ملفات خاصة

 
 
 

اختيار الناقد لأفضل أفلام العام

أفلام عربية وأجنبية في الميزان

بالم سبرينغز - كاليفورنيامحمد رُضا

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 97)

   
 
 
 
 
 
 

أعلنت أكاديمية العلوم والفنون السينمائية قبل يومين قائمتها القصيرة لترشيحات «أوسكار» أفضل فيلم روائي ناقلةً البهجة والأمل لبعض المخرجين والخيبة لبعضهم الآخر.

من المتفائلين خيراً، المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي الذي كان تقدّم بفيلمٍ من إنتاجه بعنوان «من المسافة صفر»، وهو مشروع توثيقي سينمائي يضم 22 فيلماً قصيراً من إخراج عددٍ كبير من المواهب الفلسطينية الجديدة، جمعها مشهراوي في فيلم طويل واحد يدور حول معاناة أهل غزّة خلال الأشهر الأولى من الاعتداءات الإسرائيلية على القطاع.

بعض الأفلام الأخرى في قائمة يوم الأربعاء الماضي، كانت متوقعة مثل: «أنا ما زلت هنا» (البرازيل)، و«الفتاة ذات الإبرة» (الدنمارك)، و«إيميليا بيريز» (فرنسا)، و«بذرة التين المقدّسة» (ألمانيا للمخرج الإيراني اللاجئ محمد رسولاف)، و«سانتوش» (بريطانيا).

من التقليدي أيضاً اختلاف قائمة «الأوسكار» ليس فقط عمّا يفضّله الجمهور عادة، (قائمة «توب تِن» للعام الحالي يتقدمها فيلم «Inside Out 2» الذي جمع ملياراً و689 مليوناً و641 ألف دولارٍ)، بل عن اختيار غالبية النقاد أيضاً. اختلافٌ يكبر ويصغر حسب اختيارات الفريقين (الأكاديمية والنقاد) للأفلام.

من الطبيعي أيضاً اختلاف قوائم النقاد فيما بينهم، ولو أن غالبية الأفلام المُنتقاة غرباً تتشابه في إجماعٍ لا يستثني الجانب الترفيهي. فمنذ سنوات بات معتاداً قراءة آيات الإعجاب بأفلام تَسُرّ الجمهور، على الرغم من تواضعها الفني. أما بالنسبة للنقاد العرب فيتوقف ذلك على قُدرة كلٍّ منهم على حضور ما يكفي من المهرجانات ليتمتع بالكم الكافي لتكوين قائمته.

قائمة هذا الناقد لأفضل الأفلام العربية وأفضل تلك الأجنبية التالية هي من بين 247 فيلماً روائياً وتسجيلياً/ وثائقياً طويلاً شاهدها ما بين مطلع السنة وحتى كتابة هذا الموضوع قبل أسبوعين من نهاية العام. وهي مبنيّةٌ على تقييمٍ فني في الدرجة الأولى وقبل أي عنصر آخر، منها الموضوع أو مصدر الإنتاج.

العنوان (أبجدياً) متبوعاً باسم المخرج والبلد، ومن ثَمّ نبذةٌ مختصرة عن سبب اختياره.

* أفضل الأفلام الناطقة بالعربية

1- «إلى أرض مجهولة» | مهدي فليفل (بريطانيا، اليونان، السعودية)

مُهاجران عربيان في اليونان يعيشان وضعاً صعباً وحُلماً بهجرة أخرى لن يتحقق.

2- «أما بعد» | مها الحاج (فلسطين)

حياة زوجين فلسطينيين وديعة وجميلة إلى أن تكشف المخرجة عن مفاجأة أحاطتها بعناية.

3- «المرجة الزرقاء» | داوود ولاد سيّد (المغرب)

ينطلق من فكرة رائعة ويزداد إجادة عن صبي يعشق التّصوير، وهو أعمى في رحلة صوب مرجة يصوّرها ولا يراها.

4- «ثالث» | كريم قاسم (لبنان)

في قرية لبنانية نائية شخصيات تعيش حاضراً مشتّتاً يُهيمن عليه واقعُ العوز والعزلة.

5- «ثقوب» | عبد الله الضبعان (السعودية)

دراما عائلية تُتابع خلافاً بين شقيقين وتتميّز بمعالجةٍ فنية مختلفة تعبّر عن موهبة تَنشُد التميّز.

6- «سلمى» | جود سعيد (سوريا)

أفضل أفلام المخرج في السنوات الأخيرة. جميلٌ وواقعيٌ في تناوله حياةً قروية ناقدة للوضع المجتمعي.

7- «في حدا عايش؟»| عمر العماوي (فلسطين)

فيلم قصير مبهر عن أبٍ تحت الرّكام يُنادي ابنه المدفون بدوره. الجو مطبق والفيلم له دلالاته.

8- «مندوف» | كريم قاسم (لبنان)

فيلم آخر للمخرج نفسه يقصّ فيه حكاية أخرى عن شخصيات معزولة يُعايش متاعبها بدقّة وإيقاعِ حياةٍ واقعي.

* أفضل 10 أفلام أجنبية

1- All We Imagine as Light | باڤال كاباديا (بريطانيا)

مومباي كما لم نرَها من قبل على هذا النحو الشعري المتوّج بموضوعٍ مجتمعي لافتٍ تدفعه للصدارة عناية المخرجة بتقديم شخصياتها النسائية في بيئة من الأزمات والمصاعب.

2- The Brutalist | برادي كوربت (الولايات المتحدة/ بريطانيا)

قصّة نصف حقيقية لمهاجر يهودي حطّ في أميركا خلال الأربعينات، مسلحاً بأحلامِ تصميمٍ معماريٍ غير معهود رغم تباين الثقافات.

