في حواره الأول لـ «سكرين ديلي» من «كان»
..
المخرج الإيراني محمد رسولوف يتحدث عن رحلة فراره وصناعته
لفيلمه «بذرة التين المقدس»
كان (فرنسا) ـ «سينماتوغراف»
كشف المخرج الإيراني محمد رسولوف أنه لم يكن أمامه سوى
ساعتين فقط ليقرر إما البقاء في إيران ومواجهة الاعتقال أو الفرار من
البلاد لضمان حريته.
وفي حديثه الأول إلى مجلة «سكرين ديلي» من مهرجان كان، حيث
من المقرر أن يُعرض فيلمه الأخير ”بذرة التين المقدس“ في المسابقة الرسمية
غداً (24 مايو)، بدا المخرج الإيراني مرتاحاً لتأمين سلامته الشخصية، ولكنه
كان يفكر في المجتمع الذي تركه وراءه ومستقبله كمخرج.
وقال رسولوف الذي حُكم عليه بالسجن ثماني سنوات والجلد من
محكمة الثورة الإسلامية الإيرانية بسبب إدلائه بتصريحات علنية وصناعة أفلام
وثائقية اعتبرت ”أمثلة على التواطؤ بقصد ارتكاب جريمة ضد أمن البلاد“: ”لم
يكن أمامي خيار آخر“.
وأضاف : عندما عرفت أن محكمة الاستئناف أكدت الحكم نفسه..
كنت أعلم أنه لن يكون أمامي سوى القليل من الوقت قبل أن يأتوا بالفعل
ويعتقلوني، وكان أمامي ساعتين لاتخاذ قرار ما إذا كنت سأبقى في السجن أو
أهرب وهذا ما فعلته.“
تخلص المخرج من جميع الأجهزة الإلكترونية وسار عبر الأراضي
الحدودية الجبلية سيراً على الأقدام قبل أن يؤمن ملجأ في ألمانيا.
قال رسولوف، الذي فاز بجائزة الدب الذهبي في برلين عام 2020
عن فيلمه ”ليس هناك شر“ والجائزة الأولى في مهرجان كان عام 2018 عن فيلم
”رجل النزاهة“، إنه لا يزال متفائلاً بالعودة إلى وطنه الأم لأن هذا الوضع
لا يمكن أن يستمر طويلاً في إيران وسيتغير“.
ومع ذلك، اعترف أيضًا بأن العديد من زملائه الفنانين لديهم
نفس الأمنية لكنهم لم يتمكنوا من العودة بعد عقود من المنفى.
وأضاف عن خططه المستقبلية في صناعة الأفلام: ”أحاول فقط ألا
أركز على هذا الأمر بل على البدء في الإبداع من جديد بقيود جديدة، لقد
تدربت على العمل بالقيود لذلك أنا متأكد من أنني أستطيع التكيف مع القيود
الجديدة التي ستُمنح لي في صناعة الأفلام خارج إيران.“
وفيما يلي جزء من نص المقابلة، يتحدث خلالها رسولوف عن سبب
استمراره في إنتاج أفلام تثير غضب السلطات الإيرانية، وعن تصوير فيلم ”بذرة
التين المقدس“، وأهمية اختياره في مهرجان كان.
**
كيف تشعر الآن، بعد كل ما مررت به في الأسابيع الأخيرة؟
ـ حسناً، أنا بخير. أشعر بالسعادة لكوني في أمان، بعد أن
مررت بهذه العملية الخطيرة للغاية حيث كان من المحتمل أن أسجن لسنوات
عديدة، لذلك أشعر بالامتنان والسعادة لخروجي من إيران. ولكن، في الوقت
نفسه، أشعر ببعض الألم لأنني بعيد عما كانت عليه حياتي اليومية في إيران،
وهو ما كان يهمني كثيرًا. أنا من النوع الذي يكون قريبًا جدًا من الناس،
وكنت أخرج إلى الشارع لأستقل سيارة أجرة أو أذهب للتسوق. قد يبدو هذا الأمر
تافهًا للغاية ولكن بالنسبة لي كفنان وكصانع أفلام، من المهم للغاية أن
يكون هذا التواصل مع الناس. ولكن لم يكن أمامي خيار آخر.
