سينما 2018
أوبرا وينفري.. أول "سوداء" تفوز بجائزة "سيسيل دي
ميل"
خيرية البشلاوي
"أوبرا
وينفري" بهرت ملايين الناس الذين استمعوا إلي خطبتها يوم الأحد
الماضي أثناء تسلمها جائزة "سيسيل دي ميل" عن مجمل إنجازاتها في
الحفل السنوي الذي أقامته "رابطة الصحفيين الأجانب في هوليود"..
أقيم الحفل في لوس إنجلوس و تم بثه عالمياً وأحدث دوياً هائلاً
وأثار الآلاف من التعليقات عالمياً.
ولم يكن الانبهار الذي وصلتني عدواه فقط بسبب بلاغتها الآسرة أو
أدائها المميز والأسلوب المفعم بالحيوية ولكن بسبب ما تحمله السطور
من وصف درامي شيق ومن دلالات وصور تلخص فصل من فصول التاريخ عاشته
أمريكا خلال قصة امرأة سوداء استطاعت انتزاع "الحلم الأمريكي"
اننزاعاً من براثن وحش العنصرية المتوحشة وفداحة الظلم والتعصب
الذي اطاح بأحلام ملايين من الأمريكيين الأفارقة وغيرهم من أصحاب
البشرة الملونة.
الجائزة التي حصلت عليها "وينفري" منذ أسبوع "الكرة الذهبية" ليست
الأولي بطبيعة الحال ولكنها أول امرأة سوداء تحصل عليها.. لقد حصلت
قبلها علي العديد من جوائز "إيمي"
"Emmy" "جائزة
أمريكية تعادل الأوسكار تمنح للإنتاج التليفزيوني".
وكذلك رشحت للاوسكار عن دورها في فيلم "اللون القرمزي" للمخرج
ستيفن سبلبرج واختارتها مجلة "تايم" الأمريكية ضمن مائة امرأة
الأكثر تأثيراً وذلك في عام 2013 وفازت بوسام الحرية الرئاسي من
الرئيس الأمريكي أوباما أول رئيس أسود داخل البيت الأبيض وكانت علي
رأس حملته الانتخابية.
"أوبرا
وينفري" التي تكمل عامها الرابع والستين "مواليد 29 يناير 1954م"
هذا الشهر تعتبر من أغني نساء العالم. أنها أول بليونيرة أمريكية
من أصل أفريقي. وأكثر نساء أمريكا ضلوعاً في الأعمال الخيرية. فهي
كما يصفونها "كريمة وخيرة علي نحو أسطوري".
إنها المذيعة الأعلي سعراً في التاريخ. "ملكة الميديا" كما يطلقون
عليها. ومقدمة برامج غير قابلة للتقليد رغم مئات بل آلاف المحاولات
الفاشلة لتقليدها.
تقول: جئت إلي الدنيا كي أسعد الناس. وأساعدهم لكي يحققوا لأنفسهم
حياة أفضل. أنها ليست مجرد إعلامية أو ممثلة ومنتجة ولكنها أيضا
مفكرة "ومن أحسن المفكرين الرأسماليين الليبراليين الجدد".
أشارت "أوبرا وينفري" في هذه الخطبة العصماء التي أقامت ضيوف حفل
الكرة الذهبية من مقاعدهم في نوبة تصفيق حادة وممتدة. إلي جانب من
حياتها الشخصية في مجتمع عنصري ضاغط. تقول سيرتها الذاتية أنها
تعرضت للاغتصاب وحملت وهي في الرابعة عشر ومات طفلها. وعرفت الفقر.
والعوز ولكنها تحولت من صبية معدمة في ريف المسيسبي إلي امرأة ذات
تأثير نافذ داخل هذا المجتمع العنصري نفسه تمتلك عدة بلايين. قاومت
النزعات العدائية "وحقفت لنفسها حياة مليئة بالإنجازات والأعمال
الخيرية".