3- Conclave | إدوارد برغر (الولايات المتحدة)

دراما كاشفة لمجتمع الڤاتيكان إثر وفاةٍ غير متوقعة للبابا. تمثيل راف فاينس، وإخراج برغر، يضمنان نوعيةَ تشويق مختلفة.

4- Dune: Part Two | دنيس ڤيلنوڤ (الولايات المتحدة)

لدى هذا المخرج عينٌ على الجماليات البصرية حتى في المشاهد الموحشة. يكاد الفيلم أن يوازي سلسلة «Lord of the Rings»

5- The Great Yawn of History عليار راستي (إيران)

فيلمُ طريقٍ عن كنز مدفون يقوم به اثنان مُتناقضا الرؤية في كل شيء. في طيّات ذلك نقدٌ منفّذٌ بإجادة لوضع مجتمعي صعب.

6- Juror 2| كلينت إيستوود (الولايات المتحدة)

دراما محاكم من أستاذ السينما إيستوود (94 عاماً). عضو في هيئة محلّفين ارتكب الجريمة التي يُحاكم بريءٌ فيها. لغزي ومشوّق.

7- Limonov: The Ballad of Eddie| كيريل سيريبرينيكوف (إيطاليا، فرنسا، أسبانيا)

سيرة حياة الشاعر الروسي ليمونوف الذي عانى في بلاده، وأكثر في أميركا التي هاجر إليها بحثاً عن المجد.

8- Megalopolis | فرانسيس فورد كوبولا (الولايات المتحدة)

نافذة واسعة على ملحمة مستقبلية ممزوجة بأحلامٍ صعبة التحقيق تتمتع برؤية وفن كوبولا الذي لا يشيخ.

9- Second Line | حميد بن عمرة (الولايات المتحدة/ فرنسا/ سوريا)

فيلمٌ آخر ممتاز من المخرج بن عمرة الذي يمزج بمهارته المعهودة الفن والشعر والسياسة وجماليات الحياة بأسلوبه الفريد.

10- Story of Souleymane | بوريس لويكينو (فرنسا)

أحد أفضل الأفلام التي تحدّثت عن الهجرة. سليمان أفريقي يحاول الحصول على إقامة شرعية وسط بيئة صعبة.

«ليمونوف، أنشودة إدي» (وايلد سايد)

* أفلام الجوائز

من معايير المهرجانات الثلاثة الأولى، التنافس على عرض أفلامٍ قد تتوجّه بعد ذلك لحفل «الأوسكار». السبب في ذلك هو أن الفيلم الذي سيصل الترشيحات الرسمية سيكون إعلاناً للمهرجان الذي عُرض الفيلم فيه عرضاً عالمياً أولاً، ما يدفع صانعي الأفلام لاختياره على أساس أنه السبيل الأفضل للوصول إلى «الأوسكار» و«الغولدن غلوبز» و«البافتا» بعد ذلك.

جوائز المهرجانات الرئيسة الثلاثة، وهي حسب تواريخها، «برلين» (فبراير/ شباط)، و«كان» (مايو/ أيار)، و«ڤينيسيا» (سبتمبر/ أيلول) توزّعت هذا العام على النحو التالي:

- «برلين»: «Dahomey» وهو فيلم تسجيليٌّ فرنسي للمخرجة السنغالية أصلاً ماتي ديوب.

- «كان»: «Anora» كوميديا عاطفية عن شاب روسي ينوي الزواج من أميركية لمصلحته. الفيلم إنتاج بريطاني/ أميركي.

- «ڤينيسيا»: «The Room Next Door» للإسباني بيدرو ألمودوڤار. دراما عن امرأتين إحداهما مصابة بالسرطان والثانية صديقة كاتبة ترضى بأن تكون إلى جانبها في أيامها الأخيرة.

في غير مكان (ولا يمكن تعداد نتائج أكثر من 3 آلاف مهرجانٍ يستحق التّسمية) منحت المهرجانات العربية الرئيسة جوائزها على النحو التالي:

- «مهرجان البحر الأحمر»: «الذراري الحمر» للطفي عاشور (تونس)، نال ذهبية الفيلم الروائي، في حين نال «فقس» لرضا كاظمي وبانتا مصلح ذهبية الفيلم التسجيلي.

- «مهرجان الجونة»: «Ghost Trail» لجوناثان ميليه، نال ذهبية الفيلم الروائي، وذهبت الجائزة الأولى في نطاق الفيلم التسجيلي إلى «نحن في الداخل» فيلم لبناني/ قطري/ دنماركي من إخراج فرح قاسم.

- «مهرجان القاهرة»: حصد الفيلم المصري «أبو زعبل» لبسام مرتضى ونال الفيلم الروماني «The Year Never Came» لبوغدان موريشانو جائزة موازية في مسابقة الفيلم الروائي.

- «مهرجان مراكش»: نال الفيلم الفلسطيني/ الإسرائيلي «Happy Holidays» لإسكندر قبطي الجائزة الأولى في دورة المهرجان الـ21.

«المحلّف 2» (وورنر)

* الأفضل حسب النوع

كعادتها، شهدت الإنتاجات السينمائية مئات الأفلام، عددٌ منها توزّع بين أنواع مختلفة. التالي جردة حول بعض الأفضل تبعاً لأنواعها الحكائية أو الإنتاجية.

تاريخي:

Bonzo | مارغريتا كوردوسو (البرتغال):

طبيبٌ في جزيرة أفريقية يبحث في معاناة العبيد التي تدفعهم للانتحار. إضافة إلى ذلك، هناك بحثه عن هويّته الخاصة.

