ملفات خاصة

 
 

"باي باي طبريا": أرشيفٌ أهمّ من فيلمٍ

الجونة/ نديم جرجوره

الجونة السينمائي

الدورة السادسة

   
 
 
 
 
 
 

"بقصصنا، نحارب المَحو. هذه الصُوَر تُقدّم نفسها دليلاً على وجود يتمّ نكرانه". "القصص التي ترويها هؤلاء النساء، في هذا الفيلم، لن تنتقل فقط من امرأة إلى أخرى، أو من ابنةٍ إلى أمّ، أو من أمّ إلى ابنة. إنها تنقل قصّة أشخاص محرومين من هويّتهم". كلامٌ للينا سويلم (مخرجة جزائرية فرنسية)، تقوله ("لو فيغارو" و"وكالة فرانس برس"، 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2023)، في تقديمها "باي باي طبريا" (2023)، ثاني وثائقيّ طويل لها بعد "جزائرهم" (2020). القصص ـ الصُور موجودة، فمن يُدركها واقعياً حيٌّ إلى الآن، والذكريات طاغيةٌ، والحنين إلى ماضٍ، ذاتي أولاً، سببٌ لتحويل الموجود (صُور فوتوغرافية، تسجيلات سمعية بصرية، مرويّات شفهية) إلى شريطٍ، يُراد له أنْ يكون وثائقياً سينمائياً، من دون بلوغه تلك المرتبة التي يمتلكها "جزائرهم".

كَمٌّ من الأرشيف البصري محفوظٌ في أمكنةٍ، تتيح للينا سويلم الحصول عليها. برفقة والدتها هيام عباس (ممثلة ومخرجة فلسطينية فرنسية)، تتجوّل الشابّة بين صُور وتسجيلات وواقع، وتلتقي أقارب لها من جهة والدتها، وتزور جغرافيا تعكس شيئاً من تداخل بين اجتماع وعلاقات وأرضٍ وحدود وتاريخ، وتستعيد حكاياتٍ عائلية، وتحاول إعادة تمثيل يومياتٍ، تساهم في تشكيل وعي نسائيّ (الشخصيات كلّها نساء) في أزمنةِ تحوّل، في الجغرافيا والسياسة والمجتمع والعلاقات.

الجولة، إذ تبدو منحازة، منذ البداية، إلى توثيق بعض الموثّق، على الأقلّ، عبر كاميرا سينمائية، تُصبح نزهةً غير مضبوطة بصرياً، كأنّ الأرشيف حائلٌ دون صُنع نصٍّ وثائقي بالصُور والكلام المتساويين في سرد الحكاية، العائلية أولاً، والفردية ضمن العائلة ثانياً. فـ"باي باي طبريا" يُراد له أن يكون امتداداً، سينمائياً وحياتياً وعائلياً، لـ"جزائرهم"، من دون أن يوظّف السينمائيّ في جعل الأرشيف الشخصيّ مادة حيوية لصُنع فيلمٍ وثائقي. إحدى ميزات "جزائرهم" كامنةٌ في أنّ المُصوَّر "حديثاً" (في فترة إنجاز الفيلم) مع جَدّي لينا سويلم من جهة والدها، زين الدين سويلم (ممثل جزائري فرنسي)، أعمق، بصرياً وإنسانياً واجتماعياً وحياتياً (الذاكرة والراهن، تحديداً)، من أرشيفٍ يُستفاد منه إن تكن هناك نظرة سينمائية تُتقن فنّ تحويل الصُور والتسجيلات إلى نصٍّ بصري متماسك، بُنيةً وانعكاساتٍ وسرداً يُقلِّل الكلام قدر المستطاع لحساب الصُور، القديمة والآنيّة.

تصعب مقارنة المخزون البصري، متنوّع الأشكال والمواضيع، الذي تحصل عليه لينا سويلم، بالأرشيف الضخم المفتوح حالياً أمام مهتمّين ومهتمّات بالذاكرة، الفردية والجماعية، في العالم. المقارنة تلك تُذكِّر بإنجازات رائعة للأوكراني سيرغي لوزنيتسا والبريطاني الهندي أسيف كاباديا مثلاً: كمّ هائلٌ من صُور وتسجيلات قديمة، تُصبح ـ بفضل فنّ المونتاج وبراعة التوليف وجمالية الحسّ السينمائي ـ أفلاماً تسرد حكايات عبر ذاك المخزون المُغرْبَل بدقّة وعمق ووعي معرفي وجمالي وثقافي لأهمية كلّ صورة، وكلّ تسجيل.

الخطوات الأولى، المتواضعة للغاية، للينا سويلم، غير محرِّضة على مقارنةٍ كتلك، لكنّها غير مانعةٍ تفكيراً بفنٍّ يُحوِّل الجامد (صُور فوتوغرافية) والمتحرّك (تسجيلات سمعية بصرية) إلى أفلامٍ "ناطقةٍ" بصمتٍ ومن دون كلامٍ، غالباً. مع سويلم، يُحصَر الأرشيف الثريّ للعائلة، ولبعض حكاياتِ أفرادٍ منها، بتفسيراتٍ آنية، مرفقة بضحكٍ مشوبٍ بحسرة وألم وقهر، وهذه الأخيرة منسحبةٌ على الذاتيّ البحت، كما على العام، في الحكاية الفلسطينية.

هيام عبّاس ابنة عائلة يُفرض عليها خروج من بلدتها الأصلية، طبريا، فتُقيم في دير حنّا (الجليل). أشرطة فيديو عائلية (بداية تسعينيات القرن الـ20) تحتفظ بوقائع زياراتٍ إلى بحيرة طبريا، في طفولة لينا أساساً. نساء العائلة، اللواتي يظهرن أمام كاميرا توما بْرومون وفْريدا مرزوق، وسويلم نفسها، تلتقط ما يُقال، وتحاول كشف المخبّأ في ذاتٍ وروح وانفعالٍ، وترافق بعضهنّ في أمكنةٍ لها، وفي ماضي كلّ واحدة منهنّ، تاريخ وعيش وحكايات.

لكنّ هذا كلّه يظهر عادياً، وبعض اللقطات مُكرَّر (خاصة عندما تُشير هيام عباس، أمام بحيرة طبريا، إلى الحدود الجغرافية الفاصلة بين لبنان وسورية وفلسطين المحتلّة). لكنّ المُلتَقط حديثاً (في تصوير الشخصيات) غير مُترجَمٍ إلى متتاليات بصرية متماسكة في إعلانها سِيَر نساء، بعضهنّ منفصلٌ عن البعض الآخر لأسبابٍ ذاتية (رغبة عباس في التمثيل تدفعها إلى هجرةٍ إلى فرنسا) أو عامّة (شقيقة لها تجد نفسها في سورية بعد احتلالٍ، وهناك من يبقى في البلدة).

إنْ يكن "جزائرهم" تفكيكاً سينمائياً لعلاقة مديدة بين جدّي لينا سويلم، قبل انفصال أحدهما عن الآخر، في شيخوخة مُرْهِقة في غربةٍ مُتعِبة، والأب (والد لينا) يظهر قليلاً كأنّ انفصاله عن والدتها تغييبٌ شبه كامل له؛ فإنّ "باي باي طبريا" ـ المعروض في برنامج "نافذة على فلسطين"، في الدورة الـ6 (14 ـ 21 ديسمبر/كانون الأول 2023) لـ"مهرجان الجونة السينمائي" ـ غير معنيّ بالأب نفسه، والعلاقات العاطفية لهيام عبّاس، التي ترويها بمزيج نَفَسٍ طفولي ـ مُراهِق بضحكات عفوية آنيّة، جزءٌ من سردٍ تبسيطيّ عام لحكايات ماضية. فالضحك غالبٌ، والبكائيات نادرة، والتجوّل في مدنٍ فلسطينية قليلٌ، والذكريات تتدفّق، لكنّ التقاطها السينمائي غير مُحوِّل إياها إلى متتاليات وثائقية تبتعد عن التسجيل العائلي، لصُنع مشهديةٍ راغبةٍ في تأكيد حضور فلسطيني لعائلةٍ، في الجغرافيا والذاكرة والراهن.

