. أما ليلي روز ديب، فتجسد دور المرأة الشابة التي تصبح مركز الصراع في القصة، مقدمة أداءً عاطفيًا يعكس عمق الشخصية.

«نوسفيراتو» يعتمد على مزيج من التصوير السينمائي التقليدي والتقنيات الحديثة في المؤثرات البصرية، مما يخلق تجربة سينمائية تجمع بين الطابع الكلاسيكي والجاذبية العصرية. الفيلم تم تصويره في مواقع متنوعة تعكس جمال وغموض الحقبة الزمنية التي تدور فيها الأحداث.

 

موقع "سينماتوغراف" في

26.12.2024

 
 
 
 
 

"مهرطق" أميركي: تمرين سينمائي لزعزعة براءة الدعاة

محمد بنعزيز

يصمد السرد الديني في المشهد السينمائي المعاصر. في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أُنجز "مهرطق (Heretic)" للأميركيين سكوت بِك وبراين وودر، عن داعية شابّة أنزل الربّ عليها الإيمان، فقرّرت أنْ تغامر، وتحثّ الغافلين على اتباع طريقها بحماسة. فيلمٌ بشخصيات قليلة، تشتبك في حوارات كثيرة وجمل قصيرة، في فضاء قوطي مُغلق ومؤثّث برموز دينية تستدعي العالم الخارجي.

هناك، تلتقي الداعية بالغافل في خلوة غير شرعية. تدعوه إلى اتباع طريق الإيمان والصلاح والفلاح، فيطرح عليها أسئلة ورّطتها في حوار لاهوتي لم يُدرّبها معلّموها عليه. يكشف لها الغافل كيف يفترض كلّ داعية أنّه يُسوّق أطروحة متماسكة حقيقية، ستسحق كلّ الأطروحات المضادة المزيفة. تسعدها هذه المقدمة، فيسألها عن الحدود الفاصلة بين الدعوة وغسل الدماغ. يُعلّمها الغافل، الذي كشف مخالبه الفكرية، أنّه لا يمكن لمن يدعو الناس أنْ يتجاهل أحكامهم المسبقة ضده. يبدو له ذلك غامضاً، فيذكر لها أنّ راعي كنيستها متعدّد الزوجات.

بعد الصدمة، يسألها كيف لداعية تمجيد زعيم كنيسة، أباح لنفسه تعدّد الزوجات. هذا يحرج الداعية النسوانية التي تطمس معلومات تغفل عنها البراءة.

لماذا تغفلُ؟ لأن التفاصيل والوقائع مُضرّة بفعالية الخطاب الدعوي التبسيطي. لا يوجد داعية يتحدّث عن زوجات زعيمه الديني وجواريه.

هنا، ضبط المهرطق المتمكّن الداعية الغافلة متلبسة بالتناقض. ما الموقف من تعدّد الزوجات في العالم المعاصر؟ مرفوض. كيف يُمكن لمناضلة نسوية أنْ تدعو إلى اتباع كاهن متزوّج بعدّة نساء؟ تفسير: يزعم المهرطق أنّ الديانة تعني السيطرة على البشر. يسخر من الكنيسة التي كانت توزّع كتاب الله (الإنجيل) على ضحايا الإعصار في هايتي.

خرّب التشكيك البراءة العقديّة، لذا عملت محاكم التفتيش سابقاً على تنقية المجتمع من الهراطقة. لكنّ عددهم ازداد في زمن الحداثة الشكّاكة حتّى في نفسها. في هذا السياق الجديد، وقعت الداعية بين يدي مثقّف مُسلّح بأدبيات الهرطقة. هذا يُفسّر الملصق الذي جعلها تحت أصابع الخصم، بينما تبدو هي كدمية.

أخضع المهرطق الداعية الشابّة لاختبار عقدي تجريبي. اجتازت بضع عتبات، لتكتشف الأعداء والأصدقاء. هذا أوقعها في الكهف والمتاهة المتفرّعة منه. المكان استعارة لمتاهة جدل الكفر والإيمان.