في الحفل قدمتها النجمة الأمريكية البيضاء ريزويزر سبون: "أحضان
أوبرا وينفري قادرة علي أن تنهي حروباً وأن تأتي بالسلام" في اشارة
إلي الطاقة الايجابية التي تملكها. وأمام هذا الجمع داخل قاعة
الاحتفالات وإلي جانب الاستقبال الهائل وقفت أوبرا ومن دون مقدمات
سوي لغة الجسد الناطقة وتعبيرات الوجه الكاشفة وكلمة أشكركم:
في عام 1964م كانت صبية صغيرة تجلس علي مشمع الأرضية في منزل في
منطقة ميلاواكي أشاهد الممثلة الأمريكية آن بانكروفت وهي تقدم
جائزة أوسكار أحسن ممثل في الدورة الـ36 للاكاديمية فتحت المظروف
وقرأت خمس كلمات غيرت حرفياً التاريخ: "والفائز هو سيدني بواتييه"
وفوق خشبة المسرح أتي أكثر الرجال اناقة. أتذكر.. رابطة عنقه كانت
بيضاء. وبالطبع بشرته سوداء. ولم أكن قد رأيت طوال حياتي رجلاً
أسود يحتفي به علي هذا النحو. لقد حاولت مرات ومرات ومرات أن أشرح
ما الذي تعنيه لحظة كهذه بالنسبة لفتاة صغيرة مثلي تشاهد ذلك من
مقعد رخيص بينما تأتي أمي من الباب منهكة العظام من الخدمة في بيوت
الآخرين".
وسيدني بواتييه هو أول ممثل أمريكي أسود يحصل علي الأوسكار بعد 36
سنة من تأسيس أكاديمية علوم وفنون السينما وذلك عن أدائه في فيلم
"زنابق الحقل" وكان وجوده في صناعة السينما وتكريمه في هوليود
لأسباب اقتصادية أكثر منها تعبيراً عن التسامح وذلك بعد أن ازداد
عدد السود الأمريكيين وبدأت حركات الحقوق المدينة تأخذ اهتماماً
ملحوظاً وتؤتي ثمارها جزئياً.
لقد استأثرت "أوبرا وينفري" بذكائها وفطنتها باهتمام جماهيري واسع
طوال 30 سنة. وشيدت "امبراطورية" بفضل اهتمامها الذي انصب علي
التخفيف من آلام الفقر والاعتداءات الجنسية. والجور الاجتماعي
الرهيب نتاج التعصب والعنصرية وتجاهل آدمية البشر بسبب لونهم
وعرقهم.
وفي السبعينيات من القرن الماضي فتحت الحركات النسوية المجال أمام
المشكلات والقضايا التي تمس المرأة والأمور الخاصة. وتصدت "أوبرا"
لمشكلات الطلاق وحالات الاكتئاب وإدمان الخمور وانتهاكات الطفولة
والخيانة الزوجية وعلاقات المحارم وكلها أمور ذاقت مرارتها كطفلة
وصبية فقيرة لأم خادمة بلا زوج وفي مناخ لا يحترم آدميتها ولا
يعترف بها.. فهذه الأمور لم تكن تطرح للمناقشة بهذه القوة وبهذا
القدر من المشاركة والتعاطف الكبير في برامج التوك شو الأمريكية.
ولم تتوقف أمام ذلك فقد طورت برنامجها لكي يكون بدلاً من برنامج
"للتعافي" وعلاج المقهورين إلي نموذج للبرنامج الثقافي المتطور
المحفز للإرادة. والرافع للمعنويات والمبهج.
بدأت "أوبرا" خطبتها بالاشارة إلي لحظة تاريخية فارقة في حياتها
كصبية طموحة. شغوفة بالنجاح. لحظة حصول أول أمريكي أسود علي جائزة
"الكرة الذهبية".
وفي عام 1982م حصل بواتييه علي جائزة "سيسيل دي ميل" نفس الجائزة
التي حصلت هي عليها منذ أسبوع وفي نفس المكان.
