ملفات خاصة

 
 

لو كان بامكاني السبات فقط..

عبقرية الناس الفقراء في الأحياء المهمّشة والمنسية

الجونة: عدنان حسين أحمد

الجونة السينمائي

الدورة السادسة

   
 
 
 
 
 
 

لم تكن مشاركة فيلم "لو كان بامكاني السبات فقط" للمخرجة المنغولية زولجارگل پيروڨداش بمهرجان "كان" السينمائي الدولي حدثًا فنيًا عابرًا في المَشهد السينمائي المنغولي. فهي المرة الأولى التي يصل فيها فيلم روائي منغولي طويل إلى مهرجان سينمائي دولي ذائع الصيت تُعدّ المُشاركة فيه نوعًا من الاعتراف الضمني بسوية الفيلم وأهمية صانعه من الناحية الإبداعية. غير أنّ المُدقق لتفاصيل هذه الفيلم الذي كتبت قصته المخرجة نفسها سيجد من دون عناء كبير أنه يحمل أصداءً واضحة لا يمكن تجاهلها أو غضّ الطرف عنها لفيلم "غُود ويل هانتينغ" للمخرج الأمريكي غاس فان سانت الذي تتشابه ثيمته الرئيسة مع ثيمة "لو كان بامكاني السبات فقط" مع بعض التغييرات الطفيفة التي أحدثتها زولجارگل پيروڨداش، فالعبقري في الفيلم الأول موهوب في الرياضات وحلّ المعادلات المعقدة جدًا، بينما المعجرة في فيلم پيروڨداش هو طالب نابغة في الفيزياء يشارك في مسابقة علمية للحصول على منحة دراسية. ثمة أوجه للتشابه والاختلاف بين الفيلمين من بينها تناول البطل للمشروبات الروحية مع ثلاثة من أصدقائه، والعلاقة الجنسية الشاذة بين المدرس وتلميذه آخذين بنظر الاعتبار أنّ المخرج غاس فان سانت يندرج ضمن تيار "سينما الشواذ الجديدة" وخاصة في أفلامه الأولى التي تركِّز على الثقافات المهمشة التي يتفاداها الكثير من المخرجين السينمائيين. (جدير ذكره أنّ هذا الفيلم يشارك في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في الدورة السادسة لمهرجان الجونة السينمائي لعام 2023م).

لنتفق على أوجه التشابة التي أشرنا إليها بين الفيلمين لكن المتمعِّن لفيلم پيروڨداش سيجد فيه تفاصيل مغايرة تمامًا تحيل المتلقي مباشرة إلى مشارف العاصمة المنغولية أولان باتور، وإلى الحي الذي يفتقر إلى الماء، والكهرباء، وشبكات الصرف الصحي، ويعاني ساكنوه من التلوث لأنهم يستعملون الفحم في تدفئة منازلهم البدائية التي يعيش فيها غالبية السكان المنغوليين وخاصة الفلاحين والبدو الرحل الذين انتقلوا من سهوبهم وأريافهم النائية وطوقوا العاصمة من جهاتها الأربع. وقد سكنت المخرجة في هذا الحيّ وخبرت أناسه الذين يعيشون تحت مستوى خط الفقر من كثب فلاغرابة أن تقول المُنتجة المُشاركة مايفا سافينن عن قصة الفيلم بأنها "مستوحاة من التجربة الخاصة للمخرجة" التي عاشت معها أمها "المُطلّقة" في ذلك الحيّ البسيط بعد أن فتحت دكانًا صغيرًا وتعاملت مع أبنائه الفقراء الذين لا يؤمّنون احتياجاتهم اليومية إلاّ بشقّ الأنفس.

أعمال غير قانونية محفوفة بالمخاطر

تتمحور ثيمة الفيلم على أولزي، وهو مراهق فقير في سن الخامسة عشر ولكنه معتد بنفسه ويعيش مع عائلته المُعدَمة في ضواحي العاصمة أولان باتور لكنه يتمتع بذكاء حاد في الفيزياء وبتشجيع من مُدرِّسه يقرر الاشتراك في مسابقة علمية للحصول على منحة دراسية تضمن له وظيفة ثابتة بعد التخرّج غير أنّ والدته تجد عملاً في الريف في غربيّ البلاد فتتركه مع أخوانه الصغار لوحدهم ليواجهو شتاءً قارس البرودة فيتعيّن على أولزي العمل في قطع أشجار الغابات بطريقة غير قانونية ومحفوفة بالمخاطر من أجل تأمين هاجس الطعام والحفاظ على المنزل دافئًا خلال فصل الشتاء الذي تنخفض في درجة الحرارة إلى 35 درجة مئوية تحت الصفر.

لا يمكن لهذا الإيجاز أن يفي بقصة الفيلم التي كتبتها پيروڨداش وتوسعت في تفاصيلها بدءًا من أهمية التعليم، ورزع الأمل في النفوس، مرورًا بتلوث البيئة، والتركيز على التقاليد الغريبة في معالجة بعض الأمراض، وانتهاءً بالإدمان على الكحول، والتحرّشات الجنسية التي تتعرض لها الطالبات في المدارس المتوسطة والإعدادية، والتلميح إلى "مجتمع الميم" ومجاراة منظومة القيم الأوروبية التي تركّز عليها المخرجة في مجمل أفلامها الوثائقية والروائية القصيرة الأخرى التي احتفت بها العديد من المهرجانات السينمائية في آسيا وأفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

يُمجِّد هذا الفيلم الدرامي دور المدرِّس في المجتمع المنغولي، فهو الذي يكتشف المواهب لدى التلاميذ ويحثهم على استثمار الفرص المتاحة مثل المسابقات العلمية في الفيزياء وغيرها من المواد الدراسية المكرّسة لهذه الفئة العمرية، فلولا المدرِّس "بليجيت" الذي كان، هو الآخر، طالبًا متفوقًا وحصل على منحة دراسية، لما وافقَ أولزي على المشاركة في هذه المسابقة. فمن بين طلاب الصف كلهم حصل هذا الطالب الموهوب على علامة A الكاملة من دون يقترف أي خطأ أو هفّوة بسيطة لكن ظروف حياته القاسية ضمن أسرة مات مُعيلها الوحيد وترك ثلاثة أطفال صغار لا يجدون حرجًا في العمل مهما كانت طبيعته حيث يعمل أولزي في العطلة الصيفية في الإنشاءات، بينما تصنع شقيقته "تانغا" أساور وتبيعها على المارة في الأسواق. ومن سوء حظهم جميعًا أنّ أمهم أدمنت على شرب الكحول بعد أن ضاقت بها سبل العيش ولم تجد عملاً يدّر عليها بعض النقود التي تؤمِّن للأطفال وجبات الطعام اليومية ومنزل دافئ على مدار الساعة.

