على البساط الوردى «فرانكلين» و«دوجلاس» فى كان!
كتب
مودى حكيم
منذ ثمانى سنوات، أطلقت بلدية كان الفرنسية، مبادرة فى رهان
جرىء بإنشاء مهرجان دولى للمسلسلات من قلب المدينة الأسطورية داخل قصر
المهرجانات والمؤتمرات فى شهر أبريل «نيسان» من كل عام وقبل انعقاد
مهرجانها السينمائى الشهير فى الشهر التالى، تجمعًا فنيًا يعكس ثقافة
العالم ببرنامج غنى بأفضل ما أنتج من مسلسلات تليفزيونية متنافسة تم
اختيارها من جميع أنحاء العالم، وعروض حصرية من خلال فعاليات متنوعة
ومثيرة، فى تفاعل جماهيرى لا يقل عن مهرجان كان السينمائى.
حدث يجمع المحترفين والمتابعين لصناعة الدراما
التليفزيونية، ومجموعة ضخمة من النجوم إلى جانب شركاء مرموقين فى الإنتاج
على السجادة الوردية الشهيرة فى أجواء مليئة بالبهجة. وبالتأكيد روعة
المسلسلات امتدت إلى الأزياء، حيث تألق النجوم بغلالات ساحرة أضفت جمالًا
إلى المهرجان. كان نجم المسابقة والمهرجان لهذا العام مايكل دوجلاس. كنت
حريصًا على حضور العرض الأول لمسلسل «فرانكلين»، ولقاء واحد من نجوم
هوليوود القريب منى بإبداعه.
على السجادة الوردية وفى تواضع شديد ظهر النجم.. جادًا..
بارعًا.. وقورًا.
كان يتحدث بشكل ودى معى ومع زملائى من الصحفيين وأعضاء لجنة
التحكيم والمنظمين الذين حضروا عرض الحلقة الأولى من مسلسل «فرانكلين»،
الذى يلعب فيه دوجلاس دور الأب المؤسس بنجامين فرانكلين، مضيفًا للمسلسل
جعبة أخرى إلى قدراته التمثيلية المثيرة للإعجاب. المسلسل من إنتاج
Apple TV Plus
وتبلغ مدته ثمانى ساعات من ثمانية أجزاء والتى تتحدث عن الرئيس فرانكلين فى
عمل مذهل يصور المناورات السياسية الشبيهة بلعبة الشطرنج وجلسات المساومة
التاريخية التى ساعدت فى تشكيل مسار التاريخ، ويحذر من أن الأنظمة
الديمقراطية التى يحمل المسلسل حكاية بدايتها، تتعرض للهجوم فى جميع أنحاء
العالم. وقد قوبلت الحلقة، التى وصل فيها فرانكلين إلى فرنسا عام 1776
لإقناع الملك لويس السادس عشر بدعم الثورة الأمريكية بالمال والسلاح،
بحفاوة بالغة، عن تجربة «ثمانى ساعات من تغطية بن فرانكلين الكاملة
لمايكل»، يقول دوجلاس: «اعتقدت أن الجمهور سيكون أكثر راحة إذا عرفوا
الرجل.. لقد حررنا، بل فعل أكثر من ذلك بكثير. ومع ذلك، يلاحظ أن حياته
السياسية تنطوى على مقامرة: «هل يمكننى الكشف عن شخصية فرانكلين؟».
وأكد الممثل والمنتج الحائز على جوائز خلال اللقاء معه:
«أعتقد أننا نعيش بالفعل هشاشة الديمقراطية ومدى هشاشة هذا المفهوم، وكيف
يجب تغذيته وحمايته، وأضاف دوجلاس: «يصبح ذلك واضحًا (خلال المسلسل)، وله
أصداء لما يحدث فى عصرنا الحديث». «بالنسبة للديمقراطيات فهى من الأنواع
المهددة بالانقراض. يتم اجتياحهم من قبل الأنظمة الاستبدادية فى جميع أنحاء
العالم. وأعتقد أن (الديمقراطيات) نظام استثنائى. وعندما تدخل فى عرض مثل
هذا وتدرك مدى روعة هذا المفهوم، فهذا شىء يجب علينا حمايته. الحلقة
الأخيرة من هذه السلسلة المكتوبة بذكاء من تأليف كاتبى السيناريو كيرك إليس
(«جون آدامز») وهوارد كوردر
(«Boardwalk Empire»)
تتمحور بشكل خاص حول هذا الموضوع.
يعترف دوجلاس بأنه لم يكن يعرف الدور الحاسم الذى لعبه
فرانكلين فى التودد إلى فرنسا للمساعدة فى تمويل وتسليح والكفاح من أجل
حرية الولايات المتحدة الوليدة. بقى فرانكلين فى فرنسا لمدة ثمانى سنوات،
وانضم إليه فى جزء من ذلك الوقت جون آدامز الأكثر صرامة (إدى مارسان)،
والذى تشاجر معه كثيرًا، ولكنه لعب أيضًا دورًا أساسيًا فى إبرام معاهدة
باريس عام 1783.
