كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

نبيل المالح: أغنية السينما العربية الحزينة

برلين: محمد رُضا

عن رحيل شيخ السينما السورية نبيل المالح

   
 
 
 
 

لم يتوقف المخرج السوري الراحل نبيل المالح عن الحلم. مثله في ذلك مثل مبدعين كثيرين يحققون في عالم السينما أقل مما يهدفون إليه وعلى رقعة كبيرة من السنوات ما يجعلهم يشعرون دومًا بأن الحياة وظروفها لم تساعدهم مطلقًا على إنجاز أكثر من نطاق ضيق مما حلموا بتحقيقه.

مرّات عدة من خلال لقاءاتنا خلال الأشهر القريبة الماضية، ذكر مشاريع تطوف في البال. إذ يتحدّث عن أي منها يجعلك تتصوّر الفيلم كما سيريد إنجازه. تسمعه يعد نفسه ويعدك بأنه سيطرق بداية جديدة. أفكاره لا تنتهي. فكرة عن الوضع في سوريا اليوم وأخرى عن مهاجرين في أوروبا، وثالثة عن حكاية تاريخية مستمدة من ملفات لأحداث واقعة ورغبة في تحقيق ملحمة طويلة «قد تصلح للتلفزيون أكثر من السينما لكني سأصوّرها كما لو كانت فيلمًا بعناصر السينما وليس بعناصر التلفزيون».

الحلم ليس عيبًا، لكن المالح لم يكن يحلم فقط، بل كان يسعى. ما افتقر إليه المخرج هو آليات التنفيذ.

ولد في مدينة دمشق سنة 1936 ورحل عنها أكثر من مرّة. مرّة ليدرس السينما في براغ، ومرّة لمحاولة شق طريقه في السينما الغربية في الثمانينات، ثم عاد لينجز أحد أهم أفلام السينما السورية والعربية في حينه على الأقل وهو «الكومبارس»، وبقي فيها هذه المرّة، لكنه غادرها مرّة ثانية عندما تكونت لديه القناعة من أن العيش في بلد يديره نظام ما زال يشتغل على المحسوبيات والتفرقة والتدخل في شؤون الإبداع ليراقب ما في البال ويسيطر على المكتوب والمعلن والمنتج من الأفكار ليس ما يريده لنفسه. هذه المرّة اختار دبي وجاءها واعدًا نفسه بمرحلة جديدة.

* زوار النهار

«كومبارس» هو فيلم عن ذلك الهم المتآكل الذي اشتغلت عليه الدولة السورية لمراقبة ما قد تفضي به إبداعات الآخرين. عن الحريّة المنتقصة في حدودها الطبيعية وما ترمز إليه من سيطرة الرقابة على كل أشكال الحريات الأخرى.

هناك شاب (بسام كوسا) يمني النفس بملاقاة حبيبته الشابة (سمر سامي) في مكان مغلق يجمع بينهما لأول مرّة. يوافق صديق له على إعارته شقّته. يهرع وإياه إليها ويبتهل لصديقه أن يتركه بعدما أخذ ذلك يتباطأ في المغادرة. بعد قليل تصل الفتاة. وديعة. جميلة وعاشقة. يأخذهما الكلام في أمور عدّة تفضي أحيانا إلى ما يشعران به من حب كل للآخر وأحيانا لما يخشيانه على هذا الحب. هناك طرق على باب الشقة ومحاولة رجل أمن استنطاق الشاب وما يعرفه عن سلوك جاره. لكن الشاب لا يعرف ومن حسن حظه أنه لا يعرف. بعض قليل ها هم رجال الأمن والمخابرات يقتحمون بيت الجار ويقودونه بعيدًا. أعين المخابرات في كل مكان.

بنجاح لافت يولج المخرج ظروف البلد ومنوال نظامه الأحادي على الشاب وفتاته. الفكرة ذاتها تقوم على الرغبة في الهرب من واقع يحد من حريّتهما، حتى إذا ما طرق المجهول ذلك الباب أحس العاشقان أنهما في خطر محدق. انتقل خوف المدينة إلى داخل الشقّة التي ليست المكان الأمن كما اعتقداه.

بعد عشرات الأفلام القصيرة وحفنة من الأفلام الروائية (بدأت بفيلم «الفهد» سنة 1972) جاء «كومبارس» ليتوّج أفلام المالح الروائية وليوحد بين خطوطها إذ طالما تحدّثت عن الكرامة التي أهانها القمع في مراحل وعصور مختلفة. الفيلم بحد ذاته رائع لناحية قدرة المخرج التشكيلية والسردية على تجسيد ساعة ونصف من الحدث بين شخصين في بيت واحد من دون هوان. كما من حيث تداعياته.

على صعيد عملي، وعلى الرغم من أن عددًا من أعماله تم إنتاجها عبر «المؤسسة العامة للسينما» في سوريا، فإن العلاقات لم تكن على خير ما يرام. فهو لم ينتم تمامًا للمؤسسة. رفض التطويع وحافظ على استقلاليته داخلها وخارجها على عكس ما فعلت المجموعة التي انخرطت فيما وفرته المؤسسة من أفلام. بالنسبة إليهم، كان الانخراط فرص عمل ثمينة بغياب القطاع الخاص (الذي تم تقويضه بالتدرج السريع). بالنسبة إليها كانت المؤسسة ترى أنها تقوم بواجبها كقطاع عام منتج للأفلام لأجل تعزيز الصناعة المحلية. أما بالنسبة إليه، فإن المؤسسة بقيت الذراع القوية للسلطة التي لا تستطيع أن تمنح المخرج حرّية القول لئلا يقول ما لا تود سماعه.

* تحت السيطرة

بعد «كومبارس» بثماني سنوات قدّم المالح فيلمًا روائيًا آخر لا يقل قيمة عن ذاك ويحمل التنوّع الشديد الذي اعتادت عليه أفلامه. إنه «بقايا صور» (1980) الذي جاب المخرج فيه الريف السوري بأسره. تعددت طقوسه وأجواؤه بتعدد أحداثه وانتقالها من مكان لآخر تبعًا لرحلة فلاح فقير (أديب قدورة) يبحث عن ملجأ داخل هذا الزمن لنفسه ولعائلته. على عكس «الفهد» مثلاً، والحكايات الشبيهة به القائمة على فرد يقود ثورة، سوف لن يتحول بطل «بقايا صور» إلى بطل مغوار يحارب النظام الذي يريد أن ينساه، بل يبقى ضحية كل تلك الظروف المناوئة التي يعايشها. بطله ساذج إذ يعتقد أن البركة والنجاح في السفر بين الأقطار وأنه إذا ما انتقل من مكان إلى آخر سيصيب تغييرا ملموسًا في حياته. لكن الرجل سيكتشف في النهاية أن الأماكن هي واحدة لأن المسيطر عليها (فوق أصحاب المزارع والمسؤولين وذوي السلطات المحلية) هو أيضًا حكم واحد.

قامت المؤسسة العامة للسينما بإنتاج هذا الفيلم محتفية آنذاك بعودة المخرج إلى العمل معها. القصّة لحنا مينا، والسيناريو لنبيل المالح وسمير ذكرى والتصوير لحنا ورد (الذي صوّر «كومبارس» أيضًا) والمونتاج لمروان عكاوي والجميع ذوي مكانة كبيرة في تاريخ السينما السورية.

