•
الفيلم اللبنانى يحفظ ماء الوجه للسينما العربية ويطرح قصة وطن
وكرامة وعدالة تاهت فى زمن الحرب
•
تحفة «روح وجسد» فى مواجهة فيلمى «بلا حب» و«المربع».. وجنوب
أفريقيا والسنغال فى الصورة بقصة كفاح
• «فوكستروت»
الإسرائيلى يبرز الوضع السريالى لمهام الجنود على حواجز الضفة
منافسة قوية تشهدها الجائزة الأهم سينمائيا فى العالم «الأوسكار»
بين تسعة أفلام هى بحق من أجمل الأعمال المدهشة والرائعة فنيا التى
طرحتها شاشة السينما العالمية خلال العام، يحلم صانعوها بالتتويج
بأوسكار أفضل فيلم اجنبى، بعدما كشفت الأكاديمية الأمريكية لعلوم
وفنون السينما ــ المنظمة للجائزة ــ عن الأفلام التسعة المرشحة فى
القائمة القصيرة لجائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبى، التى ترشح لها 92
فيلمًا هذا العام، ويتم الكشف عن قائمة المرشحين النهائيين الخمسة
23 يناير الجارى، والذى يترقبه الجميع للاقتراب من الحلم، بينما
يقام الاحتفال الكبير يوم 4 مارس.
المفاجأة التى استقبلها السينمائيون العرب بترحاب كبير هى وجود
الفيلم اللبنانى «قضية رقم 23» أو «الإهانة»، كما يطلق عليه فى
الغرب، للمخرج اللبنانى الفرنسى زياد دويرى فى القائمة لأول مرة،
بينما خرج من المنافسة الفيلم المصرى «الشيخ جاكسون» للمخرج عمرو
سلامة، وهو ما كان متوقعا وسط هذا الزخم من الأفلام ذات الثقل
الفنى.
فيلم «قضية رقم 23» الممثل الوحيد للسينما العربية، والحفاظ على
ماء وجهها، يسلط الضوء على خلاف بين طونى (عادل كرم)، المسيحى
المتطرف، وياسر (كامل الباشا)، اللاجئ الفلسطينى، المسلم المقيم فى
احد مخيمات لبنان. ويتحول الخلاف الصغير بين الرجلين إلى مواجهة
كبيرة فى المحكمة تتطور إلى قضية وطنية تفتح ملفات الحرب الاهلية
المثيرة للجدل بلغة سينمائية جميلة ومتماسكة.
المخرج زياد دويرى الفائز بجائزة افضل مخرج عربى بمهرجان الجونة
السينمائى قال إن «القضية ٢٣» يروى قصة بلد هو لبنان، قصة يمكن ان
تشكل نموذجا يحتذى لمصالحة لم تتم بين الأطياف المختلفة فى البلد
الصغير، على الرغم من مرور اكثر من 25 عاما على انتهاء الحرب فيه.
وأضاف دويرى عن فيلمه الذى حاز بطله الممثل الفلسطينى كامل الباشا
بجائزة أفضل ممثل فى مهرجان فينيسيا السينمائى انه قصة كرامة
والبحث عن العدالة.
فى فيلمه دخل دويرى قدر الإمكان فى التاريخ ولكن دون مبالغة أراد
أن يثبت أن «ما من فئة (فى حرب لبنان 1975ــ1990) يمكنها أن تقول
عن نفسها إنّها كانت وحدها مضطهدة، وما من فئة يمكنها أن تقول إنها
وحدها جُرحت، فثمة فئة أخرى لها الحق أن تقول أيضا إنها دفعت دما
خلال الحرب.
الفيلم الثانى الذى ينافس بقوة على الجائزة هو السويدى الرائع
«المربع» والذى حصد السعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائى فى دورته
الـ70 ومن إخراج روبن أوستلُند وبطولة كلايس بانج، ودومينيك وست.
تدور الأحداث بشكل أساسى حول مدير متحف بصدد إقامة معرض جديد تحت
اسم «المربع»، لكنه يواجه عددًا من المواقف الصعبة والمتاعب، التى
تؤثر بشكل سلبى على حياته الشخصية والمهنية أيضًا، يتطرق الفيلم
إلى فكرة الصدام بين المجتمعات المتحضرة والبدائية، ويطرح مجموعة
من القضايا العصرية بأسلوب ساخر وذكى.
وضمت القائمة أيضا الفيلم التشيلى
«A Fantastic Woman»
أو «امرأة رائعة»، من إخراج التشيلى سيباستيان ليليو، والحاصل على
جائزة الدب الفضى كأفضل سيناريو بمهرجان برلين السينمائى.
الفيلم ينتصر لحقوق المتحولين جنسيا، وهو صرخة فى وجه التمييز
ضدهم، فهو عن امرأة تضج أنوثة وهى حقا قوية شجاعة. تلك البطلة التى
سمى الفيلم باسمها هى مارينا «دانيلا فيغا»، وهى متحولة جنسيا،
وتحب أورليانو «فرانسيسكو رييس»، ذلك الرجـل الذى يكبرها بأعوام
كثيرة. تحبه بصـدق ودون هدف سوى أنها تحبه. يتوفى فجأة، فيعرى موته
كل التحامل داخل المجتمع للمتحولين جنسيا، ولهذا النوع الذى
يعتبرونه شاذا عن الطبيعى والذى يرونه مسخا.
