رئيس هيئة الأفلام السعودية لـ"الشرق":
المملكة ستصبح رقماً هاماً في سوق السينما عالمياً
مالمو-
محمد عبد الجليل
أبدى رئيس
هيئة الأفلام السعودية المخرج
عبد الله آل عياف، سعادته لمُشاركة السينما
السعودية كضيف
شرف الدورة الـ12 لـ"مهرجان
مالمو للسينما العربية"
في السويد، والذي يستمر حتى 9 مايو الجاري، وسط مشاركة عربية واسعة.
وقال آل عياف في مقابلة مع "الشرق": "رغم أنّ عمر هيئة
الأفلام السعودية عامين تقريباً، لكننا بدأنا تكثيف حضورنا دولياً، لإظهار
ما تمر به المملكة من تغييرات جذرية كبيرة في عالم صناعة الأفلام، وبالتالي
من الضروري أنّ نكون حاضرين في التظاهرات السينمائية الدولية، لمد جسور
التواصل بين صُناع الأفلام السعوديين وشركات الأفلام والمهرجانات
السينمائية السعودية مع نظرائهم العرب والعالميين"
وأضاف: "اختيار المملكة كضيف شرف الدورة الحالية، بمثابة
فرصة أمام الجمهور العربي والسويدي للتعرف بشكلٍ أكبر على ما يحدث في
المشهد السينمائي السعودي"، لافتاً إلى أن السينما السعودية "ليست غريبة
على المهرجان"، إذ شاركت في المهرجان بأفلام مختلفة منذ دورته الأولى عام
2011، التي شهدت مشاركته كمخرج في فيلم "عايش".
قطاع
حيوي
وأوضح آل عياف، أنّ "خطوة تأسيس هيئة الأفلام في فبراير
2020، أسهمت في رفع الروح المعنوية لصُنّاع الأفلام بالسعودية، باعتباره
قطاعاً حيوياً قوياً، مُخصص لتطوير الصناعة هناك، وسيضع المملكة في قلب
صناعة الأفلام بمنطقة الشرق الأوسط".
وأضاف أنه "بعد تأسيس الهيئة، التقينا صُناع الأفلام
السعوديين، وكثير من الخبراء العرب والأجانب لمحاولة فهم ما يحدث في
السعودية، وكيف نستطيع تقديم المساعدة، ووضعنا العديد من الأهداف التي نطمح
لتحقيقها على المدى القصير والبعيد أيضاً".
وحول الدعم الذي قدمته الهيئة لصناع الأفلام السعودية في
الفترة الأخيرة، قال: "صندوق الدعم داخل الهيئة قدّم دعماً لـ28 مشروعاً
بقيمة 40 مليون ريال سعودي تقريباً حتى الآن، كما وجّهنا نحو 1100 شخص
للانخراط في دوراتٍ مكثفة متعلقة بصناعة الأفلام داخل المملكة، مثل مجالات
الكتابة الإبداعية والإخراج والتصوير وغيرها، لكن مع مطلع العام الجاري جرى
توسيع مجالات التدريب وشملت المكياج، والصوت، والموسيقى والإنتاج إضافة إلى
باقي عناصر صناعة الفيلم"، مشيراً إلى أن "عدد المُتدربين بلغ مع نهاية
الربع الأول من عام 2022، أكثر من 500 شخصاً، يأتي ذلك بجانب إرسال أكثر من
78 متدرباً في بعثات خارجية لدراسة صناعة الأفلام خارج المملكة مع أهم
الجامعات العالمية".
ولفت إلى أنّ الهيئة "قدمت العديد من الورش عبر الإنترنت،
خلال فترة الجائحة، وذلك لإتاحة الفرصة لكل شخص يعيش في المدن البعيدة
والقرى في التعلم، بجانب وجود برامج تعليمية لطلاب المرحلة المتوسطة
والثانوية في المدارس الحكومية بالتعاون مع وزارة التعليم".
وتابع قائلاً: "سننتقل لطلاب المرحلة الابتدائية مع الوقت،
كما نطمح لوضع برامج تعليمية تُعطى للأطفال قبل المدرسة، لأن بإمكان الطفل
التعلم ثقافة الصورة، قبل تعلم القراءة والكتابة، كما نستعد لتأسيس كيان
أكاديمي، أو معهد خاص بالمملكة قريباً".