حصل تطوّر: هذا مُهرطق متنوّر، وليس غافلاً. يستخدم معجماً دينياً، ويسكن بيتاً قوطياً. لم يغيّر الإنكار والنفي معجمه، ولا فضاءه الذي يشبه دهاليز العقائد والفرق الدينية.

رجل وامرأة في فضاء مغلق. جرى تصوير معظم "مهرطق" في فضاء مغلق يشبه كهفاً. يُغلق الدوغمائي على نفسه منزلاً من دون نوافذ. لا يتحمّل المسارات المفتوحة، وهو يُذكِّر بأصول أسطورة الشهيد، ابن العذراء الإغريقية، الذي ضحّى بنفسه لينقذ البشر. يربط هذا بشخصية أفلام "ستار وارز جار جار (Jar Jar Binks)"، التي تعيش في كهف بحري. هذه استعارة لوحدة الاتجاه واستحالة العودة إلى الوراء. إنّها الأسطورة وحيدة الاتجاه بلغة جوزيف كابل (البطل بألف وجه)، كنفق في جوف كهف. للإشارة، يتبع السيناريو الخطوات الاثنتي عشرة من كتاب فوغلر كريستوفر، "دليل السيناريست" (ترجمة زياد خاشوق، سلسلة "الفن السابع"، 229، منشورات وزارة الثقافة بدمشق، 2012).

في ذلك الكهف الواقع وسط الولايات المتحدة، أكان استعارة دينية أو مكاناً في بطن جبل، تتعرّض الداعية الشابّة لكلّ الاختبارات، لتجد مفتاح المغارة. حينها، تنقلب المتاهة، وينقلب اتّجاه السهم ضد المهرطق السفسطائي. صار الصراع جسدياً، لأنّه لم يُحلّ الخلاف العقدي كلامياً.

ماذا لو كان المهرطق أدرى بالدين من الداعية؟ سينقلب اتّجاه السهم. يقود الجدل إلى مستنقعات الهرطقة.

يحتاج المتفرّج إلى معرفة عميقة بالأديان المُقارِنة لفهم الحوار المتوتّر. حوار مزلزل يلعب على الجناس بين الأديان التوحيدية ولعبة أحادية (Monopoly Monotheisme). استُعيرت الألعاب لمقارنة الأديان التي تتشابه في منطقها. يلعب المهرطق على الملتبس والمتشابه لنفي تميّز الطوائف، وإثبات تناسخ الحكايات والأرواح والديانات. ساخراً، يُطالب الطوائف الدينية اللاحقة بدفع حقوق المؤلّف للعهد القديم، الذي يتبعه 0.2 بالمئة من البشر. يلاحظ المهرطق أنّ النسخ أكثر نجاحاً من الأصل، وأنّ هذا هزل خطر عقدياً.

ما الديانة الصحيحة؟ إنّها ديانتنا. من يستطيع الاعتقاد بأنّ هناك ثلاث ديانات صحيحة؟ الإيمان مطلق، لا يقبل النسبية العقدية.

هذه مقارنات خطرة. تحتفي الإنسانية بالتشابهات، بينما تتغنّى العقائد بالتفرّد، لفصل المؤمن والكافر والأسوأ: المهرطق. المهرطق مرتدّ منقضّ. ليس كافراً. لو كان كذلك، لسَهل التعامل معه. إنّه على الديانة نفسها، ويزعزع العقيدة من الداخل. تفسير التثليث وشرعية التصوير سبب الهرطقة المسيحية. إسلامياً، يتسامح السنّي المغربي مع المسيحي واليهودي أكثر من تسامحه مع المؤمن (المهرطق الزنديق؟) الشيعي. ما يجري في سورية الآن مُبهج للقنوات التلفزيونية للسنّة.

