ملفات خاصة

 
 
 

Wicked.. ساحرة الشر الأولى فتاة أحلام!

القاهرة -عصام زكريا*

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 97)

   
 
 
 
 
 
 

يقدم فيلم Wicked متعة موسيقية خالصة، غناء واستعراضات ورقصات فاخرة، وقصة تصلح للكبار والصغار، وفوق ذلك معان وقيم تدعو للمساواة والتعايش وتنبذ العنصرية والديكتاتورية.

لذلك، فمن الطبيعي أن يحقق الفيلم إيرادات كبيرة، خاصة مع حملة الدعاية الهائلة التي سبقته وصحبته، بشكل يذكر بالحملة التي سبقت فيلم Barbie في العام الماضي، وأيضا مع التاريخ الطويل للشخصيات وحكاياتهم، مثل "باربي" وأصدقاءها، وبين الفيلمين تشابهات عدة، وكذلك اختلافات كاشفة، منها أن Wicked يمضي لخطوات أبعد في تكريس ثقافة الاختلاف، وقبول ما كان يصعب قبوله منذ عقدين أو ثلاثة.

لكن أهم ما في Wicked -في إعتقادي- أنه واحد من أعمال كثيرة ظهرت في الآونة الأخيرة، تعيد النظر في مفهوم الشر الدرامي، وتعيد الاعتبار للأشرار التقليديين (كما تصورهم قصص الأطفال ومجلات الكوميكس وأفلام مارفل ودي سي)، وتعيد تقديمهم كضحايا مجتمعات وأنظمة فاسدة ظالمة، وكأرواح غاضبة متمردة ضد هذه المجتمعات والأنظمة.

ولعل "الجوكر"، عدو "باتمان" اللدود، هو أبرز مثال على ذلك كما ظهر في الفيلمين اللذين يحملان اسمه، ومثل "جوكر باتمان" تستحق قصة تحول ساحرة Wicked أن تروى.

اقتباسات متبادلة

لطالما برعت هوليوود في صناعة الأفلام الموسيقية، على طريقة الأوبرا والأوبريت، التي يصبح فيها الغناء والحوار والموسيقى شيئاً واحداً مدمجاً، لا على طريقة "الفقرات" الغنائية التي اتسمت بها الأفلام المصرية والهندية.

ومن أبرز الأفلام الكلاسيكية التي دشنت هذا النوع فيلم Wizard of Oz، أو "ساحرة أوز" الذي أخرجه فيكتور فلمينج 1939، ولعبت بطولته جودي جارلاند، وكان حدثاً انتاجياً وموسيقياً جللاً في ذلك الوقت.

وقد أقتبس الفيلم عن واحدة من سلسلة روايات حول المدينة السحرية "أوز"، كتبها ليمان فرانك باوم، صدرت الرواية الأولى منها في 1900، ثم أعقبها بـ13 رواية أخرى، وبعد وفاته واصلت دار النشر إصدار عشرات الروايات والقصص "الأوزية" الأخرى بأقلام مؤلفين آخرين.

ولكن وسط كل هذه الأعمال، الموجهة بالأساس للأطفال، صدرت في 1995 رواية مختلفة بعنوان Wicked: Life and Times of The Wicked Witch of the West، للكاتب جريجوري ما جواير، مستلهمة أيضاً من سلسلة روايات "ساحرة أوز"، والفارق الجوهري بينها والروايات السابقة أن بطلتها هي الساحرة الشريرة، التي طالما أخافت أجيالاً، حيث ركزت الرواية على نشأتها وظروفها وقدمتها كضحية ومتمردة على الظلم

حققت الرواية نجاحاً كبيراً، وسرعان ما تحولت إلى مسرحية موسيقية على مسارح برودواي- أشهر شوارع المسرح الاستعراضي في أمريكا، حققت بدورها نجاحاً هائلاً، حيث ظلت تعرض لأكثر من 20 عاماً.

عودة الساحرة الشريرة

رحلة طويلة بين الوسائط قطعتها ساحرة الغرب الشريرة، على مدار ما يقرب من قرن وربع قرن، قبل أن تعود إلى السينما من جديد في Wicked، ولكن هذه المرة، وعلى عكس فيلم 1939، فهي هنا البطلة ومحور تعاطف وتماهي الجمهور.

وإذا كانت ساحرة الغرب الشريرة قد ظلت واحدة من أكثر شخصيات حكايات الأطفال تخويفاً، خاصة كما قدمها فيلم Wizard of Oz، على مدار عقود وأجيال، فإن رواية ماجواير، ثم المسرحية، والفيلم الآن، قد حولوها إلى البطلة النموذج، وهو أمر يعكس، كما أشرت، إلى ثقافة مختلفة يتحول بموجبها "المجرمون والأشرار" التقليديون إلى أبطال يتحدون شرور وفساد مؤسسات السلطة المختلفة.

هذه فكرة ليست جديدة بالطبع، وطالما تخللت الإنتاج الثقافي الشعبي، وإن كان الجديد هو أنها تصدر ضد الأبطال الخارقين التقليديين، مثل "باتمان" في حالة "الجوكر"، والساحرة الطيبة "جليندا" في حالة Wicked.

ويمكن فهم هذا الانقلاب عندما نعرف أن صورة Witch، التي تعني الساحرة الشريرة الخضراء ذات الملابس السوداء ومقشة الطيران، قد جاءت مباشرة من العصور الوسطى وقصص مطاردة الساحرات وحرقهن، علماً بأن هؤلاء "الساحرات" لم يكن سوى كاهنات العقائد القديمة اللواتي تم إحراقهن، كما حدث مع الفيلسوفة "هيباتيا" في الأسكندرية.

فخامة سينمائية

يحافظ فيلم  Wicked، بتوقيع المخرج جون م. تشو، على نص المسرحية ولكنه يضاعف حجمها تقريباً، فرغم أن زمن عرض الفيلم يصل إلى 160 دقيقة، إلا أنه لا يعرض سوى نصف المسرحية، حيث ينتظر أن يعرض الجزء الثاني في العام القادم.