العلاج بالطرق الشعبية الغريبة

وبما أنّ شقيقه الأصغر "قارغا" يمرض كثيرًا وترتفع درجة حرارته بسبب البرد الذي يفضي غالبًا إلى إصابته بالحمّى فإنّ أولزي يأخذه إلى عمته التي تقيم في شقة سكنية حديثة الطراز في قلب العاصمة ويُخضعه إلى طريقتين غريبتين من العلاج الشعبي؛ الأولى بواسطة وضع الإصبع الأكبر في فم المريض شرط أن يعضّه. كما يجب وضع اللجام حول رقبته لكي يشفى من مرضه تمامًا. تعرّي هذه الزيارة العديد من المشاكل بين أمه وعمته، فأبوه، بحسب رواية أمه، باع قطيعه ليدفع تكاليف عمته الدراسية لأربعة فصول، بينما تتهمه عمته بأنه يستجدي دائمًا ويعيش على صدقاتها المستمرة. فمثلما أعطته الآن بعض الملابس القديمة التي تعود لابنها، وقدّمت له مبلغًا ضئيلاً يمكن أن يدفع به أجرة الباص الذي سيعود به إلى منزله، أو كيس التفاح الذي أرسلته لأختها، فإنها طلبت منه أن يُعطيها لجام الحصان لقاء تسديد ديون أمه المُدمنة لكنه رفض بشدة لأنّ أباه تركه له، وأنّ الُلُجم، في العادة، يتوارثها الأبناء عن الآباء. وإذا كان لديها ديون بذمه أمه فلتأخذها منها مباشرة. ثمة فرق واضح في حياة الشقيقتين،فالمدمنة تسكن في "يورت" وهو الخيمة المنغولية التقليدية المتوارثة، بينما تسكن شقيقتها في عمارة سكنية شاهقة تتوفر على غالبية المستلزمات الحديثة مثل نظام التدفئة المركزية، والمياة الصالحة للشرب، والحمام الساخن الذي رأينا أولزي يستحم فيه بمتعة لم يألفها من قبل في بيته الريفي أو في سكنه العشوائي في الحي الفقير المحيط بالعاصمة.

تتضح شخصية أولزي القوية شيئًا فشيئًا، فلم تستطع عمته أن تبتزهُ أو تأخذ حقه. وحينما يتجادل مع أمه التي تنتقده لأنه اشترى حذاءً رياضيًا جيدًا يجيبها من فوره:"لقد عملتُ مثل الكلب طوال الصيف في البناء وتستكثرين عليّ أن أقتني حذاءًا رياضيًا جميلاً؟". ويضيف قائلاً بحرقة شديدة:" لا أريد أن أُسمّى شحّاذًا" لكن الأم تستدرك وتقول مؤكدة:" نحن لا نشحذ من أحد وإنما نسترد ديوننا السابقة". فكل أفراد الأسرة أقوياء، ويعتزون بكرامتهم الإنسانية بما فيهم الأم المدمنة التي التجأت إلى الكحول لأنها تعمل في تنظيف المرافق الصحية من دون أن يسدد لها صاحب العمل أجورها اليومية الأمر الذي سيدفعها لاحقًا إلى مغامرة العودة إلى الريف البعيد في غربيّ البلاد الذي قدِمت منه قبل سنتين.

ونظرًا لشظف العيش والضغوط المستمرة التي يعاني منها أولزي تتوتر علاقته مع أمه التي يقرّعها حينًا، ويحنو عليها حينًا آخر، فلاغرابة أن يطلب منها البحث عن عمل لتأمين الطعام والتدفئة في الأقل.

دور التعليم في حلّ المشكلات العويصة

تحث مُخرجة الفيلم على أهمية التعليم ودوره في إيجاد الحلول للأفراد ومشكلات البلد العويصة مثل التلوث، والبطالة، والفقر المدقع وما إلى ذلك لهذا تتكرر المَشاهد الصفيّة، والمسابقات، وحضور المدرّس كشخصية مهيمنة وفاعلة. فحينما يحلّ أوزلي مسألة حسابية بطريقة صعبة يسأله المدرس "بليجيت" إن كان قد درّسهم الأرقام الصحيحة أم لا؟ فهذه الحصة تُعطى للصف الحادي عشر لذلك طلب منه أن يحلّها بطريقة بسيطة يفهمها الطلاب لكن عقليته المتقدمة على أقرانه لا تستسيغ الحلول المملة المُضجرة لأنه يجد نفسه وضالته في هذا النمط من التحديات العلمية المعقدة. وفي هذه اللحظة بالذات يسأله إن كان قد دخل في مسابقة الفيزياء من قبل أم لا؟ وحينما ينفي ذلك يخبره بأنّ هناك مسابقة جديدة وعليه أن يسجل فيها إن كان راغبًا بخوضها. لكنه يرفض أيضًا لأنّ المشاركة تكلّف 5000 توغروغ منغولي التي تعادل دولار ونصف الدولار تقريبًا وهو مبلغ يكفيه لشراء نصف كيس فحم صغير يدفئهم لبعض الوقت.

يمكن تلمّس مخايل الذكاء عند أولزي في كل مكان تقريبًا، فحينما تدعوه صديقته في المدرسة للتزلج وتسقط على الأرض تتذمّر لأنّ مصمّمي الزلاجات لم يصعنوا حافة الزلاجة أعرض مما هي عليه الآن فيعلّل ذلك بأنّ الزلاجة ذات الحافة العريضة ستحتاج إلى قوة أكبر لكي تندفع الأمام بسبب الاحتكاك.