**
هل أنت قلق من أن يتم نفيك الآن بشكل دائم بعد هروبك من
إيران؟
ـ شعوري هو أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر طويلاً في إيران
وسيتغير، وبالتالي سأتمكن من العودة. ولكن في الوقت نفسه، لا أعرف ما إذا
كان بإمكاني الاعتماد على هذا الانطباع لأنني أدرك أن العديد من أبناء بلدي
كانوا خارج إيران منذ عقود، ويعتقدون أنهم على وشك العودة ويجهزون حقائبهم.
أحاول فقط ألا أفكر في ذلك أو أركز على هذا الأمر بل أحاول التركيز على
حقيقة البدء في الإبداع من جديد.
**
متى قمت بتصوير فيلم”بذرة التين المقدس“ ؟
ـ لم أتمكن من التصوير بشكل متواصل. كان لدينا بضعة أيام ثم
نتوقف بعد ذلك. كان ذلك على مدار ثلاثة أشهر من أواخر ديسمبر إلى مارس.
بدأت في إنجاز المونتاج خارج إيران، لكن بالنسبة للتصوير، ربما استغرقنا 70
يومًا متناثرة على مدار ثلاثة أشهر. جرت مرحلة ما بعد الإنتاج في ألمانيا.
**
لماذا تصنع هذه الأفلام التي تجلب لك الكثير من المتاعب؟
ـ ربما يجب أن أذهب لرؤية محلل نفسي لأن أكثر ما يهمني هو
حريتي وحقوقي الإنسانية. هذا هو الشغل الشاغل الرئيسي في حياتي. أنا أحب
السينما ولكنني سأستبدل السينما بحقوقي الإنسانية لأنني متأكد من أنه إذا
استعدت حقوقي الإنسانية فسأستطيع صناعة الأفلام مرة أخرى.
**
هل تصنع أفلاماً أيضاً للتعبير عن حالة المجتمع في بلدك؟
ـ أنا حساس للغاية ومتأثر بمحيطي وبما يجري في المجتمع الذي
أعيش فيه. وبسبب هذا القلق وهذه الطريقة في التعاطي مع العالم، فقد وُضعت
في السجن لسنوات. لقد كنت في الحبس الانفرادي، عندما تكون بمفردك ولا يمكنك
فعل شيء سوى الاستلقاء والتفكير. لقد كنت في زنزانات جماعية تقابل فيها
جميع أنواع الأشخاص المثيرين للاهتمام. كل هذا فقط لأنني استمر في كوني
مهووسًا ومهتمًا بما يدور حولي.
**
ماذا يعني اختيار فيلمك في المسابقة في مهرجان كان، سواء
بالنسبة لك أو بالنسبة للفنانين الإيرانيين؟
ـ أنا سعيد أنه في مهرجان كان، يمكنك أن تحصل على صورة عن
حياة الناس الحقيقية في إيران وما يحدث الآن في إيران - شيء تم إنتاجه
بعيداً عن الرقابة، وهذه رسالة أمل للفنانين الإيرانيين، لإظهار أن الأمر
ممكن، وأن بإمكانهم أن يحاولوا أن يعكسوا واقع إيران دون رقابة ويحاولوا
الالتزام بهذا المسار.
**
ما الذي تأمل أن يستخلصه الجمهور العالمي من الفيلم؟
ـ على الرغم من أن الفيلم تدور أحداثه في إيران، إلا أن
الهدف منه ليس تقديم أي معلومات عن إيران أو إعطاء نظرة ثاقبة لما يجري في
إيران تحديداً. سيساعد الفيلم الجمهور على التواصل مع حقيقة الشخصيات. هناك
عدة مواضيع ولكن إذا كان هناك موضوع واحد يمكن استخلاصه فهو طاعة أو إخلاص
بعض الناس لنظام ما. هذا هو انعكاس يمكن أن يكون لديك عن العديد من الأماكن
والمواقف الأخرى غير تلك التي تجري في إيران. |