حين سألته ذات مرّة عن السبب في قراره تحويل قصّة حنا مينا إلى فيلم لم يذكر سوى تلك العناصر التي تجذب الفنان مثله: «غناها بالتفاصيل والمناح وعمق البحث الإنساني عن مقومات الحد الأدنى لكرامة العيش».

قيمة كل من «كومبارس» و«بقايا صور» تتأكد بمرور الزمن عوض أن تنضوي في غياب رغم أن كليهما على نقيض من الآخر: الأول من بطولة شخصين مع ظهور محدود العدد لشخصيات أخرى، والثاني فيه 80 دورا ما بين رئيسي ومساند ومشاهد لمجاميع كبيرة. «الكومبارس» يدور داخل شقّة بينما يغطي «بقايا صور» 120 مكان تصوير. في الفيلمين جهد فني خلاق سنفتقده افتقادنا لمخرجهما النادر نبيل المالح.

الشرق الأوسط في

26.02.2016

 
 

عين جديدة إلى "الكومبارس"

معن البياري*

ليس لمخرجٍ سينمائي سوري، ينجز فيلماً رهيفاً، اسمُه "الكومبارس" (1993)، إلا أن يكون صوتاً عالياً للثورة في بلاده، منذ أولى هتافاتها بالحرية، في ربيع 2011. في عمله ذاك، قال نبيل المالح كل شيء. أعلن احتجاجه على كل اختناق، سياسي واجتماعي. وأوحى بأن حرية الفرد تبدأ عندما لا يرضيه أن يكون "كومبارساً" في غضون الاستبداد والقهر والقمع. لم يتمرّد بطل الفيلم (بسّام كوسا)، الشاب الميكانيكي المغلوب على أمره، والذي يعمل مساءً كومبارساً في "المسرح القومي"، على هذا كله، بقيادة مظاهرة ولعن السلطة في ميدانٍ عام، وإنما بأن يلعب دور بطولةٍ في تمثيله مشاهد مسرحيةً أمام متفرّج وحيد، هو الشابة التي يحبها (سمر سامي)، في شقة صديقه، وقد تيسّرت لهما ساعتان، ليكونا وحدهما لأول مرة، هرباً من خوفٍ مقيم فيهما من أعينٍ بلا عدد، وإنْ يغالبانه أحياناً في الفيلم، في ساعتيه الواقعيّتين والمتخيّلتين. ينجحان في تجاوزه ويخفقان، يلعبان معه في مناورةٍ نفسيةٍ، كان تظهيرها في الفيلم منجز نبيل المالح (كاتب السيناريو أيضاً) الأهم في الفيلم. 

كان من فائض الدلالات في الفيلم أن الكومبارس سالم (!) يعاني من تلعثم في النطق، لضعف في شخصيّته، غير أنه حين يؤدي أدوار البطولة في تلك المشاهد، في بضع دقائق في الفيلم، يصبح طلقاً وفصيحاً. يشرح لمحبوبته إنه في أدوار الكومبارس يموت تحت الطلب، في شخصيات مختلفة، في المسرحية الواحدة: عندما يؤدي دور عسكري يموت فداءً للوطن، وفي دور المواطن يموت من الهم. والموحى به في هذه التهكمية النابهة شديد الوضوح. ويقول أيضاً إنه في دور الشحّات يموت جوعاً، وفي دور الحرامي يأتي حرامي أكبر منه يُميته. أما عندما يكون متظاهراً، فإنه يُضرَب، ثم تعدّ له إضبارة، ويُمنع من التوظيف... هل أَراد نبيل المالح أن يقول ما هو أقوى من هذا كله، ولم يكن في وسعه ذلك في فيلمٍ تُنتجه المؤسسة العامة للسينما في دمشق؟ ربما. ولكنْ، عندما ووجه المتظاهرون السوريون، في أولى أسابيع ثورتهم، بالرصاص، انتصر لهذه الثورة، وأخذته ظروفُه إلى إقامةٍ خارج سورية التي أعطاها كثيراً من إبداعه، ثم ارتقت أنفاسُه إلى بارئها، قبل أيام، في دبي. 

خلا لقاء الكومبارس مع الشابة الأرملة التي يحبّها في الشقة المغبّرة والصغيرة، وغير الأنيقة، من مشاهد حب ساخنة. كانا يتوسّلان فقط لحظات حنان يفتقدانها. خافا كثيراً، وضحكا، وارتعشا، وأجريا بروفة زواج ناقصةً شاهديْن. حالتهما هذه، وحوارهما المتقن إلى حد كبير، بانتقالاته من شأنٍ إلى شأن، أوحيا بكثيرٍ ممّا هو قمعي وعنيف في المجتمع والبلد، وبالضغط الثقيل الذي يُخضع الأفراد إلى أكثر من سلطة. في الحجرة المغلقة، بدا أنهما، يواجهان هذا العالم في خارجها بمحاولة التخفف منه، بإهماله ولو برهةً. أرادا في الساعتين أن لا يكونا كومبارساً، ما أمكن. خلعت ندى منديلها فقط، وخلع سالم هشاشته، وصار بطلاً في مشاهد مسرحية يبهر بها محبوبته، زاول بطولةً يشتهيها أمامها، وأمام نفسه، وإنْ في مشهد تذلّل مواطنٍ أمام حاكمٍ، قبل أن يُؤخذ إلى السجن. وذلك كله قبل أن يتلقى سالم نفسُه صفعةً من رجل مخابرات، في أثناء التجاء الجار الموسيقي الأعمى إلى الشقة مذعوراً، ثم تكون الصفعة، فتجعل الكومبارس ذاهلاً، وهو الذي كان للتو قد حدّث حبيبته عن تفضيله أداء دور المخبر في المسرح، لتخاف الناس منه. 

أنهت الصفعة لقاء العاشقيْن، وأخرجتهما من الشقّة، كلاً في اتجاه، وأخذت الكاميرا إلى مشهد عام للمدينة الغافلةِ عنهما، وهو مشهدٌ يُستعاد الآن بعينٍ أخرى، غير التي شاهدنا فيها (الكومبارس) قبل أكثر من عقدين. كما تُستعاد سيرة نبيل المالح، وفيها أن دور كومبارس في فيلم تشيكي، في شبابه المبكر في براغ، نقله من دراسة الفيزياء إلى العمل في السينما. وفي السيرة نفسها أيضاً أن صفعةً تلقاها الراحل من عسكريٍّ في متنزّهٍ في دمشق، في طفولته، جعلته شغوفاً بالحرية.

*كاتب وصحفي من الأردن، مواليد 1965. رئيس قسم الرأي في "العربي الجديد".

العربي الجديد اللندنية في

26.02.2016

 
 

رائد السينما البديلة والناطق الرسمي باسم المهمَّشين

نبيل المالح.. رحل في زمن مالح!

