كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

النسوية تكتسح المشهد وحدود الجزائر - المغرب مساحة سينمائية

برلين - قيس قاسم

مهرجان برلين السينمائي الدولي

الدورة الثامنة والستون

   
 
 
 
 

لا أحد من ضيوف مهرجان برلين السينمائي بإمكانه البت بحكم حول مستوى دورة من دوراته وتحديد مستواها خلال الأيام الأولى منها فحسب، لسبب بسيط كون مهرجان كبير مثل البرليناله لا يكشف عادة عن كل أوراقه دفعة واحدة، فيحتفظ بالكثير من القوية منها وبخاصة في مسابقاته حتى النهاية، ليبقى الشد والترقب سائديّن. وهذا ما جرى بالفعل في الأيام الأولى من الدورة الثامنة والستين للبرليناله. فبعد عروض بسيطة في المسابقة الكبرى جاءت أخرى وخلقت بدلاً منها انطباعاً بأن ما تبقى منها قد يأتي بالمفاجآت الكبيرة، ويعزز الفكرة التي تقول؛ لن يخرج المتابع لفعالياتها بحكم قاطع، إلا بعد إعلان الاختتام وتوزيع الجوائز لتوضع الأمور في نصابها؛ في حين سيبقى لكل يوم منها له طعمه الخاص ومن عروضه يظهر غير المتوقع كالفيلم البارغواي/ الأوراغوي المشترك «الوريثتان» للمخرج مارسيلّو مارتينيزي، وحكايته المشبعة بالمناخ اللاتيني، الخليط بين سحرية وواقعية تتبادلان المكان من دون وضع خطوط فاصلة بينهما وحكاية المرأتين، المنتميتين إلى الأستقراطية الآفلة وظهور برجوازيات غير مترسخة تعمل على إزاحتها دون رحمة وتدفع بعض المنتمين إليها للقبول بالواقع الجديد والتكيّف معه وفق شروط المُهمين الجديد.

روح شعرية

حكاية السيدتين والعلاقة بينهما كتبت بروح شعرية، غموضها نشر إحساساً بغرابة علاقة تُركت كما هي، من دون خوض في تفاصيلها، لتفتح بدورها أمام مشاهدها مساحات كبيرة للتأويل فيما الجزء المتعلق بالمرأة المريضة صاحبة البيت المهددة بالزوال، أعادت أرواحاً شبه ميتة إلى الحياة ثانية. تلك السيدة الرافضة لقبول المساعدة ستجد نفسها بعد دخول صديقتها السجن مضطرة للقبول بالعمل كسائقة بسيارتها «المرسيدس» عند بعض سيدات المجتمع الراقي. ومن خلال عملها تعاد إليها حيوية أيام لم تعشها كما كان ينبغي لها أن تعاش. حيوية نقلها إلى الشاشة وإنسانية نص فيه من الديناميكية الداخلية فتح باب التوقعات واسعاً فظل هذا بين أكثر الأفلام ترشيحاً للفوز بجائزة الدب الذهبي. غير أن ثمة منافسين له قوتهم متأتية لا من قوة صنعة أفلامهم وحدها، بل أيضاً من تقارب موضوع «النسوية» الطاغي في متن الكثير منها والذي يمثل علامة بارزة في أغلب مسابقات الدورة الحالية، ومعها يطرح للبحث موضوع مدى فاعلية «القصدية» في العمل السينمائي ومدى فائدة إتاحة فرص مهمة لها في المهرجانات الكبيرة؟.

أكثر من أم واحدة

ربما ذلك السؤال يصبح مفهوماً أكثر عند الحديث عن الفيلم الإيطالي «ابنة ليّ» للمخرجة لورا بيسبوري، وما أراد توصيله خلال عمل ليس فيه الكثير ما يقنع بقبوله في المسابقة سوى الميل الأوربي المتزايد إلى فكرة تعدد الأمهات وأحياناً حتى الآباء للطفل الواحد. ليس هناك حدود للأفكار لكن أن تسبق السينما بأشواط بداياتها ففيه شيء من العُجالة والأرادوية بخاصة حين تقدم بأسلوب سينمائي غير مقنع. حكاية المرأتين الإيطاليّتين الفقيرتين في الساحل الإيطالي تسمح بإنتاج تراجيديات فردية، لكن أن تأتي في سياقها تغيّرات إيجابية مكتوبة بسذاجة، فموضوع النسوية هنا يعيد إنتاج الأسئلة المبكرة حول «الظواهر» الاجتماعية الجديدة ومدى إمكانية السينمائي على تقديمها بما يتوافق مع طليعيتها؟

ربما في هذا المجال يعد فيلم «3 أيام في غوبرون» أو ثلاثة أيام من حياة الممثلة العالمية رومي شنايدر للمخرجة أميلي أتيف نموذجاً على التوازن الدقيق بين ميل لظاهرة النسوية وبين التمسك بقواعد العمل السينمائي الكلاسيكي. فيلم مشبع بروح الشخصية الأصلية وأيام قليلة من حياتها عانت فيها من تمزقات وحالات يأس ربما كانت ستقودها إلى الانتحار لولا وجود مجموعة علاقات إنسانية أحاطتها خلال تلك الأيام وأعادت لها الأمل في عيش حياتها والمضي بها. الدور الذي لعبته ماريا بومر يكشف عن موهبة مدهشة وقادرة على نقل فصل من حياة إنسان حقيقي عرف عنه حساسيته الشديدة وتحت ضغط الحياة والعمل في حقل السينما تشتتت روحه وتأزمت وبالتالي أصبحت مفتوحة على كل الاحتمالات. في فيلم الألمانية تكثيف رائع لها أوصلته من دون مقدمات دعائية إلى قائمة الأفلام الأهم حتى اللحظة فيما يعيد نصه فكرة النسوية من زاوية أخرى تتعلق بالنساء الموهوبات واللواتي يلعبن أدواراً يحظين بسببها بشهرة تكون هي في كثير من الأحيان وبالاً عليهن. وربما بهذا المعنى يأتي فيلم أتيف في سياق الحملة المعلنة ضد التحرش الجنسي في شكل خاص في حقل السينما، وإن لم يطرح في شكل فظ ومباشر لكنه حاول إعادة العلاقة بين الشهيرات ورجال الإعلام والصحافة على مائدة البحث الإبداعي والتفكير بالقيّم المفترض أن تسود بينهما.

