كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

سينما 2017.. تقدمها: خيرية البشلاوى

سؤال مهرجان القاهرة السينمائي الـ"39":

لماذا تفوز الأفلام السورية.. وتفشل المصرية؟!

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي

الدورة التاسعة والثلاثون

   
 
 
 
 

ماذا ينقص السينمائي المصري لكي يسمو إلي مستوي الظرف التاريخي الاستثنائي الذي عشناه ونعيشه خلال "عواصف الربيع الغربي" ولا أقول العربي؟.. ولا تسألني لماذا الغربي وليس العربي لأن الإجابة معروفة. وإن كانت وثيقة الصلة بالسياسات "العالمية" التي يعرفها متخصصون في هذا الشأن. ولكن ربما تشير "الغربي" كما يتبادر إلي الذهن في هذا السياق إلي جنسية السلاح الذي عصف بالمنطقة العربية شعوباً وآثاراً وبني تحتية.

أعني سلاح القناصة في الميادين الثائرة والميليشيات المتوحشة والجماعات التكفيرية الإرهابية والمخربون و...... إلـخ وكلها بالمناسبة نقلتها الصور في الإعلام وفي وسائل التواصل المرئية. وفي السينما الوطنية وسوريا نموذج مثالي: لاستخدام الفيلم في تخليد جانب مما جري.

اتساءل مجدداً ماذا ينقص السينمائي المصري سليل هوليود الشرق وابن الصناعة الأكبر والأقدم والأكثر أو التي كانت أكثر تأثيراً في المنطقة العربية حتي وقت قريب.

اطرح السؤال بقدر غير قليل من الرفض والغضب لحالة البلادة واللامبالاة التي تجعل مهرجاناً باسم القاهرة تخلو مسابقته الرسمية من فيلم مصري يليق بالصناعة الأكبر والعاصمة العربية الأهم؟؟!

حسب قناعاتي الخاصة أن هذه الحالة المزرية تعود في جانب منها إلي حالة "الفصل" ومن ثم غياب الوازع الشعوري والانفصال المزمن بين الشأن العام الوطني والقومي المحلي والعربي وبين الطموح الذاتي لصانع الفيلم وتلك سمة تفرض نفسها علي حصيلة ما يتم انتاجه حول القضايا المصيرية الكبري مثل الحرب حيث الحروب الثلاثة المهمة بما فيها "العبور" ولا يوجد عمل سينمائي قديم يضاهي أو يحكي عما جري فيها.

هناك أيضا حالة "فصام" نفسي وشرخ أخلاقي يحول دون فريضة الالتزام بالمسئولية. أعني مسئولية الفنان في مجال السينما.. تأملوا مثلاً حالة الحزن العارم الذي أصاب الناس برحيل شادية "أم الصابرين" والتي استقرت معزتها في الضمير والوجدان الجمعي.

لدينا حالة من التردي السينمائي بسبب الافراط في "اللهو" الفارغ والترفيه الهروبي العاجز عن تحقيق الغرض منه وتوجد منه نماذج قليلة في التظاهرات الموازية "افاق السينما العربية" في "القاهرة 39".

نماذج من الانتاج الحديث جداً تؤكد معني الغياب حيث صانع الفيلم المصري وبالذات الشباب حريص علي التواصل مع مهرجانات العالم البعيد. يهرول بعمله من مهرجان لآخر حاملاً "شهادة" تتناسب مع ذائقة "الجمهور" في هذا البلد أو تلك المنظمة للمهرجان حتي يعود بوثيقة تمنحه صفة "الحضور" علي الخريطة بعمل محمل بما يشهد بأنه ابن عالم غريب متخلف يمتليء بالكدمات الاجتماعية والنفسية. ويلوح بالكليشيهات المكرورة وفاقدة المعني من فرط التكرار وسوء الاستخدام مثل "حرية التعبير" و"الاستبداد" والحكم "الديكتاتوري" و... إلـخ

شعارات هذه المجموعة الشاردة التي تمثل في جوهرها كدمة في مسيرة مصر في مواجهة القوي العاتية التي تتربص علي حدودها.

سوريا وجوائزها

إجابة السؤال الذي طرحته في بداية المقال تجيب عليه النجاحات التي تحققها السينما السورية الحاضرة في مهرجانات الإسكندرية والقاهرة ودبي وسائر المهرجانات الخاصة بالفيلم العربي.

ولا أشير إلي الأفلام والجوائز وآخرها جائزة أحسن ممثلة التي حصلت عليها الممثلة السورية "دياماند بوعبود" بطلة فيلم "في سوريا" التي قدمت دوراً شديد القوة. بالغ التأثير هز قلوب جميع من كان في صالة العرض وحركت شهية بعضهم للكلام العاكس لمدي تأثرهم بقوة الفيلم الذي يرسم صورة مثيرة ومحزنة للغاية ومحملة بالدلالات التي تؤرق الضمير العربي والعالمي

المذهل أن فيلم "في سوريا" أو "الحالة السورية" من إخراج مخرج بلجيكي وصل انفعاله وتأثره بما جري في سوريا وانعكس علي الإنسان السوري والأسرة السورية بفعل الإرهاب الأسود الذي تمارسه جماعات تجردت بالكامل من إنسانيتها.. الفيلم للمخرج فيليب فاندليو لا يقترب من السياسة ويصلح لكل مكان يعاني من الحرب ولا يثير ما يغضب النظام "الديكتاتوري" ولا قوي "الاستبداد" العربية. ولا يتنافي بأي حال مع حرية التعبير وإنما يؤكد وبالدليل القاطع أن فنانة كبيرة وقوية مثل "هيام عباس" الممثلة الفلسطينية بدورها في هذا الفيلم كأم عربية استطاعت بمنتهي الحزم والإرادة والثبات النفسي أن تصمد أمام القوة التي تريد أن تغتصب البيت والعرض وإنسانية أفراد الأسرة عموماً.

وهذا الدور يمكن أن يتجاوز بتأثيره عشرات المقالات والخطب ويتصدي للقوي المناوئة.

أتذكر في هذا السياق قول مخرج مصري شاب أرعن وعديم الكياسة وهو يصرخ في أحد المهرجانات الأوروبية بأنه غير سعيد بجنسيته المصرية ولأمثاله أقول "الباب يفوت جمل" مثل هذا النموذج التافه بغض النظر عن موهبته أو مهاراته كصانع للفيلم يعتبر نموذجاً مرفوضاً لحالة الفصام وعدم الانتماء وأمثاله هنا من التيار الشارد ليسوا قليلين وهم بكل أسف يمثلون خيطاً رفيعاً أسود وسط حالة الغياب وعدم المسئولية لصناعة السينما الوطنية.

وفي نفس المهرجان "القاهرة 39" شاهدنا فيلماً سورياً رومانسياً رفيعاً ورائعاً وظريفاً يمزج بين الحب والحرب ويعتبر الأول "الحب" خط الدفاع الأساسي في مواجهة الحرب ويمثل الالتزام الوطني واكسير حياة في مواجهة ويلات وتداعيات الصراعات والتمزقات واللجوء الجماعي. أنه فيلم كوميدي "!!" مليء بالرسائل الجادة وفي قالب مسل يخاطب المشاعر بلغة إنسانية تلمس الإنسان في أي مكان أشير إلي فيلم "طريق النحل" للمخرج السوري الكبير عبداللطيف عبدالحميد.

