كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

حوار| مخرجة "الجايدة":

الانتحار في الفيلم تحرر.. ووضع المرأة التونسية مُهدد

حوار - منى الموجي:

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي

الدورة التاسعة والثلاثون

   
 
 
 
 

تؤكد أن الفن والسياسة حياة، لا يمكن الفصل بينهما، فإذا كانت الكلمة هي وسيلة السياسة، فالفن وسيلته الكلمة والصورة. ترى نفسها امرأة مشاكسة، تحب الرهانات الصعبة، هي المخرجة التونسية المهتمة بقضايا المرأة وحقوقها سلمى بكار.

"مصراوي" التقى سلمى لتحدثنا عن فيلمها الأخير "الجايدة"، وتفاصيل مشاركته في مهرجان القاهرة السينمائي، وعودتها للعمل السينمائي بعد سنوات قضتها في العمل السياسي بعد الثورة التونسية، إلى الحوار..

·       تركتِ الفن لفترة من أجل العمل السياسي.. فما الذي دفعك لخوض هذه التجربة؟

السياسة والفن لا ينفصلان، هما في نظري الحياة، وأنا امرأة مشاكسة وأموت على الرهانات الصعبة، وأتحمل مسؤولية كل قراراتي، ورغم أن البعض نظر إليّ بطريقة غريبة لأنني انشغلت بالسياسة بعد 40 عامًا من العمل في الفن، لكن أصريت على الدخول إلى السياسة، ورشحت نفسي في المجلس، ولم استخدم في إقناع الناس للتصويت لي لغة السياسة الخشبية، ولكن استخدمت أدواتي السينمائية، ونزلت إلى الشارع بكاميرا، وسألت المواطن التونسي الذي عانى من القمع، عن أحلامه، وما الذي يحتاجه مني، وما الذي يريده في الدستور، ما هي آلامه، والناس فتحت لي قلبها، ومنحوني أصواتهم.

·       تعودين للسينما بفيلم "الجايدة" الذي يتحدث عن العنف ضد المرأة.. هل مازالت تعاني المرأة التونسية من العنف والاضطهاد؟

المرأة التونسية حققت الكثير من المكاسب، وحصلت على الكثير من الحقوق، لكن أصحاب الأفكار الرجعية حاولوا في فترة سحب كل ما حققته، ولولا وعي المرأة والتقدميين في تونس، لنجحت مخططات الفكر الرجعي. التقدميون دافعوا بكل شراسة عن حقوق المرأة التي تتنافى مع الفكر الرجعي الديني، الذي أراد استنباط الدستور التونسي من الشريعة، في الوقت الذي كنت أطالب فيه بمدنية الدولة، وألا نحكي عن المرأة والرجل، ولكن نحكي عن المواطن.

·       وما الرسالة التي أردتِ أن تصل للجمهور من خلال "الجايدة"؟

أردت القول إن رغم قيمة القوانين التي تمنح للمرأة التونسية حقوقها، لكن تبقى هشة، إذا لم نواصل الرقابة عليها والكفاح من أجل الحفاظ على ما اكتسبته المرأة، وهو ما جعلني أختم الفيلم بجملة "يتواصل الكفاح من اجل الحرية المساواة وكرامة المرأة".

·       معنى ذلك أن المكاسب التي حصلت عليها المرأة التونسية باتت مُهددة الآن؟

بالطبع هناك أشياء تهدد ما حققته المرأة التونسية، فالقوانين وحدها لا تكفي، وصار هناك رجعة في العقليات، لكن انتصرنا على الفكر الرجعي وكتبنا دستور مدني وتقدمي، وفي قناعتي علينا مقاومة هذا الفكر بالتربية، التعليم، الثقافة والعمل الفني، وهو ما دفعني للعودة للسينما، قررت أرجع لسلاحي الأصلي.

·       هل النماذج النسائية التي شاهدناها في الفيلم لقصص واقعية أم من خيالك؟

الإنسان يظل يحمل بداخله لا قصته فقط، ولكن قصص كل من حوله التي شاهدها أو سمع عنها، وتسببت في إيذائهم، وأنا بالطبع عاصرت قصص كانت المرأة فيها مضطهدة، وإن لم تصل كلها لدار جويد. وما ظهر في الفيلم مخزوني الذي أخدم به العمل.

·       من بين بطلات الفيلم قررت بطلة الانتحار.. لماذا اخترتِ هذا المصير لها؟

اخترت أن تنهي "ليلى" الشخصية التي قدمتها الفنانة سهير عمارة حياتها، لتكون صرخة في وجه المجتمع الذي يسكت عن أمور هي حق لكل امرأة، فالمتعة حق وطلب شرعي لكل امرأة، و"ليلى" لم تجده مع زوجها لأنه كبير في السن، فلم تجد وسيلة لتعيش حريتها، فقررت في النهاية الانتحار، واعتبرته تحرر من كل آلامها، فهي لأول مرة تختار مصيرها ومصير جسدها.

·       الفيلم شارك في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.. حدثينا عن هذه المشاركة؟

لم أخطط لمشاركة الفيلم في المهرجان، فقد كنت مشغولة بوضع اللمسات الأخيرة على الفيلم، لكن وقعت ظروف أعتبرها اليوم سعيدة، وتقدمت بالفيلم للمهرجان، وقبل عرضه على الجمهور توترت، وشعرت بالخوف من رد فعل الجمهور المصري، لأنه ذواق ويتعاطى سينما وتدخل في أنفاسه.

·       وما الذي جعلك تشعرين بالخوف؟

شعرت بالخوف من ألا يفهم الجمهور اللهجة التونسية، ألا يفهمون الرموز التاريخية التونسية، لكن كنت سعيدة جدًا بردود الفعل، ووجدت أن الفيلم يحمل قيمة تتخطى حدود بلادي، ويلمس الجمهور في أي بقعة في العالم.

·       وكيف ترين وضع السينما التونسية حاليًا؟

تحسنت قليلًا، شهدت تونس مؤخرًا مولد جيل جديد من السينمائيين الشباب، ورغم قلة الامكانيات هناك إنتاج متنوع، ولم تعد السينما التونسية صناعة تقليدية، خاصة وأن لدينا ما يُعرف بسينما المؤلف، فما حدث في السنوات الأربع الأخيرة يبشر بمولد سينما تونسية حقيقية.

·       لماذا تغيب السينما التونسية عن السوق المصري؟

هذا سؤال علينا توجيهه للموزعين، لماذا يتم توزيع الشريط الأمريكي والصيني في مصر، ولا يتم توزيع الشريط التونسي، وإذا كانت المشكلة في اللهجة، فمن الممكن حلها بوضع ترجمة بالعربية والإنجليزية أسفل الشريط.

·       هل مشروعك السينمائي الجديد سيتعلق بقضية تهم المرأة التونسية أيضًا؟

قضايا المرأة ليست منفصلة عن قضايا المجتمع، عندما أحكي عن المرأة فانا أحكي عن المجتمع ككل وعن مشاكله، وهي مشاكل مجتمع عربي، إسلامي وتقدمي، يحب أصالته العربية الإسلامية وانفتاحه على بقية العالم، لكن ممكن أتطرق لها أكثر من خلال شخصيات نسائية.

موقع "مصراوي" في

07.12.2017

 
 

هند صبرى: مصر تنتصر على أعداء الحياه

كتب - أمير عبدالنبى

كرم مهرجان القاهرة السينمائى فى دورته الـ39 التى تم ختامها منذ عدة أيام الفنانة هند صبرى عن مجمل أعمالها حيث حصلت على جائزة الانجاز الفنى التى تحمل اسم فاتن حمامة، كما تم تكريم هند صبرى من إحدى المؤسسات الأمريكية فى واشنطن منذ عدة أسابيع، وحالياً تشارك فى مهرجان دبى فى دورته الـ14 «روز اليوسف» التقت هند صبرى وتحدثت فى البداية عن تكريمها قائلة «التكريمات دى خوفتنى جداً وفى نفس الوقت طمنتنى»، مؤكدة أن الخوف نتيجة أنها ماذا ستقدم بعد ذلك فيجب أن تختارأعمالها بعناية شديدة والطمأنينة بأنها قدمت أعمالًا فنية مميزة ونتيجة ذلك هى التكريم من مهرجان كبير بحجم القاهرة، وأضافت الحصول على جائزة تحمل اسما كفاتن حمامة بالنسبة لى حاجة كبيرة جداً.

وعن الانتقادات التى تعرضت لها منذ بدايتها فى مصر بفيلم «مذكرات مراهقة» كشفت هند أن النقد السلبى بدأ بالفعل منذ أول يوم لها فى مصر وكاد يهدم مشوارها الفنى، ولكن شخصيتها العنيدة هى التى جعلتها تستكمل مشوارها وأشارت إلى أن طبيعة أى فنان أن تتأثر بالنقد السلبى، ولكن الذى يفرق فنانا عن آخر هو ماذا سيفعل بعد النقد إما أن يترك الفن أو يستكمل المشوار ويثبت للجميع انه على صواب، كما أكدت أنها لا تتذكر النقد الهدام ولا تركز معه وإنما تنظر للنقد الموضوعى فقط. 