 

العربي الجديد اللندنية في

18.12.2023

 
 
 
 
 

(تحليل السقوط).. الإجابة هى السؤال

طارق الشناوي

يجيد الخبير المتخصص التقاط الدرة الأجمل، مهما امتلأت الأجواء بالكثير من المغريات السينمائية، وهذا هو تحديدًا ما يميز اختيارات مدير مهرجان (الجونة)، الخبير السينمائى، انتشال التميمى في انتقائه للأفلام.

ربما يعتقد البعض أن الفيلم الفائز مثلًا بسعفة (كان)، مثل (تحليل السقوط) لجوستين تريبيه، التي شاركت أيضًا في السيناريو، لا يحتاج لاختيار، فهو يفرض نفسه بعد أن توج بأهم جائزة، إلا أن من يعلم ما يجرى في (الكواليس) يدرك أن الأمر يحتاج إلى قدرة استثنائية على التفاوض، (الجونة) ليس وحده في الحلبة، كما أنه ليس أيضا الأغنى، ولكنه يمتلك قوة تفاوضية تتكئ على خبرة تصل إلى أربعة عقود اكتسبها انتشال، ومنح الكثير من تلك المفاتيح لتلاميذه. عندما أعلنت جوائز (كان) جاء تفسير البعض أن المهرجان، أو تحديدًا لجنة التحكيم، قررت أن تواصل الانضمام إلى شعار الانحياز للمرأة المخرجة، خاصة إن (كان) متهمًا مسبقًا بالوقوف ضد المرأة، وتضاءل عدد الأفلام في المسابقة الرسمية التي تخرجها النساء، كم من مرة عايشت تظاهرات نسائية لا تخلو من رجال تتهم المهرجان بالتنمر ضد المرأة.

هذه هي السعفة الثالثة طوال تاريخ (السعفة الذهبية) من واقع 76 دورة، وهى نسبة قليلة جدًا كما ترى، والأقل منها الأوسكار 95 دورة لم تفز بأفضل فيلم سوى أيضاً ثلاث نساء.

هذا لا يعنى بالضرورة أنها مقصودة، كما أنه على الجانب الآخر لا يعنى أيضاً أن المطلوب لرفع الظلم منح المرأة جائزة استحقتها أم لا؟.

في الفن تحديداً يجب فرض قيود خارجة عن الإبداع، تحول دون اختيار الأفضل، وهكذا أرى استحقاق فيلم (تشريح السقوط) جائزة (كان) دون أن نضع في المعادلة أن المخرجة امرأة.

الظلم الأكبر يقع على الشريط السينمائى، لو اكتفينا بتوصيفه على اعتبار أنه فيلم جريمة، لدينا جثة قتيل، وعلينا أن نعثر على القاتل، ليس هذا هو أبداً (تشريح السقوط).

الفيلم يترك مساحات غامضة في كل الشخصيات، علينا اكتشافها، أنه سؤال عن الحقيقة التي كثيرًا ما نعتقد في لحظات أننا أمسكنا بها، بمجرد امتلاكنا لدليل إثبات، حتى لو كان، هناك دليل نفى، أو في الحد الأدنى تشكيك في قوة الدليل، ولهذا في العالم كله، لا يحكم القاضى بالإدانة إلا مع دليل قطعى، ويميل للبراءة لمجرد الاحتمال.

لسنا بصدد الثالوث الدرامى الشهير (الزوج والزوجة والعشيق)، وتبدأ أنت في حل اللغز، لكنها ثلاثية الزوج والزوجة والطفل، والأخير يعانى من إعاقة بصرية، وهو الشاهد الوحيد على الجريمة، لو صحت أنها جريمة ومع سبق الإصرار، مما يجعل القضية مستحيلة الإثبات القطعى. الطفل يكتشف مقتل والده وسقوطه من أعلى، ومن هنا جاء العنوان (تشريح السقوط) هل هو متعمد؟، أم أنه تعثر في الطابق الأعلى وفقد توازنه؟، أم ربما جريمة متكاملة الأركان دبرتها الزوجة.

مساحات الغموض كثيرة، وأنت لا تستطيع أن تملأها، موقناً من الحقيقة، والأهم أن هذا ليس هو تحديداً ما تبحث عنه المخرجة، لكنها أولاً وثانياً وحتى عاشراً، تريد إثارة الخيال بالتأمل في تفاصيل الشخصيات.

ليس مطلوباً منك أن تتقن تحديد ملامح الشخصيات، ولا دوافعها وأنت مطمئن تماماً إلى صدق رؤيتك، فلا توجد خطوط قاطعة تبنى عليها الموقف، ولكن هناك مساحات واسعة من الحيرة، وهذا هو ما اعتمد عليه بناء السيناريو، الذي قدم في أحد المشاهد صوتاً فقط. هذه هي الوثيقة التي احتفظ بها عقل الطفل شبه الكفيف، عن صراع بين الزوج والزوجة وصوت ارتطام، فهل تكفى لكى تنتهى إلى الإدانة؟. الفيلم قطعاً استحق السعفة، ودفعنى مجددًا لقراءة متأنية لسينما لا تقدم إجابة، ولكن يظل ترديد السؤال أثناء وبعد الفيلم هو الإجابة!!.

 

المصري اليوم في

18.12.2023

 
 
 
 
 

سيران رياك: شاركت في «وداعاً جوليا» رغم عدم دراستي للتمثيل

بطلة الفيلم السوداني حظيت بإشادات «الجونة السينمائي»

الجونة مصرانتصار دردير

قالت عارضة الأزياء والممثلة السودانية، سيران رياك، إن فيلم «وداعاً جوليا» هو أول عمل تمثيلي لها، وقد شاركت فيه رغم عدم دراستها التمثيل. وأشارت إلى أن «المخرج محمد كردفاني اختارها عبر حسابها على (إنستغرام)؛ وسافر إليها في دبي لإجراء اختبار أداء وحازت إعجابه».

وقالت سيران في حوار مع «الشرق الأوسط» إن شخصية «جوليا» التي أدتها في الفيلم شكلت تحدياً كبيراً لها، كشخصية لا تتحدث كثيراً وتعبر بعينيها وحركاتها عن مواقفها. وقالت إن الفنانة يسرا أشادت بأدائها عقب عرض الفيلم، مساء السبت، في مهرجان الجونة السينمائي ضمن المسابقة الرسمية.

وحازت سيران لقب «ملكة جمال جنوب السودان 2015»، ولقب «ميس أفريقيا» في 2017. وجرى عرض الفيلم بالمهرجان وسط حضور لافت، وكان من بين الحضور الفنانة المصرية يسرا، والمخرجة إيناس الدغيدي، وبشرى، مع أبطال الفيلم: إيمان يوسف، وسيران، ونزار جمعة، في حين غاب مخرجه لوجوده في الولايات المتحدة لمتابعة عروضه التجارية، قبل أيام من إعلان القائمة الأولية لمنافسات «الأوسكار»؛ إذ يمثل الفيلم السودان.

وأبدت سيران سعادتها بردود الفعل التي تلقتها عقب عرض الفيلم. وقالت: «فرحت أن يسرا وبشرى وهنا شيحة أشدن بأدائي». وعدّت هذا الكلام «شهادة أعتز بها من خبرات فنية كبيرة».

«حصول الفيلم على نحو 17 جائزة دولية وترشحه لـ(الأوسكار) يؤكد تحقيقه نجاحات فاقت التوقعات» بحسب سيران، موضحة: «حينما قرأت السيناريو وخلال التصوير شعرت أننا بصدد عمل فني كبير، وتوقعت أنه سيلقى إقبالاً من الجمهور السوداني، لكنني لم أتوقع أن يحقق هذه الشهرة العالمية». وقالت إنها فخورة بأن تكون جزءاً أساسياً من فريق العمل، وعدّت تلك المشاركة فرصة لـ«تمثيل بلادها وتسليط الضوء على مشكلات مجتمعنا».