فالالتزام الإنساني والوطني والتوظيف الناجح للقوة الناعمة التي تمثلها السينما والفنون عموماً لا يعني المباشرة ولا الحرمان من جماليات الفن. فلكل نوعية من الأفلام قوالبها الجمالية المتنوعة وأطرها الفنية التي يزخر بها تاريخ الفن السينمائي ومنها أفلام الحرب والمقاومة وحصيلة الأفلام السورية التي وفرها مهرجان الإسكندرية منذ شهور والقاهرة الذي انتهي منذ أيام تؤكد أن الصراع الدموي التدميري الذي شهدته سوريا والمأساة الإنسانية المخيفة التي أصابت الناس والمدن السورية الرائعة مثل حمص وحلب وغيرها.. هذه الحالة المفزعة التي عاشها الشعب السوري وأدت إلي هجرة الملايين من أبنائه أفرزت سينما قوية وممتعة بالمناسبة. وأقوي من حيث المستوي الفني والتأثير من كثير من الأفلام التي شاركت في المهرجانات السينمائية قبل الحرب علي سوريا.

لقد شاهدنا من الأفلام السورية أيضا فيلم "مطر حمص" من انتاج 2017 للمخرج جود سعيد من مواليد دمشق 1980 وأيضا من تأليفه ومثل جميع الأفلام السورية التي صورت أثناء الأزمة الطاحنة والتي مازالت قائمة وتشكل وثيقة بصرية لمدينة حمص القديمة التي باتت مسرحاً لصراع دموي رهيب من أجل البقاء و في نفس الوقت شهادة حية لمدينة تاريخية تحولت إلي أطلال وبقايا وفخاخ قاتلة لمن تبقي يبحث عن أشلاء من سقطوا تحت جدرانها وبرغم هذا كله تظل حافظة لذكريات جميلة تجدد الرغبة في الحياة.

الفيلم من انتاج المؤسسة العامة للسينما التي كانت وراء تمويل معظم الأفلام السورية وقد شاهدنا لهذا المخرج نفسه فيلماً بعنوان "رجل وثلاثة أيام" في مهرجان الإسكندرية "2017" ولا يعني ذلك إن الفنان المعارض للنظام غريب أو عاجز عن التعبير عن هموم الجماعة.

ولا يقتصر الانتاج السوري علي الأفلام الروائية الطويلة التي سوف تدخل التاريخ كوثائق للأجيال القادمة وشهادات علي بشاعة الحروب وتواطؤ القوي السياسية الكبري الحاكمة وقتلها بقلب ميت للشعوب وبالذات في منطقتنا العربية.

وهناك أيضا العديد من الأفلام التسجيلية المهمة التي شاركت في المهرجانات الدولية وتصور المعاناة الهائلة التي عاشها الشعب العربي في هذا البلد التاريخي العربي والحضاري العظيم.

أذكر من هذه الأفلام التي انتجت عن سنوات الحرب فيلم "علي حافة الحياة" للمخرج ياسر قصاب الذي حصل علي جائزة أفضل فيلم طويل في مهرجان "سينما الواقع" "سينما دورييل". وفيلم "العودة إلي حمص" للمخرج طلال ديركي الذي يتناول سيرة حياة عبدالباسط الساروت حارس منتخب سوريا وكان ضحية للإرهاب.

وشاركت السينما السورية التسجيلية كذلك بثلاثة أعمال في مهرجان "إدفا" الهولندي وهم "آباء وأبناء" لنفس مخرج فيلم "العودة إلي حمص" مما يؤكد الإلتزام الأدبي والفني والأخلاقي بدور السينما بكل تجلياتها في رصد الواقع المعاش خصوصاً في ظل الظروف الاستثنائية كالحرب وانعكاساتها علي الأجيال وعلي الصغار بصفة خاصة وعلي الأسرة العربية عموماً أنها مهمة يحرص عليها صناع السينما السورية.

هذا الانتاج السوري بتنويعاته لا شك يخضع لرؤية وتوجه صائب للفن كسلاح في الحروب وشهادات التاريخ وتخليد لوقائع التاريخ وانعكاساتها علي الجماعات الإنسانية وعلي الآثار التاريخية التي تم تدمير الكثير منها في سوريا والعراق.

المهرجانات السينمائية تشكل وعاء جامعاً للتجارب الإنسانية وكيانات ثقافية تتضمن دلالات كاشفة عن حجم الاسهام الثقافي للفيلم السينمائي وعن الحالة الصحية لهذا "المنتج" في الدولة التي يقيمها المهرجان.. وحين يغيب دور ""الفيلم" المصري ويختصر في تظاهرات موازية علي عدة تجارب مسلية ولاهية وبعيدة عن قضايانا المصيرية. إذن الأمر يشير إلي خلل وانيميا فنية جعلت وجه الصناعة باهتاً وهزيلاً.

####

سينما 2017

يحرره:    تقدمها: خيرية البشلاوى

مهرجان القاهرة "39".. فيلم "قتل عيسي" .. "الثأر" في أخطر مدن العالم

يمكننا القول إننا شاهدنا مجموعة من الأفلام الجيدة وفرها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي للمشاهد المتابع لفاعلياته. والجودة هنا نسبية بالطبع وتعتمد علي مدي قدرة الجهة المنظمة علي اختيار واستحضار أفضل الأعمال من بين الإنتاج العالمي للسينما التي تتفق مع شروط الاشتراك. وهذه القدرة نفسها مقيدة بعناصر كثيرة أهمها الميزانية المتاحة حيث لم يعد من الممكن الحصول علي الأفلام مجانا مثلما كان يحدث في سنوات سابقة. كما أصبح شبه المستحيل أن يحصل المهرجان علي عروض أولي لأعمال كبيرة لم يسبق لها المشاركة لأسباب لا داعي لتكرارها. أضف إليها أن مهرجان القاهرة لا يمثل بالتأكيد الاختيار الأولي للمخرجين العالميين الكبار. المهرجانات الكبري تمتلك هذا الامتياز ولم يعد "القاهرة" منها حتي بالنسبة للمخرجين المصريين الذين باتت طموحاتهم تتجاوز حدود القاهرة. خاصة بعد كثير من أشكال القصور الخاص بالإمكانيات اللوجيستية المرتبطة بإمكانيات دور العرض التقنية وما جري لفيلم الافتتاح "الجبل بيننا" دليل!
لا أحد يستطيع الزعم بأنه ليس بالإمكان أفضل مما هو جار الآن. لان المهرجان يخفت بريقه. وإن كنت أعتقد أنه بإمكان الدولة استعادة هذا البريق وقد بدأ التلويح بذلك في حفل الختام. ولا ننسي وجود منافسين لـ "القاهرة" في المنطقة ولديهم الإمكانيات مفتوحة والتنظيم أقوي وفريق العمل أكثر احترافية من الفريق الموجود حاليًا
.

وليس معني ما تقدم أن المهرجان السينمائي في هذه الدورة لم يوفر كالعادة فرصًا ذهبية لعشاق السينما كفن بأعمال تضيف إلي معرفته ومداركه وتحديث وعيه بالسينما ودورها في مد الجسور بين الثقافات باعتبار مشاريع فنية جماعية كاشفة لأحوال هذه الصناعة وارتباطها بالواقع في بلاد العالم المختلفة.

