رحيل هشام سليم... «أيقونة دراما التسعينات» في مصر
صارع السرطان في العامين الأخيرين من حياته
القاهرة: عبد الفتاح فرج
أسدل الموت الستار على صراع الفنان المصري هشام سليم مع
السرطان، ليكتب نهاية للمعاناة التي استمرت لنحو عامين، ابتعد خلالهما عن
عدسات المصورين، وأضواء الدراما كثيراً، ليرحل في هدوء عن عمر ناهز 64
عاماً.
سليم الذي مر شريط حياته سريعاً، ويعرفه الجميع من خلال
السينما، بداية من براءة الطفولة، مروراً بالمراهقة والشباب، ثم النضوج
وحتى تغير الملامح بفعل الزمن، جدد أحزان الوسط الفني بعد ساعات قليلة من
ابتهاج نجوم الفن خلال احتشادهم في أولى دورات مهرجان القاهرة للدراما،
مساء الأربعاء، ليشارك عدد منهم في جنازته عقب صلاة العصر يوم أمس الخميس،
ويدخل بعضهم في نوبات بكاء.
ونعى عدد كبير من الفنانين والرياضيين والشخصيات العامة
والإعلاميين والمتابعين على «السوشيال ميديا» الفنان الراحل بكلمات مؤثرة،
متذكرين أبرز أدواره الفنية، ومواقفه الإنسانية الجريئة.
...
ومع ابنه نور
ونشر نقيب المهن التمثيلية، أشرف زكي، صورة للفنان عبر
حسابه على «إنستغرام»، وعلق عليها قائلاً: «وداعاً صديق العمر».
ونعى النجم أحمد عز، الفنان الراحل قائلاً في تصريحات
صحافية إنه تحامل على نفسه أثناء التصوير رغم اشتداد آلام المرض عليه،
مشيراً إلى أن «الفن المصري فقد قيمة إنسانية وفنية مهمة برحيله».
ونعت الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي، زميلها الراحل بمنشور
مؤثر عبر حسابها على «تويتر»، قائلة: «هشام الزمن الجميل، كم أوجعت قلبي
اليوم برحيلك المبكر، بالأمس فقط، كنا وكان يوسف شاهين وكان (عودة الابن
الضال) يزرعني وإياك أمل ندي على دروب الحياة، فكيف حدث وانقلب بنا الدهر
هكذا، فأضحى الألم مع الأيام يطوي آلاماً والخوف يطوي مخاوف».
مضيفة «(عودة الابن الضال) الذي عشته أنا واقعاً مريراً، في
سلسلة حروب لبنان الفتاكة ونسخة طبق الأصل عن هذا الفيلم الجميل، عشته أنت
نضالاً لحياة أفضل وفن أجمل وعائلة أكثر تماسكا... يا زميلي وصديقي لا كلام
أجده معبراً بما يكفي عن حزني اليوم».
وأحدثت تدوينة الرومي التي وُصفت بأنها «مُبكية»، تفاعلاً
كبيراً في الأوساط المصرية والعربية، حين تساءلت: «أمضيت أنت أم مضى الزمن
الجميل الذي عشناه ومعه ضحكاتنا وقهقهاتنا البريئة؟ أرحلت أنت أم رحل إلى
الأبد معك بعض من قلبي الطفولي؟ أيجب أن أترحم عليك وأنت، يا زميلي وصديقي،
في حضن الرب؟ أم أترحم على من تحرقه دموعه عليك اليوم؟».
...
ومع أمير كرارة
وتابعت: «هشام، يا أيها العزيز الغالي غلاوة العمر، الساكن
أضلع القلب منذ ذاك الزمن الجميل، تفضل بقبول محبتي الصادقة ودمعتي الموجعة
وليتفضل أهلك الأكارم وكل قلب يحترق على رحيلك اليوم، بقبول عزائي الآتي
إليهم من أعماق فؤادي ببالغ التأثر».
فيما اكتفت النجمة شريهان، بالتعليق على الخبر بجملة واحدة:
«توأم عمري... هشام سليم»، في إشارة إلى مشاركته في أعمال مهمة من بينها
مسرحية «شارع محمد علي»، وفيلم «كريستال».
وربط متابعون على السوشيال ميديا بينه وبين الراحل ممدوح
عبد العليم، الذي جسد دور شقيقه علي في مسلسل «ليالي الحلمية»... «عادل
البدري لحق بعلي البدري».
وفسر الناقد المصري محمود عبد الشكور سبب حزن الوسط الفني
والجمهور لرحيل سليم بأنه «كان يتمتع بصورة جيدة داخل الوسط الفني، وسيرته
رائعة، ويحترم مهنته ونفسه، حتى اعتبره البعض نموذجاً للفنان».
ويضيف عبد الشكور لـ«الشرق الأوسط»: «يوجد إحساس عام لدى
كثيرين بأن سليم لم يأخذ كامل فرصته هو وأبناء جيله، على غرار الراحل ممدوح
عبد العليم، ومحسن محيي الدين، فهؤلاء كانوا يعبرون حرفياً عن جيلنا الذي
تشكل في السبعينات، كنا نرى فيهم صبانا وحبنا للحياة واكتشاف العالم في
أدوارهم الأولى، وكنا نرى فيهم شخصيات نعرفها في الواقع». لافتاً إلى أن
فيلم «عودة الابن الضال» يعد من أهم أعماله رغم صغر سنه وقت تمثيله.
سليم المولود في عام 1958 بدأ مشواره الفني مبكراً، عبر
مشاركته في فيلم «إمبراطورية ميم» عام 1972 أمام فاتن حمامة، وأحمد مظهر،
قبل أن يعاود الظهور في فيلمي «أريد حلاً» عام 1975، و«عودة الابن الضال»
1976، ثم بدأ مسيرته التلفزيونية في ثمانينات القرن الماضي، قبل أن يتألق
ويتوهج في التسعينات، تاركاً أعمالاً مميزة على غرار «الراية البيضا»،
و«ليالي الحلمية»، «أرابيسك»، «هوانم جاردن سيتي»، و«أماكن في القلب»،
و«لقاء على الهواء».
بينما كانت آخر أعماله في موسم دراما رمضان قبل الماضي من
خلال مشاركته بمسلسل «هجمة مرتدة» مع أحمد عز.
وبعيداً عن أعماله المهمة وإطلالاته المميزة على الشاشات،
تطرق متابعون إلى موقفه الشجاع تجاه قضية عبور ابنه نور جنسياً، إذ اعتبره
كثيرون قدوة ونموذجاً للأب القوي والشجاع، مستشهدين بتصريحاته التي قال
فيها لابنه: «أنا بحبك وهفضل أحبك أنت ابني وأي حاجة حصلت أنا موجود
عشانك... الحياة صعبة وهتبقى صعبة وتحتاج رجل وشخصية».
هشام سليم ابن اللاعب والممثل الشهير صالح سليم، تخرج من
معهد السياحة والفنادق في عام 1981، وكان يهيئ نفسه للعمل في مجال السياحة
والفنادق في حال توقفه عن التمثيل الذي كان يراه «غير مضمون»، قائلاً في
تصريحات تلفزيونية سابقة: «الممثل ممكن يشتغل النهاردة، وبكره لأ، اسمه
يبقى لامع النهاردة، بكره ميبقاش لأي سبب، حياة الفنان غير مضمونة نهائياً،
بسبب حالته الصحية أحياناً، وخروج شائعات تؤثر على مسيرته، بالإضافة إلى
ظهور منافسين جدد». |