ألدورادو يكشف النقاب عن استعباد اللاجئين الأفارقة
في مزارع الطماطم الإيطالية في برلين السينمائي
مني شديد
بعد تصاعد موجات اللاجئين من دول عربية وإفريقية
إلي أوروبا خلال السنوات الأخيرة, أصبحت قصصهم موضوعات رئيسية في
العديد من الأفلام السينمائية, التي يسعي بعض المخرجين من خلالها
للكشف عن الكثير من المعلومات والتفاصيل عن طريقة تعامل الدول
الاوروبية ومؤسساتها مع هذه الأزمة, ويطرحون تساؤلات عما اذا
كانت هذه المؤسسات تقدم دعما حقيقيا للاجئين أما أنها تضيف فصولا
جديدة لمآساة حياتهم.
المخرج السويسري ماركوس إيمهوف يتتبع قضايا اللاجئين منذ سنوات
طويلة, وحصل علي الدب الفضي لمهرجان برلين السينمائي الدولي في
عام1981 عن فيلمه لا يوجد مكان في القارب الذي تناول فيه قصة6
لاجئين في سويسرا هربوا من النازية اثناء الحرب العالمية الثانية,
ويعود للمهرجان هذا العام بفيلم ألدورادو عن اللاجئين الأفارقة
والعرب في إيطاليا وما يتعرضون له منذ لحظة وصولهم إلي الاراضي
الايطالية, والكشف عليهم وتسجيل بياناتهم وتسكينهم في معسكرات
للاجئين لحين نظر السلطات الحكومية في إمكانية قبول لجوؤهم من عدمه.
واصطحب ماركوس ايمهوف خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب عرض الفيلم في
برلين اللاجئ أخيت تويندي من بوركينا فاسو الذي قام بالتصوير معه,
وكذلك رافييل فالكون احد الناشطين الذي يحاول مساعدة اللاجئين الذي
تعرضوا لما يشبه العبودية في منطقة تضم مزارع الطماطم بايطاليا
يعمل بها الافارقة المقيمين بشكل غير شرعي بعد أن تم رفض طلبات
اللجوء الخاصة, ويعملون في هذه المزارع التي تمتلكها المافيا
وشركات متعددة الجنسيات بمبالغ زهيدة جدا ولساعات عمل طويل تمتد
لأكثر من18 أو20 ساعة يوميا بينما تجبر النساء علي العمل في البغاء.
وقال أخيت إن البعض يعتبرونه محظوظا لأنه تخلص من هذا المصير لكن
الحقيقة هي أن الشجاعة وإصرار الشخص علي تحقيق ما يتمناه هو الذي
يقود مسار حياته, حيث كان يتمني أن يدرس في ايطاليا عندما طلب
اللجوء في البداية ثم حصل علي مساعدة من احدي المؤسسات وأرسلته
للدراسة في جامعة السوربون بفرنسا والتي يدرس فيها حاليا إلي جانب
عمله مقابل اجر زهيد في مطعم صغير حتي يستطيع الانفاق علي نفسه,
مؤكدا أنه لا يعتبر نفسه محظوظا كما يري البعض فربما تكون حياته
الان اكثر استقرارا لكنها لم تكن سهلة علي الاطلاق ومازال يواجه
المشاكل حيث أن الاوراق التي يحملها هي ليست اوراق لاجئ أو مقيم في
اوروبا وإنما أوراق مؤقتة بختم ايطالي وغير معترف بها بشكل حقيقي
وتسمح له فقط لأسباب انسانية بالدراسة في فرنسا, ولكن لا يحق له
الحصول علي تأشيرة الشنجن الاوروبية أو الانتقال من دولة لاخري.
وأضاف أنه لا يستطيع أن يسافر بالطائرة أو يعبر الحدود ولهذا لم
يكن من الممكن له ابدا أن يحضر المهرجان لولا تدخل رئيس المهرجان
ديتر جوسلينج حيث لم يتم التحقق من هذه الاوراق علي الحدود وتم
السماح له بالدخول إلي المانيا لحضور المهرجان فقط ومشاهدة الفيلم
لأول مرة, مؤكدا أن هذا لا يحدث مع الجميع وإنما كان مجرد استثناء,
مشيرا إلي أن مشاهده في الفيلم تم تصويرها عام2015 في ايطاليا
ومشاهدته الآن تعيد إليه ذكريات سيئة جدا لا يستطيع أن يمحوها من
عقله وولدت مشاعر بالكراهية والغضب.
وأشار إلي أنه ليس لديه ثقة في الصحفيين والإعلاميين بسبب طريقتهم
في نقل المعلومات, ويعتبر ماركوس ايمهوف أول شخص يقبل أخيت أن يظهر
معه في الفيلم أمام الكاميرا لاقتناعه بأنه يؤمن بقضية اللاجئين
ومعاناتهم, مطالبا الصحفيين بالصدق في نقل المعلومات وعدم تجاهل
اجزاء منها أو تحريفها ارضاء للقراء أو المؤسسات.
