«لا
لا لاند»..
فى مدح الحالمين الحمقى!
محمود عبد الشكور
لعل
أحد أسرار سحر هذا الفيلم، والإعجاب الكبير الذى يحظى به لدى كل من
يشاهده، هو أنه يتعامل بشكل أساسى مع منطقة الحلم، وإن كانت فيه
أجزاء تقترب من الواقع، ولكنه لا يقدمها إلا لكى يقارنها بجاذبية
الأحلام، فهناك يعاد بناء الزمن، ويبدو الإنسان قادرا على تحقيق
ذاته، ويستطيع أن يطاول النجوم، وأن يعيد تشكيل الواقع من جديد.
الفيلم
الأمريكى
«la la land»
الذى
كتبه وأخرجه داميان تشازيل، ليس تحفة سينمائية تقارن مثلا بروائع
هوليوود الموسيقية السابقة، ولكنه عمل ذكى يحتمل عنوانه معنى
مزدوجا:
فهو
تعبير يطلق على العالم الخيالى الذى لا يلمس الواقع، وهو أيضا
اللقب الذى يطلق على مدينة لوس أنجلوس، مدينة الملائكة، ومدينة
النجوم، حيث أحداث الفيلم، وحيث نقترب من هوليوود مصنع الأحلام،
كما يعلن فيلمنا عن هويته باختيار شكل الدراما الموسيقية، مستعيدا
بالتحديد ملامح أفلام الخمسينيات، ومعبرا بالأغانى عن لحظات البهجة
الملونة.
من
خلال قصة بسيطة تماما، يقدم الفيلم التحية إلى السينما والغناء
وموسيقى الجاز وإلى فن التمثيل وإلى المسرح، ويقدم التحية لكل
أولئك الذين يحاربون من أجل تحقيق حلمهم لكى يكونوا فنانين، ويغلف
كل ذلك بحكاية حب رومانسية، يهزمها الواقع، ولكن الحلم والخيال
يعيدان إليها الاعتبار.
يمكن
أن نعتبر هذا المشهد مفتاحا للفيلم كله:
ميّا
(الرائعة
إيما ستون التى تمتلك فرصا قوية للترشح لأوسكار أفضل ممثلة عن
دورها)
تقف
أخيرا أمام لجنة لاختبار أداء جديد، ولكنه مختلف هذه المرة، إنهم
يطلبون منها أن ترتجل شيئا؛ لأن الفيلم لم يكتب بعد، ولكنه سيُكتب
على ضوء شخصية الممثلة المرتجلة.
تصمت
ميّا، ثم تحكى غناء عن عمتها الممثلة التى كانت فى باريس، والتى
قررت أن تلقى بنفسها ذات مرة فى مياه نهر السين.
لم
تزعجها برودة الماء، ولم تحسب حساب العابرين، فقط حققت ما أرادت أن
تفعله، وتمتدح الأغنية هذا التمرد، وتطلب أن نتشارك نخب الحالمين
مهما بدوا من الحمقى، ونخب القلوب الجريحة، ونخب أخطائنا أيضا،
يُظلم المخرج المكان، ولا تبقى إلا ميّا وهى تغنى، ثم تضاء
الأنوار، تظهر اللجنة وهى تستمع، وتفوز ميّا بالدور وبالفيلم الذى
سيصور فى باريس.
فى هذا
المشهد كل قواعد اللعبة:
فعلى
الرغم من أننا أمام تجربة أداء واقعية لممثلة ناشئة، فإن الخيال
والحلم يكتسحان الواقع، ويأخذاننا مع الأغنية، ومع ما فعلته العمة
فى باريس، إلى أرض الخيال، ويتم التعبير عن هذا الغزو الخيالى، وهو
منهج الفيلم فى معظم مشاهده، بإلغاء وجود لجنة الاختيار، ثم تقدم
الكلمات التحية بوضوح إلى
«الحالمين
الحمقى»،
والذين لا يختلف عنهم بطلا الفيلم:
بائعة
القهوة وعاشقة التمثيل ميّا، التى تركت الجامعة بعد عامين، وجاءت
إلى لوس أنجلوس لتكون ممثلة، وسباستيان عازف البيانو، الذى يعشق
موسيقى الجاز، ويحلم بامتلاك ناد يعزف فيه بحريّة.
قانون
الفيلم ببساطة هو الانتصار للحلم والتمرد فى مقابل الواقعى
والنمطى، ولا شىء مثل الموسيقى والرقص يمكنه أن يعبر عن هذا
المعنى، وقد تم اختيار كل التفاصيل لكى تؤكد معنى التمرد، فمنذ
المشهد الأول لأبطال الفيلم الذين يحولون ملل الوقوف فى إشارة
مرور، إلى أغنية جماعية مدهشة تتغنى بيوم مشرق جديد، ننتقل إلى
صدام بين ميّا وسباستيان بسبب حركة سيارتيهما، ويستغل السيناريو
هذا الصدام لكى ينتقل من حكاية ميّا التى لا تيئس أبدا من اختبارات
الأداء التمثيلى اللامبالية بموهبتها، إلى حكاية سباستيان، الذى
يصر على أداء ارتجالاته لموسيقى الجاز، فى ناد تحول إلى موسيقى
السامبا، مما يعرضه للطرد من عمله.