فمن يريد الاستفادة بهذا الحدث الثقافي الفني الكبير سيجد أمامه مساحة خصبة مزروعة بالتجارب الفيلمية الحديثة قد لا يتسع وقته أن يلم بها جميعا وهي شهادة علي الجهد الذي تم بذله لتحقيق ذلك. وقد يجد في نفس الوقت صعوبة أثناء الهرولة من قاعة إلي أخري. أضف إلي ذلك الندوات العديدة التي تحمل عناوين كبيرة صارت موضة في "أدبيات" الإعلام المرئي والمكتوب. وهي في رأيي "لا تقدم ولا تؤخر ولا تحل ولا تربط" كما تقول الأمثال الشعبية. عشرات الندوات السابقة في الدورات التسعة والثلاثين حملت عناوين براقة وبلا تأثير فعلي أو عملي. ولكن لعل الندوة الأقرب إلي الفعل الطيب وتستحق الإشارة تلك التي تحمل التحية والاعتراف بالأهمية والدور الإيجابي للأعزاء الذين فقدناهم نقاد وأساتذة ومخرجين في هذه السنة الكبيسة 2017. وهم لا شك تركوا فراغا كبيرا معنويا وإنسانيا وثقافيا.

فالمهرجان مثل أي كائن حي ينمو ويكبر ويستمد طاقته من البيئة الثقافية والظروف الاجتماعية والسياسية التي يقام فيها. ولا أحد ينكر التراجع الذي أصاب ذائقة الناس وجمهور السينما منهم. وقد تم إفساده منذ سنوات بأفلام التوليفة التجارية الاستهلاكية المتدنية ثقافيا وفنيا. ويبدو هذا التراجع في العدد الضئيل الذي يتبقي من الجمهور المتزاحم في بدايات حفلي الافتتاح والختام لمشاهدة فيلم الافتتاح وهو المفروض المكسب الأهم الذي ننتظره.

هذه الظاهرة المؤسفة مازالت تحدث بعد 39 دورة وأسبابها تحتاج إلي ندوة سنوية موسعة تتخذ من وقائع الحفل الأخير عينة للدراسة. وفي هذه الدورة الأخيرة لم يستطع مخرج الافتتاح أن يداري غضبه أمام العدد القليل جدا الذي انتظر عرض فيلمه ثم ما جري للفيلم جعله يوقف العرض.. وليكن عنوان الندوة "لماذا"؟؟

شارك في المسابقة الرسمية في دورة "القاهرة 39" 16 فيلما. ليس من بينها كما سبق أن أشرت فيلما مصريا واحدا ولهذا دلالته الذي لم يستطع المخرج المصري سمير سيف الإشارة إليها عندما استوقفته إنجي علي مذيعة النايل سينما أثناء دخوله فوق السجادة الحمراء في حفل الختام.. فالرجل وهو عضو نشط في الكيان السينمائي القائم وبالتأكيد لديه ما يقوله ولم يقل شيئا فليس كل ما يدركه المرء يقوله ومن عدم الكياسة أن يجاهر به في ليلة عرس احتفالية بالسينما والقاعة المهيبة تستقبل ثلاث نجوم أمريكيين كبارًا من حملة الأوسكار وتخضع لحراسة أمنية مشددة مطلوبة وتفرض مراعاة الظروف الاستثنائية التي لابد أن تطول كل شيء. ومن الصعب بل المستحيل أن تقول لـ "الأعور انت أعور في عينه".

تضم المسابقة فيلمًا عربيًا وحيدًا من تونس إنتاجًا مشتركًا مع فرنسا. حصل بطله "رءوف بن عمر" علي جائزة أفضل ممثل. الفيلم بعنوان "تونس في الليل" وتضمنت فيلما آخر من سوريا. ليس سوريا وإنما إنتاج مشترك بلجيكي فرنسي لبناني ولكن بأبطال سوريين وموضوع في صميم الحالة السورية وقد حصلت بطلته اللبنانية علي جائزة أحسن ممثلة والعملان مهمان وكاشفان عن جزء من الصورة المركبة جدا والمحزنة للغاية لواقع عربي في بلدين كبيرين "سوريا وتونس".

أفلام المسابقة مثلت بعض بلدان من آسيا وأمريكا اللاتينية ودول شرق وشمال وغرب أوروبا في غياب المملكة المتحدة وأمريكا.

ومعظم هذه الأفلام يتراوح مستواها بين الجيد وفوق المتوسط وليس من بينها "روائع". هذه النوعية ربما تجد لها تمثيلا في التظاهرات الموازية مثل "مهرجان المهرجانات" وينطبق ذلك حتي علي الأفلام الحائزة علي الجوائز. ومنها الفيلم الذي يضع خطوطًا بارزة تحت المثل الذي يقول "من شاف مصائب غيره هانت عليه مصيبته".

أشير إلي فيلم "قتل عيسي" "Killing Jesus) الحاصل علي جائزة الهرم الفني وجائزة "الفيبرسي" "النقاد". والذي يرسم صورة لواقع اجتماعي رهيب لأكثر مدن العالم خطورة. مدينة يحكمها ملوك الجريمة المنظمة ويتحول نسبة من شبابها الصغير إلي ماكينات أجيرة للقتل..و والفيلم إنتاج مشترك بين كولومبيا والأرجنتين ويعتبر العمل الروائي الأول لمخرجته "لورا مور". وهو من بطولة شابين صغيرين يقومان بأول أدوارهما السينمائية وهما ناتاشا جاراميللو التي لعبت دور "لورا". وجيوفاني رودريجور الذي لعب دور "عيسي" "Jesus). وأحداث الفيلم تدور في المدينة الكولومبية "ميدللين" التي تضم أمراء للجريمة مثل أمراء "داعش". الأول يدينون بالمسيحية. والثاني بـ "الإسلام". و"الممالك" التي يسيطرون عليها يعتمدون "القتل" وسيلة لبسط النفوذ.

ولكن المدينة اللاتينية التي تعالج موضوع "الثأر" تمثل الجريمة جزءا عضويا لا يتجزأ من كيانها وتصميمها الديموجرافي والمخرجة تعالج "الثأر" هنا من خلال قصة الشابين "لورا" و"عيسي". الأولي من الطبقة المتوسطة. والثاني من الفئات الفقيرة بل المفرطة في الفقر. والد لورا أستاذ في العلوم السياسية وناشط في مجال حقوق الإنسان. وقد تم اغتياله علي يد "عيسي" الذي تلمحه لورا بسرعة أثناء تنفيذه لقتل أبيها. وتلجأ إلي الانتقام منه بعد يأس وغضب شديدين من التحقيقات المتباطئة واللا مبالية من قبل الشرطة.