وقعت الداعية الغافلة المتحمّسة صدفة بين يدي متخصّص بالأديان المقارنة، ومُطّلع على تشابهات الغصن الذهبي (لوحة وليام تورنر "الغصن الذهبي"، وكتاب جيمس جورج فرايزر)، الذي يرجع الأغصان والعقائد والطوائف إلى جذع إنساني واحد. تشابهات تنسف اعتقاد كلّ مُتديّن بتفرّد ديانته. لن يقبل الذين اشتروا الإنجيل من دونالد ترامب في الانتخابات هذا الطرح. غالباً، يُصوَّر الآخر المُخالف لنا في حكايتنا عنه كنسخة مشوّهة منا.

يجادل المهرطق ببهجة، وبابتسامة ساخرة: لم يعد الدين في مركز الثقافة. المهرطق، المُسلّح بأدبيات الهرطقة، أخطر، لأنّه يزرع الشكّ من داخل الديانة. يزعم إعادة المعجزة في مختبر، كما تفعل العلوم الطبيعية بإعادة تشريح الضفدع. يستخدم الغار والكهف كمختبر بشري بافلوفي (Ivan Pavlov) في تجربة علمية: إعادة إنتاج تجربة شكّلت نقطة انطلاق المسيحية. تخاف الداعية من خطر التجريب على الإيمان القلبي.

هذا فيلم أطروحة، عماده الحوار. تعوّض المجادلات الطويلة ضعف اللغة السينمائية. قال غابرييل غارسيا ماركيز: "حين يكثر الحوار في فيلمٍ، فما لدى المخرج فكرة وليس قصة".

ربما يكون هذا ضعفاً فنياً للفكرة، لكنّها فكرة متجذّرة، تجذّر الأديان في حياة البشر.

 

العربي الجديد اللندنية في

27.12.2024

 
 
 
 
 

اليوم | السينما العالمية تحتفل بمرور 129 عاماً على اختراعها

الوكالات ـ «سينماتوغراف»

تحتفل السينما العالمية اليوم بعيد ميلاد اختراعها الـ129، حيث أقيم أول عرض سينمائي في باريس يوم الـ28 ديسمبر عام 1895، حينما أجرى الأخوان لوميير أول حفلة سينمائية أمام الجمهور.

ويتم الاحتفال بعطلة صانعي الأفلام وعشاق السينما على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، إذ تم تحديد موعد اليوم الدولي للسينما ليتزامن مع اليوم الذي عقد فيه الأخوان لوميير الدورة الأولى للسينما في باريس، حيث عرض فيلم «وصول القطار إلى محطة لا سيوتات».

وعقدت الجلسة السينمائية الأولى في «جراند كافيه»، باريس 28 ديسمبر الأول 1895، وكانت الأفلام القصيرة الصامتة مدتها أقل من دقيقة واحدة وغالبًا ما استخدمت فيها الموسيقا. وعندما أصبحت السينما صوتية، قرر معظم المنتجين أنه لا حاجة للحفاظ على الأفلام الصامتة فدمر معظمها، وهكذا وصل إلى يومنا هذا ربع الأفلام الصامتة تقريبًا.

أقيم هذا العرض في قاعة مطعم «جراند كافيه» في شارع كابوسين بالعاصمة الفرنسية باريس، ودفع الحاضرون فرنكًا واحدًا مقابل بطاقة سمحت لهم بمتابعة تلك الحفلة التاريخية. وبهذا قدم القرن الـ19 ألطف مفاجآته الفنية وهي سينما الأخوين لوميير.

وكان فيلم حول خروج عمال من معمل لوميير في ليون ومدته 45 ثانية فقط، أول فيلم عرض أثناء تلك الحفلة، مع ذلك استمتع الجمهور المتابع المسحور بمشاهدة أشخاص يتحركون على الشاشة مرات عديدة، ثم عرض الأخوان تسعة أفلام وثائقية قصيرة أخرى.