محمود عبد الله (أبوظبي)

خسرت السينما العربية بصورة عامة والسينما السورية بشكل خاص أحد أبرز قاماتها الرفيعة برحيل السينمائي السوري نبيل المالح، ذلك أن المدرسة السينمائية للراحل ظلت تحافظ على سماتها وخصوصيتها المنحازة إلى هموم الإنسان البسيط، والهامشي وتوقه إلى التحرر والانعتاق، وهي الثيمة التي تبدّت في معظم أعماله ومنجزه السينمائي الحافل بأعمال حصدت جوائز عربية وعالمية، مثل: (رجال تحت الشمس، الفهد، كومبارس، وفيلم (ع الشام ع الشام)، وعشرات الأفلام الروائية والتسجيلية والتوعوية التي بلغت نحو 177 عملا سينمائيا. تنوعت اشتغالات المالح الذي طالما احتفت الحياة الثقافية العربية به، لتأتي أعماله بلون ومذاق وفكر خاص، وتنقل فيها بين المنحى التاريخي والتشويق المعاصر الذي ينبش في موضوعات ذاتية وآنية راهنة مستمدة من صلب الأحداث العصيبة التي يمر بها الإنسان في الوطن العربي الكبير.

وتبلورت مسيرة المخرج نبيل المالح المتميزة في السينما العربية الجديدة عقب عودته من دراسة الإخراج السينمائي في تشيكوسلوفاكيا (سابقا) وإنجازاته لسلسلة من الأفلام القصيرة: «ايقاع دمشقي»، «نابالم» إضافة إلى عدد من الأفلام الروائية الطويلة التي جابت أركان المعمورة وهي على التوالي: السيد التقدمي، بقايا صور، لكن فيلم الفهد، ترك بصمة مؤثرة في مسيرته السينمائية التي انتهت في دبي بعد أن هزمه المرض، وفي هذا الفيلم المستمد من عمل أدبي للروائي حيدر حيدر، ناقش المالح حقبة زمنية عصيبة عاشتها سوريا في عهد الإقطاع من خلال نموذج الفلاح البسيط الذي تمرد دون وعي سياسي متكامل على سلطة الآغا، سليل الاستعمار ووريثه بالنهب والاستغلال، وقاده تمرده الى حبل المشنقة، لكن الأمل كان يكمن في عيون الجموع التي شهدت موته وتتحفز للنهوض من جديد، وظفر «الفهد» بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان دمشق الدولي لسينما الشباب عام (1972)، وجائزة تقديرية من مهرجان كارلو فيفاري في تشيكوسلوفاكيا في العام ذاته.

وعالج المالح في فيلم «السيد التقدمي» فساد شريحة اجتماعية استأثرت بالنفوذ والسلطة. أما فيلمه «بقايا صور» المأخوذ عن رواية الأديب حنا مينة، فقد أبرز من خلال اشتغالات وتقنيات معاصرة حرفيته في التعبير بالصورة التي تطغى على الكلمات، ونجح في إيجاد أسلوبية لافتة لتحويل الرواية حنا مينة إلى عمل سينمائي ناجح.

ها هو نبيل المالح يرحل بعيداً عن وطنه سوريا، حيث كان يقول دوماً: «أحلم بالتغيير الذي طالما عملت لأجله في بلدي سوريا».. رحل قبل أن يرى حلمه يكتمل، رحل في زمن مالح رغم أنه كان مبدع سينما جميلة قليلة الكلفة، وكثيرة المنح والعطاء.

الإتحاد الإماراتية في

26.02.2016

 
 

بورتريه| المخرج السوري نبيل المالح.. الشغف ورحلة الـ 150 فيلمًا

انتصار صالح

فقدت السينما العربية الأربعاء الماضي أحد أعلام السينما السورية، المخرج نبيل المالح المولود في 28 أغسطس 1938، والذي اختتم رحلته في إمارة دبي، بعد صراع طويل مع مرض السرطان.

في عام 1993 حدث اللقاء الأول بين «المالح» والقاهرة التي منحت فيلمه «كومبارس»، بطولة بسام كوسا وسمر سامي، جائزة أفضل إخراج في مهرجانها السينمائي الدولي، وكان نموذجًا لفيلم قليل التكلفة يدور في مكان واحد، يمثل تجربة متميزة، لفتت الانتباه إلى تيار من المخرجين السوريين، الذين أثروا السينما العربية على قلة أفلامهم. ورغم قلة فرص عرض الأفلام السورية والعربية عامة في مصر، إلا أن «المالح» كان أحد المخرجين الذين ساهموا في تعريفنا بمسيرة السينما السورية التي قدمت العديد من الأفلام المهمة والتجارب الجادة لعدد من المخرجين المتميزين من إنتاج مؤسسة السينما التابعة للدولة.

كان «المالح» من أكثر المخرجين السوريين غزارة في الإنتاج رغم صعوباته في سوريا، وله أكثر من 150 فيلمًا بين الطويل والقصير والروائي والتسجيلي والتجريبي، من أهمها أفلامه الروائية الطويلة «الفهد» 1972، عن رواية «رجال تحت الشمس» للروائي السوري حيدر حيدر، و«السيد التقدمي» 1975، و«بقايا صور» 1980 عن رواية حنا مينا، و«غوار جيمس بوند» 1974، و«العندليب» 1975، و«كومبارس» 1993.

ومن أفلامه الوثائقية والقصيرة: «نابالم، الدائرة، حلب، البحث عن شيخ الشباب، إيقاع دمشقي،  إكليل الشوك، الصخر، النافذة، العتمة المضيئة، عالشام عالشام».

ودعمًا للقضية الفلسطينية، شارك في ثلاثية «رجال تحت الشمس» في عام 1970، وهي “المخاض – الميلاد – اللقاء”، سيناريو وإخراج محمد شاهين ومروان المؤذن ونبيل المالح، وشارك في كتابة السيناريو الشاعر المصري نجيب سرور، والمخرج  قيس الزبيدي.

سافر «المالح» إلى المجر في النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي؛ لدراسة الهندسة النووية، لكن الشغف بالسينما غيَّر مساره، ليدرسها على نفقته، بعد تجربة قيامه بدور كومبارس هناك، وحاز بعدها على ماجستير في الإخراج السينمائي والتليفزيوني في معهد السينما بمدينة براج، لتصبح شخصية الكومبارس بعدها بسنوات ملهمة لأحد أهم أفلامه الذي حمل اسم «الكومبارس».

قام المخرج السوري الراحل بتدريس مادة الإخراج السينمائي والسيناريو في العديد من الجامعات، ومنها جامعة السينما في أوستن – تكساس، وجامعة السينما في لوس أنجلوس. جمع بين كتابة السيناريو والشعر والإخراج والرسم، في مسيرة غلفها حماس وشغف دائم للاكتشاف والمغامرة والسفر، ومشاريع دائمة لأعمال جديدة، ومواقف تنحاز للبسطاء في أعماله السينمائية، ونشاطه في المجتمع المدني، ومواقفه ضد العنف والديكتاتورية، التي كلفته مطاردات ورقابة إضافية على أعماله، ومنع ومصادرة بعضها، كما حدث مع فيلمه الوثائقي عن «أسامة بن لادن»، الذي تناوله بعيون أهل المنطقة التي عاشت فيها والدته في اللاذقية، والذي صادرته المخابرات السورية ولم ير النور أبدًا.