يصطحب أولزي أمه إلى محل للإنترنيت كي يبحث لها عن فرصة عمل فيعثر على وظائف متعددة من بينها حارسة في دائرة دافئة، ومندوبة مبيعات، ومُعِدّة ومُقدمة قهوة في كافيه وبما أن بعض هذه المهن تحتاج إلى شهادة البكالوريا التي لا تمتلكها أمه فإنها تغادر حانقة ساخطة.

تؤكد المخرجة على أهمية العلم والتعليم من خلال ظهور الأساتذة الذين ينظّمون المسابقات العلمية في المدارس النموذجية حيث نسمع أحدهم يؤكد على حاجة البلد إلى آلاف المهندسين الذين يجعلون من منغوليا أمة حديثة تواكب روح العصر وهو يثق بطلابه الأذكياء وينظر لهم بعين الأمل والتفاؤل ويقدّر إمكانياتهم اللامحدودة وتفوقهم الدراسي.

ينتكس بعض الشباب المنغوليين أحيانًا حينما ينتابهم الشعور بأنّ أحلامهم الكبيرة لا تتحق ما لم يغادروا هذا البلد الذي تتضاءل فيه فرص العمل فلاغرابة أن نرى أوزلي يعمل في قطع الأشجار بطريقة مخالفة للقانون لأنّ هذا العمل يساهم في تقليل المساحات الخضراء كما يعرّضه للمساءلة القانونية والسجن إن ضبطتهُ الجهات المعنية مُتلبسًا بجريمة الإساءة إلى البيئة.

مغامرة العودة إلى الريف

ليس من المستغرب أن يفوز أولزي بمسابقة الفيزياء التي تحمل اسم البروفيسور باڨوودورج فهو يمتلك ذكاءً حادًا يؤهله لخطف المزيد من الجوائز إن سنحت له فرصة المشاركة في المسابقات العلمية على وجه الخصوص. وبما أنه كان ثملاً في الليلة الماضية مع أصدقائه فإن مدرّسهُ "بليجيت" يُعطيه عِلكة لتُزيل رائحه فمه الكريمة عندما يرتقي إلى المنصة ويتسلّم الجائزة بنفسه من القائمين عليها حيث يعلن أحدهم أنّ الفائز هو "أولزيبات" الذي ينتمي إلى الصف 9B للمدرسة التي تحمل الرقم 72. وحينما يعود أولزي فرحًا بالفوز ويعتزم المشاركة في المسابقة الوطنية على مستوى البلد تصدمه الوالد بقرارها في العودة إلى الريف لأنها وجدت عملاً هناك في جمع حبّات الصونبر وأنها لا تستطيع أن تغامر وتترك أولادها الثلاثة في متاهة أولان باتور بينما يطمح أولزي بالفوز وإكمال دراسته الجامعية في الخارج والحصول على وظيفة تضمن له حياة سعيدة في السنوات القادمة. أما تفكير الأم فينحصر بجمع بعض النقود وشراء عشرة خرفان وعشر مِعزاة توفر لأبنائها ما يسدُّ رمقهم ويضمن لهم شتاءات دافئة.

يشارك أولزي بمسابقة العاصمة أولان باتور ويحصل على المركز التاسع ويتأهل للمسابقة الوطنية لكنه يظل قلقًا على أمه بسبب المشاكل التي تصادفها في الحياة الريفية بينما يتوجب عليه أن يعتني بأخيه الأصغر الذي يمرض كثيرًا ولا يستطيع تأمين ثمن الدواء الذي يحتاجه إلاّ بصعوبة بالغة.

يشكّل الفقر ظاهرة عامة في الأحياة السكنية المهمّشة فعائلة "تشمبغي" تقتل الكلاب الضالة وتنقعِّها بالزيت وتحرقها في المدافئ لأنها لا تستطيع أن تشتري فحمًا وتُثني على هذه الكلاب التي تظل مُحترقة لأطول مدة زمنية ممكنة. ولا يجد هؤلاء الفقراء بديلاً سوى العمل في المهن الممنوعة مثل قطع الأشجار من الغابات حتى أنّ أولزي يعرض حذائه الرياضي للبيع ليسدّد ثمن بعض احتياجاته المنزلية حتى أنه يتمنى، ومعه الأسرة كلها، أن يسبتوا في فصل الشتاء سُباتًا عميقًا ويخلدوا إلى النوم إلى الدرجة التي لا يشعرون فيها بما يجري حولهم حيث يقول:"لو نستطيع أن نسبتْ مثل الدببة في الشتاء، لا نشعر بالبرد، ولا نُصاب بالزكام أبدًا".

تتضاعف الضغوط على أولزي، فشقيقه يمرض بين آونة وأخرى، وأمه تعاني من سوء المعاملة حتى أنهم يصادرون غِلتها، ومدفأة المنزل خالية من الفحم والأخشاب، فلاغرابة أن يتهرّب أولزي من المدرسة وينغمس بالعمل غير الشرعي في قطع الأشجار مع أنّ أصدقاءه يعرفون جيدًا أنه يحب الدراسة ولكن الحياة حاصرته من كل الجهات وأجبرته على خرق القوانين المرعية وحينما يغيب لأكثر من مرة يلاحقه المدرِّس في أعماق الغابة حتى يعثر عليه، ويوبّخ من معه من العاملين، ويطلب منه العودة إلى الدراسة لكنه يرفض ويقرر العودة بمفرده إلى البيت مع أنّ المدينة ستتحمّل تكاليف المسابقة الوطنية التي ستنعقد في أحد الأرياف الجميلة.

يكتشف أولزي أن شقيقته تانغا تبيع الأساور على المارة في سوق المدينة، والغريب أنه يخجل أن يكتشف المعارف والأصدقاء بأنّ ابنة الراحل "ديمبريل" تشتغل في الشوارع وأنهم يعيشون بحالة مُزرية. تنتقد تانغا شقيقها لتهرّبه من المدرسة وتطالبه بالعودة إلى الدراسة وهي تعمل على تأمين النقود من بيع الأساور التي تصنعها بنفسها.