بعد ذلك أعد الأخوان لوميير فيلمًا آخر سمِّي بـ«وصول القطار إلى محطة لاسوت»، ووقف الراغبون لمتابعته في طوابير طويلة خارج مطعم «جراند كافيه»، وكانت مدة الفيلم 50 ثانية فقط، رغم ذلك تمكن هذا الفيلم من إثارة الخوف والرعب وحتى الذعر لدى المشاهدين أثناء اللقطات القصيرة للفيلم؛ لأن القطار الذي ظهر على جدار أبيض اقترب من الحاضرين وتزايد حجمه.

اشتهرت السينما الفرنسية خارج فرنسا بعد بدئها بقليل، حيث أقيم أول عرض سينمائي في مصر والذي أقيم بالإسكندرية في مقهي “زواني” يوم 6 يناير 1896 بعد أيام من أول عرض في العالم في “الجرايد كافية” في باريس في 25 ديسمبر 1895، وبعدها أقيم عرض فيلم «وصول القطار إلى محطة لاسوت» في موسكو في شهر مايو عام 1896 ، وبعد عقدين رفعت السينما إلى مصاف الفنون من قبل الكاتب الفرنسي من أصول إيطالية ريتشوتو كانودو عام 1919.

 

موقع "سينماتوغراف" في

28.12.2024

 
 
 
 
 

"المادة".. فيلم عن هوس النساء بالجمال على حساب صحتهن النفسية

عبدالرحيم الشافعي

إخراج ذكي وسيناريو جريء بلغة متناغمة صنعتها كورالي فارجيت.

عمقت وسائل التواصل الاجتماعي هوس النساء بالتجميل والجمال الخالد، وهي تدفعهن دون هوادة نحو الخضوع لعمليات تجميل واستهلاك عقاقير ومنتجات للحفاظ على شبابهن الدائم، لكن ماذا لو استطاع التطور الطبي أن يقدم للمرأة عقارا يمنحها شبابا لا يزول؟ هذا ما يدفعنا فيلم “المادة” إلى التساؤل حوله مقدما قراءة سينمائية ناقدة للواقع.

تدور أحداث الفيلم السينمائي “المادة” للمخرجة الفرنسية كورالي فارجيت في إطار من الدراما والرعب، من خلال قصة منتج غامض يُساعد البشر على تغيير ملامحهم وأعمارهم، ولكن هذا التغيير يتسبب في العديد من العواقب والفوضى في حياة مستخدميه.

الفيلم من سيناريو المخرجة وبطولة كل من مارجريت كوالي وديمي مور ودينيس كويد وهوغو ديغو غارسيا وجوزيف بالديراما وأوسكار ليسيج.

تتمركز الحبكة الأساسية لفيلم “المادة” حول رعب النساء من مرور الزمن وتأثيره على مظهرهن، خصوصًا في ظل ضغوط المجتمع المتزايدة للتمسك بمظاهر الشباب والجمال، وهو ما يطرح سؤالا وجوديا شديد الأهمية: إلى أي مدى يمكن أن تضحي المرأة بصحتها وهويتها مقابل إرضاء معايير الجمال الاجتماعية التي لا ترحم؟

العمل مستوحى من فيلم لدارين أرنوفسكي ورواية "صورة دوريان غراي" لأوسكار وايلد، ويمزج بين الخيال والرعب الاجتماعي

ويطرح السيناريو فكرة قوية جدا ومؤلمة تتعلق بالنساء اللاتي يتجاوزن سن الـ25، عندما تبدأ خصوبتهن في التناقص وحيويتهن الجسدية تتراجع، ويتعرضن لضغوط نفسية قاهرة في مجتمع مليء بالصور المثالية التي تُروج لها منصات التواصل الاجتماعي والمجلات والإعلانات التلفزيونية، فتصبح حاجة النساء إلى الحفاظ على شبابهن الأبدي هاجسًا يهدد كل شيء، ومن هنا تأتي المادة التي يقدمها الفيلم كحل سحري، وهو منتج يدعي أنه قادر على استعادة الشباب والمظهر الجذاب، ولكنه في الوقت نفسه ينطوي على مخاطر مدمرة.