"لايفوتني
في هذه اللحظة تحديداً منظر فتيات يتابعن المشهد الآن بينما أتلقي
نفس الجائزة كأول امرأة تحصل عليها إنه شرف لي وامتياز أن أشارك في
حفل هذا المساء مع الجميع وأيضا مع رجال استثنائيين ونساء كانوا
بالنسبة لي تحدياً وسنداً وتحفيزاً. منهن اللاتي جعلن طريقي إلي
حيث أقف الآن ممكناً".
الصحافة الأجنبية
وشكرت "أوبرا" رابطة الصحفيين الأجانب في هوليود الذين اختاروها
لجائزة "الإنجاز" عن مجمل أعمالها مشيرة إلي: "أن الصحافة تحت
الحصار هذه الأيام. ولكنني أعلم أن الاخلاص الذي لا ينضب لكشف
الحقيقة هو الذي يجعلنا لا نغفل عن تعرية الفساد والظلم. وأن لا
نغمض عيوننا عن الجلادين والضحايا وعن الأسرار والحكايات".
"أريد
أن أقول إنني أقدر الصحافة أكثر من أي زمن مضي خاصة من ونحن وسط
هذه الأزمنة المعقدة. وما أوصلني لذلك هو ما أعرفه عن يقين بان قول
الحقيقة كما نعرفها يمثل أقوي ما نملكه من أدوات".
"إنني
فخورة علي نحو خاص. تلهمني هؤلاء النسوة اللاتي يشعرن بالقوة
والتمكن بقدر كبير وبالدرجة التي تجعلهن يتشاركن في حكاياتهن
الشخصية فكل واحدة منا في هذه القاعة تحتفل بسبب ما رويناه من
حكايات ولأننا في هذه السنة أصبحنا نحن "الحكاية".
"ولكنها
ليست مجرد "حكاية" تؤثر علي صناعة الترفيه وإنما "حكاية" تتجاوز
الثقافة والجغرافيا والأعراق والدين والسياسة وأماكن العمل ولذلك
فإنني في هذه الليلة أرغب في التعبير عن الامتنان لكل امرأة تحملت
سنوات من الاساءة والاعتداءات والتحرش لأنهن مثل أمي لديهن أطفال
يحتاجون إلي الطعام وفواتير واجبة الدفع وأحلام يسعين إلي
تحقيقها.. هؤلاء النساء اللاتي لا نعرف اسماءهن ولن نعرفها أبداً.
هن الخادمات في المنازل. العاملات في المصانع والمطاعم وفي المجال
الاكاديمي. الهندسة والطب والعلوم. أنهن جزء من التكنولوجيا
والسياسة والبزنس والبطلات الرياضيات في الاوليمبياد وهن الجنود في
الجيش".
التحرش الجنسي
وقد حرص مخرج حفل الجولدن جلوب علي أن يترجم ردود فعل الحاضرات
والحاضرين أمام هذه الممثلة والإعلامية المفوهة بالتركيز علي وجوه
النجمات الكبار مثل ميريل ستريب والنجوم مثل الممثل سيدني بواتييه
بالطبع والمخرج ستيفن سبلبرح وزوجته وأن يتوقف أمام التحية التي
استغرقت برهة عندما وقف الحاضرون والحاضرات اعجاباً بالأداء المذهل
للمثلة السوداء البارعة التي استعرضت بأسلوب بديع صوراً من التاريخ
الاجتماعي المخجل لبلد الأحلام التي قامت علي جماجم الشعوب ومازالت
وذلك من خلال تكوين "جيوش" من الإرهابيين تحت رايات سوداء تشير إلي
ديانتهم.