و"تشو" مخرج من أصل أسيوي دشن اسمه من خلال أفلام ناجحة ومختلفة مثل Crazy  Rich Asian، وهو من نوع الـ Romantic Comedy يغلب عليه الإفراط والفخامة، سواء على مستوى حياة الشخصيات أو التعبير الفني، ويتجلى هذا الأسلوب في  Wicked، إذ يجد "تشو" نفسه في هذا الخيال الاستعراضي الصاخب، والمؤثرات البصرية والأداء التمثيلي المبالغ فيه.

ويعتمد الفيلم بشكل أساسي على أداء بطلتيه المغنيتين صاحبتا الصوتين النحاسيين الرنانين: سيثيا إريفو، الأميركية الإفريقية، التي تؤدي شخصية إلفابا ثروب، أو ساحرة الغرب الشريرة، وآريانا جراندى، شبيهة "باربي"، التي تؤدي دور الساحرة الطيبة "جليندا". 

والاثنتان تجمع بينهما كيمياء مذهلة، تعتمد على التعارض والتباين: الأولى سوداء خضراء، والثانية بيضاء وردية، الأولى جادة وحزينة، والثانية خفيفة وكوميدية، الأولى منبوذة وينفر منها الناس، والثانية يحبها الجميع، الأولى متواضعة ولا تثق بنفسها، والثانية مغرورة وأنانية.

ويقلب الفيلم، كما المسرحية والرواية، هذه الثنائية رأساً على عقب، فيدفعنا دفعاً إلى احترام الأولى، والسخرية من الثانية، إلى أن تتحسن العلاقة بين الاثنتين في الثلث الأخير من الفيلم، وتتوافقان بجمال يشبه تناسق اللونين الأخضر والوردي، وهو توافق استغلته وسائل دعاية الفيلم بشكل بارع.

رسائل سياسية ونسوية

بجانب سينثيا إريفو وآريانا جراندي، يشارك في بطولة الفيلم كل من ميشيل يوه وجيف جولدبلوم في دورين يكسران التوقعات، ويمثلان ثنائية أخرى موازية، تشكل الشر كما يراه الفيلم: ممثلاً في الأنظمة والمؤسسات القمعية التي تقمع حقوق المهمشين والمختلفين والحيوانات (هناك جدي يدرس التاريخ ويقود حركة سرية للدفاع عن حقوق الحيوانات يتم اعتقاله من قبل السلطات، وقرود يتم زرع أجنحة لها لتحويلها إلى مخبرين وجواسيس على شعب أوز).

بجانب رسائله الثقافية والسياسية، يحمل Wicked بصمات نسوية واضحة، لعل أبرزها السيناريو الذي كتبته ويني هولزمان (وهي التي حولت الرواية إلى المسرحية الموسيقية)، ومعها دانا فوكس، وأحد الخطوط الدرامية الباطنة وراء حكاية "إلفابا" و"جليندا" هو العلاقة بين النساء وبعضهن، التي تتحول من الغيرة والتنابذ إلى التفاهم والتضامن.

ويقدم الفيلم على النقيض نموذجاً مثيراً للسخرية للذكر التقليدي ممثلاً في الممثل جوناثان بيلي، الذي يلعب دور أحد طلبة المدرسة، وسيم وجذاب وعابث ولكن الفيلم يدعو للتعاطف معه فقط عندما يبدأ في تقدير "إلفابا" وحبها، رغم أنها تختلف تماما عن الصورة الخيالية لأميرات الحكايات، المتمثلة في "جليندا".

ورغم أن النموذج مستوحى من "سندريلا" إلا أن الفيلم يقلبه، عندما يجعل الأمير يقع في حب "الساحرة الشريرة" الخضراء بدلاً من الأميرة الجميلة البيضاء

المتعة الباقية

وبعيداً عن هذه المضامين التحتية، التي ساهمت بالقطع في نجاح الفيلم وشعبيته وسط المراهقين والشباب، يظل سبب النجاح الرئيسي لـWicked هو المتعة التي يوفرها من استعراضات وموسيقى وأغان، تصل إلى ذروتها في أغنية الفيلم الأخيرة البديعة "تحدي الجاذبية" التي تحتوي على حوار غنائي بين "جليندا" المتوافقة والمتصالحة مع السلطة و"إلفابا" المتمردة، والتي تقرر أن تتحدى كل أشكال الجاذبية!

ومن مزايا الفيلم أنه نقل إلينا هذا الجمال الفني، الذي كان مقصوراً على المسرح، إلى السينما بجمهورها العريض في كل أنحاء العالم، وقد راعى صناع الفيلم أيضاً أن يصنف عملهم رقابياً لكل الأعمار.

صحيح أنه قد يبدو بالنسبة لـ"ساحرة أوز" 1939 "كبيراً" على الأطفال، ولكنه بالنسبة لأطفال هذه الأيام يعتبر عادياً جداً..ربما تكون مشكلته الوحيدة مع أطفال اليوم هو زمن عرضه الطويل جداً، فأغلبهم لا يطيق البقاء ساكناً لأكثر من ربع ساعة!

* ناقد فني

 

الشرق نيوز السعودية في

25.12.2024

 
 
 
 
 

الأفغاني "كتابة حوا": الوثائقيّ شاهدٌ على خراب

قيس قاسم

تَجد المخرجة والصحافية الأفغانية نجيبة نوري في والدتها حوا كلّ ما يلزم لإنجاز فيلمٍ عنها وعن بلدها، لقوّة شخصيتها، ولفطرة متأصّلة فيها، للذهاب إلى النافع، وإلى ما يُفيدها ويُفيد أبناء جلدتها. تَجد في التعليم الذي حُرمت منه في طفولتها، مدخلاً إلى خلاص المرأة الأفغانية من بؤسها، ولها فيه أملاً كبيراً لكسب معنى جديد لحياة تَبدَّد منها الكثير.