نالت أفلام «المالح» العديد من الجوائز، حيث حاز فيلمه «الفهد» على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان دمشق الدولي لسينما الشباب 1972، وفي عام 2005 اختير الفيلم نفسه كواحد من الأفلام الخالدة في تاريخ السينما، في مهرجان بوزان السينمائي الدولي العاشر في كوريا الجنوبية، ونال فيلمه الأشهر على الإطلاق «كومبارس» جائزتي التمثيل من مهرجان السينما العربية في باريس، وأحسن سيناريو من مهرجان فالنسيا وفضية مهرجان ريميني، فضلًا عن جائزة أحسن إخراج من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وكرمه مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورة عام 2006؛ تقديرًا لإسهامه في السينما العربية.

البديل المصرية في

28.02.2016

 
 

رحيل نبيل المالح: راوي الحالة السينمائية السورية

عمر عامر

في مقالته المنشورة في "النهار" اللبنانية في 24 فبراير/شباط 2016، يكتب الصحافي اللبناني سمير عطاالله مقالته الأسبوعية، متوقّفاً عند الاحتفاء بالذكرى السنوية الأولى لرحيل الشاعر اللبناني أنسي الحاج (1937 ـ 2014). في اليوم نفسه، يُعلَن نبأ غياب السينمائيّ السوري نبيل المالح في دبي، فإذا بإحدى جُمل المقالة المذكورة تبدو اختزالاً لواقع الحال، إذْ يكتب عطالله: "لم يعد الرجال يغيبون منفردين، بل يأخذون معهم حِقَبهم الجميلة". 

والجمال هذا، إذْ يحتمل تناقضات الحقب تلك في ظلّ اشتغالات ثقافية وإبداعية متنوّعة من أجل تغيير أو قول أو مواجهة، يرتكز على حيوية الجغرافيا في انقلاباتها، وعلى مقدرة "رجال" عديدين في معاينة الانقلابات ومناقشتها، وإنتاج ما يُمكن اعتباره ترجمة عملية لأفكار وأحلام ورؤى، وإنْ لم تكتمل الأفكار والأحلام والرؤى كلّياً. 

خصوصية سورية 

نبيل المالح (مواليد دمشق، 28 سبتمبر/أيلول 1936) جزءٌ من تاريخ سوري يمتدّ إلى الجغرافيا العربية، وإنْ كان يُحافظ على خصوصية سورية يؤكّد عليها مراراً في حوارات صحافية عديدة، موضحاً أنها (الخصوصية) منفلشةٌ على التمويل والإنتاج، كما على القصّة والمعالجة. والخصوصية هذه، المُبيَّنة في أعماله الروائية والوثائقية التسجيلية، تتوغّل في صميم الوجدان الفرديّ السوريّ، وتكشف ثغرات الخراب الجماعي، من دون أن يكون هذا كلّه مصنوعاً على حساب الصورة. 

ذلك أن الصورة السينمائية، بالنسبة إلى مخرج "الفهد" (1972) و"بقايا صُوَر" (1973) و"الكومبارس" (1993) وغيرها، تبقى فعلاً إبداعياً أساسياً، يُدافع عنه في مواجهة الانخراط الإنتاجي الإخراجي لـ"سينمائيين" سوريين "يستعيرون" من التلفزيون "الخطأ القاتل بأن الصورة هي لسرد حكاية"، مشدّداً على ما هو مؤكد ومعروف، وعلى ما يصنعه هو في أفلامه المتنوّعة، بما فيها تلك المندرجة في النوع الكوميديّ ـ التجاريّ، وإنْ بمستوى أقلّ من غيرها. يقول المالح: "السينما حالة أكثر من أن تكون حكاية"، و"السينمائيّ الحقيقيّ ليس حكواتياً، بل مرآة حالة". وهذا ـ إنْ يظهر جليّاً في بعض أبرز أفلامه الروائية الطويلة ـ لن يكون محصوراً بنتاج روائي فقط، إذْ لن يتردّد المخرج والمؤلّف عن الاستعانة بالصورة السينمائية، قدر الإمكان، في إنجازه أشرطة وثائقية تسجيلية لحساب "الهيئة السورية لشؤون الأسرة"، يبلغ عددها 15 فيلماً، يُنجزها بين عامي 2004 و2007، متناولاً فيها أحوال المرأة والطفل والمجتمع والهجرة وتزايد السكان والعنف ضد المرأة والفقر، وغيرها من المواضيع التي يصفها بقوله إنها "ساخنة وحقيقية"، كـ"ع الشام ع الشام" و"الكريستال المقدّس" و"باقة دمشقية" و"شهرزاد" و"في الظلّ" وغيرها. 

لن تُبَثّ أفلامه هذه كلّها ولن تُعرَض، كما يُفترض بأي نتاج سينمائي أن يبثّ ويعرض أمام أكبر عدد ممكن من المشاهدين. لكن نبيل المالح يؤكّد أن تعاونه مع الهيئة هذه يمنحه، فعلياً، "مساحة إبداعية مسؤولة إلى حدّ بعيد جداً"، ما يُساعد على تحقيق أفلامٍ "أفتخر بها". فأن تتيح هيئة رسمية في بلدٍ محكوم بقبضة حديدية في الشأن السينمائي، كما الثقافي والسياسي والأمني والمالي والاقتصادي، إمكانية إدخال بُعد جمالي لصورة سينمائية في عمل توثيقي تسجيلي؛ فهذا يعني أن على السينمائي تحمّل مسؤولية إبداعية وأخلاقية وإنسانية، "تفرض" عليه، بشكل أو بآخر، إنجاز عمل له طابع ترويجي أو واقعي أو توثيقي، يتكّئ في الوقت نفسه على لغة الصورة في مقاربة الحالة أو الموضوع أو المادة المختارة للمعالجة الوثائقية. 

في الإطار هذا، وبالإضافة إلى تعاونه مع "الهيئة السورية لشؤون الأسرة"، يُنجز نبيل المالح أفلاماً لحساب جهات رسمية أخرى، كوزارة البيئة والريّ (درسٌ في القتل)، والتلفزيون السوري (شيخ الشباب). 

وإذْ "تختفي" غالبية الأفلام هذه، لأسباب مرتبطة بإهمال أو مراقبة أمنية أو محاولة رسمية لإلغاء النتاج هذا وصاحبه معاً، فإن أفلاماً أخرى له، الروائية الطويلة تحديداً، تتعرّض لكمّ من المشاكل المتعلّقة بعملٍ رقابيّ مفروض على صناعة السينما من خلال "المؤسّسة العامّة للسينما": في عام 1969، يُمنَع نبيل المالح من البدء بتصوير "الفهد" (المستلّ من رواية بالعنوان نفسه للكاتب السوري حيدر حيدر) قبل أسبوع واحد فقط من الموعد المحدّد للبدء بتنفيذ المشروع، الذي لن يستطيع العودة إليه وتحقيقه إلاّ في عام 1971. وفيلمه "السيّد التقدّمي" (1974)، الذي يفضح فيه "شخصية فاسدة" يُقال إنها معروفة في المشهد السوريّ العام حينها (عن قصّة "إظهار الحقيقة" لموريس ويست، يروي المالح حكاية صحافي يقع في براثن بورجوازي يريد شراء ضميره المهني لإبعاده عن فضح حقيقة أعماله التجارية التي تبلغ مرحلة القتل)، لم يُعرَض إلاّ بعد تغيير مدير "المؤسّسة العامّة للسينما"، في حين أنه تمّ اقتطاع ربع ساعة من "بقايا صُوَر" (المأخوذ من رواية بالعنوان نفسه للسوريّ حنا مينة)، وإحراق "المدرسة"، الذي يُسمّيه المالح بـ"الوثائقيّ النقيّ" الذي لم يُدخل فيه أية كلمة. 