عوائل تعيش تحت مستوى خط الفقر

تركز المخرجة على منظمة رعاية الأطفال التي توزِّع فلترات الدخان على العوائل المتعففة التي تعيش تحت مستوى خط الفقر وبضمنهم عائلة أولزي لكن انقطاع الكهرباء يمنعهم من تشغيلها، ويحذرونهم من إعطاء هذا الفلتر إلى أي شخص آخر علمًا بأنّ لكل فلتر رقمه السريّ الخاص به. وينبهون أولزي بأنّ الكنيسة ستوزع الرز قريبًا وعليه أن يأخذ حصته. وحينما يتأزم وضعه المادي كثيرًا يعرف تلفازه للبيع كما عرض حذاءه الرياضي سابقًا . لم تدخر پيروڨداش شيئًا فقد لامست التقاليد البوذية حينما مات الكلب وطلب منه جاره أن يقطع ذنَب هذا الحيوان الأليف ويضعه تحت رأسه حتى يتحوّل إلى إنسان في الحياة القادمة كما يعتقد البوذيون في كل مكان من هذا العالم، فالبوذية هي الديانة الرابعة بعد المسيحية والإسلام والهندوسية ولعل هذه الإشارة هي تمجيد لمظاهر هذه الديانة الروحية التي تدعو أتباعها إلى التخلّص من الأنانية وحُب الشهوات.

تتكثّف الأفكار في القسم الأخير من الفيلم حينما يتلقي أولزي بجارهم الكبير في السن ويعترف له بأنه "يكره" أمه لأنه يعتقد أنها ثملة ولا مبالية على الدوام لكن هذا الجار يمنعه من الإساءة إلى أمه لأنّ التجاوز على الأم خطيئة، وساء أكانت هذه الأم سيئة أم جيدة فهي أثمن شخص في الوجود. وحينما ينخرط أولزي في البكاء يقترح عليه الجار أن يبقى عندهم في البيت لحين عودة أمهم التي توارت في غربيّ البلاد.

تأخذ الأفكار مسحة فلسفية حينما يطلب منه الجار أن يستمر في البكاء لكي يفرغ قلبه من الألم لكنّ أولزي يعترض على هذه الفكرة لأنه في قرارة نفسه يشعر بأنه سينهزم أمام أي شيء إذا ما سقط في البكاء خاصة وأنه على وشك أن يصبح شحّاذًا ضعيفًا كما تشي الظروف القاسية المحيطة به لكن هذا الشيخ الخبير يلفت نظره إلى العظمة الكامنة في داخله وهي التي تؤهله للعناية بأشقائه الصغار. كما يعتذر أولزي لمدرّسه الذي سيرتب له كل ما يتعلق بالمشاركة في المسابقة الوطنية الثانية والثلاثين التي ستعقد في قرية مانخان بمحافظة خوفد. وقد تمنى القائمون عليها حظًا سعيدًا لكل الطلبة المشاركين الذين تجمعوا الذين تجمّعوا من أنحاء منغوليا حتى تزدهر الثقافة، وتتطور العلوم بمختلف أنواعها.

يقدّم أولزي تجربته العلمية باقتضاب شديد وحينما يخرج من الاختبار يتصل بأمه لكنه يفشل في الحصول عليها، ويطلب منها العودة، ويعِدها بأنّ كل الأمور ستكون بخير، ويتزامن هذا الكلام مع وقوفه أمام تمثال الأم في ساحة المدرسة النموذجية التي يتجمّع بها المشاركون في المسابقة، ثم نشاهدهم يندفعون صوب لوحة إعلان النتائج النهائية يهنئون بعضهم بعضا ثم نرى أولزي وهو يحدق في اللوحة أيضًا ثم تنفرج أساريره قليلا لنعرف بأن التفوق حليفه دائمًا، وأنّ الميدالية الذهبية سوف تطوّق عنقه في خاتمة المطاف حتى وإن ظلت النهاية مفتوحة لا توحي بالفوز أو الخسارة.

جدير ذكره أنّ زولجارگل بيروڨداش هي مخرجة أفلام منغولية درست صناعة الأفلام في اليابان. أنجزت العديد من الأفلام الروائية القصيرة من بينها "الحافلة الصفراء"، و "المصباح العاري" و"سلالم" الذي حاز مؤخرًا على الجائزة الأولى في مهرجان شيكاغو الدّوليّ لأفلام الأطفال. و "لو كان بإمكاني السبات فقط؟" وهو فيلمها الروائي الطويل الأول الذي شارك في "نظرة ما" في مهرجان "كان" السينمائي الدولي، ومهرجان "الجونة" السينمائي الدولي.

 

العالم العراقية في

20.12.2023

 
 
 
 
 

قضايا السياسة من فلسطين لأفغانستان في "الجونة"

فرح نابلسي: قدمت مشاعر إنسانية بخلفية سياسية واقتبست قصصاً من الواقع

نجلاء أبو النجا 

على رغم قوة المشاهد الحقيقية في نشرات الأخبار المعبرة عن عنف الوضع في فلسطين تظل السينما بمشاهد قليلة ذات تأثير أبقى وأكثر قوة وامتداداً.

رؤية استباقية

وفي فيلم "الأستاذ" الذي عرض بمهرجان الجونة، من بطولة صالح بكري وإخراج فرح نابلسي، تتضح الأزمة الفلسطينية في قالب درامي متماسك ومحكم. وقد صور الفيلم قبل أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وبدء الحرب على غزة، لكنه يشبه الأحداث الراهنة وكأنه رؤية استباقية أو توثيق درامي وغير مباشر لواقع معتاد ومتكرر، فشخصية مدرس اللغة الإنجليزية باسم الصالح التي يلعبها صالح بكري تجسد معاناة رجل تعرض ابنه للسجن بسبب مشاركته في تظاهرة، وعلى رغم أن الطفل المراهق مريض تتركه السلطة الإسرائيلية حتى يموت بوحشية مما يجعل والده يفقد أسرته ورغبته في الحياة، في الوقت الذي يساعد فيه شقيقين يتعرضان للظلم من قوات الاحتلال ويموت أحدهما بالرصاص الغادر، وتفشل محاولات القانون في الثأر من القاتل على رغم مساعدة محامية إسرائيلية الأسرة، ولا يتبقى لشقيقه سوى نار الثأر.