«وداعاً جوليا»، هو أول تجربة فنية لسيران، التي تعمل عارضة أزياء منذ أكثر من 12 عاماً حسبما تقول: «لم تكن عندي أي خبرات في التمثيل، وقد اختارني المخرج محمد كردفاني عن طريق حسابي على (إنستغرام)؛ إذ راسلني، وقال إنه يعد لتصوير فيلم ويريد أن أشارك فيه، وأجرى لي تجربة أداء في دبي حيث أقيم، ومن هنا بدأنا العمل». وأشارت إلى أنها خضعت لتدريب على الأداء لعشرة أيام مع الفنانة المصرية سلوى محمد علي في الخرطوم.

وتصف الممثلة، العمل مع المخرج محمد كردفاني، بأنه «لم يكن صعباً». وتعترف: «غير أنني كنت أخاف منه قليلاً؛ لأنني كنت أركز في توصيل إحساس (جوليا)، وهي شخصية لا تتكلم كثيراً، بل تعكس إحساسها وردود فعلها بعينيها وحركاتها». وعدّت سيران هذه الشخصية تحدياً بالنسبة لها، مؤكدة: «تحمست جداً لخوض التجربة والنجاح فيها».

وتحدثت سيران عن بداياتها قائلة: «أعمل منذ أكثر من 12 عاماً كعارضة أزياء، وهو عمل أحبه». وأشارت إلى أنها نشأت في الخرطوم ولم تشاهد عارضة أزياء ولا تعرف كيف انجذبت لهذا العمل ولا كيف تعلمته.

وقالت: «وصلت لمرحلة أن الموديل صارت جزءاً من حياتي». وعدّت التمثيل «خطوة كبيرة ومجالاً يمنح الفرص للتعبير عن الآخرين بطريقة تعكس مشاعرهم؛ لذا أتحمس أن أكون جزءاً من هذا العالم»، بحسب كلامها.

عن طموحاتها كممثلة، أشارت سيران: «آمل في تقديم أنواع مختلفة من الأدوار مثل الأكشن والكوميدي، وأتحمس لكل فرصة، وتلقيت أكثر من عرض في الفترة الأخيرة، وأعمل على اختيار ما يناسبني».

 

الشرق الأوسط في

18.12.2023

 
 
 
 
 

عمر الزهيري… أجمل الأفلام العربية لم تعرض في المهرجانات السينمائية الدولية

احمد العياد

خلال السنوات الماضية، أثار فيلمه الروائي الطويل الأول “ريش” ضجة كبيرة، وردود افعال واسعة داخل اروقة المهرجان وفي الساحة الإعلامية المصرية، لا يزال صداها قائمًا، إذ يستدعي الفيلم من وقتها في معرض الحديث عن حرية الإبداع السينمائي، وما يراد من فرض قيود على رؤية صناع الفنون تحت شعارات مختلفة، كثيرها ينحو للمصادرة وفرض رؤى ضيقة ومحدودة لمسارات الإبداع.

قبل أسابيع شارك المخرج المصري الشاب عمر الزهيري كعضو لجنة تحكيم في مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي كما حضر مؤتمر النقد السينمائي المقام في الرياض نوفمبر الماضي ويشارك ويشارك حاليًا ضمن لجنة تحكيم المسابقة الرسمية لمهرجان الجونة، حيث التقته “فاصلة” في هذا الحوار.   

كيف كانت تجربة مشاركتك في مؤتمر النقد السينمائي بالسعودية؟

التجربة كانت مثيرة بالنسبة لي، ولم أرَ تجربة بهذا الشكل من قبل، دائما كنت أحضر مهرجانات متعلقة بالسينما ومهتمة بعروض الأفلام وتسويقها، لكن وجود حدث بعينه مهتم فقط بالنقد كان شيئًا جديدًا

خروج النقد عن الصفحات والكلمات المكتوبة بالنسبة لي كصانع سينما وبالنسبة للجمهور كان مهمًا، فالتركيز على النقد في المهرجان من خلال وجود نقاد يتحدثون حول دور الناقد، ونكتشف معهم دور النقد الحقيقي في تطوير عقل أي سينمائي، وهو أمر كنت مشغولًا به خلال دراستي بمعهد السينما وتعلمت منه الكثير. وأكثر شيء طور السينما التي أقدمها هو علاقتي بالنقد، وفهمي للمدارس النقدية جعلني أرى الأفلام من منظور مختلف أي أتذوقها بشكل مختلف من خلال العناصر الفنية ومدى تحققها في كل فيلم، وهو أمر مهم جدًا حتى تفهم علاقتك بالفيلم الذي تقدمه أو تشاهده. فكان المؤتمر مهمًا لكونه قادر على إلهام المطلعين عليه من صناع السينما أو الجمهور لتغيير معايير رؤيتهم للأفلام، فكان الأمر مثيرًا بالنسبة لي.

تواجدت في لجان التحكيم سواء في مهرجان لوكارنو وحاليا في مهرجان الجونة كمخرج يخطو خطواته الأولى في السينما، ما أهمية وجودك كعضو لجنة تحكيم مع أسماء مهمة؟

هي فرصة كي انحاز فيها للسينما التي أرغب في تقديمها. فمثلًا أفلامي – وتحديدًا “ريش”- كان مفاجأة بالنسبة لي وجوده في المنافسة وفوزه بعدة جوائز قوية، في ظل اعتباره أن البعض ممكن أن يرى أنها سينما غير معتادة وغير سلسلة الفوز بجوائز.

بنفس الطريقة أحاول أن أجد الأفلام التي حققت المفاجأة، وهي أن أشاهد فيلمًا أرى فيه أشياء لم أرَها من قبل في  حياتي، فعندما أتواجد في لجنة التحكيم يكون لديّ فرصة للانحياز لتلك الأفلام، وبالمثل إذا تواجدت أفلامي في المهرجانات ستلقى نفس الفرص. وبالنسبة لمهرجان الجونة فأنا سعيد بمشاركتي في ظل إقامة المهرجان في الظروف الحالية، فإقامته كانت شيئًا مهمًا، خاصة أنه أُقيم بكامل قوته.

كما أن لديّ وجهة نظر بأن السينما في العالم تمر بوقت صعب كوسيط، وتجربة المشاهدة أصبح بها تغيير كبير، ووجود دورة فعلية لمهرجان موجود على الأرض؛ شيء مهم لتعافي السينما سواء عالميًا أو في المنطقة.

التقيت بعدد من صناع السينما السعودية التي لا زالت في بدايتها… ولا بد أنك واجهت سؤالاً دائما ً عن كيفية الوصول لكان وللمهرجانات  الدولية ؟

أرى أنه من الطبيعي حدوث انبهار في البدايات بشكل النجاح المتعارف عليه. في البدايات طبيعي أن ترغب وتقول أنك تريد المشاركة في أكبر المهرجانات في العالم والحصول على أكبر جائزة، لكن يوجد أشياء مهمة منها تقييمنا لجودة الفيلم، هل هي الجائزة أو رأي النقاد؟ أم رأي الجمهور أو إيراداته؟ وكلها أسئلة مشروعة

الأهم من تلك الأسئلة هو أن يكون مخرج الفيلم أكثر الناس فهمًا لفيلمه، ولا يستمد ثقته في ما ينتجه من الآخرين.

فمن الممكن أن أصنع فيلما يخبرني العالم كله أنه سيء، لكنني أحبه وتأثرت به كثيرًا لأن به تجربة إنسانية فريدة. قيمة الأفلام تظهر مع الزمن، فعندما تشاهد فيلمًا مضى على إنتاجه 20 عامًا، لا تشاهده لأنه حصل على جائزة أو من أجل رأي النقاد أو لأنه حقق إيرادات في السوق؛ أنت تتذكره كإنسان لأنه أثر بك، فالأفلام ترتبط فينا بأثرها الإنساني الممتد. أجمل الأفلام في السينما العربية لم تفز بالسعفة الذهبية وربما لم تذهب لمهرجانات كبرى.