وقال آل عياف أن الجهود التي تقدمها الهيئة، تسير في اتجاه
تسهيل كل ما يتعلق بصناعة الفيلم في السعودية، حاولنا العمل مع الشركاء
الوطنيين على تسهيل قوانين وأنطمة وتصاريح وشروط صناعة الفيلم التي كانت
صعبة، وإزالة بعض الرسوم على الأفلام السعودية عند عرضها في صالات السينما،
والعمل على تسهيل خطوات تصوير الفيلم السعودي".
الأرشيف الوطني
تسعى
هيئة الأفلام لأرشفة أكثر من 70 عاماً من السينما السعودية، والتي بدأت مع
أول فيلم "الذباب" في عام 1950، وذلك عبر تأسيس "الأرشيف الوطني للأفلام"،
بالتعاون مع عددٍ من الشركاء العالميين.
وأوضح آل عياف أنّ "دور هذا القطاع يكمن في الحفاظ على ما
يُنتج اليوم، وأنّ يكون مركزاً لتثقيف الأجيال المُقبلة بما يحدث في
السينما، إذ سنضع برامج مصممة من الأرشيف الوطني والأفلام السعودية وأفلام
أخرى تُقدم للجمهور، وبرامج زيارات طلبة لقاعات الأرشيف الوطني للأفلام،
فهو لن يكون مركزاً للتخرين، بل مركزاً ثقافياً مصغراً".
وكشف آل عياف عن أبرز التحديات التي تواجهها الهيئة في هذا
الصد، قائلاً إنّ "البحث عن المواهب المتخصصة في مجالات مثل أرشفة وترميم
الأفلام القديمة هو الأبرز، فنعمل حالياً مع شركاء عالميين وعرب على تأسيس
هذه الأقسام وتدريب الشباب السعوديين، وأيضاً محاولة إيجاد أو بناء وتأهيل
هذه الكوادر المتخصصة في وقتٍ سريع".
وأضاف: "أعتقد أن أحد التحديات التي نواجهها، يكمن في رفع
سقف التوقعات ليس فقط من صُناع القرار في وزارة الثقافة، بل حتى من الجمهور
العربي والعالمي، يريدون أن يُشاهدوا ما ستفعل المملكة العربية السعودية في
هذا الجانب".
دور السينما
وكشف آل عياف أنّ السعودية هي الدولة الوحيدة حول العالم
التي ازداد فيها عدد صالات السينما خلال فترة فيروس كورونا.
وقال لـ"الشرق": "عندما أُغلقت وتوقفت دور العرض في العالم،
كنا نحن نبني ونؤسس دور عرض جديدة، فعدد الصالات بالمملكة تزداد كل شهر
تقريباً، فالسعودية سوق واعد جداً، كون تجمع بين أمرين مهمين لأي سوق
سينمائية، وهما القدرة الشرائية والتعداد السكاني الكافي، لإنجاح أي فيلم
يُعرض بداخلها، وهذا قد لا يتوفر في بعض الدول".
وأضاف: "التعداد السكاني للمملكة حالياً حوالي 30 مليون
نسمة، ونتوقع وصوله إلى 40 مليون نسمة بعد 8 أعوام، فيما وصل عدد صالات
السينما لـ510 تقريباً، ونطمح لزيادة هذا العدد ليصل إلى 2600 صالة مع حلول
عام 2030، ليكون هناك دور عرض في المدن الكبيرة والمتوسطة وحتى الصغيرة،
لأن الترفيه حق لكل الناس".
وتابع: "أصبحنا رقماً حاضراً بقوة في معادلة أسواق السينما
في العالم العربي وحتى في العالم، وأي مُنتج صار يعمل حساباً للسوق
السعودية قبل إنتاج فيلمه"، لافتاً إلى أنّ فيلم "وقفة رجالة"، حقق "ملايين
الدولارات كإيرادات في السعودية"، ليُصبح "أكثر فيلم تحقيقاً للربح في
تاريخ السينما المصرية".
واعتبر أنّ "امتداد حفلات السينما لما بعد منتصف الليل في
دور العرض، يعكس حالة التعطش للسينما، كما أنّ ثقافة استهلاك الأفلام جزء
من ثقافة جيل الشاب لدينا، وذلك الأمر ليس وليد اللحظة، فهو موجود بالمملكة
منذ وقت سوق الفيديو"، متابعاً أنّ "السوق السعودية سيكون جزءاً هاماً في
صناعة الأفلام، وليس في التوزيع فقط، وسيُضع اسمه على الخريطة العالمية من
ناحية الأسواق السينمائية".