ثم تأتي الفكرة بعد أن تلتقي بهذا الشاب القاتل مصادفة. وتسعي لتنفيذها باختلاق مناسبة للقائه. وبالفعل تعقد معه صداقة شكلية وتطالبه بأن يوفر لها سلاحًا وأن يعلمها طريقة استخدامه. وإلي جانب هذا الموضوع الدارج "الثأر" تمدنا الكاميرا بشريط بصري يصور واقع المكان والبيئة التي يعيش فيها السكان والأجواء التي تفرضها. تنقل الكاميرا شخصية المكان والطبيعة الجبلية الوعرة المفتوحة التي يشق جوفها دروب ضيقة وبيوت أقرب إلي الأوكار وشباب من نوع "عيسي" يتحولون بفعل الظروف المهلكة لإنسانية الإنسان إلي "آلة" للقتل يتم تأجيرها وتكليفها بالأمر المطاع لقتل من يقفون أو يتصدون أو يتعاونون ضد أمراء الجريمة المنظمة التي يتحول بعضهم إلي نجوم يتمتعون بشعبية جارفة وسط الأوساط الفقيرة والتجار الصغار من مروجي المخدرات وأصحاب بيوت الدعارة. ولا يملك أي شاب الرفض. لأن في ذلك هلاكه.. والشاب نفسه لا يعرف ولا يتذكر الضحايا الذين يغتالهم. وهذا يكشف عن نفسه في مشهد مهم من مشاهد الفيلم حين تضيق "لورا" الخناق عليه عندما تشرع في قتله. ثم في اللحظات الأخيرة تتخلص من السلاح بعد أن تتركه لمصيره.. في لحظة تنويرية تكتشف فيها أنه مثلها ضحية فهو قاتل ومقتول معا وجلاد وضحية في نفس الوقت ومصيره محتوم لا فكاك. "فالموت" أصبح حدثًا عاديًا مثل الأكل والشراب و"القتل" وظيفة بدونها لا مأكل ولا مشرب ولا حياة"!!".

رسالة الفيلم واضحة تدين الواقع الاجتماعي المسئول عن ضحاياه وعن "ملوك" الجريمة التي أصبحت أقوي من الشرطة وبعيدا عن عدالة القضاء أهم سمات هذا الفيلم مصداقيته ونقله الأمين للواقع فهو مستوحي من حادثة حقيقية والغرض منه إدانة الجهل والفقر والدور الغائب لمؤسسات الدولة.

####

رنات
دعاية بمليون دولار

بقلم: خيرية البشلاوى

إذا كانت شركات العلاقات العامة في أوروبا وأمريكا تتقاضي مبالغ طائلة من الدول التي تلجأ إليها لتحسين الصورة أو تشويهها حسب ما تطلبه ووفقاً للغرض الذي تريد أن تحققه من خلال استخدام أساليب الدعاية وتوجيهها صوب الهدف. وتصنيع صور ذهنية مزيفة أو جميلة حسب المطلوب فإن القوة الناعمة التي تملكها الدول بإمكانها أن تلعب دوراً مشابهاً وإن تم ذلك بأسلوب منافي تماماً وذلك من خلال المؤتمرات الدولية والمهرجانات الفنية جيدة الاعداد والتنظيم

ولكن حتي القوة الناعمة تحتاج إلي تكلفة عالية واعداد ولكنها تصبح سلاحاً ضرورياً جداً في حالات المواجهة ومع وجود قوي معادية متربصة لا تتواني عن استخدام جميع الوسائل للنيل ممن تعتبرهم أعداءها

أقول ذلك بمناسبة التأثير الإيجابي القوي لحفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ 39 والذي حضره ثلاثة نجوم أمريكيون من الوزن الثقيل والتأثير العالمي الكبير وهم نيكولاس كيدج وهيلاري سوانك وادريان أودي.. فلا شك أن وجود الثلاثة من شأنه أن يبث للعالم رسائل إيجابية تتصدي للدعايات المناهضة التي تبثها أدوات الدعاية الفاسدة للجماعة الارهابية التي تمولها وتغدق عليها بسخاء دول معادية لمصر

لقد وقف النجوم الثلاثة في قاعة الاحتفالات الأنيقة فعلاً "المنارة" وقد بدا عليهم التأثر عندما صعد كل منهم ليقول كلمة قصيرة للجمهور في الصالة بعد أن علموا بالضرورة بردود الفعل ومشاعر الحزن التي لونت الكلمات التي تذكر بالحادث الارهابي البشع الذي أودي بحياة عشرات المصلين في مسجد الروضة بالعريش وتطالب الحاضرين بدقيقة حداد علي روح الراحلة شادية وصورها التي زينت المسرح

لقد امتلأت الصحف المحلية والعربية والعالمية بصور النجوم الأمريكيين وبثت كلماتهم المتعاطفة مع الحوادث المأساوية وقد حرص كل منهم علي أن ينطق بتحية السلام وبلغة عربية

وأعتقد أن الكلمة الحماسية التي ألقاها نيكولاس كيدج بطل العديد من الأفلام التي جعلته قريباً من الجمهور المصري العاشق لأفلام الحركة والإثارة الأمريكية. أعتقد أنها أحدثت مفعول السحر. والمعروف أن كيدج سبق له زيارة مصر بدعوة من مهرجان القاهرة أيضاً

أيضاً كلمة ادريان أودي الذي اصطحب والديه في هذه الزيارة وكانا ضمن الحاضرين في الحفل وكذلك بدت هيلاري سوانك بطلتها المريحة وجمالها الهاديء بمنتهي المودة في كلمتها.. والثلاثة من الكبار الذين يوصفون بأنهم نجوم يمكن للبنوك أن تضمن أفلامهم لأنهم نجوم سوبر وفوق مستوي العادة

وفي ذكاء ولباقة لافتة أشار نيكولاس كيدج إلي التشابه بين الحوادث الارهابية في أمريكا وبالتحديد في مدينة لاس فيجاس عندما حصد أحد الارهابيين أرواح عشرات المواطنين أثناء احتفالهم في احدي ساحات مدينة البهجة والمال. وبين ما جري للمصلين في مسجد الروضة في العريش مندداً بالارهاب ويؤكد اصراره علي الحضور إلي القاهرة وبلا خوف

الأمريكيون الثلاثة داخل قاعة الاحتفالات وفي أثناء رحلتهم إلي الأهرامات شكلوا حدثا هاما ومثيرا علي المستويين الإعلامي والجماهيري وكانوا من أفضل الرسائل التي يمكن أن تتحقق من خلال احتفالية فنية تستضيف فيها عشرات الضيوف الأجانب

وأيا كانت تكلفة استضافتهم والاستعدادات الأمنية التي تحافظ علي سلامتهم. إلي جانب الحفاوة وكرم الضيافة والروح الودودة جداً التي غمرتهم بالدفء وجعلتهم يشعرون بجوهر هذا الشعب الذي لا يستحق ابداً ما يصيبه ويصيب أبناءه بسبب الارهاب

المساء المصرية في

03.12.2017

 
 

علا الشافعى تكتب:

حتى لا نصبح مجرد مهرجان دون سينما حقيقية.. أسئلة قبل الدورة الأربعون لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى بوقت كافٍ.. من هى الإدارة الجديدة.. وكيف تخطط "الثقافة" للدورة المقبلة.. وما دور الرعاة؟

انقضى الدور الـ39 لمهرجان القاهرة السينمائى بحلوها ومرها، بمعنى آخر بما لها وما عليها، ولا يستطيع أحد أن ينكر أبدا أن الصورة الأخيرة والتى التقطت على مسرح قاعة المنارة _( صورة نيكولاس كيدج وهيلاري سوانك وادريان بوردي ونيللي كريم ومحمود حميدة ويسرا الرئيس الشرفي للمهرجان )_ هي دالة ومؤثرة وتعكس أن هناك محاولات حقيقية وفعالة لإنقاذ مهرجان القاهرة السينمائى وإعادة الروح له، خصوصا وأنه وكما سبق وقلنا سيحتفى بعامه الـ40 فى العام المقبل.