وتجسد الممثلة الشهيرة ديمي مور شخصية المرأة التي تتناول هذه المادة في محاولة للحفاظ على مكانتها الاجتماعية والمهنية، إذ ترتبط وظيفتها بلياقة بدنية ورشاقة لا بد من الحفاظ عليهما، وهذا التناول العجيب للمادة يجعلها تتحول إلى شابة وتستعيد ملامحها التي كانت قد ضاعت مع مرور الوقت، لكن الحقيقة في محاولة إيقاف عجلة الزمن ليست دون ثمن، فبينما تحقق هذه المحاولات مرادها على المدى القصير، تتبدد مع مرور الوقت كل المكاسب الوهمية التي تم الحصول عليها، لتدمر هذه المحاولات حياتها بالكامل.

وتبرز متتالية المشاهد التأثير النفسي للعقاقير أو عمليات التجميل أو المنتجات المبهرة التي يعوّل عليها البعض للحفاظ على جماله، تلك الحلول قد تبدو مغرية لكنها لا تؤدي إلا إلى تدمير الشخص على المدى البعيد، وما يحدث لبطلة هذا الفيلم ليس مجرد تحول مظهري، بل تدمير لجوهرها ووجودها كإنسان، وفقدانها لذاتيتها التي كانت أساسًا لفهمها لنفسها. وتبين القصة ذلك الصراع الدائم بين الرغبة في الحفاظ على مظهر جذاب وبين تكاليف هذه الرغبة التي لا تدوم طويلا، وبين الزمن الطبيعي الذي لا مفر من أن يطبع أثره على البشر.

وما يجعل سيناريو الفيلم قويًا هو الجرأة في معالجة هذه القضية الحقيقية التي تعيشها النساء اليوم، في ظل عصر التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي الذي يثير الهوس بالجمال المثالي والصورة المبهرة. وإن كانت قصة الفيلم خيالية في أسلوبها، إلا أن الموضوع الذي تتناوله يعكس واقعًا نعيشه في عالمنا المعاصر، حيث تزداد التوقعات الاجتماعية والمهنية تجاه مظهر المرأة، فهذه المحاولات الحثيثة لاستعادة الشباب قد تبدو بريقًا مغريًا، لكنها في النهاية تؤدي إلى ضعف جودة الحياة الشخصية والمهنية للأفراد الذين يقعون في فخها.

العمل مستوحى من أفلام مثل “صلاة لراحة حلم” لدارين أرنوفسكي، ورواية “صورة دوريان غراي” لأوسكار وايلد، ويمزج بين الخيال والرعب الاجتماعي الحقيقي، ويشكل في جوهره صرخة تحذير للنساء من مغبة الانصياع للضغوط التي تفرضها معايير الجمال غير الواقعية، وقد فاز هذا السيناريو بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان في دورته الـ77 كأفضل سيناريو، وهو تقدير يشهد قدرة العمل على لمس نقطة حساسة في واقعنا الاجتماعي بطريقة جديدة ومبتكرة.

وقدمت مارجريت كوالي دور سو الشابة التي حلت محل ديمي مور، بشكل يظهر التحولات الداخلية التي تعيشها الشخصية، وقد تمكنت من إظهار الصراع بين الرغبة في الحفاظ على مظهر الشباب والتداعيات السلبية لهذا المسعى، كما تحولت الشخصية تدريجيًا من شعور بالثقة إلى مواجهة العواقب المدمرة لهذا التغيير، دون أن تكون ردود أفعالها مبالغة فيها.

وابتعدت المخرجة كورالي فارجيت عن الأسلوب التقليدي في ترتيب الأحداث، فالعمل لم يتبع خطًا زمنيًا مستقيمًا، بل قدّم مشاهد وأحداثا متوازية تخلق شعورًا بأن هناك استعادة/ فلاش باك رغم عدم وجوده فعليًا، وهذا الأسلوب ساعد في نقل شعور تداخل الأزمنة والأحداث، وخلق بُعدًا فضائيا مختلفًا في الإخراج وأعطى اللغة السينمائية طابعًا غير تقليدي أثبتت من خلاله المخرجة الفرنسية إمكانياتها في أن يكون لها حضور قوي في السينما الأوروبية والغربية.

