هشام سليم وشريهان.. ثنائية كسرت المفاهيم التقليدية.. و4
أسباب لنجاحها
سارة نعمة الله
من النادر أن تجتمع موهبة اثنين على أرض فنية واحدة، فيما
يتعلق بأعمال الثنائيات على الشاشة، فأغلب الدويتوهات التي جمعت نجم ونجمة
معًا كان النجاح فيها لما يتمتع به كلًا منهم من صفة استثنائية يدعم بها
الطرف الآخر، لكن على العكس في الثنائي الذي جمع النجمة الاستعراضية شريهان
والفنان الراحل هشام سليم الذي وافته المنية صباح اليوم الخميس.
كان الدويتو الذي جمع بين شريهان وهشام سليم هو حديث الحقبة
التسعينية من القرن المنصرم، تلك الفترة التي تردد بها اسم النجمان بقوة
معًا على الساحة الفنية ليثمر عن عدد من الإنتاجات المميزة التي جمعت بين
الشكل الفني والاستعراضي في وقت أختفت فيه هذه النوعية من الأعمال.
هناك العديد من الأسباب التي دفعت لنجاح دويتو هشام سليم مع
شريهان، لتبقى تجربة هامة تستدعي التوقف أمامها، وتظل ملهمة للعديد من
الأجيال.
موهبة استثنائية
كان الراحل هشام سليم موهبة تحمل خصوصية كبيرة بين أبناء
جيله، نجمًا يجمع بين اثنان من أهم صفات الممثل الشامل "خفة الظل، خفة
الحركة" صفتان أرتكزت عليهما نجاح تجربته مع شريكته شريهان في العديد من
الأعمال التي قدموها معًا، وكان نجاحها ملفتًا للأنظار، تحديدًا في الفيلم
الاستعراضي "كريستال" ومسرحية "شارع محمد علي".
تمتع هشام سليم بخفة الحركة والاستعراض وطيلة حياته ظل
محافظًا على رشاقته التي مكنته من التحرك بلياقة ومرونة على المسرح، يذهب
هنا وهناك يرقص، يغني، حتى الحركات "البهلوانية مثل الشقلبة" التي لا يخطر
على بال أحد فعلها كان الراحل يفعلها بمرونة شديدة وسريعة، تك الصفات التي
منحت شريهان الأريحية في الوقوف مع نجم تتماهى موهبته الفنية مع موهبتها
بما يوصف بمنظومة الفنان الشامل، لتلتقي تجربة الثنائي ويؤسسوا معًا
مفهومًا عصريا ومختلفًا لفكرة "الدويتوهات الفنية" التي لربما لم تخرج بهذه
الصورة في الأوساط الفنية من قبل.
تشابه البدايات
تتشابه بدايات النجم الراحل هشام سليم مع النجمة شريهان في
الوقوف أمام الكبار، ليمنح الثنائي تجربة الخبرة واحترام وتقدير العمل
الفني منذ الصغر، فقد كانت بدايات هشام سليم أمام سيدة الشاشة الفنانة
الراحلة فاتن حمامة في فيلم "إمبراطورية ميم" أما شريهان بموهبتها الحقيقية
لم تظهر الإ على يد النجم الراحل فؤاد المهندس، فمن النادر أن تكون
البدايات مع العظماء لكن حالف النجمان الحظ في ذلك.
ومن خلال تجربة البدايات، نجحت تجربة ثنائي هشام سليم
وشريهان في مزج الخبرات والطاقات الفنية، فكلاهما صاحب بناء فني صلب بل
جرأة تؤهله على الإقدام على أي عمل فني بأريحية وكأنه يدخل في رحلة من أجل
المتعة الفنية في المقام الأول.
حلم الشباب
كانت أحد عوامل نجاح شريهان في الأعمال التي قدمتها في
الحقبة التسعينية، وجود الراحل هشام سليم ففي هذا التوقيت لم يكن هناك
رمزًا لأحلام الشباب والفتايات تحديدًا إلا هو، حيث كان في أوج وهجه ونضوجه
الفني الذي جعل منه نجمًا مميزًا على الساحة، ولهذا وبعكس تجارب ثنائيات
كثيرة كان المعتاد بها ذكر اسم البطلة على البطل نظرًا للنظر فقط لمنظور
جمال الفنانة في المقام الأول.
نجح هشام سليم في فرض موهبته التي كسرت حاجز تلك النظرة
المعتادة وبات اسم الثنائي الذي جمع بينه وبين شريكته شريهان يحمل مساواة
في التقدير ويبتعد عن الفكرة التقليدية التي أخذت عن أعمال الثنائيات والتي
كان النجاح يرتكز فيها على المرأة أكثر من الرجل، وذلك لتجربة الراحل التي
طوعها دائمًا بالتجريب والتجدد في البحث عن أفكار مختلفة في كل عمل جمعه مع
شريهان عن الآخر، فمن يرى هشام سليم في فيلم "ميت فل" يجده مختلفًا في
"كريستال" وكذلك فيلم "فضيحة العمر" أو مسرحية "شارع محمد علي".
الوعي بأهمية التجربة والتحدي
حمل هشام سليم وعيًا كبيرًا بأهمية تقديم فكرة الدويتو مع
اسم مميز مثل شريهان، فرغم أنه قدم عدد من الثنائيات الآخرى أبرزها مع
النجمة يسرا والتي قدم معها العديد من الأعمال التلفزيونية لكن يبقى نجاحه
مع نجمة الاستعراض الاستثنائية ذو مذاق مختلف، ففي تلك الحقبة التسعينية
كانت شريهان هي حديث الجمهور وملكة متوجة في قلوب الجمهور الذي كان ينتظرها
من عام إلى آخر لتطل عليه لفوازير رمضان، هنا فقط أدرك النجم الراحل أن
تجربة الثنائي التي أختارها مع شريكته تحمل قدرًا كبيرًا من التحدي الذي
جعله يدرك بوعي كبير أهمية التجربة ومدى تأثيرها في رحلته الفنية.
هنا نجح هشام سليم في انتقاء فكرة الأعمال التي يقدمها مع
شريهان، فلم ينظر فقط لفكرة تقديمه عمل دويتو لكنه يبحث عن تقديم مشروع
يدوم في ذاكرة المشاهد، عملًا مكتملًا يكلل لفكرة وتجربة، يقدم المتعة
الفنية في صورة مكتملة لتبقى مشاهد هذه الأعمال محفورة في ذاكرة المشاهد
حتى الآن.
يظل النجم الراحل هشام سليم فنانًا استثنائيًّا بتجربته
التي تستدعي كثير من التأمل، وتحمل كثير من المحطات الفنية لعل شراكته مع
النجمة شريهان كانت إحدى مراحلها الهامة. |