خاص بـ«سينماتك»

 

الجدران الفاصلة بين الحوار السينمائي والحوار التلفزيوني

بقلم: خالد ربيع السيد/ خاص بـ«سينماتك»

 
 
 
 
 
 

يخلط كثيرون من صناع الافلام السينمائية المبتدئين وأحياناً المتمرسين (السيناريست ـ المخرج ـ كاتب القصة) عند تحقيق أفلامهم في اعداد الحوارات لأفلامهم؛ بين اللغة الحوارية السينمائية واللغة الدرامية التلفزيونة.

هذا الخلط يأتي نتيجة لعدم تفهم جوهر لغة السينما الروائية في الأساس، وهو يتكون منذ بداية النشأة الثقافية لصانع الافلام، وتأثره بالدراما التلفزيونية الطاغية الحضور في الفضائيات خلال الثلاثة عقود الأخيرة، ولذلك يتأثر السينمائي الضعيف بالحوارات التي يشاهدها في المسلسلات أو التي يشاهدها في المسرح الروائي أحياناً ؛ أو التي قد يستمع إليها في الدراما الاذاعية بالراديو. هذه المؤثرات تتفاعل داخله على ترسيخ مفاهيم درامية كثيرة ومختلطة، تؤثر على فهمه للغة السينما بمجملها، منها نوعية وطابع الحوارات التي تدور بين الأبطال في العمل السينمائي.

 

ضعف الموهبة أساسي

لكن، في معظم الأحوال يكون المؤثر فاعلاً وقوياً بسبب وهن الموهبة الفطرية الكامنة في وجدان الصانع (وعيه التراكمي.مدركاته الآنية.مستقبلاته الشعورية) والتي تكون قد ولدت معه أصلاً، أو نمت في إدراكه اللاواعي عبر سنوات طفولته وفتوته حتى تبلورت بما اكتسبه من محيطه والتقاطاته الشعورية واللا شعودية من دراما التلفزيون والمسرح والإذاعة.

الحوارات في الدراما التلفزيونية تختلف كلياً عن الحوارات في أفلام السينما. هذا مؤكد وقاطع ولا جدال فيه، علينا أن نفكر في ذلك كثيراً ونفهمه. علينا أن نفكر في طبيعة التلفزيون وطبيعة السينما، وأن ندرك أنها طبيعة تراكمية أسسها الانسان عبر عشرات الالاف من الاعمال الروائية السينمائية، فأصبحت عرفاً فنياً عاماً متناسباً مع ذائقة المشاهدين في كل ثقافة ومحققاً لروئى السينمائيين الجادين.

نعم من هنا ومن تأثير الصورة جاء سحر السينما، ولهذا ومن المؤكد أن اعداد حواراً للفيلم السينمائي بطريقة الحوار في الدراما التلفزيونية يضعف الفيلم بأكمله ويبدد سحر ومتعة السينما، ويؤدي الى خلل في البناء الفلمي بأكمله؛ بل ويدمر الاحساس بأن العمل ينتمي الى فن السينما أصلاً، أيضاً يؤدي الى ملل المُشاهد وربما الى نفوره ووصفه للعمل بأنه عمل رديء؛ وربما لا يكمل مشاهدته أو يخرج من قاعة العرض، حتى لو كانت القصة والأبطال والانتاج جيدين.

كذلك الحوار التلفزيوني في السينما يؤدي الى امتعاض أعضاء لجان التحكيم؛ إذا شارك الفيلم في مهرجان أو مسابقة. إنه ببساطة يؤدي الى موت الفيلم وركنه في مستودع النسيان.

 

حساسية الحوار

علينا أن ندرك أن الحوار في السينما عنصراً هاماً أضافته مفاهيم السينما لوسائل تعبيرها لتقديم المحتوى السردي للفيلم بشكل جيد وممتع، بقدر ما يمكن ان يتحول إلى منزلق هدّام لجمالية الصورة، وطفيلياً على لغتها، ما لم يعالج بوعي يدرك حدود الكلمة وسياقاتها التعبيرية في وسط أساسه بصري.

قبل أن نسترسل في هذا الاستقصاء لن يغيب عنّا أن الفيلم السينمائي لغة متكاملة تؤسسها عناصر الصورة المتحركة أولاً، ومونتاجها للتحكم في زمن عرضها وإيقاعها، ومكانها وزاوية التقاطها، وطبيعة الحدث الذي يجري تجسيده من قبل الممثلين وزمنه وتقاطعاته، وتنقلات الكاميرا، وبالتالي كل ذلك له علاقة بنوعية الحوار الذي يجب أن يدور، بطوله أو قصره وعدد كلماته وطريقة نطق الممثلين للكلمات بالمؤثر العاطفي مع الموقف.