 والشق الثاني من الإجابة؛ معرفة ماهية دور مهرجانات السينما، وهو في المقام الأول دور تيسير الإنتاج والتوزيع وتسليط الدور على الفيلم، أي ليس دورها تحديد مدى جودة الفيلم، فهناك مهرجانات كبرى لا تُوفق في اختيار أفلام يستمر أثرها لسنوات.

المهرجان دوره الأساسي أن يكون منصة كبرى لعرض الأفلام الأقل جماهيرية أو غير الجماهيرية، وله دور إنتاجي في أن يكون هناك تواصل بين سوق الإنتاج والمبدعين. والجوائز مهمة جدار كدور توزيعي من أجل أن يتم استكمال مشروعك.

ما هو الأثر الذي أحدثته مهرجانات الأفلام في مشروعك؟ 

في تجربتي قدمت فيلمًا روائيًّا طويلًا وفيلمين قصيرين، الفيلم الطويل حقق نجاحًا كبيرًا جدًا، لكن رغم نجاحه؛ لم يطغ على الأفلام القصيرة البسيطة التي لا يزال الناس يرونها ويتحدثون عنها. التغيير الذي حدث هو أن الناس تبدأ في معرفتك أكثر، فالناس لا تحب فيلمك من أجل جائزته ولكن لأنها لمست شيئًا فيها. ونصيحتي للمخرجين الجدد أن الهوس بالسينما أهم بكثير من الهوس بالرأي

قبل ازدهار السينما مؤخرًا في السعودية عندما كان المناخ منغلقًا، كان الشغف هو المحرك الرئيسي حتى إذا كنت ستعرض الفيلم على أصدقائك فقط. ولا بد أن أذكر فيلم (شروق غروب) لـمحمد الظاهري عام 2009، الذي أنتج في مناخ مختلف تمامًا عن الموجود حاليًا، ورأيته منذ عدة أسابيع وكان تأثيره مختلفًا في المشاهدة الثانية، وذلك هو ما يبقى؛ الفيلم هو ما يبقى وليس الجائزة.

هناك حملة نقد كبيرة تجاه  فيلمناقة البعض وصفها بالمشابهة  بالحملة على فيلمك “ريش”؟

أنا أرى أنها ليست حملة، لأن كلمة حملة تحمل معنى آخر. يوجد قطاع من الجمهور له رأي معارض للفيلم بشكل أو بآخر. ولو جردنا الفكرة من الأفلام التي ذُكرت بالاسم، فأنا أعتقد أن الفنان دوره بوضوح أن يكون تواصله مع الجمهور من خلال عمله الفني وليس بتواصله المباشر، العمل الفني هو العقد بيننا، وسواء أُعجب به الناس أو لا، فذلك حال الدنيا، فالإعجاب لن يقوي وجوده ولن يلغيه. ففي النهاية نحن بشر وموجودين والاختلاف شيء طبيعي

وبصراحة مشعل الجاسر مخرج موهوب واستطاع أن يقدم شيئًا مؤثرًا في أول أفلامه، شيء ممتاز من وجهة نظر البعض، وبغيض من وجهة نظر أخرى، وهذا شيء طبيعي. لكن الغريب هو الإرهاب بأن تمنعه. يمكنك صنع فيلم يطرح سردية مغايرة إذا أغضبك الفيلم. وفي النهاية دور الفنان أن يقدم فنه ولا يدافع عن عمله، دفاعك عن مشروعك هو عملك نفسه وليس ردك على الناس.

 

موقع "فاصلة" السعودي في

18.12.2023

 
 
 
 
 

مروان حامد: للسينما عوالم كثيرة أحب اكتشافها

شيماء صافي

إيلاففي حوار شيق أداره المنتج علاء كركوت، مع المخرج مروان حامد المكرم بجائزة الإنجاز الإبداعي في مهرجان الجونة السينمائي، تحدث "حامد" عن محطات كثيرة هامة في حياته، وحياة والده السيناريست الكبير الراحل وحيد حامد.

وحرص عدد من الفنانين على حضور ماستر كلاس المخرج مروان حامد المقام على هامش تكريمه بالدورة السادسة من مهرجان الجونة السينمائي، وأبرزهم: يسرا، أحمد حاتم، أحمد داش، المخرج يسري نصر الله، نور النبوي، المطرب أبو، الفنانة اللبنانية سينتيا خليفة، الفنانة التونسية فاطمة ناصر، الفنانة التونسية سميرة مقرون، المخرج تامر عشري، المخرج شريف البنداري، هشام عاشور، علا رشدي، الكاتبة إنجي علاء، وساره عبد الرحمن.

دراسة السينما لا تنتهي

في بداية "الماستر كلاس"، تحدث مروان حامد، عن دراسته بأكاديمية السينما، وكيف أفادته بشكل كبير في حياته العملية، لكنه لفت إلى أن مجال السينما مجال متغير بسرعة، خاصة على المستوى التقني، وهذا بالطبع ينعكس على طريقة السرد.

وأكد "حامد" أن التغير المستمر للمجال، يجعل الدراسة فيه غير منتهية، فلابد من أن يدرس جيدًا ويطلع على كل ما هو جديد فيه.

كل فيلم عالم جديد

وفي سياق حديثه عن التعلم المستمر، أكد المخرج الشاب، أنه يتعلم أيضًا من أفلامه، وليس أكاديميًا فقط، فكل فيلم يفتح له عوالم جديدة، من الممكن ألا يكون يعلم عنها شيئًا في الماضي.

وأضاف، أنه قبل تصوير أي فيلم جديد يبحث بشكل موسع عن كل عناصر الفيلم، معلقًا: "السينما هي لغة تواصل وتأثير بين العاملين في الصناعة".

ومثالًا على ذلك، تذكر المخرج فيلم "إبراهيم الأبيض"، حيث قال إن السيناريو كان مليئ بعوالم حقيقية كتبها الفنان والسيناريست عباس أبو الحسن والذي وصف هذا العالم جيدا من خلال السيناريو، فكان يمتلك وقتها ملف مليء بأخبار الحوادث والجرائم التي تتشابه مع أحداث الفيلم، وإحدى تلك القصص كانت قريبة بشكل كبير لشخصية "إبراهيم الأبيض" في العمل.

وقال مروان بأنه كان بعيد عن هذا العالم ولكنه حاول اكتشافه، وعملا على تطوير الأحداث وذهبا إلى بعض الأماكن الحقيقية.

العمل يجب أن يضيف لصناعه

وحول اختيار موضوعات أعماله قال مروان بأنه ينظر إن كان العمل سيضيف له أم لا، أو إن كان العمل يستحق، ويشعر تجاهه بالشغف، وأضاف بأنه على مدار سنوات عمله كمخرج حاول البحث عن موضوعات تفتح أمامه عوالم لا يعرفها فيخوض رحلة استكشاف أثناء صناعة الفيلم.

وتحدث في هذا السياق عن فيلم "عمارة يعقوبيان" وقال بأنه في بداية الاتفاق بين الشركة المنتجة والمسئؤولين عن العمارة فشل في الحصول على الموافقة على تصوير الفيلم داخل العمارة، ووجدوا عمارة أخرى تشبه العمارة الأصلية وهي تشبه قصة الفيلم أكثر من العمارة الأصلية.

السينما ليست لنقل الواقع

وأشار بأن السينما ليست نقل للواقع كما هو ولكن هناك حرية في الاختيار، والممثل هو العنصر الرابط بين المخرج والجمهور، وكلما كان الممثل محترفاً وموهوباً حقق صلة الربط في توصيل فكرة الفيلم إلى المشاهد.

واستشهد بالفنان كريم عبد العزيز في فيلم "الفيل الأزرق" وأوضح أن شخصية يحيى كان من الممكن أن يعتبرها الجمهور مسؤولة عن موت زوجته وابنته بعد حادث السيارة الذي تسبب فيه بسبب تناوله للكحول، لكن الفنان كريم عبد العزيز استطاع أن يكسب تعاطف وتسامح الجمهور للشخصية عن طريق أدائه المحترف والمتميز.