من رغبتها في تعلّم القراءة والكتابة، تدخل نوري إلى عالم والدتها، ومنه إلى التاريخ القريب لبلدها، لتروي وتوثّق سنوات قليلة سبقت وصول طالبان إلى الحكم. بعدها، تنقلب الأحوال وتتبدّد الأحلام، ويحلّ الخراب في كل ّمكان.

يأخذ "كتابة حوا" (2024)، الفائز بجائزة "الاتحاد الدولي للنقاد (فيبريسي)" لأفضل فيلم في الدورة الـ37 (14 ـ 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2024) لـ"مهرجان أمستردام الدولي للأفلام الوثائقية (إدفا)"، مقطعاً عائلياً أفغانياً، يراقب تحوّلاته، ويعتني بالأدوات السينمائية الناقلة له. الصورة (نجيبة نوري ورسول نوري) نقيّة، والحركة أمام الكاميرا عفوية. لا مكان فيها للتنظير والتحليل السياسي المتعالي. المشهد العائلي وتحوّلاته يكفيان لقول الكثير عن أفراد ومجتمع، بُنيته السياسية الفاسدة وموروثه الثقافي المحافظ يدفعانه إلى خيارات مظلمة، لا أفق لها، مُعاندوها لا يجدون أمامهم إلّا خيارين: الموت أو الرحيل.

2021: عام رحيل نجيبة القسري. بداية لحظات أولى تتسرّب من نظرتها الحزينة عبر نافذة الطائرة إلى نقلها إلى المكان الجديد الغريب، فرنسا، بين متاعها القليل في رحلتها، المليئة بالخيبة من وعود أميركية كاذبة، والحسرة على ضياع بلد، حاسوباً وشرائط خامات تصوير التقطتها في كابول. تفرش نوري تسجيلاتها أمامها لتعيد تركيب السنوات الأخيرة منها. في إحداها، والدتها في منزلها، نشطة تعتني بزوجها العجوز، المريض بخرف عقلي يُنغّص عليها حياتها. ولأنّها صوّرت بنفسها أكثر تلك الخامات، صار التوليف سهلاً عليها، ومُطيعاً لإرادتها الإخراجية. سهّل عليها إعادة قصّ مرحلة من حياة والدتها، شهدت فيها أفغانستان تحوّلات دراماتيكية، تركت جروحاً عميقة فيها، لضياع ما كانت تريد تحقيقه فيها.

أرادت تعلّم القراءة والكتابة بنفسها. تطلب من أولادها إحضار لوحة بيضاء وأقلام تكتب بها فوقها ما تتهجّاه من كلمات مرسومة في كتب مدرسية. يسبق ذلك إعلان رغبتها في العمل. تُخرج من حقائبها القديمة ما جمعته وحفظته من أقمشة خام. للتطريز والنقش عليها، تقابل عاملات مختصات، وعلى أثمان إعادة تصنيعها تتفق. تكشف تجربتها عن عقل تجاري متألّق، وروح تعاون نسوية لافتة بحميميتها. تجمع بنشاط بين تعلّم القراءة والكتابة ومشروعها التجاري بإبداع. في زمن سينمائي قصير، تتجسّد ملامح شخصية نادرة، لا تتوانى عن فعل المُفيد لها، ولا تهمل واجباً عليها.

تلعب نجيبة بذكاء دور المُحاور من دون إشعار والدتها بذلك. هذا مُتأتٍّ من توافق وصداقة تتعدّى أواصر الأمومة. تُكنّ لوقفتها معها، وإصرارها على إكمال تعليمها والعمل صحافيةً، تقديراً خاصاً لها. كانت حوا، بفطرتها، تُدرك معنى تعليم الأفغانية، وتضعه في أول اهتماماتها. تُشجّع حفيدتها الأمّية على ذلك، وتتشارك معها الشروع في تعلّم القراءة والكتابة. لا تخجل من عثراتها اللغوية، وتُصرّ على تجاوزها، كما تفعل في حياتها الشخصية.

تظلّ هناك علاقة غريبة تجمع بينها وبين الأخبار الواصلة إليها عبر شاشة التلفاز. تتابع، في خضمّ انشغالاتها، ما يجري في بلدها، وتتوقّف بحيرة عند العلاقة الغامضة بين الأميركيين وحركة طالبان. تزيد أسئلة ابنتها لها من قلقها على مصير بلدها، ومستقبل نسائه. بين حيويتها وطموحاتها العملية، وانشغالاتها في حلّ مشكلاتها غيرها، يمتلئ المشهد العائلي، وترتسم بدقّة ملامح بورتريه لامرأة نادرة التكوين. امرأة، رغم كلّ ما يحيط بها من حواجز تُعطّل الإرادات، تتحرّك وتنشط. بحسّها الفطري، تُدرك أنّ هناك أخطاراً مقبلة لا تبوح بها وجلاً، وفي السرّ تترك لدموعها التعبير عنها صراحة.

منذ تواتر الأخبار عن اتفاق محتمل بينهما، يمنح قادة طالبان فرصة الوصول إلى الحكم بعد انسحاب الجيش الأميركي، والدموع لا تفارق عينيها. في قلبها حزن دفين وخوف من مُقبل مجهول.

المشهد الأفغاني المُتغيّر يُوثَّق عبر حوا، المنشغلة بالذي يجري بعيداً عن أنظار الأفغان. مع اقتراب مسلحي طالبان من المدن الكبرى، تتوارد الأخبار عن اكتساحهم لكلّ مظاهر الحرية النسبية الموجودة. بوصولهم إلى كابول، يشرعون في فرض قوانين صارمة ضد المرأة وتعليمها. هذا أكثر ما يوجع حوا، فالتعليم عندها لا تساوم عليه. ملتاعة أسئلتها المتكرّرة عن مصير التلاميذ ومستقبلهم في ظلّ نظام جديد يحرمهم أبسط حقوقهم. رغم الانقلاب المريع، لم تترك نجيبة كاميرتها، ولم تُغيّب أمها عن عدساتها. المُتغير الوحيد حصل عندما كلّفت أخاها بدلاً منها تصوير ما يجري في الشوارع من انتهاكات فاضحة. من دون اتفاق، تتحوّل العائلة إلى فريق سينمائي وصحافي يوثّق تاريخاً عاماً وشخصياً في آن واحد. هذا يُعرّض حياة نجيبة للخطر. وفي ذروة مخاوفها، تقرّر ركوب الطائرة العسكرية الأميركية، الناقلة عدداً قليلاً من الأفغان إلى الخارج.