نعم هذا مفهوم، ولكن يحدث كثيراً عدم ملائمة عناصر الحوار مع مفردات السرد السينمائي الأخرى، كأن يتكلم الممثل بطريقة فاترة في موقف يتطلب شيء من الحماسة أو الحنق أو الخنوع أو الحكمة أو الديالوج الداخلي. أو أن يسترسل الممثلون بطريقة الثرثرة لإحداث تأثير عاطفي على المشاهدين، وهو ما يحدث كثيراً في المسلسلات المصرية والكويتية على وجه التحديد، وتلك المسلسلات المكسيكية والتركية التي غمرت فضائيات عالمنا العربي، مع الحرص طبعاً على تطويل الحوارات قدر الامكان لكي تزيد مدة عرض المسلسل وبالتالي تزيد عدد حلقاته مما يرفع قيمته البيعية للفضائيات التي تستحسن هذا النوع من المسلسلات حتى تسوّق للإعلانات وتكسب انتباه المعلنين والمشاهدين.. هذه أمور أخرى ينبغي مناقشتها في حيز آخر ليس مجالنا هنا.

على أية حال ينبغي أن يكون الحوار وأداء الممثل متناسباً ومتلائماً، وقد يحدث العكس أن يتكلم الممثل أو الممثلة بما يفوق حساسية الموقف، أي المزايدة أو ما يقال عنه باللهجة العامية المهجنة بـ(الأوفرة) أو المبالغة. أو أحيانا يكون الصمت أبلغ من الكلمات، لأن الصورة والعناصر الأخرى تكون قد قامت بالمهمة. نعم هذا حقيقي ومجرب بنجاح في الافلام.

 

السينما فن الصورة المتحركة

النقطة الأهم والتي علينا أن ندركها: أن "السينما فن الصورة المتحركة". طبعاً هذه عبارة مستهلكة والكل يرددها، ولكن عند التعمق فيها سندرك أن طبيعة التعبير بواسطة السينما يعتمد على دلالات ومعاني وايحاءات متكاتفة مع الصورة والحدث المصاحب والخلفيات التي رواها الفيلم عبر سرده للقصة منذ بدايتها، فهي تعبر أكثر وأبلغ من الكلمات ، لذلك تكون الحوارات مكملة ومتممة للمعنى الذي يريد صانع الفيلم إيصاله.

من هنا يأتي الفارق الأول والأهم بين حوارات الفيلم السينمائي والعمل التلفزيوني الدرامي. إذ لا يُشكل الحوار في السينما سوى جزءًا من الجانب الدرامي الصوتي الذي يتضمنه الفيلم، بإضافة الموسيقى التصويرية كفعل سيكولوجي او عامل تخييلي لربط المشاهد، و المؤثرات الصوتية التي تؤدي عملها على مستوى اللاوعي، و تعمل أيضاً على توسيع إطار الصورة لتجلب المكان خارج الشاشة للمشاركة بقول مالا تراه العين، وإعطاء معلومات أكثر مما يمكن رِؤيته. أرجو أن نتمعن في ذلك جيداً (الحوار جزء من الاطار الصوتي)؛ جزء من التعبير حتى لو لم يكن متسقاً مع الحدث، لكنه قد يضيف بعداً تخيلياً مهماً في السرد أو ثقافة البيئة التي يروي عنها الفيلم؛ ويحيل الى شعور بأمر آخر .. مثلاً نذكر في فيلم الأب الروحي، الجزء الأول ، كان أبناء فيتو كوروليوني يجهزون "مايكل" لمهمة تصفية رئيس الشرطة ومعاونه "سولوزو" و"مكلوسكي"، فإذا بالحديث يدور عن طريقة تحضير خلطة الصوص بالثوم كي يجعل البيتزا ألذ، لكن الكاميرا كانت تنقل تعبيرات وجه مايكل وتوتره وصمته؛ وهنا سأله "سوني" سؤال واحد: هل تدري ما ستفعله؟، ولم يجيبه مايكل.