كل ذلك جاء في الأيام الثلاثة التي أعادتنا لمعايشة فصل من حياة ممثلة كبيرة، الفيلم الصغير عنها ربما يحق للمعجبين به وضعه بين كبار الدورة الأخيرة للبرلينالة ويزيد التنافس على دور أحسن ممثلة بعد بروز بطلة الفيلم السويدي «قمة على لا شيء» أو («العقار» في الترجمة الدولية) والشابة النرويجية في «أوتويا 22 يوليو». الأول يذكر بقوة بفيلم «المربع» الحاصل على سعفة كان الماضية والثاني قوة تنفيذه التقني وآنية موضوعه بررت وجوده بين المتنافسين على الجائزة.

مآس مغاربية

المغربية نرجس نجار تأتي إلى البرليناله بفيلم مناخه نسوي بامتياز أو «أنثوي» الروح مع أن موضوعه يبدو بعيداً بمسافات عن «الترف» الغربي. من مآساة إبعاد عوائل مغربية مقيمة في الجزائز أواسط السبعينات، إلى خلف الحدود انطلق فيلمها «أباتريد» وبدلاً من الانغماس في المآساة من زوايا تفصيلية وعرض مساحة كبيرة من مشهد الهجرة القسري أخذت حياة الشابة «هنية» لتعبر عن شريحة من أكثر المتضررين بها كونها كانت طفلة يوم جاءت عنوة إلى وطنها الأصلي بصحبة والدها وبعد موته صارت تنتقل من يد إلى يد مثل دمية «جنسية» تتقاذفها الأيادي بعد الانتهاء منها فغدت تحلم وتعمل على العودة إلى الجزائز الوطن والمنزل الذي تحن إليه. فيلم «مناخ» فيه من غموض الشرق ومكامن العلاقات الباطنية المسكوت عنها والمعبر عنها طيلة الوقت بالصمت والقبول بمصائر تراجيدية ينتهك فيها جسد المرأة وتحيله هدفاً سهلاً وحتى بالنسبة إلى صاحبته يصبح أحياناً وسيلة خلاص من بؤس، مجسد بحركة كاميرا هادئة وتعبيرات حسية إيمائية تنقل مرحلة نضج فتاة وجدت نفسها وحيدة في بلد يدعى وطناً لها، فيما سلوك أفراده عدائي استغلالي أزاءها، يتوج بزواجها من رجل عجوز ادعى العمى مقابل حصولها منه على أوراق رسمية تسمح لها بعبور الحدود والمسافة البحرية الصغيرة الفاصلة بين بلدين عربين. ثمة علاقات متداخلة في ذلك المكان الشاهد على اغتصابها وانتهاك جسدها وإنسانيتها وعلى حب ناقص من شاب متزوج من سيدة فرنسية متأرجح في مشاعره وخاضع بطريقة ما لوالده المتزوج بها وينتظر مولوداً منها هو في الحقيقة مولود ولده. برغماتية وأنانية المحيطين بهنية تكفيان لإحالة حياتها إلى جحيم عنوان انتهاكه المريع؛ جمالها وجسدها فيما البقية تعبّر عن رغباتها المكبوتة حيال الكائن المستلبة قوته بفعل سياسي يقلعه من جذوره فتتغيير وفق منطق الدول والسلطات الإدراية هوية الشخص، فيما التعامل مع الكائن الأنثوي يظل كما هو بغض النظر عن تلك التقويمات والمواقف. اشتغال نرجس على الصورة القريبة والتعبيرات الجنسية والإيماءات الحسية وتبريزها المطامع الشخصية جعلت من نصها عملاً مقبولاً يجمع بين الحالة الفردية في سياقها العام التراجيدي ويحمل في طياته تعبيرات عن ميول نسوية جرعاتها أحياناً فاضت يوم أدخلت الشخصية الفرنسية عليها لتزيد بها من تنويعات الكائن الأنثوي فيما كانت محاولة هرب الجزائرية تعبيراً عن رغبة إنسانية في عيش حياة سوية كانت هنية تستحقها مثل بقية النساء الموزعات بين الحدود وفي أكثر من مكان من عالم اليوم!.

الحياة اللندنية في

23.02.2018

 
 

مهرجان دبي السينمائي يضع المدينة على خريطة السينما العالمية

مساهماته الاقتصادية تصل إلى 50 مليون دولار سنوياً

برلين: محمد رُضـا

لا يجب أن يمر منح الإعلامي الإماراتي عبد الحميد جمعة، ومدير مهرجان دبي السينمائي مسعود أمر الله آل علي، جائزة العام السينمائية خلال الدورة الحالية لمهرجان برلين السينمائي الدولي من دون التوقف عند المغزى الكبير الذي تعنيه. هي جائزة تقديرية - إعلامية لا يستفيد منها الفائز بها وحده، بل تفوز بها الدولة التي ينتمي إليها أولاً، ويفوز بها المحفل الخاص الذي ينتمي إليه الفائز.

في هذه الحالة الماثلة، فإن نيل الجائزة التي تُـمنح للمرّة الأولى فإن نصيب الإمارات ومهرجان دبي السينمائي الذي يرأسه عبد الحميد جمعة يأتيان في المقدّمة إذا ما نظرنا إلى المغزى الماثل في ذلك التقدير.

من بعيد، حيث الفاصل الجغرافي شاسع بين برلين وأي عاصمة غير أوروبية، قد يبدو الأمر على أنه احتفاء مقبول ومفيد، لا أكثر ولا أقل. لكن هذا الأمر بالنسبة لصانعي السينما لا يؤخذ على هذا النحو مطلقاً. إنه حدث إعلامي مهم في قلب واحدة من أهم عواصم السينما الأوروبية، وفي مهرجان يمثل أحد الأعمدة الثلاثة بين المهرجانات العالمية الكبيرة (الآخران هما فينيسيا وكان). النظرة الأعمق لدلالات هذه الجائزة تكشف عن جانب قلما نفكر فيه، أو نمنحه الوقت اللازم للإمعان فيه، وهو أنه لولا نجاح مهرجان دبي السينمائي المتوالي منذ إقامته قبل 15 سنة لما استحق حتى لفتة بهذا الحجم والاهتمام.

مهرجان دبي، كما يشهد تاريخه الخاص، لم ينطلق بصفته ظاهرةً لافتةً ولا عيداً يُـضاف إلى أعياد كثيرة نحتفل بها، بل بصفته خطوةً لتكريس دبي مدينةً دوليةً. الخطوات اللاحقة من عام 2006 وما بعد أنجزت هذا التكريس والتفتت مباشرة إلى الهدف التالي وحققته، وهو: «كيف يمكن لهذا المهرجان الذي هو واحد من 3000 مهرجان سينمائي حول العالم يقام كل سنة، الحفاظ على النجاح الذي حققه منذ ذلك الحين ولمدى الحياة»؟

هذه ليست مهمّـة سهلة ولا هي مهمّـة ينخرط بها بعض المسؤولين كما لو كانت مغامرة قد تنجح أو تفشل، بل تأسيس متلازم مع نهضة الدولة ذاتها وحدث يمشي جنباً إلى جنب مع باقي الأحداث والنشاطات الرئيسية التي حوّلت دبي من مجرد طموح إلى إنجاز كبير.