تسجيلي:

Riefenstahl | أندرس ڤييَل (ألمانيا)

عن المخرجة الألمانية ليني ريفنستال التي حقّقت أهم فيلمين تسجيليين عن النشاطات النازية في الثلاثينات.

بوليسي:

Knos Goes Away | مايكل كيتون (الولايات المتحدة)

قاتلٌ محترف يبدأ بفقدان ذاكرته لكن عليه إنقاذ مستقبل صبي كان من المفترض قتله قبل فوات الأوان

دراما عاطفية:

Rude to Love | يوكيهيرو موريغاكي (اليابان)

مواقف آسرة عن حياة امرأة تحاول عبثاً الحفاظ على عائلتها عندما يقرّر زوجها طلاقها.

دراما مجتمعية:

I’m Still Here| وولتر سايلس (البرازيل)

وضع زوجة اعتقل الأمن البرازيلي في السبعينات زوجها وقتله. يتناول الفيلم مراحلَ ما قبل الاعتقال وخلاله وبعده.

حربي:

Civil War | أليكس غارلاند

خلال حرب أهلية أميركية يحاول فريق إعلامي مقابلة الرئيس الأميركي قبل اجتياح القصر الرئاسي.

رسوم:

Flow | غينتس زيلبالوديس (لاتفيا. بلجيكا)

قطٌ هاربٌ يلجأ إلى قارب محمّلٍ بحيوانات أخرى خلال فيضان جامح. جيدٌ في تحريكه وألوانه، وسَلسٌ في إيقاعه، وحيواناته ليست من صنع «ديزني».

رعب: A Quiet Place: Day One | مايكل سارنوسكي (الولايات المتحدة)

يتبع سلسلة «مكان هادئ» مع اختلاف أن إطار الخطر يتّسع ليشمل المدينة. بطلة الفيلم وقطّتها اثنان من الباحثين عن طَوقِ نجاة صعب.

سيرة حياة

Maria | بابلو لاراين (إيطاليا)

حياة المغنية ماريا كالاس كما يراها المخرج التشيلي بفنِّها ومتاعبها في الأيام العشرة الأخيرة من حياتها.

ميوزيكال:

Joker: Folie à Deux| تود فيليبس (الولايات المتحدة)

مفاجأة الجزء الثاني هو أنه موسيقي. مشاهدٌ بديعة لجوكر ولليدي غاغا يغنيان في السجن وخارجه.

وسترن:

Horizon: An American Saga- Chapter Two

بصرف النظر عن إخفاق الفيلم تجارياً، الجزء الثاني أفضل من الأول في سبرِ غور الحياة في الغرب الأميركي البعيد.

«كل ما نتخيله ضوءاً» (لوكسبوكس)

* أنجح أفلام 2024

الجمهور السائد، وليس جمهور المهرجانات ولجان تحكيمها أو حتى النقاد، هو الذي يوجّه السينما ويدفع بالإنتاجات العالمية لاتّباع منهج التفكير الاقتصادي الصرف.

حالتان تقعان تبعاً لذلك، الأولى أن المنهج المادي يعني الإكثار من إنتاج الأفلام نفسها بعناوين مختلفة أو عبر أجزاء من سلسلة. يكفي نجاح فيلم واحد إلى حدٍ كبير، أو أعلى من المتوسط حتى يُنسخ أو يُطلِق سلسلةً متواصلة حتى الرّمق الأخير منها.

الحالة الثانية هي حالة الحصار الإنتاجي والتوزيعي التي يفرضها هذا الوضع على السينما المستقلة أو سينما المؤلف. التّوجه الطبيعي لهذه الأفلام هي المهرجانات السينمائية، بيد أن جمهور هذه المهرجانات محدودٌ ولا يصل إلى جيوب المنتجين، كما أن نجاح الفيلم إعلامياً في مهرجان ما، قد يُفيد انتقاله إلى المواقع بكثرة، وإلى مهرجانات أخرى وربما حتى إلى جوائز، لكنه لا يضمن له النجاح التجاري.

رغم هذا كانت هناك نجاحات تجارية في الدول الأوروبية ولو محدودة في نهاية الأمر.

الأفلام العشرة الأولى لعام 2024 حسب نجاحاتها الدولية (أي في شتّى الأسواق العالمية التي وصلتها) تؤكد ما سبق. كلّها معتدلة القيمة فنياً، باستثناء «Dune 2» الذي احتل المركز الخامس بإيراد دولي وصل إلى 714 مليوناً و444 ألفاً و358 دولاراً.

أما الفيلم الأول على القائمة فهو رسوم من ديزني عنوانه «Inside Out 2» جلب إيراداً عملاقاً جعله أكبر نجاحٍ للشركة في مجال أفلام الأنيميشن. الرقم النهائي لإيراداته هو مليار و698 مليوناً و641 ألفاً و117 دولاراً.

الفيلم الثاني هو أيضاً من إنتاج «ديزني» لكنه حيّ (ليس رسوماً)، «deadpool and wolverine» في حقيقته من أسوأ ما ظهر في 2024 من أفلام. وقد جلب ملياراً و338 مليوناً و073 ألفاً و645 دولاراً.

في المركز الثالث، فيلم رسومٍ آخرَ هو الجزء الرابع من «Despcable Me»، وهو من إنتاج يونيڤيرسال. لم يبلغ المليار لكنه اقترب منه: 969،459،798 دولاراً.