وعن سبب نجاحها فى مصر أكدت هند صبرى أن الجمهور أحبها بسبب نوعية الأدوار والأعمال التى تقدمها سواء فى بدايتها أو حتى مسلسلها الأخير «حلاوة الدنيا»، وأشارت هند صبرى إلى أن السوشيال ميديا جعل من ناس كثيرة نجومًا معروفين من خلال انشائهم قناة لهم على اليوتيوب أو حتى نشر فيديوهاتهم على الفيس بوك وأصبحت وسيله تواصل متميزة بين الجمهور والفنان حيث إن الجمهور يشارك الفنان كل لحظاته، ولكن لا يمكن أن نقارن نجم هذا الزمن بنجوم الجيل السابق. 

كما علقت هند على حادث مسجد الروضة بالعريش الذى حدث منذ أسبوع قائلة «لا حول ولا قوة الا بالله» ربنا يصبر أهالى الضحايا على فراقهم والعالم بالكامل تألم من هذا الحادث ليست مصر فقط أو العرب وأدعو الله ان ينصرنا على الإرهاب الذى يضرب العالم العربى بالكامل حيث إننا نواجه نفس العدو وقريباً سننتصر على أعداء الحياه.

وعن أعمالها المقبلة أكدت هند أنها تشارك فى الجزء الثانى من فيلم «الكنز»، وسيعرض قريباً بالسينمات، وأشارت إلى انها تواصل حالياً قراءة العديد من المشاريع السينمائية والدرامية لتفاضل بينها وتختار الأفضل ولكن لم تحسم أمرها خصوصا من المنافسة فى موسم رمضان المقبل، كما أشارت إلى انها تتلقى أيضاً عروضًا فنية فى تونس من الممكن أن تشارك فى أحدها فى الفترة المقبلة، وأشارت إلى أنها تشعر أنها فى مأزق بسبب مسلسل «حلاوة الدنيا» حيث إن العمل نجح بشدة ونوعيته كانت جديدة ومختلفة على الناس بالتالى اختيارها للعمل الذى يليه سيكون صعبًا. 

يذكر أن مسلسل «حلاة الدنيا» شارك فى سباق رمضان الماضى وحقق نسبة مشاهدة ومتابعة كبيرة، وذلك لأنه تناول مرض السرطان من جانب إنسانى حيث قدمت هند صبرى شخصية أمينة التى تكتشف قرب موعد زواجها أنها مريضة بالسرطان، لتتغير فى هذه اللحظة كل ما كانت ترتب له، ولتبدأ فى إعادة النظر فى علاقتها بمن حولها، خاصة فى ظل وقوع عدد من المشاكل مع شقيقتها شاركها بطولة المسلسل الفنانة حنان مطاوع وظافر العابدين ورجاء الجداوى وأنوشكا وهانى عادل وأحمد حاتم وسير العصفورى، والعمل من تأليف تامر حبيب وإخراج حسين المنباوى.

روز اليوسف اليومية في

07.12.2017

 
 

سرادق لأفلامنا.. في وداع مهرجان القاهرة السينمائي

العرب/ سعد القرش

بعد كل مهرجان دولي للسينما، والتشبع إلى درجة التعطش مرة أخرى إلى أفلام يعد بها مهرجان قادم، يخرج المشاهد وهو يوشك أن يقسم على ألاّ يقرب فيلما ليس فيلما، فيلما مصريا بالطبع، لن نقول “عربيا”، تجنبا لإغضاب أصدقاء يتعاملون بحساسية مع أفلامهم وكأنها علامة على “الشرف” الوطني.

يستطيع أصمّ أو كائن فضائي يجهل اللغة معرفة جنسية الفيلم والمسلسل التلفزيوني المصري -وأخشى أن أقول “العربي” تجنبا لإغضاب أصدقائنا العرب- وذلك بالإفراط في حركات الشفاه الدالة على الثرثرة، وتقاطع الأذرع والأيدي في التحاور وفي الصراع مع الهواء، وما هكذا تورد الأفلام.

أعمال قليلة، قديمة وحديثة، تتوسل بالصورة والظلال، وتستغني كثيرا عن الثرثرة اللفظية والجسدية، ولكنها استثناءات تؤكد القاعدة، ثم جاء فيلم “في سوريا” للبلجيكي فيليب فان ليو الذي شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي (من 21 حتى 30 نوفمبر الماضي)، لكي يكشف عورات أفلام كثيرة عالجت القضية السورية، منذ اندلاع الثورة عام 2011 حتى تفاعلاتها الحالية في حرب أهلية لم تنته.

بين أسلوبين سينمائيين

زلزال الحدث وسخونة القضية وتدفق الدم، لا تشفع للأعمال الفنية المتوسطة فتظل أعمالا متواضعة تسقطها الذاكرة سريعا، قصائد الثورة والحروب أقصر عمرا إذا خلت من الدراما الإنسانية، ولا يلجأ الكاتب والشاعر إلى كلمات زاعقة إلّا استسهالا، ورشوة لقارئ جاهز بالتصفيق، وتحويل انتباهه عمّا ينقص العمل الفني.

ذات مرة فوجئت أثناء المراجعة النهائية لرواية لي عام 2008 بوجود كلمتي “غضب عارم”، فسألت المحرّر والمصحّح في دار النشر “ألا يزال كاتب يمضغ ألفاظا وصياغات مضغها ماضغون وهضمها هاضمون؟ مثل ‘لا ناقة ولا جمل’، و’اختلط الحابل بالنابل’، و’غضب عارم’؟ وأتوا بالأصل فإذا هو ‘عصبٌ عارٍ’، وهي صفة محايدة لعري العصب، وتختلف عن عرم الغضب”.

البلجيكي فيليب فان ليو الذي لا يعرف العربية، قدم في القاهرة السينمائي (في سوريا) بإتقان وانتماء إلى الضحايا البشر

الغضب في أفلامنا فقط يشتعل ألفاظا؛ في المشهد الأول من فيلم “الأب الروحي” يواجه الكاميرا رجل مكلوم، يكفي ألمه المكتوم فريقا من ممثلي المسرح والدراما في مصر لكي يغفر لهم المشاهد فائض الصراخ والهتاف باسم العشيرة والشرف والثأر.

وجهُ الرجل الذي سنعرف في ثوان أنه أب مهزوم يحتل الكادر كله تقريبا، وهو يرجو شخصا سنعرف بعد 75 ثانية أنه مارلون براندو، وقد ظل يتلقى في صمت بليغ نظرات حادة من الأب، وكلمات خفيضة أكثر حدّة وصراحة تستعطفه، ولكن في كبرياء غير منقوصة “أؤمن بأميركا، حققت في أميركا ثروتي، وربيت ابنتي على الطريقة الأميركية، أعطيتها الحرية ولكني علمتها ألّا تلحق العار بعائلتها، وتعرّفت بشاب غير إيطالي، وقاومت تحرشه بها، ذات ليلة بعد أن لعبت برأسه وبرأس زميل له الخمر، واستطاعت الفتاة أن تحافظ على شرفها، أوسعاها ضربا وكأنها حيوان، وعندما رأيتها في المستشفى فوجئت بكسر أنفها، وتحطم فكّها المثبت بواسطة أسلاك، وقد أفقدها الألم قدرتها على البكاء، لكنني بكيت، لماذا بكيت؟ لأنها كانت نور حياتي، فتاة جميلة لن تعود جميلة بعد الآن”.

وبنعومة يفسح الكادر مساحة، في الخلفية البعيدة وراء الأب الشاكي، لأضواء من حفل سيقام الليلة بمناسبة زفاف كوني، ابنة فيتو كورليوني الجالس في مكتبه، يتأهب ببدلة السهرة للاحتفال ولا يقول شيئا، بل ينصت إلى أب حزين توقّف عن الكلام، ليس لنفاد طاقة الغضب، وإنما لجفاف حلقه وتحجّر الكلمة فلا ينطلق بها لسانه.

تدخل إلى الكادر يد مارلون براندو المهيب، في ثلاث حركات سريعة: الأولى باستقامة الذراع تشير إلى شخص لا نراه، والثانية متعامدة على الذراع باتجاه الرجل الذي يعتذر، لأنه أفسد بمأساة ابنته أجواء الفرح، والثالثة برجوع اليد إلى الانقباض الدال على انقباض قلب “الأب الروحي”، فيسند ذقنه بالإبهام وخده بالسبابة.

ويكون كوب الماء قد قُدّم إلى الرجل، فيواصل الكلام، غير مصدّق أن يحكم القاضي على الشابين بالسجن ثلاث سنوات مع وقف التنفيذ، ويخلي سبيلهما، وفي قاعة المحكمة يبتسم له الوغدان، فما كان منه إلاّ أن قال لزوجته إن العدالة سيحققها “الأب الروحي”، الذي لا يردّ في هذه المناسبة التماس شخص ينتمي إلى صقلية، مسقط رأسه.

كان يريد قتلهما، ويلومه براندو وهو يداعب قطة في حجره لأنه لم يطلب ذلك بالاحترام اللائق، وليت الطلب معقول، إنه تنفيذ جريمة قتل يوم زفاف ابنته مقابل المال.

لا يرفع “الأب الروحي” صوته بتأنيب الرجل، ولكنه ينبهه إلى ما ارتكبه من أخطاء، ثم يطمئنه بعد بيعة يرمز لها بتقبيل اليد أنه سينتقم، ويأمر توم هاغن (روبرت دوفال) أن يوكل هذه المهمة إلى كليمنزا (ريتشارد كاستيلانو)، ويقرب براندو وردة ليشمها مع انطلاق الموسيقى إيذانا ببدء حفل الزفاف.