الابن امتداد للأب

وبالطبع تطرق المخرج مروان حامد، إلى الحديث عن والده السيناريست الراحل وحيد حامد، قائلًا إن تجربته لم ترق بعد للوصول إلى ما خاضه والده في مجال السينما.

ووصف مروان والده وحيد حامد بأنه صاحب تجربة حياتية كبرى منذ جاء من القرية إلى المدينة، وفترة تجنيده أثناء حرب 1967، فقد مر بتجارب قوية وثرية شكلت مصدر إلهام له في كتاباته، وتابع بأنه لا يزال في مرحلة اكتشاف لهذا الثراء.

 

موقع "إيلاف" في

18.12.2023

 
 
 
 
 

باب الشمس”: ما بين الرحيل والعودة يقع الفرد الفلسطيني

أحمد الخطيب

خلق الملاحم السينمائية يتطلب حرفية عاليّة من ناحية انتقاء التقنية السرديّة المُناسبة للحكي، خصوصاً إذا اتسمت المروية البصرية بالانفراجات والامتدادات بحيث تغطي مساحة زمنيّة هائلة وتحشد داخلها سلسلة من الوقائع التاريخيّة المُهمة، فالدراما التاريخيّة تؤسس بشكل جوهري على عُنصري الزمان والمكان؛ كدعامات تاريخيّة، وكُل ما بينهما يُمكن تسميته ب”مساحة اللعب”؛ قوامها الأساسي هو الخيال، بحيث يشغلها المُخرج بأدواته ولُغته البصرية ورؤيته الإبداعيّة، وهذا لا يعني تنحية التاريخي ــ رغم أن بعض المخرجين يفضلون ذلك ــ بيد أن الصُنّاع يُشكّلون حيوات جديدة وينحتون مسارات ترتكز على التاريخي في شكله الأولي ولكنها تسمو فوقه، كشخصيّات ما فوق تاريخيّة، أي أنها مرتبطة بحقبة تاريخية معينة ولكنها شخصيّة سينمائية في الأساس، دائمة التجدد، ويمكن إعادة اكتشافها، بالإضافة إلى كونها تحمل قيمة ذاتية بمعزل عن التاريخي، قيمة فرديّة إنسانيّة وكونيّة، كما في شخصيّات ملحمةباب الشمس في جُزئيها “الرحيل” و”العودة” من إخراج يُسري نصر الله، المقتبسة من رواية تحمل الاسم نفسه للكاتب ألياس خوري الذي شارك نصرالله ومحمد سويد في كتابة سيناريو ضخم استغرق تصويره حوالي عام كامل ما بين سوريا ومخيمات لبنان، ليُعيد مهرجان لوكارنوترميمه بعد أن عُرِض في المهرجان ذاته عام 2004، إلى جانب عرضه على هامش مهرجان الجونة السينمائي، وتقفز إلى الأذهان مرة أخرى أهميّة الفيلم على المستويين السينمائي والتاريخي.

رغم وحشية السرديّة التاريخيّة على أرض الواقع، لم يتخلى نصرالله عن السياق الحالم، بداية من موازاته السرديّة لواحدة من أعظم مرويّات المخيال الشرقي “ألف ليلة وليلة”؛ فالمرويّة الشفهية كعُنصر محفّز داخل إطار الحكاية الأساسيّة هي ما يُحرك الأحداث بشكل تداخلي، شهرزاد تغمر شهريار بالحكايات لتمنع عن نفسها الموت، وخليل يروي قصة حياة يونس في محاولة لإنقاذ يونس نفسه، كنوع من مراوغة الموت؛ لتتبدى القصص كآليات دفاع أولى، ويتجسّد الحكي كمحاولة للتداوي، الجدير بالذكر أن الحكاية تروى من ذاكرة بديلة، لم تعش الأحداث كلها ولكنها تلقتها شفهياً، فكرة الذاكرة البديلة ذاتها واحدة من الأفكار الأساسيّة للفيلم، فالقضيّة لا تُختزل في الوثائق أوأوراق الاتفاقات، ولكن جُزء كبير منها ينتقل شفهياً، أن تحكي يعني أن تبقى موجوداً، أن يكون لك صوت.

يتحرك نصر الله من العُنف كطبقة أوليّة على السطح، عُنف سائد تؤجّجه شمس (حلا عمران) ثُم يتحول إلى الفلاش باك على لسان الراوي العليم خليل (باسل خياط) في تناوب بين الماضي والحاضر؛ ليحكي أقاصيص جوهرية وينتقل إلى طبقات أكثر عمقاً في أزمنة سابقة شكّلت معاناة اللحظة الآنية، يرصُد المخرج أبطاله بلغة بصريّة شاعريّة تمكنه من ملامسة التاريخ بحساسية مفرطة، لينتج اتصال تاريخي حالم بالقضيّة، أكثر سلاسة لدرجة أن في أشد لحظاتها عنفاً تستسلم لخفقان عاطفي رومانسي.

يرُد نصرالله الأشياء إلى أشكالها الأوليّة، يبنى سرديّته على قصتي حُب في زمنين مُختلفين، الدكتور خليل والفدائية شمس في الزمن الحالي، ويونس (عروة النيربية) ونهيلة (ريم تركي) في الفلاش باك، والحقيقة أن الحُب هو ما تقوم عليه السرديّة بشكل شبه كامل، إلى جانب القضيّة كفرشة أساسيّة وأوليّة، وهو ما يجعل الفيلمأنثوي بدرجةٍ ماــ رغم كونه يؤسس لبيئة رجاليّة في المقام الأول ــ  فالدماء والعرق والبارود أشياء يحتكرها الرجال، بيد أن شخصيّات باب الشمس الأنثويّة تكسر التابوهات بشكل استثنائي، فالحرب كما تصنع رجالاً استثنائية، تخلق نساء خارقات، لا يتعاطى الفيلم معهم كضحايا، فشخصيّة شمس الفدائيّة، وشخصيّة نهيلة الاستثنائيّة تُقدمان للفيلم أكثر مما يقدمه الرجال، لأن الأنثوي ــ في باب الشمس ــ هو ما يُحرر الذكوري المُكبّل داخل أوهامه؛ نهيلة التي كذبت حينما اعترفت لمحقق الشُرطة بممارسة العهر حتى تنقذ زوجها، ومسحت المنديل بدماء من ركبتها المجروحة لتحفظ ماء وجه يونس في ليلته الأولى كزوج، نهيلة التي ربّت الأطفال واعتنت بالأب الأعمى ورفضت مغادرة فلسطين؛ لتُثبت أن الفدائي ليس فقط من يحمل البارودة، وأن فلسطين المقاومة قد سقطت بالفعل، فحياة المقاومين قائمة على بنية فرديّة واحدة، حقيقة ذات وجه جاف، غير أن نهيلة ترى الأشياء بعين أنثوية

يتعاطى نصر الله مع مغارة باب الشمس كمكان ميتافيزيقي، بقعة ما ورائية، خارج الزمان والمكان، حيث تتنحى الأحلام المؤجلة بالتحرر  والدوافع الغريزية بالهروب والاختباء، في حين تتأجج رغبة الحُب في كل أشكاله، في باب الشمس عاش كلاهما حياة موازيّة، ليست طوباوية ولكنها أقرب للحياة العاديّة، ليعود نصر الله مرّة أخرى إلى الفرد الفلسطيني، ويصوّر مُبتغاه النهائي، فأحلامه لا تتجاوز العادي واليومي، أن يعيش مع شخص يحبه داخل مكان آمن، أن يعترف العالم به كفرد له حق في العيش، أن يعود إلى أرضه مرّة أخرى، لذلك فمغارة باب الشمس ورغم جوها الميتافيزيقي، ولكنها في الحقيقة إسقاط على بساطة الفرد الفلسطيني، إلى جانب كونها الأرض الوحيدة التي لم تمسها قدم إسرائيلية، أي أنها أرض خفيّة، مبتورة التاريخ، لم ترى الإسرائيلي في الأساس أي أنها تتعامل معه على أنه غير موجود في الأساس، فتمحو التاريخي من جذوره، ما يجعلها بقعة شاعرية في أصلها الجوهري، لأن الإسرائيلي ضد كُل ما هو عاطفي وشاعري، الإسرائيلي وحشي.

