ان
الانتصار الذي حققه المرشح الديمقراطي باراك أوباما في انتخابات شهر
نوفمبر 2008، والذي فاجأ الكثير من الأمريكيين وأغلب شعوب
العالم معهم، قد أثبت أن
الأمريكيين كانوا مستعدين لرؤية رئيس أسود... في البيت الأبيض. بطبيعة
الحال لقد
سنحت لنا الفرصة أكثر من مرة كي نرى رئيسا أمريكيا أسود يحتل مقعده في
البيت الأبيض
الأمريكي. لم يكن ذلك على أرض الواقع بقدر ما كان في البيت
الأبيض الافتراضية، أي
في
الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية...
وما أكثر
ما انتجت منها استديوهات هوليود.فقد تقمص جيمس ايرل جونس دور
الرئيس الأمريكي في فيلم "الرجل"
-The Man-
وكذلك فعل
الممثل القدير مورجان فريمان
في
فيلم
-Deep Impact-
ونسبح على منوالهما كريس روك في فيلم "رئيس الدولة"
-Head of state-
فيما ساعدنا فيلم -24- الذي لعب دور البطولة فيه دنيس
هيسبورت على أن تتصور
التغيير الذي بشر به باراك أوباما حتى من قبل أن يحدث.
لعل هذه
الافلام
السينمائية الخيالية قد ساهمت بشكل أو بآخر في ترويج فكرة الرئيس الأمريكي
الأسود
في
البيت الأمريكي الأبيض.
لا
تتوهموا مع ذلك أن كل شيء قد تغير في هوليود...
فالأستوديوهات السينمائية في هوليود لها تاريخ حافل في مجال رفض احتضان
الممثلين
السود وإصرارها دائما على تصويرها بشكل كاريكاتوري نمطي ينم عن عنصرية
دفينة لكن
خلال الخمسين السنوات الماضية، أو على وجه التحديد خلال
الأعوام السبعة والاربعين
الماضية، أي منذ ولد باراك أوباما نفسه، أصبح الممثلون السود يتسلمون سلم
النجومية
في هوليود وينتقلون من الأدوار الثانوية إلى أدوار البطولة في
أفلام بارزة أنتجتها
الولايات المتحدة الأمريكية، ساعدت هذه الأفلام أيضا على تسليط الضوء على
المشاكل
التي يتخبط فيها كثير من السود في الولايات المتحدة الأمريكية.
هناك أيضا
الكثير
من
المخرجين البارزين من أمثال سبايك لي وتشارلز بورنيت وجون سنجلتون وقد
ساهموا
جميعا في اسقاط الحجاب الذي كان يمنع الممثلين السود من البروز في هوليود
وتجاوز
تلك الصور النمطية التي كانت دائما تلاحق السود وذلك من أجل
الارتقاء في سلم
المشاهير في هوليود كما أسهمت هوليود في ظهور طبقة جديدة من السود الاغنياء
وسعت
الى تقديم صورة أكثر موضوعية وملامسة للحقيقة عن حياة السود الأمريكيين.
لقد حقق
الممثل
ويل سميث شهرة كبيرة بعد ظهوره في فيلم -Independence Day-
على سبيل
المثال.
خلال
السنوات الخمسين الماضية، رأينا كيف أن العديد من الأفلام قد صورت
رجالا سودا يواجهون مشكلة الهوية في المجتمع الأمريكي العنصري
وصولا إلى امكانية
تولي السود السلطة والمشاركة في صنع القرارات.
إن
التاريخ الحديث للأمريكيين من
أصل أفريقي مليء بالمحطات المهمة. لقد كان سدني بواتييه أول ممثل أسود يظهر
اسمه
فوق عنوان الفيلم رمزا ليس فقط للأمريكيين السود من أصل افريقي بل
والولايات
المتحدة الأمريكية بصفة عامة.
في سنة
1961، أي في نفس العام الذي ولد فيه باراك
أوباما، تقمص سيدني بواتيه دور والتر لي يونجر في فيلم:
A Rainsin im The Sun
جاءت
عدة أدوار أخرى مهمة تقمص فيها السّود شخصيات جسدت ذلك الغضب وأبرز مشاكل
السود في
المجتمع الأمريكي.
كيف يمكن
لرجل أسود أن يتولى أمور القيادة في مجتمع يغلب عليه
البيض وتعود على النظر الى السود وفق رؤية معينة؟
كيف يمكن
للرجل الأسود بعد
التاريخ الأليم الذي عاشه أن يتعايش مع العالم الأبيض من دون أن يضحي
بنزاهته أؤ
احترامه لذاته.
لقد واجه
الممثل سدني بواتييه الكثير من هذه التحديات في الكثير
من
الأفلام التي ظهر فيها مثل فيلم:
In The heat of The Night
وفيلم
Whoصs
coming To Dinner
أصبح
بواتييه بذلك سفيرا لدى أمريكا البيضاء ورمزا لقوة السود. رغم
أنه لم يكن مفضلا لدى الحركة المطالبة بحقوق السود آنذاك.
