لم يتمكن
الفيلم
السينمائي البحريني الثالث (حكاية بحرينية) من أن يحصد أياً من جوائز المهر
الثلاث خلال مشاركته في مسابقة
الأفلام الروائية العربية، التي استحدثتها إدارة
مهرجان دبي السينمائي الدولي بدورتها الثالثة
والأخيرة.
ذهبت الجوائز
الثلاث إلى
المغربي «معليش يا بحر»، ثم اللبناني «فلافل» وأخيراً الجزائري «بركات»،
لكن ذلك لم
يعني الكثير لمؤلف وكاتب سيناريو «حكاية بحرينية» فريد رمضان، ما يعنيه
حقاً هو أن يكون فيلمه الخليجي الوحيد الذي تختاره
إدارة المهرجان للتنافس على
جائزة المهر
إلى جانب 9 أفلام أخرى أبرزها «بلديون» المغربي الفرنسي الحاصل على
جائزة أفضل ممثل في مهرجان كان. هذا عدا عن أفلام
أخرى لا تقل أهمية، منها
«الخشخاش»
و»عرس الذيب» من تونس، و»قص ولزق» من مصر.
ما يهمه أن يتردد اسم
الفيلم في
مختلف أروقة المهرجان كمنافس لا يستهان به، وأن يستشهد به كدليل على صحوة
سينمائية خليجية جديدة، وأن يعتبره المدير الفني
لبرنامج العروض العربية مسعود
أمرالله «ثاني
أهم فيلم خليجي بعد فيلم السبعينات الكويتي الشهير «بس يا بحر».
ورمضان يرجع ذلك إلى «تفاجئ الجمهور الخليجي بمستوى التجربة البحرينية، التي تركت
على ما يبدو مفارقة في صناعة
السينما الخليجية، لتشكل المحطة الثانية في تاريخ
السينما الخليجية بعد المحطة الأولى التي شكلها «بس
يا بحر».
لم يكن الفيلم
مميزاً في نظر
أمرالله وإدارة المهرجان وحسب، بل إنه، كما يؤكد رمضان، ترك انطباعاً
جيداً لدى كثير من الجمهور العربي والأوروبي ممن
حضروا عروضه التي أقيمت خلال
انعقاد الدورة
الثالثة لمهرجان دبي السينمائي الدولي. وأعرب رمضان عن سعادته التامة
لهذا المشاركة، معتبراً تشريف إدارة المهرجان
للفيلم البحريني بقبول مشاركته في
مسابقة الفيلم
الروائي، المكسب الأهم بغض النظر عن فوز الفيلم أو عدمه. إذ كان «حكاية
بحرينية» الفيلم الخليجي الوحيد (فيما رفضت أفلام خليجية أخرى) الذي تمكن من
الترشح للمنافسة على جائزة المهر
للإبداع السينمائي العربي، إلى جانب 9 أفلام أخرى
تأتي من مختلف أقطار العالم العربي، فيما بلغ عدد
الأفلام التي تقدمت للترشح 130
فيلماً اختير
منها أفضل 10 أفلام.
إعجاب عربي... أوروبي...
أميركي
ولعل ما جعل رمضان يفخر بعمله هذا، وبجهوده التي بذلها في «حكاية
بحرينية»، ويؤكد مستواه الحقيقي، حجم حضور عرضي
المهرجان للفيلم، اللذين أقيما يومي
11
و 14 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وهو ما شكل مفاجأة كبيرة لرمضان ولجميع طاقم
عمل «حكاية بحرينية» الموجود
هناك. يقول رمضان: «إقبال الجمهور الخليجي الموجود
بالمهرجان شكل
مفاجأة سارة بالنسبة إلينا، لكن أن يتوافد جمهور آخر سواء من دول
المغرب العربي، تونس والمغرب والجزائر، بالإضافة
إلى الجمهور الأوروبي والأميركي،
وإصرار هؤلاء
جميعاً على حضور الندوات التي عقدت بعد العرضين والاستفسارات الكثيرة
التي طرحت سواء عن تجربة الفيلم
نفسها أو تلك التي تتعلق بالفترة التاريخية التي
يستعرضها
العمل، فهو ما لم يكن متوقعاً من جانبنا على الإطلاق».
ما أثار
اهتمام
الجمهورين الأوروبي والأميركي هو طرح الفيلم المتعلق بالامتداد القومي في
الخليج ووجوده بشكل قوى، كما أبدى
بعضهم الرغبة في معرفة مدى تأثير عملية الإصلاح
السياسي التي شهدتها البحرين في السنوات الأخيرة
على إنتاج فيلم سينمائي بجرأة
«حكاية
بحرينية»، كذلك تساءل بعضهم عن مدى واقعية الشخصيات وصدقيتها، كما أبدى
معظمهم إعجابهم بدقة الفيلم وقدرته على نقل صورة
مضبوطة وصادقة لجزء من تاريخ
البحرين
وهويتها.