أتخيّل هذا المشهد بأداء يوسف شعبان وأحمد عبدالعزيز ومحمود ياسين والأخوين غيث في حضور نادية الجندي، فأكظم غيظي وأحمد الله الذي يمنحنا في أحيان كثيرة صبرا على المكاره، في الأداء التمثيلي وفي اختيار زاوية رؤية تتبنى رواية محدّدة وتلحّ عليها، كما في أفلام جود سعيد وعبداللطيف عبدالحميد وباسل الخطيب وسلاف فواخرجي.

بلاغة الصمت

في مهرجان القاهرة التاسع والثلاثين الذي اختتم الأسبوع الماضي تنافس في مسابقة “آفاق السينما العربية الجديدة” فيلمان من سوريا “طريق النحل” لعبداللطيف عبدالحميد و”مطر حمص” لجود سعيد الذي أرانا حمص قريبة الشبه بلندن حين دمّرت في الحرب العالمية الثانية.

اكتظ الفيلمان بنثارات من قصص القتل والتهجير والاختفاء والحب في زمن دواعش بملامح غاضبة، تذكرك بكفار قريش في الأفلام المصرية، فيلمان زاعقان يشبهان مقالات تتبنى وجهة نظر محدّدة منذ البداية، وتدافع عنها ولو بتجاهل الرواية الأخرى، والتغاضي عن أسباب الجحيم، والإلحاح على نتائج لا يسأل عنها أبرياء حلموا بالثورة، قبل اختراع داعش وتحميله كل الخطايا.

في مارس 2011 بدأت شرارة “الثورة” السورية السلمية، انطلاقا من درعا، وأبطالها أطفال أبرياء لا يقوون على حمل السلاح، ولا علاقة لهم بضباط انشقوا لاحقا عن الجيش، أو تنظيمات مموّلة من الخارج، ولكن الرواية الرسمية أنكرت ذلك الانفجار الشعبي العفوي، واتهمت الحالمين بالحرية بأنهم مسلحون ينفذون مؤامرة خارجية، ثم تحقق ما تمناه النظام، إذ جذب المشهد السوري أموالا وسلاحا وإرهابيين وميليشيات، فنسي بشار الأسد روايته الأولى، وقال إن الاحتجاجات في الأشهر الستة الأولى كانت سلمية.

الأفلام “الرسمية” تقفز فوق هذه المقدمات، وتثبّت اللحظة الداعشية الدامية، وتنكر الاسم الحقيقي لما جرى، وتتفق على وصفه بأنه “الأزمة”، ويحظر مصطلح “الثورة” أو “القضية” في اتهام يدين الحلم بالتغيير. ثم جاء البلجيكي فيليب فان ليو الذي لا يعرف العربية، وقدّم فيلم “في سوريا” بإتقان وانتماء إلى الضحايا البشر.

يوم وليلة من حصار أسرة في شقة ببناية غادرها الجميع، تحكم أم يَزَن (هيام عباس) سيطرتها على الأسرة؛ أبنائها الثلاثة وعمها وصبيين آخرين، ومعهم الجارة الشابة حليمة (ديامان بوعبود) وطفلها الرضيع.

تحلم الجارة بالهجرة مع زوجها الذي يغادر البيت فترديه رصاصة قنّاص، وتراه الخادمة وتخبر أم يزن، فتأمرها بكتمان الأمر عن زوجته حليمة، فمن يذهب لإسعافه سيلحق به. ولا تخفي ملامح الأم الصارمة وصوتها الهامس الحاسم هشاشتها، وخوفها على الأسرة ممّن يطرقون الباب ويأمرونها بالمغادرة، في الخارج رصاص وتفجيرات، ولا ملامح للقتلة ولا استعراض بأدوات القتل، ثم ينجح رجلان في اقتحام الشقة، وقد اختبأ الجميع في مكان خفي، قبل أن تتمكن حليمة من اللحاق بهم، يساومها أحدهما ويغتصبها في مشهد صادم مثير للشفقة، وهم في المخبأ ينصتون إلى التوسل والاستغاثة ورفض إفشاء سرّ أهل البيت الذين لا يجرؤون على الإغاثة ولو بكلمة اعتراض.

يذهب المجرمان، ويبقى الجرح الجسدي والنفسي والشعور بعري لا تستره ملاءة سرير تلف أم يزن بها جسد حليمة، وفي العيون انكسار صامت، وعجز يعجز عنه الكلام.

وفي مشهد خاطف، تشيح حليمة بوجهها عن ربة المنزل التي تشعر بالخزي والتقصير، وهي تمدّ يدها لتناول الرضيع من أمه المنهكة، نظرة لوم وقهر واحتقار وعطف من أم كان جسدها فداء، جسر أمان لأسرة لا تستطيع ردّ الأذى، بضع ثوان تكفي لمنح ديامان بوعبود جائزة، وقد نالت بالفعل جائزة أفضل ممثلة، لتثبت أن الصمت والإيجاز أكثر بلاغة.

العرب اللندنية في

08.12.2017

 
 

ختام «القاهرة السينمائي» الفن لمحاربة الكراهية

القاهرة – هبة ياسين

جاء حفل ختام الدورة التاسعة والثلاثين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي لافتاً، إذ حضر فيه نجوم السينما الأميركية والعالمية نيكولاس كيدج، وهيلاري سوانك وأدريان برودي، بعد غياب نجوم عالميين عن المهرجان لسنوات. فيما رفع الختام شعار «سنحارب الكراهية»، وحمل رسالة مفادها أننا «لن نتوقف عن حب الحياة، ونرفض الإرهاب وندعو إلى السلام بالفن والأقلام وعزف الأنغام».

وشهد الحفل إعلان نتائج مسابقات المهرجان، التي بدأتها بجائزة مؤسسة نادين شمس للفيلم القصير، التي أقيمت على هامش المهرجان، وفاز بالجائزة الأولى «العاشق» لمحمود خليل حسين، والثانية «ضرس العقل» لسيف الدين قنصوة والثالثة «هروب الكوماندا المهم» لعمر صلاح مرعي.

أما «المسابقة الرسمية»، فتوجت بالهرم الذهبي لأحسن فيلم «المُتطفل» إخراج ليوناردو دي كوستانزو، وإنتاج (إيطاليا، سويسرا، فرنسا)، وذهب الهرم الفضي، وهي جائزة لجنة التحكيم الخاصة تعطى لمخرج فيلم الى «قتل عيسى»، من إخراج لاورا مورا (كولومبيا، الأرجنتين)، فيما منح الهرم البرونزي لأحسن عمل أول لمخرج «نينـا»، يوراج ليهوتسكي (سلوفاكيا، التشيك).

وتوج الفنان التونسي رؤوف بن عمر بجائزة أحسن ممثل عن دوره في فيلم «تونس بالليل» إخراج: إلياس بكار (تونس، فرنسا)، فيما ذهبت جائزة أحسن ممثلة إلى اللبنانية دياماند أبو عبود عن دورها في فيلم «في سورية» إخراج: فيليب فإن ليو (بلجيكا، فرنسا، لبنان).

ومنحت جائزة نجيب محفوظ لأحسن سيناريو لفيلم «الكلاب»، من إخراج مارسيلا سيد، (تشيلي، فرنسا، الأرجنتين، البرتغال). أما جائزة أحسن إسهام فني فكانت من نصيب فيلم «اختفاء»، للمخرج بودوفين كول، (هولندا، النرويج).

ومنحت لجنة تحكيم النقاد الدولية (فيبرسى) جائزتها إلى فيلم «قتل عيسى»، (كولومبيا، الأرجنتين)، وهو الفيلم الأول لمخرجته لاورا مورا اورتيجا من كولومبيا، وذلك «نظراً إلى معالجته الفنية المتميزة لمشكلة أخلاقية معقدة والتساؤلات التي يطرحها الفيلم بخصوص مسؤولية البحث عن العدالة».

وذهبت جائزة سعد الدين وهبة لأحسن فيلم عربي إلى «اصطياد أشباح»، من إخراج رائد أنضوني، (فرنسا، فلسطين، سويسرا)، وقالت لجــنة التحكيم في حيثيات اختيارها أنه لما يتضمنه الفيلم من معالجة درامية متميزة للموضوع. والخروج عن المألوف في سرد القصة وإعطاء مساحة للمشاهد لتفاعل عوض عن التلقين المباشر لسرد القصة.

ومنحت جائزة صلاح أبو سيف (جائزة لجنة التحكيم الخاصة) إلى الفيلم اللبناني «نصـر» من إخراج: بديع مسعد، أنطوان واكد، وذلك «لسلاسة الموضوع، وترابطات الأحداث وتمكنه من طرح قضية التضحية في صناعة السينما من خلال اختيار شخصية مميزة على الصعيدين الشخصي والفني».

وفي مسابقة أسبوع النقاد الدولي ذهبت جائزة شادي عبدالسلام لأحسن فيلم إلى «البجعة» إخراج: آسا هيلغا هيورليفسدوتير، (ايسلندا)، أما جائزة فتحي فرج لأحسن إسهام فني فمنحت إلى الفيلم الهندي «نجوم القرية»، من إخراج ريما داس.