ويستند معظم أفلام الخيالي العلمي الأميركية إلى نظريات علمية، بعضها تم اختباره بالفعل، والبعض الآخر لا يزال في طور الإنجاز. وفيلم “المادة” يثير تساؤلات منطقية حول إمكانية أن يكون تمهيدًا لفكرة اختراع مادة تعيد الإنسان إلى شبابه، كما رأينا في هذا العمل، ورغم أن هذه الفكرة تبدو خيالية في ظاهرها، لكنها ليست بعيدة المنال في ظل التطور العلمي السريع الذي يشهده العالم اليوم، فمع تقدم الأبحاث في مجالات الطب الحيوي والتكنولوجيا، تصبح الحدود بين الخيال والواقع أكثر ضبابية، وهذا ما يجعل فكرة كهذه قابلة للنقاش والاحتمال في المستقبل، حتى وإن كانت في الوقت الراهن مجرد محور لإثارة الدراما والخيال السينمائي.

قضية حقيقية تعيشها النساء في ظل عصر التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي الذي يثير الهوس بالجمال المثالي والصورة المبهرة

وكورالي فارجيت هي مخرجة وكاتبة سيناريو وممثلة فرنسية ولدت في باريس، درست علوم السياسة في إحدى الجامعات الفرنسية المرموقة، ثم تابعت دراستها في مدرسة السينما الفرنسية وتعلمت فنون الكتابة السينمائية، وبدأت مسيرتها الفنية بإخراج أول أفلامها القصيرة بعنوان “التلغرام”، وهو ما كان بمثابة انطلاقة لها في عالم السينما.

وقامت بإخراج مسلسل “الساحرات الجنيات” بالتعاون مع آن إليزابيث بلاتو، وهو مسلسل كوميدي موجه للأطفال تم عرضه بشكل يومي على قناة “تي إف 1”، و لاقى استحسانا كبيرا من الجمهور، ومن ثم أخرجت فيلما قصيرا آخر بعنوان “رياليتي بلاس”.

وتحققت شهرة واسعة لكورالي فارجيت بعد إخراج فيلمها الطويل الأول “رافنج”، الذي تم عرضه في مهرجان كان السينمائي وأثار إعجاب النقاد والجمهور، وفي وقت لاحق عادت إلى مهرجان كان بفيلمها الثاني الطويل “ذا سابستنس”، من بطولة النجمتين ديمي مور ومارغريت كوالي، وهناك تم اختيار الفيلم للمشاركة في المسابقة الرسمية في المهرجان وحصل على جائزة أفضل سيناريو.

وكورالي فارجيت عضو في جماعة 50/50، وهي مبادرة تهدف إلى تعزيز المساواة بين الجنسين والتنوع في صناعة السينما والسمعيات البصرية، وتعد هذه المبادرة جزءا مهما من رؤيتها للمساهمة في تحسين الوضع الاجتماعي داخل هذا القطاع.

وشاركت كورالي فارجيت في العديد من المهرجانات السينمائية الهامة، وتم تكريمها بجوائز عديدة منها جائزة أفضل مخرجة في مهرجان برشلونة السينمائي، كما فاز فيلمها “ذا سابستنس” بجائزة أفضل سيناريو في مهرجان كان 2024. بالإضافة إلى ذلك فاز الفيلم ذاته بجائزة اختيار الجمهور في مهرجان تورونتو السينمائي.

وتم ترشيح كورالي فارجات لجائزة “غولدن غلوب” لعام 2025 عن فئتي أفضل مخرجة وأفضل سيناريو ، وهو ما يعكس نجاحها البارز في صناعة السينما، كما تم اختيار العديد من أفلامها ضمن المنافسات الرسمية في المهرجانات السينمائية العالمية، بما في ذلك مهرجانات كان وجيرارمير.

ناقد سينمائي مغربي

 

العرب اللندنية في

28.12.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004