يؤسس نصر الله لكُل جُزء لُغة بصرية خاصة، فيبني قُرى كاملة في الجُزء الأول، فيما يبدأ الثاني بطابع تسجيلي، كاميرا محمولة أقرب إلى الريبورتاج الصحفي، تصوّر المنازل المنهوبة، والحقيقة أن نصر الله خلق سرديّة ناضجة ومحكماً بصرياً وسردياً، خصوصاً أن الفيلم رغم طابعه الملحمي الضخم إلا أنه أدبي وشاعري من الدرجة الأولى، وهذا يعود لجودة الرواية الأصليّة لإلياس خوري، والجدير بالذكر أن ترميم فيلم ملحمي مثل “باب الشمس” شيئاً ضرورياً، خصوصاً في ظل الأزمة الفلسطينية الحالية، فالسينما يُمكن أن تكون أداة للتأريخ في بعض الأوقات كما نوّه المُخرِج روبيرتو روسيليني من قبل، لتتجاوز القاعات وتتحوّل إلى أداة لتمرير الحكايات كذاكرة أبدية.

 

موقع "فاصلة" السعودي في

19.12.2023

 
 
 
 
 

عمر الزهيري لـ«الشرق الأوسط»: لا أتعجل لفيلمي المقبل

المخرج المصري قال إن إعداد «ريش» استغرق 8 سنوات

الجونة مصرانتصار دردير

قال المخرج المصري عمر الزهيري إنه يستغرق وقتاً طويلاً في صناعة أفلامه؛ فهو حريص على أن يقدم أفلاماً قائمة على التأمل، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنه لا يتعجل في اختيار فيلمه المقبل، مشيراً إلى أن إعداد فيلمه «ريش» استغرق 8 سنوات.

ويشارك الزهيري عضو لجنة تحكيم بمسابقة الأفلام الروائية الطويلة بمهرجان الجونة السينمائي خلال دورته السادسة، وكان فيلمه الأول «ريش» قد أثار ضجة بعد عرضه بالمهرجان ذاته قبل عامين، وواجه بسببه اتهاماً بـ«الإساءة إلى سمعة مصر»، وتُوّج في نهاية الدورة الرابعة بجائزتي أفضل فيلم عربي بمهرجان الجونة، وأفضل مخرج عربي من مجلة «فارايتي»، وحاز الفيلم نحو 25 جائزة دولية منذ عرضه بمهرجان «كان» وحصوله على جائزة أفضل فيلم بمسابقة أسبوع النقاد، وجائزة «فيبرسي» التي يقدمها اتحاد النقاد بالمهرجان.

وكان مخرج «ريش» قد شارك عضو لجنة تحكيم بمهرجان «لوكارنو» خلال دورته الماضية، ورأى مشاركته بلجان التحكيم جاءت مبكرة، وعن هذه التجربة يقول: «التجربة في مهرجان (لوكارنو) كانت مثيرة ومفيدة، فقد شاركت في التحكيم لجائزة أول فيلم طويل، وهي جائزة واحدة شارك فيها 22 فيلماً، وتعادل مسابقة «الكاميرا دور» بمهرجان (كان)، وقد منحتني فرصة مشاهدة أفلام المخرجين الأولى، وكان اختياري ينصبّ على الفيلم الذي يقدم سينما متجددة، مختلفة، تفاجئني، والذي يقدم رؤية غير معتادة وغير متوقعة، هذه نوعية السينما التي أحبها».

وعن لجنة تحكيم الجونة يقول: «لدينا هنا جوائز كثيرة أخرى، وأنا ممتن لمشاركتي بلجنة التحكيم، كما سعدت بعقد المهرجان وعدم إلغائه؛ لأن السينما ليست رفاهية، بجانب أهمية عرض أفلام فلسطينية لأنها تقوم بدور مهم في تسليط الضوء على القضية نفسها بكل أبعادها».

ما بين أزمة العرض في الجونة والجوائز التي حازها فيلم «ريش» يؤكد الزهيري أنه فوجئ وقتها برد الفعل السلبي والهجوم على الفيلم، لكنه لم يغضب مبرراً ذلك: «كنت أعلم أن الفيلم عنيف وغير متوقع، لكن الأمر الذي أرفضه أن يتحقق النجاح بسبب (البروباغندا) أو الهجوم، بل المهم أن يأتي من أصل فني، وهذا ما حدث، فقد حاز الفيلم جائزتين مهمتين من مهرجان كان، ولم يكن لذلك علاقة بالبروباغندا، كان أكثر شيء كنت أتمناه أن تنتهي الزوبعة حوله، بعدها بقي الفيلم مثل أي عمل، البعض أحبه والبعض لا».

وبعد عامين من عرض فيلم «ريش» يدرك المخرج الشاب أن هناك ترقباً لفيلمه الثاني، لكن لا يشغله ذلك: «أنا في مرحلة اكتشاف. أقوم بأعمال في مراحل الشغل الأولى مع نفسي، وأستغرق وقتاً طويلاً في أفلامي، ففيلم (ريش) استغرق 8 سنوات، ولا أتعجل لأنني أقدم أفلاماً قائمة على التأمل، ولست مشغولاً بتوقعات البعض، ولا متى يظهر فيلمي، بل أنشغل بما أقوم به، ويجب ألا أقع في فخ المخرج المنتظر، ولا أنشغل بعوامل خارجية تقرر لي أفكاري، كما لا أتغذى على الآراء السلبية، بل (أشتغل) كثيراً على نفسي».

وعن مدى وجود تباعد بين الأفلام الجماهيرية وأفلام المهرجانات يقول المخرج الشاب: «لم يكن (ريش) فيلماً تجارياً، بل كان فيلما فنياً بسيطاً، وهذه النوعية التي أجيد عملها. إن عقلي لا يستوعب وجود وصفة سحرية لعمل فيلم يضمن أن يعجب الجمهور، ما أعرفه كيف أصنع فيلماً وأنا أحسه، وكيف أكون حراً وأنا أخرجه، وبالتالي النجاح عندي أن الفيلم نفسه يجري عمله، وليس أن يقول الناس رأياً إيجابياً أو سلبياً، لأن السينما التي أقدمها نابعة من أحاسيس مربكة بالنسبة لي، هي سينما شعبوية وليست نخبوية».

الإنتاج كان أحد العوامل التي سهلت له أن يقدم أفلامه كما يراها دون تنازلات مثلما يؤكد: «ما لا أتنازل عنه أنه لا توجد تفصيلة بأفلامي لا أقتنع بها أو أنفي مسؤوليتي عنها، لأنني أنفذ أفلامي بإيمان شديد مني والمنتج وحتى أصغر شخص، ونؤمن بقيمة الفيلم نفسه، وليس رأي البعض فيه، لذلك أشعر بأريحية».

ويعترف الزهيري بأنه كان محظوظاً بأن التقى بمنتجة تؤمن بما يقوم به وهي الفرنسية «جولييت ليبوتش» التي اكتشفته منذ فيلمه القصير «ما بعد وضع حجر الأساس لمشروع الحمام بالكيلو 375» الذي شارك به أيضاً بمهرجان «كان»، وقد آمنت بالسينما التي يقدمها، وكانت بداية رحلته مع «ريش»، كما كان المنتج المصري محمد حفظي مشاركاً من مصر، وشارك في إنتاجه 7 شركات، ويضيف الزهيري: «المشكلة التي تواجه أغلب المخرجين حين لا يجد كل منهم فريقاً يؤمن بما يقدمه، لأن هذا الفريق هو الذي يوجد الحلول».

