في السادسة مساء اليوم تنطلق فعاليات الدورة الثالثة والثلاثين من
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي يستمر إلي
20 من الشهر الجاري..
ولأن
هذا المهرجان مر بالعديد من الصعوبات والمشاكل منذ نشأته وحتي الآن لذا
حاولنا أن
نلقي الضوء علي أهم الأزمات التي لاحقت وتلاحق أهم حدث فني في مصر من خلال
آراء
النقاد والمختصصين الذين لم ينكروا الانتكاسات التي واجهته
وسوف تستمر لو لم
يحاول القائمون عليه إعادة هيكلته من جديد.
يخطئ من يظن أن المشاكل التي
ترتبط كل عام بمهرجان القاهرة السينمائي هي وليدة رئيس معين
سواء كان عزت أبوعوف
الرئيس الحالي أو من سبقه،
فالمشاكل مستمرة منذ أن بدأ المهرجان وحتي الآن،
علي مدار دوراته الاثنتين والثلاثين،
والمتوقع أن تستمر حتي الدورة الثالثة
والثلاثين وفي الدورات المستقبلية أيضا، عملية بحث بسيطة تتضح من خلالها المشاكل
المتعلقة بكل فترة زمنية منذ أن افتتح المهرجان رسميا 16
أغسطس عام ٦٧٩١.
كمال الملاخ
1983 - 1975
هو صاحب فكرة المهرجان منذ أن عاد من مهرجان
برلين عام 1975
إلي القاهرة، وبعدما انبهر بالمهرجان هناك حلم أن يكون هناك
مهرجان مثله في الإسكندرية،
وبعد عودته وطرح الفكرة علي أعضاء جمعية كتاب
ونقاد
السينما والذين عدلوا فكرته بأن يصبح المهرجان في العاصمة المصرية القاهرة،
حتي
يكون دوليا لكل دول العالم، وليس شرق أوسطيا أو لدول حوض البحر الأبيض المتوسط
فقط.. وبعدما بدأت الدورة الأولي للمهرجان عام 1976،
منحه الاتحاد الدولي صفة
مهرجان دولي في العام التالي، وبذلك دخل المهرجان في أهم
12 مهرجانا في
العالم باعتراف الاتحاد الدولي به، وهو الأمر الذي ينبغي معه أن يحافظ علي شروط
المهرجانات الدولية،
والتي يبدو أنهم لم يقرأوها جيدا، لتتدخل الرقابة عام
1978
وبالتحديد في الدورة الثالثة وتحذف من الأفلام المعروضة في المهرجان كما
تشاء، ليشتكي أحد المخرجين للاتحاد الدولي بسبب حذف
مشاهد مهمة من فيلمه،
ويجري
تحقيق في الأمر وتسحب الصفة الدولية منه في هذا العام،
وفي عام 1983، أي بعد
مرور سبع سنوات علي رئاسة كمال الملاخ للمهرجان حدثت خلافات كبيرة بين
الملاخ ووزير
الثقافة وقتها عبدالحميد رضوان، ليترك الملاخ رئاسة المهرجان،
ويسندها وزير
الثقافة إلي سعد الدين وهبة عام
٥٨٩١.
سعد الدين وهبة 1998 - 1985
تشكلت لجنة من وزارة
الثقافة ضمت أعضاء جمعية كتاب ونقاد السينما واتحاد نقابات الفنانين
للإشراف علي
مهرجان القاهرة، وأسندوا رئاسته إلي الرجل القوي آنذاك في وزارة الثقافة
سعد
الدين وهبة، وهنا وجهت بعض الانتقادات لهذا الاختيار بسبب أن
وهبة من المبدعين
المسرحيين، وإسهاماته في السينما أقل كثيرا من إسهاماته في المسرح، ولكن
قاد
سعد الدين وهبة المهرجان بشكل جيد في سنواته الأولي، وعادت الصفة الدولية
للمهرجان مرة أخري بسبب مجهوداته،
ليصبح المهرجان في عام
1990
وحسب تقرير
أورده الاتحاد الدولي للمنتجين السينمائيين في المركز الثاني في الأهمية
بعد مهرجان
لندن السينمائي، وكان المهرجان في هذه الفترة معتمدا علي نفسه في ميزانيته،
بل
وكان يحقق فائضا وربحا كما حدث عندما كان مديره الناقد السينمائي سمير فريد
عام
1985
وصل إلي 50 ألف جنيه، وعاب هذه الفترة بالرغم من الجماهيرية الكبيرة
أن المهرجان كان يختار أفلاما معينة بها العديد من المشاهد
التي قد تكون مثيرة لجذب
الجمهور المحروم من هذه الأفلام، ولعل عرض الفيلم المثير للجدل
"غريزة أساسية"
للنجمة الأمريكية شارون ستون كاملا بدون حذف علي مدار دورتين متتاليتين خير
دليل
علي اختيارات الأفلام،
وهنا ظهرت الجملة الشهيرة التي كشفها عادل إمام في فيلمه
المنسي "الفيلم
ده قصة ولا مناظر"، أضف إلي ذلك أن المهرجان كان يعرض أفلاما
قديمة كثيرة للغاية بسبب تأخر موعد المهرجان في نهاية العام في مسابقاتها،
والجدير بالذكر أن سهير عبدالقادر نائبة رئيس المهرجان قد ظهرت في هذه
الفترة
والتي كانت مجرد موظفة عادية في المهرجان.