في تلك اللحظة، باتت كاميرتها بعيدة، لكنّ التوثيق يظل سارياً من داخل البيت والبلد. هذان الوضع والتشتّت الحاصلان يضفيان على الوثائقيّ بُعداً درامياً عميقاً، ويُحيل التجارب الشخصية إلى قصص قابلة للتعميم عما يجري لآخرين خارج كادراته وفيها. تهديدات طالبان لم تتأخّر عن الوصول إليهم. يتعرّض الأخ للضرب والحبس لتصويره تظاهراتٍ لمعلّمات يطالبن بعودة الطالبات إلى مدارسهن، وممرضات يرفضن قرار المسلّحين تحريم تبرّعهن بالدم للمحتاجين إليه من الرجال. خوفاً، تُقرِّر العائلة الهروب إلى إيران، بينما يظلّ التواصل بين الأم وابنتها قائماً، بأمل لقاء قريب يجمعهما.

يحصل هذا متأخّراً، بينما يدخل البلد مرحلة جديدة من البؤس والافتراق، بعيداً عن أمل بالأحسن.

 

العربي الجديد اللندنية في

25.12.2024

 
 
 
 
 

أوباما يشارك متابعيه ترشيحات لأفضل 10 أفلام في 2024

دبي -الشرق

كشف الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، عن قائمة أفلامه المفضلة لعام 2024، مواصلاً تقليد بدأه قبل سنوات في مشاركة اختياراته السينمائية والثقافية مع الجمهور.

وقال أوباما عبر حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي: "إليكم بعض الأفلام التي أنصح بمشاهدتها هذا العام"، مرفقاً تعليقاً مختصراً مقارنة بالسنوات السابقة.

تضمنت القائمة الكاملة، دون ترتيب محدد، أفلام: All We Imagine as Light للمخرجة بايال كاباديا، و Conclave للمخرج إدوارد بيرجر، وThe Piano Lesson للمخرج مالكولم واشنطن، و The Promised Land للمخرج نيكولاج آرسل، و The Seed of the Sacred Fig للمخرج محمد روسولوف، و Dune: Part Two للمخرج دينيس فيلنوف، Anora للمخرج  شون بيكر، و Dìdi للمخرج إدوارد يانج، و Sugarcane للمخرجين جوليان برافا وإيميلي كاسي، و A Complete Unknown للمخرج جيمس مانجولد.

وشهدت قائمة أوباما لهذا العام حضوراً بارزاً لأفلام تم تداولها بكثافة في سياق الجوائز السينمائية، حيث تُعد أفلام Anora وConclave والثنائي الذي يضم تيموثي شالاميه A Complete Unknown و Dune: Part Two من بين الأعمال المرشحة بقوة لنيل جائزة أوسكار لأفضل فيلم.

بالإضافة إلى ذلك، يُمثل فيلم The Seed of the Sacred Fig، الذي تدور أحداثه في طهران، الترشيح الرسمي لألمانيا ضمن فئة أفضل فيلم دولي في الأوسكار.

ما يميز قائمة هذا العام هو أن جميع الأفلام، باستثناء Dune: Part Two و A Complete Unknown، عُرضت لأول مرة ضمن مهرجانات سينمائية كبرى، مثل مهرجان صندانس Dìdi و Sugarcane، وكان All We Imagine as Light و Anora و The Seed of the Sacred Fig، ت وفينيسيا The Promised Land.

جدير بالذكر أن قائمة أوباما في العام الماضي تضمنت فيلم الأوسكار الفائز بجائزة أفضل فيلم Oppenheimer، إلى جانب أعمال مرشحة أخرى مثل Past Lives ،American Fiction، Anatomy of a Fall وThe Holdovers، كما تضمنت أفلاماً من إنتاج شركته "Higher Ground" مثل Rustin، Leave the World Behind وAmerican Symphony.

ولكن، مقارنة بالعام الماضي الذي شملت قائمته 14 فيلماً، جاءت اختيارات أوباما هذا العام أكثر اختصاراً، حيث تضمنت 10 عناوين فقط، مع غياب أي إضافات متأخرة مثل ما حدث مع فيلم The Color Purple العام الماضي.

 

الشرق نيوز السعودية في

22.12.2024

 
 
 
 
 

استبعاد أغنية لـ روبى ويليامز من قوائم الأوسكار المختصرة لهذا السبب

لميس محمد

تم استبعاد أغنية المغنى العالمى روبي ويليامز "Forbidden Road" من فيلمه السيرة الذاتية Better Man من القائمة المختصرة لأفضل أغنية أصلية في حفل توزيع جوائز الأوسكار 2025.

فيلم Better Man، الذي سيتم إصداره في يوم الملاكمة يوم 26 ديسمبر الجارى، يظهر ويليامز على هيئة قرد CGI، ويحكي الفيلم قصة حياته ومسيرته المهنية، من أيامه الأولى في الطفولة إلى أول تجربة نجاح له مع فرقة Take That.

ومع إعلان أكاديمية الأوسكار عن القوائم المختصرة لعدة فئات لحفل توزيع الجوائز لعام 2025، تم الكشف عن أن أغنية الفيلم "Forbidden Road" كانت في القائمة المختصرة لأفضل أغنية أصلية.

ومن ثم تم إزالة الأغنية من القائمة المختصرة، حيث لم تعد تظهر على صفحة أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة "الأوسكار" الرسمية على الموقع لقوائم الأوسكار المختصرة لهذا العام.