ويرى الزهيري أن السينما العربية تشهد مولد مخرجين شباب أثبتوا قدراتهم الفنية مثل السوداني محمد كردفاني، والسعوديين مشعل الجاسر وعلي كلثمي، والأردني أمجد رشيد، واليمني عمر جمال... وغيرهم، قائلاً: «لدينا مواهب كثيرة جيدة، لكن المهم النظرة الغربية للسينما العربية، إذ يُنْظَر للأفلام العربية على أنها تطرح قضايا دون النظر لقيمتها الفنية، وهذا أمر شديد الظلم؛ إذ لا بد أن تكون أفلامنا جزءاً من العالم».

وعن السينما المصرية يزعجه أن نجاح أي فيلم مصري بالخارج يُنْظَر له على أنه «اخترع السينما في مصر»، موضحاً: «حين لقي فيلم (ريش) حفاوة سينمائيين غربيين قلت لهم أنا قادم من سينما عمرها أكثر من 100 عام، وبها مخرجون كبار مثل خيري بشارة ومحمد خان، وقد تعلمت السينما في مصر، ولدينا سينما غنية جداً بمنزلة إرث نحن نتاجه، ولعل أكثر ما أتمناه أن يرى العالم أفلامنا العربية بشكل أعمق».

 

الشرق الأوسط في

19.12.2023

 
 
 
 
 

فيلم يفضح (طالبان) تحت رعاية (طالبان)!!

طارق الشناوي

المخرج المصرى إبراهيم نشأت يشارك في مهرجان (الجونة) بفيلم (هوليود جيت)، داخل مسابقة الفيلم التسجيلى، أمسك المخرج أيضا بالكاميرا، حتى يمنح نفسه مساحة أكبر في التعبير.

نحن بصدد المهمة الصعبة التي تقف على حدود المستحيل، التي بدأت بعد أن انسحبت- قبل نحو ست سنوات- القوات الأمريكية من أفغانستان، وتركت لطالبان الحكم، بوعد منها- لم تنفذ منه شيئًا- بألا تمارس أي نوع من القهر على المجتمع، وتحديدًا المرأة، واكتشفنا أنها ازدادت شراسة.

هذه الحركة التي استمدت اسمها (طالبان) من الطلاب الذين لا يزالون في مرحلة عمرية مبكرة، ومن السهل غسل أدمغتهم، بإقناعهم أن الإسلام هو الحل، أقصد التطبيق الحرفى بكل طقوسه في الملبس والمأكل والمشرب، وأن النقل وليس إعمال العقل هو طوق النجاة للهروب من هذا العالم، الذي نسى الله، وأن عليهم التمسك حتى بقشور الإسلام، وهكذا يغلب على أفكارهم التشدد في كل شىء، ويرفعون في وجه من يعترض كتاب الله، الذين لم ولن يستطيعون إدراكه.

تراجعوا عن كل عهودهم ووعودهم التي قطعوها على أنفسهم- بعد أن آل لهم الحكم- بفتح الباب أو على الأقل مواربته.

قطعا أمريكا في النهاية لا يعنيها حقوق الإنسان، لا في أفغانستان ولا غزة ولا اليمن ولا إيران ولا العراق، ولا أي مكان، ولكن مصلحتها، ولهذا انسحبت قبل أن تتمكن الدولة الأفغانية المدنية من الإمساك بالدولة، فامتلكت طالبان الحكم.

كيف تم تصوير الفيلم في ظل كل تلك القيود؟، هناك قائدان في أفغانستان صاحبا الشريط السينمائى، إلا أنهما لا يشكلان القوة العسكرية الحقيقية، كما أن كل شىء تم تحت الرقابة الأفغانية.

من المشاهد المهمة ما تركته القوات الأمريكية من أسلحة وذخائر وأيضا أدوية ومأكولات وأجهزة رياضية، كانت بحوزة الجنود الأمريكيين للحفاظ على لياقتهم، شاهدنا الأفغان وهم يتعاملون معها باعتبارها (لعب أطفال).

الفيلم لم يقل قطعا كل شىء وما يجرى في أفغانستان من مطاردات للفن وتكفير للفنانين واغتيال للأنوثة، ولا أقول فقط الأنثى، ولكن كل شىء غير مذكر يصبح بالنسبة لهم محرمًا شرعًا.

(نشأت) دخل في تجربة أشبه بالمقايضة، ستقيد حريتك في الاختيار، ولكن في نفس الوقت تستطيع أن تمرر رسالتك للجمهور.

من المستحيل، في ظل الرقابة الحديدية، أن تتسلل كاميرا إلى أفغانستان، بعيدا عن عيون الدولة، نعم بين الحين والآخر نشاهد أفلاما روائية، بأيدى الأفغان، هؤلاء يمارسون حياتهم بعيدا عن قبضة النظام خارج الدولة، وهكذا تقدم بكل تفاصيلها وتفضح النظام الحديدى، الذي يحطم معنى الدولة ويطلقون على أنفسهم ولاية إسلامية في طريقها لكى تتمدد جغرافيا وتسيطر على العالم مع ولايات أخرى قادمة، هناك أيضا أفلام تسجيلية مهربة من داخل أفغانستان، ولكن المخرج هنا يصور تحت كل العيون الرقابية.

هم من أهل (السنة) الموغلين في التطرف مثل (داعش)، التي كثيرًا ما تتلقى ضربات متلاحقة، ورغم ذلك لا تزال تتنفس هنا أو هناك، وتحديدًا على الحدود السورية، إلا أن السؤال هل لا توجد مقاومة داخلية داخل أفغانستان؟

وهذا السلاح هو الوحيد الذي من الممكن أن تدركه في فيلم (هوليود جيت)، المواطن الأفغانى الذي تتابع مأساته لا يشكو ولا يتكلم رغم إدراكك أنه يتألم.

الرسالة التي أرادها الفيلم في ظل كل تلك المعطيات المفروضة والقيود الحديدية وصلت، بأن المقاومة لا تزال تتنفس، ولكن لا أحد يسمع صوت أنفاسها!!.

 

المصري اليوم في

19.12.2023

 
 
 
 
 

شاهدته لكم في الجونة السينمائي

فيلم "زهرة بوريتي".. والاصرار الثبات على الاصول والعرق

البلاد/ طارق البحار:

هناك توازن دقيق عند المخرجين رينيه نادر ميسورا وجواو سالافيزا  بين الارتقاء دون استغلال او "غباء" في فيلمهما "زهرة بوريتي" الذي شاهدته لكم في مهرجان الجونة السينمائي بعد عرضه في كان السينمائي.

لطالما كان البحث في مجتمعات العزل ما دون التسبب في عائق أو ضرر مصدر قلق لأولئك الذين يغامرون بالدخول اليها وفي ثقافات غير مألوفة، حتى تحت ستار الافلام الوثائقية ، مما برر أعذار العديد من صانعي هذه الأفلام للتغلغل في موضوعاتهم.

في كثير من الأحيان ، لا يوجد مجال كبير لرد الجميل ، على الأقل بخلاف إمكانات حصول الفيلم على تأثير ثقافي نادر خارج دائرة مهرجان الأفلام، كما أنها المرة الثانية التي يتعاملون فيها مباشرة مع قبائل Krahô الأصليين في البرازيل ، وهو موضوع ظهورهم الأول لعام 2018 The Dead and the Others. في حين أن فيلمهم السابق تعامل على وجه التحديد مع صراع شاب مع المصير والتراث الثقافي ، فقد فتحوا نطاق تركيزهم هذه المرة ، حيث انهاروا ثمانين عاما من تاريخ كراهو في إظهار كيف يرتبط الحاضر المقلق ارتباطا لا رجعة فيه بصدمة كبيرة من الماضي ، ولكن ليس بدون مظهر من المثابرة.

  لا تزال قبيلة  Krahô تكافح مع حماية أراضيهم من التدنيس المستمر، حيث يركز السرد بشكل خاص على سكان قرية بيدرا برانكا ، وهو مزيج من الأفلام الوثائقية الاستشفائية والقصيدة الحزينة.

ينتمي فيلم زهرة بوريتي في الواقع إلى نوع من أشجار نخيل الموريشي، وغالبا ما تنمو لأعلى من خمسة وثلاثين قدما. يوجد النبات المجازي هنا بالمعنى الحرفي والمجازي ، ويشار إليه في الترنيمة الطقسية الافتتاحية للفيلم ويظهر لاحقا كقناة لعبادة كراهو.