تأثير شاسع

ضمن هذه الصورة نتلقف ثلاث حقائق لا تزال ماثلة دليلاً على أن مشروع دبي السينمائي نجح، ولا يمكن تجاهل هذا النجاح أو التقليل من شأنه:

الحقيقة الأولى، هي أن المهرجان بات الوطن الحقيقي للسينما العربية وعلى ثلاثة مستويات متفاعلة، وهي إماراتية وخليجية وعربية.

في الإمارات أدركت وجهتها. في السابق كان هذا الفن الراقي والجميل والمغاير لسينما الترفيه مجرد حلم في بال السينمائيين الإماراتيين. فجأة رشحت أسماء مشهود لها بالنجاح، أمثال علي مصطفى، نجوم الغانم، أحمد الأنصاري، هاني الشيباني، نهلة الفهد، عبد الله الكعبي، جميعهم حققوا أفلاماً تسجيلية وروائية حازت جوائز.

خليجياً، ومع أن السينما في دول الخليج عموماً بدأت قبل هذا المهرجان، إلا أنها لم تتحوّل إلى هاجس إبداعي وثقافي وفني واقتصادي إلا من بعد تأسيس مهرجان دبي. وما حدث مع مخرجي الإمارات حدث كذلك مع مخرجين خليجيين جدد وُلدوا تبعاً للمناسبة؛ إذ زادتهم ثقة بأن هناك بيتاً يستطيع ضمهم ومساعدتهم على خوض المستقبل.

واختلف حال السينما العربية بعد المهرجان، فعلى الرغم من وجود الكثير من المهرجانات التي تقام في العالم العربي وارتفاع منسوب الإنتاجات السينمائية من شمالي أفريقيا إلى دول الشرق الأوسط إلى منطقة الخليج، فإن معظم هذه الإنتاجات تفضل عرض تجاربها في مهرجان دبي لأهميته وثقتها فيه.

الحقيقة الثانية، تنظيمية وإدارية لأن ما سبق الخوض فيه أعلاه لم يكن ليتم لولا إدراك كامل بأهمية توفير الحدث على أساس رفيع من التنظيم، وساعد المهرجان أيضاً في تقديم دبي للعالم على أساس أنها مدينة حضارية تمثل نشاطات ناجحة على جميع الصعد الفنية.

الواقع هو أن كل عاصمة ثقافية أو فنية في العالم لديها مهرجان سينمائي يقام فيها (واحد على الأقل) من سان فرانسيسكو إلى لندن ومن برلين إلى ريو دجنيرو، وفي نيويورك ونيودلهي وساو باولو وموسكو وروما وكوالالامبور وتورونتو وفي مدن مثل فينيسيا وكان وسان سيباستيان.

الصناعة ليست إنتاجاً فقط

هذا لأن السينما كعروض وإنتاجات وحالات ثقافية وإعلامية، هي من الكيانات المهمّـة في حياة المدن التي تقيمها. وقد استوعب القائمون على هذا المهرجان هذه النقطة جيداً، فإذا به يتعاطى مباشرة مع 12 قسماً إدارياً وفنياً في وقت واحد يشكل منظومة صناعة السينما. كل واحد من هذه الأقسام يشمل وجهات وكيانات لا حصر لها.

في البداية نظر البعض داخل وخارج دولة الإمارات إلى مهرجان دبي بقدر غير خفي من الريبة والتساؤل حول إمكانية مهرجان يقام في بلد ليست فيه صناعة سينما أن يبرز، ليبرهن مهرجان دبي على أن ذلك ممكن؛ لأن الصناعة لا تتمثل في الإنتاج فقط (بعض العواصم المذكورة وفوقها هلسنكي وأمستردام واستوكهولم لديها مهرجانات رغم أن أفلامها لا تملك أسواقاً أكيدة)، إلا أن التنسيق مع القنوات التجارية والاقتصادية والإعلامية والترفيهية والفنية والاجتماعية هي أساس النجاح.

الحقيقة الثالثة، هي أن النتائج منذ الدورة الأولى وحتى اليوم برهنت على أن المهرجان نشط في الحياة السياسية العامّة ويفيد الوطن ويساهم في بنائه.

ذهب مهرجان دبي إلى التنفيذ وأنجز إلى الآن ما هو مذهل وبمقدار لا يرهق أي جهة، فعلى مدى 14 سنة عرض 1940 فيلماً، بينها 870 فيلماً من العالم العربي، وحقق أرباحاً اقتصادية مقدارها السنوي 183 مليون درهم (أكثر من 50 مليون دولار).

بحسب رصد النتائج أيضاً، حمل المهرجان اسم دبي إلى منصات السينما العالمية وفي أهم محافلها: «كان»، فينيسيا، تورونتو، برلين، وتناقلت أخباره وتابعت أعماله أمهات الصحف ووسائل الإعلام بحيث بات من بين تلك المناسبات الأهم والأكثر ترقباً.

وراء كل هذا الإنجاز فريق يؤمن به ودولة حديثة ترعاه وسواه من المشروعات الناطقة باسمها. وهذا هو الفارق الأساسي بينه وبين معظم مهرجانات العالم.

> نجوم عالميون لبّوا الدعوة

> الممثل توم كروز

> المخرج أوليفر ستون

> الممثلة ميشيل يوه

> الممثل مورغن فريمن

> الممثلة كايت بلانشت

> الممثل صامويل ل. جاكسون

الشرق الأوسط في

23.02.2018

 
 

الوثائقي المصري «الجمعية»:

تشريح الطبقات الاجتماعية في الأحياء الشعبية

رشا حسني

«الجمعية» هي اختراع مصري أصيل، وهي واحدة من الحلول التي لجأ إليها سكان المناطق الفقيرة وشديدة الفقر للتغلب على العوز وضيق ذات اليد، عن طريق تولي أحد الأشخاص مهمة تجميع مبلغ من المال من مجموعة من الأفراد، إما بشكل يومي أو شهري، حسب الاتفاق، وبعد تحديد أولويات احتياجات الأشخاص المشاركين، يتم تداول المبلغ بينهم تباعا، ليُمثل نظام الجمعية تحايلا مشروعا من أهالي تلك المناطق الشعبية الفقيرة على صعوبات الحياة التي يستحيل التعامل معها بأي شكل من أشكال المنطق القائم على الموازنة بين موارد تلك الأسر واحتياجاتها الأساسية في الحياة. وعن هذه الظاهرة المتأصلة تأتي حكاية المخرجة اللبنانية المصرية ريم صالح في أول أفلامها الوثائقية الطويلة «الجمعية» الذي شهد عرضه العالمي الأول من خلال مشاركته في قسم البانوراما، أحد أقسام مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته 68.

