* لقد بدأ التليفزيون في مصر قومياً عاماً منذ 1960 ثم بدأ انطلاق الشبكات
الخاصة المصرية بعد 40 عاماً.. بينما حدث العكس مع الإذاعة التي بدأت
بسلسلة من الإذاعات الخاصة أشهرها إذاعة الخواجة "ماركوني" قبل أن يصدر
قرار بإلغائها وإطلاق الإذاعة المصرية القومية يوم 31 مايو عام ..1934 وبعد
يومين نحتفل بالعيد الماسي لإذاعتنا. ولكن بعد أن عاد الزمن للوراء وانطلقت
من جديد إذاعات خاصة منذ سنوات قليلة مثل "نجوم إف. إم" وغيرها.. أي أن ما
رفضته الحكومة المصرية في الثلاثينيات من القرن الماضي عادت وقبلته. بعد
سبعين عاماً سيطر فيها البث الرسمي للدولة وحده علي الفضاء السمعي البصري..
وتحدث تحولات كثيرة ومنافسات شرسة من داخل مصر وخارجها لهذا البث الرسمي.
سواء في التليفزيون أو الإذاعة.. ولقد بدأت "انتفاضة" تحديث التليفزيون علي
يد الوزير أنس الفقي منذ مارس من هذا العام. ومنذ أيام أعلن وزير الإعلام
في اجتماع مع قيادات الإذاعة أنه اعتمد مبلغ 130 مليون جنيه لتحديث
استديوهات الإذاعة المصرية. وتحويلها من نظام انتهي من العالم كله إلي
النظام الرقمي "الذي ربما يكون العالم الآن تحديداً يغيره".. المهم أنها في
رأيي خطوة جبارة بعد سنوات طويلة كانت الإذاعة المصرية فيها في ذيل
اهتمامات الحكومات المتعاقبة. وحيث كان التركيز كله منصباً علي التليفزيون
وتأثير الصورة القوي علي الجماهير.. الوزير أعلن أنه برصده 130 مليون جنيه
لتحديث بنية الإذاعة يستهدف إحداث نقلة نوعية وكيفية للبث الإذاعي. وهي
نقلة تأخرت كثيراً كما يعرف الإذاعيون ويعرفها من يتعامل معهم والذين كانوا
يندهشون للأجهزة القديمة علي كل مستوي. خاصة أجهزة "الناجرا" الثقيلة التي
دخلت المتاحف الآن.. ولهذا أعتقد أن قرار الوزير يستحق الاهتمام والتقدير
خاصة أن عدد الاستديوهات المطلوب علاجه ضخم بالفعل وهو 80 استوديو تستحوذ
استوديوهات القاهرة علي 62 منها والباقي مخصص للإذاعات المحلية "18"
استوديو لإحدي عشرة إذاعة.. مع لزوم ما يلزم. أي أرشفة المواد الإذاعية
إلكترونياً. ومفترض أيضاً تحويل مكتبة الشرائط المصرية إلي مكتبة رقمية..
فماذا عن الكيف في هذه الصفقة؟.
إذاعات .. وموجات
* ثلاث إذاعات جديدة سوف يتم إطلاقها في إطار مشروع الوزير للتطوير. هي
إذاعة للدراما. وللطرب. وللأغاني الحديثة.. وهنا نسأل سيادته: هل تحل إذاعة
الأغاني الحديثة محل إذاعة الأغاني الحالية أم تتواجد الاثنتان؟.. وماذا عن
الإذاعات الموجودة من قبل مثل إذاعة صوت العرب والبرنامج العام والشرق
الأوسط والبرنامج الثقافي والكبار.. لقد ضعف صوتها كثيراً. وخفت. بل ضاع
وسط الإذاعات ذات الصوت القوي المسموع علي موجة ال
F.M فما هي أولويات التواجد علي هذه الموجة؟. وماذا عن قوة البث للإذاعات
المصرية خارج مصر والذي ضعف كثيراً ولم يعد مسموعاً في العالم العربي.. بل
وفي بعض مناطق مصر نفسها.. وماذا عن شبكة الإذاعات المحلية؟.. وهل سيتم
تطويرها فيما يخص البث والمحتوي أم ستظل كما هي؟.. وماذا عن الإذاعة
التعليمية وإذاعة القاهرة الكبري والإذاعات الموجهة؟
البرامج .. والحريات .. والأجور
* أخيراً.. يأتي سؤال المحتوي والمضمون وسقف الحريات المطلوب للإذاعة
المصرية الآن.. والذي لابد أن يتسع ويشجع الإعلاميين والإذاعيين علي تقديم
برامج جديدة وجريئة ترتبط بأحلام وآمال المواطن المصري. فمن المؤسف أنه لا
يوجد برنامج إذاعي واحد ينتظره جمهور المستمعين الآن مماثل لبرامج مثل
"البيت بيتك" أو "العاشرة مساء" وغيرها من البرامج التليفزيونية. كما أن
الإذاعة التي ضمت في الماضي الكثير من الكفاءات الإذاعية القديرة واللامعة
أصبحت الآن في صورة من يفتقد الكفاءة. حتي في تقديم وانتقاء أحاديث العقول
المصرية المبدعة في كل مجال. وربما يرتبط هذا بقضية لائحة الأجور في
الإذاعة التي وصلت إلي الحضيض. والتي أدت إلي هروب الكفاءات في كل مجال إلي
التليفزيون لدرجة أن مسلسلات رمضان الإذاعية أصبحت تنتج من خلال رعاة من
الخارج وهو وضع غير منصف. ولا يمكن تحديث الاستوديوهات والجدران والشرائط
وكل شيء إلا مكافآت العاملين بالإذاعة والمتعاملين معها. والتي مازالت تتبع
نظام الأنالوج... المنقرض.
ملتقي ومنتدي .. وضجيج بلا طحن
* ذهبت لحضور ندوة عن شئون الإنتاج الإعلامي العربي بمناسبة انعقاد منتدي
وملتقي الإنتاج الإعلامي العربي.. جلست لمدة ساعة أنتظر بدايتها في القاعة
المخصصة بفندق موفنبيك.. الحضور قليل لا يليق بالندوة وعنوانها..
والتجهيزات التقنية والميكرفونية تحتاج لتجهيزات!.. وعدم النظام هو السمة
الواضحة. ولا توجد ورقة واحدة فيها تصور أو دراسة لشئون ما يخص الإنتاج
التليفزيوني العربي الذي تعدي حجم الإنفاق عليه المليار دولار سنوياً. هل
علي هذا النحو سوف يتقدم أي شيء بشأن ما نراه علي شاشاتنا العربية؟.. في
المشمش!!
magdamaurice1@yahoo.com
الجمهورية المصرية في
28/05/2009 |