لذلك فالسؤال الأهم والحتمى يتعلق بماذا بعد ومن هى الإدارة الفنية الجديدة للمهرجان التى ستتولى تنظيمه فنيا بعد أن قدمت الدكتورة ماجدة واصف استقالتها وكيف تخطط وزارة الثقافة للمهرجان وما هى الآليات التنظيمية الجديدة التى ستقوم بها D M C الراعى الرسمى للمهرجان لتتجاوز السلبيات التى وقعت خلال الدورة الـ39 ؟، من يعملون بالمهرجانات الكبرى يدركون أن السجادة الحمراء وحفلى الافتتاح والختام وحضور نجوم ذوى ثقل من مختلف دول العالم وتحديدا هوليوود لأنهم القادرين على خطف الأنظار ليس هو كل شىء وأن الأهم هو الحصول على أفلام مميزة واستضافة مخرج مخضرم من مخرجى السينما العالمية.

وأن يكون للمهرجان سوقا لها تأثير فى توزيع الأفلام _ مثلما يحدث فى مهرجانات مثل كان وبرلين وأيضا دبى السينمائى الدولى _ خاصة وأن مهرجان القاهرة وفى عز مجده كان يملك سوقا توزيعيا مهما ولكن للأسف تراجع تأثيره مع تدهور أحواله وتم إلغاؤه نهائيا بعد عدة محاولات لم يكتب لها النجاح فى محاولة تنظيمه.

وتظل قضية غياب الفيلم المصرى أو وجود أفلام دون المستوى هى قضية هامة أيضا يجب أن تكون مطروحة للنقاش الجدى،  لأن السؤال الذى يجب أن يطرح نفسه ونقف أمامه كيف لمهرجان قارب أن يبلغ عامه الـ40 وحتى الآن لا يوجد صندوق آو برنامج لدعم الأفلام يتبعه؟ مثل كل المهرجانات العريقة والحديثة فى العالم _( مهرجان دبى الذى يفتتح دورته الـ14 فى السادس من ديسمبر المقبل دعم العديد من المشروعات السينمائية مصرية وفلسطينية ولبنانية وإماراتية، وبموجب هذا الدعم يكون للمهرجان حق العرض الأول ليس ذلك فقط بل إنها تمثل دولة الإمارات والمهرجان في كبريات المحافل السينمائية، وهنا يتوجب السؤال على ما أكدته الوزارات والحكومات المتتالية حول دعم صناعة السينما ورصد 50 مليون لدعم مشروعات سينمائية واعدة وهو ما قد يصنع حركة حقيقية تنعكس على المهرجان وحال الصناعة.

وأيضا ماذا عن الشكاوى المستمرة والدائمة على مدار دورات المهرجان من كل المخرجين المشاركين فى المسابقات المختلفة عن ظروف العرض السيئة فلأفلامهم ألم يحن الوقت بعد لأن يكون لمهرجان القاهرة السينمائى مقرا دائما لفعالياته، مثل كل المهرجانات العريقة فى العالم  مهرجان كان مثلا قصر المهرجانات فى شارع لاكر وازييت الشهير على سواحل خليج كان، ولا أعرف إذا كانت هذه الأسئلة المشروعة تشغل بال أحد من القائمين على المهرجان أو وزارة الثقافة وأيضا الرعاة الرسميين أم أن كل شىء سيظل معلقا قبل انعقاد الدورة المقبلة بشهرين لنظل ندور فى دائرة مفرغة.

اليوم السابع المصرية في

03.12.2017

 
 

الجايدة.. فيلم تونسي مثير للجدل

كتبت - بوسى عبدالجواد:

لم تستسلم لمجتمع تقوده التوجهات الذكورية، ولم يفلح الواقع القاسى الذى وقف ضدها كثيراً فى إحباط عزيمتها، فثارت فى وجه تلك العقول القاحلة بمفردها متسلحة بإرادتها وشجاعتها المعروفة عنها، تنادى بحقوقها وحريتها، وانطلقت تعمل وتنتج وتبدع، وتمتهن مهن ظن البعض أنها للرجال فقط ضاربة بالعادات والأعراف عرض الحائط.. هى المرأة التونسية التى تحظى الآن بحقوق لم تصل إليها المرأة فى أى دولة عربية أخرى.

نبشت المخرجة التونسية الكبيرة سلمى بكار، فى هزائم الماضى، من خلال البحث فى تاريخ المرأة التونسية والاضطهاد الذى عاشته قبيل نيل حقوقها، وقامت بسردها فى سياق درامى متسلسل ومشوق تحت عنوان «الجايدة» الذى يعيدها إلى عالم الفن السابع بعد غياب دام لثلاث سنوات بسبب انشغالها بالسياسة طوال الفترة السابقة، حيثُ يتطرق الفيلم إلى جزء من التاريخ التونسى، عبر حكاية «دوار جواد» التى خصصت سابقاً لمعاقبة النساء المتزوجات غير الملتزمات بالعادات والأعراف الاجتماعية، من خلال تسليط الضوء على حكايات أربع نساء من فئات عمرية مختلفة وطبقات اجتماعية متباينة، تجمعهن ظروفهن الصعبة العيش تحت سقف واحد فى «دار جواد» ليعشن مواقف صعبة تغلب عليها المعاناة والآلام بسبب التسلط الرجالى.

سلمى بكار: الجايدة يُذكر التونسيات بمكتسباتهن

تطرق الفيلم بجانب قضيته الأساسية، إلى فكرة شرّع المساواة بين الرجل والأنثى فى الإرث، التى أثارت حالة من الجدل بعد عرضه فى الدورة الـ39 لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى ضمن مسابقة «آفاق عربية»، وهى الفكرة التى قوبلت بغضب شديد وحالة رفض تام، ما خلق نوعاً من النقاش الحاد بين الجمهور ومخرجة العمل سلمى بكار، حيثُ استند الجمهور لأحكام الشريعة، وأخذت الأخيرة تدافع عن أفكارها وحرية الرأى فى مناقشة القضايا التى تريدها.

حاولت «الوفد» النبش فى النصوص والتعمق فيها بشكل جيد وقريب، وقراءة ما وراء كل نص من أفكار وفلسفات وتطلعات خلال محاورة سلمى بكار التى قالت، المغزى من الفيلم هو تذكير التونسيات بمكتسباتهن وأهمية المحافظة عليها، وإذا لم تحافظ المرأة على حقوقها وحرياتها فإن العودة إلى النقطة الصفر ليست ببعيدة.

سألتها تحظى المرأة التونسية بكامل حقوقها مقارنة بنظيراتها فى الدول الأخرى، أليس من الأولى أن نرى فيلما يتوج نضال المرأة التونسية؟ أجابت: الماضى لا يمكن إنكاره أو تجاهله، المرأة التونسية حصلت على مكاسب كبيرة منذ صدور مجلة الأحوال الشخصية، فالفيلم صُنع خصيصًا لتذكيرهن بنضالهن ويقظتهن، ورسالة تحذير فى نفس الوقت لهن بألا يتجاوزن فى حقوقهن والمحافظة على مكاسبهن لاستكمال المشوار التى بدأته، فالفيلم يحمل رسائل ومعاني أكبر من قصة الفيلم فى حد ذاته، التى من ضمنها أيضا الوقوف فى وجه الأفكار الرجعية، ومواصلة النضال فى إثبات حقوقهن والحصول على حريتهن فى الفكر والرأى والتعبير.

ألم تخش من حالة الجدل التى أثارها الفيلم فى الندوة بسبب فكرة المساواة فى الإرث أن تؤثر على نجاح الفيلم؟ قالت: نحن فى تونس اعتادنا على مناقشة جميع القضايا بكل حرية، فالفن لا بد أن يتطرق لجميع القضايا، وأنا فنانة أحترم رأى الجميع حتى إذا كان مخالفًا لأفكارى، ولدى مطلق الحرية فى طرح أفكارى وعلى الآخرين أن يحترم ذلك.