محاولة الحياة

اختارت صالح أن يكون هذا المظهر الاجتماعي المصري الأصيل هو مُدخلها لفهم وصية والدتها لها، وكانت والدتها قد أوصتها بأن تدفنها في مصر في مقابر أسرتها في منطقة روض الفرج، فقررت ريم أن تتعرف على أهل هذه المنطقة، كي تعرف لماذا أصرت والدتها على هذه الوصية، ما الذي أحبته والدتها في هذا الحي، وجعلها تتعلق به ولا يبرح ذاكرتها المادية والعاطفية، حتى بعد زواجها من لبناني ـ والد ريم ـ ورحيلها معه من حي روض الفرج ومن مصر كلها. وجاء اختيار ريم للجمعية، حيث انطلقت منه ليس فقط لرصد مجموعة من الأسر والأشخاص وحكاياتهم مع الجمعية، وشكل ارتباطهم بهذا المظهر الاجتماعي، ولكنها نفذت من خلاله إلى روح هؤلاء البشر، إلى نظرتهم للحياة وطريقة تعاملهم معها، فعلى الرغم من قسوة هذه الحياة عليهم، إلا أنهم ما زالوا يتمسكون بخيوط الأمل رغبة في الحياة، ما زالوا يضحكون ويرقصون ويستخدمون الجمعية كي يدخروا من الأموال ما يساعدهم على الزواج والاحتفال وممارسة فعل السعادة.

عادات ومسالب

كما كانت الجمعية مظهرا من مظاهر تغلب هذه الفئة الاجتماعية التي يُمثلها سكان حي روض الفرج، فكانت أيضا مظهرا كاشفا للعديد من الممارسات الاجتماعية الأخرى التي ساهمت بشكل كبير في تعقيد وضعهم الاجتماعي أكثر مما هو عليه، فتركت صالح للكاميرا مهمة رصد بعض تلك الممارسات بدون تحيز أو إدانة منها، ولكنه كفيل بأن يساعد المُشاهد على تكوين وجهة نظر تجاه ما يراه على الشاشة، فرصدت على سبيل المثال الزيجات المتعددة لإبراهيم شقيق دنيا على فترات متقاربة جدا وتكرار الطلاق لأسباب عبثية، كأن تلقي أم دنيا بالملح في عين العروس أثناء الزفة، كما رصدت من خلال تغليب المرأة لغريزة الأمومة لديها على أي شيء، من خلال قصة أم ياسين التي تطلقت من زوجها ثلاث مرات في كل مرة كانت تعود له كانت تُنجب طفلا جديدا لمجرد أنها تعشق الأطفال ولأنها تجد سعادتها في تربيتهم، بدون التفكير ولو للحظة واحدة في إمكانية تربية وتنشئة هؤلاء الأطفال، في ظل ظروف اقتصادية بالغة السوء، وفي ظل جود أب يرفض العمل والإنفاق على أولاده، معتبرة أن الجمعية سوف توفر لها حلا يساعدها على كساء الأطفال ودفع مصروفات تعليمهم ما قبل المدرسي. كذلك وضع المرأة في حي روض الفرج، الذي يمكن اعتباره نموذجا لوضعها في هذه الفئة الاجتماعية الفقيرة، من خلال العديد من النماذج على مدار أحداث وشخصيات الفيلم، على سبيل المثال «أم غريب» التي يطلقها زوجها عادل بعد زواج استمر ثلاثين عاما ليطردها من منزلها في حي روض الفرج، المنزل الذي قضت أكثر من نصف عمرها في خدمته وخدمة أولاده، تعمل أي عمل كان من شأنه تحسين مستوى الأسرة وإعانتها حتى إن كان هذا العمل هو حمل أنابيب البوتاجاز وتوصيلها للمنازل مقابل خمسة عشرة جنيها، فيتركها الشيخ عادل بعد كل هذا ليتزوج، بعد ذلك أربع نساء ويرفض لقاء أولاده ويدعي أنه قد عرف طريق الله، وأنه سيكتفي به عمن سواه، في مفارقة عبثية وكأن الله يمكن أن يرضى بما فعله بأم أولاده.

المنسيون

انطلقت صالح من وصية والدتها بالتعرف على أبناء حي روض الفرج دفنها وسطهم إلى ما هو أبعد من تلك الوصية الشخصية، إلى الحديث عن هؤلاء البشر الذين قد لا يعلم كثيرون عنهم شيئا، لا يعلمون عن وجودهم وعن طريقة عيشهم، عن العادات التي ظننا أنها انتهت وفوجئنا بأن شريحة عريضة من تلك الفئة الاجتماعية ما زالت تؤمن بها وبوجودها مثل، الختان التي أصرت فتاة لم تبلغ سن العاشرة على أن تخضع له على الرغم من معارضة والدها ووالدتها، عن طبيعة الوعي والتكوين المعرفي لتلك الفئة، وإلى أي حد وصل هذا الوعي، وهل هو حاضر بالأساس؟ أم أن غيابه هو الأزمة الحقيقية؟ فجاء الفيلم بمثابة التشريح الاجتماعي لفئة كاملة من خلال الحي الشعبي.

٭ ناقدة مصرية

القدس العربي اللندنية في

23.02.2018

 
 

من شرم الشيخ إلى برلين..

كل ما يجب أن تعرفه عن المخرج التشيكى جيرى مينزل

كتب على الكشوطى

يمنح اليوم الجمعة مهرجان برلين السينمائي في دورته الـ 68 كاميرا برلين للمخرج التشيكى جيرى مينزل الحاصل على جائزة الأوسكار، وذلك بحضور مدير المهرجان ديتر كوسليك، وإليكم كل ما يجب معرفته عن مينزل، والذي ترأس لجنة تحكيم مهرجان شرم الشيخ السينمائي في دورته الأولى.

ـ المخرج التشيكى جيرى مينزل حاصل على جائزة الأوسكار أفضل فيلم أجنبى عن فيلمه Closely Watched Trains

ـ الفيلم مر على إنتاجه 50 عاما، لكنه لا يزال يصلح للعرض وعندما تشاهده تشعر بأنه إنتاج حديث ولم يمر عليه كل تلك السنوات.