 

هل المطوق تعليق على المرئي؟

إذاً، مرة أخرى، كان الحوار في التلفزيون وسيلة تعبير أساسية لإيصال المعني ونقل الأفكار، فإن الحوار في السينما ليس سوى قيمة صوتية مكملة كعنصر من عناصر مادتها، على اعتبار السينما وسط مرئي أساساً، لا يحضر فيها المنطوق إلا حينما تستهلك كل الوسائل التعبيرية البصرية الأخرى، وتصبح عاجزة عن إيصال المعني، وذلك حتى لا يتحول المنطوق إلى تعليق فج على المرئي.

كان المخرج المصري الراحل «صلاح أبو سيف» يرى ان ( الحوار هو أسهل مصادر المعلومات بالنسبة لكاتب السيناريو الكسول) وضعيف الموهبة والغير مستوعب لفن السينما بمجمله، لذلك نجد عند «هيتشكوك» وصيّة مفادها إعطاء العناصر البصرية الأولوية، فالسينما هي وسيلة للفرجة وليس للإصغاء. أتفق كثيراً مع هذا الاتجاه، وان كانت هناك أفلام قائمة على الحوارات والكلام، مثل على سبيل المثال : فيلم "أفكر في إنهاء الأمور" (2020) كتابة واخراج شارلي كوفمان، أو مثلاً فيلم 12 رجلاً غاضباً (1957) من إخراج سيدني لوميت وكتابة ريجنالد روز، مستوحى من مسرحية تلفزيونية كتبها ريجنالد بنفسه.

هذان الفيلمان على سبيل المثال طبيعتهما حوارية، معتمدة بنيتهما التعبيرية على الحوارات لا على الصورة، في المقابل هناك اتجاهات رصينة تعتمد قلة الحوارات وتركز على الصورة والحدث والتعبير بالحركة ولغة الجسد والوجه والعينين، وبقية العناصر الفلمية طبعاً، مثل ما يفعله خريجو مدرسة أستديو المثل، وهم الأجمل أداءًا في السينما العالمية منهم: مارلون براندو، آل بشينو، روبيرت دينيرو، ميريل استريب جاك نيكلسون، جين فوندا، أنتوني هوبكنز والعشرات من الممثلين والممثلات الأكثر تميزاً في تاريخ هوليوود، وجميعهم لو دققنا يقومون بأداء أدوارهم بأقل قدر من الكلام والحوار، فهم يعتمدون على طريقة استديو الممثل في الاستبطان والتعبير والتي تحث وتعلم الممثل الاعتماد علي نفسه كمصدر أساسي في التقمص والأداء بدرجة أكثر مما هو مكتوب في السيناريو أو من توجيهات المخرج ذاته، وبدلاً من أن “يقلد” الممثل الشخصية الخيالية الموجودة في السيناريو، فإنه يتعين عليه أن يقوم بالبحث في داخله عن مشاعر مشابهة لمشاعر الشخصية، فيستوحيها ويتقمصها ثم يتصرف (يمثل) على أساس أسلوبه الذاتي ليتحول هو نفسه إلى (الكراكتر) بشرط أن يترك له المخرج حرية الأداء.

 

أفلام الثرثرة

لكن حقيقةً أفلام الثرثرة تفقد هيبتها الفنية، إذ أن الغلو في الكلام يربك العملية الإخراجية الكلية للفيلم، ويحول فعل الكاميرا الى فعل ساذج غير مسنود بشرعية بصرية، مما يجعل من السرد حالة هذيان في بعض الأحيان، وهو ما يبدو جليا في الحوارات الثنائية التي لا يمكن ان تخرج عن الصياغة المرئية، او أثناء الحوارات الداخلية (المونولوج) للتعبير عن ما هو داخلي أو ما تفكر به الشخصيات، باعتبار هذا النوع من الحوارات الداخلية يعتبر مشكلة نوعية في السينما، تزيحها عن صفة ثمتل الواقع، لدرجة ان «بيير جين ريتشارد» وهو ناقد فرنسي مرموق رحل في 2019م، وصف طريقة تعامل السينما مع هذه الحوارات و إظهارها –إسماعها – بالسذاجة، كما لو ان الشخصيات تعطى ما تفكر فيه، ما تحياه وما تشعربه، دون قيد وبوعي تام. هذا الأسلوب نجده في دراما التلفزيون، وربما نجد في الافلام التي تتبع أسلوب الراوي (البطل الذي يروي قصته)، وبالتالي قصة الفيلم بأكمله. وهو اسلوب شيق ويوحي بحميمية خاصة تقترب كثيراً من المصداقية الفنية، لأن معظم الأفلام التي نفذت بأسلوب الراوي تكون مأخوذة عن قصص حقيقية أو أعمال أدبية مقدرة، ربما.

