عبر
فنانون وكتاب ومواطنون عراقيون عن
حزنهم لرحيل الفنان العراقي عبد الخالق المختار في دمشق، فجر الاثنين
الماضي، اثر
مرض عضال واصفين رحيله بالخسارة.
وقال
المخرج المسرحي كاظم النصار 'فقدنا عددا
كبيرا من الفنانين العراقيين تحت هذه الظروف والأجواء التي اضطرتهم لمغادرة
العراق،
ليكون فقدان الممثل عبدالخالق المختار تتويجا لهذه المحنة'،
كونه 'مدمنا على بغداد'
كأي عراقي محب لوطنه، فغيابه خسارة استثنائية كمبدع وكإنسان ترك بصماته في
قلوب
محبيه وزملائه بعد معاناته مع المرض'.
ويضيف
النصار ان 'المختار واحد من
الفنانين المثقفين الذين كانت لهم صولات في تحشيد الرأي العام الفني
والثقافي
وتنظيف الصــورة الباهتة عن الفن والفنانين الى جانب مجموعة من زملائه'،
مبيناً ان
'الفاجعة الأكبر انه كان يتمنى أن يموت في بغداد أو يتواصل معها، لكنه مات
غريبا
وهذا بحد
ذاته يحفر في الوجدان الإنساني عميقا'.
'قبّل
لي بغداد وقاعة حوار'،
هذه هي آخر رسالة عبر الهاتف النقال تلقاها الفنان أياد الطائي من الراحل
المختار
قبل أيام قليلة، وذكر الطائي ان 'أمنيته كانت أن يعود إلى
بغداد، وذاك كان في باله
دوما، ربما لشعوره بقرب اجله لسوء حالته الصحية وتدهورها المستمر'، خصوصا
عندما
'كنا
نصور مسلسل (الباشا) في شهر تموز (يوليو) 2008، وكان يلعب فيه دور البطولة
بشخصية الباشا نوري السعيد'.
وتابع
'توقف التصوير لمدة شهر كامل بسبب وضعه
الصحي، ومن ثم أكمل المسلسل بشق الأنفس وكان ذلك واضحا حتى لدى مشاهديه،
حتى أخذت
حالته تسوء وصرنا نأخذه أسبوعيا الى المستشفى لغسل كليتيه، حتى
رقد فيها وتناوبنا
أنا وزميلي الفنان علي عبد الحميد على البقاء معه يوميا'.
وأكمل
الطائي قائلاً 'يسألني
دائما إذا عدت وأردت أن أغسل كليتي وانقطعت الشوارع، ماذا أفعل أموت بهذه
السهولة؟'، فأجيبه 'لا انتظر حتى تتحسن حالتك ياعبد الخالق ومن ثم تعود الى
بغداد'،
وكان 'في أيامه الأخيرة كان يضغط على نفسه ليعمل، فيمثل 16 مشهدا، بينما
الطبيب لا
يسمح له إلا بتمثيل مشهد واحد، وكان هذا فوق طاقته غير إن حبه
لفنه كان اكبر من كل
شيء'.
الفنان
الشاب مرتضى سعدي ذكر انه 'لا توجد أي نقطة سوداء في مسيرته الفنية
والإنسانية، فنان معطاء يحب الخير للناس، محاولا ان يقدم واجهة
حضارة وفنية للعراق،
فضلا عن كونه صاحب منجز له مكانة كبيرة في الوسط الفني'. ورأى سعدي ان
المختار
بتأديته لدور الـ (الباشا) قد 'نجح فيه نجاحا كبيرا ولا علاقة لذلك
بالأبعاد
السياسية التي يحملها البعض للعمل الفني وما خلفها من صراعات
سواء كانت الشخصية
سلبية أو ايجابية في تاريخ العراق السياسي'.
الكاتب
والإعلامي سيف الدين كاطع
قال إن 'رحيل الفنان المبدع عبد الخالق المختار يعد خسارة حقيقية للفن
العراقي
المعاصر لما يمتلكه من حضور متميز وحرص شديد على تقديم منجز بالغ الوضوح
والتأثير
في المشاهد العراقي'، لافتا الى انه 'منذ بداياته أصبح يضع
قدمه على جادة الصواب
والرصانة والموضوعية، سواء في المسرح او الدراما التلفزيونية والسينما،
ويعد علامة
متفردة كممثل مثقف حاصل على شهادة الماجستير في التمثيل وما كتبه من بحوث
ودراسات
في هذا الشأن'.