حسين فهمي 2001 - 1998
بعد رحيل سعد الدين وهبة
تولي الممثل حسين فهمي رئاسة المهرجان عام
1998 الذي أصبح بالكامل بين أيدي
وزارة الثقافة المصرية،
حيث تولي رئاسة المهرجان لمدة أربع دورات قبل أن
يتركه
ويفتح النار علي كل ما حدث بالمهرجان، ملقيا اللوم علي الميزانية الضعيفة التي
كانت تمنحها وزارة الثقافة لإدارة المهرجان،
والتي كانت لا تسمح باستقدام أفلام
جيدة، أو استقدام نجوم ليزيدوا من بريق المهرجان، وفي فترة حسين فهمي تعرض
المهرجان لهزة قوية تمثلت في ابتعاد الجمهور عن مشاهدة
الأفلام، وتبعها بالتالي
قلة دور العرض التي تشترك في عرض أفلام المهرجان، وهو ما أفقده أحد أبرز ما
يميز
أي مهرجان في العالم، وهي الجماهيرية، ولذلك أصبح في وادٍ،
والجمهور كله في
وادٍ آخر، ليصبح المهرجان نخبويا لطبقة معينة للجمهور،
وللصحفيين الذين
أصبحوا متفرغين لصب جام نقدهم عليه، وهنا بدأت مشكلة جديدة قديمة،
وهي مشكلة
التنظيم فكانت هناك الكثير من العشوائية في عروض الأفلام،
وكذلك إلغاء عروض أفلام
وتأجيل البعض الآخر دون سابق إنذار، كما أن دور العرض كانت تتحكم حسب أهوائها في
عرض الأفلام، وهو ما كان سيؤدي إلي سحب الصفة الدولية عن
المهرجان للمرة الثانية
بعدما كان يتم عرض أفلام معينة بها بعض المشاهد الجنسية أكثر من خمس مرات،
وهو
الرقم المحدد من قبل إدارة المهرجانات الدولية لعرض أي فيلم مشترك في
المهرجان.
شريف الشوباشي 2005 - 2001
قدم حسين فهمي استقالته من
رئاسة المهرجان بعد أربعة أعوام ليتولي فجأة شريف الشوباشي،
وهو الوجه الذي لم
يكن معروفا علي الوسط السينمائي سواء نقديا أو سينمائيا، فقد كان الشوباشي
مسئول
العلاقات الثقافية بوزارة الثقافة، وهو ما جعل إدارة المهرجان تؤول بالكامل
لنائبة الرئيس سهير عبدالقادر، والتي أصبحت المرأة الحديدية بالمهرجان،
واستمرت
مشاكل المهرجان في عهد الشوباشي كما في سابقتها، عيوب في التنظيم،
وإلغاء عروض
أفلام وتأجيل البعض الآخر دون سابق إنذار، كذلك فقد كانت الميزانية التي حددتها
وزارة الثقافة للمهرجان هزيلة لحد كبير مما جعل خفوت بريق المهرجان يزيد،
وجماهيريته تقل أكثر،
بالإضافة لعدم وجود أي نجوم كضيوف للمهرجان، وهو ما جعل
الشوباشي يقدم استقالته من رئاسة المهرجان بعد أول دورة له،
بل ووضع وزارة
الثقافة في مأزق عندما استقال قبل شهرين فقط من بداية المهرجان.
عزت أبوعوف 2006
إلي
الآن
وصفه البعض بالمنقذ
بعدما عقد معه وزير الثقافة المصري الدكتور فاروق حسني اجتماعًا قصيرا
بمكتبه،
كلفه بعدها برئاسة المهرجان، ومع بداية عهد عزت أبوعوف المستمرة إلي الآن،
بدأ
رجال الأعمال في الدخول في ميزانية المهرجان ليدعموا مهرجان الدولة، وبدأ
الأمر
مع رجل الأعمال نجيب ساويرس، والذي هاجمه بعض الصحفيين بسبب تدخله في
اختيارات
كثيرة للمهرجان،
ومنها فرض تكريم نجيب الريحاني علي إحدي الدورات، وكذلك التحكم
في إرسال دعوات حفلي الافتتاح والختام لمن يريد من الصحفيين
والجرائد، أضف إلي
ذلك أن العيوب التنظيمية استمرت دون توقف في عروض المهرجان بشكل عام،
لتتأخر عروض
بعض الأفلام والندوات والمؤتمرات، وبعد هجوم شديد علي ساويرس وتهديد بعض الصحفيين
بمقاطعة فعاليات المهرجان بسبب تحكماته،
اعتذر ساويرس عن دعم المهرجان،
مشيرا
إلي أنه يدفع لدعم المهرجان ثم يجد كل الصحف تهاجمه،
وفي العام الماضي والتي كانت
أفضل دورات المهرجان وإن سادتها بعض العيوب أيضا دخل رجل الأعمال محمد
نصير، فترة
عزت أبوعوف بشكل عام يعيبها شيء واحد،
وهو رئيسها الذي يؤكد البعض أنه لا يعرف
شيئا عن المهرجان، وأنه يظهر فقط في أسبوعي المهرجان، وكل شيء في يد المرأة
الحديدية "سهير
عبدالقادر" التي لا يعرف أحد حتي الآن سر قوتها، فهي لا
ناقدة، ولا سينمائية،
ولكنها فقط وبقدرة قادر أصبحت الآمر الناهي في إدارة
مهرجان القاهرة السينمائي،
بل هي الرئيسة الحقيقية.
روز
اليوسف اليومية
في
10/11/2009 |