قارن بين حفلتى الافتتاح والختام فى مهرجان
(الجونة)، لاشك أن الختام كان أكثر تنظيما وجاذبية وتلافى الكثير
من المشاكل وأولها بُطء الإيقاع، وهذا يعنى أن هناك من يريد القفز
فوق العوائق.
عندما نلمح النجاح فى عمل ثقافى مثل (الجونة) من
المؤكد نشعر بفخر أن مهرجانا وليدا استطاع أن يجد له مساحة، بجهود
زملاء أخلصوا للفكرة فأحالوها إلى حقيقة على أرض الواقع، الحكاية
كانت مجرد لمحة لدى الفنانة بشرى فكانت هناك إرادة للتنفيذ، ولم
يكن الأمر متعلقا بميزانية مفتوحة، فهذا التعبير لا مكان له مع
رجال الأعمال، ولكن فقط هناك منطق وهدف يغلف التجربة ولها من
المؤكد مردود اقتصادى قادم ليس بالضرورة الآن.
علينا البعد عن التهوين أو التهويل، وهما آفة فى
حياتنا الثقافية، فلا نردد أن المهرجان ولد عملاقا، من يولد عملاقا
مثل من يولد قزما. فى الحالتين الأمر حالة مرضية.
فقط نقول إن المهرجان ولد ولادة طبيعية فهو ينمو
ويواصل التواجد على الخريطة، وأنه استطاع لفت الانتباه إليه، هناك
بنية تحتية قادرة على الاستمرار، المكان والأجواء المصاحبة تلعب
لصالح المهرجان، رغم أننا فى ظرف سياحى غير موات على الإطلاق، إلا
أن الشقيقين نجيب وسميح (ساويرس) نجحا فى التحدى، بل من الممكن أن
أجد أن هناك لمحات إيجابية من الممكن أن تنتقل أيضا لمهرجان
القاهرة، الذى كان ويجب أن يظل هو العنوان الأول، وأتصور أن نجيب
ساويرس لديه نفس التوجه فى ضرورة أن يُصبح الجونة مهرجانا موازيا
وليس بديلا للقاهرة، بل أكثر من ذلك فلقد أخبرتنى د. ماجدة واصف،
رئيسة مهرجان القاهرة، أنها التقت بنجيب وأبدى استعداده لمواصلة
توجيه دعم مادى لمهرجان القاهرة، وكانت له فى الحقيقة مساهمات فى
هذا الاتجاه أكثر من مرة فى دورات سابقة، إلا أنها فى بعض الأحيان
كانت تتعثر بسبب تباين فى وجهات النظر مع قيادات المهرجان.
أتمنى من الجميع أن تظل لـ«القاهرة» مكانته فى
قلوبهم، فهو بمثابة الفرحة الأولى التى تحمل دائما البهجة.
نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى.. ما الحـب إلا للحبيب
الأول
كم منزل فى الأرض يعشقه الفتى.. وحنينه أبدا لأول
منزل
هكذا قال شاعرنا أبو تمام. تستطيع أن تجد لتلك
الكلمات صدى لما يجرى الآن بين القاهرة والجونة، بين الابن البكر
وآخر العنقود.
الحبيب الأول هو مهرجان القاهرة، معاناة مهرجان
القاهرة لا تعنى أبدا أن نعتبر أنه صار دقة قديمة، ترهل وأصبح عبئا
ينوء به كاهل الدولة، وعليها المسارعة بالتخلص منه، فهو يستحق
الدعم، بالإضافة إلى أن عليه خوض المعركة للتحرر من القيود
الحكومية، فهو من الناحية الرسمية تُقيمه الدولة، والمفروض أن يعود
إلى طبيعته الأولى، أقصد أن يصبح فقط تحت رعايتها والفارق شاسع،
وأرى أن ذلك أيضا لصالح الدولة التى تُقدم صورة إيجابية للعالم
بأنها تفتح الباب للمجتمع المدنى.
مهرجان القاهرة يصل عمره إلى 41 عاما. سيشكل نجاح
(الجونة) نقطة دفع قوية له، لا أجد صراعا بين مهرجان عتيق وراسخ
ومهرجان وليد ويحمل طموحا، بل لدىّ اعتقاد أن الدورة القادمة
لمهرجان القاهرة سيزيدها (الجونة) إصرارا على النجاح.. إنها العدوى
الحميدة!!.
tarekelshinnawi@yahoo.com
####
مؤلف «فوتوكوبي» عن فوزه بـ«الجونة»: حافز
للاستمرار.. و«حميدة» دوره عظيم
كتب: هالة
نور
أعرب الكاتب هيثم دبور، مؤلف فيلم «فوتوكوبي»، عن
سعادته بفوز فيلمه الأول «فوتوكوبي» للمخرج تامر عشري، بجائزة أفضل
فيلم روائي طويل بالدورة الأولى لمهرجان الجونة، لافتًا إلى أنه
يعتبره حافزًا له بهدف الاستمرار والعمل على النفس أكثر، خاصة أنه
أول عمل له، فالدافع مضاعف.
وأضاف في تصريح خاص لـ «المصري اليوم»، أنه بمجرد
فوز الفيلم بجائزة أفضل فيلم روائي، توجهنا أنا والمخرج للفنان
محمود حميدة وشيرين رضا، لشكرهما بإتاحتهما الفرصة واقتناعهما
بالعمل مع شباب يعملون معهما لأول مرة، لافتًا إلى أن «حميدة» له
دور عظيم لخروج الفيلم للنور وأن يظهر بالحالة التي خرج بها.
وأشار إلى أن الفيلم في بداية كتابته تحمس له
المخرج تامر عشري والمنتج صفي الدين، وقاما بعرضه على الفنان محمود
حميدة الذي بدوره أعجب به، مضيفًا أن الفيلم فاز كأفضل سيناريو في
جائزة ساويرس الثقافية عام 2014، وهذا ما حمّس الإنتاج على تنفيذه،
لافتًا إلى أن ردود الفعل على الفيلم فاقت التوقعات بـ «الجونة»،
وأحبته لجنة التحكيم وتُوّج باختياره بالجائزة.
وعن كواليس الفيلم مع الفنان محمود حميدة، يوضح أن
دوره والفنانة شيرين رضا وأحمد داش وعلي الطيب، مختلف وأن المخرج
استطاع أن يحقق صورة ومشاعر تصل إلى الناس، حيث إن الفيلم في
الأساس يعتمد على الشخوص والمشاعر واستطعنا توصيل ذلك بشكل قوي.
واختتم أنه دارت مناقشات كثيرة خلال تنفيذ الفيلم
ومناقشات هي الطبيعية التي تسبق أي عمل، وأن روح التعاون التي كانت
به ظهرت على الفيلم، مما ترتب عليه فوزه لوصوله إلى الناس.
كان فيلم «فوتوكوبي» بطولة الفنان محمود حميدة
وشيرين رضا، حاز على جائزة في مهرجان الجونة بدورته الأولى، كأفضل
فيلم روائي طويل، حيث تدور أحداثه عن شخصية محمود، صاحب مكتبة
لتصوير ونسخ المستندات، والذي يسكن في حي عبده باشا، ويرى أن مهنته
تلاشت، ليبدأ رحلة جديدة بالبحث عن أسباب انقراض الديناصورات والتي
تعيد داخله اكتشاف الحب والصداقة والمعاني الحقيقية للمشاعر
الإنسانية.
####
منتج «فوتوكوبي» بعد فوزه بأفضل فيلم عربي بالجونة:
«تُكلّل مسيرة في إنتاج قصص مغايرة»
كتب: علوي
أبو العلا
قال المنتج صفي الدين محمود، الحائز على جائزة أفضل
فيلم عربي في مهرجان الجونة السينمائي، إنه سعيد بالجائزة التي حصل
عليها الفيلم، معتبرًا أنها تكلل مسيرة قصيرة في إنتاج أفلام
مغايرة ومختلفة، لكنها مليئة بالجوائز.
وأضاف: «منذ إنتاج أول أفلامنا (نوارة) وحتى
(فوتوكوبي) وأنا مقتنع أن السينما أذواق، واختلاف ذوق بعض الحضور
عن ذوق لجنة التحكيم لا يعيب الفيلم، ولا يقلل من ذائقة هذا
المشاهد بالطبع، لذلك نستمتع بالسينما».
وواصل: «برنامج الجونة كان يحتوي أفلامًا قوية،
وذائقتي الشخصية كمتفرج أحبت فيلمي (القضية ٢٣) اللبناني و(شيخ
جاكسون) المصري، ولو كنت في لجنة التحكيم لربما أعطيت صوتي
لأحدهما».
وأعرب صفي عن سعادته بردود فعل الجمهور، مضيفًا:
«لم أكن أحلم بعرض أول كالذي حدث في الجونة بوجود كل السينمائيين
والفنانين الذين حضروا بسبب جهود التنظيم من نجيب ساويرس وإدارة
المهرجان». |
غياب “غامض” لمحمد رمضان عن الجونة السينمائي
أسبوع حافل بدأ من الجمعة الماضية 22 سبتمبر
الجاري، وانتهى مساء اليوم الجمعة 29 سبتمبر، شهدت خلاله مدينة
الجونة السياحية، الدورة الأولى لمهرجان الجونة السينمائي، الذي
بدأت فكرته الفنانة بشرى رزة، وتبناه رجلي الأعمال نجيب وسميح
ساويرس، وأداره انتشال التميمي.
شهدت فعاليات المهرجان حضور عدد كبير من الفنانين
المصرين والعرب، والأجانب أيضًا، إلا أن عددًا من النجوم تغيبوا
عنه، وذكر بعضهم السبب كالفنان أحمد حلمي، وزوجته منى زكي، واللذان
حضرا فيه من خلال الفيلم التسجيلي، الموجه للزعيم عادل إمام، أثناء
تكريمه في الافتتاح، وحضوره الذي يعد نادرًا نظرًا لمقاطعته مثل
تلك الفعاليات، إلا أن المثير للتساؤل هو عدم حضور الفنان محمد
رمضان دون إعلان أسباب.
غياب محمد رمضان كان مثيرًا للتساؤلات خاصة أنه نشر
على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، يوم
الثلاثاء 26 سبتمبر، فيديو له أثناء مشاركته فى حملة التوعية التي
أطلقتها وزارة الدولة للهجرة وشؤون المصريين في الخارج بمحافظة
البحيرة تحت عنوان “قبل ما تهاجر فكر وشاور” لدعم جهود الوزارة
وتوعية الشباب بمخاطر الهجرة غير الشرعية.
وقبلها بيوم، نشر “رمضان”، فيديو آخر له أشار فيه
إلى أنه كان تائهًا في محافظة الشرقية، أثناء توجهه للجيش،
لاستكمال خدمته فيه، أي أنه كان أجازة قبلها.
كذلك فإن من عادة الفنان محمد رمضان الرد مباشرة
على كافة ما يُكتب عليه في الصحف أو ما يُوجه له من انتقادات أو
غيرها، وهو ما لم يفعله حتى بالإشارة للموضوع، مع سخرية الفنان
أحمد فهمي منه في كلمة بحفل الافتتاح الجمعة الماضية، حيث قال إن
حضوره سيجعل المهرجان “رقم 2″، أيعقل أنه لم يشاهد الحفل، أو أنه
لم يقرأ الأخبار التي تداولتها المواقع الإلكترونية عن تلك
الواقعة؟
من جانبه كان رد رجل الأعمال سميح ساويرس، أحد
مؤسسي مهرجان الجونة السينمائي، على الانتقادات التي وجهت للمهرجان
بشأن غياب نجوم من الصف الأول لاسيما محمد رمضان، قائلًا: “ماسمعتش
عن محمد رمضان”، موضحًا بقوله: “جايز جدًا يكون المُنظمين نسيوا
ناس مهمة ما دعوهاش، لكن بمرور السنوات الدنيا هتتحسن”.
####
13
ملاحظة لـ أندرو محسن عن مهرجان الجونة
أندرو محسن
كان هناك الكثير من التوقعات المبنية على المهرجان
منذ الإعلان عنه، عادة ما تكون التوقعات سلاحًا مشهرًا ضد الطرف
المُنتظر منه تحقيق هذه التوقعات، إذ كلما ارتفع سقف التوقعات صار
الجميل عاديًا والرائع جيدًا فقط، لذا ربما كان هناك تحفز في
الأيام الأولى للمهرجان ضد أي هفوة، لكن مع اليوم الثالث بدأت
الأمور تأخذ شكلًا واضحًا بعيدًا عن المبالغة أو التقليل، وهكذا
يمكن بسهولة الوصول إلى الكثير من المميزات التي تتفوق على
السلبيات القليلة في المهرجان.
