أفضل ما
يقدمه مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته
الثالثة والثلاثين هو مجموعة الأفلام التي تم اختيارها -
حسب المتاح والممكن
-
بعيدًا عن الأفلام التجارية الأمريكية التقليدية التي نشاهدها علي مدار
العام.
بين الأفلام الأمريكية ما هو جيد الصنع ورفيع حقًا، ولكن التنوع مطلوب،
ودور
المهرجانات أن تقدم التجارب الخاصة والمختلفة، وتفتح نوافذ للمشاهدة لهواة الفن
السابع.
شاهدنا عددًا ضخمًا من الأفلام في لجنة المشاهدة الخاصة
بالمهرجان، ورغم أن الكثير منها كان متواضع المستوي إلاّ
أن الأمر لم يخل من
تجارب تستحق المشاهدة والمناقشة، ثم أضيفت عدة تظاهرات مهمة تستحق المتابعة مثل
عرض نسخة جديدة من رائعة
شادي عبدالسلام وفيلمه الروائي الوحيد
المومياء
وتكريم هذا المخرج الفذ الذي شعرت عندما شاهدت فيلمه لأول مرة أنني لم
أشاهد
أفلامًا من قبل،
وفي كل مرة أشاهد المومياء اكتشف أشياء ومعاني لا تخطر علي
البال، كتبت يومًا عن الفيلم أنه يستحق كتابًا كاملاً وليس دراسة مختصرة،
وهو بالتأكيد أهم فيلم عربي تم إنتاجه حتي اليوم.
هناك أيضًا تكريمان
مهمان: الأول للسينما الهندية ضخمة الإنتاج والتأثير،
ورغم أنني لا أفضل
السينما الهندية التجارية التي تعتمد علي المبالغات في كل شيء، إلا أنني
شديد
الإعجاب بإبداعات فنان الهند الكبير الراحل ساتيا جيت راي،
كما أنني لا
أستطيع أن أتجاهل نجاح الهنود في تأسيس صناعة سينما علي أسس راسخة وقوية،
وقد
اعتبر أحد النقاد الهنود الذين التقيت بهم في مهرجان العام الماضي أن عمل
الملايين
في صناعة السينما
يعد أمرًا عاديًا في شبه قارة مكتظة بالسكان،
كان
يتحدث
بفخر شديد عن جمهور السينما الهندية الذي وصل إلي المغرب،
وأشار أيضًا إلي مخرجين
هنود شباب يقدمون أفلامًا غير تقليدية بعيدًا عن الغناء والرقص،
وقد شاهدنا
بالفعل في مهرجان العام الماضي فيلمًا بديعًا من هذا النوع بعنوان محيط رجل
عجوز. السينما الجزائرية تستحق أيضًا متابعة البرنامج الخاص لتكريمها بعرض
مجموعة
من أفلامها الحديثة، صحيح أن بعضها شاهدناه في دورات سابقة للمهرجان مثل
فيلم
باللوما اللذيذة
إخراج نادر مكناش (إنتاج 2005)، إلا أن هناك أفلامًا
أحدث تؤكد أن السينما الجزائرية تواصل مسيرتها لمثل فيلم مصطفي بن بولعيد
إخراج أحمد راشدي، وفيلم رحلة إلي الجزائر للمخرج
عبدالكريم بهلول،
وفيلم نهر لندن
إخراج رشيد بوشارب، وفيلم زهر إخراج فاطمة زهرة
زموم، ولا شك أنها وجبة سينمائية دسمة تعطي فكرة عن جدية السينما الجزائرية
التي تعود بقوة إلي الساحة.
تجارب خاصة
الأفلام هي أهم ما
يقدمه أي مهرجان لجمهوره مع التسليم بأهمية الاحتفالات والنجوم والندوات،
وفيما
يلي أقدم لك عزيزي القارئ، بانوراما لبعض الأفلام التي تقدم تجارب إنسانية
بأسلوب مختلف، وهي تستحق المتابعة والحوار اتفاقًا أو اختلافًا.
<
أماليا إخراج كارلوس كويلهو داسيلڤا -
البرتغال (مسابقة دولية):
عمل
مهم يروي قصة حياة أشهر مغنية برتغالية بطريقة سرد متحررة في الزمن والمكان
بما
يقترب كثيرًا من أسلوب فيلم الصغيرة الذي قامت ببطولته ماريون كويتارد.