وفي العمل أيضاً تتضح صفقة لتبادل الأسرى، وكيف يقايض الاحتلال بين أسير إسرائيلي مقابل 1000 مسجون فلسطيني بينهم نساء وأطفال. وتتشابك الخطوط الدرامية لتثبت أن الواقع أكثر من مرير ولا مفر من المقاومة في وجه القهر المعتاد.

وتمكنت مخرجة الفيلم فرح نابلسي من تقديم القضية بشكل اجتماعي وإنساني كان له وقع كبير جداً على الجمهور وربما أتاحت الفرصة لفهم أبعاد كثيرة من دون تعقيدات مثل حياة الفلسطينيين وبشاعة الاحتلال والمقاومة بأكثر من طريقة في محاولة للنجاة للعيش بسلام في ظل ظروف غير آدمية.

وتسبب العمل بتأثر الحاضرين وبروز دموعهم، وربما كان وقعه أكثر تأثيراً مما تخيل صناعه.

أما صالح بكري فكان أستاذاً في التعبير عن مشاعر الأب والإنسان والمقاوم المتفتح المؤمن بالقانون والتحضر في واقع مظلم ومأسوي.

مواقع حقيقية

وصرحت نابلسي لـ"اندبندنت عربية" أن "تصوير الفيلم في فلسطين كان أمراً شديد الصعوبة، والجميع يعرف الواقع المأسوي الذي يعانيه الفلسطينيون في ظل احتلال غاشم وظالم يحاول كل يوم هدم معنويات ومشاعر وإنسانية شعب شديد الصمود والتمسك بوطنه وأرضه وهويته، وحاولت قدر الإمكان أن أصور في بلدة حقيقية، وكان الحصول على تصاريح للتصوير أمر يكاد يكون مستحيلاً، وأثناء معاينة بلدة بورين التي وقعت بها الأحداث رأيت قوة من الاحتلال تحرق أشجار الزيتون أمام أسرة، مما يعرضهم لصدمة، ثم يهدمون منزلهم أمام عيونهم أيضاً والأسرة الفلسطينية تتحسر وتعاين ما يحدث من دون قدرة على فعل شيء، فتولدت لديَّ فكرة هذا الخط الدرامي، وبنيت في السيناريو شخصية يعقوب الذي يقتل أمام منزله دفاعاً عن شجر الزيتون ويتعهد أخوه الثأر له، مما يضع الأحداث في سياق حقيقي وشائك". وأضافت نابلسي أن "تجسيد معاناة الشعب الفلسطيني بشكل سياسي مباشر لم يكن الهدف الأساس لي أثناء تحضير هذا المشروع، فالحقيقة يراها الناس بعيونهم يومياً عبر نشرات الأخبار، ولكني أردت التعبير عن القضية الإنسانية وقصص الحب والمعاناة والألم في ظل خلفية سياسية، لذلك خرج العمل مفعماً بالأحاسيس الصادقة وهي اللغة التي يفهمها العالم كله، فقد يختلف الناس في فهم المعلومات، أو تحليل الحقائق وتفنيد الأدلة والمستندات، لكن حتماً وصول أشخاص إلى تلك الحالة من الإحباط بسبب الظلم أمر يمكن أن يشعر به الجميع من دون مناقشة أو جدال".

خلفية سياسية

وتابعت مخرجة الفيلم "لأن كل قصة فلسطينية لا بد أن يظهر بها جانب سياسي بشكل أو بآخر، لذلك يمكن أن نقول إن الفيلم هو دراما إنسانية بخلفية سياسية".

وعن بكاء المشاهدين أثناء مشاهدة العمل وحشد المشاعر الإنسانية بسيناريو درامي مفاجئ بهذا القدر قالت فرح "أنا فلسطينية لكني لم أعش في فلسطين ومع ذلك عشت تجارب آخرين عاشوا فيها وتأثرت بتجاربهم، بخاصة أمهات سجن أطفالهن وعانين الكثير، وكأم وإنسانة ومخرجة تفاعلت مع حكايات من الواقع وقررت أن أقدم قصة حقيقية. وخلال التحضير لهذا العمل قابلت أمهات كثيرات وأشخاصاً تعرضوا لأحداث مشابهة حتى أخرج بصور حقيقية تقترب من الرسالة التي أريد تقديمها بالفيلم".

وشددت فرح على أن "العمل الذي يأتي من القلب يصل إلى القلب، لذلك وصل فيلم الأستاذ بحكاياته المتعددة التي تصب في قالب إنساني إلى قلوب الناس، فأنا لا أقدم صوراً نمطية ولا شعارات بل حالات حقيقية ومشاعر عانت كثيراً مما عايشته، وبالطبع لا بد من أن تكون هذه القصة ملهمة لي وتعبر عني وتخبر قصتي ليس فقط كمخرجة فلسطينية ولكن كإنسانة ترغب في التعبير عن مشاعرها".

"هوليوود غيت"

 ومن الأفلام التي حملت قضية سياسية مهمة في مهرجان الجونة فيلم "هوليوود غيت"، ويدور في أفغانستان بعدما توقف العالم عن تغطية الأحداث هناك عقب انسحاب الولايات المتحدة، ومغادرة آخر طائرة أميركية من الأراضي الأفغانية، وفرض "طالبان" حكمها على البلاد، إذ سيطرت الحركة على قاعدة أميركية في العاصمة كابول تحمل اسم "هوليوود غيت" أو "بوابة هوليوود"، وتردد أنها تتبع الاستخبارات المركزية الأميركية، وهناك يعثر رجال "طالبان" على كمية كبيرة من الأسلحة الأميركية المتطورة التي تقدر قيمتها بنحو 7 مليارات دولار.

