تلقى محبو الفنان المصري الكبير أحمد زكي تصريحاً مقتضباً أدلى به اليوم (الأربعاء) الطبيب المعالج لزكي، قال فيه إنه يمر حاليا بمرحلة حرجة، من دون أن يخوض في مزيد من التفاصيل حول طبيعة الحالة الصحية لزكي، غير أن هذه التفاصيل تكفل بها بيان رسمي لوزارة الصحة المصرية، قالت فيه "إنه على الرغم من العلاج المكثف الذي تلقاه الفنان أحمد زكي في القاهرة وباريس, والذي شارك في الإشراف عليه خبراء كبار في علاج الأورام في البلدين، فقد انتشرت الخلايا السرطانية في الكبد والغدد الليمفاوية بمنطقة البطن, ونتج عنها استسقاء بريتوني, كما أصيب بالتهاب رئوي, إضافة إلى ضيق حاد في الشعب الهوائية، وهي التداعيات التي استلزمت متابعة حالته في العناية المركزة بالمستشفى . وانتهى زكي من تصوير معظم مشاهد فيلم (90 بالمائة) عن العندليب الأسمر الراحل عبد الحليم حافظ، ابن نفس المحافظة التي ينتمي إليها زكي (الشرقية)، ويعد هذا الفيلم أضخم إنتاج سينمائي مصري (ميزانية الفيلم 18 مليون جنيه مصري، ما يساوي 3.1 مليون دولار)، وهو أول عمل فني عن حياة المطرب الذي لا يزال يحظى بشعبية جارفة في شتى أنحاء العالم العربي، وكتب سيناريو الفيلم السيناريست محفوظ عبد الرحمن ويخرجه شريف عرفة . وسادت الوسط الفني في مصر حالة من القلق حول حالة أحمد زكي الصحية خاصة أن بعض الشائعات تحدثت عن احتضاره، ولأنه فرض حالة من السرية حول أزمته الصحية أثناء تلقيه العلاج سواء في البيت أو في المستشفى فقد سمح هذا بالمزيد من الشائعات . أحمد سبع الليل وجسد زكي معظم أدواره بقدرة فذة على المعايشة الكاملة لكافة تفاصيل الشخصية، ووازن ببراعة بين قدرته علي التحكم في الانفعال والتعبير، وبين قدرته على الانفصال عن ذاته، وعبر هذا التوازن الصعب نفسيا وجسديا، لذا نجد أن فارس في "طائر علي الطريق" هو ذلك السائق الذي يمكن أن تصادفه في أي مكان، وشكري الكوافير في "موعد علي العشاء" هو تلك الشخصية بدمها ولحمها، وأحمد الشاذلي في "العوامة 70" بانكساره وإحباطاته .. بتمرده وانسحاقه، ورأينا شخصية حسن هدهد في "كابوريا"، ذلك الفقير العاطل باستهتاره وعفويته، بتسريحة شعره الغريبة ومفرداته الخاصة وحركاته المتصعلكة التي تنم عن خلل ما في تكوينه النفسي فلم يكن حينئذ إلا هدهد، كما لا يمكن أن ننسى تجسيده لشخصية البواب في فيلم "البيه البواب"، وقدرته الفذة على سبر كل أغوار هذه الشخصية، شكلاً ومضموناً وحتى تضاريسه النفسية ونزقه ومكره الريفي وتطلعاته، وانفلاته وحتى عودته لذاته، وهناك أيضاً شخصية "عيد" في "أحلام هند وكاميليا" الصعلوك، الأفاق غير المستقر نفسياً ولا اجتماعياً، فلم يكن أحمد زكي سوى "عيد" بكل مكوناته المتناقضة، أما قصة أحمد سبع الليل في فيلم "البريء" فهي بالفعل حالة إشراق نادرة، إنه بالفعل أحمد سبع الليل بمشيته المهرولة، وتهدل كتفيه، بل وحتى قفاه المفلطح، ولا أفهم كيف فعل هذا، فلم يكن في أي لحظة من اللحظات أحمد زكي، بل