ـ يعد مينزل من أهم مخرجى التشيك، حيث رشح لجائزة الأوسكار أفضل فيلم أجنبى عن فيلمه My Sweet Little Village عام 1985 وفاز بجائزة مهرجان برلين 3 مرات بجائزة FIPRESCI عن فيلمهObsluhoval jsem anglického krále عام 2006 ونفس الجائزة لفيلم Skrivánci na niti، والدب الذهبى عن نفس الفيلم.

ـ نال جائزتين من مهرجان فينسيا الأولى عن فيلمهZivot a neobycejna dobrodruzstvi vojaka Ivana Conkina والثانية عن Postriziny.

ـ قال عن شرم الشيخ إنه لم يجد الراحة التى شعر بها فيها فى أى مكان آخر.

ـ يرى أن السينما التشيكية مختلفة عن ظروف صناعة السينما الأمريكية وانها تقدم أفلاما بلغتها ولسكانها.

ـ يرى أن الأفلام الأمريكية ليست أفلاما ذكية وأن السينما فى أوروبا تعكس ثقافة المجتمع.

رغم أنه مخرج إلا انه لا يحب مشاهدة الأفلام ويعتبرها مضيعة للوقت ويفضل القراءة.

اليوم السابع المصرية في

23.02.2018

 
 

"الخنزير" فيلم يتحدى الصور النمطية عن إيران

الفيلم يدور حول المخرج حسن قاسمي الذي انتابه الرعب بعد إدراج اسمه على لائحة سوداء ويخسر الممثلة التي صنع منها نجمة.

برلين - قال المخرج الإيراني ماني حقيقي إن فيلمه الكوميدي الذي يدور حول مخرج أفلام تحميه عائلته من قاتل محترف، يتحدى الصور النمطية الشائعة عن إيران ونسائها في مهرجان برلين السينمائي.

وقال حقيقي في مؤتمر صحافي بعد عرض فيلم “خوك” أو الخنزير الأربعاء “هناك نساء قويات في إيران، واخترت أن أظهر ذلك في مقابل الصورة المعتادة التي تقدّم لكم النساء الإيرانيات كضحية”.

ويدور الفيلم حول المخرج حسن قاسمي الذي انتابه الرعب بعد إدراج اسمه على لائحة سوداء ويخسر الممثلة التي صنع منها نجمة، والتي تريد الآن العمل مع مخرج منافس، كما تفترسه الغيرة حينما يتجاهله قاتل محترف يستهدف المخرجين المشهورين في طهران.

وتبلغه أمه أن القاتل يحتفظ بالأفضل للآخر، لكن الأمر انتهى باتهامه زورا على مواقع التواصل الاجتماعي بأنه هو ذلك القاتل المحترف، ولم يكن هناك إلاّ أمه وزوجته وابنته لحمايته من الإعدام ومن الهجوم عليه على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويواجه المخرجون في إيران الرقابة، بل والسجن، إذا ما تجاوزوا الأعراف المقبولة بشأن مواضيع مثل الجنس والسياسة، لكن حقيقي الذي يعتزم عرض فيلمه في إيران قال “سئمت أسئلة الصحافيين المتكرّرة عن آرائي السياسية والرقابة في بلادي”، وأضاف “كم مرة يتعيّن علينا أن نسمع ذلك؟ نعم هناك رقابة في إيران، نعم من الصعب التكيّف معها، ونعم نتعامل مع الأمر، لكن هناك أمورا أهم بكثير يمكن مناقشتها”.

وعرض المهرجان الأربعاء أيضا ثالث فيلم ألماني مشارك في المهرجان، ويحمل عنوان “أخي يدعى روبرت وهو أبله” للمخرج فيليب جرونينغ، ويحكي عن قصة توأمين يمران بمرحلة التغيرات التي تحدث في سن البلوغ.

وخارج المسابقة، عُرض فيلم “تسليم أونزين” للمخرج الأميركي ستيفن سودربرغ، وتجسد فيه الممثلة كلير فوي، شخصية امرأة محبوسة في مصحة نفسية رغم إرادتها.

وقال سودربرغ إنه مهتم “بما سيحدث للناس عندما يوضعون في نظام مصمّم لتجريدهم من هويتهم”، وقد صوّر سودربرغ الفيلم البالغة مدته 98 دقيقة على “آي فون”، وقال إن الجهاز ساعده في التحكم في إخراج الفيلم.

كما قدم المهرجان لعشاق الكاتبة السويدية الراحلة إستريد ليندغرين، فيلما عنها بعنوان “أصبحت إستريد” للمخرج فيشر كريستنزن، ويحكي الفيلم عن الأعوام الأولى في حياة الكاتبة، وتلعب الممثلة ألبا أوغوست دور البطولة في الفيلم، وقد تم تكريم أوغوست في المهرجان كواحدة من ألمع عشرة نجوم أوروبيين.

ومن المنتظر أن يتم توزيع جوائز المهرجان (الدب الذهبي والفضي) السبت، ويتنافس 19 فيلما على هذه الجوائز، وكانت فعاليات النسخة الثامنة والستين من المهرجان قد انطلقت في الخامس عشر من فبراير الجاري. ومن المنتظر أن يبلغ إجمالي عدد الأفلام التي سيتم عرضها في المهرجان حتى اختتامه نحو 400 فيلم.

العرب اللندنية في

23.02.2018

 
 

الممثلة الإيرانية ليلى حاتمي: أقف مع المتظاهرين في بلادي ضد تردي الأوضاع

برلين - خالد محمود

قالت الممثلة الإيرانية ليلى حاتمى إن الممارسات القمعية لنظام الملالى وأدوات العنف التى تستخدمها القوات الأمنية بحق مواطنى الجمهورية الاسلامية تثير الغضب وتدعو للاستياء، وانها ترفض استخدام القوة مع المتظاهرين.

وعقب عرض فيلمها «الخنزير» الذى يشارك فى المسابقة الرسمية لمهرجان برلين، أكدت أن العنف لن يولد إلا العنف، وأنا اقف فى صف المتظاهرين، فهؤلاء المتظاهرون خرجوا إلى الشوارع بسبب تردى الأوضاع السياسية والاقتصادية والاحوال الاجتماعية ايضا.

وأضافت حاتمى: أود استغلال هذه الفرصة كى أبدى كامل حزنى وأسفى لما لاقاه المحتجون أخيرا فى إيران، فمن المؤسف أن شعبنا لا يمكنه أن يعترض أو يحتج إلا بعد تقديم روحه فى المظاهرات».