كما ورد أن أعضاء فرع الموسيقى في الأكاديمية تلقوا خطابًا أمس يعلن استبعاد الأغنية، وفقًا لـ موقع Rolling Stone، ويزعم الخطاب أن "Forbidden Road" تتضمن كلمات من أغنية موجودة ولم تُكتب للفيلم.

نظرًا لقواعد أهلية الفئة، يجب أن تحتوي الأغانى على كلمات وموسيقى "أصلية ومكتوبة خصيصًا للفيلم".

وبالتالى وفقًا لرسالة حصل علها موقع Rolling Stone، اجتمعت اللجنة التنفيذية وراجعت المواد وقررت أن "Forbidden Road" غير مؤهلة بموجب هذه المعايير.

 

اليوم السابع المصرية في

22.12.2024

 
 
 
 
 

5 أفلام الأعلى إيراداً في هوليوود لعام 2024

لوس أنجلوس ـ «سينماتوغراف»

كان 2024 عاماً مثيراً بالنسبة لهوليوود، حيث جذبت مجموعة كبيرة من الأفلام الجماهير في جميع أنحاء العالم. من أفلام الرسوم المتحركة إلى أفلام الأبطال الخارقين، وإليك أفضل 5 أفلام إيراداً في هوليوود لعام 2024:

1. إنسايد أوت 2

بإجمالي إيرادات عالمية تجاوزت 1.698 مليار دولار أمريكي، احتل فيلم ”Inside Out 2“ المركز الأول كأعلى الأفلام تحقيقاً للإيرادات في عام 2024.

يتبع فيلم الرسوم المتحركة هذا الجزء الثاني من فيلم ”Inside Out“ الذي أنتجته شركة بيكسار عام 2015 .

2ـ ديدبول ولفيرين

يأتي في المرتبة الثانية فيلم ”ديدبول ولفيرين“ بإجمالي إيرادات عالمية تزيد عن 1.338 مليار دولار. حيث يجمع فيلم الأبطال الخارقين بين اثنين من أكثر شخصيات مارفل شهرة في مغامرة مليئة بالإثارة.

3. ديسبيكابل مي 4

احتل الجزء الرابع من سلسلة ”Despicable Me“ المركز الثالث، بإجمالي إيرادات عالمية تجاوزت 969 مليون دولار. تدور أحداث فيلم الرسوم المتحركة الكوميدي هذا حول ”غرو“ و”مينيونز“ المخلصين وهم يواجهون شريراً جديداً.

4. موانا 2

يأتي فيلم ”موانا 2“ في المركز الرابع بإجمالي إيرادات عالمية تزيد عن 790 مليون دولار. تدور أحداث هذا الجزء الثاني من فيلم الأنيميشن الموسيقي حول ”موانا“ وهي تنطلق في مغامرة جديدة عبر المحيط.

5. الكثبان: الجزء الثاني

يأتي في المركز الخامس الجزء الثاني من فيلم ”Dune"، بإجمالي إيرادات عالمية تجاوزت 714 مليون دولار. ملحمة الخيال العلمي هي الجزء الثاني من فيلم دينيس فيلنوف المقتبس عن رواية فرانك هربرت الكلاسيكية.

 

موقع "سينماتوغراف" في

23.12.2024

 
 
 
 
 

أفضل أفلام الرعب عام 2024 علم النفس يخبرنا أسباب نجاحها

علياء طلعت

يمكن إطلاق لقب "عام الرعب" على 2024 سواء على المستوى الواقعي أو السينمائي، وذلك بأحداث عالمية شديدة المأسوية، واتجاه سينمائي واضح لإنتاج أفلام الرعب التي تلاقي النجاح على الصعيد التجاري، كما لو أن المتفرج العادي يتجاوب مع هذه الأفلام حتى يتناسى الرعب الذي يعيشه كل يوم.

وفي هذه القائمة جمعنا بعضا من أفضل أفلام الرعب العالمية المعروضة هذا العام والتي رغم أن الرعب -كنوع فيلمي (Gener)- هو المظلة الواسعة التي تضمها، فإن لكل منها خصوصية معينة في نوعها الفرعي، وهو ما يدفعنا لاستكشاف نوع الرعب السينمائي بصوره ونغماته المختلفة، وذلك بالاستعانة بعلم النفس التطوري، وهو فرع مستجد في علم النفس يدرس الجذور البدائية لأفلام الرعب، وقد كتب عنه "كارول أل فراي" مؤلفا بعنوان "الجذور البدائية لسينما الرعب" وصدر بالعربية عام 2021.

المادة

فيلم "المادة" (The Substance) من إخراج كورالي فارجيت ويدور في إطار من الخيال العلمي والرعب حول ممثلة ناجحة للغاية تتراجع شهرتها بعدما بلغت 50 عاما، وبدأت في فقدان جمالها وشبابها بالتدريج، ويأتي لها حل ذهبي يتمثل في تناول عقار دوائي يصنع منه نسخة أخرى أكثر شبابا، ولكن بجانب مثل كل الاتفاقات الأخرى المماثلة هناك شرط واحد على البطلة ونسختها الفاتنة اتباعه، وهو أن لكل منهما أسبوعا واحدا فقط، ثم تخلد إلى النوم مثل الأميرة النائمة لأسبوع آخر، وهكذا بالتبادل بينهما، ومرة أخرى مثل كل هذه الاتفاقات يخل أحد الطرفين به مما يؤدي إلى نتائج كارثية.

يقدم "المادة" الرعب من وجهة نظر "تَمَثُّل الاستحالة" أو التحول الجيني، حيث يقترح علم النفس التطوري أن هناك ما يشبه جرس الإنذار بداخل الإنسان يحذرنا من تلوث وفقدان إرثنا الجيني، وفي هذا الفيلم سعي نحو الشباب الدائم بتناول العقار أو "المادة" مما يحول البطلة في النهاية من إنسانة إلى مسخ، في تحذير واضح من الانغماس في ثقافة الإجراءات والعمليات التجميلية خلال السعي للشباب الدائم.