هى امرأة لا يعترف أحد بأنوثتها، وبشر لا يعترف أحد بهويته، ولكنها
دوما صامدة قوية متحدية مجابهة. تبكى أحيانا ولكنها لا تسقط ولا
تنهزم، ولا تبادل الشر والكره بمثلهما. تواجه ما تواجهه من عداءات
أسرة أورليانو بقوة دون أن تنكسر. تواجه المجتمع بفخر وكرامة
كمتحولة جنسيا واثقة فى نفسها تماما. سيناريو الفيلم محكم للغاية
ولا ينزلق قط إلى الميلودراما. أداء مقتدر من دانيلا فيغا، أداء
صادق يدخل القلب فى فيلم بالغ الدفء.
الفيلم الثالث هو للمخرج فاتح أكين «فى التلاشى» أو
«In the Fade»
والذى يمثل ألمانيا فى المنافسة وحصلت بطلته النجمة ديان كروجر على
جائزة أفضل ممثلة بمهرجان كان السينمائى.
وفى الفيلم نرى فجأة، وبشكل غير مُتوقع، انهيار حياة «كاتيا» عندما
يُقتل زوجها «نورى» وابنها الصغير «روكو»، إثر انفجار قنبلة. حاول
أصدقاؤها وأفراد عائلتها أن يمدوها بالدعم الذى تحتاجه، وتحاول
«كاتيا» أن تتماسك بطريقة أو بأخرى خلال الجنازة. لكن البحث الممل
والبطيء عن مرتكبى الحادث، وكشف الأسباب والدوافع خلف هذا القتل
الذى بلا معنى، صَعَّب من الأحزان على «كاتيا»، وفتح الجروح
والشكوك. يُمثل «دانيلو» ــ المحامى وصديق «نورى» المقر بـ«كاتيا»
فى المحاكمة النهائية ضد اثنين من المُشتبه فيهم: شابان ينتميان
إلى جماعة النازيين الجدد. تدفع المحاكمة «كاتيا» إلى الهاوية،
ولكن ببساطة لا يوجد خيار آخر أمامها، فهى تريد العدالة.
الفيلم الرابع هو المجرى «جسد وروح»
«On Body and Soul»
للمخرجة المدهشة الديكو انيدى وبطولة جيزا مورسانى وألكسندرا
بوربيلي، وحصل الفيلم على جائزة الدب الذهبى فى مهرجان برلين
وجائزة الفيلم الأوروبى لأفضل فيلم، وأفضل مخرج، وأفضل سيناريو.
ويتناول قصة حب بين رجل معاق وكبير فى السن وامرأة لديها متلازمة
اسبرجر، وكيف يمكن للأحلام أن تشعل نيران الصداقة.
واستطاع الفيلم الشاعرى الروسى
«Loveless» «بلا
حب»، للمخرج أندرى زفياجينتسيف، دخول القائمة بعد حصوله على جائزة
النقاد بمهرجان كان السينمائى وجائزة أفضل فيلم فى مهرجان لندن
السينمائى الـ61، وهو يسرد عاطفة فياضة، ورغم أنه يركز على قصة
عائلة واحدة فى روسيا، شعرت بأنه تراجيديا عامة، فالمخرج رفع قصة
شخصية إلى تعبير سياسى واجتماعى، وهى تعليق عن وضعنا النفسى
والسياسى المعاصرّ. ويحكى الفيلم قصة طفل يختفى بعد أن هرب من بيت
والديه، اللذين يتشاجران بدون توقف ولا يعيرانه اهتماما. ورغم
عدائهم لبعضهما البعض، يتّحد الوالدان فى البحث عنه ويساعدهما فريق
متطوعين بعد تخاذل الشرطة التى لا تملك الميزانية للبحث عن
المفقودين. ومن خلال قصة هذه العائلة البائسة يخوض زفياغينتسيف فى
الفساد الذى أصاب الشعب الروسى ومؤسساته منذ انهيار النظام الشيوعى.
ومن السنغال جاء فيلم
«Félicité»
للمخرج ألين جوميس الذى حصل على عدة جوائز من قبل من مهرجانات
شيكاجو وسيدنى وإسطنبول، وجائزة لجنة التحكيم من مهرجان برلين
السينمائى الدولى، وقد عرض الفيلم بمهرجان الجونة السينمائى، ويصور
الفيلم سعى أم لجمع مال يكفى لإجراء جراحة عاجلة لابنها الذى أصيب
إصابة بالغة فى حادث سير. «فيليستيه» امرأة حرة وفخورة تعمل ليلا
كمغنية فى احدى حانات مدينة كينشاسا. حياتها تنقلب رأسا على عقب
عندما يتعرض ابنها صاحب الأربعة عشر ربيعا لحادث سير. ولكى تنقذه
وتدفع أجور عمليته، تدخل فيليستيه فى نزاع مرير من أجل تأمين المال
فتطرق أبواب المدينة الصاخبة.
كما اختير الفيلم الجنوب إفريقى
«The Wound»
بالقائمة، والذى حصل على أكثر من 17 جائزة خلال مشواره فى العديد
من المهرجانات.
وكذلك يوجد أيضا الفيلم الإسرائيلى «فوكستروت»، الذى يروى قصة
عائلة لجندى فى جيش الدفاع يخدم فى احد الحواجز فى الضفة الغربية،
ويبرز الوضع السريالى وغير الطبيعى لمهام الجنود على الحواجز. وقد
أثار الفيلم انتقادات من جهة أوساط اليمين ومن بعض الوزراء بسبب
مشهد فيه يقوم فيه الجنود بقتل ركاب سيارة فلسطينيين.
وستُعرض الأفلام التسعة المختارة على لجان متخصّصة فى نيويورك ولوس
أنجلوس ولندن، لتختار خمسة منها تتنافس على الجائزة، وسيتم الإعلان
عن لائحة الترشيحات النهائية فى 23 يناير 2018، ويقام الحفل
التسعون لتوزيع جوائز «أوسكار» فى 4 مارس 2018 بهوليوود. |