يتبعه في المركز الرابع «Moana 2» وهو بدوره رسوماً لديزني، أنجز نحو 700 مليونَ دولارٍ إلى الآن ولا يزال معروضاً بنجاح ما قد يرفعه إلى مركز أعلى.

 

الشرق الأوسط في

19.12.2024

 
 
 
 
 

بسبعة ترشيحات لكل منهما ..

«ذا بروتاليست» و«أنورا» يتصدران قائمة الأفلام المرشحة لجوائز دائرة النقاد السينمائية في لندن

لندن ـ «سينماتوغراف»

يتصدر فيلم ”أنورا“ للمخرج شون بيكر وفيلم ”المتوحش“ للمخرج برادي كوربيت قائمة الأفلام المرشحة للجوائز بسبعة ترشيحات لكل منهما قبل حفل توزيع جوائز دائرة النقاد السينمائية في لندن في دورته ال 45.

ويوم أمس الخميس، أكد كبار نقاد السينما في بريطانيا مرشحيهم قبل حفل 2 فبراير في فندق ماي فير في لندن.

وتلا فيلم ”كونكلاف“ لإدوارد بيرغر وفيلم ”المادة“ لكورالي فارجيت بستة ترشيحات لكل منهما، بينما حصل فيلم ”إميليا بيريز“ للمخرج جاك أوديار على خمسة ترشيحات. وحصل كل من فيلم ”حقائق صعبة“ للمخرج مايك لي وفيلم ”كنيكاب“ للمخرج ريتش بيبيات على أربعة ترشيحات.

تتنافس كل هذه الأفلام على جائزة أفضل فيلم لهذا العام إلى جانب فيلم ”كل ما نتخيله كضوء“ لبايال كاباديا وفيلم ”لا كيميرا“ لأليس روهرواتشر وفيلم ”أولاد النيكل“ لراميل روس وفيلم ”نوسفيراتو“ لروبرت إيجرز.

وتحتفي فئة ممثلة العام بأداء كل من ماريان جان بابتيست (حقائق صعبة) ونيكول كيدمان (بيبي جيرل) ومايكي ماديسون (أنورا) وديمي مور (ذا سوبستنس) وساويرس رونان (ذا أوتيرن).

أما جائزة أفضل ممثل لهذا العام فتُمنح لأدريان برودي (The Brutalist) وتيموثي شالاميت (A Complete Unknown) ودانيال كريغ (Queer) وكولمان دومينغو (Sing Sing) ورالف فينيس (Conclave).

يتم التصويت على الجوائز من قبل قسم الأفلام في دائرة النقاد الذي يضم 210 أعضاء في دائرة النقاد، وهي أقدم وأعرق منظمة نقاد في المملكة المتحدة.

تكون الأفلام مؤهلة تلقائيًا إذا تم عرضها في دور السينما في المملكة المتحدة أو على خدمات البث الأولى بين منتصف فبراير 2024 ومنتصف فبراير 2025.

 

موقع "سينماتوغراف" في

20.12.2024

 
 
 
 
 

سينمائيون عرب وترامب (2/ 2): إنّه شبيه "ترمينايتور 2"

نديم جرجوره

ستبقى شخصية الرئيس الأميركي الجديد/القديم دونالد ترامب، إلى أعوامٍ كثيرة لاحقة، مُثيرة لنقاشٍ ومحرّضة على إبداع فنّ ونتاج ثقافي/معرفي، بسلوكه وخطاباته ونبرته وحركاته وملابسه وأفكاره وشعبويّته وأحلامه وعِقده وهواجسه وانفعالاته. أو ربما لن تفعل هذا، لشدّة خواءٍ يعتمل في بنيتها الثقافية والحسّية والعقلية، كما يُقال. لكنّ الأهمّ، كما يتّضح الآن، أنّ رئيساً مثله غير عابرٍ البتّة، وأنّ أفعالاً وأقوالاً له ستحفر عميقاً في وجدان فردي/جماعي، وفي عيشٍ فردي/جماعي أيضاً، في أميركا نفسها، كما في خارجها، وإنْ بدرجات تأثير مختلفة.

حلقة ثانية وأخيرة من تحقيقٍ يتناول نظرة سينمائيين عربٍ إلى الرئيس الـ47 (2025 ـ 2029) للولايات المتحدة الأميركية (هناك تحقيق مستقلّ عن نظرة سينمائيين مغاربة أيضاً يُنشر قريباً)، يحاول (التحقيق) تبيان موقع تلك الشخصية في ذاتٍ عربية، تعاني أهوالاً جمّة تتحمّل السياسة الأميركية جزءاً كبيراً من مسؤولية خرابها متنوّع الأشكال والمستويات. فلترامب مواقف إزاء الجغرافيا العربية، بما فيها من مصالح اقتصادية ومالية وتجارية وسياسية خاصة به، ولسينمائيين عربٍ نظرات مفتوحة على تساؤلات، لعلّها غير محتاجة إلى إجابات حاسمة، فمسائل كهذه تظلّ مفتوحة على احتمالات غير منتهية.

تحقيق كهذا تمرينٌ على اشتغال مهنيّ (صحافة ونقد سينمائيان) يحاول استشراف مقبلٍ من الأيام، أو رسم معالم/ملامح هذا المقبل نفسه، بناءً على وقائع واختبارات. تمرينٌ على إعمال الخيال أيضاً، إلى جانب تفكير وتأمّل (ترتيب الأسماء بحسب التسلسل الأبجدي للاسم الأول).

