فيلم
Loving Vincent..
لوحة سينمائية بإمضاء فان جوخ
أندرو محسن
عندما يخرج المشاهد من الفيلم وهو متحير في تحديد
السبب الرئيسي وراء إعجابه به، فنحن أمام عمل استثنائي يندر مشاهدة
مثله، وهو ما ينطبق على فيلم
Loving Vincent "مع
حبي فينسنت" للمخرجَيْن دوروتا كوبيلا وهيو فيلشمان، الذي عرض في
إطار القسم الرسمي خارج المسابقة في الدورة الأولى من مهرجان
الجونة السينمائي.
منذ بداية الإعلان عن هذا الفيلم وظهور إعلاناته،
وهناك حالة من الترقب لعملٍ تفاصيله تخبرنا أن به الكثير من
الاختلاف، لكن ظهور الفيلم نفسه كان يحتوي على عدة مفاجآت سارة
للمشاهدين.
كواليس استثنائية
الأفلام التي تحصل على لقب ”الأول“ دائمًا تحمل على
كاهلها عبئًا، إذ أن أي تجربة أولى مهددة بظهور الكثير من العيوب،
لكنها في الوقت نفسه تحمل دائمًا لقب ”الأول“ الذي لا يُنتزع.
فيلم
Loving Vincent
هو أول فيلم تحريك مرسوم بالكامل باستخدام اللوحات الزيتية، لكن
ليست أي لوحات زيتية، استخدم الفيلم قرابة 100 رسام من عدة دول
لرسم لوحات الفيلم بطريقة خاصة، وتفاصيل صناعة الفيلم لا تقل متعة
عن متعة مشاهدة الفيلم.
لإضفاء المزيد من الحياة على شخصيات الفيلم
ولوحاته، أدى عدد من الممثلين مشاهد الفيلم المختلفة أمام شاشة
خضراء، وأضيفت الخلفيات والتأثيرات المطلوبة بواسطة الكمبيوتر، ثم
جاءت مرحلة الرسم. أُخذت هذه المشاهد ووُزعت على الفنانين ليبدأ كل
فنان في إعادة تحويل المشاهد الحية إلى لوحات مرسومة، ولكن ليست أي
لوحات، بل لوحات باستخدام نفس ألوان وتقنية فان جوخ في الرسم.
وكانت المرحلة الأخيرة في أخذ اللوحات المرسومة
وإعادة إدخالها على الكمبيوتر ومن خلالها تم تنفيذ الشكل النهائي
للفيلم، هكذا لا يبدو غريبًا أن الفيلم استغرق أكثر من 5 سنوات
ليخرج للنور.
قد يبدو هذا صعبًا، وممتعًا أيضًا، لكن الأكثر متعة
بالنسبة للمشاهد، هو أن معظم الشخصيات الموجودة مستوحاة بالفعل من
البورتريهات واللوحات المختلفة لفان جوخ، وليس الأشخاص فقط بل حتى
بعض الأماكن، كما تحايل صناع الفيلم على عدد من الأماكن بتغيير
زوايا التصوير أكثر من مرة لتظهر هذه الأماكن كما هي تقريبًا في
اللوحات.
النتيجة النهائية أننا أمام فيلم مذهل، إحساس
الألوان الزيتية وتأثيرات ضربات الفرشة حاضرة في كل اللقطات،
الألوان آسرة، وخاصة الأصفر والأزرق المميزان لأعمال فان جوخ.
عادة نفضل الفصل بين كيفية صناعة الفيلم والنتيجة
النهائية للشريط السينمائي، إذ لا يعني بذل مجهود كبير أن الفيلم
بالضرورة جيد أو يستحق الحفاوة، لكن توقفنا عند كواليس صناعة هذا
الفيلم لأن فيها الكثير من التفاصيل الممتعة بالنسبة لهواة
السينما، التفاصيل التي تعيد إلى الأذهان الوصف الأول للسينما،
”الفن السابع“.
تفاصيل اللوحة
تدور القصة التي كتبها المخرجان أيضًا بمشاركة
جاسيك دينِل بعد سنة من الوفاة الغريبة لفينسنت فان جوخ إذ نتابع
الشاب آرماند (دوجلاس بوث) الذي يسعى لتوصيل آخر رسالة كتبها
فينسنت لشقيقه، وأثناء محاولاته لتوصيل الرسالة يبدأ البحث في
الرحلة الغريبة لفان جوخ بداية من ممارسته للرسم وانتهاء بموته
الغريب الذي يدور الشك كونه قتلًا أم انتحارًا.