وتشير "أوبرا" في خطبتها إلي حكاية المرأة السوداء رييي تيلور التي
تم اختطافها عام 1944م علي أيدي ستة من الرجال البيض الذين
اغتصبوها وهددوها بالقتل إن هي قامت بالتبليغ عنهم: تتذكر: "هناك
شخصية أخري أعرف اسمها واعتقد أنكم يجب أن تعرفوها ففي عام 1944م
كانت السيدة "رييي تيلور" زوجة شابة وأماً تقطع الطريق من الكنيسة
حيث تؤدي القداس إلي بيتها في مدينة "ايفيل" في ولاية الالابما.
عندما قام ستة من الرجال البيض بخطفها واغتصابها ثم تركوها بعد أن
كتفوها وغمموا عينيها علي جانب الطريق وهددوها.
وفي نفس هذا المكان كانت تعيش عاملة صغيرة سوداء هي "روزا باركسي"
قادت عملية التحقيق وازاحت النقاب عن قضيتها وتشاركت الاثنتان في
عملية البحث عن "العدالة".
ولكن "العدالة" لم تكن من بين الاختيارات المتاحة في زمن "جيم كرو"
"في اشارة رمزية إلي قوانين الفصل العنصري والتمييز الوحشي ضد
الأمريكيين السود" وأن هؤلاء الرجال الذين اغتصبوها لم يقدموا إلي
المحاكمة أبداً.
هذه السيدة والكلام مازال لـ"أوبرا وينفري" هي رييي تيلور ماتت منذ
عشرة أيام وقد اكملت العام 98 من عمرها. فقد عاشت كما عشنا نحن
جميعاً سنوات عديدة وسط ثقافة رجال بيض نافذين ذوي بطش فلسنوات
عديدة لم يكن للمرأة صوت مسموع. ولم يكن من الممكن تصديقها لو أنها
تجاسرت بقول الحقيقة لهؤلاء الرجال الأقوياء لقد ولي زمانهم..
زمانهم وقد ولي ارجو أن تكون رييي تيلور ماتت وهي تعلم أن حقيقة ما
جري لها وحقيقة نساء كثيرات غيرها ممن ذقن العذاب في تلك السنوات
وحتي الآن مازلن يتعذبن فمازال العذاب مستمراً.. ففي مكان ما بعد
11 سنة من تلك الحادثة أصرت "روزا باركسي" "ناشطة اجتماعية وسياسية
ومدافعة عن الحقوق الوطنية للملونين" أن تبقي في مقعدها داخل
الاتوبيس وألا تتركه لرجل أبيض كما طلب منها وكان ذلك في زمن الفصل
العنصري والاجتماعي الصارم وفي مدينة مونتجمري بولاية الالاباما.
إنني هنا مع كل امرأة اختارت أن تقول "أنا أيضا" وإلي جوار كل رجل
اختار أن ينصت.
تقول "أوبرا" إنها طوال فترة اشتغالها حرصت أن تقول شيئاً عن كيفية
السلوك الحقيقي للرجل والمرأة وأن تقول كيف ذقنا الخجل وكيف عشنا
الحب والغضب وكيف ذقنا الفشل وكيف ثابرنا وذقنا القسوة وكيف تغلبنا
علي ذلك كله.
لقد اعتدت عقد لقاءات مع أناس استطاعوا أن يصمدوا أمام أكثر أشياء
الحياة قبحاً تلك التي واجهتهم ومع ذلك كانت الصفة المشتركة بينهم
جميعاً هو تمسكهم بالأمل في صباح أكثر اشراقاً حتي في أكثر الليالي
ظلمة.
"إنني
ارغب من كل الفتيات اللاتي يشاهدننا الآن أن يعرفن أن يوماً جديداً
يطل في الأفق وحين يبزغ فجر هذا اليوم أخيراً فإن السبب هو وجود
العديد من النساء العظيمات. وكثيرات منهن موجودات معنا الآن في هذه
القاعة. وكذلك وجود بعض الرجال الاستثنائيين الذين حاربوا بقوة لكي
يكونوا علي يقين بأنهم سوف يصبحون قواداً يأخذونا إلي زمن لا تحتاج
فيه واحدة أن تقول و"أنا أيضا" مرة أخري.