وعندما
يلتقى سباستيان مع ميّا، فإنه يعرفها على جمال موسيقى الجاز، الذى
يتمثل فى حرية العزف والارتجال، وفى ذلك الحوار بين الآلات تجاذبا
وتنافرا، ويختار لها أن يشاهدا معا فيلما لأحد رموز التمرد
والاختلاف فى مجال السينما وهو
«جيمس
دين»
فى
فيلمه
«ثائر
بلا قضية»،
ونلاحظ فى كل مرة أن الحدود بين الواقع والخيال وهمية تقريبا، وأن
الحلم سرعان ما يطغى على الواقع، وتحضر السينما
(رمز
الحلم والخيال)
سواء
فى قاعة عرض، أو فى صورة مشاهد يتم تصويرها فى الاستديوهات، أو فى
صورة اختبارات أداء لبطلتنا ميّا.
أما
أقل أجزاء الفيلم فهى تلك التى توقف فيها الخيال عن اكتساح الواقع،
أى فى المرحلة التى ستتحول فيها ميّا إلى كتابة مسرحية تفشل
بامتياز، بينما يقوم فيها سباستيان بالانضمام إلى فريق غنائى،
متناسيا حلمه بتأسيس ناد لموسيقى الجاز، هنا صار الحوار بديلا عن
الإطار الغنائى إلى حد كبير، وهنا أيضا لم ينضبط حضور الخيال
والحلم للتخفيف من قسوة الواقع، وهو منهج الفيلم بأكمله.
بدا
الفيلم تائها فى البحث عن مشكلة، ولكنه سرعان ما استعاد سحره قرب
النهاية، فعلى الرغم من أن سباستيان وميّا قد افترقا، وعلى الرغم
من أن ميّا تزوجت وأنجبت طفلة، إلا أن كليهما حققا أحلامهما الفنية:
هو
أصبح لديه ناد للجاز، وهى أصبحت ممثلة ناجحة، وفى أحد أفضل مشاهد
الفيلم، تدخل هى وزوجها إلى نادى سباستيان، وعندما يعزف، نشاهد
بعين الخيال ما لم يحدث فى الواقع:
نرى
سباستيان زوجا لـ«ميّا»،
وأبا لطفل منها، يعود الخيال من جديد لكى يصنع واقعا موازيا سحريا
نحبه، وهكذا تصبح لوس أنجلوس جديرة بلقب
«لا
لا لاند»،
وبسحر الفن والفنان.
يتلاعب
الفيلم بالسرد من زاوية ميّا، ثم من زاوية سباستيان، ثم يعرض
حكايتهما بوجهيها:
فراق
ثم لقاء، وتختلط الحدود بين ما هو واقعى وما هو خيالى، وتتزاحم
المصادفات مثلما يحدث فى الأفلام القديمة البسيطة، بل وتختلط
الأزمنة ما بين همفرى بوجارت فى كازبلانكا، والملابس والأحذية التى
تنتمى إلى سنوات الخمسينيات، وبين حديث ميا عن سباستيان بوصفه يشبه
جورج مايكل.
وبعد
فترة، نتوقف عن التساؤل عن هذه التداخلات، أمام بهجة الحلم، وروعة
الأغانى، وقدرة السينما على أن تنقلنا، مثل أبطال الفيلم، إلى
السماء نفسها.
وفى كل
مشهد، يثبت الفيلم أن إيما ستون متفوقة كممثلة وكمؤدية للغناء
والرقص، بينما يتفوق رايان جوسلينج فى العزف، ويكون أقل كثيرا
كممثل، وتنجح الكاميرا فى أن تصبح شريكة فى الاستعراض، وليست ناقلة
له، والمشهد الافتتاحى المتصل فى لقطة واحدة دليل واضح على ذلك.
نقطة
تفوق فيلم
«لا
لا لاند»
ليست
فى حكايته، ولكن فى طريقة معالجتها، وفى أنه فيلم ينقل خيال
شخصياته من داخلها إلى الواقع، إنه فيلم يمتدح سحر الفن، باعتباره
حياة أخرى موازية، وينحاز إلى التمرد والغباء الجميل الذى يطلقون
عليه اسم الحلم.
وفى كل
الأحوال، فإن الفيلم يقول بوضوح إن
«لا
لا لاند»
ليست
فى لوس أنجلوس فقط، وليست داخل الفيلم فحسب، ولكنها داخل كل موهبة،
تصدق حلمها وتحققه، على الرغم من كل الظروف.
####
مع اقتراب الحفل..
طرح صورة
«جيمي
كيميل»
حاملا تمثال
«الأوسكار»
نجلاء سليمان
نشرت
الصفحة
الرسمية
للإعلامي
الأمريكي
جيمي
كيميل
صورة
له
حاملا
التمثال
الذهبي
للأوسكار.
وعلق
المسئول عن الصفحة على موقع التواصل الاجتماعي
«فيسبوك»
على
الصورة قائلا:
"يضحك
لأنه لن يعيد جائزة الأوسكار هذه أبدا".
وأعلن الموقع الرسمي للأكاديمية في ديسمبر الماضي اختيار الأمريكى
جيمي كيميل مقدم برنامج
«Late Night With Jimmy Kimme»
لتقديم
حفل توزيع جوائز الأوسكار لعام
2017.
وهذه
هي المرة الأولى التي يقدم فيها كيميل حفل توزيع جوائز الأوسكار في
نسخته
89،
والذي سيذاع مباشرة عبر شبكة
ABC
الأمريكية، في
26
فبراير
2017. |