ويستعرض الفيلم الذي أخرجه الشاب المصري إبراهيم نشأت الأوامر التي أطلقها "مولوي منصور" القائد الجديد للقوات الجوية في "طالبان"، لرجاله بالتدريب على هذه الأسلحة. وتتوالى الأحداث لتكشف كيف تحولت "طالبان" من ميليشيا أصولية إرهابية إلى نظام عسكري مسلح يستهدف الحرب خارج حدود أفغانستان. وتمكن إبراهيم نشأت، وهو أيضاً صحافي، من الحصول على تصريح لدخول أفغانستان. وقال لـ"اندبندنت عربية" إنه كان منذ طفولته يسمع عن بطولات "طالبان" ويتساءل هل هم بالفعل أبطال حقيقيون؟ وقاده الشغف في المعرفة إلى تتبع الأمر، فعمل بالصحافة والتصوير.

وعندما وصلت "طالبان" إلى السلطة مرة أخرى كان يحاول فهم ماذا سيحدث للشعب في أفغانستان، وحاول الوصول لحقيقة "طالبان" عبر تصوير عمل في الأرض الحقيقية، لكشف الذين وصلوا إلى السلطة في أفغانستان وكيف يحاولون استغلال الإعلام من أجل دعم مصالحهم ورغباتهم السلطوية.

وتابع "بالاعتماد على الملاحظة الدقيقة، راقبت حياة الشخصيتين الرئيستين في طالبان من دون إضافة أي تعليق صوتي أو إجراء المقابلات، بهدف أن نتمكن من أن نراهم عبر الطرق التي يقدمون بها أنفسهم، وأن نفهم حقيقة طموحاتهم".

وعن كيفية تواصله مع "طالبان" والتصوير في المواقع الحقيقية، كشف إبراهيم نشأت عن أنه من خلال عمله في التصوير الصحافي وإجراء لقاءات مع بعض قادة العالم أدرك أن أفضل طريقة للتواصل معهم هي العمل من خلال الأشخاص الوسطاء المقربين إليهم. وأضاف أنه بمساعدة شريكه في العمل، المنتج التنفيذي اللبناني، محمد البنا "تمكنا من الوصول إلى الوسيط المقرب لأحد قادة طالبان".

 

الـ The Independent  في

19.12.2023

 
 
 
 
 

هيدى كرم: "آل شنب" فيلم عائلى إنسانى اجتماعى كوميدى ودورى به تحدٍ كبير

كتب محمد زكريا

أعربت الفنانة هيدى كرم عن سعادتها بعرض فيلم "آل شنب" فى مسابقة الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة السينمائى وفى دورة استثنائية موجهة للسينما الفلسطينية، مشيرة إلى أن الفيلم مختلف سواء من ناحية الموضوع أن الكوميديا التى يتم تقديمها.

وأشارت هيدى كرم خلال حضورها فعاليات مهرجان الجونة السينمائى إلى أن أبطال الفيلم يظهرون جميعًا بالملابس السوداء بسبب السياق الدرامى فى الأحداث لأن العائلة كلها تجتمع فى عزاء لافتة إلى أن "آل شنب" فيلم عائلى إنسانى اجتماعى كوميدى وتقدم فيه دور به كوميديا وهذا جديد عليها وبه تحدى كبير لها.

فيلم "آل شنب" بطولة كل من: ليلى علوى، لبلبة، سوسن بدر، أسماء جلال، هيدى كرم، محمود البزاوى، خالد سرحان، على الطيب، ابتهال الصريطى، حسن مالك، سلافة غانم، نورين أبو سعدة، أحمد عصام، هبة يسرى، تأليف أحمد رؤوف وإسلام حسام وإخراج أيتن أمين.

ويضم فريق عمل الفيلم مدير التصوير جلال الزكى، مصممة ملابس ناهد نصر الله، مهندسة الديكور ياسمين عاطف  شهيرة ناصف، منتج فنى أحمد عبدالله، بروديوسر رشا جودت، مخرج منفذ سارة كريم، مونتاج خالد معيط، ومهندس صوت مصطفى شعبان.

تدور أحداث الفيلم فى إطار عائلى لايت، حول حدوث حالة وفاة مفاجئة لأحد أفراد عائلة آل شنب، ويضطر أفراد العائلة للذهاب إلى الإسكندرية للمشاركة فى إجراءات الجنازة والعزاء، وخلال الأيام الثلاثة للحداد وهذا التجمع العائلى الكبير الذى يضم الأربعة شقيقات، وأبنائهم وأحفادهم تنفجر المواقف الكوميدية بينهم.

 

####

 

الفلسطينية التشيلية إليانا تبرز جمال مصر فى جولة سياحية وفنية

كتب بهاء نبيل

شاركت الفلسطينية التشيلية إليانا جمال مصر من خلال إبراز معالمها السياحية، حيث نشرت عبر حسابها الشخصي بموقع تبادل الصور والفيديوهات "إنستجرام" عدد من الصور أمام الأهرامات.

كما شاركت الفلسطينية التشيلية إليانا، صورة  من متابعتها لفيلم للفنان الكوميدي الراحل اسماعيل ياسين والذي استطاع خلال مسيرته أن يظل في وجدان كل محبيه في الوطن العربي بأكمله.

كما شاركت بعض الصور أثناء إحيائها فقرة غنائية في حفل افتتاح مهرجان الجونة السينمائي في دورته السادسة، حيث قدمت  أغنية "غصن الزيتون" وهي من كلمات إليانا وفراس مرجية وعبير مرجية وألحان وتوزيع فراس مرجية.

وتقول كلمات الأغنية " خلص الحكي شو بعد بقول خلص البكي والقلب مجروح بعيدي هيك وعم صلي ليك وابعت سلام بغصن زيتون بعيدي هيك وعم صلي ليك وابعت سلام بغصن زيتون بأرض السلام مات السلام وكون غافي ع طفل موجوع ".

 

####

 

نسرين طافش تغادر مهرجان الجونة من أجل فيلم "بنقدر ظروفك"

كتب محمد زكريا

غادرت الفنانة نسرين طافش مهرجان الجونة السينمائى بعدما حضرت أول ثلاثة أيام من فعاليات المهرجان، وذلك بسبب ارتباطها بتصوير فيلمها الجديد "بنقدر ظروفك" مع أحمد الفيشاوى والذى انطلق تصويره أمس الاثنين ويشارك فى بطولته محمد محمود، محمود حافظ، عارفة عبد الرسول، ابرام سمير، طاهر أبو ليلة وعدد آخر من الفنانين، ومن تأليف سمير النيل وإخراج أيمن مكرم.