أحمد غصين (مخرج لبناني)

أول خاطرة لي في ردّ على السؤال، أتذكّر أنّي لم أشاهد "المتدرّب" للمخرج الدنماركي الإيراني علي عباسي، عن حياة دونالد ترامب الشاب. مُثيرٌ للانتباه اهتمام السينما بشخصيةٍ لا تزال حيّة. هناك أيضاً عدد من الوثائقيات عن الرئيس الأميركي نفسه. هذا دليلٌ على أنّ تلك الشخصية مثيرةٌ للجدل، وعلى أنّ الناخبين الأميركيين يسعون لرئيسٍ من خارج النمطية السياسية، كما قيل حينها.

ما يعنيني، أنا المنتمي إلى هذه المنطقة من العالم، أنّه مع أيّ رئيس للولايات المتحدة يدخل إلى البيت الأبيض ستتغيّر على أساس ذلك أمور في منطقتنا، وأحياناً أمور مصيرية، كاندلاع حربٍ، أو توقّف حربٍ دائرة. إشعال منطقة، أو تغيير سياسي جذري في دولةٍ ما. على هذا، ليست مصادفة أنّ سائق سيارة أجرة في بيروت سيكون مهتمّاً بترامب رئيساً للإمبراطورية، إذْ يُحتَمل لحياته أنْ تتغيّر بسبب قرار منه.

أظنّ أنّ هذا حال مواطنين كثيرين في هذا الشرق على الأقلّ. ننتظر ترامب أنْ يتسلّم ولايته لنرى ما سيحلّ بالحرب وحياتنا هنا في لبنان. العالم ماضٍ في حروبه المُدمِّرة، واليمين ماضٍ في صعوده في أوروبا وأميركا. أظنّ أنّنا لسنا ذاهبين إلى أيامٍ أفضل، على أمل أنْ يكون للسينما دور تفكيكي ونقدي أكبر لهذا العالم، الذي يُصرّ على أنْ يدهس الفقراء ويقتلهم.

مجدي أحمد علي (مخرج مصري)

حقيقة أنّ العالم يتّجه إلى عصر اليمين أصبحت تهديداً وجودياً لكلّ ما ظنّت الإنسانية أنّها نجحت في تكريسه، من قِيَم العدالة وقبول الآخر، وهزيمة كلّ مظاهر العنصرية البغيضة. كان حسنو النيّة يُعوّلون على تقدّم العلم والتكنولوجيا، وعلى صعوبة احتكارهما من أي جهة، بفضل انتشار وسائل التواصل، والإتاحة غير المُكلفة نسبياً لسبل المعرفه والانفتاح على الرؤى والأفكار، فاذا بكلّ هذا ينهار، والأسباب عديدة ومتنوّعة وتراكميّة.

كان فشل اليسار بأطيافه كلّها، والليبراليّة بتنوّعاتها كلّها، درامياً وشاملاً، إذْ لم يلبث العالم أنْ تحوّل إلى كتلة لهبٍ يتزايد سعيره وينتشر، في غيابٍ كامل لأيّ رادع أخلاقي. سادت فلسفة القوّة العمياء الباطشة، وتوارت بلا خجل الشعارات كلّها التي لطالما تباهى بها الغرب سبباً لوجوده وتبريرٍ لحروبه ومعاركه.

منذ الحرب العالمية الثانية، لم نرَ العالم كما نراه اليوم. لم تقع الإنسانية في براثن اليأس والعجز والإحباط، كما يحدث اليوم. لم يتراجع الأمل في رؤية ضوء في نهاية النفق، والقتل بدم بارد، والصمت العاجز، والتواطؤ بالتغاضي، بل والمشاركة، كما يحدث اليوم. اليمين ينتصر، ويُكلّل انتصاراته بالإتيان برئيس لزعامة الغرب يسعى لنفي كلّ ما كان الغرب يرفعه من شعارات، ويدعو إلى انكفاء على الذات العنصرية، من أجل أميركا قويّة، مُختصراً عناصر القوّة في مفهوم التفوّق الساحق على الغير، ومزيد من ثراء الأثرياء، في ظلّ مُحَافَظَة أخلاقيّة رافضة لحداثة مجتمع يعجز عن مجاراة إنجازات علمية وتكنولوجية تؤثّر حتماً في أسلوب الحياة بكلّ تفاصيلها.

في العقد الأخير، وفي ردّ فعل على تفشّي ظواهر العنف والقوّة العمياء، اتّجه الفنّ والأدب إلى مواضيع إنسانية، تطمح إلى بعث مشاعر تاريخية توشك على الاختفاء. تنوّعت المعالجات بين بحثٍ عن قِيَم الصداقة وتقديس الأسرة وقبول المختلف، والتعاطف مع حالات المُهمّشين والمُغيّبين عن دوائر السلطة والتأثير، والتركيز على قيمة الحبّ والتواصل المفقود في مواجهة الحيرة والوحدة، في عالمٍ مُضطرب، تتغيّر قِيَمه وأصول وجوده في كلّ دقيقة.

أظنّ أنّ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مُجدّداً امتدادٌ لهذا الخطّ على استقامته. سيصل اليمين إلى أقصى ما يمكن للواقع أنْ يمنحه، في ظلّ فشل شبه كامل لأي مقاومة حقيقية.

الفن، كلّ الفن، يساريٌّ بالتعريف. إنّه التمرّد على السائد، في محاولة دائمة لتغييره إلى الأفضل والأرقى والأسمى. لذا، لم نرَ فناناً حقيقياً واحداً يؤيّد ترامب أو نتنياهو، وكلّ ما ابتُلي به زمننا من يمين متطرّف.

الحرية النسبية، التي دفعت شعوبٌ أثماناً باهظة لانتزاع حقّها في ممارستها، ستستمرّ في التعبير عن نفسها، وعن الإنسان العادي الراغب في حياة بلا عنف ولا حروب، وفي ظروف عمل تُتيح له الاستمتاع بهذه الحياة.