يلجأ السيناريو إلى البناء غير الخطي، فلا نتابع
قصة حياة الرسام منذ طفولته حتى مماته، بل من خلال وجهات نظر
مختلفة وغير مرتبة طبقًا لزمن حدوثها، كل شخصية تضيف قطعة أخرى
للوحة الكبيرة، وأحيانًا نرى بعض القطع لا يمكن تركيبها مع بعضها،
وهنا يظهر بالسيناريو أساسين قويّين للمشاهد.
قصة مصرع فان جوخ ظل عليها الكثير من الخلافات،
والفيلم لم يحمل راية الانحياز لوجهة نظر واحدة، وهذا هو الأساس
الأول، الفيلم يتابع أهم مراحل حياة هذا الفنان، وليس فيلمًا
بوليسيًا لمعرفة من الجاني، أو إعادة نظر استقصائية في تفاصيل
مصرعه.
الأساس الثاني، هو استخدام هذا الطريقة في السرد في
صناعة إيقاع جذاب للفيلم، المشاهد لأفلام السير في السينما مؤخرًا
يدرك أن البناء الخطي التقليدي للأحداث لم يعد هو السائد، يمكن
العودة لأفلام مثلThe
Social Netork (الشبكة
الاجتماعية) الذي قدم مرحلة تأسيس موقع فيس بوك في حياة مؤسسه مارك
زوكربيرج، إذ يتعرض الفيلم لعدد من الشخصيات تروي ما حدث داخل جلسة
قانونية، ومن خلال هذا نرى وجهات نظر مختلفة ومتعارضة أيضًا، وهذا
البناء نفسه هو ما حدث مع فيلم فينسنت.
يُدرك صناع الفيلم أنهم ربما ليس لديهم الكثير من
المعلومات الجديدة عن حياة الفنان الراحل بعد مرور ما يزيد على
القرن منذ رحيله، ولهذا كان الخيار الأفضل هو تقديم ما قد يعرفه
الجمهور ولكن بشكل مختلف.
من الممتع أيضًا مشاهدة كيفية توظيف معظم الشخصيات
التي ظهرت في لوحات فان جوخ داخل دراما الفيلم، ومنح طابع واضح لكل
شخصية.
إعادة قراة اللوحات
كما ذكرنا لسنا أمام فيلم تحريك تقليدي، بل عليه
قيد رئيسي هو أن يخرج في النهاية له روح وبصمة فان جوخ، ومن هنا
يجب الالتفات لدور مخرجَي العمل.
يلفت الانتباه أول الأمر النجاح في اختيار شخصيات
ملامحها مقاربة لملامح الشخصيات الموجودة في لوحات فان جوخ، ثم في
تكوين الكادرات بصورة تحاكي اللوحات أيضًا، هكذا نجد الكاميرا
أحيانًا تتحرك قربًا وبعدًا، وزواياها تتغير لتأخذ نفس تكوين
اللوحات بقدر الإمكان.
هكذا يمكن الرجوع لفكرة الاستعانة بفنانين من
الأساس وعدم الاتجاه لرسم الفيلم مباشرة، أضاف معظم الممثلين روح
أخرى للشخصيات، جيروم فلين الذي عرفه الجمهور بدور برون في مسلسل
”Game of Thrones“ (لعبة
العروش) يقدم في الفيلم دور دكتور جاشيه الطبيب الذي كان على علاقة
وثيقة بفينسنت في أيامه الأخيرة، وساعاته الأخيرة أيضًا.
بالإضافة لملامح فلين القريبة من البورتريه الشهير
لدكتور جاشيه، ينجح الممثل الذي يجيد التعبير بوجهه جيدًا في نقل
حالة الحزن والإنكار المحيطة بالشخصية، وقد كان أداؤه مناسبًا
للشخصية كما قدمها الفيلم، إذ تحيط به علامات الشك حول دوره في
انتحار، وربما قتل، فان جوخ.
دكتور جاشيه من أكثر الشخصيات التي يمكن معها أن
نلمح كيفية تضافر الإخراج والسيناريو لرفع حالة التشويق في الفيلم،
إذ تشير عدة شخصيات إليه منذ بداية الفيلم، بالخير والشر، لكنه لا
يظهر سوى في الثلث الأخير من الفيلم، فيبقى المشاهد طيلة الوقت في
انتظار ظهور هذه الشخصية، ليُكمل تفاصيل اللوحة.