وتعيش نسرين طافش حالة من النشاط السينمائى، حث انتهت مؤخراً من تصوير فيلم "السيستم" مع أحمد الفيشاوى وطارق لطفى، والمقرر طرحه في دور العرض خلال الفترة المقبلة، وتجسد نسرين خلال أحداثه شخصية "عائشة"، وهى بنت قوية وواثقة من نفسها وتعرف ماذا تريد، لكنها تعانى من عقدة من الرجال بسبب بعض المواقف التى تعرضت لها معهم في حياتها.

فيلم "السيستم" تأليف أحمد مصطفى وإخراج أحمد البنداوى وتصوير هيثم مصطفى، وبطولة أحمد الفيشاوى، طارق لطفى، نسرين طافش، بسنت شوقى، محمد على رزق وعدد من ضيوف الشرف أبرزهم ميس حمدان، نهى عابدين، رانيا منصور، أحمد فهيم ومحمود البزاوى، والمذيعة الأردنية راندا جبر وتدور أحداث الفيلم في اطار رومانسى لايت.

كما تستعد لبدء تصوير فيلم "جوازة توكسيك" ، والفيلم بطولة ليلى علوى، بيومى فؤاد، نسرين طافش، محمد أنور، ملك قورة، تامر هجرس وعدد آخر من الفنانين، بالإضافة إلى انتظارها عرض فيلم "فى القلب" الذى انتهت من تصويره منذ فترة طويلة، وتشارك في بطولته مع خالد سليم، سوسن بدر، هالة فاخر، محمد عز، منة فضالى، إنجى كيوان وتونى ماهر، وإخراج عادل مرقس، سيناريو وحوار ومعالجة درامية محمد حسين ألمظ، وعادل مرسى.

 

####

 

المخرجة الفلسطينية مى عودة تصطحب طفلها الرضيع خلال مهرجان الجونة

كتب محمد زكريا

اصطحبت المخرجة الفلسطينية مى عودة طفلها الرضيع إليا البالغ من العمر 8 أشهر، معها خلال حضورها فعاليات مهرجان الجونة السينمائى، حيث تتولى عودة الإشراف على برنامج السينما الفلسطينية الذى تم إضافته إلى برنامج المهرجان فى دورته السادسة.

وتقام دورة استثنائية من مهرجان الجونة السينمائى بعد تأجيلها عن الموعد المحدد فى أكتوبر الماضى بسبب أحداث غزة، بعد إضافة برنامج مُهدى إلى السينما الفلسطينية، إلى جانب برنامج المهرجان، ليتضمن عـرض مجموعـة أفـلام عـن فلسطين بالتعاون مع مؤسسة الفيلم الفلسطيني.

وتضم الدورة السادسة من مهرجان الجونة السينمائى، 23 فيلماً في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، و15 فيلماً في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، و14 فيلماً في مسابقة الأفلام القصيرة، بالإضافة إلى مجموعة من الأفلام التي تعرض خارج المسابقة.

 

اليوم السابع المصرية في

19.12.2023

 
 
 
 
 

ينافس في مسابقة الفيلم الوثائقي لـ مهرجان الجونة ..«على قارب آدامان» .. الإنسان أولاً

الجونة ـ «سينماتوغراف»

ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية لمهرجان الجونة السينمائي في دورته السادسة، ينافس الوثائقي الإنساني الجميل «على قارب آدامان ـ On the Adamant» للمخرج الفرنسي نيكولا فليبير، الحائز على جائزة الدب الذهبي لأفضل فيلم في مهرجان برلين السينمائي 2023، والذي يرصد مركزأ لرعاية من يعانون مشاكل نفسية، ويقدم تجربة تشبه التداعي الحر لكل ما يجول بخاطرهم، وكيف أن العلاج بالفن والموسيقى والرسم والغناء، والتطلع للعالم هو فقط مفتاحهم للشفاء.

«آدامان» قارب خشبي كبير، ذا أبواب وشبابيك ضخمة، يرسو على ضفاف نهر الـ«سين»، في باريس منذ عام 2010، وهو غير لافت للانتباه، يمرّ عليه الباريسيون وزوّار المدينة، من دون إدراك دوره وطبيعته، رغم إنّها راسي قرب المعالم الشهيرة للعاصمة الفرنسية، الزاخرة يومياً ببشر من كافة بقاع الأرض.

ولكونه ليس بالقارب العادي بل هو مصحة نفسية عائمة، يرتادها من هم في حاجة للعلاج، يخرجون منه ويأتون إليه طواعية، كما لو كانت ملاذاً لهم من العالم، أو مكاناً يجدون فيه الكثير من الدعم والتفهم.

ينفذ «فليبير» إلى عالم هذا القارب وحياة رواده، دون تطفل أو إصدار أحكام، وبإنسانية كبيرة وتفهم وتعاطف كبيرين، يحتفظ بمسافة تمنح الثقة لأهل القارب، فيشركونه بود في حياتهم، لا نسمع تعقيباً أو تعليقاً من المخرج، بل نجد الفيلم والأحاديث والقصص تنساب، كما تنساب المياه في ذلك النهر الذي ترسو عليه السفينة.

لا يتعامل «فليبير» مع رواد القارب على أنهم مرضى، أو حالات غرائبية يعرضها، بل نراهم بشراً مثلنا، تثقلهم الهموم فيحتاجون إلى العون والدعم، وتُجسّد أمراضهم ومشاكلهم واضطراباتهم وهواجسهم، خلال مدة الفيلم (109 دقائق)، مدى تعقيد مُعاناة البشر، وتركيبهم وهشاشتهم، وكيف أنّهم يعكسون حالنا بعيوبنا ونواقصنا وضعفنا.