أنها صورة أمرأة "سوداء" امتلكت إرادة من فولاذ كي تتحدي جميع
ألوان الظلم الأبيض وأن تفرض النموذج الذي ظلت طوال حياتها تحفر
ملامحه. وتحقق "حلمها" لتبقي كما شاهدها العالم رمزاً حياً لما تم
الترويج له.. الحلم الأمريكي.
####
رنات
التحرش ثقافة أصيلة في هوليود
بقلم: خيرية البشلاوى
في عشرينيات القرن الماضي شاعت أخبار العديد من الفضائح المحزنة في
هوليود وظهرت الأفلام الفاضحة والحكايات التي أثارت المخاوف
والشكوك ومنها جرائم قتل واغتصاب إلي الدرجة التي استنفرت العديد
من الولايات المتحدة الأمريكية حتي حدود الثورة علي صناعة السينما
باعتبارها صناعة تحوم حولها الشبهات.
وقتئذ خرج قانون إنتاج الأفلام
"mpaa"
يتضمن مجموعة من التعليمات الأخلاقية التي حكمت إنتاج الأفلام وهو
القانون المشهور "بقانون هايز" نسبة إلي ويل هاريسون هايز رئيس
الرقابة في هوليود آنذاك. وتبنت هيئة منتجي وموزعي الأفلام في
أمريكا هذا القانون وبدأت تفرضه من 1934 وحتي 1968. ثم تخلت عنه
واستبدلته بنظام لتقييم الأفلام الذي مازال سارياً وهو الذي
اقتبسناه هنا في مصر مؤخراً.
ليس بالقوانين ينصلح حال السينما إذا لم يكن هناك إرادة لدي أساطين
هذه الصناعة. إرادة تنتصر للجمال الفني وللحكايات الإنسانية
والقضايا التي ترتقي وتسمو بالبشر وتجعل حياتهم أحلي.
ولا يمكن بأي حال إنكار الدور الإنساني والقيمي المهم الذي لعبته
الأفلام في حياة البشر. والشعوب. ومن الصعب أن نبرئ صناعة الترفيه
من النزاعات التجارية والحسية التي تنشر الانحرافات الأخلاقية
والشذوذ والعلاقات الجنسية الفاضحة ومشاهد تناول المخدرات والوحشية
باستعراض أساليب ارتكاب الجرائم وطرق التهريب بالإضافة إلي مشاهد
الفجور والإيحاءات الحسية وعلاقات المحارم والاهانات المقصودة ضد
الأديان والأعراف والشعوب.
ومنذ وقت قصير "أكتوبر 2017" وجهت العديد من الاتهامات بالتحرش
الجنسي ضد المنتج الأمريكي الشهير هارفي وينشتاين "مواليد 19 مارس
1952" وهو شخصية قوية جداً ومعروفة في مجال إنتاج الأفلام المستقلة
الأمريكية كان يمتلك شركة إنتاج "ميراماكس" ثم شركة أخري أنتجت
أعمالاً حصل بعضها علي الأوسكار.
وبعد اتهامه بالتحرش الجنسي ثم طرده من شركة الإنتاج وشطبه من
عضوية أكاديمية علوم وفنون السينما التي تمتح جوائز الأوسكار قامت
أكثر من 80 سيدة أمريكية تعملن في مجال صناعة السينما أو خارجها
بتقديم بلاغات ضد وينشتاين. وبعدها انطلقت صيحات النساء بشعار
اكتسح وسائل التواصل الاجتماعي.. وتحول "هاشتاج "وأنا أيضاً"
"me too"
إلي حملة عالمية تجاوزت أمريكا إلي بلادنا العربية وتمت ترجمته في
صياغات مختلفة حسب لغة البلد.