1- بالنسبة
لأي محب للسينما، ما يبحث عنه في أي مهرجان سينمائي هو جودة
الأفلام وتنوعها، وإذا وُجد هذا فإنه بالضرورة يكفي للتجاوز عن أي
أخطاء أخرى. الأفلام المعروضة في المهرجان، المقسمة إلى ثلاث
مسابقات، الروائية الطويلة، والقصيرة، والوثائقية الطويلة، احتوت
على تنوع رائع ومشبع لأي عاشق للسينما.
2- بجانب
الأفلام المميزة في المسابقات، جاء القسم الرسمي خارج المسابقة،
ليحمل أفلامًا تكفي وحدها لصناعة حدثًا سينمائيًا مهمًا، منها
الفيلم السويدي
“The Square” (المربع)
الحائز على السعفة الذهبية لمهرجان “كان”. في نفس القسم أيضًا
عُرضت تجربة مخصصة لعشاق السينما وهي فيلم “52/78″، فيلم بالكامل
عن مشهد سينمائي من فيلم آخر، هو مشهد جريمة القتل الأشهر في فيلم
“Psycho” (مضطرب
نفسيًا) لألفريد هيتشكوك، ويقدم الفيلم خلال ساعة ونصف حوارات مع
عدد من صناع السينما.
3- من
الميزات التي تفتقر إليها الكثير من المهرجانات المصرية، وجود
ترجمة عربية مصاحبة للأفلام، نظرًا للتكلفة الإضافية التي تحتاجها
الترجمة الإلكترونية. في مهرجان الجونة السينمائي روعيت هذه النقطة
وكانت معظم الأفلام الهامة مترجمة.
4- ظهرت
في المهرجان المحاولة الأولى لصناعة مكتبة فيلمية لأفلام المهرجان
مثلما هو الحال مع الكثير من المهرجانات الكبرى، وهذه المكتبة تتيح
عرض أفلام المهرجان على شاشات كمبيوتر، حتى تتاح الفرصة للصحفيين
والنقاد وصناع الأفلام متابعة ما فاتهم. ربما لم تعمل هذه المكتبة
بكامل طاقتها في الدورة الأولى، لكن بلا شك أنها من الخدمات المهمة
التي ربما تظهر بشكل كامل في الدورة القادمة.
5- عدم
وجود سوق سينمائي وعدم وجود جوائز مادية في معظم المهرجانات
المصرية، هو عائق دائم للحصول على الأفلام الجيدة كعرض أول،
بالتأكيد يبحث أي صانع أفلام عن الدعم المالي لإنهاء مشروعه الحالي
أو لبدء مشروع جديد. وجود جوائز مالية مرتفعة القيمة، بالإضافة
للجوائز المالية المقدمة من منصة الجونة لدعم المشروعات الجديدة أو
قيد التطوير، يقدم للمهرجان عددًا من المميزات.
6- لا
يخفى على أحد انسحاب عدد من الأفلام، ومنها الأفلام المصرية، من
المهرجانات المصرية والتوجه إلى مهرجان دبي، ليشهد عرضها الأول في
المنطقة، وجود الجوائز المالية سيجعل من مهرجان الجونة خيارًا
قويًا. النقطة الأخرى هي أن تقديم الدعم المالي للمشاريع الجديدة
يسهّل للمهرجان فرصة الحصول على حقوق عرضها الأول عالميًا.
7- وصولًا
إلى هذه النقطة، فإن حصول عدد من المشاريع على دعم مادي جيد، وصل
إلى 20 ألف دولار، الجائزة التي حصل عليها المخرج شريف البنداري،
لتنفيذ مشروعه المنتظر “أوضتين وصالة”، هذه الدعم يدفع بالتأكيد
بصناعة السينما إلى الأمام وهو أمر نحن في أمس الحاجة إليه.
8- على
هامش المهرجان عُقدت العديد من حلقات النقاش والندوات، منها محاضرة
(Master Class)
عن التمثيل لفورست ويتيكر، وأخرى عن الإخراج للمخرج أوليفر ستون،
وإن تحولت المحاضرتان سريعًا إلى ندوات للإجابة عن أسئلة أغلبها
تقليدي وابتعدت عن هدفها الرئيسي.
9- كان
الحال أفضل كثيرًا مع المحاضرة المشتركة بين محمود حميدة والمخرج
أسامة فوزي، التي ناقشا فيها ذكرياتهما وبعض كواليس صناعة الأفلام
التي جمعتهما، بجانب حديث حميدة لاحقًا عن تجربته في الإنتاج، وما
رآه من صعوبات آنذاك.
10- رفع
المهرجان شعار”سينما من أجل الإنسانية“ لفيلم ”سُفرة“، لكنه لم
يكتفِ به كشعار مكتوب فقط، بل كانت هناك بالفعل الكثير من الأفلام
التي تدور حول تيمة الإنسانية مثل ”سُفرة“ و“قضية رقم 23“ و“Breathe“
(تنفس)
وغيرها. وعن طريق بطاقات استفتاء توزع على الجمهور بعد انتهاء هذه
الأفلام، وقع الاختيار على فيلم ”سفرة“ ليحصل على جائزة ”فيلم من
أجل الإنسانية“.
11- الجوائز،
بالنسبة لمسابقة الأفلام الروائية الطويلة، جاءت معظمها في إطار
المتوقّع باستثناء جائزة أفضل فيلم عربي التي ذهبت لفيلم
“فوتوكوبي” لتامر عشري، مع وجود الفيلم المصري “شيخ جاكسون”
واللبناني “قضية رقم 23” في المنافسة كان هذا الاختيار غريبًا.
12- فوز
فيلمي
“Scary Mother”
لآنا أوروشادزي، و”قضية رقم 23″ لزياد دويري، بجائزتي النجمة
الذهبية والنجمة الفضية على الترتيب، كان خبرًا سارًا، الفيلمان
بالفعل من أفضل الأفلام المتنافسة في المسابقة.
13- اختيار
فيلم الختام كان يحتاج إلى إعادة نظر، كان في المهرجان الكثير من
الأفلام المهمة، أو الأفلام “الحدث” التي يمكن لعرضها في الختام أن
يضفي قيمة كبيرة. الاختيار وقع على الفيلم الوثائقي
“Human Flow” (تدفق
بشري) للمخرج الصيني آي ويوي، الذي يمتد لساعتين وثلث الساعة، وهي
مدة طويلة نسبيًا، بالإضافة لأن الفيلم يتناول اللاجئين كخط رئيسي،
وهو الموضوع الذي كانت عدة أفلام في المهرجان قد تناولته بالفعل.
هل يعني ما سبق أن المهرجان بلا أخطاء؟ بالتأكيد
توجد أخطاء، ولكن بالنظر إلى أننا أمام الدورة الأولى، وبالنظر
أيضًا إلى وجود الكثير من الإيجابيات والإضافات الهامة للمهرجانات
المصرية، فإن الجانب المشرق في المهرجان يستحق الكتابة والذكر
بالأكثر. مهرجان الجونة السينمائي، أحد أهم الأحداث السينمائية في
مصر في عام 2017، وعله يظل دائمًا ضمن قائمة الأفضل والأهم في
دوراته اللاحقة. |
فوتو كوبي أفضل فيلم عربي..والأم المخيفة تنتزع
الذهبية.. والفضية لـالقضية23
الجونة ــــ شريف نادي
حصد الفيلم المصري فوتو كوبي علي جائزة نجمة الجونة
لأفضل فيلم عربي, بينما حصل الفيلم الجورجي الأم المخيفة علي
جائزة نجمة الجونة الذهبية, بينما ذهبت نجمة الجونة الفضية إلي
فيلم القضية23 للمخرج زياد دويري,
ونجمة الجونة البرونزية لفيلم أرثيميا, بينما حصل علي نجمة الجونة
أفضل ممثل الفنان دانيال كاشو عن فيلمه زاما, وحصلت علي نجمة
الجونة لأفضل ممثلة الفنانة المغربية نادية كوندا عن الفيلم
المغربيvolublis.
جاء ذلك خلال حفل ختام الدورة الأولي للمهرجان الجونة السينمائي
وسط حضور عدد كبير من النجوم كان في مقدمتهم يسرا, نيللي كريم, آسر
ياسين, أحمد الفيشاوي,شيرين رضا, باسم سمرة, هنا شيحا, خالد سليم
وزوجته, رزان مغربي, هشام سليم, محمد حفظي,خالد منصور, شادي
ألفونس, إنجي المقدم, بشري, عمرو يوسف, كنده علوش, عزت أبو عوف,
المطرب أحمد جمال, المخرجين داوود عبد السيد, زياد دويري, عمرو
سلامة, يسري نصر الله, محمد أبو سيف, د.خالد عبد الجليل مستشار
وزير الثقافة للسينما, النجم التركي خالد أراجنتكش, عمرو واكد
وزوجته, أحمد مالك, وأمينة خليل التي تولت تقديم حفل الختام.
وبالنسبة لجوائز الأفلام القصيرة والتي ترأسها
النجمة نيللي كريم, وعضوية نجوي نجار, علي مصطفي, أنيسة داوود,
مينا رودريجس, فقد حصل علي جائزة نجمة الجونة لأفضل فيلم عربي
المخرج كروستوف صابر عن فيلم بانش لاين, ونجمة الجونة الذهبية
لفيلمnightshade,
والفضية لفيلم ميري جو اروند, والبرونزية لفيلم ماما بوبو.
أما بالنسبة لجوائز الأفلام التسجيلية الطويلة فقد
حصل الفيلم المصري عندي صورةعلي جائزة نجمة الجونة لأفضل فيلم
إخراج محمد زيدان, بينما ذهبت نجمة الجونة الذهبية لفيلمiamnotyournegro,
والفضية لفيلمbrimstoneandglory,
والبرونزية للفيلم الوثائقي الطويلmrsfang.
وخارج إطار المسابقات الرسمية قدم المهندس نجيب
ساويرس جائزة سينما من أجل الإنسانية والتي تحمل شعار المهرجان حيث
ذهبت للمخرج توماس مورجان عن فيلم سفرة حيث قال مورجان إن هذا شرف
كبير له حصوله علي هذه الجائزة, مشيرا إلي أن قصة الفيلم هي قصة
شخصية لبطلة الفيلم وهي معنا اليوم واتمني أن تكون قد الهمتكم.كما
قدمت شركة مينتور العربية جائزة أفضل فيلم تسجيلي لنفس الفيلم سفرة
لخدمته قضية النزوح, وهو ما دفع المخرج في المرة الثانية بمطالبة
فريق العمل بالصعود علي المسرح قائلا كثيرا نصحوني الا اقدم هذا
العمل ولكنني مثل مريم تمسكت بالحلم, وقالت مريمبطلة الفيلم قصتي
بسفرة ليست كل القصة, وأشكر كل من دعم الفيلم, وفلسطين التي دائما
تلهمنا, خاصة أن رسالة الفيلم أكثر وأكبر من مريم.
وقدمت شركة فيلم فاكتوري جائزة أفضل فيلم قصير
لـمصور بغداد للمخرج ماجد حميد الذي وجه الشكر الي مصر واصفها بمهد
السينما العربية, مؤكدا أن صناع السينما في العراق يصنعون أفلاما
في ظروف صعبة جدا, مضيفا دائما الآخرون يحكون قصصنا وآن الأوان لكي
نحكي قصصنا بأنفسنا. وقدمت الفنانة بشري رزة جائزة مهرجان الجونة
للإنجاز الإبداعي للفنان العالمي فوريس ويتيكر حيث قدمته بشري بأحد
أبرز عباراته والتي يقول فيها يجب أن نرعي بذرة السلام والمحبة, ثم
عددت جوائزه التي حصل عليها خلال مشواره الفني الطويل.
وبدوره وجه ويتيكر الشكر علي المقدمة التي وصفها
بالرائعة, مضيفا من الجميل أن أكون معكم الليلة, والسينما من أجل
الإنسانية أحد الأسباب التي جعلتني أدخل المجال الفني في المقام
الأول, لأنني عندما أجسد دورا أفكك أهم اللحظات في حياتهم وأفهم
طموحاتهم وأحلامهم, حيث أري أن هذا الجزء الاساسي من جوهر الانسان
هو ما اتواصل معه ومن خلال تصدعات الانسان أري الضوء واكتشف
الروابط, وفي النهاية أشكر مصر وأشكركم جميعا, وسوف اتذكر هذه
اللحظة وهذا اليوم ووجوهكم التي أراها, أنا لا شيء بدونكم.