تبدأ
الأحداث عام 1974 والمغنية الشهيرة التي تستعد للغناء في لشبونة
بعد عام من
الإطاحة بالديكتاتور سالازار الجمهور يعترض عليها ويصفها بالفاشية لأنها
كانت
مؤيدة للديكتاتور، ولكن عندما تغني يصمت الجميع وكأنهم
يستمعون إلي صلاة.
نقفز عشر سنوات كاملة إلي الأمام لنري أماليا
وهي تستعد لحفلة في نيويورك
وتسترجع لحظات من حياتها مع أختها سيلستيا
وأختها الأصغر نتهياسي التي ستموت
بداء الصدر. أماليا كما نراها فتاة عادية تبيع التفاح، وتغني في الشوارع مثل
اديث بياف، بالصدفة
يكتشفها عاشق للغناء اسمه مستر سور يانو،
كانت
تغني في إحدي الملاهي أغنية عنوانها من
يعرف عندما
يولد لماذا ولد.
حياتها الخاصة تعرض أيضًا بصراحة،
تحب شخصًا اسمه شيكو
وعندما
يريدون تزويجها لشخص آخر تحاول الانتحار،
تتزوج من حبيبها، تغني في سعادة مع
اختها أغنية عُد لي
يا حبيبي،
ولكن شيكو يبدو مخمورًا طوال الوقت ويسيء
معاملتها، عام 1946 تطلق علي نفسها اسم أماليا رودريجز، تصبح عشيقة
لشخص اسمه إدوارد،
ثم تتعرف بشخص متزوج وله أولاد اسمه ريكاردو سانتو.
يعجب بها الديكتاتور سالازار،
تقول دائمًا أنها تهتم بالموسيقي وليس
بالسياسة، ولكنها تعتقد أن الديكتاتور رجل وطني مثل غيره،
حبها الأكبر
ريكاردو الذي يموت في حادث، نسمع أغنيتها، مون آمور
علي مشاهد جنازته.
في نيويورك تبدو وحيدة مثل بياف.
تشارك في أحد الأفلام حيث تغني
في الفجر
أخشي أن تراني قبيحة عام 1956 تتألق في الغناء علي مسرح الأوليمبيا، ويعجب
بها الفرنسيون وهي تغني:
لشبونة لا تكوني فرنسية.
انت برتغالية وأنت تنتمين
إلينا تفتخر أمام أبيها بالأوسمة التي حصلت عليها،
تتزوج من رجل آخر هو سيزار
وتعيش في فرنسا، تلتقي مع سالازار
وتغني له أغنية أثناء مرضه رغم اعتراض
المحيطين بها.
تتعاطف مع الشاعر أولمان
وتبذل جهودًا للافراج
عنه، تمرض اختها سيلستيا وتشكو لزوجها سيزار لأن الناس يحبونها لمالها
بمن فيهم شقيقتها.
نعود من جديد لحفل عام
1974، تغني بصوت ملائكي عشت حياة
غريبة يشتعل التصفيق ولكنها تظهر وحيدة من جديد في نيويورك وسط ناطحات
السحاب،
ينتهي الفيلم بعبارة مكتوبة تقول:
يقولون أنها ماتت عام1999
ولكنهم علي خطأ.
سيناريو جيد يقدم محطات من حياة
أماليا بذكاء وبصورة مؤثرة، وأداء
متميز من الممثلين رغم أن الممثلة التي قدمت الجزء الأول من حياتها لم تكن
مقنعة
كفتاة صغيرة السن، وأغنيات شديدة العذوبة في كلماتها وألحانها.
<
عبيد في قيودهم
إخراج داني ليكوريسيس - اليونان مسابقة دولية:
فيلم مأخوذ
عن رواية يسجل انهيار أسرة يونانية بعد أن انصرف كل واحد منها إلي اشباع
رغباته
وطموحاته الفردية.