"إكليل الشوك" مثلاً موجود بنسخة "مُدمَّرة" في "المؤسّسة العامة للسينما"، المتَّهمة من قِبل سينمائيين سوريين عديدين بأنها لم تُحافظ على الأفلام؛ وأصول "الفهد" مدمَّرة بدورها أيضاً. 

هواجس سينمائية 

3 أمور أساسية يتوقّف الناقد عندها، في أثناء كتابته عن السيرة المهنية ـ الحياتية لنبيل المالح: علاقته بفلسطين، وصراعه الدائم مع "المؤسّسة العامة للسينما" في دمشق، وارتباطه الإنسانيّ ـ الأخلاقي بـ"الثورة السورية" وتحوّلاتها القاتلة. لكن هذا كلّه لن يمنع الكتابة من استعادة بعض أبرز "الملامح السينمائية" المصنوعة في اختباراته الروائية الطويلة، خصوصاً أن أفلامه هذه تلتقي عند اهتمامه الأبرز بالصورة والحالة واللغة المنسلّة بسلاسة في ثنايا القهر والألم والتمزّقات، وأن بعض عناوينه ـ كـ"الكومبارس" مثلاً ـ قابلٌ لأن يكون نوعاً من "تقديمٍ" بصريّ تأمّليّ في ما تؤول إليه أحوال بلده وناسه لاحقاً، مع اندلاع "الثورة" في 15 مارس/آذار 2011. 

بالنسبة إلى فلسطين، يُقدِّم نبيل المالح، في ستينيات القرن الـ20 وسبعينياته، 3 أفلام يُمكن القول إنها نتاج حراك عربي عام إزاء الانهيارات المتلاحقة التي تضرب فلسطين وشعبها، خصوصاً غداة "نكسة 67". فبعد 3 أعوام على هزيمة حرب الأيام الـ6 تلك، يُنجز المالح "إكليل الشوك"، الموصوف نقدياً بـ"الدراما الوثائقية" التي تتناول مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بعد عام 1967؛ يُلحقه بمشاركة روائية قصيرة بعنوان "المخاض"، في إطار فيلم جماعي بعنوان "رجال تحت الشمس" (1970)، قبل أن يُحقِّق لاحقاً "نابالم". 

لعلّ أبرز الأفلام الـ3 هذه يبقى "رجال تحت الشمس"، الذي يُشارك المالح في إنجازه مع محمد شاهين (الميلاد) ومروان مؤذّن (اللقاء)، والذي يُسلّط فيه ضوءاً على بدايات "الثورة الفلسطينية"، من خلال حكاية قرية تتعرّض لهجوم صهيونيّ. أما "نابالم"، فشريط إعلانيّ فنيّ ساخر، يتناول القنابل الممنوع استخدامها أصلاً في العالم، ومع هذا فإن إسرائيل تستخدمها ضد الفلسطينيين. في 90 ثانية فقط، يختصر المالح "السياسة العالمية" في المجال هذا. 

لكن المخرج السوريّ الراحل يُدرك تماماً أن السينما عاجزةٌ عن اللحاق بمواضيع آنية ملتهبة وحسّاسة، كالمسألة الفلسطينية و"الثورة السورية" أيضاً: "لا نستطيع اللحاق بمستجدات القضية الفلسطينية في السينما"، مع أنه يؤكّد وجود سببٍ آخر يدفعه إلى الابتعاد السينمائيّ عن القضية هذه: "الشرخ القاتل داخل الفلسطينيين. كنا نتحدّث عن النضال الوطني الفلسطيني، فأصبحنا نتحدّث عن الصراع الفلسطيني الفلسطيني". فهو، إذْ ينتبه تماماً إلى حساسية السينما وحاجتها الملحّة إلى التأمّل والتنقيب الهادئ في المسائل المختارة لمعالجتها الفنية، يعتبر أن إنجاز أفلام عن "الثورة السورية" لا يزال سابقاً لأوانه، لأن الدور الأساسيّ حالياً منوطٌ بـ"تغطية الأحداث". 

ومع أن أفلاماً عديدة، وثائقية بغالبيتها الساحقة، مُنجزةٌ عن الثورة في أعوامها الـ5، إلاّ أن جوهرها السينمائيّ غائبٌ، وفعاليتها الإبداعية ناقصة. ذلك أن أهمّ الأفلام الأميركية المُنجزة عن حرب فيتنام مثلاً، تُصَنع بعد انتهائها بأعوام عديدة، في حين أن الأفلام الأميركية أيضاً، التي يُحقّقها سينمائيون عديدون متناولين فيها حرب العراق، تبقى أقلّ أهمية سينمائية، لانغماسها في راهنٍ لا يزال ساخناً وملتهباً ومليئاً بأسئلة معلّقة وحالات غير واضحة. 

هذا ما يؤكّد عليه المالح، من دون أن يتغاضى عن جرأة مُصوّري أفلام الثورة السورية، وأهمية توثيقهم الأحداث وأرشفتها والمحافظة عليها من أجل المقبل من الأيام. بالنسبة إليه، "يبدو أن الصيغة السينمائية لم تنضج"، على نقيض نضوج ما يصفه بـ"الريبورتاج السينمائيّ"، الذي لن يمتلك بالتأكيد "الحالة السينمائية" المطلوبة. 

أما صراعه مع "المؤسّسة العامّة للسينما"، فلن يكون مختلفاً عن ذاك القائم بين سينمائيين سوريين آخرين وبينها. فالمؤسّسة أداة للقبض على السينما، تفرضها السلطة لمزيد من الإمساك بزمام الأمور كلّها. والسينمائيّ السوريّ يريد دعماً وإنتاجاً، لكنه لن يرضخ للتوجّهات الرقابية القامعة، ولن يضع نفسه في قبضة من لا يفقه شيئاً في صناعة الصورة. المشاكل التي يواجهها نبيل المالح مع المؤسّسة (بعضها مذكورٌ أعلاه) جزءٌ من صراع الأمن مع الإبداع، ومن صدام السلطة مع الثقافة. 

فساد المؤسّسة عاملٌ أساسيّ آخر في الانقلاب السينمائيّ عليها. فساد ماليّ لن يكون أخفّ وطأة من القمع والمنع والفرض ومحاولات التغييب السينمائيّ، كأن تُرفض طلبات إشراك أفلام نبيل المالح في مهرجانات دولية، أو كأن تُرسل بعض أفلامه ـ لسببٍ أو لآخر ـ من دون إخباره أو السماح له بتلبية الدعوات: "أنا السينمائيّ الوحيد المُبعَد من قِبَل المؤسّسة على مدى 40 عاماً". 