اختيار الأبيض والأسود أيضًا لمشاهد الفلاش باك كان
اختيارًا موفقًا، فليس له هنا الاستخدام التقليدي في تقديم الماضي
بلون مختلف فقط، لكنه كان حلًا من صناع الفيلم للدخول في ماضي فان
جوخ الذي لم تجسده لوحاته، فلا يمكن الاستعانة بها، بالإضافة لأنه
كان اختيارًا مناسبًا لحالة الغموض والسودواية التي تحيط بالشخصية.
في حب فينسنت
ينتهي الفيلم بعرض عدد من اللوحات الأصلية للفنان
الشهير، بجانب كيفية توظيف وظهور هذه اللوحات داخل الفيلم، لنزداد
إعجابًا بقدرة المخرجين على توظيف فن اللوحات الساكن في يمتلئ
بالحركة في السينما، دون ابتذال اللوحات أو التضحية بتدفق الفيلم
لمجرد إضافة لوحة ما.
تاريخ الفن يمتلئ بالكثير من الأسماء المهمة
والمسيرات الخاصة التي تحيط بتفاصيل حياتها ورحيلها العديد من
التفاصيل الثرية وتستحق التحول بالتأكيد إلى فيلم سينمائي، فان جوخ
ربما واحد من أكثر الفنانين سيئي الحظ في حياتهم، إذ لم يلق
التقدير الكافي سوى بعد رحيله، وهكذا تنجح السينما في تحويل سيرة
حياة مأساوية إلى فيلم ممتع يمكن العودة إليه عدة مرات للاستمتاع
بتفاصيله.
####
حوار في الفن- المخرج تامر عشري يتحدث عن إقناع
محمود حميدة بـ "فوتوكوبي" والشغف بـ أصغر فرهادي.. الممثل
المفاجأة
حوار: أمل مجدي
في حوارنا معه قبل حفل ختام مهرجان الجونة
السينمائي بيومين فقط، رفض المخرج تامر عشري، توقع فرص فوز فيلمه
"فوتوكوبي" بجوائز، تاركًا القرار إلى تقدير لجنة التحكيم. فقد
اعتبر أن مشاركة عمله الروائي الطويل الأول في مسابقة قوية تضم
أفلام من مختلف دول العالم، أمرًا مشرفا، كما أن حضور عدد كبير من
الفنانين والجمهور خلال العرض الأول يعد تكريمًا في حد ذاته.
ضمت مسابقة الأفلام الروائية الطويلة 15 فيلمًا من
مختلف دول العالم، من بينها 4 أفلام عربية وهي "قضية رقم 23"،
و"شيخ جاكسون"، و"فوتوكوبي"، و"وليلي". واقتنص "فوتوكوبي" جائزة
أفضل روائي طويل عربي، التي تتضمن نجمة الجونة، إلى جانب شهادة و20
ألف دولار أمريكي.
صحيح أن البعض فوجئ بحصوله على الجائزة، لكن رأى
آخرون أنه فيلم مميز، وبسيط، يقدم شخصياته بطريقة سلسة بعيدة عن
التفلسف، دون تضخيم للأحداث، أو إقحام صراعات لن تفيد من الناحية
الدرامية.
اكتسب الفيلم شهرة قبل مشاركته في المهرجان،
وبالتحديد منذ طرح الإعلانات الدعائية، التي تضمنت اسمين من نجوم
الصف الأول في مصر وهما محمود حميدة وشيرين رضا، واسمين غير
معروفين على نطاق واسع، لكن لديهما رصيد فني يستحق المشاهدة، وهما
المؤلف هيثم دبور، والمخرج تامر عشري.
وكما أجرينا حوار مع المؤلف، حان وقت التعرف على
المخرج الذي سبق وقدم عدد من التجارب الفنية أسهمت في تكوين رؤيته
كمخرج.
يقول تامر عشري: "قبل أن أصبح مخرجًا لفيلم
(فوتوكوبي)، خضت عدد من التجارب المرتبطة بصناعة الفيلم بشكل عام؛
بداية من مرحلة كتابة السيناريو لأفلام تسجيلية عملت بها أيضا
كمصور، ومونتير، ومخرج، ثم الانتقال إلى مجال الإعلانات، كمساعد
مخرج، ومنتج، وأخيرًا مساعد منتج في فيلم (نوارة)... كل هذه
الخبرات ساعدتني في إدراك كل ما هو متعلق بالسينما وإدارة العمل".