هل يُمكن تسمية هذا "تفاؤلاً"؟ الإجابة نعم. إدراك الحقيقة لا بُدّ أنْ يكون له ثمن، والثمن الباهظ الذي يفرضه الواقع المؤلم أنْ تصل تجاوزات هذا اليمين إلى أقصى حدود التوحّش. هذا فقط يدعو العالم إلى اليقظة، وإيقاف الانتحار الجمعي، والعودة إلى روح جديدة وأمل يائس في مستقبل أفضل.

هادي زكاك (مخرج وباحث سينمائي لبناني)

أنْ أبدأ بعنوان "ترامب 2"، يبدو كأنّي سأكتب عن الجزء الثاني لأحد الأفلام الهوليووديّة، التي لا تتوقّف عن تكرار الوصفة نفسها. يظهر العنوان كأنّه شبيه بـ"ترمينايتور 2"، فيصل الرجل الضخم إلى الحكم مُحاطاً بصقوره الراديكاليين، ليُنهي كلّ شاذ، ويعمّ السلام في العالم.

إنّه الفيلم المرتقب إنتاجه من خلال اقتصاد الحروب المتنقّلة، ليكون الفيلم الحدث لعام 2025. فشركة "مارفيل" استنفدت كلّ أبطالها، وتجمعهم وترسلهم بمهمّات لمحاربة الشرّ، أو محاور الشرّ. أمّا شخصيّات "دي سي كوميكس"، فتناوب على معالجتها خيرة المخرجين، حتى تحوّل العالم بأكمله إلى مدينة "غوثام" ومات "باتمان". سيطر "الجوكر" واختفى "سوبرمان"، لأنّ العالم الذي نعيش فيه أصبح هذا الكوكب الذي رسمته لنا معظم الإنتاجات الهوليووديّة، فسقطت بعض الأنواع السينمائيّة كـ"الخيال العلمي"، الذي أصبح بالفعل فيلماً علمياً واقعياً، وما يُسمّى بالديستوبيا أصبح فيلماً وثائقياً.

لم نعد بحاجة للذهاب إلى الصالة السينمائية لمُشاهدة هذا الواقع، الذي كان ينسجه الخيال، فأصبحنا نراه مباشرة على التلفون والتلفزيون، ينقل الإبادة من غزّة إلى لبنان مباشرةً، مع تعداد الضحايا. تحوّل فيلم الكوارث إلى صورة يوميّة تتجلّى مع سقوط الأبنية أمام عيون المواطنين، الذين يشاهدون العرض مع كلّ الأحاسيس والروائح والمخاطر، بعيداً عن حاجز الشاشة الفضيّة. أمّا أفلام التجسّس، فبرع ما يُسمّى بجيش الدفاع الإسرائيلي على تجسيدها في الواقع، بتفخيخ آلات الاتصال، ورصد المسؤولين وتصفيتهم، ومراقبة الحياة اليوميّة بأكملها على خطى الأخ الكبير، الذي ذكره جورج أورويل.

هكذا أصبحنا في عالمٍ سيطرت عليه التوتاليتاريّة رافعةً شعار الحرية، وقام جيش يحمل صفة الدفاع بالمجازر وعمليّات القضاء على كلّ أشكال الحياة، بينما زعيمه المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية يسرح ويمرح تحت التصفيق، رافعاً شعار الحضارة الغربية.

أمّا الأطراف التي أعلنت المواجهة والمقاومة، فلم تكن بدورها بعيدة عن استعمال ما تلقّته من الأفلام الهوليوودية، فاستعانت بالمؤثّرات الصوتيّة نفسها التي واكبات فيديوهات العمليات العسكرية. وعبّرت أيضاً عن رغبة في نقل ألعاب الفيديو إلى الواقع، مع إضافة صرخات التكبير المتكرّر. وأضافت الموسيقى الصاخبة المستوردة مع رفعها شعار محاربة الاستعمار. نسيت الجموع، التي فَقَدت كلّ مقوّمات الحياة بينما احتمت تحت الأرض للدفاع عمَّن مُسح من أرضه.

هكذا تراكمت صُوَر الفيلم الهوليوودي الاستشراقي، الذي شارك في إنتاجه المستشرق مع الجماعات المحليّة، استجابةً للصورة المرسومة. فعدنا مرّة جديدة إلى فيلم "علاء الدين"، الذي رسم مرحلة ما بعد حرب الخليج، مطلع تسعينيّات القرن الماضي، بإدارة الرئيس جورج بوش الأب. أعلنت أغنية الفيلم عن "النظام العالمي الجديد"، الذي يتخلّص من الشرير جعفر وأتباعه لإنشاء عالمٍ عربي شبيه بعالم ديزني. ها هو ترامب قد يسلك الدرب نفسه، بينما الأجيال الصاعدة لن تتخيّل علاء الدين وياسمينا والجنّي إلّا من منظار الصورة الهوليوودية.