كما قدمت بشري المخرج العالمي أوليفر ستون ووجهت له
الشكر علي تواجده ومشاركته بفيلمين هما سنودن وحوارات بوتين,
وأخيرا وجهت الشكر للفنانة فينيسا ويليامز والتي قالت أشكركم علي
دعوتي لحضور مهرجان الجونة انا هنا لانني أحب مصر واشكراصدقائي
لانني التقيت بهم للمرة الاولي عام2005 ثم عدت بعدها خمس مرات,
بينما هذه المرة الثانية لي في الجونة, شعار سينما من أجل
الانسانية مهما, وهذا ما اعتدناه من مصر الثقافة والحضارة والناس
ويسعدني ان اكون هنا كسفيرة لمساعدة الناس علي فهم مصر.
بينما قال عمرو منسي المدير التنفيذي للشركة
المنظمة للمهرجان إنه منذ عام ونصف العام انضممت لفريق عمل
المهرجان, حيث اعطتني الفنانة بشري والمهندس نجيب ثقة كبيرة بدعم
من سميح ساويرس, لذا أريد أن أشكرهم علي ثقتهم بانضمامي للفريق,
مشيرا إلي أن المسالة ليست دعماماليا ولكنه فكري وفني, لأن رضاءكم
لم يكن سهلا, موجها الشكر للجنة الاستشارية ولجنة التحكيم وكل
الفنانين الذين وثقوا في الإدارة من الدورة الأولي رغم الأخطاء
البسيطة التي وقعت, كما وجه الشكر لمدير المهرجان انتشال التميمي
عليالبرنامج السينمائي الجيد وفريق العمل الذي لايتجاوز أغلبه35
عاما, وأخيرا محافظ البحر الاحمر والقناة الداعمة التي جعلت كل
الناس تشاهدنا بهذا الشكل المشرف.
وقال انتشال التميمي اليوم أسدل الستار علي فعاليات
مهرجان الجونة, ولكنها ليست النهاية, حيث سنبدأ من الآن العمل علي
الدورة القادمة لدراسة كل سويعة من سويعات المهرجان الذي أثبت أن
الأمر ليس افتتاحا وختاما, ولكن اختيار للأفلام, مشيرا إلي أن مهمة
فريق العمل المقبلة صعبة لأننا لمسنا السحاب, موجها الشكر لكل من
حضر المهرجان وشجعه في دورته الأولي.
وفي ختام المهرجان أعلن عن الأغنية الجديدة التي
أعدتها يسرا والمطرب أبو وهي3 دقات وكتبها المؤلف تامر حبيب, حيث
لاقت الأغنية تفاعلا كبيرا من الحضور, وصعد عدد كبير من النجوم مثل
آسر ياسين, شيرين رضا, تامر حبيب, أحمد الفيشاوي إليالمسرح للرقص
علي أنغام الأغنية.
خارج كادر الختام
في سياق متصل كان مهرجان الجونة السينمائي قد
استضاف صباح أمس ورشة عمل للمخرج العالمي أوليفر ستون الذي تحدث في
الفن والسياسة, مؤكدا أنه واجه معاناه في بدايته حيث كان يكتب
أفلاما قليلة التكلفة من أبرزها فيلم سيدر الذي تكلف وقتها73
دولارا فقط, لذا عندما أتناقش مع الشباب أقول لهم إن هذا الوقت
أفضل كثيرا من الماضي حيث كانت الإضاءة معقدة أو الكاميرات لم تصل
إلي هذا التطور الذي نشهده, كما كانت هناك مشكلات عدة, موضحا أن
معاناته لم تبدأ من هذا الوقت فقط, ولكن من الطفولة حينما انفصل
والداه وكان طفلهما الوحيد وبالتالي تبخر شعوره بالأسرة وتم إرساله
إلي مدرسة داخلية, ومنها إلي المارينز, ثم البحرية.
وأضاف أن كل فيلم كتبه كان يأخذه من حياته وزوجته
وابنائه, مشيرا إلي أنه دائما ما يكرث نفسه للعمل الجديد, بينما
أطفاله لا يقضون وقتا معه مثلما يقضي مع الفيلم, لذا أقدر أولياء
الأمور الذين يقضون وقتا مع أولياء أمورهم. ووجه ستون الانتقادات
للإدارة الأمريكية قائلا قضيتي مع الولايات المتحدة أكبر بكثير من
البقاء علي هذا الكوكب, فنحن نعطي الكثير للحروب لماذا نصرف700
مليار دولار علي التسليح؟ لماذا ننفق الاموال علي الحروب في الشرق
الاوسط؟ لماذا نقوم بتسليح أوكرانيا؟, لماذا لا نستغل كل هذه
الاموال لمحاربة السرطان؟
كما أقيمت ورشة عمل أخري للنجم الأمريكي فوريست
ويتيكر, الذي قال إنه لا يمانع من تقديم أعمال كوميدية حيث سبق
وقدمها قبل20 عاما حينما كان في الجامعة, ولكن ما يعرض عليه الآن
أدوار غير كوميدية. وأضاف أنه لا يعرف مدي تأثير أفلام العنف التي
يستخدمه الأبطال لتحقيق الخير علي نفسية الأطفال, فكيف لي أن أقنعه
أن الخير يأتي بالعنف, لذا فعلينا تحكيم السلام, مشيرا إلي أن
مشاركته في فيلم حرب النجوم كانت فرصة هائلة وميزة كبيرة له, خاصة
أنها تعدبمثابة ثقافة كبري في الولايات المتحدة. |
"شيخ
جاكسون".. اضطراب الهوية الوجدانية بعيون السينما المصرية
رامي عبد
الرازق
يبدو شيخ جاكسون فيلما يحاول الاحتفاء بقيمة الحياة
في مواجهة من يحاولوا أن يجعل منها جيفة لا تستحق البكاء عليها، أو
من أجلها، وهي بلا شك محاولة فكرية وشعورية تستحق التقدير، خاصة
عندما تدور في إطار متعدد من الصراعات الداخلية التي تتكثف داخل
عقل ووجدان الشخصية الرئيسة "الشيخ" وهي الشخصية التي تنقسم داخل
سياق السيناريو إلى عدة مراحل عمرية تجعل منها -مع اختلاف ملامح
وتفاصيل كل مرحلة- مجموعة شخصيات، أو -بحسبة أدق- شخصيتين
أساسيتين، هما المراهق الشاب الملقب بجاكسون والشيخ الشاب الذي
أصبح لقبه الديني بحكم عمله -إماما في مسجد- إلى مرادف لاسمه.
ولكن أزمة فيلم شيخ جاكسون الأساسية لا تكمن في
كونه فيلما يتصدى لإشكالية إنسانية واجتماعية واضحة المعالم
وملموسة ومؤثرة في حياة الكثير من شرائح الشباب بل تكمن في أنها
تمس من تجاوزوا مرحلة الشباب أيضا، ونعني بها إشكالية الهوية
الوجدانية التي تقع في حيرة رمادية نتيجة صعوبة الانحياز المفترض
إلى طرف دون آخر في المعركة الزائفة الافتراضية جدا ما بين
الالتزام الديني والأخلاقي -كطرف- وبين حب الحياة -كطرف آخر-
والتعاطي معها على اعتبار أنها أهم منحة قدرية وكونية وهبت
للإنسان، وليست فخا ضخما للغواية تم نصبه من أجل أن يحشر الناس في
جحيم الآخرة.
أزمة الفيلم تحديدا تكمن في أن التصدي لهذه
الإشكالية جاء من خلال أسلوب المقارنات المدرسية ما بين التعاطي مع
الحياة وبين التزمت الديني الذي يصل إلى حد تقديس الموت واعتباره
كل الأمل وغاية كل منتهى -وهي المعادلة التي يشرحها الشيخ في أحد
المشاهد لمصمم الغرافيك حين يقول له إن قسمة أي عدد على رمز
اللانهائية يساوي صفرا أي أن الحياة مهما طالت بنا فهي قصيرة وسوف
نلاقي الموت والحساب في النهاية، وبالتالي فإنها لا تساوي شيئا-
وهي معادلة عدمية جدا تحط من شأن الحياة، كما أنها تعد تفسيرا
بائسا لوجود الإنسان في الدنيا.
من خلال جلسات العلاج النفسي الذي يبدأ من أولى
مشاهد الفيلم عندما نستمع إلى صوت الطبيبة الشابة وهي تسأل الشيخ
ما هي مشكلتك فيجيبها أنه لم يعد يبكي في الصلاة، مما يعني أن
إيمانه صار ضعيفا، من خلال هذه الجلسات يبدأ الفيلم في خوض السرد
المتوازي والمقارن ما بين حياة المراهق جاكسون الذي يحب الحياة رغم
كل ما يتعرض له من أذى نفسي ومادي على يد أبيه الذي لا يؤمن بأي
قيم ولكنه في نفس الوقت يحاول إخضاع جاكسون إلى عكس ما يؤمن به
-حيث إن والده تربطه علاقات حميمية بسيدات متزوجات بعد وفاة زوجته،
وعلى الرغم من ذلك فإنه يعتبر أن مايكل
جاكسون "مُخنَّث"
وأن تشبه ابنه به يعني أنه في طريقه "للتخنُّث" والميوعة هو الآخر-
وما بين حياة الشيخ التي عاشها جاكسون أو بمعنى أدق بقاء الشيخ على
هامش الحياة بإرادته -كأن ينام تحت الفراش ليتذكر القبر، ويقطع
وصلة النت عن بيته لمجرد أنه اكتشف بالصدفة أن ابنته تشاهد أغاني
راقصة- ظنا منه أنه بهذا يتقرب إلى الله عبر تحقير الحياة وازدراء
كل ما يرتبط بها من متع مهما كانت بريئة أو عادية.
فلاش باك مدرسي
يقول ماركيز: عندما يكون لديك حكاية جيدة فحاول أن
ترويها ببساطة. ولكن لا تعني البساطة أن يصبح لدينا أمام كل موقف
من مواقف حياة الشيخ مواقف أخرى مشابهة من حياة المراهق، صحيح أن
إطار الفلاش باك النابع من جلسات العلاج النفسي يتيح ذلك، ولكن
ربما كان هذا في حساب الزمن المادي ما بين الحاضر والماضي، أما على
مستوى الصراع النفسي فإن الأمر كان يحتاج إلى مزيد من النضج
والتأني في اختيار المحطات والتقابلات ما بين حاضر الشيخ وماضيه أي
بين الشيخ وجاكسون.
هذه التقابلات المدرسية أوقعت السيناريو في مأزق
واضح وهو أن المتلقي أصبح بشكل لا إرادي يميل إلى متابعة تطور حياة
المراهق، والذي يبدو شخصية درامية تنمو باستمرار تجاه نقطة معينة
وهي النقطة التي ينتظرها المشاهد لكي يعرف سر التحول العنيف الذي
جعل من جاكسون شيخا، في حين أن الخط الزمني الخاص بالشيخ أصبح خطا
ساكنا جدا لا نمو ولا تطور فيه بل مجرد محاولات للبكاء بالجلوس في
القبر أو البعد عن أهل البيت، بالإضافة إلى الوقوع في مساحة من
الهلاوس والأحلام التي تخص أيضا شخصية المراهق.
يمكن هنا أن نتوقف بالتحليل عند أزمنة الفيلم
الثلاثة، وعلاقتها بالتطور الدرامي للشخصيات والنمو المفترض للصراع
وصولا إلى الذروة، فالفيلم يحتوي على ثلاثة أزمنة واضحة: زمن حاضر
هو زمن الشيخ، وزمن ماضي هو فلاش باك استدعائي لحياة المراهق الذي
كانه الشيخ، وزمن اعتباري وهو زمن الأحلام والهلاوس الحية التي
يراها الشيخ نتيجة كبته لشخصية المراهق في داخله ومحاولته التنصل
من ماضيه المحب للحياة وذلك تقربا إلى الله والجنة وكل منتهيات
التدين الشكلي المتزمت.