سألتها، تسلطين الضوء فى الغالب على قضايا المرأة ما السبب فى ذلك؟ أجابت: أنا فى الآخر امرأة قبل أن أكون مخرجًا سينمائيًا، وأشعر بحجم المعاناة التى تعيشها المرأة التونسية بصفة خاصة والعربية بصفة عامة، وأنا بصفتى مخرجة وكاتبة أدافع عن حقوق المرأة بقلمى، وأناقش قضاياها، لذلك أغلب أعمالى إبطالها نساء.

وعن الفلسفة الحياتية التى تتبناها سلمى بكار، قالت: هزائم الماضى سلاح الغد، بمعنى أن الإنسان لا بد أن يحافظ على ما وصل إليه من نجاح من خلال استذكار هزائمه، كى يُذكر نفسه بنجاحاته، ويستشعر بالمعاناة التى عاشها ليحافظ على مكاسبه من خلال التشبث بها والدفاع عنها.

وعن عودتها لعالم الفن السابع مجدداً بعد غياب دام لثلاث سنوات بسبب انشغالك بالسياسة قالت: أشعر بحريتى داخل معاقل السينما، أستطيع أن أعبر عن رأى وأطرح أفكارى بحرية تامة، بعيداً عن الكذب والنفاق الموجود فى الساحة السياسية.

أنتجت تونس على مدار الثلاث سنوات الماضية 60 فيلماً.. هل ترين أن هذا كافِ لنهضة صناعة السينما التونسية؟ قالت: تعانى صناعة السينما فى تونس من قلة الاهتمام بها، فهناك ثمة عوامل تهدد بإفلاس صناعة السينما فى تونس، من بينها عزوف رجال الأعمال عن الاستثمار فى القطاع، وانصراف شركات الإنتاج العالمية عن التصوير فى البلاد، فالسينما التونسية كانت تتلفظ أنفاسها الأخيرة خلال السنوات الماضية، فإنتاج 60 فيلماً فى غضون ثلاث سنوات هذا بالنسبة لنا إنجاز.

يدور الفيلم فى حقبة الخمسينيات من القرن الماضى.. ما الأسس التى تم أخذها فى الاعتبار لمعايشة المشاهد أجواء الحقبة الزمنية؟ قالت: اعتمدنا على ديكورات المنازل فى فترة خمسينيات القرن الماضى، والملابس الفخمة التى تم انتقاؤها بعناية فائقة، والسيارات الكلاسيكية التى كانت تزين أزقة المدينة العتيقة.

وأشارت النائبة السابقة فى المجلس التأسيسى بتونس إن فوز الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الانتخابات أصاب الإخوان بالهلع والرعد فى تونس.

سهير بن عمارة: الفن لا يعيش بدون حرية

أعربت بطلة العمل الفنانة التونسية سهير بن عمارة، عن سعادتها بمشاركة فيلهما «الجايدة» ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائى، لافتة إلى أنها فرصة جيدة لمشاركة الجمهور المصرى قضاياهم.

حول دورها التى تجسده فى الجايدة تقول: أجسد دور المرأة الجميلة المتحرّرة التى تخون زوجها الذى يكبرها فى السن والعاجز عن معاشرتها لترضى رغباتها الخاصة، لكنها تفشل أمام القاضى الشرعى فى الدفاع عن نفسها وإخباره بأن زوجها لا يلبى رغباتها الجنسية الجامحة، وأنها تفتقر إلى الحب والحنان معه، فتستسلم للحكم وتقتاد إلى «دار جواد»، حيث تفقد الرغبة فى الحياة، ثم تضع حدًا لحياتها فى نهاية الفيلم بعد أن اختارت التحرّر.

وعن الجدل الذى أثاره الفيلم بطرح فكرة المساواة فى الإرث بين الجنسين، قالت: الفيلم لم يطرح الفكرة بشكل مباشر، هو يتحدث عن المساواة بشكل عام، هو يورى قصص 4 نساء تعرضن للاضطهاد فى خمسينيات القرن الماضى، وبالتحديد فى الفترة قبل الاستقلال بنحو ثمانية أشهر، تجمعهن الظروف للعيش فى «دار جواد» وهى تعنى «بيت الطاعة» عند المصريين، الرجل يرسل زوجته إلى هذا الدار لمعاقبتها على تجاوزها معه.

وعبرت عن إعجابها ودعمها لمثل هذه القوانين الجديدة، التى تنصف المرأة وتقلص من مظاهر العنف ضدها، مشيرة إلى أن المرأة فى العقد الماضى كانت تعانى من الاضطهاد، متمنية أن تحصل المرأة العربية على كافة حقوقها فى مختلف البلدان العربية الأخرى.

هل هناك محاذير من جانب الرقابة فى تونس فى نوعية القضايا التى يتم طرحها: إطلاقاً، المخرجون والسينمائيون التونسيون معروفون بالجرأة فى تناول موضوعاتهم، نحن نقدم الفن بدون قيود أو أدوات قمع، لأنه مكفول أن يحكى كل شىء، فهو وسيلة لرقى الشعوب، ولتفتح العقليات، ولقبول الآخر.

وعن سبب حماسها لتجسيد شخصية ليلى قالت: أكثر ما حمسنى فى شخصية ليلى أنها صعبة ومركبة ما تظهره عكس ما تبطنه، وأنا بطبعى أميل لهذه النوعية من الأدوار لأنها تظهر موهبة الفنان الحقيقية، وتمنحه ثقلًا فنيًا فى الأداء، الشخصية بعيدة تماما عن شخصيتى.

سألتها ما الذى يوجد فى السينما المصرية تفتقره السينما التونسية أجابت: تونس لم يكن لديها صناعة عكس مصر، ويرجع هذا لأسباب عدة أهمها عزوف رجال الأعمال عن الاستثمار فى هذا القطاع، لكن السينما التونسية تتمتع بالحرية التامة فى طرح القضايا التى تريدها دون فرض قيود، مقارنة بصناعة السينما فى مصر، كما أن هناك فنانين مصريين يرفضون أدوار معينة خشياً من ردود أفعال الجمهور.

وانتقدت بن عمارة الجمهور الذى ينظر إلى الفن من زاوية أخلاقية، فهى ترى أن الفن لا يعيش بدون حرية، ولا يمكن أن تقيده بضوابط أخلاقية، ومن مهامه أن يتطرق لكل الموضوعات الشائكة سواء السياسية أو الدينية أو الاجتماعية. مؤكدة أن السينما التونسية أجرأ من المصرية فى هذه المساحة.

وتطمح بن عمارة العمل فى مصر، ولكن بشرط أن يكون الدور مناسبًا لها ولا يقلل من نجوميتها التى حققتها فى تونس، وهى تقصد بكلمة مناسب أن يكون مؤثرًا وليس حجم مساحة الدور فى الفيلم.

·       ماذا يمثل لك «الجايدة» فى مسيرتك الفنية؟

هذا الفيلم هو تجربة جديدة بالنسبة لىّ، كما أنه يتحدث عن المرأة ونضالها بجانب أنه يحيى حقبة تاريخية عاشتها تونس وفيه جانب تاريخى، فضلاً عن الجوانب الجمالية فى الفيلم، كما أن العمل مع المخرجة الكبيرة سلمى بكار شرف لأى فنان.