بيتلجوس بيتلجوس

يجمع "بيتلجوس بيتلجوس" (Beetlejuice Beetlejuice) لتيم بيرتون بين الرعب والكوميديا في تتمة للفيلم الذي حمل نفس الاسم الذي عرض في ثمانينيات القرن الماضي، مستكملا أحداث الجزء السابق. وبعد مرور هذا العدد الكبير من السنوات، أصبحت فليديا ديتز الآن خمسينية وابنتها مراهقة في نفس سن شخصيتها بالجزء الأول، وتعود لمنزل الأشباح بعدما توفي والدها فتجد في انتظارها الشبح الشرير "بيتلجوس" الذي يحاول الزواج منها رغما عن إرادتها مستخدما حيله السحرية.

وبالعودة إلى علم النفس التطوري نجد أن هذه الثيمة ترجع إلى "تَمَثُّل التزاوج في الرومانسية القوطية" وهي الرومانسية ذات طابع الرعب الذي يميل للنظر للعالم بشكل سوداوي وحزين مع احتفاء زائد بالموت، وهي الصفات التي تنطبق على "ليديا" البطلة وابنتها "أستريد" غير أن الفيلم يغير من هذا التمثل لأن الزواج هنا هو الفخ الذي تهرب منه ليديا وليس الهدف الذي تسعى إليه.

لا تتحدث بشر

"لا تتحدث بشر" (Speak no evil) نسخة أميركية من فيلم دانماركي بنفس الاسم، من إخراج جيمس واتكينز، وتدور الأحداث حول عائلة أميركية تعيش في بريطانيا حيث يعاني الأب بن دالتون من إحباط شديد من حياته، وبينما تقضي الأسرة عطلتها بمنتجع إيطالي صغير يقابلون عائلة بريطانية تحيا في الريف، وبعد صداقة سريعة تتلقى أسرة دالتون دعوة لزيارة المنزل الريفي لبادي وزوجته وابنه، وهناك يكتشفون أن تلك الدعوة ليست مبطنة بالنوايا الحسنة، خصوصا بعد ما تغير سلوك رب الأسرة ليصبح مخيفا للغاية.

ويفسر علم النفس التطوري الرعب في أفلام مثل "لا تتحدث بشر" إلى "تَمَثُّل الآخر" بأنه الرعب الذي ورثه الإنسان من أسلافه البدائيين حول الرعب والخوف وكراهية من ننظر إليهم بارتياب. وللتقسيم الأولي لـ"نحن" و"هم" بالفيلم لدينا وجهتي نظر مغايرتين في الحياة بشكل عام، بين العائلتين الأميركية والبريطانية، بما تحمله هذه الفروقات الثقافية من عادات وتقاليد مختلفة، وتم استخدام هذا الارتياب لزرع أول بذرة للرعب، قبل أن يتطور إلى أحداث مخيفة حقيقية.

قارة

"قارة" (Continente) فيلم برازيلي أرجنتيني من إخراج ديفي بريتو، يبدأ بعودة البطلة أماندا من خارج البلاد إلى قريتها البسيطة في البرازيل لظروف احتضار والدها الذي دخل في غيبوبة كاملة، غير أن هناك الكثير من التفاصيل التي نسيتها أماندا عن القرية خلال غيابها 15 عاما، منها وضع والدها كأهم شخصية في البلدة، والحاكم الآمر الذي يطيعه الكثيرون، الأمر الذي ظنته في البداية لسطوته أو نفوذه وأمواله. لكن خلال الأحداث تبدأ الشكوك تتصاعد بداخلها -وداخل المتفرج- حول علاقات القوة التي تحكم هؤلاء الفلاحين البسطاء بالإقطاعي الثري، فهم يجنون عندما يحتضر، ويطالبون ابنته باحتلال مكانه مهما تطلب الأمر، حتى وإن تحولت إلى نوع عجيب من مصاصي الدماء.

ويمكن قراءة فيلم "قارة" عبر "تَمَثُّل الإقليمية" وهو الذي يتناول السلوك الإقليمي حول رقعة من الأرض تُحتَل بتوظيف القوة أو دون توظيفها ودائمًا ما تحتوي على مورد دائم والإقليم في الفيلم يتمثل في البلدة الصغيرة، والمورد الدائم هنا متبادل بين السكان والإقطاعي المتحكم. فبينما هم يعملون في أراضيه ويكدحون بمقابل محدود، يتحكم هو فيهم بشكل شرير ومرعب فيظنون أن مص دمائهم المجازي والحقيقي هو أسمى ما قد يصلون إليه، ولا يتخيلون حياتهم بدونه.

ويشير الفيلم كذلك بشكل متوار إلى الإقطاع في البرازيل وتحكم أصحاب رأس المال والأرض في الفقراء بشكل يجعلهم لا يرون أن هناك خيارات أخرى أفضل في الحياة، فيسعون إلى الاستبداد بأقدامهم.

لا تتركني أبدا

يدور "لا تتركني أبدا" (Never Let Go) في منزل منعزل تحيا فيه أم وابناها التوأم، وتؤكد هذه الأم على أن العالم بالخارج يسكنه الشر، لذا عليهما البقاء دوما متصلين بالمنزل بحبل، ولا يخرجان إلا في ظروف خاصة، وإلا لمسهما الشر مثلما لمس جديهما ووالدهما أيضا وباقي البشر.

الشر في "لا تتركني أبدا" يمكن إرجاعه طبقا لعلم النفس التطوري لـ"تَمَثُّل المفترسين" والذي يمكن تلخيصه بثيمة "شيء ما هنا يتربص بنا وهو ليس بشرا" سواء كان هذا الشيء وحشا كاسرا أو فيروسا قاتلا لا يمكن رؤيته بالعين المجردة، أو الفضائيين الأشرار الذين يصطادون البشر أو كما في فيلم "لا تتركني أبدا" وهو "الشر" غير محدد الهيئة.