أزمة زمن الشيخ الحاضر أنه رغم مروره، إلا أنه لا
يحمل أي تطور أو نمو في الشخصية بل على العكس يبدو ثابتا في أحيان
كثيرة نتيجة التعامل معه على اعتبار أنه مجرد استدعاء للفلاش باك
أو زمن المراهق، فالشيخ يتحرك في إطار حياتي ضيق من أجل أن يعيش
مواقف يستدعي بها السيناريو فلاش باك لحياة المراهق، كذلك يسكن
الصراع في زمن الشيخ نتيجة الأحلام والهلاوس الكثيرة التي يعيشها
نتيجة الكبت النفسي والوجداني الذي يعانيه.
أما على مستوى زمن المراهق جاكسون فنحن نتابع
الكثير من النمو النفسي والصراع الاجتماعي ويصبح لدينا دوما ما
ننتظره سواء على المستوى الحياتي في علاقته بأبيه أو العاطفي في
علاقته بحبيبته المراهقة الشابة زميلته في المدرسة أو على مستوى
علاقته الوجدانية بمايكل جاسكون نفسه والذي تصبح ملابسه وحركاته
وأغانيه وطول شعره هي أفضل مكان في العالم الداخلي الخاص بالمراهق
الذي يتفتح للحياة ويريد أن يرقص ويعبر عن امتنانه للدنيا بأنه
عاشق روحي.
من هنا أصاب السيناريو خلل درامي وإيقاعي واضح لم
تتمكن الأحلام المأخوذة من كليبات مايكل جاكسون ولا الهلاوس الخاصة
بالموت والثعبان الأقرع من إنقاذ الزمن الخاص بالشيخ بل صارت حملا
عليه، حتى إنه في مقابل وضوح وقوة وتأثير أغلب شخصيات زمن المراهق
نجدنا أمام حالة من البهتان والخفة لشخصيات زمن الشيخ خاصة ابنته
وزوجته وحتى خاله الذي كان سببا أساسيا في تحوله من جاكسون إلى
شيخ.
أصبحت مشاهد زمن الشيخ بالنسبة للمتلقي مجرد محطة لانتظار مشهد زمن
المراهق، وهي مصيبة إيقاعية أن يفلت من السيناريو خط زمني كامل في
مقابل خط آخر، لأن هذا يعني باختصار أن المتلقي لم ينتظر ذروة هذا
الخط رغم أن الخط الحاضر الذي سوف تجتمع في نهاية خطوط الماضي
والأزمنة الاعتبارية الأخرى، ومن هنا تصبح ذروة الفيلم بالنسبة
للمتلقي ليست في تغير حال الشيخ وهو التغير الذي يصبح إداريا
ومتوقعا جدا، وهو أيضا تغير غير مؤثر وغير مفهوم ويبدو قفزا
بالصراع أو بالخط الدرامي كله، فالشيخ فجأة يتخلى عن الجلباب ويذهب
إلى أحد الكافيهات ليلتقي بحبيبته السابقة بل ويحاول أن يعوض معها
القبلة التي فاتته وقت مراهقتهم وكأنه بهذا يتواصل مع المراهق الذي
في داخله أو يعود ليصبح جاكسون من جديد رغم أن فشله في أن يقبلها
القبلة الأولى قبل سنوات لم يكن بسبب التدين أو التزمت بل كان خجلا
وضعف ثقة بالنفس ليس أكثر نتيجة الضغوط الكثيرة التي عانى منها منذ
وفاة أمه والتي كانت تمثل رمانة الميزان بالنسبة لشخصيته من ناحية
وبالنسبة لعلاقته بأبيه من ناحية أخرى.
يتلقى المشاهد تغير الشيخ بشكل فاتر في حين تصبح
نقطة تحول جاكسون هي الشيخ والتي تم الإرهاص بها أكثر من مرة مع
ظهورات الخال المتزمت المتقطعة هي الذروة الأهم بالنسبة للفيلم دون
أن ينتبه السيناريو لذلك، فالصراع فيما يخص زمن المراهق يتراوح ما
بين الصراع الصاعد المتدرج والصراع المرهف وكلاهما من أنواع الصراع
الدرامي الجاذب والمحمس للمتابعة في حين أن الصراع في زمن الشيخ هو
صراع ساكن كل الغرض منه في أغلب مشاهده استدعاء وتحفيز السرد
للعودة إلى زمن المراهق.
عمرو جديد..
على الرغم من التحفظ الواضح على كثير من نقاط
السيناريو إلا أن جاكسون يعتبر إعادة اكتشاف المخرج عمرو سلامة
لنفسه على مستوى التعاطي بجدية أكثر من الصورة السينمائية على
الرغم من المباشرة التي فرضها السيناريو أحيانا، إلا أنه بالمقارنة
لفيلميه السابقين "لا مؤاخذة" و"صنع في مصر" يأتي جاكسون كحالة
بصرية ناضجة ومختلفة خاصة مع محاولته استغلال فكرة السرد اللوني في
التفرقة ما بين زمن جاكسون المفعم بالحياة الملونة وقبل أن تغادر
تلك الألون الصورة لتصبح زرقاء باهتة في زمن الشيخ وهو ما يذكرنا
بفيلمه الأول "زي النهاردة" عندما اختار سردا لونيا ليميز ما بين
الأزمنة المختلفة والمتداخلة والمكررة بين الشخصيات.
يمكن أن نعتبر أن من ميزات النضج البادي على أسلوب
المخرج عمرو سلامة هو تطور قدرته على صياغة الجمل التمثيلية التي
يتحرك عبرها الممثلين في فيلمه الأخير "شيخ جاكسون"
مواقع التواصل
كذلك يبدو تعاطي عمرو مع المكان أكثر حيوية وأكثر
تماسكا من أفلامه السابقة حتى "لا مؤاخذة" نفسه الذي كان المكان
-المدرسة- يلعب فيه دورا مهما، ربما لأن المكان في "لا مؤاخذة" كان
مباشرا جدا ويصل إلى حد التلقين والشرح للمشاهد، أما في جاكسون
فالمكان يبدو جزءا من السرد دون أن يظهر زاعقا أو فجا، خاصة غرفة
جاكسون التي تصبح انعكاسا خارجيا لعالمه الداخلي، بالإضافة إلى
أماكن مثل غرفة الأب الداخلية في الجيم حيث يلتقي بعشيقاته أمام
ابنه، والمدرسة التي يلتقي فيها جاكسون بحبيبته، والملهى الليلي
الذي يشهد تحولاته من مراهق نكرة إلى مشروع نجم بين أقرانه بتقليده
ورقصه مثل مايكل جاكسون وهكذا.
مالك أم الفيشاوي؟
في هذا النوع من الأفلام يصبح مجال المقارنة مفتوحا
على مستوى الأداء والتقمص خاصة ما بين الممثلين الذين يؤدون نفس
الشخصية في مراحل عمرية مختلفة، ونعني بهم في جاكسون كل من أحمد
الفيشاوي في دور الشيخ وأحمد مالك في دور جاكسون.
يمكن أن نعتبر أن من ميزات النضج البادي على أسلوب
المخرج عمرو سلامة هو تطور قدرته على صياغة الجمل التمثيلية التي
يتحرك عبرها الممثلين في فيلمه الأخير، ويمكن ملاحظة ذلك على
مستويات كثيرة خاصة في أداء كل من الفيشاوي ومالك، على اعتبار أن
لكل منهما مساحة تشخيص معتبرة بحكم كونهم الشخصيات الرئيسة، أما
الباقي فهم ظلال تروح وتجيء، ربما فيما عدا المخضرم جدا ماجد
الكدواني في دور الأب المنحرف الذي يصبح فيما بعد أول من يتم
معاقبته بالمقاطعة كجزء من سياقات الحياة عقب تحول جاكسون إلى
الشيخ.
يمكن القول أيضا إن تأثير وحضور مالك تمثيليا في
الفيلم كان سببه الأساسي كما سبق وذكرنا مرتبط أساسا بقوة الطرح
الدرامي والتحولات والنمو الذي يميز شخصيته، بينما أضر الصراع
الساكن في الخط الخاص بالشيخ من ملامح الشخصية دراميا وبالتالي أخذ
الكثير من بريق الفيشاوي المعتاد، رغم موهبته التي تتطور من فيلم
لآخر ويكفي ما قدمه قبل عامين في فيلم المخرج محمود كامل "خارج
الخدمة" لندرك حجم الطاقة التشخيصية التي تكمن في داخل هذا الشاب
وكيف يمكن أن تنبثق عندما يتيح لها السيناريو والإخراج أن تتجلى في
صورة طاقة تمثيلية مشعة وبراقة.
ربما كان شيخ جاكسون واحدا من الأفلام التي يمكن أن
نقيس عليها مدى قدرة الدراما على دعم الممثل على مستوى التقمص
والتشخيص ومدى نفوذها أيضا على مستوى الإخراج وتحريك الممثلين وضبط
انفعالهم ووضع الخطوط أسفل أدائهم، ولا نعني بهذا مساحة الدور، فرب
مشهد واحد مثل مشهد حفار القبور في مسرحية هاملت كفيل بأن يصبح
تحديا واختبارا لأي ممثل، وهو ما يجب أن ينتبه إليه صناع الفيلم في
تجاربهم القادمة، فرغم كل التحفظات التي يمكن أن تقال على العمل
إلا أن شيخ جاكسون هو واحد من أهم الأفلام المصرية التي قُدمت حتى
الآن خلال العام الحالي، سواء اتفقنا مع طرحها المباشر أو اختلفنا
مع أسلوب صياغتها المدرسي والمعجون بالصوت العالي والصراخ رغم أن
السينما بقدرتها على توظيف موسيقى الصمت يمكن أن تحول كثيرا ما بين
الصراخ وبين آذان ونفوس الجمهور حتى لو كنا نحثهم على حب الحياة
والبكاء من أجلها. |
«فوتو
كوبي» فكرة براقة لم يخدمها الفيلم
انتصار دردير
هل يكفي أن يكون لديك فكرة براقة لكي تحقق فيلماً
جيداً؟، بالطبع لا، إذ لابد من أن تتحول الفكرة إلي مشاهد حية
وحوارات نابضة تنقب في ماضي الشخصيات لكي تفهم حاضرها وتتوقع
مستقبلها، هذا المستقبل الذي يثير بطل فيلم «فوتو كوبي» حين يباغته
سؤال في اختبار وظيفي كيف يري نفسه وظيفياً بعد خمس سنوات من الآن،
سؤال لا يرد علي بال أغلبنا فنحن لم نعتد التخطيط البعيد ولا
القريب ونمضي مثلما تحملنا الريح، هكذا هو بطلنا محمود الذي يبدو
أنه قادم من زمن يكاد ينقرض وسط تقلبات وتطورات رهيبة مثلما انقرضت
الديناصورات.
السؤال الذي باغته يثير لديه مزيداً من الأسئلة
تتوالي كالمطارق فوق رأسه عن المستقبل والغد الذي بدا متوحشاً
بعدما أحيل إلي التقاعد وحلت أجهزة الكمبيوتر محل عمله الذي يعتمد
علي جمع الموضوعات والمقالات وكتابتها علي الآلة الكاتبة ولا يملك
سوي محل صغير لتصوير المستندات.
وظائف عديدة تتلاشي بحكم التطور التكنولوجي
المتسارع، فهل سينقرض أصحابها كالديناصور الذي يفاجئ بطلنا في
شوارع العباسية التي تدور بها أحداث العمل.
رغم البداية المشوقة للفيلم وبطلنا محمود الرجل
الستيني الذي يجوب شوارع العباسية التي يحفظها عن ظهر قلب وقضي بها
حياته، وتتجول الكاميرا بحرية لتذكرنا بأفلام الراحل محمد خان عاشق
المدينة بزحامها وفوضويتها وظلمها لأبنائها، إلا أن الفيلم يفقد
إيقاعه بعد تلك المشاهد، ويهتم بالحوار علي حساب الصورة، ولا يتفنن
في لقطات فلاش باك تكشف لنا ماضي البطل، ولماذا لم يتزوج من قبل،
وهل اختار الوحدة أم فرضت عليه؟، وهل كان مشغولاً مثل بتزويج
شقيقاته فنتعاطف معه أم تعرض لتجربة فاشلة؟، لا شئ يكشف لك ذلك،
ولا حتي يفتح كاميرته ومشاهده أمام حدث مفجع للبطلة الأرملة مريضة
السرطان التي تضع ثدياً مستعاراً يسقط حينما تخلع ملابسها، فتلتقطه
في حسرة واضحة عبرت عنها شيرين رضا بروعة واتقان، يحسب لشيرين
إقدامها علي تقديم شخصية مغايرة عن كل ماقدمته، ويحسب اختيارها
للمخرج وإن بالغت في أدائها كمصابة بالسرطان، فجاء قاتماً أكثر مما
ينبغي ويدخل في دائرة الرتابة، ولا أعرف هل التقت شيرين مريضات
حقيقيات لتلمس عن قرب كيف يبدين بعد تلك الجراحات، خاصة وأن الفيلم
يبث الأمل لا الخوف والاحباط وينتصر للحياة لا الموت.