لا شكّ في أن نتاجاً سينمائياً كذاك الذي يُحقّقه نبيل المالح في 40 عاماً، يحتاج إلى إعادة قراءة نقدية، تبدأ بالصورة السينمائية لتنفلش على النواة الدرامية، ومسائل الإنتاج والمعالجة والنقاش المفتوح على السياسة والاجتماع والثقافة. 

(كاتب لبناني)

العربي الجديد اللندنية في

29.02.2016

 
 

نبيل المالح

كمال رمزي

دائما، فى عجلة من أمره، لا أراه إلا متسارع الخطى، يتمتع بقدر كبير من الحيوية والحماس، يتحدث بانتشاء عن مشاريعه القادمة، يحقق منها الكثير، يتبقى الأكثر من دون تنفيذ، لأسباب موضوعية، خارجة عن إرادته. التقنية فى مهرجان عواصم عدة، حاملا الشام فى قلبه الكبير الذى يتسع لمحبة الأوطان العربية، بناسها الطيبين، المنسيين، تماما كأبطاله الذين يبنون الحياة، أملا فى غد مشرق لا يجئ. مع هذا، سواء هو أو هم، يظل الرجاء نابضا فى قلوبهم. دائما، يشعرنى أنه شاب فى مقتبل العمر، أو أواسطه، إلى أن فوجئت برحيله عن عمر يناهز الثمانين عاما.

نبيل المالح، ابن دمشق، المولود عام ١٩٣٨، سافر إلى براج عام ١٩٥٨، درس أصول الفن السابع فى «جامعة السينما والتليفزيون»، ذات السمعة الطيبة، نال درجة الماجستير، عمل لفترة فى التليفزيون التشيكى، قبل وبعد عودته إلى سوريا، ملتحقا بالمؤسسة العامة للسينما، منغمسا فى الوقائع والأحداث السياسية، حيث سيظل دائما، ضمن كتيبة اليسار الوطنى، القومى.. اصطدم كثيرا مع السلطة، أصدر البيانات، دخل السجن، أثبت حضوره الفنى بقائمة أفلامه الطويلة والقصيرة، الروائية والتسجيلية، نال عن بعضها جوائز ذات شأن، أصبح اسما مرموقا على خارطة السينما العربية، السورية.

بدأ المالح مشواره الإبداعى بإخراج أحد أجزاء ثلاثية «رجال تحت الشمس»، بعنوان «مخاض» ١٩٧٠، ثم حقق «الفهد» ١٩٧٢، المأخوذ عن قصة الروائى السورى، حيدر حيدر. توالت أعماله التى كتب سيناريوهاتها، سواء اعتمدت على نصوص أدبية، مثل «بقايا صور» ١٩٧٣ التى كتبها حنا مينا، أو التى من تأليفه، جملة وتفصيلا، مثل «السيد التقدمى» ١٩٧٤، «العندليب» ١٩٧٥، وأجمل أفلامه «الكومبارس» ١٩٩٣، الفائز بجائزة الإخراج فى مهرجان القاهرة السينمائى، وحاز بطلاه، بسام كوسا، وسمر سامى، على جائزتى التمثيل فى مهرجان السينما العربية بباريس، ونال جائزة أفضل سيناريو من مهرجان فالنسيا.

«الكومبارس»، من النماذج الرفيعة فى السينما العربية، وليس السورية فقط: أحداثه القليلة، تدور فى مكان واحد. شقة صغيرة متواضعة، متهالكة الأثاث، استعارها «البطل» للاختلاء بـ«البطلة»، لمدة ساعتين، هما الزمن الذى يستغرقه عرض الفيلم.. من هذا المكان المحدود، المحاصر، ذورك بعمق، ووعى، ما يدور فى العالم الخارجى، وخلال الساعتين، لا نتعرف إلى حاضر البطلين فحسب، بل نستوعب ماضيهما، ونكاد نتوقع ما ينتظرهما، مستقبلا.

«سالم»، بطل الفيلم، بأداء المتمكن «بسام كوسا»، مواطن عادى، يعمل فى محطة بنزين، يمسح بهمة زجاج السيارات.. فى المساء، على خشبة مسرح، يستمع لتوجيهات المخرج ــ نبيل المالح نفسه ــ الذى يخطره بأن عليه الدخول من أحد الكواليس ليمشى أربع خطوات ثم يقف.. هذا هو كل دوره فى المسرحية.. إنه «كومبارس» غير متكلم، مجرد إكسسوار أو ديكور بشرى.

مع توالى المشاهد، ندرك براعة هذا المدخل، ذلك أن دور المواطن «سالم»، واقعيا، فى الحياة، يتطابق مع أدواره الصامتة على خشبة المسرح، حيث «يموت على حسب الطلب.. بسام كوسا»، النحيل، بعد أن يستمع بملل، لنواهى صديقه، صاحب الشقة، ينتظر قدوم حبيبته، ندى، بأداء ذات الجمال الهادئ، المنكسر، سمر سامى، التى تأتى مذعورة، فعند مدخل الشارع، كما تقول، رآها شقيقها.. حقا، اكتشفت أن الرجل يشبهه فقط، لكن شبح الشقيق لايزال يرعبها.

«سالم»، لا يقل فى اضطرابه الداخلى عنها، فقبل وصولها، جاء رجل قوى ورزيل، أخذ يسأل عن المغنى الضرير، الساكن فى الشقة المجاورة، ويكاد المالح أن يبرز لنا هويته كواحد من مخالب السلطة.. طبعا، الشقة المتربة، بمقاعدها المكسورة الأرجل، بالإضافة للحالة النفسية المتدهورة للحبيبين، أمور جعلتهما يغرقان فى توتر صامت، يتفجر مع كل صوت يصل من العالم الخارجى حتى لو كان مجرد بوق دراجة.

اهتم المالح بالأبعاد الداخلية لبطلته الأرملة، كسيرة الفؤاد، لاتزال فى روحها جذوة من نور ونار، لم تنطفئ بعد. لكن الخوف يكبل أحاسيسها وسلوكها. إنها ــ وهنا تظهر مهارة كاتبة السيناريو ــ لا تريد ممارسة الجنس فى حد ذاته، وكمجرد امرأة محرومة، ولكن تحتاج إلى ما هو أكثر شمولا وعمقا. ترنو إلى بيت تكون هى سيدته. إنها، عندما تجد الفوضى تعم المكان، تشرع، بنشوة، فى ترتيب ما تصل إليه يديها، وبحنان أمومى، ترتق له ثقبا فى قميصه.

لا يفوت مخرجنا، المعارض عن حق، متابعة البذرة التى ألقاها فى البداية، المتمثلة فى زيارة رجل الأمن الكريه.. فها هم، شبيحة الأمن، يجرجرون المغنى الضرير، وحين يحاول بطلنا التدخل، ينال صفعة تجعله يصمت، يغرق تماما داخل ذاته.. تحاول الحبيبة أن تنتسله من حالة الخرس التى أصابته، لكن عبثا.. لا يبقى أمامها إلا أن تلملم شعرها وتخفى جمالها بـ«الإيشارب» الكبير، وتغادر.. ثم يغادر بعدها، لتطل عليه الكاميرا، وهو يذوب بين «الكومبارس» فى الشارع.