لكنْ، أين كلّ الصُّوَر التي لا نراها؟ تتكرّر في فيلم "هيروشيما حبيبتي" (1959) لآلان رينيه جملة "لم ترَ شيئاً في هيروشيما". فرغم السيطرة اليوميّة للصورة المباشرة على حياتنا، تنقصنا الصورة الداخليّة، بينما هناك أمكنة أخرى لم نعد نراها. فماذا يجري في السودان واليمن، وحتى في أوكرانيا؟

هل ستقدر السينما، في ظلّ هذا "النظام العالمي الجديد 2"، الخروج من الصورة النمطيّة لمواجهة النظام التوتاليتاري؟ هل ستنشأ سينما مقاومة تفكيكيّة تنقل الصورة من الداخل، بعيداً عن الخضوع لعمليّات التعليب والصناديق المفخّخة؟ هل ستصبح السينما الوثائقيّة أكثر شعبيّة، لكونها تجسّد اليوم ما كان يُسمّى بالخيال العلمي والديستوبيا؟

 

العربي الجديد اللندنية في

20.12.2024

 
 
 
 
 

"الذئاب".. سيناريو ضعيف يستغل نجومية براد بيت وجورج كلوني

عبدالرحيم الشافعي

فيلم تدور أحداثه في ليلة واحدة سعيا لإخفاء جريمة قتل.

تقع بعض الأفلام الأميركية في فخ تكرار الأفكار والمراهنة على نجوم كبار لجذب أكبر عدد من الجمهور وتحقيق أقصى ما يمكن من الأرباح دون الانتباه كثيرا إلى جودة العمل، وهذا ما حصل مع فيلم “الذئاب” الذي منحته نجومية براد بيت وجورج كلوني الإشعاع الذي يبحث عنه رغم الضعف الكبير فيه.

تدور أحداث فيلم “الذئاب” للمخرج جون واتس في إطار من الأكشن الغامض، حيث يحاول شخصان خارجان عن القانون التغلب على سلسلة من المخاطر بعد أن تم تكليفهما بتنفيذ المهمة نفسها في الوقت ذاته، وتتوالى الأحداث بشكل مثير. والعمل من سيناريو جون واتس وبطولة كل من براد بيت وجورج كلوني وأوستن أبرامز وإيمي ريان وإيرينا دوبوفا وبورنا جاجاناثان.

يأتي سيناريو الفيلم كإعادة طرح لفكرة مستهلكة ظهرت مرارًا في السينما الأميركية وغيرها، وهي ثنائية التعاون بين شخصيتين متناقضتين في سياق إجرامي، وهذه الفكرة تعتمد عادة على مزيج من الكوميديا السوداء والحركة المكثفة، ولكنها هنا تُقدم في إطار بسيط خال من الإضافات الإبداعية ويعيد تدوير القوالب الجاهزة، حيث يتكرر المشهد الكلاسيكي للشخصيات التي تجد نفسها مضطرة إلى العمل معًا لإنهاء مهمة مشتركة دون أن يقدّم معالجة جديدة أو أبعادًا درامية عميقة.

ويعتبر اختيار أن تدور أحداث الفيلم في ليلة واحدة عنصرا تقليديا يسعى إلى خلق توتر متسارع، لكنه في هذا العمل لا يُستغل بشكل فعال، فالقصة تبدأ بوعد درامي جيد من خلال مدعية عامة تجد نفسها متورطة في جريمة قتل وتستعين بمنظف محترف لإخفاء الجثة، لتجد نفسها عالقة مع منظف آخر مرسل من جهة مختلفة، لكن رغم هذا التمهيد الواعد، سرعان ما تتحول القصة إلى سلسلة من الأحداث المتوقعة التي تفتقر إلى التصعيد أو الإثارة الحقيقية، فالمشاهد المليئة بالمطاردات والصدامات تُستخدم لملء زمن الفيلم دون أن تضيف شيئًا فعليًا لتطوير الحبكة الدرامية أو تعميق ملامح الشخصيات.

سيناريو الفيلم إعادة طرح لفكرة مستهلكة في السينما وهي ثنائية التعاون بين شخصيتين متناقضتين في سياق إجرامي

ويعتمد السيناريو على الكوميديا الخفيفة وحوارات الشخصيات الرئيسية، وهو ما يجعل الأحداث أقرب إلى كونها عرضًا ترفيهيًا لنجمين كبيرين بدلا من كونها عملا سينمائيًا قائمًا على حبكة متينة، فالشخصيتان الرئيسيتان تعملان كأداة لجذب الجمهور دون أي بناء نفسي أو سردي يُبرز تعقيدات عملهما الإجرامي، كما أن الأحداث تُقدَّم بشكل مباشر دون أي منعطفات ذكية أو حبكات فرعية تُغني النص، وهذا يضع الفيلم في خانة الأعمال التجارية التي تُفضل الإبهار السريع على حساب العمق الفكري أو الفني.

وما يعيب السيناريو أساسا هو اعتماده على فكرة سبق أن شاهدناها عشرات المرات في السينما العالمية وهي فكرة “المنظف الإجرامي” سواء كفرد أو كفريق، ويُعد شخصية نمطية ظهرت أيضا في الفيلم الأخير “الغرباء” للمخرج توني دين سميث، وهذا الفيلم جاء قويا ومحبوكا لكن الفارق بينه وبين فيلم “الذئاب” هو أن السيناريو هنا يفتقر إلى الإضافة النوعية التي تُبرر إعادة تقديم هذه الفكرة. لا يوجد بُعد حركي أو رمزي للأحداث، ولا تُستخدم الشخصيات لإبراز صراعات إنسانية محضة، فحتى النهاية تأتي مفتقرة إلى المفاجأة أو التفسير وهذا حقيقة يجعلها أشبه بلحظة فراغ درامي بدلا من أن تكون خاتمة مرضية.

ومن الواضح أن الهدف الأساسي من هذا العمل السينمائي هو تقديم فيلم ترفيهي خفيف وبعيد عن الطموحات الفنية الكبرى، فالتركيز على نجومية جورج كلوني وبراد بيت كعنصر الجذب الرئيسي يجعل الفيلم يعتمد عليهما في تقديم كوميديا الموقف وإبراز الكاريزما المشتركة، دون محاولة حقيقية لتطوير القصة، وهذا النهج يجعل “الذئاب” فيلمًا ممتعًا لكنه لا يترك أثرًا أو انطباعًا قويًا لدى الجمهور.