كما توج فيلم «شحن» بجائزة لجنة التحكيم الخاصة، والعمل من إخراج كريم رحباني وإنتاج (لبنان – قبرص – فرنسا)، فيما ذهبت جائزة يوسف شاهين لأحسن فيلم قصير إلى «بلا سقف»، إخراج: سينا سليمي، من إستونيا.

أيقونات الختام.. والمهرجان

بانتهاء مراسم إعلان النتائج، وتوزيع الجوائز، أعلن المهرجان إهداء جائزة فاتن حمامة الدولية للتميز لمن أثروا الساحة العالمية بأعمال عظيمة، وضمت جائزة التكريم النجم الكبير أدريان برودي، الذي ألقى كلمة أكد خلالها أنه فخور بتواجده، وتكريمه، و»شديد الاعتزاز بعمله في السينما». فيما أبدى تأثره وحزنه البالغ تجاه الحادثة الإرهابية التي استهدفت مسجداً في سيناء، خلال الأيام القليلة الماضية».

وكُرِّمت أيضاً النجمة هيلاري سوانك التي علقت بقولها: «شرفت بالحصول على هذه الجائزة الملهمة، وزيارة القاهرة كان حلماً، ومستمتعة للغاية بوجودي في القاهرة الملهمة، وفي هذا المبنى الملهم، وكم تمنيت لو قضيت وقتاً أكبر في هذه المدينة الساحرة، وأسجل مشاعري الحزينة، وتعاطفي معكم».

وخلال تكريمه أعرب النجم نيكولاس كيدج في كلمة حماسية بدأها بالحديث عن سعادته بالعودة مجدداً إلى مصر وأضاف «مهتم للغاية بدعوتي وأعلن تضامني معكم، وسوف أبتسم، جئت من لاس فيجاس التي مرت أيضاً بظروف صعبة للغاية، لكننا قادرون جميعاً على تجاوز الشدائد، ولن يتسلل الخوف إلى قلوبنا أبداً».

الحياة اللندنية في

08.12.2017

 
 

«بالنجوم وحدهم»!

مجدي الطيب

«ليس بالنجوم وحدهم تنجح المهرجانات» لكن «المهرجانات أفلام وندوات ومطبوعات»!

مقولة تبناها النقاد كثيراً، حتى صارت بمنزلة اليقين الذي لا يقبل الشك ولا التشكيك، وجاءت الدورة التاسعة والثلاثون (21 – 30 نوفمبر 2017) لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي لتدحضها، وتُشكك في مصداقيتها، وتجعل منها «أسطوانة مشروخة».

على الرغم من الإعداد الجيد للدورة، وكم الأفلام الجيدة، والتظاهرات المتنوعة، التي حفلت بها، فظل البعض على قناعة تامة أنها «دورة فاشلة» إلى أن ظهر النجوم الأميركيون الثلاثة: نيكولاس كيدج، وأدريان برودي، وهيلاري سوانك في حفلة الختام فانقلبت الدنيا رأساً على عقب!

فجأة أصبح المهرجان عالمياً، وينافس أكبر وأشهر المهرجانات الدولية، وبدلاً من الثناء على الأفلام ذات الجودة الفنية العالية، والقضايا التي تبنتها وأثارت الكثير من الجدل، والندوات التي دُعي لحضورها، والتواصل مع جمهورها، صانعوها ومبدعوها من مختلف قارات العالم، أصبح الحديث مقصوراً على النجوم الذين بدأوا كلماتهم بلكنة غربية: «السلام عليكم»، والتعاطف الذي أبدوه مع الشعب المصري في محنته الأخيرة، بعد الحادث الإرهابي الغاشم، وإعلان تضامنهم معه ضد العنف والتطرف!

أمر طيب فعلاً أن ينجح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، بفضل الشركة الراعية لهذه الدورة، في استقطاب النجوم الثلاثة، ومن قبلهم اليزابيث هيرلي، التي حضرت الافتتاح، وإقناعهم بتلبية دعوة المهرجان في ظل الظروف العصيبة التي عاشتها مصر، بعد ثلاثة أيام من انطلاق الدورة التاسعة والثلاثين، لكن من الظلم بمكان أن ننسب النجاح إلى النجوم وحدهم، ونتجاهل الجهد الكبير الذي بذله الناقد الكبير يوسف شريف رزق الله، المدير الفني للمهرجان في تكوين لجنة المشاهدة، والتفاوض، بشكل مكثف، مع موزعي الأفلام العالمية لإقناعهم بمنح المهرجان حقوق عرض أفلامهم في التظاهرات المختلفة، في ظل منافسة شرسة من «مهرجان الجونة السينمائي»، الذي سبق إقامة مهرجان القاهرة بشهرين، و{مهرجان دبي السينمائي»، الذي يُقام بعد «القاهرة» بشهر. ومع هذا توج «المدير الفني» جهوده بالحصول على ما يقرب من 175 فيلماً تمثل 53 دولة، وتجاوز الأزمات الكثيرة التي واجهت المهرجان، بداية من اقتناص «الجونة» لعدد من الأفلام، التي رشحتها لجنة مشاهدة «القاهرة»، وتوقف المفاوضات مع موزعيها، بعد تدخل «الجونة»، بموازنته الضخمة، والحصول على حق عرضها في دورته الأولى، ومن ثم حرمان «القاهرة» منها، لأن لائحته تنص على أن يكون عرضها الأول في مصر، بالإضافة إلى الأزمة الكبرى المتمثلة في غياب الفيلم المصري عن المسابقة الرسمية!

أزمات كثيرة واجهت إدارة مهرجان القاهرة في الدورة التاسعة والثلاثين، لعل أبرزها التوقيت الخاطئ الذي «سربت» فيه وزارة الثقافة، التي يُقام المهرجان تحت رعايتها، خبر موافقة وزير الثقافة على الاستقالة التي تقدمت بها رئيسة المهرجان د. ماجدة واصف، قبل انطلاق الدورة، وأرادت من خلالها أن تترك للوزير حرية اختيار رئيس جديد للمهرجان، في دورته الأربعين، لكنه اختار إعلان موافقته عليها قبل أربعة أيام من انتهاء الدورة، ليثير عاصفة من اللغط، والجدل، والاتهامات لإدارة المهرجان بالتخاذل، والتفريط، و{خيانة الأمانة»!

انتهت الدورة التاسعة والثلاثون بحلوها ومرها، وكان «ختامها مسك» في الحفلة التي شهدت حضور نجوم السينما الهوليوودية، لكن لا يمكن التغاضي عما تخللها من وقائع، وأحداث، على رأسها توقيع عقد شراكة مع إحدى القنوات الفضائية، لتكون الراعي الرئيس للمهرجان، بكل ما نتج عن «الشراكة» من إيجابيات، على رأسها توفير السيولة المادية التي يسرت الاتفاق مع نجوم العالم، والدعاية الضخمة التي كانت تنقص المهرجان، في دوراته السابقة، وسلبيات تمثلت في ضياع الخط الفاصل بين «الرعاية» وانتزاع بعض صلاحيات الإدارة، في ما يتعلق بتنظيم حفلتي الافتتاح والختام، والحق الحصري للقناة الراعية، والتداخل بين الطرفين، في ما يتصل بالبيانات الصحافية، وكأن ثمة «مركزين صحافيين»، ومتحدثاً رسمياً لكل طرف!

ما نريد قوله إن تجربة «الراعي الرسمي»، في شكلها الجديد غير المعتاد في المهرجانات المصرية، ينبغي أن تخضع للتقويم، والتقييم، بحيث نقف عند سلبياتها، ونتداركها، ونتدارس إيجابياتها ونبني عليها، وفي الأحوال كافة نتشبث باستمرار التجربة، كونها السبيل الوحيد لتحرير مهرجاناتنا المصرية من قبضة «البيروقراطية العفنة» وكسر هيمنة «الدكتاتورية الحكومية» التي كانت سبباً رئيساً في تدهورها، واحتلالها ذيل قائمة المهرجانات العربية، وبعضها حديث النشأة!

####

بعد تغيير الإدارة...

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي إلى أين؟

محمد قدري

انتهت الدورة التاسعة والثلاثون من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي تزامناً مع تقديم رئيسته استقالتها، ثم الطاقم المساعد لها. كيف سيكون مستقبل المهرجان أو مصيره، وهل من تغييرات مع الإدارة الجديدة التي لم يتم الاستقرار عليها رسمياً بعد؟ نرصد في التحقيق التالي آراء مجموعة من السينمائيين والنقاد لمعرفة مصير المهرجان في ضوء اختيار أسماء جديدة.

تنوّعت الأصوات بين مؤيدين لرحيل الطاقم القديم لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، على اعتبار أنه كان سبباً في انخفاض مستوى هذه التظاهرة السينمائية، وبين من رأوا أن هذا الفريق أبلى حسناً، وأن تغيير الأسماء ربما يضر بمستقبل المهرجان، خصوصاً أنها تملك خبرة جيدة في هذا المجال.

في هذا السياق، قال المخرج السينمائي أمير رمسيس: «قدّمت الإدارة القديمة، برئاسة الدكتورة ماجدة واصف والناقد يوسف شريف رزق الله، الكثير للمهرجان أثناء ولايتها، وذلك في المحتوى وأداء البرمجة».