بصمات نبيل الملاح، الراحل، لن تغيب عن خارطة السينما العربية.

الشروق المصرية في

29.02.2016

 
 

نبيل المالح.. عنوان السينما الــسورية

المصدر: علا الشيخ ـــ دبي

قبل أيام من رحيل أحد مؤسّسي السينما السورية، نبيل المالح، الذي توفي في دبي 24 فبراير الجاري، ودُفن في ثراها، كان يردّ على هاتفه ليطمئن محبّيه على صحته. وبضحكته المعهودة التي تشبه قمصانه الملونة التي كان دوماً يرتديها، رحل المالح صاحب أكثر من 150 فيلماً، والذي كرّمه مهرجان دبي السينمائي، تاركاً وراءه إرثاً كبيراً من الأفلام التي كانت تُنبئ بكل ما يحدث في سورية من أحداث، مثل أفلام «الكومبارس»، و«الفهد»، و«رجال في الشمس». وكان المالح مخرجاً مشاكساً، كل عمل يقدمه كان مدعاةً لجلسات طويلة من الرقابة في بلده سورية، لإيجاز عرضه أو منعه.

وكان المالح، الذي ولد في 28 سبتمبر 1936، قال في حوار لـ«الإمارات اليوم»، في عام 2011، إنه لم يتخيل أن يعيش اللحظة التي يرى فيها الشعب السوري يخرج منتفضاً في تظاهرات احتجاج واسعة النطاق، ويعبّر عن رأيه أمام الملأ، طالباً الحرية. وأضاف أن «الأنظمة القمعية إذا شاهدت طائراً يحلّق بحرية، فإنها تُستفز وتوجه نحوه مدفعاً وليس رصاصة»، مؤكداً في الحوار أن «المؤسسة العامة للسينما في سورية تعمل وفق عقلية النظام نفسه، حيث مديرها مدعوم من ضباط النظام، ولا يقبل أي فكرة مختلفة مع توجهه».

لقد عاش نبيل المالح حراً، ومات كالأشجار وقوفاً، كما أراد، فلم يقف مع الظلم يوماً، وقد ساند ثورة شعبه حتى لحظاته الأخيرة في الحياة.

نعي الأصدقاء

نعى سينمائيون وفنانون وكتّاب صديقهم الراحل نبيل المالح، عبر صفحاتهم الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، ومن بينهم الفنان السوري جمال سليمان الذي كتب عنه «مازالت أخبار الرحيل السوري الكبير تتوالى، ومازالت أمنياتنا في أن تكون تلك الأخبار مجرد إشاعات كاذبة، مجرد أمانٍ. وداعاً نبيل المالح، وداعاً يا أستاذ، أنت لم تكن مخرجاً مبدعاً وحسب، بل كنت عنواناً سورياً، لذلك وداعك صعب ومؤلم يا صاحب الأحلام التي لا تنتهي»، مضيفاً أن «روحك ستبقى سابحة في حارات دمشق تطوف فوق نوافيرها، أما نحن فسنتذكرك دائماً ونفرح لأننا عرفناك».

ووضعت الفنانة أناهيد فياض صورة المالح، وعلقت «السلام لجمال قلبك والسلام لشبابك الدائم، وخسارة لكل من لم يجلس معك ويستمع إلى حكاياتك».

في المقابل، كتب المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي على صفحته الخاصة «حزن آخر، وغياب آخر، وفقدان آخر بطعم آخر، ودّعت السينما عاشقها وشاعرها، ودّعت طفلها وعملاقها، نبيل المالح، سنفتقدك يا نبيل كما افتقدتك سورية التي تسكنك رغم المنافي المفروضة عليك وعلينا داخل وخارج أوطاننا وبيوتنا، ولكنك يا نبيل ستواصل مهمتك في إنارة الطريق للأجيال القادمة، للعابرين في دروبك السينمائية، تواصل الدور الذي اختارته لك عشيقتك السينما، ستبدع كعادتك في مهمة الملهم وستساهم في تطوير كل ما هو فن وحق وحرية وجرأة وصدق في حب الوطن وحب البشر، وداعاً يا نبيل السينما العربية».

بدوره، كتب الكاتب السوري تمام هنيدي، اللاجئ في السويد، «شكراً لك يا نبيل المالح، شكراً على كل ما قدمته لنا. نحن الذين يوماً بعد يوم نودّع القرن الذي ولدنا فيه لندخل القرن الذي سنموت فيه، ونودّع يوماً بعد يوم آباءنا، ونتيتّمُ شيئاً فشيئاً، فنكتشف أننا كبرنا، وصار لابدّ لنا من الاستعداد للخسائر. شكراً من القلب يا نبيل المالح، نم آمناً أيها الأستاذ».

وغيرت الفنانة السورية ريم علي صورتها الشخصية ووضعت بدلاً عنها صورة الراحل نبيل المالح.

وكتب عنه المخرج السوري هيثم حقي «وداعاً صديقي العتيق العتيق. أي حزن هذا الذي حوّل صفحاتنا إلى أوراق نعي الأحبة. وداعاً نبيل صديقي وشريك العمل السينمائي والثقافي خلال الأربعين سنة الماضية. من الصعب اختصار ما جمعنا معاً خلال سنين طويلة، لكن عنوانه الأبرز مودة إنسانية عميقة وحب للسينما ولبلدنا وأهله الطيبين، والسعي بكل الوسائل نحو سورية. في لقائنا الأخير في باريس حين جئت رغم المرض لحضور عرض فيلمك الجميل (الكومبارس) في النادي السينمائي السوري، ولعل الأيام الثلاثة التي قضيناها معك كانت تلويحة الوداع التي قررت الحياة أن تمنحنا إياها».

وأضاف حقي «حزني كبير على خسارة سورية مبدعيها الكبار، الذين استطاعوا رغم سنوات القمع أن يفتحوا ثغرة في جدار المنع، والاضطهاد الأصم، ليرفعوا اسم سورية ويحضّروا شبابها لثورة الحرية والكرامة. وداعاً نبيل المالح، ستبقى حياتك وأفلامك (بقايا صور) دمشقية سيحتفظ بها ملء القلب والعين جيل الحرية القادم».

المهرجانات تحزن

قام عدد من مواقع المهرجانات السينمائية بتقديم عزائها على رحيل المالح، فالصفحة الرسمية لمهرجان دبي السينمائي كتبت «رحل عن عالمنا المخرج السوري القدير نبيل المالح، وهو أحد أبرز السينمائيين في تاريخ الفن السوري، كما كان أول مخرج سوري يدرس السينما في براغ خلال عام 1964، وقدّم باقة من أروع الأفلام السورية التي حجزت لنفسها مكانة متميزة في الذاكرة العربية. رحل المالح لكن ستظل أعماله باقية».