وهل هناك ماهو أفظع من بطل الفيلم البريطاني «تنفس»
الشاب الممتلئ حيوية الذي يصيبه ميكروب خطير ويخبره الأطباء بأنه
سيموت خلال ثلاثة أشهر لكنه يترك المستشفي محمولاً ويتحدي الأطباء
ويعيش سنوات بعدها، وهناك حالات مرضية أصعب تتجاوز محنتها بكثير
من الأمل والحيوية رغم المرض.
التفاصيل مهمة في أي تجربة إنسانية، وغابت بعضها عن
الفيلم مثل مشهد طرد ابن صفية الوحيد أمه من الشقة بعد أن علم
برغبة محمود في الزواج بها، المشهد يأتي سردياً علي لسان صفية وهى
تجلس علي الرصيف وتروي لمحمود جارها الواقعة رغم أهمية ذلك وقدرته
علي اكتساب تعاطف المشاهد مع البطلة التي سافر ابنها وتركها وحيدة
مريضة، ولا يجد وقتاً للرد علي اتصالها ويتبرم أنها أيقظته من
النوم.
ينتصر الفيلم للحب والحياة، ويؤكد أنه من حق
الإنسان بل ومن واجبه أن يعيش حياته في أي مرحلة، فالبطل الذي عاش
وحيداً حتي تجاوز الستين لا يتواني عن مطاردة جارته صفية لإقناعها
بالزواج.
يأتي مشهد النهاية وقد جلسا الاثنان يتناولان
الإفطار معاً في الشرفة، وقد عاد لها إاشراقها وأضفت السعادة
ابتسامة علي وجهيهما، ليؤكد الفيلم أن علينا أن نتمسك بالحب مهما
عصفت بنا الأزمات.
يعبر محمود حميدة عن شخصية البطل بسلاسة وبساطة
مدهشة، بينما جاءت شخصية صاحب العمارة التي أداها بيومي فؤاد
تقليدية بأداء يناسبها، ويحقق الموهوب الصغير أحمد داش حضوراً
لافتاً يضفي حيوية علي أحداث الفيلم الذي يخوض به مؤلفه هيثم دبور
تجربته الأولي وكذلك المخرج تامر عزت، ولأن التجربة الأولي لها
تداعياتها فلابد وأن نشجعها، ومن منطلق ذلك حصد الفيلم جائزة أفضل
فيلم عربي طويل في مهرجان الجونة السينمائي، والذي كان ينافسه
عليها الفيلم المغربي «وليلي» الذي حصلت بطلته ناديا كوندا علي
جائزة أفضل ممثلة في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة.
من بين عناصر الفيلم الفنية المتميزة موسيقاه
التصويرية التي صاغتها ليال وطفة ببراعة تناسب هذه الشحنة
الإنفعالية التي حملتها أحداثه.
####
«الجونة
السينمائي» يكرم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر
الجونة ـ «سينماتوغراف»
كرّمت إدارة الدورة الأولى من مهرجان الجونة
السينمائي المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر
لاستخدامها السينما والأفلام الوثائقية، بتركيز خاص على منطقة
البحر المتوسط وحركات الهجرة المختلطة، واعتمادها أساليب وحلول
مبتكرة في الأفلام لتوصيل رسائل حول اللاجئين. وأقيم حفل التكريم
يوم الخميس الماضي 28 سبتمبر 2017 في فندق “لا ميزون بلو” في منتجع
الجونة على البحر الأحمر، برعاية الاتحاد الدولي للمواهب
السينمائية الناشئة، وهو مؤسسة غير حكومية وغير ربحية تتخذ من
موناكو مقراً لها وتشارك مع المفوضية السامية في مهرجان الجونة
السينمائي.
وأقيم مهرجان الجونة السينمائي في دورته الأولى في
سبتمبر 2017 في منتجع الجونة المصري الخلاب على البحر الأحمر في
الفترة من يوم الجمعة 22 حتى الجمعة 29 سبتمبر. وأثبت المهرجان
خلال دورته الأولى، أنه سيصبح حدثاً سنوياً سيشارك فيه محترفو
صناعة الأفلام وعشاقها من مصر والدول العربية ومن جميع أنحاء
العالم أيضاً. ويهدف المهرجان إلى تسليط الضوء على دور السينما في
تشجيع التفاعل بين الحضارات وزيادة الوعي بالأصوات السينمائية
المختلفة من خلال تشجيع الحوار وبناء جسور الفكر الإبداعي. كما
يهدف إلى خلق فرص لتطوير ودعم جميع الأشكال العصرية للتعبير
الإبداعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خاصة بين الأجيال
الشابة من العالم العربي ونظرائهم في العالم.
وعلى مدى أكثر من نصف قرن، ساعدت المفوضية السامية
للأمم المتحدة الملايين من الناس على إعادة بناء حياتهم، ومن ضمنهم
اللاجئون والعائدون والمحرومون من الجنسية والنازحون وطالبو
اللجوء. وكان لعملها في تأمين الحماية والمأوى والصحة والتعليم دور
حاسم في مساعدة الكثيرين على بدء صفحة جديدة في حياتهم، ونسيان ما
خسروه من أجل بناء مستقبل أكثر إشراقًا. ويتمثل الهدف الأساسي
للمفوضية في حماية حقوق ورفاه الأشخاص الذين أُجبروا على الفرار من
ديارهم. كما تعمل جنباً إلى جنب مع الشركاء والمجتمعات المحلية
لضمان أن يحظى كل شخص بالحق في اللجوء والعثور على ملجأ آمن في بلد
آخر. كما تبذل المفوضية كل ما في وسعها لإيجاد حلول دائمة للأشخاص
الذين تُعنى بهم.
أما الاتحاد الدولي للمواهب السينمائية الناشئة فهو
مؤسسة غير حكومية غير ربحية تتخذ من موناكو مقراً لها، وتهدف إلى
اكتشاف المواهب السينمائية الناشئة من مختلف أنحاء العالم ودعمها،
وتشجيع الحوار بين صناع الأفلام، وتعزيز التنوع الثقافي والوعي
العالمي ونشر فن السينما. ويركز “تعبير الأفلام العالمي” التابع
للاتحاد على المناطق النامية في العالم، ويوفر الفرص والتعليم
للأشخاص غير القادرين على الحصول على الموارد اللازمة للتعبير
بصورة سينمائية. ويصادف عام 2017 ذكرى مرور 11عاماً على إطلاق
مبادرات الاتحاد.
####
ساويرس يشتري حقوق أفلام «مهرجان الجونة» ويعرضها
في القاهرة قريباً
الجونة ـ «سينماتوغراف»: انتصار دردير
اشترى نجيب ساويرس المؤسس لـ «الجونة السينمائي» كل
حقوق الأفلام الأجنبية التي عرضت خلال فعاليات الدورة الأولى
للمهرجان، ووقع بروتوكولاً مشتركاً مع سينما زاوية بالقاهرة،
تمهيداً لعرض هذه الأعمال في العاصمة المصرية، لينقل للجمهور بها
كل ماتم عرضه وانتقاءه من أفلام عبر مهرجانات دولية، في إطار إحداث
حرك ثقافي سينمائي يجذب الجمهور لفعاليات المهرجان المقبلة. |
المخرج العراقى "مجد حميد".. آن الأوان للعراقيين
أن يحكوا حكايتهم
ناهد نصر
مجد حميد، مخرج عراقى درس السينما بجامعة بغداد
وتخرج فيها عام 2004 قبل أن يتجه إلى البرامج الوثائقية فى القنوات
التليفزيونية العربية كمخرج ومونتير بفعل الظروف غير المستقرة فى
بلاده، ثم عاد لبغداد بعد سنوات ليعاود الارتباط بالمشهد السينمائى
والمسرحى فى بلاده آملًا فى أن تتحسن الأوضاع وأن تنظر الدولة بعين
الاعتبار لدعم الإنتاج السينمائى ليحقق حلمه فى صنع فيلمه الأول،
لكن الأوضاع لم تأت بما يشتهيه العشرات من صناع السينما من الشباب
الموهوب والمحترف فى العراق فقرروا وبينهم مجد حميد أن يحفروا
طريقهم الخاص الذى بدأه زملاؤهم منذ العام 2003 وأن يصنعوا أفلامهم
لأنها وسيلتهم الوحيدة لحكى حكاية العراق من وجهة نظر العراقيين
أصحاب الحكاية، يشارك فيلم مجد "مصور بغداد" فى مسابقة الأفلام
القصيرة لمهرجان الجونة السينمائى فى دورته الأولى.
·
فيلمك الأول بعد 14 عامًا من تخرجك فى جامعة بغداد
بشهادة مخرج سينمائي، لماذا طال الانتظار؟
** بعد تخرجى عملت لفترة فى عدة قنوات فضائية فى
دول عربية وفى العراق وكان عملى الأساسى فى إخراج ومونتاج البرامج
الوثائقية، واتجهت لفترة أيضًا للتمثيل بالسينما والتليفزيون وهو
ما أخر فيلمى الأول خاصة مع ظروف الحرب، قبل ثلاثة سنوات توقف
الإنتاج التليفزيونى فى العراق وكنت حينها ممثل فى دائرة السينما
والمسرح العراقية وكذلك التليفزيون العراقي، خصصت الدولة كل
الأموال للحرب ولم يعد هناك إنتاج للسينما أو التلفزيون أو المسرح
وهو ما شكل لحظة تأمل بالنسبة لنا كشباب يعمل فى مجال السينما
والمسرح، وأظن أن لحظة التأمل تلك فتحت أمامنا آفاقا للتفكير فيما
يمكننا عمله لمواصلة طريقنا فى ظل غياب أى نوع من أنواع الدعم،
فالأوضاع غير المستقرة فى العراق أدت منذ سنوات طويلة لتوقف القطاع
الخاص عند دعم المسرح والسينما، فى الوقت الذى لا ترى الدولة فيه
أن دعم الفنون ضمن أولوياتها، وقد انقطع الأمل عن أن تتجه الدولة
اتجاها داعما فى المدى المنظور، نحن مجموعة قليلة من صناع الأفلام
العراقيين تواصل جهود بدأت منذ سنوات لشباب عراقى قرر خوض غمار
تجربة الإنتاج المستقل من خلال الاعتماد على تعاون بعضنا البعض،
بعضنا يضطر لبيع متعلقاته الشخصية لصنع فيلم، بالإضافة إلى الاتجاه
للمهرجانات التى يمكن أن تدعم مشروعاتنا السينمائية والمسرحية.
·
ما ملامح صناعة السينما فى العراق فى الوقت الحالي؟
** السينما بالعراق تحتاج إلى تدخل الدولة لأن
صناعة السينما تحتاج إلى قواعد رئيسية غير متوافرة حاليًا ولا
يمكنها أن تتوافر إلا عن طريق الدولة وليس الحكومات، على سبيل
المثال لم تسع الدولة العراقية إلى تجديد دور السينما التى احترقت
بفعل الحرب وتحولت إلى مخازن، ولا يوجد فى العراق فى الوقت الحالى
سوى عدد محدود من دور العرض داخل المولات التجارية القليلة، لكنها
تعرض أفلامًا أجنبية وعربية لأنه لا وجود لإنتاج سينمائى عراقى على
نطاق القطاع الخاص ولا من خلال الدولة، ولا يمكن فى الحقيقة
لمجموعة من الشباب أن ينهضوا بصناعة السينما دون وجود إنتاج، لكن
ما نحاول فعله هو أن نحافظ على استمرارية فن السينما فى العراق،
لأنه السبيل الوحيد نحو أن يحكى العراقيون حكاياتهم بأنفسهم لا أن
يحكيها الآخرون، وبعد أن غاب دعم الفن من خارطة سياسات الدولة فما
نقوم به هو الأمل الوحيد حتى إشعار آخر.