وأضاف أنه لا بد من أن نفكر جيداً، قبل تغيير الأشخاص، في استقلالية المهرجان نفسه عن وزارة الثقافة باعتبارها الممول الأول له، كذلك عن الرعاة في ما يخصّ القرارات والتنظيم. كذلك يجب اختيار أشخاص بمعايير علمية بناء على الدور المطلوب منهم، فيما ما زلنا ننظر إلى «هيبة الشخص» أكثر من فاعليته الأساسية. تابع: «مستقبل المهرجان ونجاحه يحتاجان إلى إدارة على وعي بدور المهرجانات العالمية والأسواق، وتملك القدرة على تطويره بشكل موازٍ لما يشهده العالم».

وأكد رمسيس أن «من السهل أن ننفق ملايين الجنيهات في مهرجان من خلال حفلتي الافتتاح والختام، والسجادة الحمراء، واستقدام نجوم أجانب، لكن من الصعب أن نقدم مهرجاناً لدى صانعيه الرغبة في حضوره، وهذا هو المطلوب».

وقالت النجمة والمنتجة إلهام شاهين: «في الدورة المنصرمة عندما تدخّلت الدولة في المهرجان رأينا تطوراً كبيراً من خلال النجوم العالميين الذين حضروا حفلتي الختام والافتتاح والضيوف والسجادة الحمراء، خصوصاً أن «القاهرة السينمائي» عبارة عن فعاليات ناجحة».

وعن مستقبل المهرجان في ضوء ترشيح شخصيات جديدة، أكّدت أنه يحتاج إلى شخصية في مؤهلات الفنان الكبير حسين فهمي للارتقاء بمستواه والحفاظ عليه، فهو يتحدث لغات ولديه علاقات جيدة، ويُعتبر واجهة مشرفة لمصر، وبإمكانه القيام باتصالاته بنجوم عالميين أو منتجين. كذلك المهرجان يحتاج إلى شخص محب للفن ويقدر على التواصل مع العالم الخارجي، مؤكدة أن الدورة الأخيرة كانت ناجحة في وجهة نظرها ونحتاج إلى أن نسير على هذا الدرب.

تدني المستوى

قالت الناقدة خيرية البشلاوي إن مستوى المهرجان خلال الدورة الأخيرة هبط عن الدورات التي كان انتعش فيها وكان ناجحاً للغاية، مؤكدة أنه كان يسير على معايير معينة ثم بدأ يتخلى عنها بعد 2011 حتى الدورة النهائية التي استطاعت DMC أن تتصدى لحفلتي الافتتاح والختام، ويبدو أنها تريد أن تقتحم المهرجان بقوة خلال الفترة المقبلة.

وأكدت البشلاوي أن للأسماء المقبلة دوراً مهماً في نجاح المهرجان وتفوقه، بدليل أننا لو نظرنا إلى «بانوراما الفيلم الأوروبي» الذي تقيمه المنتجة ماريان خوري ونجاحه وتمدده حتى وصل إلى عشرة محافظات وأصبح جمهوره واسعاً، نتأكد أن الإدارة المستقرة صاحبة الرؤية الواضحة تحقق النجاح. وأضافت أن الإدارة الأخيرة للقاهرة السينمائي خفتت حماستها أو كانت تشعر بأنها محاصرة وغاب عنها حب التحدي، بعدما لم يعد المهرجان الاختيار الأول لكثير من المنتجين والمخرجين كونه يقام في نهاية العام.

وأشارت إلى أن المناخ العام لصناعة السينما في مصر اليوم ليس في أفضل حالاته، بدليل غياب الفيلم المصري عن المسابقة الرسمية في المهرجان حيث يشارك 15 فيلماً. كذلك السينما المصرية بعيدة عن الواقع مقارنة بالسينما التونسية والسورية النشيطة.

واختتمت البشلاوي كلامها بأن «القاهرة السينمائي» مثل الكائن الحي حين يعيش في بيئة ملائمة يكبر ويتطوّر وينافس، مشيرة إلى أن الإدارة الجديدة يجب أن تكون مؤهلة ولديها من الحماسة ما يكفي للتحدي واعتبار المهرجان الأكبر في المنطقة حدثاً قومياً.

ورأى الناقد كمال رمزي أنه لا يجب الرهان على الأسماء لنجاح المهرجانات، لأن «برلين» أو «كان»، والمهرجانات الكبيرة كافة، ترتبط بمستوى الأفلام ولجنة التحكيم واختيارها وطريقة تقديم النجوم، بعيداً عن الزخم في الافتتاح والختام، وهي «بدعة» مصرية تؤكد أننا نغالي في موازنتهما. وتابع: «أرى أن ظاهرة ضيوف المهرجان تشبه فكرة «الأفندية» في أدب يوسف السباعي، إذ كانوا يؤجرون من أجل إضفاء فكرة الوجاهة، وهو ما نقدمه في مهرجاناتنا».

وتساءل رمزي عن الأموال التي نعطيها للنجوم العالميين الذين يحضرون المهرجان من دون وجود فيلم لهم، ولا يلتقون عشاق السينما ولا طلاب السينما، بل من أجل أن يقولوا «مصر عظيمة» فحسب، وهذا ليس تنشيطاً للسياحة ويبقى خارج سياق أي مهرجان محترم.

وعن مستقبل المهرجان في ضوء الإدارة الجديدة، أشار إلى أنه بعيداً عن الأسماء يجب وضع معايير أكثر علمية لاختيارهم.

الناقد سمير الجمل

رأى الناقد سمير الجمل أن ثمة مواصفات خاصة يجب أن تتوافر لدى من يدير المهرجان، كذلك لا ينجح المرء بمفرده، ورئيس المهرجان مهما كان اسمه لا بد من أن يكون لديه طاقم عمل جيد يعاونه ويساعده.

وعن مستقبل المهرجان، أكد الجمل أن الأخير لا يتوقف على أحد، فثمة إدارات عدة رحلت وجاءت إدارات جديدة، ولكل منها طابعه الخاص، مشيراً إلى أن الإدارة الأخيرة كانت موفقة، خصوصاً في حفلة الختام بكل النجوم العالميين الذين حضروا، وكان ذلك أهم رسالة أنقذت المهرجان وغطت على السلبيات كافة.

قدّمت الإدارة القديمة الكثير للمهرجان أمير رمسيس

الجريدة الكويتية في

08.12.2017

 
 

«مطر حمص».. سيمفونية الحب تخرس أبواق التطرف وتتحدى ظلمات الإرهاب

كتب: نورهان نصرالله

بين أنقاض حمص القديمة وبناياتها الملطخة بدماء أصحابها، وأصوات انفجارات العبوات الناسفة، تنساب أنغام العود لتحيى ما تبقى من المدينة العتيقة، ترثى «ياسمين» حمص وساعاتها وأيامها السعيدة، «كان ياما كان الحب مالى بيتنا ومدفّينا الحنان.. زارنا الزمان.. سرق منا فرحتنا والراحة والأمان»، تلك الصورة التى نقلها المخرج السورى جود سعيد، فى فيلم «مطر حمص» الذى شارك فى مسابقة «آفاق السينما العربية» بالدورة الـ39 من مهرجان القاهرة السينمائى، حيث حظى بحضور جماهيرى طاغٍ، فى قاعة مسرح الهناجر بدار الأوبرا.

الحب فى مواجهة الحرب، الأمل يتحدى الخوف، الأغنيات تخرس أبواق الظلام والتطرف، 100 دقيقة عمر فيلم «مطر حمص»، الذى مزج الخيال بالواقع، من خلال قصة «يوسف ويارا» المحاصرين فى مدينة حمص القديمة، مع طفلين وكاهن لمدة تقرب من 100 يوم.