كان "أحمد سبع الليل" الذي يمكن أن تقابله في أي كتيبة من كتائب الأمن المركزي أو أي قرية من قرى مصر، باختصار كانت كل هذه الشخصيات "أنفسها"، ولم يكن أي منهم أحمد زكي، بل كائنات حقيقية من دم ولحم . الخوف والسرطان وعاشت القاهرة حزناً استثنائياً لمرض نجمها الاستثنائي الذي يكره رائحة المستشفيات ولا يطيق رؤية الأسرّة البيضاء، والذي ظل يؤجل فكرة التردد على الطبيب حتى اضطر رغما عنه للاستئذان من كل أدواره كي يلحق بسرير، ليس في بلاتوه ولكن في قسم العناية المركزة ، وهنا يذكر أن أحمد زكي لم يعش حياته بالطول والعرض كما يتوقع كثيرون، فمشواره مع النجومية لم يكن ممهداً أبداً، ودروب المال الذي سار عبرها كثير من الممثلين والفنانين لم يقترب منها يوماً، فقد ظل حتى شهور ماضية تنتابه الكوابيس والفزع من أن يواجه مصير أي موظف حكومي حينما يجد نفسه قد أُلقي به إلى الشارع بعد استغناء الشركة التي يعمل بها عنه، ويقول أصدقاء النجم إنه ظل يعيش خوفا كبيرا يصل إلى حد الذعر مما تخفيه له الحياة، حتى أنهم يعتبون عليه من أن هذا الخوف ليس له ما يبرره خاصة أن بوسعه أن يحصل على أجور عشرة أفلام لو أراد أن يسير على سينما العلب، لكن الجميع يدركون أن ذعر أحمد لم يكن من أصداء أيام الفقر والكفاح حينما كان يطارد بأحلامه منذ منتصف الظهيرة وحتى منتصف الليل في شارع عدلي بقلب القاهرة، حيث تقع نقابة السينمائيين، أو بالطابق العاشر في إحدى بنايات شارع 26 يوليو، حيث استخراج تصاريح العمل بنقابة الممثلين، لكن من مجهول ما، لم يكن طيلة سنوات عمره يكاد يتبين ملامحه، حتى شاءت الأقدار أن تجتمع عليه متاعب القلب ووحشية الورم الخبيث معاً. وكان زكي قد أصيب بضيق في التنفس يوم 24 كانون الثاني (يناير) من العام الماضي وخضع لعلاج لمدة أسبوع في منزله ثم انتقل إلى مستشفى دار الفؤاد في مدينة 6 أكتوبر جنوب القاهرة، حيث اكتشف الأطباء إصابته بالتهاب رئوي حاد، وأجرى له الأطباء عملية بذل للمياه الموجودة في الرئة، وتم استخراج ثمانية لترات من السوائل من رئتيه، ومنعت الزيارة عنه، وقد أصدر فريق الأطباء تقريرا بضرورة استكمال علاجه في فرنسا، فقرر حينئذ الرئيس المصري حسني مبارك علاجه فوراً على نفقة الدولة. وأحمد زكي من مواليد عام 1949 في الزقازيق بمحافظة الشرقية بمصر، والتحق بقسم التمثيل بالمعهد العالي للفنون المسرحية منتصف الستينيات، بدأ يحقق شهرة جماهيرية واسعة بعد تقدم شخصية عميد الأدب العربي طه حسين في مسلسل "الأيام"، ومن أشهر أعماله السينمائية ناصر 56 والسادات ولا أكذب ولا أتجمل، الحب فوق هضبة الأهرام، زوجة رجل مهم، البيه البواب وغيرها. موقع "الجيران" بتاريخ 24 مارس 2005 |
أحمد زكي يحتضر في القاهرة القاهرة/ نبيل شرف الدين |