·
أين يشاهد العراقيون أفلامكم؟
** لا يشاهد العراقيون الأفلام العراقية إلا من
خلال مجموعة من المهرجانات التى ينظمها أفراد من عشاق السينما
والداعمين للفن فى العراق، أوفى مناسبات محدودة فى بعض المقاهى
الخاصة، لكن لا يوجد على نطاق مؤسسات الدولة أو من خلال القطاع
الخاص أيضًا منصات لعرض الأفلام بشكل منظم. لكن على الجانب الآخر
فإن التطور التكنولوجى فى مجال صناعة السينما يسر عملية الإنتاج من
جهة التصوير أو المونتاج وما إلى ذلك، أى أن الأداة صارت متوافرة
وكذلك الكفاءات التى تساهم فى صنع الأفلام بشكل تطوعى من خلال بعض
المنصات المستقلة مثل المركز العراقى للفيلم المستقل، وهناك
مبادرات كثيرة لصنع أفلام بشكل تكافلى وتعاوني، وهى محاولات مميزة
لكنها لايمكن أن تكون بديلًا عن دور الدولة، إذا أردنا أن نصنع
فيلمًا جيدًا هنا كحاجة ماسة لأن تضخ أموال جيدة أيضًا.
·
وما وزن السينما المستقلة فى المشهد العراقي؟
** أول فيلم عراقى يمكن وصفه بالمستقل أنتج فى 2003
وهو فيلم "غير صالح" للمخرج عدى رشيد، ومدير التصوير زياد تركي،
قصة الفيلم تدور حول مغامرة واقعية لمجموعة من الشباب لصنع فيلم
باستخدام مواد خام غير صالحة تمكن أصحابها من تحميضها من خلال دعم
شركة ألمانية واكتشفوا أنهم نجحوا بالفعل فى تصوير فيلم صار هو
الأول على طريق السينما العراقية المستقلة بعد الحرب، فتح هذا
الفيلم الباب واسعًا أمام مبادرات سينمائية شابة تتوالى حتى الآن،
تلاهم المخرج محمد الدراجى بفيلمه "أحلام" وتواصلت المسيرة فى موجة
أخرى من صناع الأفلام وهى الموجة التى أنتمى إليها، وفى الوقت
الحالى نادرًا ما يشارك فيلم عراقى فى مهرجان دولى أو فى المنطقة
العربية دون أن يحصل على جائزة، وهو ما يعنى أنه لا تنقصنا الكفاءة
ولا الحكاية الإنسانية وإنما ينقصنا التوجه الداعم للصناعة الذى
نفتقده.
·
لماذا اخترت فكرة مصور بغداد لتكون فيلمك الأول؟
** قصة الفيلم تساورنى منذ سنوات طوال، ولدنا فى
فترة الحرب وكان والدى معتادًا على اصطحابنا جميعًا كأسرة إلى
استوديو التصوير فى كل مرة يتم استدعاؤه للمشاركة فى الحرب لأنه
كان يخشى ألا يعود مرة أخرى، صحيح أن والدى عاد لكن هذه الفكرة ظلت
ملتصقة بذهني، كيف يتوجه مجموعة من الأشخاص أنا وأمى وأخوتى وأبى
الذين تربطنا علاقة دم وحياة يومية بكامل إرادتنا لالتقاط صورة ليس
احتفاء ببهجة الحياة وإنما لتثبيت الذكرى الأخيرة فى مواجهة الموت،
لعله لا يعود هذه الصورة على ما تحتويه من مرارة وجسارة أيضًا لخصت
فى ذاكرتى دائمًا طبيعة الحياة فى العراق، واليوم بعد سنوات طوال
من رحلاتنا العائلية إلى استوديو التصوير أجد أن هناك الكثير من
الشباب العراقى يقومون بالتقاط صور لأنفسهم ويطلبون من أشخاص
مقربين لهم أن يستخدمونها فى الإعلان عن موتهم إذا لم يعودوا من
المعركة، وكأن الموت صار هو الحقيقية الحتمية فى حياة العراقيين
اليومية، وهو ما أردت الإشارة له من خلال فيلمي، أن انتبهوا أيها
العراقيون إلى أين نسير إذا ما تواصل سلسال الدم العراقي، وأن
انتبه أيها العالم إلى ما يجرى فى هذه البقعة من العالم، فكرة
"مصور بغداد" كانت تلح على منذ البداية وكان هدفى أن أفرغ منها، أى
أن أصنع فيلمًا عن الحرب شعرت بضرورة أن أخرجها من داخلى حتى اتفرغ
لغيرها، فواقعنا مليء بالحكايات الإنسانية التى تحتاج إلى عشرات
الأفلام.
·
كيف لخصت ثلاثة عقود من الحروب فى دقيقتين؟
** الفيلم هو عبارة عن خلاصة خبرتى فى مجال
المونتاج والإخراج والتمثيل خلال السنوات الماضية منذ تخرجى
بالإضافة إلى الكثير من القراءات والمشاهدات، وهو أيضًا تكثيف لـ35
عامًا من الحروب فى دقيقتين و17 ثانية دون أى نقطة دم أو طلقة
رصاص، أنا أزعم أن المونتير الجيد يمكن أن يصنع مخرجًا جيدًا، وعلى
الرغم من تأخرى فى صنع فيلمى الأول فإن عملى فى مجال المونتاج كان
له تأثير كبير على رؤيتى لكيف يمكن أن تقول الكثير فى مشاهد قليلة،
أيضًا فى فيلم عن الموت تصبح جميع التفاصيل بلا معنى وهذه الفكرة
هى العامل الأساسى فى أن يظهر الفيلم بالصورة التى ظهر عليها.
·
هناك أيضًا جهد كبير فى إدارة الممثلين الذين
استطاعوا توصيل المعنى العميق للفيلم بالنظرات؟
** جميع الممثلين فى الفيلم فيما عدا الطفل أمير هم
ممثلون محترفون من زملائى فى فريق المسرح، لكننا أيضًا قضينا فترة
لا بأس بها فى البروفات قبل التصوير ولكونى ممثلًا فقد كان من
السهل أن تصل فكرة الفيلم من خلالى إلى زملائى وهم من الممثلين
المحترفين بالأساس، استغرق التصوير أسبوعًا واحدًا لكننى قضيت
وقتًا طويلًا فى كتابة الفيلم حيث كنت أتركه وأعود له مرات على
فترات متقطعة، ولعب نقص الموارد دورا فى تأخر اتخاذ قرار التصوير.
·
كيف أنتجت الفيلم؟
** إنتاج الفيلم كان مصادفة بحتة، وهو عبارة عن
تبرع شخصى من صديق لى ولوالدى هو الدكتور مناضل داوود وهو مسرحى
حاصل على شهادة الدكتوراه فى المسرح من سان بترسبرج، عندما حكيت له
فكرة الفيلم قرر التبرع براتبه لتمويله، تكلف الفيلم نحو2000 دولار
أنفقت فى تصميم الديكور وبعض النثريات لأن فريق عمل الفيلم لم
يتقاض أجرًا، وهكذا هو الحال بالنسبة لزملائى من صناع الأفلام فى
العراق حاليًا.
·
هل هذه هى المشاركة الأولى فى مهرجان؟
** شارك الفيلم فى مهرجان الثلاث دقائق ببغداد وهو
مهرجان خاص وحصل على الجائزة الأولى وكانت سعادتى غامرة عندما طالب
الجمهور بإعادة الفيلم مرتين بسبب تأثرهم به، وهو ما حملنى مسئولية
كبيرة لما ينبغى أن تكون عليه أفلامى القادمة، هناك ثلاثة أفكار
إحداها مكتملة لفيلم قصير، لكن من المبكر الحديث عن مشروعى القادم
بعد الانتهاء من فيلم آمل أن يجد طريقه نحو المزيد من المهرجانات،
فعندما يحقق الفيلم تأثيرا أوسع من المؤكد والمأمول أيضًا أن يكون
إنتاج الفيلم القادم أيسر من سابقه.
·
إلى أى نوع من الأفلام تميل كمخرج ؟
** عندما كنت فى الكلية كانت السينما الواقعية
الإيطالية دائمًا مصدر إلهام بالنسبة لي، فإيطاليا تشبه العراق فى
أن البلدين خرجا من حرب، بالتأكيد بالنسبة لمخرج فى مقتبل طريقه
السينمائى من المهم أن يجرب الكثير من الأنماط وأساليب السرد ،
لكننى بشكل عام أميل إلى السينما الواقعية، وحكى الحكايات
الإنسانية وعلى الأخص حكاياتنا العراقية.
·
ما الذى يمثله لك المشاركة فى مهرجان الجونة
السينمائى فى دورته الأولى؟
** المشاركة فى مهرجان مصر بلد السينما فى العالم
العربى فرصة كبيرة والتفاعل مع جمهور ونقاد من مصر أمر بالغ
الأهمية، خاصة وأنا أشارك فى مهرجان فى دورته الأولى، وعادة ما
يشعر المرأ بفخر خاص كونه يشارك فى بدايات تأسيس مهرجان، أن أشارك
بفيلمى الأول فى دورة أولى لمهرجان هو أمر مغرى يخلد فى التاريخ،
خاصة أن القائمين على المهرجان مجموعة من عشاق السينما المغامرين
مثلى ومثل زملائى من صناع السينما فى العراق، هذا المهرجان مميز من
ناحية الحضور والاحتفاء بالمشاركين وأشعر ببهجة خاصة فى اختيار
فيلمى فى مثل هذا المهرجان بكل ما يحتويه برنامجه من أفلام وضيوف.
|
كشف حساب «الجونة» في طبعته الأولى
أموال الأخوين «ساويرس» ليست هي تميمة النجاح
القاهرة: طارق الشناوي
نعم استطاع مهرجان الجونة السينمائي أن يحقق النجاح
في نسخته الأولى، بينما كان هناك من يراهن على أن الفشل لا محالة
يترقب المهرجان الوليد، متحججاً بأن الأموال لا تحقق وحدها أي
إنجاز، وهذا حقيقي، الفلوس ليست هي الطريق المضمون، ولكن كيفية
إنفاقها لتحقيق الهدف هو أول الطريق.
هناك إرادة وعقلية تنظيمية أمسكت المنظومة برمتها،
وعلى أرض الواقع شاهدنا حقاً مهرجاناً به أفلام وندوات ومحاضرات
وجمهور، وليس فقط الضيوف، ولكن لاحظت أن هناك من يقطع التذكرة بين
الجمهور العادي ولديه شغف وعنده أسئلة، وذلك من خلال خمس قاعات
شهدت فعاليات المهرجان، نعم العدد لا يقارن بالمهرجانات الكبرى،
ولكن فقط عليك أن تعرف أنه قبل بضعة أشهر كانت هناك قاعة عرض واحدة
فقط لا غير في الجونة، وأتصور أن هناك خطة لمضاعفة العدد، خاصة مع
ترقب عودة السياحة إلى معدلها الطبيعي خلال العام المقبل، وبهذا
يُصبح إنشاء دار عرض هدفاً له أيضاً بعده الاقتصادي، لأن دور العرض
لا تنشأ من أجل المهرجانات فقط.
«أنا هنا في الجنة»، هكذا استمعنا إلى أكثر من ضيف
بمهرجان الجونة في طبعته الأولى، وهو يشيد بالمهرجان والمدينة
الساحرة بهذا الوصف، ولا أتصورها تدخل في نطاق المجاملة، فهي حقا
تملك الكثير من السحر.
الجونة بالمناسبة ليست مدينة بالمعني العلمي
الجغرافي مثل «كان»، أو «فينسيا» ولكنها أقرب إلى منتجع داخل مدينة
الغردقة، أنشأه المهندس سميح ساويرس، قبل نحو 20 عاما، كان يراهن
على المستقبل القريب، وتعددت فنادقها وأسواقها، وكانت بالفعل هي
المقصد الرئيسي لكثير من السياح خاصة القادمين من ألمانيا، ومثل كل
الأماكن السياحية في مصر بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011
تراجعت اقتصاديا بسبب تضاؤل إقبال السياح، إلا أنها رغم كل شيء
كانت تقاوم من أجل البقاء.