تتعدد المشاهد ومعها اللقطات التي تصور قارب «الآدامان» منذ الصباح الباكر، حيث تفتح نوافذها الخشبية المميزة، لينفذ الضوء إلى داخلها فنتعرف على تفاصيل المكان الذي يرتاده هؤلاء الأشخاص للتخفيف عن آلامهم النفسية.

لا نرى الأطباء النفسيين في صورتهم المتخيلة المعتادة، ولا المرضى النفسيين كما تصورهم أفلاماً أخرى، بل نتعايش مع شخصيات تواقه للحديث والتعبير عن ذواتها التي تحمل الكثير من الموهبة والفن والأفكار.

نراهم يتحدثون وهم يحتسون القهوة أو يقرأون أو يعزفون الموسيقى، لأن الفن والعلاج بالإبداع جزء لا يتجزأ من عالم هذه السفينة، حيث يحظى العديد من روادها بالكثير من الموهبة في الرسم والموسيقى والغناء.

ويبدأ الفيلم، بأربعيني من رواد القارب يغني بصوت قوي جميل أغنية تحمل كلماتها الكثير من التفاؤل والدعم النفسي. نسمعه يتحدث عن مكنونات ذاته لاحقاً، وهي ما تمنحه القوة والقدرة على الغناء والتوازن.

كما يصحبنا الفيلم إلى عالم فريدريك، أحد رواد القارب، الذي يجيد الرسم ويقول إنه يشبه في شكله وفي موضوع أعماله الفنية فان غوخ، ويجد علاقة وطيدة بين ذاته وحياته، وفان غوخ، كما يتحدث عن السينما والموسيقى.

ونلتقي مع امرأة أخرى، تحكي عن ابنها الذي أبعدته الرعاية الاجتماعية عنها وهو في طفولته، ولكنها تتحدث في هدوء ويقين إن هذا كان القرار الصائب لصالح الصبي.

ورغم آلامها وآلام فريدريك، نراهما يتمتعان ببعض السكينة والهدوء النفسي اللذين ما كانا ليحصلا عليهما دون القدوم إلى متن «الآدامان».

وبكاميرا ثابتة، يتنقّل «فليبير» بين الشخصيات، لتقديم مقابلات طويلة وصبورة لأكثر من 15 شخصية، يتابع ما يفعلونه بحيادية، مُتيحاً لكلّ واحد مساحته الكاملة في الحديث الفردي، كما يرصد الأنشطة الأخرى مثل الخياطة والطبخ والرقص ومشاهدة الأعمال السينمائية ومناقشتها، وكيف يخطّطون من خلال نادي الأفلام، لتنظيم مهرجان سينمائي للأفلام الكلاسيكية، وعرض روائع كثيرة، كأفلام وودي آلن وفرنسوا تروفو وفيديريكو فيلّيني وعباس كياروستامي، وغيرهم.

لا يتطفل المخرج على رواد القارب ولا يحاصرهم بالأسئلة أو الرغبة في معرفة أسرارهم، بل نجده يفسح المجال لهم للبوح عما يشغلهم، فيتحدثون دون توجيه منه، ويقولون ما يودون قوله، أو يشاركونه أعمالهم الفنية ويتحدثون عن كيف تعبر هذه الأعمال عن ذواتهم، فيركز أكثر على الإنسان وما يثير هواجسه في داخله، ورغم أن العلاج بالفن ليس جديداً، لكنْ يبدو أنّه ينجح فعلاً في مساعدة شخصيات «آدامان»، وتعايشهم مع إعاقاتهم ومشاكلهم ومعاناتهم، ويساعدهم كذلك على استغلال وقتهم وطاقاتهم، وتسخير مَلكاتهم في الإبداع.

باختصار، نحن إزاء شخصيات تُجبر على التفكير فيما هم فيه، وكيف أنّه ليس شيئاً جامداً، بل شديد الاختلاف والتباين، والنسبية أيضاً، وأنّ أقصى أمنيات هؤلاء تلبية حاجتهم إلى حياة آمنة، والانتباه إليهم والاهتمام بهم، والاستماع إليهم بكلّ صدق وإخلاص، وقبل كلّ شيء، إشاعة تواصل حنون ودافئ في عوالمهم.

وهكذا يستعرض نيكولا فليبير، المُتخصص في الأفلام الوثائقية، من خلال هذا العمل الذي يحمل رقم 11 خلال مسيرته السينمائية، مدى الارتياح والسلام والطمأنينة التي يجلبها المركز لهؤلاء البشر، من دون رصد وتصوير الأداء العام للمؤسسة، وكيفية عملها وإدارتها، ولا التركيز على الأطباء والمُعالِجين والمُمرّضين، رغم أن هناك مشاهد ولقطات تعكس قوة وظيفة المركز، وقيمته وأهميته، باستثناء ذكر صعوبات مالية، وأزمات تُهدّد وجود هذا الكيان وأنشطته.

يندر خروج الكاميرا من القارب، باستثناء تصوير النوافذ، والجسر الذي يرسو تحته، والمَعبَر إليه، لكن مرة واحدة، يقوم المخرج بجولة سريعة، رفقة بعض روّاد «آدامان»، لزيارة أحد أسواق الفاكهة والخضار الباريسية، وهناك، يجمعون الفاكهة السليمة، المُلقى بها في صناديق القمامة، يأخذونها معهم، ويصنعون منها المربى، لبيعها في كَافيِتيريا السفينة، لتحقيق دخلٍ ما، كمساهمة في النفقات المادية، وإعانة المؤسّسة.

ومن خلال مقاربة إنسانية أولاً، أكثر منها عقلية، يرتقي «فليبير» بفيلمه «على قارب آدامان»، فيصل إلى مستويات تضحكنا على أنفسنا وتثير فضولنا وتبثّ فينا جرعة من التفاؤل، رغم أن ما يتناوله مأساوي ويدفعنا إلى السؤال لم تحدث أمور مأساوية لهؤلاء الأشخاص الذين نرى الكثير من أنفسنا فيهم؟، بالطبع لا يقدم الفيلم إجابات أو إدانات، لأنه اختار منذ اللحظة الأولى طرحاً خارج عن المألوف.

 

موقع "سينماتوغراف" في

19.12.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004