خالد هويسة: التمثيل فى مصر حلم يراودنى منذ الطفولة

فى كل عمل سينمائى يسطر الممثل التونسى خالد هويسة سطراً جديداً لمسيرته الإبداعية، ورغم أن العمل يندرج لقائمة الأفلام النسائية البحتة، إلا أنه كان له بصمة واضحة فى العمل.

عن مشاركته فى الفيلم قال: الجايدة هو فيلم نسائى بامتياز عن المرأة المقموعة فى مجتمع ذكورى، أجسد شخصية الطيب لديها شيزوفرينيا، لأنه متفتح على العالم ويتحدث اللغات لكنه يبرر تصرفاته ويمارس القهر أيضاً.

سألته ما سر حماسك بالمشاركة فى عمل ينحاز للمرأة بشكل كبير ويشوه صورة الرجال؟ قال: فى البداية الفيلم هو نسائى بامتياز فمن الطبيعى أن نجد مخرجة العمل تسلط الضوء عليها بشكل كبير، وما حمسنى للدور أن يناقش قضية بعينها فما عرضته سلمى هو محاكاة لواقع عانت منه المرأة التونسية قبيل فترة الاستقلال، الفيلم هو إسقاط للواقع.

فكرة المساواة بين الجنسين فى تونس هل أغضبتك كرجل تونسى: إطلاقاً، لأن حرية المرأة هى حرية للرجل، فالاثنان يكملان بعضهما، فلماذا أغضب إذا نالت المرأة التونسية على كامل حقوقها.

وعن رده فعله بعد ترشيحه للدور قال: لا أخفى سراً إذا قلت أننى تعجبت لماذا عرض على هذا الدور، ولكنى يمكننى القول إننى استمعت بالدور والعمل مع المخرجة سلمى بكار، فقد اكتشفت فى المخرجة ذكاء وقادا من خلال السعى إلى كسر المألوف، والجرأة فى طرح قضايا المجتمع.

وعن الفارق بين صناعة السينما التونسية ونظيرتها المصرية قال: اعتبر السينما المصرية سينما محترمة لكنها تختلف عن التونسية، فالسينما فى تونس لديها خصوصيتها، وهويتها، ليست شبيه بالمصرية، الفن فى مصر متطور.

وأشار إلى أنه سعيد بالنهضة التى أحدثتها صناعة السينما التونسية مؤخراً، فهناك أعمال عديدة محترمة لاقت رواجاً كبيراً فى تونس وخارج حدودها.

سألته ما سر اتقانك للهجة المصرية؟ أجاب ضاحكاً: أنا بعشق مصر وأهلها، وأتمنى العمل فى مصر، فهى بلد الفنون والحضارات، ونحن جميعا تربينا على أفلام يوسف بك وهبى، ومحمود المليجى، ومحمود عبدالعزيز، ونجيب الريحانى وغيرهم من النجوم الكبار، ومنذ فترة طلبت من الكاتب وحيد حامد أن يسند لى دور فى مسلسل «الجماعة» لكن الظروف حالت دون تحقيق المشروع الفنى.

وعن المخرجين والكتاب الذى يتمنى العمل معهم قال: هناك مخرجون كبار فى مصر، أتمنى العمل معهم، خاصة الجدد منهم، مثل عمرو سلامة، ويعجبنى رؤية كاملة أبو ذكرى، والكاتبة مريم ناعوم، وهناك أسماء كثيرة محترمة.

الوفد المصرية في

04.12.2017

 
 

فيلمان عن راهنٍ عربيّ مرتبك:

انعكاس الواقع وانهيار الذات

القاهرة ـ نديم جرجوره

يستحيل التغاضي عن التأثيرات الجمّة للتقلّبات الكبيرة، التي تعيشها بلدانٌ عربية عديدة، منذ 7 أعوامٍ، مع قيام الشاب التونسي محمد البوعزيزي (1984) بإشعال النار في جسده، في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010، أمام مقرّ "ولاية سيدي بوزيد" (وسط تونس)، "احتجاجاً على مصادرة البلدية عربته الخاصّة ببيع الخضار والفواكه" (توفيّ في 4 يناير/ كانون الثاني 2011). انقلابات كهذه سببٌ لتغييرات مختلفة، بعضها سلميّ كما في تونس ومصر (قبل البدء بسلسلة انقلابات مضادة، لاستعادة أنماط حكم باهتة وقديمة وقمعية)، وبعضها الآخر عنفيّ وتدميري ووحشيّ، كما هو حاصلٌ في سورية، مثلاً.

والتأثيرات كثيرة، تتوزّع على السياسة والاقتصاد والاجتماع والإعلام وفنون التواصل والنتاج الثقافي، كما على أشكال العيش اليومي. وهذا غير بعيد عن الصورة، الفوتوغرافية والبصرية والمتحركة، ما يعني أن السينما، بأنواعها العديدة، حاضرةٌ، وإنْ في لحظات لاحقة لاندلاع ثورات عفوية وسلمية وشعبية، الغارقة في عنف سلطات ووحشية متحكّمين بالبلاد والناس؛ علماً أن التقاط الراهن بكاميرات صغيرة (بعضها عبر أجهزة الهواتف الخلوية) متمكّن من تأريخ اللحظة وأرشفتها، وتحصين الحدث من كل اندثار ممكن. 

كلامٌ كهذا، وإنْ يكن مُكرّراً ومعروفاً، يأتي في سياق مشاهدةٍ سينمائية لفيلمين، مُشاركين في المسابقة الرسمية للدورة الـ39 (21 ـ 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017) لـ"مهرجان القاهرة السينمائي الدولي"، والحاصلين على جائزتيّ التمثيل: "إنسرياتد" للبلجيكي فيليب فان لِووي (1954)، و"تونس الليل" للتونسي إلياس بكّار (1971). وإذْ يغوص الأول (جائزة أفضل ممثلة للّبنانية ديامان أبو عبّود) في قلب الصراع العسكري داخل سورية، من دون تحديد مكانٍ أو زمان واضحين، وعبر سرد مقتطفات من يوميات عائلة محاصرة في منزلها؛ فإن الثاني (جائزة أفضل ممثل لروؤف بن عمر) يتابع أحوال البلد وناسه، في لحظة تحوّل ملتبس، يُعانيه أناسٌ كثيرون في ظلّ انعدام رؤية واضحة لمآلٍ ومسارات وتحوّلاتٍ. 

الغوص في أعماق الصراع العنفيّ في سورية، الذي (الصراع) لن يظهر أبداً على الشاشة الكبيرة بشكل مباشر أو واضح أو مُحدَّد، لن يختلف كثيراً عن الغوص في مآزق أفرادٍ يواجهون أقداراً غامضة، ويُدْفَعون دفعاً إلى مصائر مرتبكة، ويوضعون في أطرٍ منغلقة على نفسها، في محاولةٍ لتدميرهم. لكن الابتعاد عن خطابية المقاربة الدرامية للحالة السورية، في "إنسرياتد"، تتناقض كلّياً مع نصٍّ يحمل خطاباً وطنياً أو إنسانياً أو أخلاقياً حادّاً ومباشراً، رغم جمالية النواة الدرامية الأصليّة، المرتكزة على تفكِّك عائلي (والدان وابنة وشقيقها) ينتهي في تعاضدٍ بين أفراد تلك العائلة، كإشارة إلى أولوية التماسك في مواجهة الانهيارات والمصائب.