ويخمن المختصون بعلم النفس التطوري أن همسات الصيادين من أجدادنا مازالت تتردد في عقولنا قادمة من إرثنا الجيني، لذلك يتجاوب مخ المتفرج مع هذا الرعب تجاه الكائن الشرير المجهول.

ويتيح تحليل هذه الأفلام -من وجهة نظر علم النفس التطوري- فهم أسباب نجاح أفلام الرعب عاما بعد عام، حيث تداعب داخل عقول المتفرجين مخاوف أجدادنا البدائيين، والتي لم تطمسها الحضارة والتعليم حتى اليوم ومازال لها بقايا تتجاوب مع الرعب الذي نشاهده على الشاشة.

المصدر الجزيرة

 

الجزيرة نت القطرية في

24.12.2024

 
 
 
 
 

"المصارع 2" دراما ملحمية تاريخية متكاملة في شقيها الفني والتقني

عبدالرحيم الشافعي

عمل سينمائي يُنهض ريدلي سكوت بعد فشل "نابليون".

يأتي فيلم "المصارع 2" ليكمل مسيرة جزء أول حظي بشهرة واسعة، حيث يركز على تصوير الصراعات والمعارك خلال الحضارة الرومانية، مراهنا على نجوم سينمائيين تحت إشراف المخرج ريدلي سكوت، الذي يؤكد قيمته الفنية في هذا الفيلم بعد فيلمه "نابليون" الذي كان مخيبا للآمال.

الرباطتدور أحداث فيلم “المصارع 2” للمخرج ريدلي سكوت حول شخصية تدعى لوسيوس هو ابن ماكسيموس ولوسيلا، الذي يصبح مصارعا بعد أن دمر الجيش الروماني بقيادة الجنرال ماركوس أكاسيوس منزله، يسعى للانتقام من أكاسيوس، ويخوض معارك المصارعة تحت قيادة ماكرينوس، العبد السابق الذي يخطط للإطاحة بالإمبراطورين جيتا وكاراكالا.

الفيلم يصنف عملا تاريخيا ملحميا، وهو تكملة لفيلم “المصارع 1” الذي صدر عام 2000، من سيناريو ديفيد سكاربا، وبطولة كل من: بول ميسكال، بيدرو باسكال، جوزيف كوين، فريد هيشينجر، ليور راز، ديريك جاكوبي، كوني نيلسن، ودينزل واشنطن. يجسد ديريك جاكوبي وكوني نيلسن شخصياتهما من الجزء الأول، بينما يلعب بول ميسكال دور لوسيوس بدلا من سبنسر تريت كلارك.

تركز أحداث القصة على رحلة لوسيوس، الذي يجد نفسه في مواجهة مع قوى متعددة داخل الإمبراطورية الرومانية، منها الانتقام الشخصي من ماركوس أكاسيوس والانتقام السياسي من الإمبراطورين جيتا وكاراكالا، فالحبكة الأساسية تطرح تساؤلات حول العدالة والحرية في سياق نظام سياسي فاسد، وهذا يمنحها أبعادا اجتماعية تتجاوز الصراع الفردي. وتعتبر شخصية لوسيوس هي المحور الرئيسي في الملحمة، حيث تنطلق من مأساة الغزو إلى اكتشاف قوته كمصارع، مع تطور واضح في دافعه النفسي من الانتقام إلى تحقيق العدالة، بينما باقي الشخصيات تعمل كعناصر مساعدة تدفع القصة إلى الأمام، مثل رافي الذي يقدم زاوية إنسانية كطبيب ومصارع سابق، بينما ثريكس يجسد الفساد السياسي في مجلس الشيوخ، كل ذلك لتعقيد الأبعاد الدرامية للصراع.

أسلوب المخرج بين الجزء الأول والثاني لفيلم "المصارع 2" يتميز بالانسجام بين العناصر البصرية والملحمية

يتبع التسلسل الزمني للأحداث هيكلا ثلاثيًا دقيقا، فالبداية تصور الغزو الذي يقلب حياة لوسيوس رأسًا على عقب، والوسط يتمحور حول رحلته كمصارع وصراعه داخل الساحة وخارجها، والنهاية تمثل ذروة الصراع بينه وبين أكاسيوس، مع انقلاب سياسي يطيح بالإمبراطورين، في بنية سردية متماسكة تدمج بين مشاهد القتال والتآمر السياسي لتقديم حبكة مترابطة.

وتتميز الحوارات بين الشخصيات بالبساطة والوضوح، مع التركيز على كشف دوافع الشخصيات الخفية، فمثلا الحوار بين لوسيوس وأعدائه يعكس الحدة النفسية للصراع، بينما تبرز الحوارات مع رافي البعد الإنساني للقصة، مع طرح أفكار حول الحرية والاختيار في عالم تحكمه السلطة. كما أن معظم تكوين اللقطات يجمع بين المشاهد القتالية واللحظات الهادئة للتخطيط الماكر، وهذا أسلوب يخلق توازنا بين الأكشن والدراما، فاستخدام الغزو كدافع رئيسي للصراع يجعل القصة تتطور تدريجيًا، ويتحول فيها لوسيوس من شخصية سلبية إلى فاعلة ومتحكمة في مصيرها.

ويبرز دنزل واشنطن أداء متماسكا ومتوازنا يبين خبرته الطويلة في تجسيد الشخصيات المركبة، هنا يجسد شخصيته بتحايل دقيق يظهر في تعبيراته الجسدية ونبرة صوته، ويتقن فيها المزج بين الهيبة والهدوء، كشخصية ذات نفوذ وقوة كاريزما دون المبالغة في الأداء، كما أن تعامله مع الحوارات يثبت حنكته في إيصال المعاني المخفية بين السطور، خاصة في المشاهد التي يتبادل فيها الحديث مع لوسيوس وحكام الإمبراطورية الرومانية، فأداء واشنطن شحن الجزء الثاني لفيلم “المصارع” بالكثير من الطاقة الإيجابية، منذ ظهوره في أول مشاهده إلى حين مشهد وفاته وانتهاء قصته ضمن أحداث الفيلم.