اجواء تذكرك بالأعمال الكلاسيكية التي ترصد تأثير الظروف
الاجتماعية والاقتصادية علي البشر وحياتهم مثل رائعة فيسكونتي
المعروفة روكو
واخوته الأسرة هنا ليست من طبقة فقيرة،
فالأب هو الكونت ألكسندروس،
وأسرته
مكونة من ابنه المحامي الطموح جيورجيس
وابنه
سبيروس وابنتين هما ايفاليا
ولويزا الاب يتعرض لأزمة مالية تغير حياته والابنة ايفاليا تحب شابا
رومانسيا
هو أليكس ولكنها تقبل الزواج من الطبيب
ستوريوتس انقاذا لوالدها، والطبيب له
طموح سياسي حيث يرشح نفسه للانتخابات، أما
جيورجيس
فيتورط في علاقة مع
رجل مريض يعرف علاقتهما ويباركها،
وسبيروس
يغرق في الديون ثم ينتحر،
والأخت لويزا تبيع جسدها وتفضح العائلة، ويحيط هذه الاضطرابات الاخلاقية اضطراب
اجتماعي بسبب مشاكل الأرض بين الفلاحين والأغنياء، شخصيات متقلبة لدرجة أن إميليا
تقيم علاقة مع الطبيب الطموح ستوريوتس ليس في الصورة القائمة سوي علاقة
الحب
الرقيقة بين إيفاليا وأليكس الذي لم
يتوقف عن إرسال الخطابات لها عندما سافر إلي
إيطاليا .. والفيلم يترك مساحة من الأمل عندما يقف اليكس مع ايفاليا في
الشرفة مطالبا إياها بأن تعده بمحاولة جديدة.
ولكن بعد أن انهار كل
شيء. مخرج جيد أدار ممثليه ببراعة،
مع تصوير متميز حول المشاهد إلي لوحات
يحتل الظلام فيها مساحات واسعة.
<
أصدقاء بارما جرتيا اخراج بوبي افاتي
-
ايطاليا (مسابقة دولية): يبرع الايطاليون في تقديم أفلام الحنين إلي الماضي
أو النوستالجيا،
وهذا فيلم مليء بالحنين إلي سنوات الخمسينيات تحديدًا عام
1954
ويقدم شخصيات ذات أصول واقعية ممتزجة،
باللمسة المرحة المعروفة عن شعوب
البحر المتوسط.
بار تجتمع فيه عدة شخصيات ننتقل فيما بينها من خلال مونتاج
شديد
الحيوية. كل الشخصيات طيبة ومغامرة، ولديها رصيد كبير من الخيال والرغبة في
تغيير واقعها، ونساء الفيلم أكثر جرأة بمراحل من الرجال
والأحداث كلها يتم
سردها من خلال عيون ماريو كوساري وهو مخرج يريد أن
يتذكر وأن يبعث هذه الشخوص
التي عرفها من جديد .
لدينا نماذج متعددة مثل مارسيللو العجوز عاشق البلياردو،
لقد فازت ببطولة مهمة، ويحظي بإعجاب الآخرين، وهناك
جان لويجي
العاشق
الرومانسي للغناء، والذي يقدم أغنية باسم بارمارجيرتا،
أما مانويليو فهو رجل
معجباني متأنق يعشق النساء،
وأقصي ما يحققه في هذا المجال شراء نظارة تجعله
يري النساء عاريات.
وهناك المرأة البدينة بولونيا التي
يتركها خطيبها ليعيش
قصة حب مع فتاة أكثر رشاقة.
ربما
يعاني المشاهد من الثرثرة الإيطالية
المعهودة، ولكنه سيتأثر حتما ببعض المشاهد مثل مشهد وفاة العجوز مارسيلو
أثناء
عزفه علي البيانو،
وقد يضحك أيضًا في بعض المواقف.
شخصيات خائفة
<
زهر إخراج فاطمة زهرة زموم الجزائر
- فرنسا مسابقة الديجيتال لم
أحب هذا الفيلم بسبب استعراضه السردي وبسبب اللمسات السريعة التي رسمت بها
شخصياته
الثلاث ولكنه يستحق النقاش والجدل لطابعه التجريبي غير التقليدي ولأنه يقدم شهادة
مخرجته عن الجزائر التي تغيرت وحتي لا تتوه أثناء المشاهدة فإنك ستشاهد
فيلمين
أحدهما مهمته كسر إيهام الفيلم الثاني فالمخرجة فاطمة ستظهر في
البداية مع شقيقها
عمر وهما يخططان لتصوير فيلم روائي تدور أحداثه عام 1997 وتطلب منه أن
يرافقها
في رحلة لمدة 10 أيام وعلي مسافة ألفي كيلو متر لكي يختار مواقع التصوير
وطوال
الفيلم سنشاهد المخرجة وهي تعاين بعض المواقع لتقطع تسلسل
الفيلم الروائي الذي تم
تصويره.