وتابعت: فما حدث دفعنى، ولأول مرة، إلى أن أعبر عن آرائى السياسية وامام العالم، وفيلم «الخنزير» الذى يمثل السينما الإيرانية هذا العام فى مسابقة برلين، يقدم مخرجه مانى حقيقى المجتمع الايرانى بصورة اكثر جرأة، سواء من حيث لغة الحوار أو اظهار العواطف أو سلوك الشخصيات، وان كان مخرجه قد لجأ للكوميديا والفانتازيا كغطاء لاطروحاته.

واوضحت بأن الفيلم يحكى قصة فنان شهير يريد أن يقتحم عالم الاخراج من أجل حبيبته، ولكن يواجه العديد من المواقف الصعبة والمحرجة والكوميدية بسبب هلاوسه الخاصة، وعقله الباطن الذى يسيطر على مجرى حياته.

فيلم خنزير يشارك فى بطولته ليلى حاتمى وليلى رشيدى وسيامك انصارى وعلى باقرى وحسن معجونى وآيناز آذرهوش.

على جانب آخر شاركت مؤسسة السينما الإيرانية بسبعة أفلام متنوعة من خلال جناح منفصل فى مركز سوق الافلام بمهرجان برلين فى دورته الـ68، بينهما فيلمان روائيان طويلان هما «دايان» للمخرج بهروز نورانى» و(الابطال الصغار) للمخرج حسين قناعت»، وفيلمان وثائقيان، «ادوارد» للمخرج «محمد باقر شاهين»، و(طريق القلب) للمخرج «مهدى زمانبور كياسرى»، وفليمان قصيران، (تحريف إحدى الرسائل)و» (الرجل الذى نسى ان يتنفس)، وفيلم انيميشن، (السيد كوزن).

الشروق المصرية في

23.02.2018

 
 

هذا الجمهور يستحق (الدُّب الذهبى) الهجرة غير الشرعية فى (الدورادو) تؤرق العالم!!

طارق الشناوي

لن تجد أفلاما عن الهجرة غير الشرعية فى المسابقة الرسمية للمهرجان، إلا أنك ستلمح فيلما مهما عُرض قبل 48 ساعة ويحمل اسم (الدورادو) واختارت إدارة المهرجان برمجته خارج التسابق، لأسباب أتصورها متعلقة بعدد الأفلام المشاركة، وطبيعة المهرجان لهذه الدورة، ولا يعنى الأمر أن هناك توجها سياسيا يوقف حالة التماهى مع قضية اللاجئين، حيث إن مهرجان (برلين) كنت ولاأزال أراه هو أكثر المهرجانات الذى يولى اهتماما ملحوظا فى الأفلام المعروضة، بأن تتبنى القضايا التى يعيشها العالم، وعلى رأسها قبول الآخر، مع تحفظى على تعبير الآخر، برغم انتشاره فى السنوات الأخيرة، فى كل الثقافات وبكل اللغات، لأنه يحمل بطبعه نوعا من التضاد المباشر بين إنسان وإنسان، رغم أن المشترك بينهما هو الإنسان، وهذا وحده يعد سببا كافيا لكى نوقف استخدام تعبير الآخر، حتى لا يصبح كل منا آخر لآخر.

قبل عامين كانت (التيمة) السائدة هى أفلام الهجرة لتحقيق الحلم الذى يداعب الشعوب الفقيرة، خاصة من أفريقيا، اسم الفيلم كان يحمل إنذارا وتحذيرا (النار فى البحر) وحصل على (الدب الذهبى)، الفيلم تسجيلى أو فى الحقيقة يميل أكثر إلى الروح التسجيلية، برغم وجود مشاهد روائية وهو ما يعرف بـ(السيمى دراما) شبه الدرامى، وكثيرا ما يحدث خلط بينهما، ينبغى فى كل الأحوال أن تطغى روح الفيلم التسجيلى على مفردات العمل، بما فيها الشق الروائى، ليصبح الفيلم نسيجا واحدا.

هذه المرة عُرض الفيلم السويسرى (الدورادو) خارج التسابق، وهو من المرات القليلة هذا العام فى (برلين) التى يصفق فيها الجمهور من الصحفيين والنقاد لفيلم فرض نسيجه الفنى تعدد اللغات، فرنسية وإنجليزية وإيطالية وعربية، مع تعدد منصات الهجرة وأسبابها، الفيلم برغم تجريمه لفكرة الهجرة غير الشرعية إلا أنه يتعاطف مع هؤلاء وهو يقدم حياتهم فى محاولة للقفز بعيدا عن تلك الأسوار، التى تقف حجر عثرة تجاه تحقيق الأحلام والتى تنتهى عادة، وكما يقدمها الفيلم، بالموت غرقا أو قتلا أو حرقا، فى (الدورادو)، يتابع كيف تتعامل الدولة ونظامها مع هؤلاء الذين فى العادة يحرقون أوراقهم القديمة قبل أن يلقوا بأنفسهم فى المركب المطاطى، وهذا ما يفسر لك مثلا لماذا يطلقون عليهم فى المغرب العربى (حراقة) لأنها تعنى الحريق، وكان أكثر من مخرج قد تناول جانبا من حياتهم مثل الجزائرى (مرزاق علواش)، (النار فى البحر) تناول المعاناة قبل الوصول للشاطئ الآخر، وكيف أن الموت غرقا أو حرقا هو النهاية المرتقبة، أما الفيلم السويسرى (الدورادو) للمخرج ماركوس لمهوف، فلقد تابع رحلتهم حتى المياه الإقليمية لإيطاليا، فى المرحلة الأولى التى يتم خلالها القبض عليه والكشف الطبى، وتحديد إقامتهم فى معسكر غير آدمى، وتأتى مرحلة الأزمة، إما أن تعمل المرأة عاهرة أو الرجل يشارك فى جمع الطماطم وهذا هو أقصى ما يمكن تحقيقه من طموح، لينتهى الأمر بالترحيل والعودة مرة أخرى للأمل المفقود.

كانت ولاتزال ليبيا خاصة بعد ثورة الربيع العربى، التى أطاحت بمعمر القذافى، هى المكان الأفضل لتحقيق تلك الأحلام المسروقة وأيضا المستحيلة.