ويقدم بول ميسكال بصفته بطل الفيلم أداء يعتمد كثيرا على التفاعل العاطفي مع وفاة زوجته وعلاقته بأمه التي تعتبر من الأسرة الحاكمة، وقوته في الثأر من خلال الإيحاء بالصراع الداخلي الذي يعيشه بين رغبته في الانتقام والبحث عن العدالة، فتطور أدائه من البداية إلى النهاية يعكس قوة هذا الممثل الشاب، حيث بدأ كشخص محطم نفسيًا ثم تحول إلى مقاتل مصمم على مواجهة أعدائه، وبين هذه المشاهد القوية أتقن ميسكال تشخيص لحظات التردد والخوف من جهة والقوة والغضب من جهة أخرى، كما تظهر لديه لياقة بدنية عالية وانغماس كامل في الدور.

ويمثل التفاعل بين واشنطن وميسكال نقطة قوة في الفيلم، فكلاهما حققا تفاهمًا خلال مجريات الأحداث، وتحمل مشاهد المواجهة أو الحوار المركب بينهما توترًا دراميًا يجعل المشاهد يقبل مكر واشنطن في القصة ويساند ميسكال، وهذا يبرز التباين بين خبرة واشنطن واندفاع ميسكال، وأظن أنه العنصر الأكثر إقناعا وواقعية.

ويوضح ريدلي سكوت قدرته الإبداعية في ربط أحداث “المصارع 2” بجوهر الجزء الأول “المصارع 1” من خلال الحفاظ على الأسلوب البصري الملحمي والدرامي ذاته، فيشعر المشاهد بأنه في نفس العالم السينمائي الذي تركه في الملحمة التاريخية الأولى التي ظفر المخرج بجوائز الأوسكار فيها، فتصميم المشاهد يبرز استمرارًا لملامح الحضارة الرومانية المهيبة، سواء من حيث الديكورات أو الأزياء أو التفاصيل التاريخية الدقيقة، وهذا يخلق أثناء المشاهدة إحساسا بالتكامل.

كما يستحضر المخرج روح الجزء الأول من خلال استخدام موسيقى تصويرية ذات طابع ملحمي وإيقاع سردي متصاعد، وتصوير سينمائي يركز على عظمة الحضارة الرومانية، كما يركز على مشاهد القتال داخل الساحات التابعة لتأثيرات الجزء الأول لكنها تطور أساليبها بإضافة المزيد من الواقعية والحركة، خاصة في مشاهد الصراع وسط ديكور المياه و السفن.

ويتميز أسلوب ريدلي سكوت الإخراجي بين الجزء الأول والثاني لفيلم “المصارع” بالانسجام بين العناصر البصرية والملحمية، فالإضاءة كما هي دقيقة في خلق أجواء متباينة بين القهر والخلاص؛ فمشاهد الغزو والتدمير مثلا تتميز بطابع مرعب، بينما تحمل مشاهد الانتصار والتحرر أملا وتغييرا كالمشهد الأخير حيث تتنقل الكاميرا بسلاسة بين اللقطات الواسعة التي تعكس عظمة الحضارة الرومانية، إلى جانب اللقطات القريبة التي تركز على الانفعالات الشخصية للشخصيات، وهو ما يعزز الترابط العاطفي مع الجمهور.

ويكمن نجاح الإخراج في قدرة سكوت على الموازنة بين مشاهد الأكشن واللحظات الدرامية العميقة. والمشاهد القتالية مصممة بعناية لتعكس ليس فقط العنف بل أيضا الرمزية العاطفية للصراع، فالمشاهد التي يقاتل فيها لوسيوس لا تعتبر استعراضا للقوة أو مجانية، إنما هي نضاله الداخلي ورغبته في الانتقام، وهنا أظهر المخرج التوازن في ترتيب المشاهد واللقطات، فكان الإيقاع العام للفيلم مدروسا بعناية، حيث يبدأ بوتيرة بطيئة في تقديم الشخصيات الجديدة وتعريف الجمهور بالمكان والزمان، ثم يتسارع تدريجيا مع تصاعد الصراع وصولا إلى ذروته، وقد تمكن المخرج من الحفاظ على عنصر التشويق طوال الوقت من خلال التنويع في المشاهد وعدم الإطالة في تصوير مشاهد معينة على حساب مشاهد أخرى.

وريدلي سكوت هو مخرج إنجليزي عُرف بأعماله المميزة التي تجمع بين الإبداع البصري والتنوع السينمائي. بدأ مسيرته المهنية في مجال الإعلانات، وبعدها طوّر مهاراته في صناعة أفلام قصيرة إبداعية للتلفزيون، وحاز شهرة واسعة بعد إخراجه فيلم “فضائي”، الذي حقق نجاحا تجاريا كبيرا، ثم قدم مجموعة من الأعمال السينمائية البارزة مثل “عدّاء الشفرة” و“ثيلما ولويز” و“المصارع” و“المريخي”.

تميزت أفلامه بطابعها العاطفي مع اهتمامه بالتاريخ والحضارات التي تنوعت بين روما القديمة والقدس وإنجلترا في العصور الوسطى ومقديشو المعاصرة، وحتى المدن المستقبلية والكواكب البعيدة، كما عُرفت أفلامه أيضا بحضور شخصيات نسائية قوية. رُشّح سكوت لعدة جوائز عالمية، منها جوائز الأوسكار عن إخراجه لأفلام مثل “ثيلما ولويز” و”المصارع”، وحصل على ألقاب وجوائز تقديرية عديدة تكريما لإسهاماته في مجال السينما.

استلهم المخرج الكثير من أعماله من طفولته وقراءاته المبكرة لروايات الخيال العلمي، إلى جانب تأثره بأفلام مثل “ملحمة الفضاء”، بينما كان أول فيلم روائي طويل أخرجه هو “المبارزون”، الذي صُوّر في أوروبا وفاز بجائزة أفضل فيلم لأول مرة في مهرجان كان السينمائي.

ناقد سينمائي مغربي

 

العرب اللندنية في

25.12.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004