"قصص
تستحق أن تروى"
وأشار آل عياف إلى أولويات الهيئة في الفترة المقبلة،
قائلاً إن "الأولوية لدينا هي تقديم فيلم سعودي جيد، فنحن مؤمنين تماماً
بأن لدينا قصص جيدة تستحق أن تُروى للعالم، وأعتقد أن السعودية رغم أهميتها
جغرافياً وسياسياً وثقافياً، الكثير من الناس حتى العرب لا يعرف الكثير
عنها سوى ما يراه في التلفاز، وأنا لا أتكلم عن محاولة التأثير على
الآخرين، بل أتحدث عن أن يكون للسعوديين حق مثل أي شعب آخر في أن يروي
قصصه، وهدفي هو الجمهور السعودي أولاً، فأنا أريد أن أشاهد قصصي أولاً ثم
أشاهد قصص الآخرين".
وحول استقطاب الأفلام العالمية للتصوير داخل السعودية، قال
عبد الله آل عياف: "استقطاب فيلم أجنبي للتصوير داخل المملكة، مهم لجلب
استثمارات وأموال جيدة، فهذا أمر إيجابي للصناعة بشكلٍ عام، كما أنه يُظهر
السعودية في الأفلام، وهذا في حد ذاته مُفيد للبلد، والأهم في نظري ضرورة
أن يحتك صانع الفيلم السعودي بصانع الفيلم العالمي الجيد، وأن نكتسب
الخبرات، لذلك أي فيلم يأتي للتصوير في السعودية مُرحب به، أهم شيء مُشاركة
عناصر سعودية أو شخصيات عربية مقيمة في المملكة في صناعة العمل، فإذا زاد
عدد الطاقم المحلي يزداد النقاط، ضمن برنامج الحوافز لتصل نسبة المبلغ
المسترد إلى 40% من إجمالي ما تم صرفه".
وأوضح أنّ "برنامج الحوافز يُعتبر من أكثر البرامج منافسة
وجذب على مستوى العالم، والسبب أننا في السعودية، نريد أن نؤسس صناعة
ونحتاج أفلام جيدة كبيرة".
"صوت
المرأة"
وتطرق رئيس هيئة الأفلام السعودية، إلى تمكين ومشاركة
المرأة في صناعة الأفلام، إذ أشاد بدورهن وإنجازتهن قائلاً: "أصبحن يحققن
جوائز على منصات ومهرجانات وفعاليات سينمائية بشكلٍ مشرف، والمرأة السعودية
تحصل على نفس الفرصة في التدريب، إذ نحرص أن يكون هناك عدد كافي من صانعات
الأفلام، لأننا نحتاج صوت المرأة في السينما، ونحن فخورون بما تُقدمه
السيدات وصانعات الأفلام، ليس فقط كمخرجات وكاتبات، بل أيضاً كمديرات
تصوير، أو إنتاج".
"تحديات"
وأشار آل عياف في نهاية مقابلته مع "الشرق"، إلى حجم
التحديات التي تواجهها صناعة السينما في العالم، وبالتالي السينما
السعودية، قائلاً إنّ "صناعة السينما تمر حالياً بتحولات جذرية، خصوصاً
انتقال الجمهور من صالات السينما للمُشاهدة عبر الإنترنت والمنصات الرقمية،
بجانب تغيير شكل الأفلام الطويلة، والتي صارت تُقسم إلى 4 حلقات تقريباً،
وهناك مسلسلات تُعرض وكأنها فيلم، فأصبح تعريف الفيلم أحد التحديات التي
يواجهها القائمون على الصناعة في العالم كله، وليست في المملكة فحسب، لذلك
يجب الاستعداد والتنبؤ لما يحدث في المستقبل".
وحول استعداد الهيئة للمشاركة في "مهرجان كان" السينمائي
خلال الدورة 75، التي تبدأ 16 مايو الجاري، قال: "سنُعلن عن حدث هام لصناعة
السينما السعودية في مهرجان كان هذه المرة، وأذكر أن مدير السوق في مهرجان
كان العام الماضي، قال لي إن الأرقام لديهم تقول إن جناح المملكة العربية
السعودية كان الأكثر زيارة في الدورة الأخيرة، وهو أمر نفخر به". |