تستطيع أن تقول أنك ستشاهد الفيلم والميكنج معا من خلال انتقالات
حادة تستهدف كسر الإيهام علي طريقة بريخت ولكن الفيلم الروائي نفسه يتم
داخله كسر
الإيهام حيث يقدم أبطاله الثلاثة أنفسهم مباشرة للكاميرا وهم:
عالية وهي امرأة
قادمة من فرنسا إلي تونس ومنها إلي الجزائر لكي تزور والدها المريض هربت من
عائلتها
حتي لا تتزوج ابن عمها وعملت مصورة في فرنسا والشخصية الثانية هي الكاتب
شريف
رحماني 50
سنة الذي يقرأ خبر وفاته في إحدي الصحف ويبدو كما لو كان مطاردا
وخائفا ومع الاثنين السائق فريد الذي يحلم بالهجرة إلي الخارج
وتتعمد المخرجة أن
تمنع اندماج المتفرج مع الحكاية بوضع خلفيات متحركة خلف الشخصيات لتعطي
الانطباع
بأنها تجري كما في أفلام الأربعينيات هدف الرحلة الوصول إلي قسنطينة
الجزائر مجرد
صحراء جرداء عالية تقترب عاطفيا من الكاتب وتتعرض لمحاولة
اغتصاب من السائق الذي
يعتذر لها لأنه مثقفة وستفهم الأمور ثم يجدد المحاولة فتضربه وتهرب كل
الشخصيات
قلقة وخائفة والكاتب يتساءل لماذا نكتب؟ ولماذا هذا القتل؟ أداء الممثلين
ليس
متميزا والرؤية العامة متشائمة ومشاهد اختيار أماكن التصوير لم
تدمج بذكاء في
البناء غير المتماسك ويبقي أن تحب التجربة أولا تحبها أنا لم أحبها ولكن
الأمر لا
ينفي أنها تستحق النقاش والجدل.
<
4،
2، 3، واحد الأرجنتين
بإخراج مرسيدس فاريللوس تجربة خاصة تعتمد علي الصورة وتستحق المشاهدة
والصبر علي
بعض التطويل أربع سيدات
يجلسن أمام الشاطئ تحملن قارورة نعرف أن فيها رفات زوج
إحداهن تسمعهن يصرخن ديجو ديجو لا شيء بعد ذلك سوي جلسات
للثرثرة بينهن الكاميرا
ثابتة يتبادلن عبارات قليلة تحمل أحلامهن كلهن فقدن الرجل واحدة تقول نريد
طفلا أنا ليس لدي طفل صوت الساكس منفردا علي شريط الصوت يعطي
الكلمات شجنا
غريبا الكادر الثابت يعبر عن جمود حياتهن وتضخم إحساسهن بالوحدة يبدو أيضا
أن
البحث عن طفل هو تعبير عن الأمل والحلم المفقود أمام البحر
المفتوح تقوم السيدات
بالجري بالحركة البطيئة تعدن مرة أخري للحديث في النهاية يظهر الرجال فيلم
لا يحكي
قصة تقليدية ولكنه ينقل حالة احتياج وبحث عن الأمان بعيدا عن الوحدة.
<
رسائل للأب جاكوب
إخراج كلاوس هارو - فنلندا مسابقة دولية عمل
آخر شديد العذوبة رغم مدته الزمنية القصيرة ليلاستن التي تلعب دورها
الممثلة
الرائعة كاريثا هازارد أمضت في السجن 12
عاما بسبب ارتكابها جريمة قتل يفرج
عنها ويقوم قس السجن بإرسالها إلي القس الكفيف جاكوب لكي تقرأ له الخطابات
وتحصل
منه علي أجر عندما تصل إلي المنزل تمارس عملها بتأفف شديد في
كل مرة يأتي البوسطجي
ويصيح خطابات للأب جاكوب الخطابات متنوعة أم من العاصمة هلسنكي قلقة لأن
حفيدها
يعمل بعيدا عنها وسيدة تشكو من ضرب زوجها لها والأب يرد علي الخطابات
بكلمات مواسية
من الكتاب المقدس وفي مشهد مؤثر يفشل الأب العجوز في تذكر
كلمات القداس، يبدو
حزينا وهو يردد:
لم أحصل علي شيء..