ولا يمكن إنكار التأثير الذي تُحدثه أسماء مثل كلوني وبيت في استقطاب جمهور واسع، لكن هذه النجومية تصبح سلاحًا ذا حدّين، حيث أنها تُضفي ثقلا إعلاميًا على الفيلم وتضمن له حضورًا جماهيريًا كبيرًا، إلا أنها لا تُغطي على أي قصور فني في الفيلم، بينما تُستغل هذه النجومية لتجاوز القيود التي يعاني منها النص فتُقدَّم الكوميديا والحوار بأسلوب يركز على استعراض التناغم بين النجمين بدلا من السعي لتقديم عمل ذي قيمة سردية عالية، فعندما يُبنى الفيلم على استقطاب الجمهور عبر نجومية الأبطال، يصبح خطر تقديم عمل سطحي أكبر، بينما الحقيقة أن العلاقة المتوترة بين شخصيتي النجمين تُقدَّم بشكل ساخر، لكنها تفتقر إلى البناء النفسي الذي يمكن أن يجعلها محورية للقص، فالنتيجة هي فيلم ممتع للعين ولكنه لا يترك أثرًا فكريًا أو عاطفيًا لدى المُشاهد.

أحداث الفيلم تدور في ليلة واحدة.. عنصر تقليدي يسعى إلى خلق توتر متسارع

ومن المرجح أن وجود كلوني وبيت لم يكن مجرد اختيار تمثيلي بل هو عنصر أساسي في تصميم الفيلم وتوجيهه، فالسيناريو يبدو كأنه كُتب خصيصًا لاستغلال الكيمياء بينهما، دون محاولة جادة لتقديم قصة تحمل رسالة أو فكرة جديدة، وهذا النوع من الأفلام يُظهر كيف يمكن للنجومية أن تُستخدم تعويضا للافتقار إلى عناصر فنية أخرى، وهو ما يُحوّل العمل إلى تجربة تجارية أكثر منها فنية.

ويعتمد المخرج  جون واتس على أسلوب كلاسيكي يميل إلى التقاليد البصرية المألوفة في أفلام الحركة والكوميديا، حيث تتبع الكاميرا الشخصيات في مشاهد مطاردات غامضة لكنها منظمة وبإيقاع متوسط دون تجاوز القواعد التقليدية للسرد السينمائي، ثم إن اختيارات المخرج جون واتس ذكية للغاية، إذ يُركّز على إبراز تفاعل النجمين الرئيسيين بدلاً من تقديم رؤى إخراجية مختلفة أو تقنيات بصرية تترك مشهدا محبوكا، فرغم جودة التنسيق في مشاهد الحركة والمطاردات، إلا أن الفيلم يفتقر إلى تلك اللحظات الإبداعية التي يمكن أن ترتقي به من مجرد عمل ترفيهي إلى تجربة سينمائية فريدة، وهذا النهج يجعل الفيلم ممتعًا للمشاهدة لكنه يظل عالقًا في إطار الإخراج النمطي الذي يخدم القصة دون أن يتحداها أو يضيف إليها بعدًا جديدًا.

نجومية جورج كلوني وبراد بيت تُضفي ثقلا إعلاميًا على الفيلم وتضمن له حضورًا جماهيريًا إلا أنها لا تُغطي على أي قصور فني

وفي الكثير من الأفلام يتم استغلال أسماء بارزة في عالم السينما لجذب الجمهور وزيادة الإقبال على شباك التذاكر، ثم تكشف أن القصص المؤفلمة تقليدية بسيطة ومكررة، حيث تعكس مواقف ومؤامرات سبق أن شاهدها الجمهور في أفلام كثيرة من قبل، وهذا الفيلم “الذئاب” من هذا النوع؛ إذ يعتمد على نجومية جورج كلوني وبراد بيت، اللذين يُعتبران من أبرز نجوم السينما الأميركية، بينما الفيلم يعاني من ضعف في تقديم  جديد في هذا النوع من الأفلام، قصة يتصارع فيها الأبطال في مهمة واحدة تتطلب التنسيق والعمل معًا في مواجهة مخاطر عابرة، وهذه الفكرة تجعل الفيلم عابرًا في الذاكرة سريعًا ويُواجه صعوبة في البقاء طويلاً في صدارة شباك التذاكر.

ويعتبر جون واتس مخرجًا ومنتجًا ومؤلفًا أميركيًا بارعًا، وُلد في 28 يونيو 1981 في مدينة فاونتن بولاية كولورادو الأميركية، وبرز في مجال السينما والتلفزيون من خلال مشاركته في العديد من المشاريع المميزة، فكان من أبرز الأسماء في صناعة الأفلام، واشتهر بعمله كمنتج مشارك في فيلم “الاختيار الطبيعي” عام 2011، ثم كرّس موهبته في إنتاج وإخراج مسلسل “شبكة أخبار البصل” في العام نفسه، وفي عام 2015 أبدع في فيلم “سيارة الشرطة” حيث تولى مهام الإنتاج والإخراج والتأليف، كما حقق نجاحًا لافتًا في عام 2017 كمخرج وكاتب لفيلم “سبايدر مان: العودة إلى الوطن”، فضلاً عن العديد من الأعمال الأخرى التي أضافت إلى رصيده الفني.

ناقد سينمائي مغربي

 

العرب اللندنية في

20.12.2024

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004