ويأتى العرض الرسمى ولكن خارج حدود التسابق لنقترب من قضية مهمة وشائكة، بعض المخرجين بسبب حساسية تاريخهم عبر تراكم السنين لا يفضلون فكرة التسابق، فى مرحلة عمرية معينة لا يجد الفنان رغبة فى أن يخضع لتقييم لجنة تحكيم، خاصة عندما تصبح لديه خبرة فى هذا الشأن، ويكتشف أن هناك تفاصيل عديدة يتم تداولها فى المناقشات، وأنه ليس بالضرورة الانحياز فى نهاية الأمر للأفضل فنيا، كما أن النظام الديمقراطى الخاضع للتصويت واحتساب الرقم لإعلان الفائز، برغم أنه بالقياس للوجه الآخر من الصورة هو النظام الديكتاتورى، يظل الاحتكام للتصويت هو الأفضل، إلا أنه لا يعنى بالضرورة أن يصل للنتائج الأفضل، كان يوسف شاهين مثلا فى المسابقات الداخلية وبينها تلك التى تقام من خلال المهرجان القومى فى مصر يفضل ألا يترشح لجائزة الاخراج، على اعتبار أن كل المشاركين تلاميذه، سواء بالمعنى المباشر للكلمة، أو تولى التدريس لهم فى معهد السينما، حيث إنه حتى منتصف الثمانينيات كان يحرص على تدريس مادة حرفية الإخراج لطلبة معهد السينما فى السنة الأولى، وكاتب هذه السطور كان واحدا من هؤلاء الطلبة، أستطيع أن أقول مطمئنا إنه كان يمتلك أدوات المدرس، ولكن هناك أيضا المعنى الأوسع لكلمة الأستاذ، من خلال أفلامه التى شاهدها عدد من شباب المهنة فصاروا متيمين بها ولهذا كان يوسف شاهين يشعر بحرج لو تسابق معهم، وإن كنت أرى قطعا أن ( الدورادو) لم يشارك فى التسابق لحسبة فنية أكثر من كونها شخصية رأتها إدارة المهرجان.

تعلن مساء اليوم وسط حفاوة وإقبال إعلامى وجماهيرى تجاوز 5 آلاف ناقد وصحفى ومعلق يتسابقون لملاحقة أفلام هذا الحدث العالمى، فى تلك الدورة التى تحمل رقم 68، وبعيدا عما تثيره عادة النتائج، ما بين مؤيد إلى حدود الهتاف للجنة التحكيم والمطالبة ببقائها مدى الحياة، ومستهجن مشككا فى توجهها ومطالبا بإسقاطها فورا، هذه التناقضات فى الرؤية تظل من طبائع التقييم الفنى، الذى مهما وضعنا له من قواعد ومحددات، فالأمر يخضع فى جانب كبير منه للذوق الشخصى، لا تصدقوا أن الموضوعية والقواعد الصارمة هى وحدها تملك مفتاح التقييم، هناك بالطبع معايير، ولكن الإبداع يأتى ليهدم قاعدة مستقرة ليبنى على أطلالها إبداعا آخر، ولو أعدت تشكيل لجنة تحكيم- أى لجنة تحكيم- لحصلت بالضرورة على نتائج مغايرة.

أريد أن أحدثكم عن قيمة أراها تقف دائما وراء تلك الصورة المبهرة لمهرجان برلين، إنه الجمهور الصانع الأول لهذا الشغف الذى يمنح المهرجان خصوصيته، ولو أحلت المشاعر إلى رقم لاكتشفت أن الإقبال الجماهيرى يصل إلى نصف مليون تذكرة.

دعونا نترقب معا مساء اليوم لمن انحازت فى نهاية الأمر لجنة التحكيم التى يرأسها المخرج الألمانى الشهير توم تيكوير!!.

tarekelshinnawi@yahoo.com

المصري اليوم في

23.02.2018

 
 

ألدورادو يكشف النقاب عن استعباد اللاجئين الأفارقة في مزارع الطماطم الإيطالية في برلين السينمائي

مني شديد

بعد تصاعد موجات اللاجئين من دول عربية وإفريقية إلي أوروبا خلال السنوات الأخيرة‏,‏ أصبحت قصصهم موضوعات رئيسية في العديد من الأفلام السينمائية‏,‏ التي يسعي بعض المخرجين من خلالها للكشف عن الكثير من المعلومات والتفاصيل عن طريقة تعامل الدول الاوروبية ومؤسساتها مع هذه الأزمة‏,‏ ويطرحون تساؤلات عما اذا كانت هذه المؤسسات تقدم دعما حقيقيا للاجئين أما أنها تضيف فصولا جديدة لمآساة حياتهم‏.‏

المخرج السويسري ماركوس إيمهوف يتتبع قضايا اللاجئين منذ سنوات طويلة, وحصل علي الدب الفضي لمهرجان برلين السينمائي الدولي في عام1981 عن فيلمه لا يوجد مكان في القارب الذي تناول فيه قصة6 لاجئين في سويسرا هربوا من النازية اثناء الحرب العالمية الثانية, ويعود للمهرجان هذا العام بفيلم ألدورادو عن اللاجئين الأفارقة والعرب في إيطاليا وما يتعرضون له منذ لحظة وصولهم إلي الاراضي الايطالية, والكشف عليهم وتسجيل بياناتهم وتسكينهم في معسكرات للاجئين لحين نظر السلطات الحكومية في إمكانية قبول لجوؤهم من عدمه.

واصطحب ماركوس ايمهوف خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب عرض الفيلم في برلين اللاجئ أخيت تويندي من بوركينا فاسو الذي قام بالتصوير معه, وكذلك رافييل فالكون احد الناشطين الذي يحاول مساعدة اللاجئين الذي تعرضوا لما يشبه العبودية في منطقة تضم مزارع الطماطم بايطاليا يعمل بها الافارقة المقيمين بشكل غير شرعي بعد أن تم رفض طلبات اللجوء الخاصة, ويعملون في هذه المزارع التي تمتلكها المافيا وشركات متعددة الجنسيات بمبالغ زهيدة جدا ولساعات عمل طويل تمتد لأكثر من18 أو20 ساعة يوميا بينما تجبر النساء علي العمل في البغاء.

وقال أخيت إن البعض يعتبرونه محظوظا لأنه تخلص من هذا المصير لكن الحقيقة هي أن الشجاعة وإصرار الشخص علي تحقيق ما يتمناه هو الذي يقود مسار حياته, حيث كان يتمني أن يدرس في ايطاليا عندما طلب اللجوء في البداية ثم حصل علي مساعدة من احدي المؤسسات وأرسلته للدراسة في جامعة السوربون بفرنسا والتي يدرس فيها حاليا إلي جانب عمله مقابل اجر زهيد في مطعم صغير حتي يستطيع الانفاق علي نفسه, مؤكدا أنه لا يعتبر نفسه محظوظا كما يري البعض فربما تكون حياته الان اكثر استقرارا لكنها لم تكن سهلة علي الاطلاق ومازال يواجه المشاكل حيث أن الاوراق التي يحملها هي ليست اوراق لاجئ أو مقيم في اوروبا وإنما أوراق مؤقتة بختم ايطالي وغير معترف بها بشكل حقيقي وتسمح له فقط لأسباب انسانية بالدراسة في فرنسا, ولكن لا يحق له الحصول علي تأشيرة الشنجن الاوروبية أو الانتقال من دولة لاخري.