فعلت ذلك من أجل الله.. تتعاطف ليلا
معه.. تحاول أن تبحث عن خطابات كانت قد ألقتها في إحدي الآبار.. لا تجد
خطابات
فتقرر هي أن تعترف له بحكايتها..
لقد ترتب مع شقيقتها التي تزوجت،
ولكن زوجها
كان يضربها ويحلق شعرها، ولأنها تحب أختها قامت بقتل الزوج الشرس..
وعندما دخلت
السجن لم تتلق أي رد علي خطاباتها لأختها..
فجأة يذهب الأب إلي كشك خشبي ليحضر
رسائل أرسلتها له الأخت..
الدنيا صغيرة والأب يردد:
ما هو مستحيل عند الناس
ممكن عند الله..
ينتهي الفيلم بموت الأب ومغادرة
ليلا المكان ولكن بعد أن
يكون البوسطجي قد خلع لها قبعته امتنانا وعرفانا.. فيلم رائع ومؤثر عن فكرة
التسامح والاعتراف بالخطأ..
أداء رائع من بطلي الفيلم واستغلال جيد للمكان مع
حوارات شديدة العذوبة والتأثير.
الغائبون يعودون
<
الغياب
-
إخراج ماماكيتا -السنغال: حكاية تشعر أنها تخص العالم الثالث، ويمكن أن
تكون رأيتها في فيلم مصري أو عربي..
يعود آداما إلي وطنه السنغال بعد 15
عاما قضاها في فرنسا..
تزوج وطلق وأصبح له منصب مرموق ولكنه يتلقي خطابا من
مجهول يبلغه بضرورة الحضور لإنقاذ جدته العجوز نراه في أول الفيلم وهو
يتأمل منزله
باستغراب ويتذكر نفسه طفلا صغيرا مع أبويه،
يلتقي مع جدته ومع أخته البكماء
عائشة (جاكي ترافرتيلر)
يلتقي أيضًا بأستاذه الذي يلومه هو وزملائه علي مغادرة
الوطن.. صدمته الكبري عندما يكتشف أن شقيقته عاهرة محترفة..
صديق له يقول إنه
أرسل إليه خطابا يخبره فيه بأن شقيقته تحتاجه ولكنه لم يرد عليه.. يمارس
العنف ضد
شقيقته التي تبدو ضحية، ويتعرض هو أيضًا للعنف من القواد الذي يستغل أخته..
وتنتهي المواجهة بمصرع الأخت،
ولا يبقي له إلا تخيل ذكريات لعبه معها في سن
الطفولة.. عمل مؤثر رغم تنفيذه بإمكانيات محدودة، وشخصية عائشة قدمت بصورة
مقنعة لفتاة ضائعة،
وهناك خطر علاقة رومانسية لها مع شاب أبكم، وبدا أنه لابد
من التضحية بها حتي يستيقظ
أداما من حلم الخلاص الفردي بعيدا عن الوطن.
<
لويزا -إخراج
جونزاليس كالزادا -الأرجنتين:
فيلم متميز تم
اختياره للمنافسة في المسابقة الدولية الممثلة المتمكنة
ليونور مانسو تلعب دورا
مؤثرا لسيدة تدعي لويزا تعيش بمفردها مع قط صغير يدعي
تينو،
في الصباح
تعمل في شركة متخصصة في إعداد الجنازات،
وفي المساء تعمل كخادمة عند ممثلة
معتزلة.. فجأة تفقد العملين معًا، كما يموت قطها الصغير،
وتحتاج إلي بضعة
دولارات لكي تدفنه، وعندما تسأل عن معاشها تكتشف أنه لا يزيد علي 20
دولارًا
و50 بيزوس فقط، أثناء ذهابها وإيابها في رحلة البحث عن المعاش عن طريق
المترو
تكتشف عالم الشحاذين،
وتقرر أن تمارس الشحاذة مثلهم للحصول علي المال وتشتري
أوراق الحظ الصينية وتوزعها علي الركاب كما يحدث في
الأوتوبيسات المصرية،
وتزعم
للركاب أنها وعائلتها مرضي بالإيدز،
تتعرف بشحاذ عجوز علي رصيف المترو يدعي
هوراتسيو.. تنجح أخيرًا في جمع المال وتقوم بإحراق جثة قطها وتحتفظ
بالرماد،
تذهب لزيارة قبر زوجها وابنتها،
وتعود للمترو حيث يناديها الشحاذون باسمها
لويزا.. عمل جيد لا يعيبه إلا بعض التطويل ولكنه يتميز بالسخرية، ويكاد
يذكرك
بأعمال مصرية عن موظفين سابقين احترفوا الشحاذة بعد أن فشلوا في تحسين
وضعهم
المالي، أداء بطلة الفيلم وزميلها الشحاذ
هوراتسيو يجبرك علي أن تتحمل بعض
المط حتي النهاية.