من جهتها،
أعلنت دائرة السينما والمسرح وعلى لسان مدير مكتبها
الإعلامي 'عن إقامتها لمجلس فاتحة على روحه وإصدارها بيان نعي'.
وأوضح
جهاد زاير
ان
'الفنان الراحل عبد الخالق المختار سيتم تشييعه في بغداد من مبنى السينما
والمسرح، ليدفن في بلده العراق بعد وصول جثمانه اليوم (الثلاثاء) بعد ان
يشيعه
زملاؤه ومحبوه غدا في العاصمة السورية دمشق'.
الباحث
الموسيقي ستار الناصر اشار
الى ان 'المختار يبحر في بحر الشخصية التي يمثلها حتى تغدو هو، وهذا شأن
العارفين
بفن التمثيل، اذ كان الفقيد مطبخا لخلق الكاركترات لذا تراه في كل دور
جديد،
المختار لا يكرر نفسه وهذا ما جعله حاضرا فاعلا في عمله
الإبداعي'.
المواطنة
إنعام سالم، قالت إن 'من المؤسف ان يرحل هذا الفنان المحترف
الذي يجيد واضافت سالم
انه 'بالرغم مما قيل ويقال في الصحف والفضائيات عن مسلسل 'الباشا' الذي
شاهدناه في
رمضان من على قناة 'الشرقية'، في إخفاق المؤلف بإبراز الجوانب
المعتمة في حياة نوري
السعيد السياسية، إلا إن أداء المختار كان ممتازا في تجسيد هذه الشخصية
المهمة'.
المواطن
جمال محمد قال 'أجد اننا خسرنا فنانا مهما، كان منسجما مع
الأدوار التي يتقمصها بشكل عفوي، وكأننا الآن نسترجع تلك المسلسلات التي لم
نكن
نترك حلقة من حلقاتها في بدايات عبدالخالق المختار وما بعدها'.
وعبد
الخالق
المختار،
مواليد بغداد عام 1960، غير متزوج، حاصل على شهادة البكالوريس في الفنون
المسرحية قسم التمثيل والإخراج عام 1982 من أكاديمية الفنون الجميلة جامعة
بغداد،
وحصل على شهادة الماجستير في الفنون المسرحية بدرجة جيد جداً
عام 1989 من
الأكاديمية ذاتها، وهو عضو في الفرقة القومية للتمثيل، وعضو مؤسس لفرقة
إبراهيم
جلال المسرحية، كما انه عمل مدرسا في معهد الفنون الجميلة - بغداد - قسم
الفنون
المسرحية من عام 1991 الى عام 2001، وشغل منصب رئيس فرع
التمثيل قسم الفنون
المسرحية في معهد الفنون الجميلة ببغداد لمدة ثلاث سنوات، كما عمل منتجا
منفذاً في
حقل الإنتاج التلفزيوني الخاص، وعمل مستشاراً فنيا في قناة 'البغدادية'
الفضائية،
وعضو مؤسس فيها قبل أن يغادرها للتفرغ لأعماله الفنية وبالرغم
من حالته الصحية قدم
العديد من الأعمال المهمة على صعيد التلفزيون او المسرح مع فيلمين
سينمائيين هما
'الحب
كان السبب' مع المخرج عبد الهادي مبارك عام 1986، و'حكاكة' إخراج أركان
جهاد
لصالح قناة 'السومرية' عام 2008، ومن أبرز أعماله المسرحية،
'الأحدب'، 'الذيب'،
'ماكبث'، 'اللعبة'، 'خمسة أصوات'، 'مزاويل باب الآغا'،، وفي الدراما
التلفزيونية، 'مناوي
باشا'، 'الجرح'، 'المصير القادم'، 'الباشا'.
كما حصل
على العديد من
الجوائز العراقية والعربية وعلى العديد من الشهادات التقديرية.
القدس العربي
12/02/2009 |