وأضاف أنه لا يستطيع أن يسافر بالطائرة أو يعبر الحدود ولهذا لم يكن من الممكن له ابدا أن يحضر المهرجان لولا تدخل رئيس المهرجان ديتر جوسلينج حيث لم يتم التحقق من هذه الاوراق علي الحدود وتم السماح له بالدخول إلي المانيا لحضور المهرجان فقط ومشاهدة الفيلم لأول مرة, مؤكدا أن هذا لا يحدث مع الجميع وإنما كان مجرد استثناء, مشيرا إلي أن مشاهده في الفيلم تم تصويرها عام2015 في ايطاليا ومشاهدته الآن تعيد إليه ذكريات سيئة جدا لا يستطيع أن يمحوها من عقله وولدت مشاعر بالكراهية والغضب.

وأشار إلي أنه ليس لديه ثقة في الصحفيين والإعلاميين بسبب طريقتهم في نقل المعلومات, ويعتبر ماركوس ايمهوف أول شخص يقبل أخيت أن يظهر معه في الفيلم أمام الكاميرا لاقتناعه بأنه يؤمن بقضية اللاجئين ومعاناتهم, مطالبا الصحفيين بالصدق في نقل المعلومات وعدم تجاهل اجزاء منها أو تحريفها ارضاء للقراء أو المؤسسات.

وأكد أن حل هذه الأزمة في التعليم فإذا توفر التعليم للجميع ستحتفظ الأحوال تماما, ومشيرا إلي اللاجئ كل ما يريده هو حياة أفضل وإذا توفرت له هذه الحياة في بلده الاصلي لن يغادرها ابدا ولن يذهب لبلد آخر.

وقال المخرج ماركوس ايمهوف أنه قرر أن يقدم قصة هؤلاء اللاجئين وربطها بقصته الشخصية مع جيفنوفا اللاجئة الإيطالية التي كانت جزء من عائلته خلال فترة الحرب العالمية الثانية وتعرضت للطرد والإقصاء من سويسرا رغما عنهم وأعيدت الي لبلدتها الإيطالية مرة أخري وعاشت في ظروف سيئة إلي أن توفيت في عمر28 سنة, مشيرا إلي أن تجربته الشخصية كانت أساس مشروع الفيلم وكل تفاصيله.

وعن طريقته في التصوير وإخفاء للكاميرا في بعض الأحيان, قال ايمهوف انه يصور هؤلاء الناس في ظروف استثنائية صعبة بالنسبة لهم ولم يكن يريد إيذائهم أو تصويرهم بطريقة استعراضية تعرضهم للخوف, مؤكدا ضرورة احترام الناس أثناء التصوير واحترام ظروفهم, ومشيرا إلي أن الفيلم بشكل أساسي عن السلطة وتحكم أشخاص سعداء يمتلكون القوة والسلطة في أشخاص تعساء أجبرتهم ظروفهم السيئة علي اللجوء إليهم.

وأشار إلي أنه كان يخبئ الكاميرا إلي أن يجد بين اللاجئين من لديه القدرة علي الحديث أمام الكاميرا, وهكذا بدأ التعارف بينه وبين أخيت والذي يعتبر ما وصل إليه الآن هو مثال للخامل وإن كان مازال يعاني من بعض المشاكل, مشيرا إلي أنه لابد أن يفكر كل شخص منا فيما يمكنه عمله للمساعدة ولا يجب أن تهدر كل الأطراف طاقتها في الصراخ والصراع فقط لابد من فعل أشياء إيجابية حتي يصبح العالم مكان أفضل لحياة الجميع.

وأضاف أن قصة اللاجئين في مزارع الطماطم تضعنا أمام حقيقة صعبة وهي انه عندما يأكل أيا منا السباجيتي الايطالي بصلصة الطماطم نكون بذلك ندعم العبودية التي يتعرض لها هؤلاء الأشخاص علي يد المافيا والشركات المتعددة الجنسيات المستغلة لظروفهم.

وقال رافييل إن هذا هو العمل الوحيد الذي يجدونه أمامهم ويعيشون بجوار هذه المزارع حياة أشبه بحياة الحيوانات وكأنهم أناس خفيون ولا أحد يعرف عنهم أي شيء وقد يموتون أثناء العمل ولن يعرف عنهم أحد شيئا ايضا فهم غير موجودين علي الإطلاق, والأعجب من هذا أن الطماطم المعلبة تباع بعد ذلك في أفريقيا والأفارقة لا يعرفون أنها معبأة بأيدي أهلهم الذين يعملون في مزارع ايطاليا بالسخرة لأكثر من20 ساعة يوميا بعد أن اضطرهم الجوع لمغادرة بلادهم.

ومن جانب اخر عرض في المسابقة الرسمية للمهرجان الفيلم المكسيكي المتحف للمخرج ألونسو رويزبالاسيوس وبطولة جيل جارسيا بورنيل, ويتناول قصة حقيقية عن واحدة من أكبر السرقات في العالم في عام1985 وهي سرقة اكثر من140 قطعة اثرية من متحف الفنون والأنثروبولوجي في مدينة مكسيكو والتي كانت المفاجأة فيها أن منفذي للسرقة اثنان من طلبة الجامعة ليس لهما اية سوابق إجرامية.

وقال المخرج أثناء المؤتمر الصحفي انه استخدم الأحداث الحقيقية كأساس للفيلم ولكنه استخدم الخيال في بناء قصة جيدة عن الأحداث وليس بالضرورة أن تكون ملتزمة بالتفاصيل الحقيقية الأحداث, ولهذا وضع علي لسان ويلسون الجملة الأخيرة في الفيلم التي يقول فيها لماذا ندمر قصة جيدة حتي نقول الحقيقة كاملة.

وأشار إلي أنه يربطه ببطل القصة خوان مدبر العملية جانب شخصي حيث كان والده طبيبا كما كان والد خوان, مشيرا إلي أنه أراد من خلال الفيلم تقديم قصة عن لصوص غير عاديين والبحث عن الدوافع الداخلية التي جعلتهما يفعلون ذلك والتي لا يعرفها أحد حتي الآن, وربما لا يعرفها هم أنفسهم كما لا يعرفها أبطال الفيلم وحتي عندما يسأل والد خوان ابنه عن السبب الذي دفعه لارتكابها لا يجد أي جواب من خوان.

الأهرام المسائي في

23.02.2018

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)