وعن قصة الفيلم، يقول المخرج جود سعيد: «استوحيت فكرته من سيناريو بعنوان (وقت الاعتراف) للكاتبة والصديقة سهى مصطفى، ويدور حول رجل وفتاة وكاهن محاصرين فى بناء، ومن هنا نسجنا حكاية (مطر حمص)، بطبيعتى لا أحب نقل الواقع فى السينما، حيث تخلصت من هذا الشكل لصالح الفيلم التسجيلى، الذى يفرغ أيضاً مساحة حقيقية للخيال، وبالتالى قمنا بمزج الكثير من الحكايات الحقيقية بمناطق أخرى، منها حكاية الأب الذى يقوم بتفجير قنبلة فى عائلته والمسلحين، فتلك حكاية حقيقية، ولكننا نقلنا المكان والزمان وبعض الأحداث، بالإضافة إلى الشخص الذى تعلق خلف عمود الساعة ولم يستطع التحرك، فجزء من المشهد كان حقيقياً، ومقتل الأب إليا اقتبس من الأب فرانز الذى رفض ترك حمص ولقى مصرعه على يد الإرهابيين، وذلك قبل خروج الجماعات المسلحة من المدينة بيومين، الواقع أقسى من أى خيال قد يقدم فى السينما، ولكنها الذاكرة التى تبقى، وذاكرة الإنسان عن واقعه الذى عاشه، أو رؤاه ووجهات نظره»، وأضاف سعيد لـ«الوطن»: «قررت أن أصور الفيلم داخل مدينة حمص نفسها دون الاستعانة بديكورات، لأن الأحداث حدثت فى هذه المدينة، حيث كان التصوير صعباً واستغرق ما يقرب من 100 يوم، ولكن كانت هناك توقفات، فجميع الخدمات متوقفة من مياه أو كهرباء، كما بدأنا التصوير بعد تنفيذ اتفاق خروج الجماعات المسلحة من المدينة بشهر، وبالتالى صورنا شكل المدينة وبنيتها التحتية الموجودة على سجيتها فى الواقع، لا سيما أنها لم تشهد عودة سكانها آنذاك، وكنا بمفردنا فى الأحياء إلى جانب العائلات الموجودة هناك، التى أبت أن تغادر منازلها، وأصررت على عرض الفيلم فى حمص بدار الآباء اليسوعيين، المكان الذى قتل فيه الأب فرانز، وتلقيت ردود فعل هائلة وعظيمة، والمسئول عن الدير الآن رجل دين مصرى، وأخبرته أن الفيلم سيعرض بمهرجان القاهرة وكان سعيداً بذلك للغاية»، وأشار مخرج «مطر حمص» إلى أنه لم يكن ينوى حضور مهرجان القاهرة، مؤكداً أنه تراجع عن قراره بسبب الهجوم الذى تعرض له فى الدورة الـ28 من مهرجان أيام قرطاج السينمائية، بعدما وجهت له اتهامات بـ«الدعاية لنظام الرئيس بشار الأسد»، قائلاً: «أنا لست من الأشخاص الذين يهربون من المواجهة، وأحترم كل الآراء فى السياسة والسينما، ولكن لا أقبل الهجوم الشخصى، اليوم هناك 17 مليون شخص يعيشون فى الأماكن التى تسيطر عليها الدولة، بينهم ما لا يقل عن 10 ملايين يتبنون الدفاع عن سوريا، ومن هذا المنطلق قد نقول إن الفيلم يعبر عن تلك الفئة، هل لا يحق لهؤلاء الـ10 ملايين رسم لوحة؟ فحقهم على الناس أن يسمعوهم»، وتابع: «أعتبر ردود فعل الجمهور المصرى على الفيلم بمثابة رد اعتبار لشخصى فى مواجهة تلك الاتهامات، أنا لا أحضر عروض أعمالى ولكن حرصت على الدخول قبل مشهد وفاة (أبوعبدالله) الإرهابى، لأجد أصوات التصفيق تملأ القاعة، مثلما حدث فى سوريا وتونس، حيث اخترت أن تنتقم الأنثى منه ويكون مقتله على يدها، لأن أيديولوجية أبوعبدالله تحتقر الإناث».

«سعيد»: الجمهور المصرى رد اعتبارى.. وحرصت على إفراغ مساحات للخيال ومزجها بالحقائق.. ونهاية «أبوعبدالله» على يد «ريما» انتصار لكرامة الإناث

لم يخل الفيلم من الكوميديا السوداء والأغنيات التى قدمها بطل العمل والجنود السوريون، على الرغم من تراجيديا الأحداث التى ركزت على آثار الحرب بمدينة حمص السورية، وفى هذا الصدد يقول «سعيد»: «أى عمل يعكس جانباً من شخصية صانعه، هذا الجزء يشبهنى فى الحياة وتعاملى مع أشد المآسى، وهناك جزء آخر متعلق بمدينة حمص فهى تشتهر بالسخرية، وأهلها معروفون بالنكتة، وكانت هناك أغنيات لأسمهان، وميادة الحناوى وأم كلثوم، فالغناء المصرى أحد الطقوس اليومية للسوريين، فمثلما يستمعون إلى فيروز فى الصباح، يسمعون أم كلثوم فى الليل، وأغنية (كان ياما كان) للفنانة ميادة الحناوى لها دلالة فى الفيلم، فهى تعبر عن الناس الذين يتمنون عودة الأشياء الجميلة لهم مرة أخرى»، ولفت المخرج جود سعيد إلى أنه أدى دور الإرهابى المسلح «أبوعبدالله» بالصدفة البحتة، قائلاً: «كان من المقرر أن يقوم ممثل آخر بالدور الذى لا يتعدى مشهدين، ولكنه لم يستطع الحديث باللغة العربية الفصحى، فغضبت وقررت أن أجسد الشخصية بنفسى، وأحببت التجربة وبدأت أضيف مشاهد لذاتى، وخلال الفترة الجارية أخوض تجربة التمثيل من خلال فيلم (النورج)، من إخراج الفنان أيمن زيدان، وهو يعد العمل الثالث الذى يجمعنا، بعد (درب السما) و(مسافرو الحرب) من إخراجى وبطولته».

####

كندة علوش: أرفض تحويل السينما لمدرسة تُلقن الجمهور.. ودراستى للنقد وراء مشاركتى فى تحكيم «القاهرة السينمائى»

كتب: خـالد فـرج

قالت الفنانة السورية كندة علوش إنها سعدت بمشاركتها فى عضوية لجنة تحكيم المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته المنقضية، واصفة تجربتها التحكيمية بالكورس السينمائى المكثف الذى استفادت منه الكثير طيلة فترة إقامة المهرجان.

خضعت لكورس سينمائى مكثف فى مشاهدات المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة

«كندة» فى حوارها مع «الوطن» تكشف عن المعايير التى اتبعتها كعضو لجنة تحكيم، وتوضح رأيها فى سبب تركز مضامين أفلام المسابقة على الطابع الاجتماعى والإنسانى، وحقيقة تعاقدها على فيلم «البدلة» أمام الفنان تامر حسنى.

¶ كيف استقبلتِ نبأ اختيارك لعضوية لجنة تحكيم المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى؟

- سعدت بعضوية تحكيم المسابقة الدولية، ووجودى مع أسماء مهمة فى اللجنة، بدءاً من رئيسها الأستاذ حسين فهمى، والأعضاء المخرجين خيرى بشارة وهانى أبوأسعد وباقى الأساتذة الأفاضل، كما استمتعت بمشاهدة الأفلام المشاركة التى تطرق أغلبها لموضوعات إنسانية مهمة، منها على سبيل المثال لا الحصر، قضية التفكك الأسرى وتأثيره على الأبناء.

¶ ما تفسيرك لتركز مضامين أغلب أفلام المهرجان على الطابعين الاجتماعى والإنسانى؟

- العالم بأسره يشهد مآسى ومشكلات عديدة، ما دفع السينما العالمية لطرح موضوعات إنسانية، تهدف للغوص داخل النفس البشرية، وبث قيم أخلاقية لم تعد موجودة حالياً، ولذلك وجدت قضية التفكك الأسرى حاضرة بقوة فى أفلام المسابقة الرسمية، وتأثير انفصال الزوج والزوجة على أبنائهما، وكيفية إقامة شخص علاقة دون التفكير فيمن سيسدد ضريبتها، ومن ثم فحينما تجد أفلاماً من جنسيات مختلفة تتناول قضية بعينها، فهذا يعنى بالتبعية أنها منتشرة فى كل أنحاء العالم.

¶ ولمَ لا تحظى نوعية الأفلام الاجتماعية والإنسانية بالانتشار فى مصر؟

- أتفق معك فى تساؤلك، وأتمنى الإكثار من تقديم نوعية الأفلام الإنسانية والاجتماعية عما يتم تقديمه حالياً، وذلك بغض النظر عن التيمة التى تدور حولها الأحداث، سواء كانت كوميديا أو تراجيديا.. إلخ، حيث لا بد من الاهتمام بهذه النوعية على غرار أعمال الأكشن والتشويق.

¶ وما دور السينما فى نبذ العنف بما أن العالم بأسره يشهد مآسى إنسانية؟

- نعيش فترات صعبة مليئة بالحروب والعنف والقسوة، ما يجعل الفن متنفساً للحرية وتذوق الجمال، ومجالاً للابتعاد بأعماله عن ضغوط الحياة، ومحاربة الأفكار المتخلفة المنتشرة فى المجتمعات كافة، ولذلك فالسينما لا بد أن تطرح أفكاراً مستنيرة ومهمة وممتعة لمشاهديها، بحيث تبعدهم عن أجواء التوتر التى تخلفها الأحداث السياسية، وبالتالى الاهتمام بالشاشة الفضية مهم فى هذا التوقيت، وأنا أعلم جيداً أن هناك وجهة نظر قد تعارض كلامى وتقول: «السينما مش مهمة فى الفترات الصعبة دى وفيه حاجات تانية أهم منها»، ولكن الحقيقة أن الناس فى أمس الحاجة للفن، وكلامى ليس مقتصراً على السينما وحدها، وإنما كل أشكال الفنون الراقية، لقدرتها على التصدى لكل ما هو متخلف ورجعى.

«الكسل» يمنعنى من العودة إلى الكتابة الدرامية.. ولا أعلم شيئاً عن «بدلة» تامر حسنى.. والفن متنفس للحرية والبحث عن الجمال بعيداً عن العنف والقسوة التى نعيشها

¶ الفن والسينما مرآة للواقع أم مطالبان بتجميله من وجهة نظرك؟

- السينما تعنى حرية فى رأيى، والحرية تشمل كل ما جاء بسؤالك، بمعنى أنه لا بد من تقديم أفلام للترفيه فقط، بحيث يحصل مشاهدوها على وجبة دسمة من المتعة، وأفلام أخرى تبرز الواقع بأوجاعه، لأنها ستسهم فى إنارة أفكار متابعيها، والاطلاع على ما لم يشاهدوه فى مجتمعاتهم، ونوعية ثالثة من الأفلام تدور فى إطار من الفانتازيا، بحيث تصطحب محبيها لعوالم أخرى، وانطلاقاً من هذه الحرية، أرفض تصنيف الفن، وأعارض أصحاب الآراء الذين يطالبون بأن يقدم الفن رسالة فى كل أعماله أو أن تكون المسلسلات والأفلام للمتعة فقط أو أن يكون الفن مرآة للواقع أو مجملاً له، حيث يظل المحتوى الفنى هو ما يعنينى فى المقام الأول، فعندما يمتلك صناع هذا المحتوى لأدواتهم بشكل جيد ويقدمون فناً راقياً، فحينها «من حقهم يقولوا اللى هما عاوزينه بالشكل اللى هما عاوزينه والناس هتتفرج على أعمالهم».