تنقل زهرة بوريتي جهود ميسورا وسالافيزا في صناعة الأفلام الإثنوغرافية، في محاولة لاستعادة تاريخ تم محوه دون المساهمة في صدمة تاريخية كبيرة. مذبحة سيئة السمعة وقعت في أربعينيات القرن العشرين بسبب تصرفات اثنين من المزارعين، وترتبط من خلال الذكريات المشتركة لشيوخ القبيلة ، والفيلم يذهب ذهابا وإيابا بين الواقع المعاصر والأنسجة الضامة المأساوية من الماضي.

ولا يزال نهب أراضيهم من (الغير الأصليين) مستمر، ويشمل سرقة الببغاوات وبيضها، وغيرها. . وبينما يظل الموت والدمار وجهين يتنافسان مع كراهو، يختار ميسورا وسالافيزا تسليط الضوء على المرونة من خلال إثبات هويتهما.

يشار إلى كيف يمكن للماضي أن يفرغ مستقبلهم بشكل شاعري في شخصية جوتات (سولان تهتيكويج كراهو) ، وهي فتاة صغيرة زارتها أشباح الماضي ، مما أدى إلى توقف تطورها مؤقتا.

يقدم الفيلم قبيلة "كراهو" كنموذج مصغر لمجموعة واسعة من الدمار البيئي. على الرغم من ذلك، هناك شعور نابض بالحياة بالمجتمع، يعززه واقع الأجيال المستمرة في أكثر الطقوس التي يمكن تحديدها - الولادة. من المهم تذكر الالتزام المستمر بالطقوس، حتى تلك التي تضاءلت فيها العناصر الأكثر فهرسة منذ ذلك الحين، حتى عندما يتم تخفيفها بشكل منهجي.

 

####

 

الملكية الفكرية والذكاء الاصطناعي بالجونة السينمائي

البلاد/ طارق البحار:

ضمن الدورة السادسة لمهرجان الجونة السينمائي تقديم حلقة نقاش بعنوان ما وراء الخيال: الخوض في الملكية الفكرية والذكاء الاصطناعي.

بالإضافة إلى المصطلحات القانونية والمخاوف المحيطة بالآثار الغامضة للذكاء الاصطناعي على الفنون، أتيحت لنا اليوم الفرصة للاستماع إلى خبراء من مختلف المجالات حول ما يمكن أن يبدو عليه المستقبل الذي يحمي حقوق الملكية الفكرية للفنانين.

أدار الجلسة المحامية علياء زكي في مجال الإعلام والترفيه، وضمت الباحثة الذكاء الاصطناعي والفلسفة علياء يعقوب، والرئيس التنفيذي لشركة WScripted Elli Jamen، ومحامي الإعلام والترفيه محمود عثمان، وقدمت المجموعة ذات الخلفيات في القانون والإبداع والتكنولوجيا نظرة متعمقة على دور السياسة والفنانين في التنقل بشكل تعاوني في التقنيات الناشئة.

وطرح النقاش مواضيع مثل تطبيق القوانين التي تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي وتوعية الفنانين بحقوقهم.

 

####

 

شاهدته لكم في مهرجان الجونة السينمائي

Strange Path  يمزج الدراما التجريبية والعائلية بمشاهد جذابة

البلاد/ طارق البحار

يتعمق المخرج البرازيلي غوتو بارينتي في الحياة خلال فترة الوباء والاغلاق في فيلمه الذي شاهدته لكم في مهرجان الجونة السينمائي A Strange Path وهو فيلم يمزج ببراعة أنواعا مثل الدراما التجريبية والعائلية والرعب على مشاهد جذابة وإبداعية.

تدور أحداث الفيلم في ضواحي البرازيل ، ويدور حول ديفيد وهو مخرج شاب موجود في المدينة لعرض فيلمه الجديد في مهرجان، ولكن خططه تحطمت بسبب إغلاق غير متوقع. وحيدا وخاليا من المال الكافي وحتى الهاتف، مع الاسئلة هل سيكون هناك لم شمل عاطفي أم رفض فوري؟ الفيلم يبقينا ننتظر أسراره الصغيرة.

الفيلم يكتسب مسار غريب ووتيرة واضحة بمجرد بدء التفاعلات بين ديفيد ووالده (كارلوس فرانسيسكو)، وعلى الرغم من عدم وجود مسار لزيادة التقارب العاطفي بين الاثنين ، إلا أن الفيلم يغير لهجته ويدخل منطقة متوترة وغريبة إلى حد ما في هذا المنعطف. يصمم بارينتي الأب ككائن غامض لا تعرف خصوصياته حدودا. بينما نرى عالم الرجل غريب الأطوار من خلال عيون ديفيد ، يربط الفيلم خيوطا مختلفة لمساعدة المخرج الشاب أخيرا على تحقيق ما كان يسعى إليه.

أداء Guto Parente رائع للغاية في بناء عالم حميم ومخيف. والحوارات في الفيلم على الرغم من الحد الأدنى، مكتوبة بشكل رائع لأنها تساعدنا على إدراك المشاعر التي لا تعد ولا تحصى التي يشعر بها ديفيد. يستحق توصيف الأب الثناء على الطريقة التي لا تجعلنا نكره سلوكه. تدعو الكتابة إلى النظر إلى السيناريو من خلال عدسته أيضا، بعد أن أصبح إضافة كبيرة ، نادرا ما يدخل المزاج التجريبي للفيلم مناطق الملل أو التجريد المطلق.

مسار غريب مدفوع بأداء رئيسي رائع، ويقدم لوكاس ليميرا في دور ديفيد عرضا دقيقا للغاية حيث يتواصل بشكل فعال من خلال لغة جسده وتعبيرات وجهه، وكارلوس فرانسيسكو ممثل رائع يأكل كل إطار هو فيه، حتى الممثلات وإن كان ذلك في أجزاء أصغر يحصلن على لحظاتهن للتألق.

الجانب الأكثر لفتا للنظر في A Strange Path هو الطريقة التي يضخ بها المحنة التي عشناها ايام الكوفيد في الإجراءات. دون أن ندرك ذلك يتطور الوباء في الفيلم إلى شخصية تقود وتغير طريقة تفكير الناس وسلوكهم، وبكل الطرق الفيلم مؤثر وجذاب تماما يمزج بسلاسة بين الأنواع بينما يفي أيضا بوعده.

 

####

 

قضية تغير المناخ في الجونة السينمائي

البلاد/ طارق البحار

ضمن فعاليات الدورة السادسة لمهرجان الجونة السينمائي تقديم حلقة نقاشية بعنوان "العدالة المناخية ورواية القصص: كسر القالب".

تتشكل قصص وروايات عالمنا من خلال عواطف ووجهات نظر المتظاهرين الذين يقفون وراءها. في حلقة النقاش هذه، استمعنا إلى مجموعة من صانعي الأفلام والمدافعين عن المناخ الذين يركزون على قصص أزمة المناخ.

غطى النقاش أفلاما تعيد تصور المدن بعد نهاية العالم وتوضح العواقب الوخيمة لتغير المناخ باستخدام فن 3D. بالإضافة إلى الأفلام التي تجسد جوهر المجتمعات القائمة على الطبيعة، تمت مناقشة الحوار حول مسؤولية الفنانين ودور الأفلام في إثارة الحوار.

أدار الجلسة دعاء صابر، الرئيس التنفيذي لشركة Green Beam، وشارك فيها همسة منصور، المؤسس المشارك لشركة Blue Camer Media ومخرجة الأفلام الوثائقية، والمخرجة لبدهاك تشاترجي، ومحمد عمر، المخرج والمهندس المعماري، وكاجا جروجيك، المخرجة والمنتجة، جلبت المجموعة متعددة التخصصات تجاربهم وخلفياتهم إلى الجلسة حول قضية تغير المناخ.

 

البلاد البحرينية في

19.12.2023

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004