وفي السطور التالية، يكشف المخرج عن كواليس صناعة
فيلمه الأول، وكيف تمكن من إدارة فريق عمل كبير، كما يتحدث عن
المخرجين الذين أثروا فيه.
·
كيف جاءت فكرة العمل على "فوتوكوبي" والتعاون بينك
وبين الكاتب هيثم دبور؟
أعرف هيثم دبور منذ عدة سنوات، وتعاونا معًا في عدد
من الأفلام التسجيلية. فهو يعرفني جيدًا، ويعلم اهتمامي بالأفلام
المعنية بالشخصيات، وتفاصيلها، ولهذا عرض علي سيناريو فيلم
"فوتوكوبي". إذ أرسل لي المعالجة في عام 2014، وبعدما قرأتها
هاتفته على الفور، وطلبت منه أن يكون ذلك أول أفلامي الروائية
الطويلة لإعجابي الشديد بالشخصيات.
·
هل وجدت صعوبة في اختيار الممثلين المشاركين في
الفيلم؟
مرحلة اختيار الممثلين تتسم بالصعوبة والتغيرات
المستمرة بشكل عام، ولكن على سبيل المثال، لم أجد أي صعوبة في
مشاركة الفنان محمود حميدة بالفيلم، رغم عدم توقعي أنه سيوافق
سريعًا. فقد حدثني هاتفيًا بعد مرور يومين فقط على إرسال
السيناريو، وبالفعل جلسنا وتناقشنا في عدة أمور، وأبلغني حينها
موافقته على تجسيد دور البطولة.
كان لدي بعض التخوفات المتعلقة بدور "صفية" نظرًا
لحساسية الشخصية، وكثرة تفاصيلها بصرف النظر عن تقدمها في العمر،
إلى جانب أن هناك عدد من الفنانات يرفضن تقديم هذه النوعية من
الأدوار. كان لدينا عدد من الترشيحات، وذهب الدور إلى الفنانة
شيرين رضا، التي كان بمثابة مفاجأة كبيرة بالنسبة لي، لأنها تقبلت
الدور بشجا، ولم ينتابها أي شعور بالقلق حيال طبيعة الشخصية
وملامحها، بل على العكس أضافت المزيد من التفاصيل حتى خرج بهذه
المساحة والشكل.
الحقيقة، أنني سعيد بجميع الممثلين المشاركين في
الفيلم، وأشعر أنني محظوظ بهم جميعا من أكبر دور حتى أصغر دور، لا
أظن أن هناك أفضل من هذه الاختيارات.
·
كيف تمكنت من توجيه ممثلين لديهم خبرات سابقة،
وبعضهم من نجوم الصف الأول؟
إدارة الممثل ليس بالأمر الهين، لكن تحضيرات ما قبل
التصوير، والجلسات المنفصلة مع طاقم العمل تساعد على تقارب وجهات
النظر، وبالتالي تسهل إدارة موقع التصوير. حرصت منذ البداية على
إجراء مقابلات عديدة، ليس فقط مع الممثلين، ولكن أيضًا مع مصممة
الملابس ناهد نصرالله، ومدير التصوير محمد عبد الرؤوف، ومهندس
الديكور علي حسام علي، والمسؤولين عن الماكير وتصفيف الشعر.
·
ذكرت أن هناك تفاصيل أضيفت على شخصية "صفية"، كيف
تطورت الشخصية من مرحلة السيناريو حتى ظهورها على الشاشة؟
من الصعب تحديد الإضافات التي زودها كل شخص منا،
خاصة وأن هيثم كاتب شاطر جدا في رسم أبعاد وتركيبات الشخصيات، وكان
ذلك واضح منذ قراءة السيناريو. ما أضفته أنا بالتعاون مع شيرين رضا
متعلق أكثر بمظهر الشخصية، وطريقة كلامها، ومشيتها، وتعبيرات
وجهها. وفي الحقيقة فاجئني أداء شيرين للدور، وأشعر أنه لا يزال
لديها مساحات تمثيلية عظيمة جدا لم تكتشف بعد.