ما إن بدأ
عرض هذه
الافلام في سنة 1967 حتى بدأت تظهر وكأنها عتيقة وساذجة في أطروحاتها. فقد
كانت تلك
الافلام ليبرالية وتروج لفكرة الاندماج في وقت كانت فيه المدن الامريكية
تغلي
بالمظاهرات فيما ظهرت حركة أكثر راديكالية للمطالبة بحقوق
السود... وجهت انتقادات
لاذعة للممثل سدني بواتيه واعتبر البعض انه غير ملتزم القدر الكافي للدفاع
عن قضايا
السود رغم انه كان معروفا كناشط ومفكر.
في سنة
1971 أنتج ماليفين فان بيبلس فيلم
Sweet swetbacks Baadssss song
وقد ساهم هذا العمل السينمائي في تدشين مرحلة جديدة
من الأدوار التي يتقمصها الممثلون الأمريكيون من أصل إفريقي.
اعتبر
الناقد
هيوتيوتن
هذا الفيلم أول فيم ثوري حقيقي ينتجه السود الأمريكيون. وقد اعتمد على
ميزانية محدودة جدا.
أما بطل
الفيلم فهو يقف على نقيض أدوار السود السلبية
والمحايدة في الأفلام الأخرى التي تنتهجها هوليود.
على غرار
أدوار سيدني
بواتييه.
لقد كان
"الممثل الأسود" يقف رمزا لقوة السود كما أنه رمز للقوة
الجنسية والإثارة وهو ما استغله المنتجون البيض كثيرا في
هوليود.
لقد ظلت
هوليود
طويلا تقسم الممثلين السود وفق محور "للفضيلة" من ناحية "والآثام" من ناحية
ثانية.
فهو يلعب دور "الشرطي" أو "اللص المجرم" وهو يلعب من ناحية دور "القديس" أو
دور "المريض
نفسيا" من ناحية سكانية تلك هي جاذبية الرجل الأسود المارق على قانون كما
يظهر مثلا في فيلم
Black Outlaw.
أبدع
الممثل مورجان فريمان في لعب دور "القواد"
في
فيلم
street smart
سنة 1987 حتى أن أحد النقاد تساءل عما إذا كان يعتبر أعظم
ممثل أمريكي في هوليود.
في سنة
2002 أصبح دنزل واشنطون ثاني رجل أمريكي من أصل
افريقي يفوز بجائزة أوسكار أفضل ممثل عن دوره كمحقق للشرطة قذر في فيلم
-Training Day-
تمتاز أدوار دنزل واشنطون بالقوة والاثارة والعنف وقد برز أيضا في افلام
أخرى
مثل
فيلادلفيا
-philadelphia-
وفيلم -Remember The TTitans-
إضافة إلى
فيلم
-Pulp Fiction-
الذي لعب فيه دورا قويا إذ أنه راح يدمر كل شخص يضعه حظه السيئ
في
طريقه.
قد يكون
العنف في الأفلام مثيرا حتى وان كان لفظيا فقط. كان ريتشارد
برايور من أوائل الممثلين الذين اكتشفوا انه يمكن إثارة إعجاب
المشاهدين البيض عبر
شتمهم وامتهانهم. لقد بنى ادواره السينمائية على هذا الاساس، أي على أساس
الصدام مع
البيض وتحديهم بكل الوسائل والاطلاع بالحقيقة من دون تجميل كما انه لم يخجل
أبدا من
ابراز جذوره العرقية.
كان
ريتشارد براير الممثل الأسود الاستفزازي في حقبة
السبعينيات وقد ظهر أيضا في عدة أدوار تلفزيونية وأصبح جزءا من الثقافة
السينمائية
الشعبية وفرض نفسه كنجم سينمائي في امبراطورية سينمائية اسمها
هوليود. يعتبر كريسي
روك خير من خلفه في مثل تلك الادوار قبل ان يأتي جيل النجم السينمائي الآخر
المعروف
إدي مورفي والذي يمثل بدوره حلقة مهمة في سلسلة النجوم السينمائيين السود
والتي
تمتد من سيدني بواتييه إلى دنزل واشنطون وويلي سميث.
في مطلع
الثمانينيات ظهر
ادي مورفي في البرنامج التنشيطي التلفزيوني المباشر
-Satarday Night live-
وراح
يقوض الصور النمطية والشهيرة للسود الأمريكين لقد أبدى براعة
كبيرة في الجمع ما بين
روح الدعابة الكبيرة التي يتمتع بها والنقد اللاذع وقد تجلى ذلك في أنجح
الافلام
التي لعب فيها دور البطولة مثل فيلم 24 ساعة -24
Hrs-
وفيلم
شرطي بيفرلي هيلز
-Beverly Hills cop-
وهو من نوع أفلام الأكشن المثيرة.
في فيلم -SNL-
سخر مورفي
من
بيل كوسي لكنه اعترف بمدى ما يتمتع به من مواهب وقد ألهم العديد من
الفنانين
والممثلين السود كما أنه ساهم في جعل السود يتصالحون مع هويتهم
فقد كان يقول: "أن
تكون أسود فتلك طريقة كي تعيش حياة طبيعية" ان برنامج
"Cosby Show"
لم يسع
إلى
تجميل
الولايات المتحدة الأمريكية أو نفي المشاكل الحساسة التي تعانيها وخاصة
مشكلة
الآباء الذين يهجرون أطفالهم.
أخبار الخليج
البحرينية في 25
يناير 2009 |