هاشتاج "وأنا أيضاً" شجع النساء في بلدان عديدة علي البوح وسرد ما
تعرضن له من اعتداءات جنسية وتحرش ففي زمن التكنولوجيا عابرة
القارات والتي جعلت العالم قرية واحدة صغيرة. أصبح من السهل علي كل
امرأة صادقة أو "شمال" و"شمال" هذه كلمة تحولت عندنا إلي مصطلح
عامي دارج وسط الشباب ويشير إلي الانحراف الأخلاقي. إنها بديل
مصطلح "لبط" الذي احتل قبله مكاناً في لغة الحوار السوقية في
الشارع وعلي المقاهي.
أصبح بإمكان كل سيدة أن تكشف من دون خجل عما تعرضت له وعن الأشياء
المخجلة التي أخفتها طويلاً.
إن هاشتاج "وأنا أيضاً"
"me too"
انطلق كجزء من حملة توعية تنتصر للمرأة التي لم يعد يصح أن تتعامل
مع نفسها كمجرد "أنثي" لأنها في نهاية الأمر "إنسان" بغض النظر عن
الطبقة الاجتماعية ومستوي التعليم والدين واللون. وقد دعت الممثلة
"أليسا ميلانو" نساء العالم إلي استخدام هذا الهاشتاج "وأنا أيضاً"
بعد أن شاعت رائحة الفضايح التي تسبب فيها المنتج هارفي وينشتاين.
في هذا السياق نفسه يوجد مصطلح "كاستنج كوتش"
"casting coach"
وترجمته الحرفية "تراعي التوظيف" أو علي نحو مجازي المسئول عن
الاختيار للدور السينمائي فليس عندي تعريف يضاهي المعني. والمقصود
طلب "تقابل جنسي" لكي تحصل المرأة علي عقد وظيفة أو دور في فيلم أو
ترقية في المؤسسة التي تعمل بها.. والطريف أن هذا المصطلح خرج من
قلب صناعة السينما في هوليود للإشارة بشكل خاص إلي بعض "المكاتب"
التي تستخدم في النشاط الجنسي وسط المسئولين عن اختيار طاقم
الممثلين في الإنتاج السينمائي وبين السيدات الطموحات للعمل في
السينما والحالمات "بالدور" ولا يجب الخلط بين المدراء المسئولين
عن طاقم الممثلين وبين البالغين اللاتي يعملن في صناعة الترفيه
واللاتي يعرفن مقدما متطلبات العمل في هذا النوع الفاضح من الترفيه.
هذه الممارسات الجنسية التي تقدم كجزية أو كثمن في المقابل ابتليت
بها هوليود منذ زمن قديم قبل أن يتهم "هارفي وينشتاين" بالتحرش.
إنها ثقافة سائدة في هوليود منذ أن قامت.
تقبل هذا المنتج المشهور الذي أنتج روائع الأفلام مثل "الفنان"
"شكسبير عاشقاً" "المريض الإنجليزي" كان هناك لويس ماير المؤسس
المشارك لشركة مترجولدوين ماير عام 1924. إنه المؤسس الأول لهذا
النوع من التحرش. والمرأة التي لا تتجاوب يهددها بتدمير مستقبلها
وقد كشفت ممثلات مرموقات وقويات في السنوات الأولي لهوليود أن ماير
كان يطارد الممثلة جين هاورد داخل المكتب. وحين قالت "لا فائدة ولا
يمكن" وتزوجت من الريجسير شارلز فيلمان أطاح "ماير" بالرجل خارج
الاستوديو وامتنع عن تعيين أي من زبائنه.. أكبر فضائح من هذا النوع
تملأ مجلدات وتطول أسماء نجمات دخلن تاريخ السينما من أوسع أبوابه
"جودي جارلاند. ومارلين مونرو مجرد نماذج دالة".
إن هوليود في نظر من عاصرها واقترب من أساطينها ليست أكثر من بيت
دعارة شديد الزحام. ساحة لهو يمتلئ بالأسرة للجياد!! |