وقال دوجلاس إنه فكر أيضًا كثيرًا فى أوجه التشابه مع ما هو
عليه اليوم، «مدى هشاشة الديمقراطية» والحرية، من الولايات المتحدة إلى
أوكرانيا، والطريقة التى «تشوه بها نظامنا السياسي». إن الجهل التاريخى ليس
أمريكيًا فحسب.
وأضاف دوجلاس: «أمر لا يصدق، لم أكن على علم بالجزء الأكثر
أهمية، وهو بعد كل ما أنجزه فرانكلين، وهو فى السبعين من عمره، يذهب إلى
فرنسا لإنقاذ أمريكا حقًا لأننا كنا فى حرب مع البريطانيين». ولم يكن لدينا
أى أسلحة أو أموال أو جيش.. لا شىء، لذلك ذهب إلى هذه الملكية ليحاول
إقناعهم بها، مع كل المكائد والجواسيس. لم أكن أعرف هذا الجزء ووجدته
رائعًا حقًا، وأدركت فى النهاية أنه لولا فرنسا لما كانت لدينا أمريكا».
أثناء وجوده فى فرنسا، تهرب فرانكلين من العملاء المزدوجين أثناء تلقيه
تحية من المشاهير - ويرجع ذلك جزئيًا إلى تجاربه مع الكهرباء - وتودد إلى
النساء من حوله، كما كان معروفًا.
انضم إلى دوجلاس فى هذه المقابلة النجم المشارك نوح جوبى
الذى يصور دور حفيد فرانكلين الطموح فى المسلسل القصير. كان يعرف الكثير عن
فرانكلين. يوضح الممثل البالغ من العمر 19 عامًا: «أنا من المملكة
المتحدة». «فى صف التاريخ بالمدرسة الثانوية ، لذلك بالنسبة لى، كان لدىّ
منحنى تعليمى كبير بمعنى التعرف على تاريخ أمريكا بأكمله. ينخرط الحفيد فى
مهمة جده وعمل سكرتيرًا له أثناء وجوده فى فرنسا. كان والده من الموالين
لبريطانيا، وكان بعيدًا عن بنجامين فرانكلين. ويأمل جوبى أن يشجع فيلم
«فرانكلين» المزيد من الناس على الانخراط فى السعى من أجل الصالح العام.
على هامش الاحتفالية بالعرض الأول قالت لى الكاتبة ستايسى
شيف مؤلفة كتاب «ارتجال عظيم: فرانكلين، فرنسا، ومولد أمريكا»
A Great Improvisation: Franklin, France, and the Birth of America «…
خلال خمس سنوات من التعايش والبحث فى حياة بنجامين فرانكلين والاقتراب منه،
لم أستطع مطلقًا أن أخلط بينه وبين مايكل دوجلاس، فقد بدا الشبه بينهما إلى
حد الجنون.. دوجلاس لديه وميض فرانكلين فى العيون، والكاريزما الخام،
والتنوع الجسدى والفكرى، والقدرة على تحريك المناقشة مع إمالة الحاجب.
مايكل».
وعن أسرار الكواليس حكت لى: (كان هاجس مايكل دوجلاس طوال
تصوير المسلسل الذى استمر سبعة أشهر فى فرنسا «هل سيباع، هل ستشتريه
القنوات؟ «وكان أحد الأسباب التى جعلته يقرر التخلى عن الماكياج المتقن فى
فيلم «فرانكلين» هو أنه كان يعلم أنه، إلى جانب الذهاب إلى مكان التصوير
لمدة 45 دقيقة كل يوم، فإن الجلوس لمدة ساعتين ونصف على كرسى الماكياج قد
يؤدى على الأرجح إلى تأخير الجميع.. «من غير المعقول أن يفعل مايكل أى شىء
لجعل حياة المخرج أكثر صعوبة. وهو شىء تعلمه من كونه منتجًا؟)
وعلى الرغم من أن دوجلاس ومخرج مسلسل «فرانكلين»، تيم فان
باتن، فكرا فى استخدام الأطراف الصناعية الثقيلة والماكياج لخلق مظهر
فرانكلين المميز، بما فى ذلك تلك الجبهة العالية الشهيرة، فإنهما قررا
اتباع طريق أكثر طبيعية. يرتدى دوجلاس وصلات شعر رمادية ومموجة ووصلات شعر
فى جميع مشاهد المسلسل «فرانكلين»، لكن شخصيته تتجنب الشعر المستعار الرسمى
وماكياج البودرة الخاص بالبلاط الفرنسى. فالشخصية أقرب لمايكل دوجلاس أكثر
من كونه شخصًا يحاول تقليد بنجامين فرانكلين.
تجربة «الثمانى ساعات عن بنجامين فرانكلين» الكاملة من
بطولة دوجلاس، ومقامرة تقديم فرانكلين بشخصية بطل العمل، تتبخر
مخاوفها عندما يرى المشاهدون «فرانكلين» ويقبلون الاندماج الذى لا يوصف
بين الممثل والشخصية التاريخية فى الحياة الواقعية. وقال المخرج فان باتن،
خلال جلسة أسئلة وأجوبة بعد عرض العمل إن دوجلاس «يجسد روح فرانكلين بعدة
طرق». فرانكلين «ذكى وساحر وفضولى بشكل لا يصدق، وملىء بالحكمة والذكاء.
وهذا هو مايكل». |