ملعون أبو «دى» حرية!
كتب : حسام عبد الهادي
سواء اختلفنا أو اتفقنا مع الحكومة الجديدة بكل أبعاد الاختلاف أو
الاتفاق، إلا أننى أثمن ماقام به رئيس الوزراء (إبراهيم محلب) من
منع كارثة أخلاقية من دور العرض السينمائية.. ما منعه (محلب) بكل
المقاييس يعد (دعارة سينمائية).. وهو ما اعتاد (السبكية) على
تجريعه لشباب مصر الذين أفسدوا أخلاقهم بهذه النوعية من الأفلام
الرخيصة المسفة المبتذلة - مع سبق الإصرار والترصد - وهو أبشع جرما
من خيانة الوطن، لأن ما فعلوه يدخل تحت بند تدمير الوطن الذى يجب
محاكمتهم عليه محاكمة علنية قاسية بما اقترفوه فى حق المصريين،بل
كل من يشاهد أفلامهم!!
فمصر يا (سبكية) ليست راقصة وبلطجيًا.. وليست مجرد جسد مشحون
بالغرائز، أوكائن أنوى يعانى من المراهقة - سواء المبكرة أو
المتأخرة !!
فأقنعة الحياء حين تسقط من على وجه مجتمع شرقى - كمجتمعنا -كل
رصيده القيم والأخلاقيات والمبادئ والعادات والتقاليد التى جاهد
لغرسها فى أبنائه على مدار عقود طويلة ظل الكل يحسدنا عليها..
حينها نقول على المجتمع السلام.
مايحدث الآن من محاولات مضنية من أقزام عديمى الحياء والنخوة
المجتمعية والكارهين لجذورنا الأصيلة الطيبة وهم فى الأصل عملاء
مدفوعون بأموال غربية لتشويه وإفساد صورة المجتمع، والعمل على
انهياره أخلاقيا لايجب السكوت عليه، خاصة أن هؤلاء لايمكن أن نصبغ
عليهم صفة المصريين، فالمصرى معروف بشهامته وجدعنته، (وإنه مايطلعش
العيبة من بقه) لشدة حيائه.
مايحدث ضرب بكل ذلك عرض الحائط رغبة من هؤلاء الأقزام فى نشر
الفساد والإباحية والجنس السينمائى الذى أتقنه - بامتياز -
(الإخوان السبكى) - لعنهما الله، والذين تعاملا مع السينما وكأنها
بلغة (الجزارين) - التى يعرفونها وحدهم - ليست حتى مجرد (لحمة)
وإنما (شغت) مصيره سلة القمامة!!
الفرق شاسع بين الحرية والفوضى، بين فن السينما وبين فن العهر
والدعارة.
مايفعله صانعو السينما الحرام هو انحدار وسقوط قيمى، وانحطاط
أخلاقى ببراعة..
مانراه الآن ومنذ فترة ليست بالقليلة فى السينما المصرية خزى وعار،
ولايتناسب مع تاريخ رائدة السينما العربية التى أقرنت أفلامها باسم
العروبة - نسبة إلى العرب الذين كانوا يعتبرون أن الفيلم المصرى هو
فيلم كل العرب وليس المصريين فقط، وتعلموا اللهجة المصرية وخفة
الدم المصرية من خلالها، ولكن - للأسف - منذ 10 سنوات ويزيد قليلا
والسينما المصرية مثلها مثل حال المجتمع المصرى، بل والعربى كله فى
حالة انحدار شديدة، ولم يتصد لها أحد للدفاع عنها، حتى وزارة
الثقافة المنوطة بحمايتها تعاملت مع ظواهر الإباحية السينمائية
وحالة الإسفاف والابتذال والهلس السينمائى بنظرية (ودن من طين وودن
من عجين) بعد أن كانت الدولة فى مرحلة الستينيات حريصة كل الحرص
على توعية المجتمع والارتقاء بذوقه وفكره من خلال الفن وعلى رأسه
السينما التى كان يرأس هيئتها القومية واحد بحجم أديب نوبل (نجيب
محفوظ)!!
فما نراه الآن من سينما هو أقرب فى صورته إلى أفلام (البورنو) الذى
لايجب السكوت عليه، أو أن نغض البصر عنه مصدرين مصالحنا الشخصية
على حساب مصلحة الوطن.