استطاع المهرجان أن يقفز الحدود ليحمل اسمها إلى
بلاد الدنيا كلها، ومن المؤكد هناك انطباعا إيجابيا حققه المهرجان
لدي ضيوفه القادمين من كل أنحاء المعمورة، وسوف يلعب دوره في تهيئة
المناخ للعودة مجددا إلى البؤرة، وهى مكانة تستحقها الغردقة وكل
المحافظات السياحية المصرية التي عانت كثيرا في السنوات الأخيرة،
مثل «الأقصر»، و«أسوان»، و«شرم الشيخ» وغيرها.
مساء الجمعة انتهت الرحلة الممتعة مع الفن السابع
بكل أطيافه، إلا أن السؤال هو... هل انتهى المهرجان بلحظة إعلان
النتيجة النهائية، وهي كالعادة تتباين فيها الآراء؟ الحقيقة أن
المهرجان أي مهرجان، لا يمكن اعتبار أن لحظة النهاية هي فقط عند
مغادرة الموقع، والعودة للوطن، هناك لحظات مراجعة لما تم تقديمه
فعلا، وهو ما ستفعله إدارة المهرجان قريبا، وربما لا يعلم الكثيرون
أن المهرجان وضع في خطته أن كل يوم في الصباح الباكر يجتمع الفريق
كله، ويبدأ الجميع في مراجعة ما تم، وهم لديهم الشجاعة لمواجهة أي
خطأ وتلافيه.
قبل أن أكمل... دعونا أولا نتوقف أمام أهم نتائج
لجنة التحكيم التي انتهت إليها للجان الثلاثة، الأولى الروائي
الطويل، والثانية الوثائقي الطويل، والثالثة القصير بشقيه الروائي
والتسجيلي.
الفيلم الروائي الفائز بالجائزة الذهبية لأفضل فيلم روائي طويل «أم
مخيفة» وهي جائزة نجمة الجونة و50 ألف دولار، والجائزة الفضية 25
ألف دولار لفيلم «القضية 23»، المثير للجدل ولقد حرص مخرجه
اللبناني زياد الدويري، على التأكيد بأنه لن يثنيه شيء عن مواصلة
الجدل، والجائزة البرونزية «أرثيما»، وقدرها 15 ألف دولار، بينما
الفيلم المصري «فوتوكوبي» أول إخراج لتامر عاشور، حصل على جائزة
أفضل فيلم عربي، وقدرها 20 ألف دولار، وأفضل ممثل بطل فيلم «زاما»
دانيال جيمينيز كاتشو، بينما أفضل ممثلة نادية كوندا بطلة فيلم
«وليلي» لفوزي بن سعيدي، المخرج المغربي.
وطبعا سنلاحظ أن جائزة أفضل فيلم عربي تُثير الجدل،
فإذا كان «فوتوكوبي» أفضل فيلم عربي، كما أشارت لجنة التحكيم، وحيث
إن فيلم «القضية 23» عربي أيضا، وحصل على الفضية وقدرها 25 ألف
دولار، معني ذلك أن «فوتوكوبي» أفضل من «القضية 23»، في تقدير
اللجنة، فكيف يستقيم الأمر، ويحصل الفيلم الأفضل على جائزة أقل
ماديا، بـ5 آلاف دولار أميركي، كما أن المنطق يُفضي أن هناك
ازدواجية في المعايير، تم تطبيقها في المهرجان، والمفروض حتى لا
يحدث ذلك، هو أن تصبح لدى المهرجان لجنة مستقلة للفيلم العربي فقط،
في كل المجالات الثلاثة وأعني بها الروائي الطويل والتسجيلي الطويل
وأيضاً القصير بشقيه تسجيلي وروائي، وفي هذه الحالة لا تناقض،
لأننا بصدد لجنة تحكيم أخرى، وكل لجنة تتحمل فقط النتائج، فإذا
اختارت لجنة تحكيم الفيلم العربي فيلما يحظى بلقب الأفضل، وخرج بلا
جائزة من المسابقة العامة التي منحت فيلما عربيا آخر الجائزة، فلا
تناقض في هذه الحالة لأننا بصدد لجنة أخرى.
أتمنى أن يدرس القائمون على المهرجان هذا الاقتراح،
والذي يصب لصالح لجان التحكيم كلها، من الممكن في العام المقبل أن
تستقل لجنة تحكيم أخرى بقرارها بعيدا عن تلك اللجان العامة، ومن
الممكن أن تزداد أيضاً مساحة السينما العربية.
ونُكمل قائمة الجوائز، لدينا أيضا جائزة الفيلم
الوثائقي الطويل، حصل على الذهبية «لست عبداً لك» وقدرها 30 ألف
دولار، وفيلم «بارود ومجد»، الجائزة الفضية 15 ألف دولار، وفيلم
«لدي صورة»، أفضل فيلم عربي، وقدرها 10 دولارات، وحصل فيلم «سفرة»
على جائزة خاصة، وأيضاً جائزة الجمهور الأولي لبعده الإنساني،
والتي تتوافق مع شعار المهرجان، «سينما من أجل الإنسانية»، بينما
في مسابقة الفيلم القصير كانت الجائزة لفيلم «عنب الذنب»، والجائزة
قدرها 15 ألف دولار، والفضية «لا لا بالالاي لاي» وقدرها 7 آلاف
دولار، و500 دولار، وأفضل فيلم عربي «القفشة» 5 آلاف دولار.
نعم كانت رحلة المهرجان شاقة، وهو مثل كل التجارب
السابقة، عاش في لحظات زمنية متباينة، كان الحرص على النجاح هو
الطريق، ومن أفضل الأفكار التي طُبقت في المهرجان، المحاضرات
السينمائية والتي كانت آخرها ما قدمه المخرج العالمي «أوليفر
ستون»، والذي شارك بعدها في الحفل الختامي، كما أن لقاء الفنان
العالمي فوريست ويتكر منح الجلسة مذاقاً آخر في ضرورة أن يضع
السينمائي أمامه هدفا عالميا، وهو ما يطبقه ويتكرر مع دولة جنوب
السودان.
وكان من المحاضرات المهمة أيضاً، ما قدمه كل من
محمود حميدة، والمخرج أسامة فوزي، حيث جمع بينهما ثلاثة أفلام «بحب
السيما»، و«عفاريت الأسفلت»، و«جنة الشياطين»، فكان لا بد من إلقاء
الضوء عليها.
هل من الممكن أن نختصر حالة مهرجان الجونة إلى مجرد
أموال ترصد من الشقيقين ساويرس (نجيب وسميح)، ولهذا تُفتح أمامهما
كل الأبواب المغلقة؟ إنها الصورة الذهنية التي رسختها السينما، عن
رجل الأعمال الذي ينفق ببذخ لتحقيق أهدافه، بينما الحقيقة تؤكد أن
لا شيء يرصد دون خطة ومردود، تسبقها دراسة جدوى، إنها في جانب كبير
منها تظلم الحقيقة، لم يُنكر الشقيقان أبدا الجانب التسويقي
السياحي للمهرجان في بعده العام، فهو بالطبع يسعى لذلك، والمبلغ
المرصود للمهرجان، هو كما ذكر سميح ساويرس الذي يشكل مع شقيقه نجيب
الضلع العميق الاستراتيجي للمهرجان، حيث أكد في حوار صحافي أن
الميزانية نحو 50 مليون جنيه (3 ملايين دولار)، وتوجد قطعا
مهرجانات عربية وخليجية تجاوزت هذا الرقم، ولكنه مصريا يعتبر هو
الأضخم، خاصة وأن مهرجان القاهرة السينمائي، بعد كل المساعدات التي
يحصل عليها لا يتجاوز 10 ملايين جنيه، وهو ما يزيد قليلا عن نصف
مليون دولار.
لا يعلم الكثيرون أن نجيب ساويرس كان في أكثر من
دورة داعما رئيسيا لمهرجان القاهرة السينمائي، وحرص على تحقيق ذلك،
ولكنه لم يواصل الدعم في كل الدورات وذلك لخلاف يحدث بين الحين
والآخر مع القائمين على المهرجان، إلا أنه هذه المرة أكد لرئيسة
مهرجان القاهرة ماجدة واصف أنه على استعداد لتقديم دعم مادي
لمهرجان القاهرة.
وهو بهذا القرار يضع نهاية لسؤال عقيم يردده البعض،
وهو هل مهرجان الجونة سيصبح بديلا لمهرجان القاهرة، خاصة وأن
الجونة يتوجه جغرافيا مثل القاهرة للعالم كله؟ وهو بهذا يلعب في
مساحة تتوافق مع القاهرة، إلا أن هذا لا يعني أن يكون بديلا له،
ولكنه فقط يقف بجواره والاثنان يحملان اسم مصر للعالم.
«الجونة» في نسخته الأولى نجح في لفت انتباه العالم
بجدارته بالوجود على الخريطة، وهو يحمل قوة دفع تدفعه خطوات للأمام
في الدورة المقبلة، لا شك أن المدير الفني انتشال التميمي لعب دورا
جوهريا في رسم ملامحه، فإذا كانت الفنانة بشرى هي صاحبة البذرة
الأولى في إقامته، فإن انتشال لعب دورا محوريا في انتقاء الأفلام
والتظاهرات الموازية، وليس الأمر مرتبطا بصفقات تدفع ولكن انتقاء
الأفلام، وحرصه على البعدين العالمي والعربي، في اختيار ضيوفه، كما
أن نجيب ساويرس مؤسس المهرجان لم يلتفت أبدا إلى تلك الأقاويل
المتعلقة بأنه عراقي الجنسية، فمن قال إن مدير المهرجان يجب أن
يكون بالضرورة مصريا، ولا حتى عربيا، ولكن هو صاحب خبرة في
المهرجانات تربو على ربع قرن من الزمان.
المهرجان سوف يستمر في نفس التوقيت العام المقبل،
النصف الثاني من سبتمبر (أيلول) 2018، وأظن أن فريق العمل بدأ منذ
تلك اللحظة في الإعداد للدورة الثانية. |
محمد سلطان محمود يكتب:
مهرجان الجونة السنيمائي.. اللي فات واللي جاي
(1)
لا أعتقد أن أي من محبي السينما قد يختلف معي في أن
مهرجان الجونة السنيمائي هو أفضل حدث فني خلال عام 2017، فطوال
سنوات كان هناك حلم لدى الكثير أن يكون لدى مصر مهرجان سنيمائي قوي
يعيد إليها بريق تفتقده منذ فترة طويلة.
وهو ما تحقق في الدورة الأولى من مهرجان الجونة
السنيمائي، أسبوع من الأفلام متميزة المستوى في مدينة ساحرة على
شواطيء البحر الأحمر.
نرشح لك
: هنا
مهرجان الجونة السينمائي
(2)
المهرجان جاء ليثبت أن الحصول على مهرجان له قيمة
ومصداقية وقدرة على جذب صناع الأعمال المتميزة ؛ هو أمر يحتاج إلى
تمويل جيد وإدارة محترفة تستطيع وضع خطة لصناعة المهرجان بكل ما
يتطلبه من تنظيم أمور لوجيستيه وتقنية وإعلامية، وهو ما نأمل أن
يكون إعلان عن بداية حقبة جديدة في إسلوب صناعة المهرجانات
السنيمائية في مصر.
(3)
مهرجان الجونة السنيمائي استفاد من العديد من
المنصات الإعلامية في تغطية أحداثه، وهو ما وضع المشاهد في قلب
الحدث، كنت أشعر طوال فترة المهرجان أنني متواجد في الجونة وسط
الحاضرين، سواء شاهدت التليفزيون أو تصفحت هاتفي، كنت أجد في كل
الشاشات المتاحة أمامي المواد الإعلامية الخاصة بالمهرجان؛ البث
التليفزيوني على قناة
ON E،
التغطية اليومية عبر تويتر وبيريسكوب، المحتوى الذي كان ضيوف
المهرجان من فنانين ونقاد يقوموا بنشره طوال اليوم عبر حساباتهم
الشخصية على مواقع التواصل الإجتماعي. كل ذلك ساهم في نقل الصورة
من قلب المهرجان بشكل متميز وغير مسبوق.
(4)
منذ اللحظة الأولى للمهرجان وحتى نهايته وهناك حالة
من البهجة والمرح ترتبط بالمهرجان، تم تتويجها في حفل الختام
بأغنية ” 3 دقات” للمطرب أبو بمشاركة يسرا، وهي أغنية مليئة بمشاعر
الفرح، صاحبها صعود العديد من الفنانين إلى المسرح للرقص مع
الأغنية في رد فعل تلقائي لحالة السعادة التي سيطرت على مهرجان
الجونة السنيمائي.