بعد أشهر طويلة من الصراع مع المرض.. أحمد زكي يستسلم ويفارق الحياة وأحباءه الأحد 27 مارس 2005 ـ GMT 10:30:00 إيلاف/ القاهرة ـ محمد عبد الرحمن: بعد صراع طويل مع مرض السرطان وغيبوبة تامة استمرت 8 أيام رحل صباحا الفنان المصري الكبير احمد زكي عن عمر يناهز السابعة والخمسين. وخاض زكي معركة شرسة ضد السرطان وكان قد أوشك على إنهاء تصوير أحدث أفلامه "حليم" إلا أن المرض لم يمهله ليفارق الحياة قبل 4 أيام من حلول ذكرى وفاة العندليب الذي عشقه زكي وتمنى أن يجسد حياته سينمائياً . وعلمت إيلاف أن الجنازة ستشيع بعد صلاة الظهر غد الاثنين من مسجد عمر مكرم بالقاهرة وتحت رعاية صديقه عماد الدين أديب منتج فيلم حليم ولم يتحدد حتى الآن موعد العزاء ومكانه وهناك توقعات بأن تعيد جنازة زكي للأذهان الجنازات الشهيرة في تاريخ مصر مثل جنازة الرئيس عبد الناصر و أم كلثوم وعبد الحليم حافظ . قدم زكي نحو ثلاثين فيلما وبرع في أداء الشخصيات التاريخية مثل عبد الناصر والسادات وطه حسين وعمل مع عدد كبير من المخرجين ويتفرد بين أقرانه بقدرته البارعة على التشخيص وتقمص الشخصية . والراحل كان متزوجا من الفنانة الراحلة هالة فؤاد وله منها ابن وحيد هو هيثم الذي كان يرافقه باستمرار في رحلة المرض. وكانت صحة احمد زكي تدهورت نتيجة لمضاعفات الورم السرطاني في صدره وانتشاره الى الكبد والغدد اللمفاوية في البطن. وعانى نتيجة ذلك من استسقاء بروتيني كما اصيب بالتهاب رئوي وضيق حاد في الشعب الهوائية". وكان الفنان الذي يتمتع بشعبية كبيرة اكتشف اصابته بسرطان في الرئة قبل سنة تقريبا وبدأ علاجه في مصر ثم انتقل الى باريس حيث طلب منه الاستمرار بالعلاج الكيميائي. وبعد عودته ساهم في علاجه فريق طبي صيني. وتعرض احمد زكي خلال تصويره فيلم عن الفنان عبد الحليم حافظ الذي كتب له السيناريو محفوظ عبد الرحمن ويقوم باخراجه شريف عرفة الى جلطات في اوردة الركبة والساقين الا انه كان يعود لاستكمال التصوير الذي انهى منه ما يقارب 90 في المائة من المشاهد التي يتضمنها الفيلم باستثناء مشهد الوفاة. وكانت الشركة المنتجة (غود نيوز) اقامت حفلا حاشدا بمناسبة بداية تصوير الفيلم حضره غالبية نجوم السينما المصريين وبعض النجوم العرب وكانت مناسبة لاظهار الحب الذي يكنه اصدقاؤه وزملاؤه. وكان من المفترض ان يبدأ بتصوير فيلم "رسائل البحر" لداود عبد السيد قبل فيلم عبد الحليم الا ان الطبيب الفرنسي المعالج نصح في حينه الفنان المصري بعدم القيام بذلك لان الفيلم يتضمن مشاهد مرهقة. وأكد العاملون مع الفنان الراحل في فيلم عبد الحليم أن زكي كان يرفض الحصول على فترات راحة كبيرة ويصور عدد أكبر من المشاهد المحددة له، وفي الأيام الأخيرة كانت معظم مشاهده مع منى زكي التي تلعب دور فتاة قريبة له وصلاح عبدالله في دور صديقه ومحاميه مجدي العمروسي و سميرة عبد العزيز في دور علية شبانة شقيقته الكبرى والفنانة سميرة عبد العزيز هي زوجة الكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن مؤلف الفيلم وكانت قد لعبت دور والدة أم كلثوم في المسلسل الذي كتبه أيضا محفوظ عبد الرحمن . موقع "إيلاف" 27 مارس 2005
|