<
نشوة في -كتابة وإخراج
ألفين بابان-
الفلبين: عمل مشارك في المسابقة الدولية لأفلام الديجيتال ولكنه يحمل طابع
الأفلام السينمائية من حيث العناية بالتكوينات وبتوزيع الإضاءة
مع إتقان الممثلة
الأولي لدورها بشكل لافت..
الحكاية أيضًا تحمل بعض المزيج من عالم الحلم
والواقع -
كليوفي امرأة كانت تعمل كخادمة في الخليج، ولكنها عادت إلي وطنها وزوجها
لتعمل في أحد مصانع كراسي البامبو..
تعاني من عدم التواصل مع زوجها الشرس،
تشعر
بالوحدة ولا تنقذها سوي سلة فواكه تصلها كل صباح دون أن تعرف مصدرها.. تحكي
القصة
لزميلها آرتورو، وتشك أنه هو صاحب السلَّة في حين يبدو مندهشًا لأن عنايته
بوالده الكفيف تستغرق كل وقته..
يتواصل ظهور سلة الفواكه، وتقيم هي علاقة
جسدية مع آرتورو عندما يكتشف الزوج علاقتهما
يضربها بعنف، تظل في حيرة بين
واقعها المؤلم، وبين حلمها بالقرار مع
آرتورو
إلي سنغافورة ، في قريتها
شجرة ضخمة شنقت فوقها سيدة يابانية، تختلط عليها الأمور يظهر لها رجل أقرب إلي
السحرة يخبرها أخيراً
أن مشوارها طويل وحلمها سيتحقق الفيلم ينقل إليك حالة
امرأة تبحث عن الحب والخلاص ويتلاعب بموضوع السلة
لدرجة أنك تعتقد أنها مجرد
حلم اخترعته وصدقته حتي تخرج من حصار زوجها الشرس،
من الواضح أخيراً أنها إذا
لم تتحرر بالحب، فإنها تختار أن تتحرر بالموت.
<
إني أومن
بالملائكة كرواتيا إخراج نيكسا
سيفيلتش:
أحد أفلام المسابقة التي لا تدعي
أكثر من اشاعة روح التفاؤل السيناريو عن قصة حقيقية،
والعبارة الافتتاحية
لماركوس اوريليوس يقول فيها:
الله اجعلني اتقبل الأشياء الصعبة
الفتاة زيا
تعاني من الحزن فتقرر السفر إلي جزيرة
بعيدة حيث تقيم في منزل عمتها القديم.
هناك تلتقي مع نماذج مختلفة مثل العجوز الكفيفة بيترا
التي تعيش بمفردها
منذ 40 عامًا والتي تتلقي خطابات من حفيدها المهاجر إلي أمريكا ومثل العمدة
الطيب فران
الذي يجلب لها هدية من الأسماك، ومثل
روكو صاحب أحد
المراكب الذي يقدم لها هدية مماثلة ولكن علاقتها الأهم مع البوسطجي سايم
الذي
يستشعر اعجابها به والذي يفتح خطاباتها إلي أمها لكي
يتأكد من هذا الحب يؤلف
لها غنية عنوانها آمنت بالملائكة منذ قابلتك في عيد القديس نقولا يتزوجان.
الحكاية بسيطة جداً عن الأمل والحلم ببداية جديدة مازالت الأحلام ممكنة في
مكان آخر، كل الشخصيات شديدة البساطة،
ولدينا نموذج لسيدة في منتصف العمر تعشق
العسكريين ويبدو أنها لم تتجاوز زمن تيتو ،ليس فيلمًا عظيمًا ولا استثنائيًا
ولكنه بسيط يلعب علي المشاعر والأحاسيس.
روز
اليوسف اليومية
في
10/11/2009 |