كما أن مصممة الملابس ناهد نصرالله، وضعت لمستها
المميزة وأضافت الكثير على تفاصيل كل شخصية من شخصيات الفيلم. فقد
تعاونت معها عندما كنت مساعد مخرج، وتواجدها في "فوتوكوبي" كان
شيئًا مهما وإضافة كبيرة بالنسبة لي، لأنها تهتم بالجانب الدرامي
للشخصية، وتدرس خلفياتها الثقافية والاجتماعية، ثم على هذا الأساس
تختار المظهر الخارجي.
·
إذا تحدثنا عن الفكرة العامة للفيلم، هل تطور
الحياة ممكن أن يحول نوعية معينة من البشر إلى ديناصورات معرضة
للانقراض؟
في رائي أن أي شيء جديد يظهر يتبعه اختفاء شيء آخر
في المقابل. حاولت توصيل هذا الصراع الدائر بين ما كل ما هو قديم
وحديث من خلال الفيلم، ويظهر هذا على سبيل المثال في شكل العمارات،
التي تغير شكلها تمامًا مع الزمن. فعلى الرغم من أن التطور أمر
جيد، إلا أنه يعد بمثابة تشوه، وعشوائية في بعض الأحيان، ويجعلنا
نفتقد أشياء مثل الشكل المعماري القديم.
هذه العشوائية انتقلت إلينا بطبيعة الحال، وبالتالي
أصبحت شخصياتنا مشوهة... وهذا السبب الرئيسي الذي يدفع "محمود" بطل
الفيلم، إلى التمسك بالماضي، فالأمر ليس قاصرًا على عدم القدرة على
مواكبة الجديد، وإنما لشعوره بأن هناك أشياء جميلة عليه ألا
يخسرها، واعتقاده بأنه إذا خطى خطوات إلى الأمام سيصبح مشوهًا
ومكررًا.
من ناحية أخرى، "محمود" يشعر أنه مُعرض للانقراض
لأنه وحيد، فهو لم يتزوج، ولم يقع في الحب. وعندما تحركت مشاعره،
رغب في التطور والاستمرار في الحياة.
·
من المخرج الذي تشعر أنه أثر فيك بشكل كبير؟
من خارج مصر، أحب المخرج الإيراني أصغر فرهادي،
وأتابع أفلامه بشغف، واهتمام كبير، واعتبره من أهم المخرجين
المتواجدين على الساحة السينمائية العالمية في الوقت الحالي. وذلك
لأنه مهتم بالشخصيات، وتفاصيلها، وتركيباتها، كما أنه يقدم قصص
اجتماعية قوية ومؤثرة. بالإضافة إلى أنه يمتلك أسلوب سردي يجذب
انتباه المشاهد، ويدفعه إلى الجلوس على طرف المقعد حتى اللحظات
الأخيرة.
على مستوى مصر، تأثرت بعدد كبير من المخرجين، وعملت
مساعد مخرج مع مجموعة من الأساتذة منهم مروان حامد في فيلم "الفيل
الأزرق"، وأحمد علاء، وأحمد نادر جلال في مواد إعلانية. وبالتالي،
أشعر أنني تعلمت من مدارس مختلفة، وهذا أفادني في تجاربي الخاصة.
·
بعد مشاهدة الفيلم، البعض شعر بأن هناك تأثر بأسلوب
المخرج الراحل محمد خان، ما تعليقك؟
أحدهم قال لي هذا التعليق، مبدئيا هذا شرف لي،
ولكني متأثر بمخرجين كثيرين من هذا الجيل، منهم عاطف الطيب، وعلى
بدرخان، وغيرهم من الأساتذة. فأفلامهم أثرت فينا جميعًا وما زالنا
نشاهدها حتى يومنا هذا، رغم أن الإمكانيات لم تكن متوفرة كما هو
الحال الآن. ولقد نجحوا في ترك تاريخ سينمائي كبير، يدفع أي شخص
إلى التأثر.
·
في عمل يعتمد بشكل أساسي على الشخصيات، من تشعر أنك
أعدت اكتشافه من بين هؤلاء الممثلين؟
إعادة اكتشاف كلمة كبيرة، ولكن "أحمد داش" هو
الممثل الذي فاجئني أدائه. صحيح أنه قدم أدوار عظيمة في عدد من
الأفلام، ولكن لم أتخيل أنه سيجسد دور حارس العقار "عبد العزيز"
بهذه البراعة. وفي المجمل، جميع الممثلين المشاركين في الفيلم
قدموا أدوارهم بإتقان شديد. |