(5)
نجاح الدورة الأولى من المهرجان يرفع سقف توقعات
محبي السينما لدورته الثانية، وبالتأكيد يرفع سقف طموح المنظمين
الذين أعتقد أنهم لن يتوقفوا منذ الأن وحتى بداية الدورة الثانية
في البحث عن الأفكار والطرق التي يقوموا بها بتطوير مشروع المهرجان
ونقله إلى مرحلة أخرى من الإبهار مع الإحتفاظ بطابعه المرح المرتبط
بالمكان.
وفيما يلي ما يمكن لمنظمي المهرجان فعله لتفادي بعض
عيوب الدورة الأولى
(1)
ضيوف المهرجان الذين فاجئهم طقس الجونة والرياح
التي هبت في حفل الافتتاح؛ بالتأكيد لم يتابعوا مباريات فريق
الجونة على ملعبه في المواسم السابقة من الدوري الممتاز، ذلك
الملعب الذي إشتهر بصعوبة اللعب على أرضه بسبب قوة الرياح التي
تؤثر على إتجاهات الكرة بعد تسديدها.
الجونة بها رياح قوية بالرغم من الطقس المشمس، وهو
ما يتطلب من المنظمين محاولة التحايل على تلك العقبة في الدورة
القادمة.
(2)
استطاع أحمد الفيشاوي أن يخطف الأضواء بدون قصد
خلال حفل افتتاح المهرجان بسبب ذلة لسان قد يقع فيها أي شخص بسبب
الإرتجال على المسرح.
الفيشاوي مخطيء في اختياره للفظ وقام بالإعتذار
لاحقًا، لكن ذلك لا يمنع أن تخوفه جاء في محله؛ بعد توقف عرض فيلم
الافتتاح “شيخ جاكسون” لعشر دقائق بسبب عدم القدرة على عرضه بطريقة
صحيحة على الشاشة التي انتقدها الفيشاوي.
شاشات عرض أفضل تقنيًا، هي أمر أخر يمكن لمنظمي
المهرجان توفيره في دورته القادمة.
(3)
الفقرة الساخرة التي قدمها أحمد فهمي في حفل
الافتتاح عابها عدم قدرة فهمي على السيطرة على نفسه والتوقف عن
الضحك أثناء محاولته إضحاك الحضور، كما لو كان يرتجل على الهواء
التعليقات التي يقولها.
كان من الممكن أن تظهر فقرة فهمي بشكل أفضل لو تم
التحضير لها جيدًا وتحسين كتابتها مع إجراء العديد من البروفات،
لأن الشخص الوحيد الذي لا يفترض به الضحك كان يقوم بالضحك قبل
الجميع.
(4)
التغطية على السجادة الحمراء من مذيعي قناة
ON E
كانت متميزة في حفلي الافتتاح والختام، لكن الاسئلة
عن الفساتين والمصممين جاءت في بعض اللقاءات مكررة ومملة، كما أن
عدد المذيعين كان أحيانًا أكبر من المطلوب للحدث، فما الداعي أن
يقوم مذيعان بمحاورة ضيفة واحدة في حوار لن يستغرق أكثر من ثلاث
دقائق؟
(5)
كان يجب على قناة
ON E
توفير قناة صوتية إضافية أثناء بث حفل ختام المهرجان؛ بدون صوت
المترجم الفوري. كان ذلك سيوفر متعة أفضل للمشاهدين، خاصة أن لحظات
الفوز بالجوائز دائمًا ما تكون مليئة بالمشاعر المختلفة والتعليقات
المرحة، لكن إسلوب الترجمة الفورية كان أشبه بدوبلاج إعلانات تميمة
تيلي سين، ولا ينقصه سوى أن يقول المترجم “أنظر يا تيم، لقد فقدت
20 باوند من وزني بعد مشاهدتي لهذا الفيلم، إنه رائع”. |
مهرجان الجونة السينمائي ساحل البحر الأحمر، محمد
بوغلاب القضية 23 ….القيمة المضافة للمهرجان
حسان طاهري
لم أتمكن من السفر إلى مصر في الموعد الذي خططت له،
فقد إضطررت بسبب إلتزام عائلي إلى تأجيل السفر مما فوت علي أربعة
أيام من الدورة الأولى لمهرجان الجونة السينمائي ( هذه فرصة لأشكر
سفير المحروسة في تونس الأستاذ نبيل الحبشي الذي وجدت منه التعامل
الراقي والحرص على المساعدة بخلق رفيع)
ما كان يشغلني منذ إمتطيت الطائرة في موعدها نحو
القاهرة(على متن مصر للطيران في إنتظار يرحم ربي الخطوط التونسية
أو يقف لها أبناؤها) هل سأوفق في مشاهدة فيلم زياد الدويري “القضية
23″؟
فلأقلها بصراحة ، أصلا أنا سافرت للمهرجان من أجل
هذا الفيلم، كنت سأشعر بخيبة كبيرة لو فوت مشاهدته
.
تذكرت ما دونه ذلك المكتنز معرفة ، ذلك الموظف
المتوسط في وزارة الثقافة الذي جاءه المزاج الثور على كبر بعد
إحالته على التقاعد
.
تذكرت ما قاله بشأني أو بعضه من كوني في مرحلة محو
الأمية سينمائيا. زعمة لهذا السبب لم أتمكن من كتابة سطر واحد عن
فيلم زياد الدويري؟
منذ مشاهدتي للفيلم يوم الأربعاء الماضي وأنا أؤجل
الكتابة …ما الذي يخيفني؟
أنا عادة أرتبك عند الكتابة عمن أحب، ربما كنت أخشى
أن ينفلت القلم من عقاله فأكتب ما لا يناسب حبي لمن أكتب عنهم ؟
لست متأكدا من السبب، لنعبر حاجز المشاعر هذا
ونتخلص من عبئ حب هذا الفيلم
قبل عشرين عاما جاء زياد الدويري بفيلمه
الأول”بيروت الغربية” وترك الفيلم أثرا لا يمحى في أبصار احباء
السينما وبصائرهم
فتح الفيلم جراحات الماضي في لبنان، ملف الحرب
الأهلية طيلة خمسة عشر عاما، ملف أغلق بداية التسعينات بإصدر مجلس
النواب اللبناني عفوا عاما على مرتكبي الجرائم خلال الحرب الأهلية
ربما كان قرارا ضروريا ليتعافى البلد ولكن هل يبرا
الجرح دون مداواته من الداخل لمنعه من التعفن؟
هاهو لبنان الرسمي يرشح فيلم “القضية23” لجائزة
الأوسكار للفيلم الأجنبي، لبنان الرسمي نفسه أوقفت شرطته زياد
الدويري يوم 10 سبتمبر في مطار بيروت ، لأي سبب؟
لأنه صور قبل اربع سنوات مشاهد من فيلم” الصدمة” في
إسرائيل، قصة طبيب جراح فلسطيني/من أراضي 48/ يعمل في إسرائيل،
يقوم بعلاج مصابين في عملية إنتحارية يكتشف لاحقا أن منفذتها هي
زوجته
لم يشفع للمخرج اللبناني تتويج “القضية 23” في
مهرجان البندقية بجائزة أفضل ممثل التي إقتنصها الفلسطيني كامل
الباشا ولم تشفع للفيلم برمجته في تورنتو ، يستجوب زياد الدويري
طيلة ساعتين في المطار ثم يخلى سبيله ليقف أمام المحكمة بجريمة تصل
عقوبتها إلى السجن ، زيارة دولة العدو دون ترخيص من السلطات
اللبنانية
في الطرف المقابل، تحرض وزيرة الثقافة الإسرائيلية
على الفنان محمد بكري لأنه سافر إلى لبنان ، فلبنان بلد عدو ومحمد
بكري يحمل جنسية إسرائيلية رغم فلسطينيته، هوية جعلت حياته جحيما
حتى أن البعض لا يقدر على فهم قصة الرجل ، هوية ليس له غيرها ولم
يبادر أحد من رافعي شعار فلسطين إلى منحه جنسية بلده مشرقا أو
مغربا
أحد نوابنا الأشاوس ساءل وزير الثقافة عندنا موجها
إليه الإتهام بأن وزارته دعت فنانين من الكيان الصهيوني في أيام
قرطاج السينمائية-دورة 2016- (يقصد محمد بكري ) وسبني النائب
الضليع في النضال القومي بالإسم في رحاب مجلس الشعب ….لم أجد الوقت
للرد عليه بما يناسب عباراته القميئة …أكتفي بالقول: ما أكثر
النوائب في بلدي…
في فيلمه الجديد القضية 23 أو “الإهانة” –العنوان
الأنجليزي للفيلم-يقدم زياد الدويري قصة خلاف نشأ بالصدفة بين
طوني(عادل كرم) المسيحي المتطرف في حبه لبشير جميل (رئيس سابق
لبنان وقائد عسكري للقوات اللبنانية زمن الحرب الأهلية) حتى انه
يواظب على سماع خطب الجميل في ورشته للميكانيك
يقطن طوني في حي فسوح ذي الأغلبية المسيحية، حي
تجري فيه أشغال ترميم تعهد الشركة لمهندس فلسطيني بالإشراف على
العمال وتفقد المخالفات في الحي،
حادثة نزول الماء من بلكون شقة طوني على ياسر أشعل
النار الكامنة تحت الرماد،هل كان طوني عارفا بهوية ياسر من خلال
لهجته؟ هل تعمد إهانته ؟
لم يقف الأمر عند هذا الحد ، يرد ياسر على إستفزاز
طوني بكلمة نابية ” عرص”
يلجأ طوني إلى المحكمة يطلب إعتذرا مستحقا من فلسطيني لم يقدر انه
ضيف
لن اسرد الفيلم بتفاصيله، سأترك لجمهور السينما في
تونس فرصة تلذذ مشاهدته في أيام قرطاج السينمائية التي لا اظنها
تغفل عن برمجة فيلم القضية 23
فمهرجان الجونة رغم حداثة سنه نجح في إختطاف الفيلم
من مهرجانات أهم لها صيتها عربيا ودوليا
لا أظن نجيب عياد مدير ايام قرطاج السينمائية يغفل
عن زياد دويري الذي ولد سينمائيا في قرطاج
يبلغ الفيلم لحظة توتره القصوى حين يرضخ ياسر سلامة
للضغوط المعنوية ويقصد رفقة رئيسه في العمل ورشة طوني ليعتذر ولكن
الكلمات تتوقف في حلقه
ليفاجا بكلمات طوني مثل الرش الذي ضرب أبناء الوطن
في سليانة زمن حكومة إلي يخافوا ربي” يا ريت شارون محاكم عن بكرة
أبيكم
”
لا يترك لنا الفيلم الفرصة لنتعاطف كليا مع
الفلسطيني اللاجئ في لبنان، كل التعاطف، فليس الفلسطيني ملاكا من
السماء، كما لا يدعنا نكره اللبناني المسيحي الناقم على الفلسطيني
الذي كلما دخل بلدا خربه
لا يتحرك طوني من عدم، فهو يخفي وجيعة منذ عقود،
فقد تعرضت قريته الدامور حيث أفضل أنواع الموز اللبناني لمجزرة
فضيعة وهو طفل، كان أحد المحظوظين بنجاته من القتل على يد ميليشيا
يروج انها فلسطينية
لطوني وجيعته ولياسر ألمه ومن رحم الوجيعة تنشا
الكراهية كما يولد الحب والصداقة…..
فاز الفيلم بالنجمة الفضية لأفضل فيلم روائي في أول
دورة من مهرجان الجونة السينمائي، ولعله كان جديرا بالنجمة الذهبية
ولكنها خيارات لجنة التحكيم
….
بطبيعة الحال لم يتسرب شيء عن جوائز المهرجان قبل
حفل الإختتام كما لا يحدث عندنا ….وسيكون علينا أن ننتظر قادم
الأيام لعل زياد الدويري يفعلها في جوائز الأوسكار كما سبق له أن
فاز بالجائزة الكبرى لمهرجان مراكش بفيلمه الصدمة وهي المرة الأولى
التي يفوز فيها سينمائي عربي بهذه الجائزة ونخشى ان تكون الأخيرة
بعد أن إحتجب المهرجان هذا العام لأسباب ليس هذا مجالها ولكن
المغرب يتراجع سينمائيا بسرعة قصوى منذ نجح “غلي يخافو ربي” في
إزاحة نورالدين الصايل من موقعه كمهندس للسينما المغربية
…. |