¶ وما الذى ترفضين وجوده فى الأعمال الفنية؟

- أرفض تقديم الأفلام والمسلسلات على شكل تلقينى وتعليمى، لأن السينما والدراما ليستا بمدرسة، وإنما وسائط توصل رسائل مهمة للجمهور، ولابد ألا تتم هذه العملية بشكل خطابى أقرب لمحاضرات الجامعة، ولكن يجب أن تتم بشكل فنى من الدرجة الأولى، بحيث استمتع بقصة جيدة وأداء تمثيلى جيد، ومن بعدهما قم بتوصيل رسالتك الفنية كما تريد، ولكن ليس بشكل خطابى مثلما أشرت.

¶ ما المعايير التى اتبعتها أثناء عملك التحكيمى باللجنة؟

- معياران؛ أحدهما علمى وفنى والآخر إنسانى، فإذا تحدثت عن المعيار الأول، فلابد من توافر عناصر فنية بمستوى معين، وهى وجود نص متماسك وصورة سينمائية جيدة مغلفة بلغة فنية عالية الجودة، مقترن بأداء تمثيلى رائع، أما المعيار الثانى والمهم بالنسبة لى أن يلامسنى الفيلم إنسانياً على المستوى الشخصى، بحيث أشعر بتواصل روحى بينى وبينه، لأنه ما دام نجح فى ملامسة مشاعرى، فأستشعر قدرته على الوصول لقلوب الناس.

¶ هل انزعجتِ من عدم وجود فيلم مصرى فى المسابقة الرسمية؟

- بكل تأكيد، لأننى أعتبر نفسى مصرية وسورية، وأتمنى وجود أكثر من فيلم مصرى فى المسابقة الرسمية بالدورات المقبلة، وكذلك الأمر بالنسبة للمهرجانات العالمية، لأن السينما المصرية قادرة على المنافسة، بدليل مشاركة أفلامها فى مهرجانات عالمية، منها «كان»، «برلين»، «تورنتو» مثلاً، ولكن ربما أن توقيت إقامة المهرجان فى نهاية العام أعاق وجود فيلم مصرى، بما أن أغلب الأفلام شاركت فى مهرجانات سينمائية أخرى، وهو ما يتعارض مع مشاركتها فى مهرجان القاهرة، الذى يمنع وجود أفلام بمسابقته الرسمية تم عرضها فى مهرجانات أخرى.

¶ ما أبرز استفادة حققتيها من مشاركتك بعضوية تحكيم المسابقة الرسمية؟

- خضت تجربة المشاركة التحكيمية أكثر من مرة، منها المسابقة العربية بمهرجان القاهرة السينمائى، ودائماً ما أستفيد من تلك المشاركات، ولكن الاستفادة كانت مضاعفة فى هذه الدورة، نظراً لأهمية المسابقة الدولية من جانب، واستفادتى من نقاشاتى مع رئيس اللجنة وأعضائها، لأنك تشاهد الفيلم بوجهة نظرك المبنية على خلفيتك الثقافية، وبالتالى حينما يشاهده معك شخص من ثقافة مغايرة وجنسية أخرى، فيراه بوجهة نظر مختلفة تنير منطقة ما فى ذهنك، ولذلك استفدت كإنسانة وممثلة عاشقة للفن والسينما من مشاركتى فى هذه الدورة، التى كانت أشبه بمن خضع لكورس سينمائى مكثف سواء على مستوى الأفلام التى شاهدتها، وكذلك النقاشات التى لا تقل أهمية عن مشاهدة الأفلام.

¶ ما تقييمك للفيلم السورى «مطر حمص» للمخرج جود سعيد الذى أثار جدلاً حول موالاته للنظام السورى؟

- لم أتمكن من مشاهدة الفيلم فى مسابقة «آفاق السينما العربية»، نظراً لتزامن توقيت عرضه مع مشاهدتى أحد أفلام المسابقة الرسمية، ولكن ردود الفعل حياله كانت إيجابية حسبما سمعت، وسعدت بأن ما أثير عن تضمن الفيلم توجهات سياسية لم يكن موجوداً بشكل فج فى الفيلم، فأنا معتادة على عدم التعامل مع شخصية المخرج أو انتماءاته السياسية، وإنما أهتم بالمادة الفيلمية المقدمة، فإذا تضمنت أفكاراً عنصرية أو غير إنسانية فلنحاكم العمل الفنى إذاً، ولكن لا أحاكم صناعه على مواقفهم طالما أنها ليست مطروحة فى الفيلم.

¶ ما العوامل التى أهلت كندة علوش لعضوية لجنة تحكيم المسابقة الرسمية؟

- من الصعب أن أرد على هذا السؤال، ولكن عضو لجنة التحكيم لا بد أن يتوافر فيه عناصر عدة، منها أن يمتلك عدداً من المشاركات السينمائية المهمة، ويكون شخصاً مهتماً بالسينما ومُطلعاً على مدارس سينمائية مختلفة، ولكن إذا تكلمت عن نفسى، فأعتقد أن دراستى للنقد المسرحى والسينمائى أهلتنى لهذا المنصب، لاسيما أننى انغمست فى الكتابة لفترة قبل عملى بالتمثيل.

¶ ولمَ لا تفكرين حالياً فى العودة للكتابة عبر عمل سينمائى أو تليفزيونى؟

- راودتنى هذه الفكرة ولكن كسلى يمنعنى من تنفيذها، إلا أننى أعتزم الإقدام عليها من باب الهواية وليس الاحتراف، لأن الممثل بطبعه يحب التجريب سواء فى التأليف أو الإخراج، ومن ثم ففكرة عودتى للكتابة واردة، ولكنى لا أعلم توقيت حدوثها، وهل سأقدمها لمرة واحدة أم أكثر من مرة.

¶ ما حقيقة تعاقدك على المشاركة فى بطولة فيلم «البدلة» مع تامر حسنى؟

- «تامر» صديق عزيز ونجم فى عالم الغناء والتمثيل، وأفلامه تحقق نجاحاً فى شباك التذاكر، كما أن محمد العدل من المخرجين الذين أعتز بمعرفتهم إنسانياً وفنياً، ولكنى لا أعلم شيئاً عن هذا الفيلم، والأدهى من ذلك أن هناك أخباراً نُشرت حول تعطيلى تصوير الفيلم، نظراً لمشاركتى التحكيمية فى «القاهرة السينمائى»، حيث وصلنا إلى مرحلة من اختلاق الأخبار وبناء قصص عليها، ولكن كان يشرفنى أن أتعاون مع الأساتذة سالفى الذكر.

الوطن المصرية في

08.12.2017

 
 

مهرجان القاهرة السينمائي يبحث عن «رئيس» (تقرير)

كتب: سعيد خالد

بعد ما يقرب من أسبوعين من ختام فعاليات دورته الـ39، وبعدما أثير من جدل أعقب تقدم رئيسته ماجدة واصف باستقالتها، لوزير الثقافة حلمى النمنم، تسود حالة من الترقب أروقة مهرجان القاهرة السينمائى، انتظارا للإعلان والكشف عن الرئيس القادم للمهرجان في دورته الـ40، بعد 3 دورات قضتها ماجدة واصف في رئاسته، والتى تولت خلالها شبكة DMC الفضائية رعاية المهرجان وتمويله، وحضر حفل ختامه 3 من نجوم السينما العالميين نيكولاس كيدج وهيلارى سوانك وأدريان برودى، في الوقت الذي أكدت فيه «واصف» أنها تقدمت باستقالتها بعدما أدت ما عليها تجاه المهرجان وخروجه بشكل مشرف، استعاد خلاله بريقه، وجذب النجوم والمشاهير، بالتعاون مع القناة الراعية، وتمهيدا لتقديم دورات أفضل في الأعوام المقبلة. «المصرى اليوم» تفتح في هذه السطور تحقيقا حول مواصفات الرئيس القادم للمهرجان، ومن يمكن أن يتولى هذه المهمة في دورته المقبلة.

ومن المتوقع أن يصدر الكاتب حلمى النمنم خلال الساعات القليلة المقبلة قرارا بإسناد رئاسة مهرجان القاهرة السينمائى لأحد السينمائيين من بين الأسماء المرشحة للمنصب وهى المخرج والمنتج شريف مندور والفنان حسين فهمى والفنانة إسعاد يونس والمنتجة والمخرجة ماريان خورى والفنان خالد النبوى وسهير عبدالقادر.. استطلعنا آراء النقاد في المعايير المطلوب توافرها في الرئيس الجديد للمهرجان.

يقول الناقد طارق الشناوى إن الرئيس القادم للمهرجان يجب أن يكون شخصية قيادية، وله علاقة وطيدة بفن السينما وصناعتها في كافة المجالات، وصاحب اسم حينما يذكر يكون مصدر معرفة للجميع.