وأكد أن حل هذه الأزمة في التعليم فإذا توفر التعليم للجميع ستحتفظ
الأحوال تماما, ومشيرا إلي اللاجئ كل ما يريده هو حياة أفضل وإذا
توفرت له هذه الحياة في بلده الاصلي لن يغادرها ابدا ولن يذهب لبلد
آخر.
وقال المخرج ماركوس ايمهوف أنه قرر أن يقدم قصة هؤلاء اللاجئين
وربطها بقصته الشخصية مع جيفنوفا اللاجئة الإيطالية التي كانت جزء
من عائلته خلال فترة الحرب العالمية الثانية وتعرضت للطرد والإقصاء
من سويسرا رغما عنهم وأعيدت الي لبلدتها الإيطالية مرة أخري وعاشت
في ظروف سيئة إلي أن توفيت في عمر28 سنة, مشيرا إلي أن تجربته
الشخصية كانت أساس مشروع الفيلم وكل تفاصيله.
وعن طريقته في التصوير وإخفاء للكاميرا في بعض الأحيان, قال ايمهوف
انه يصور هؤلاء الناس في ظروف استثنائية صعبة بالنسبة لهم ولم يكن
يريد إيذائهم أو تصويرهم بطريقة استعراضية تعرضهم للخوف, مؤكدا
ضرورة احترام الناس أثناء التصوير واحترام ظروفهم, ومشيرا إلي أن
الفيلم بشكل أساسي عن السلطة وتحكم أشخاص سعداء يمتلكون القوة
والسلطة في أشخاص تعساء أجبرتهم ظروفهم السيئة علي اللجوء إليهم.
وأشار إلي أنه كان يخبئ الكاميرا إلي أن يجد بين اللاجئين من لديه
القدرة علي الحديث أمام الكاميرا, وهكذا بدأ التعارف بينه وبين
أخيت والذي يعتبر ما وصل إليه الآن هو مثال للخامل وإن كان مازال
يعاني من بعض المشاكل, مشيرا إلي أنه لابد أن يفكر كل شخص منا فيما
يمكنه عمله للمساعدة ولا يجب أن تهدر كل الأطراف طاقتها في الصراخ
والصراع فقط لابد من فعل أشياء إيجابية حتي يصبح العالم مكان أفضل
لحياة الجميع.
وأضاف أن قصة اللاجئين في مزارع الطماطم تضعنا أمام حقيقة صعبة وهي
انه عندما يأكل أيا منا السباجيتي الايطالي بصلصة الطماطم نكون
بذلك ندعم العبودية التي يتعرض لها هؤلاء الأشخاص علي يد المافيا
والشركات المتعددة الجنسيات المستغلة لظروفهم.
وقال رافييل إن هذا هو العمل الوحيد الذي يجدونه أمامهم ويعيشون
بجوار هذه المزارع حياة أشبه بحياة الحيوانات وكأنهم أناس خفيون
ولا أحد يعرف عنهم أي شيء وقد يموتون أثناء العمل ولن يعرف عنهم
أحد شيئا ايضا فهم غير موجودين علي الإطلاق, والأعجب من هذا أن
الطماطم المعلبة تباع بعد ذلك في أفريقيا والأفارقة لا يعرفون أنها
معبأة بأيدي أهلهم الذين يعملون في مزارع ايطاليا بالسخرة لأكثر
من20 ساعة يوميا بعد أن اضطرهم الجوع لمغادرة بلادهم.
ومن جانب اخر عرض في المسابقة الرسمية للمهرجان الفيلم المكسيكي
المتحف للمخرج ألونسو رويزبالاسيوس وبطولة جيل جارسيا بورنيل,
ويتناول قصة حقيقية عن واحدة من أكبر السرقات في العالم في عام1985
وهي سرقة اكثر من140 قطعة اثرية من متحف الفنون والأنثروبولوجي في
مدينة مكسيكو والتي كانت المفاجأة فيها أن منفذي للسرقة اثنان من
طلبة الجامعة ليس لهما اية سوابق إجرامية.
وقال المخرج أثناء المؤتمر الصحفي انه استخدم الأحداث الحقيقية
كأساس للفيلم ولكنه استخدم الخيال في بناء قصة جيدة عن الأحداث
وليس بالضرورة أن تكون ملتزمة بالتفاصيل الحقيقية الأحداث, ولهذا
وضع علي لسان ويلسون الجملة الأخيرة في الفيلم التي يقول فيها
لماذا ندمر قصة جيدة حتي نقول الحقيقة كاملة.
وأشار إلي أنه يربطه ببطل القصة خوان مدبر العملية جانب شخصي حيث
كان والده طبيبا كما كان والد خوان, مشيرا إلي أنه أراد من خلال
الفيلم تقديم قصة عن لصوص غير عاديين والبحث عن الدوافع الداخلية
التي جعلتهما يفعلون ذلك والتي لا يعرفها أحد حتي الآن, وربما لا
يعرفها هم أنفسهم كما لا يعرفها أبطال الفيلم وحتي عندما يسأل والد
خوان ابنه عن السبب الذي دفعه لارتكابها لا يجد أي جواب من خوان. |