ذلك ما كان يعني رمضان ومخرج الفيلم بسام الذوادي وجميع
طاقم عمله المشاركين إذاً، وذلك ما يجعل رمضان
يتقبل الأمر بروح رياضية، إذ إنه يجد
في عدم فوز
فيلمه «مسألة طبيعية للغاية، إذ يمكن لأي فيلم تتوافر فيه كل الإمكانات
أن يحقق نتائج جيدة لدى الجمهور
والنقاد، لكن حين يشارك لا يحصد أي
جوائز».
ويضيف «المسألة خاضعة لمعايير لجنة التحكيم وهي في العادة معايير
نسبية غير ثابتة، فلو تغيرت لجنة التحكيم لكانت
الجوائز تأكيداً قد ذهبت إلى أفلام
أخرى».
ويستشهد رمضان على كلامه بفيلم «بلديون» الذي وجده فيلماً رائعاً وذو مستوى
فني راقٍ، وليس أدل على ذلك من حصول جائزة أفضل
تمثيل في مهرجان كان السينمائي
الأخير، كما
يحتمل أن يكون ضمن الأفلام المرشحة لأوسكار أفضل فيلم أجنبي هذا
العام».
معليش يا بحر... جيد ولكن!
على رغم ذلك يبدي رمضان دهشته من
ذهاب جائزة
المهر لفيلم «معليش يا بحر»، وتساءل: «كيف يمكن لمهرجان سينمائي أن يعطي
جائزة لفيلم صور بكاميرا تلفزيونية، كما أن به بعض
العيوب الفنية»، لكنه في الوقت
ذاته أشاد
بالطرح الجريء في الفيلم الذي ناقش بعضاً من القضايا التي يعاني منها
الشباب المغاربة. رمضان أشاد
بتركيز إدارة المهرجان على الفيلم الروائي العربي
الطويل؛ إذ إن
«المهرجانات العربية الآن ما عادت قادرة على تطوير تجاربها ودعمها،
أما دبي فلديها من الإمكانات ما
يجعلها قادرة على دعم السينما العربية عن طريق هذه
المسابقات، وخصوصاً أن قيمة الجائزة المادية تسمح
لصناع الفيلم بالعمل على أعمال
أخرى». كذلك
أشاد رمضان بمسابقة السيناريو للأفلام القصيرة، التي كان عضواً بلجنة
التحكيم الخاصة بها إلى جانب الشاعرين الإماراتيين
خالد البدر وإبراهيم الملا، وهي
المسابقة التي
جعلتها إدارة المهرجان مقتصرة على الكتاب الإماراتيين.
وأفاد
رمضان بأن تلك المسابقة «تستحق
الإشادة لأن من شروطها أن تدفع الجوائز المادية
للجهة المنتجة
للأعمال الفائزة، وليس للكاتب، بحيث تمول أعمال أخرى للكتاب الذين
تفوز أعمالهم، ويوضع عليها شعار مهرجان دبي ثم تعرض
خلال الدورة المقبلة للمهرجان.
وهذه في رأيي
محاولة تأسيسية صحيحة نحو صناعة سينمائية حقيقية، حتى لو كانت ستنتج
أفلاماً قصيرة».
الاحتفاء بالسينما العربية أولاً
عن انطباعاته عن
المهرجان ككل،
قال رمضان: «ضخم للغاية خصوصاً في احتفائه بالفنانين، لكن هناك بذخ
ومبالغة في هذا الاحتفاء
السينمائي. على المستوى الفني المهرجان بحاجة إلى التركيز
على نقطة جوهرية وهي جائزة المهر للفيلم العربي لأن
المهرجانات العربية بدأت تفقد
حضورها القوي،
كمهرجان القاهرة، وقرطاج ومراكش. ولذلك هناك حاجة إلى التركيز على
هذه الجائزة بدلاً من الاعتماد على السينما
العالمية، وهذا ما يعطي هذا المهرجان
قدرة على أن
يأخذ الصفة الدولية مع الوقت. الأفلام العالمية لا يمكنها أن تعطي هذه
القوة لمهرجان دبي فهو لا يملك الأسبقية في عرضها
بالإضافة إلى حقيقة تعاطي الكثير
من النجوم
والفنانين العالميين الذي أتي من باب ما تدفعه دبي للفنان، فهناك من
مشاهير الفنانين كالممثل شاروه اخان الذي حضر
المهرجان لمدة 3 ساعات فقط، إذ تسلم
جائزته وغادر.
طبعاً هناك فنانون آخرون مثل أوليفر ستون كانوا موجودين طوال مدة
المهرجان، وقد أعطى وجوده قوة كمخرج مستقل لأفلام
مميزة وعالمية.
الوسط البحرينية
في 11 يناير 2007 |