المفهوم الدرامي لبناء شخصيات "إنسرياتد" ينبثق من العائلة الواحدة أيضاً: جدّ وأولاد وأحفاد وأقارب، ينتمون إلى أجيال مختلفة، ويُقيمون معاً في منزلٍ قائمٍ وسط المعارك، التي تُسمع أصواتها من دون رؤية مشاهدها، والتي تظهر ـ بعنفٍ داخلي، وقسوة ذاتية، وارتباكات نفسية وروحية ـ في تصرّفٍ أو حركة أو تعبير صامت أو كلامٍ متوتر أو انفعالٍ مضطرب. والتفكّك داخل العائلة التونسية يكاد يعثر على رديفٍ له داخل العائلة السورية، تماماً كالمحاولات الدؤوبة لمنع الانهيار من أن يُصبح كاملاً، أو لإيقاف النزيف قبل الموت النهائيّ.

أهمية النصّ متساوية في الفيلمين: كيفية مواجهة الموت والأكاذيب والحِيَل من أجل عيشٍ وانتصارٍ ما للحياة (إنسرياتد)، في مقابل كيفية مواجهة الخراب المعتمل داخل العائلة وخارجها، كما في محيطها القريب جداً، والمساحات الأوسع (تونس الليل). الابتعاد عن تحديدات تعكس بيئات أو جماعات أو حالات إنسانية ـ اجتماعية معيّنة في سورية، يُقابله ابتعاد عن اختزال الحدث الدرامي التونسي بزمنٍ مفتوح، أو بأمكنة عديدة.

لكن الفرق واضحٌ في أسلوب المعالجة، إذْ تتماسك البنى الدرامية والسردية والفنية في "إنسرياتد"، الذي يُقدِّم شخصياتٍ تتحرّك داخل غرفٍ وممرّات تبدو كأنها دهاليز أو متاهاتٍ لا تنتهي، والذي يعكس حِرفية أدائية لدى غالبية الممثلين (الفلسطينية هيام عباس، واللبنانية ديامان أبو عبّود، والفرنسية جولييت نافيس، والسوري محسن عباس، وغيرهم)، والذي يرتكز على موقفٍ إنسانيّ، لتفكيك الذات وانفعالاتها إزاء مأزقٍ يأخذها إلى حتفها أو تصدّعاتها أو انهياراتها. في حين أن لقطات عديدة في "تونس الليل" طويلة ومملّة، وتفتقد مبرّرها الدرامي، في ظلّ طغيان كلامٍ نضاليّ مباشر، وغير صالحٍ لمتطلّبات السرد الدرامي السينمائيّ، المتعلّق بأفرادٍ يعيشون بأشكالٍ مختلفة (الوالدة محجّبة، والوالد إذاعيّ مشهور يحتسي الخمرة في خمّارة يملكها مسيحي، والابن ملتزم دينياً لكنه منفضّ عن خطابية متطرّفة، والابنة مغنيّة تعاني ألم الاغتراب داخل العائلة وخارجها).

هذا كلّه لن يحول دون التنبّه إلى لمسات إنسانية "جميلة"، في "تونس الليل"، الروائيّ الطويل الأول لإلياس بكّار.

####

مطبوعات "مهرجان القاهرة الـ39":

استسهال وتوثيق

القاهرة ـ نديم جرجوره

لن يكون سهلاً العثور على إجابة واضحة، على سؤال عاديّ: لماذا تبدو إدارة "مهرجان القاهرة السينمائيّ الدوليّ" مكتفيةً بمطبوعات قليلة للغاية، في دورتها الـ39 (21 ـ 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017)، قياساً إلى عدد المطبوعات الصادرة في دورات سابقة؟ 

الإجابة الكامنة في اعتراف الإدارة بشحّ التمويل، وانخفاض القيمة المالية المطلوبة للميزانية، تؤدّي إلى سؤال آخر: ما الدافع إلى اختزال المطبوعات بكتاب واحد مخصَّص لأحد المُكرّمين المصريين والعرب والأجانب، طالما أن دورات سابقة مكترثةٌ بمكرَّمين مصريين فقط، ما يدفعها إلى إصدار كتبٍ عنهم؟ 

الارتباك واضح. انعدام رؤية متكاملة أوضح. هذه مسائل تكشف عشوائية الاختيار والتنفيذ. 3 ممثلين مُكرَّمين في الدورة الـ39، في مقابل كتاب واحد عن مُكرَّم واحد، يُراد الترويج له بصفته "أبرز كوميديي السينما المصرية، وأهمهم". اختيار سمير غانم (15 يناير/ كانون الثاني 1937) غير مختلفٍ عن اختيارات سابقة وراهنة، خاصّة بمهرجاناتٍ سينمائية مصرية، مهووسة بـ"نجومٍ" منتهية صلاحية مهنتهم منذ زمنٍ. المطبوعة الصادرة عن مهرجان القاهرة، في تكريم غانم، غير متناقضة ومطبوعات سابقة تمتلئ بأخطاء جمّة (في اللغة والنحو وتركيب الجمل، كما في أسلوب السرد وبنية الحوار)، أو باستسهال وتسرّع، أو بتبادل تبسيطي لكلامٍ بين المُكرَّم والصحافي، يتلاءم مع التكريم، ويتناقض كلّياً مع أولوية النقاش النقدي العميق والحقيقي والسليم، حول تاريخ المُكرَّم وحضوره وعمله ومساره. 

يحمل كتاب التكريم عنوان "سمير غانم: إكسير السعادة"، بتوقيع طارق الشناوي، في مقابل غياب كتابين عن المُكرَّمين الآخرين، التونسية هند صبري (1979) ـ المختارة لتكريمها كممثلة في السينما المصرية، مع عرض فيلمين تونسيين لها، هما "صمت القصور" (1994) لمفيدة التلاتلي و"عرايس الطين" (2002) للنوري بوزيد ـ والمصري ماجد الكدواني (1967). في المقابل، يبدو أن لا ضرورة لمطبوعاتٍ خاصّة بالمُكَرّمين الأجانب: بن آفلك (1972) وأدريان برودي (1973) وهيلاري سوانك (1974) ونيكولاس كايج (1964). ذلك أن استسهال الكتابة يُسيء إلى المُكَرَّم، وإنْ تكن سيرته المهنية محتاجة إلى نقاشٍ نقدي حيوي وصريح؛ ما يجعل إلغاء المطبوعات كلّها ضرورياً للغاية. 

في المقابل، هناك مطبوعتان تتعلّقان باحتفالين آخرين: "سمير فريد: تفرّد وإنجاز"، بمناسبة المعرض التكريمي للناقد السينمائي المصري الراحل فريد (1943 ـ 2017)؛ و"جان شمعون: سينما الذاكرة والإنسان"، في إطار تكريم سينمائيين راحلين، منهم اللبناني شمعون (1942 ـ 2017). تتشابه المطبوعتان ـ المختلفتان على مستوى التصميم والألوان والطباعة ـ في انتقاء عناوين أساسية: مقتطفات من السيرتين الحياتية والمهنية، شهادات عنهما ومقالات نقدية عن أعمالهما وأقوال لهما؛ صُور مختلفة (خاصّة ومهنية)، ولوائح بعناوين أعمالهما. 

هذا حسنٌ، إذْ يُمكن للمهتمّ أن يحتفظ بهما، لكونهما يتضمّنان توثيقاً وتأريخاً وتكريماً لهما. 

العربي الجديد اللندنية في

04.12.2017

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2017)