وأضاف «الشناوى»: يفضل من يمتلك سابق خبرة في إدارة المهرجانات، لأن ذلك يوفر الكثير في إنجاز العمل، وبالضرورى يكون صاحب شبكة علاقات قوية محليًا وعربيًا وعالميًا، حتى إنه حينما يطلب من أحد النجوم في العالم الحضور سواء للتكريم أو لأى غرض ينجح في ذلك.

وتابع: اقترحت على وزير الثقافة في الدورة 37 للمهرجان، أن يكون الفنان حسين فهمى رئيس شرف المهرجان، ولم أكن أقصد المعنى الحرفى لكلمة الرئيس الشرفى، ولكن كنت على دراية أن ماجدة واصف ويوسف شريف رزق الله يحتاجان إلى واجهة، وفى نفس الوقت لم أعن أن يكون حسين فهمى شرفيا بالمعنى المباشر للكلمة، وكنت أعلم أنه سيضيف لهما ويضفى بعض الأفكار نتاج خبرته ورئاسته للمهرجان في 4 دورات، منذ عام 1998 وحتى 2002، وهى الفترة التي شهدت قدرا من الإضافة، ولم يستسلم حسين فهمى لكل الأفكار التي طرحها وقدمها سعد الدين وهبة، وكانت له رؤية ولمحة خاصة، وفى 2015 اقترحت اسمه على وزير الثقافة ولكن لم يأخذ باقتراحى وتم تعيين محمود حميدة وقتها، وللأسف مكانة رئيس شرفى المهرجان لم تكن متوافقة مع إمكانياته أو طموحاته.

وواصل «الشناوى»: حسين فهمى مازال قادرًا على العطاء، ويمتلك الكفاءة والخبرة، وواجهة لمهرجان عريق في حجم مهرجان القاهرة، أضف إلى ذلك أنه صاحب كاريزما قوية.

وعن رأيه في الأسماء المرشحة للمنصب قال: «من الصعب أن أقول رأيا سلبيا في تلك الأسماء فقد يكون لكل منهم ميزة، لكن رؤيتى لمن يستطيع قيادة المركب في هذه اللحظة الراهنة مع احترامى لكل هذه الأسماء، هو الفنان حسين فهمى، وفى كل مرحلة تتطلب مواصفات معينة وللأسف مهرجان القاهرة أصبح منطفئا، ويحتاج لبقعة ضوء تعيد له بريقه، ويستطيع من خلال علاقاته برجال الأعمال أن يتجاوز أزمات التمويل، وهو ما سينجح فيه فهمى».

ويقول الناقد أحمد شوقى مدير برنامج «آفاق السينما العربية» في الدورة الـ39 للمهرجان: «أنا جزء من الإدارة التي تقدمت باستقالتها بعد انتهاء الدورة الأخيرة، وبالتالى إبداء رأيى في الشخصيات التي من الممكن ترشيحها لرئاسة المهرجان في دورته القادمة فيه إحراج، ولكن هناك معايير من وجهة نظرى يجب توافرها في رئيس مهرجان القاهرة، لأن إدارته مهمة أعتبرها في منتهى الصعوبة، ولا تدار بالكاريزما أو النجومية».

وأضاف شوقى: «رئيس المهرجان يحتاج شخصا متفرغا له على مدار العام، ويمتلك قدرات فنية وإدارية معًا، وفى نفس الوقت لديه خبرة في السينما والإدارة، والشرط الأساسى أن يتمتع بقدرة التعامل مع الإدارات في الدولة، لأن التعامل مع الدولة ليس سهلا على الإطلاق على كافة المستويات».

وتابع شوقى: «من الضرورى كذلك أن يكون متابعا لكل مهرجانات العالم، والتطورات والأفكار التي تقدمها، وألا يكون قادما من زمن آخر، بتصورات انتهت عن عالم السينما، ورأيى أن أي رئيس قادم في ظل الميزانية الضعيفة المخصصة من الدولة سوف يفشل، لأنها غير كافية بالمرة لتنظيم مهرجان كبير، وبالكاد تصلح لإقامة مهرجان مقبول، ويجب أن يتم استغلال الشراكة التي حدثت في الدورة الماضية مع قناة دى إم سى، ويحاول إعادة شراكة مماثلة ولكن بشروط أوضح، تضمن الاستفادة المادية للمهرجان، وفى نفس الوقت يتلافى أي مشاكل ظهرت في التجربة الماضية، مع ضرورة تقويمها والتخلص من سلبياتها لأنها لم تكن ناجحة بنسبة 100% وبها الكثير من المشاكل».

وتابع شوقى: «أيًا كان الشخص الذي يتولى الرئاسة مع احترامى لكل الأسماء، يجب أن يكون الاختيار وفق المعايير التي سبق أن ذكرتها».

وواصل: اتخذت قرارا بعدم المشاركة ضمن إدارة المهرجان في السنوات المقبلة، لأن الأمر يتطلب جهدا وتفرغا وعملا على مدار العام، وبصراحة العائد سواء كان ماديا أو معنويا غير مجز بالمرة على مدار الـ3 سنوات التي عملت خلالها بالمهرجان، ولم أجد سوى التعليقات السلبية، وفى المقابل التجربة صعبة ومعقدة، وما أؤكد عليه أننى أعذر أي شخص سيتولى هذه المهمة، وسوف أدعمه قدر الإمكان.

وقال الناقد كمال رمزى: إن اختيار رئيس الدورة الـ40 لمهرجان القاهرة السينمائى يجب أن يكون وفق معايير محددة، ويأتى في مقدمتها ضرورة أن توفر وزارة الثقافة ممثلة في وزيرها الظروف المناخية المحيطة التي تساعد أي رئيس يتولى هذه المهمة أن ينهض بعمله، وهذا أهم من اختيار الرئيس نفسه».

وأضاف «رمزى»: «لا يوجد رئيس جيد وآخر سيئ، ولكن هناك ظروف سيئة وأخرى جيدة، وإذا كان النظام والظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية جيدة، فهى بالضرورة تفرز نجاحا يحمل حتى رئيس المهرجان، والظروف السيئة للأسف تحبط أي اسم كبير، ورأيى أن رؤساء المهرجان في السنوات الأخيرة، كل منهم كان يتميز بصفة معينة، وماجدة واصف كانت تتمتع بنفس هادئ وكان هدفها العبور بالسفينة إلى بر الأمان بدون مشاكل، والأستاذ الراحل سمير فريد تجربته كانت استثنائية لأن الدورة التي تحمل مسؤوليتها كانت قيمة ويكفى أن نتذكر أن المهرجان في دورة سمير فريد أصدر 13 كتابا، وهى سابقة لم تحدث على مدار تاريخ المهرجان، إضافة إلى دقة المواعيد وجدية الندوات وغيره، ويعتبر معيارا لمدى نجاح أي مهرجان أو رئيس آخر». وتابع: أن فكرة الشراكة مع قناة دى إم سى، في تقديرى أن هذه المؤسسة سوف تلتهم أي مهرجان أو أي رئيس يقترب منها، ويجب التحرر من هذه الشراكة، وأطالب هذه القناة بأن تقوم بالنهوض بمهرجان خاص بها وليس مهرجان القاهرة، لأنه قائم ومستمر، يضعف وينهض ويتراجع ويتقدم لكنه قائم.

وشدد «رمزى» على أن وزير الثقافة يجب أن يضع نصب عينيه ضرورة أن يكون رئيس المهرجان القادم تتوافر أمامه ظروف نجاح عمله، وأن يكون صاحب كاريزما، وأن تكون لديه مرونة القبول والرفض، واحتكاك بالمهرجانات العالمية والعربية.

وقال الناقد أمير العمرى: «لابد من ملاحظة أن معظم رؤساء المهرجان السابقين استقالوا احتجاجا، إما على ضعف الميزانية وتدخل من لا يتمتعون بالمعرفة في عملهم أو لتدخل الجهات الإدارية بوزارة الثقافة، ولهذه الأسباب استقال حسين فهمى وشريف الشوباشى وسمير فريد، والآن ماجدة واصف، وأن أي شخص في الوزارة يمكنه أن يتصل ويغير موعد عرض فيلم أو استبداله كما يشاء». وتابع العمرى: «أما فكرة إسناد رئاسة مهرجان سينمائى دولى إلى ممثل نجم، فهى بدعة مصرية رهيبة ومضحكة»، متسائلا: من أين جاء حسين فهمى أو غيره بخبرة من المهرجانات السينمائية وهم عادة يحضرون حفلات الافتتاح لكى يبتسموا وتلتقط لهم الصور ثم ينصرفوا؟! إضافة إلى أنهم لا يعرفون شيئا عن السينما العالمية واتجاهاتها المختلفة ومخرجيها، فهم لا يعرفون سوى أفلام النجوم من السينما التجارية الأمريكية».

وواصل: «المشكلة في ضرورة توافر حرية الإبداع لشخص رئيس المهرجان في مصر، بعدما بات في السنوات الأخيرة بعيدًا عن الخريطة الدولية وافتقد للمعايير الدولية.. ولكن السبب كما قلت ليس فقط شخص رئيس المهرجان بل في المنظومة الثقافية كلها».

المصري اليوم في

10.12.2017

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)