في المقابل، تقدم مهرجان مالمو للسينما العربية عبر صفحته الرسمية بواجب العزاء بفقدان المخرج السينمائي السوري نبيل المالح، وكتبت «المالح من أهم صناع السينما السورية، إذ أخرج العديد من الأفلام السينمائية التي أصبحت جزءاً من تاريخ السينما السورية. ترك المالح ذكريات في العديد من المحافل السينمائية العربية والدولية، ومنها مهرجان مالمو للسينما العربية، حيث حل ضيفاً على المهرجان في دورته الأولى، فيما كرمه المهرجان في دورته الثانية 2012».

الرسم والكاميرا

في سنواته التي قضاها نبيل المالح في دبي حيث اختارها، بعد معارضته لبطش النظام السوري الذي يعرفه جيداً، ويعرف مدى قسوته على بلده وعلى الشعب السوري، استطاع المخرج أن يخرج كل طاقاته الإبداعية ليس فقط في صناعة أفلام وحسب، بل من خلال الرسم والألوان، فكان يؤكد أن للألوان سحراً خاصاً على تلك الأقمشة الصماء، التي من خلالها نروي حكاياتنا التي ننشرها بعد.

كانت له تجربة مهمة في صناعة الأفلام الوثائقية والقصيرة «حلب» (1965)، و«إكليل الشوك» (1969)، و«الصخر» (1978)، و«النافذة» (1978)، و«العتمة المضيئة» (2003)، و«عالشام عالشام» (2006).

هو صاحب أكثر من 150 فيلماً بين روائي طويل وقصير ووثائقي، وصاحب أكثر من 60 جائزة عربية وعالمية، حصل عليها المالح خلال اشتغاله في السينما لأكثر من 40 عاماً، وأفلامه التي حصدت الجوائز كثيرة، من بينها «نابالم» (1969)، و«المخاض» (1978)، و«بقايا صور» (1978)، و«الكومبارس» (1992).

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

الإمارات اليوم في

29.02.2016

 
 

لا عزاء للسينمائي في IMDB |

بهيج وردة

بالدخول إلى صفحة المخرج السوري الراحل نبيل المالح (1936-2016) على IMDB لن تجد سوى ثلاثة أفلام أنجزها كمخرج هي «الفهد» (1972)، «بقايا صور» (1981)، «كومبارس» (1993)، ويرد اسمه ككاتب للفيلمين الأخيرين، فيما تشير كل الأخبار والحوارات، أن في رصيده أكثر من 150 عملاً سينمائياً بين روائي ووثائقي

أين غابت بقية النتاجات؟، وكيف لا يكون فيلم مثل «البحث عن شيخ الشباب» الذي يتناول الزعيم الوطني فخري البارودي موجوداً على سبيل المثال؟. في الوقت الذي تجد فيه تفاصيلاً أكثر على صفحة ويكيبيديا المذكورة، إلا أن ما يغيب عنها أكثر مما يحضر، وبالعودة إلى صفحة إيبلا برودكشن (299 شخص معجب بالصفحة حتى لحظة كتابة المقال) شركة الإنتاج التي أسسها الراحل، لن تجد ما يكفي فضولك أيضاً، إذ لطالما كان خياره غيرياً، وستتعرف إلى المدرسة التي تركها الراحل، والإرث الغني الذي ساهم في خروجه إلى النور

مع كل غياب لمبدع يقفز السؤال عن أعماله إلى ساحة الوعي، أين هي؟، وكيف تستمر في الحياة من بعده؟. فكيف بالحري مع «السيد التقدمي» نبيل المالح صاحب الكم والنوع في السينما السورية

لربما يتحمل المالح جزءاً من المسؤولية في عدم اهتمامه بالتوثيق مقابل العمل الشاق الذي يمارسه، وعدسة الكاميرا التي يسلطها على كل ما يحب، فيما يتحمل جزءاً آخر شركاء العمل من الشباب الذين شاركوه الهم في أفلامهم –على الأقل

ما يميز الموت هذه الأيام هي القصص. كل يكتب قصته، وبالتأكيد هنالك الكثير من القصص، إذ لطالما عمل مع كثيرين ولكل منهم حكايته، وتتمنى ان تسمعها، او بعض الخفايا التي كانت حبيسة الأدراج، وآخرها المنشور الأخير على صفحته في فيسبوك التي تعلم من خلالها، عن فيلم «ابن لادن» الوثائقي بناء على اقتراح الصحفي ابراهيم الجبين وتم تصويره في اللاذقية، وصادرته المخابرات ونشر في مقالة صحفية كتبها صاحب الاقتراح.  

غداً، حين تنتهي طقوس العزاء. سيعود المشغولون إلى أعمالهم، وإلى محاولاتهم الحثيثة في الحياة –ولهم العذر طبعا، إلا أن الباقي هو قاعدة بيانات تضم سينمائيين من العالم، وتمثل مرجعية أساسية للكثير من الصحفيين والكتاب، سيكون لغيابه عنها الأثر الأكبر في التلاشي التدريجي لأعمال رجل قال في حوار صحفي أن "ما أنجزه لا يمثل سوى 10% مما يخطط لإنجازه". المفارقة أن هذا الكلام حديث في الوقت الذي كان يقترب فيه من الثمانين

وربما سيكون من الصعب على أي باحث إيجاد نتائج تشبع فضوله من حوارات ومقالات تناولت صاحب «عالشام ..عالشام» بسهولة، بعدما غرقت الشبكة العنكبوتية بسيل من النعوات الأنيقة التي تتناسخ ما كتب في عجالة، وتكرس أفلاماً بعينها، فيما مصير البقية النسيان. ألا يستحق السينمائي الأنيق مصيراً أفضل في IMDB.

موقع أكسجين في

01.03.2016

 
 

وداع حزين للمخرج السوري نبيل المالح في دبي

حسام حافظ

فقدت السينما العربية يوم 24 فبراير الماضي المخرج السوري الكبير نبيل المالح "1936 - 2016" الذي مات في منزل ابنته في دبي بعد أن عاش 80 عاما في العمل علي تعريف العالم بالسينما في سوريا منذ أن أنهي دراسته في الستينيات من القرن الماضي في تشيكو سلوفاكيا حتي رحل هذا الأسبوع. 

قدم نبيل المالح 150 فيلما ما بين القصير والطويل أولها مجموعة من الأفلام القصيرة في الستينيات: "علي الشام" و"النافذة" و"الصخر" و"العتمة المضيئة" وأدهش النقاد في السبعينيات عندما قدم فيلم "بقايا صور" عام 1978 وحصل علي العديد من الجوائز إلي جانب الأفلام الروائية مثل "الفهد" و"رجال في الشمس" وأخيرا "كومبارس" عام 1992 الذي أثار ضجة وتم منع عرضه في سوريا لعدة سنوات وحصل أيضا علي المزيد من الجوائز العربية والعالمية. 

نعي العديد من السينمائيين العرب نبيل المالح وكتبوا علي صفحات التواصل الاجتماعي منهم د.محمد كامل القليوبي الذي اعتبره أحد رموز سينما التحرر الوطني في سوريا وكذلك نعاه الفنان السوري جمال سليمان والمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي والفنانة الفلسطينية أناهيد فياض وتمام هنيدي والمخرج هيثم حقي والفنانة ريم علي التي وضعت صورته علي صفحتها بالفيس بوك بدلا من صورتها. 

الجمهورية المصرية في

02.03.2016

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)