نعم للإبداع ولا للإسفاف شعار نرفعه جميعا ولا أحد يستطيع أن يقف
فى وجه الإبداع طالما إبداع محترم.. هذا ماجعلنا نعترض من البداية
على سلسلة أفلام (خالد يوسف) الإباحية التى بدأها بـ(حين ميسرة)
و(كلمنى شكرا) و(دكان شحاتة) والذى اكتشف فيها أنوثة كل من (غادة
عبدالرازق) و(سمية الخشاب) و(هيفاء وهبى) ولعب على مسألة الغرائز
لأنه يعلم جيدا أنها السلعة الأكثر رواجا فى مجتمع يعانى من
الحرمان بسبب تأخر سن الزواج وظروف المجتمع المعيشية.
(خالد يوسف) الذى قص شريط الإباحية السينمائية فى مصر سار على نهجه
(السبكية) فقدموا أفلاما تثير الغثيان والقرف ليس لأنها تخاطب
الغرائز فقط، بل لأنها ليست أفلاما بقدر ماهى مواخير سينمائية
اعتمدوا فى معظمها على الراقصة والبلطجى، وكانت (دينا) و(سعد
الصغير) و(محمد رمضان) هم أبطال المرحلة، وعلى نفس الدرب لم تختف
(غادة عبد الرازق) من المشهد السينمائى الإباحى لتنافس بقوة
غريمتها فى ذلك المضمار (هيفاء وهبى) لدرجة أن الصراع بينهما لم
يقف فقط عند حد الغريزة، بل وصل إلى تشابه الأفكار أيضا..
فـ(هيفاء) التى سبقت (غادة) بعرض فيلمها (حلاوة روح) يطرح علاقة
غير شرعية بين امرأة مطلقة تعيش بمفردها فى شقتها وبين ابن جيرانها
الطفل.. وهى تقريبا نفس الفكرة التى تطرحها (غادة عبد الرازق) فى
فيلمها (حجر أساس) الذى يحكى عن قصة مدرسة مطلقة تقيم علاقة غير
شرعية مع تلميذها فى المرحلة الإعدادية لتحمل منه.. الفيلمان
مليئان بالمشاهد الجنسية وليست مجرد الإباحية فقط وهو ماينذر بقدوم
أفلام (البورنو) علانية فى دور العرض السينمائية دون ظابط أو
رابط.. ولاحياة لمن تنادى فى مجتمع يزداد كل يوم ترديه الأخلاقى.
كنا قد شاهدنا فى الأيام القليلة الماضية إصرار سيناريست ومخرج
فاشل من مرضى الشهرة والشو الإعلامى أن يتخذ من أعماله السينمائية
ستارا لإثارة الجدل المجتمعى وإيقاعه - أى المجتمع - فى مستنقع
الفساد.
عن (هانى فوزى) أتحدث وفيلمه الأخير (أسرار عائلية)، بعد أن أصر
على لى ذراع الرقابة باستخدام القوة الجبرية بتمريره عبر دور
العرض، والذى يطرح فيه قضية الشذوذ الجنسى ببجاحة.
المصيبة، بل الكارثة المجتمعية أنه تم السماح بعرضه، وهو ما يعنى
انهيار المجتمع أخلاقيا، بعد أن استخدم (هانى) - مدفوعًا بدعم مالى
ومعنوى وسلطوى من (إسعاد يونس) - كل وسائل الضغط والابتزاز ومخالفة
القانون لتمريره على حساب أخلاقيات المجتمع.
الخبث والقبح المقصودان من وراء تمرير هذا الفيلم يستهدف الجمهور
المصرى، خاصة من الشباب الذى يتأثر بما يراه من أفلام سينمائية
متدنية والقيام بتقليد ماجاء فيها من وقاحة وإسفاف، والعينة بينة
كما رأيناها فى كثير من أفلام العنف والبلطجة والتدنى الأخلاقى
بداية من (إبراهيم الأبيض) و(شارع الهرم) و(عبده موتة) و(القشاش)
و(8٪ وغيرها).
صحيح أن قانون الرقابة رقم 230 لسنة 55 يدافع عن حرية الإبداع ولكن
مع عدم مخالفة القانون، بما لا يهدم القيم المجتمعية والتقاليد
المصرية، وبما لا يمس أى وجه من أوجه التعرض لازدراء الأديان.
صناع السينما المستوردون للعادات الغربية الذين تصوروا أنها ستفلح
مع مجتمعنا ومن السهل تمريرها أخطأوا فى تحديد حساباتهم، وعلى
المسئولين فى وزارة الثقافة ضرورة مواجهتهم بهذه الكوارث بل
تحويلهم إلى النيابة العامة بتهمة القيام بفعل فاضح يريدون به
تدمير المجتمع، وتتم محاكمتهم ومعاقبتهم بأغلظ الأحكام.
فكفانا هزلا وتراخيا فى بناء المجتمع وليلزم كل حده، فملعون أبو
الحرية التى تأتى على أنقاض المجتمع بهذه الطريقة المبتذلة. |