 

قواعد ممكنة للحوار السينمائي

لنحاول أن نضع قواعد للحوار السينمائي، وبالطبع الفن لا يقنن لأن الفيلم السينمائي كتلة واحدة متجانسة، هذا مفهوم ومنطقي، لكن هدف القواعد التالية هو التفكير في هذا التجانس بين عناصر الفيلم، وهي ليست منهجاً ولكنها اشارات تستوجب التأمل قدر الامكان:

المباشرة والاقتصاد: يستطيع المتفرج التقاط معنى الحوار بسرعة شديدة، لذلك ينبغي ألا يحتوى الحوار السينمائي على ثرثرة وتكرار وقول التفاصيل التي نستخدمها في حواراتنا اليومية، بل لابد من ضغطها لتوصيل أكبر قدر من البوح بأقل عدد ممكن من الكلمات، ويمكن تحقيق هذا عن طريق الكتابة باقتصاد ومباشرة،لأن الحوار المقتصد يساهم في دفع الحدث للأمام ويحافظ على رغبة المتفرج في المتابعة للأحداث بالصور المصاحبة لها.

فقـرات حواريـة قصـيرة: معظم كلام الناس ينقسم إلى جمل بسيطة، وواضحة ودالة؛ وهم يستبعدون الجمـل الطويلة لأنها تبدو غير طبيعية وخطابية ومملة. لذلك يمكن تفتيت الكتل الحوارية الطويلة عن طريق المقاطعة مع محاور آخر؛ ممثل آخر، أو رد فعل تقوم به أحد الشخصيات الأخرى، لذا يجب استبعاد الحوار المتوازن بدقة فهو غير مطلوب لإحداث تأثير معين.

تسلسل واضح للأفكار: لابد من الحفاظ على التسلسل الواضح للأفكار أثناء تحاور الشخصيات ويتحقق هذا عن طريق استخدام "الفعل ورد الفعل" في بناء الحوار. ويمكن للشخصية أن تقوم برد الفعل بالتعبير عن الموافقة، أو الرفض، أو الاستياء أو التردد، أو التجاهل، وهذا الأخير من ردود الأفعال المثيرة. لأن الشخصية تتناسى ما قد قيل منذ وقت قليل جداً إما بتغيير الموضوع أو بالرجوع إلى فكرة سابقة في الحوار أو السرد. ولأن التجاهل يوحي بأن أمراً ما يعتمل في دخيلة المخاطب أو أنه ينوي على فعل لا يود التصريح به؛ وهذا يخلق أفق انتظار وتوقع عند المشاهد.

بناء المشهد الكلاسيكي : عادة ما تحتوى تغطية المشهد الحواري على نوعين من اللقطات: اللقطة القريبة واللقطة من فوق الكتف، وربما يكون هناك أيضاً لقطات عامة تأسيسية ولقطات تفصيلية؛ وعادة يبدأ البناء الكلاسيكي للمشهد باللقطات العامة ثم التدرج إلى لقطات أقرب. غير أن المخرج يجب أن يكون مبدعاً في تصويره للمشاهد الحوارية ويتفادى تكرار البناء الكلاسيكي. قد يعكس المخرج الطريقة التقليدية ويقطع من اللقطات الأقرب إلى الأبعد. وهذه الطريقة تزيد من التشويق لأن المتفرج يكون في البداية غير متأكد من طبيعة المشاهد وعدد الممثلين. وهناك أيضاً وسيلة أخرى لبناء المشهد الحواري باستغلال حركة الكاميرا بدلاً من القطع.

في منحى آخر يمكننا التداخل مع أساليب المونتاج السينمائية في تقطيع مشاهد الحوارات، والتي بالضرورة تختلف عن التلفزيونية.

 

أنوع البناء المونتاجي

يمكننا تقسيم أنـواع البنــاء إلى عدة أنواع ؛ سواء اختار المخرج اتباع الأسلوب الكلاسيكي في تغطية المشهد أو التجديد في أسلوبه يجب أن يكون المونتير خلاقاً لينفخ الروح في المادة المصورة في مرحلة المونتاج، ويمكن تحقيق هذا بفصل عناصر الصوت عن الصورة واستغلال كل منها بشكل مستقل عن الآخر.فيخلق هذا الفصل مساحة أكبر من الاختيارات عند القطع، وفيما يلي تصور لأنواع البناء في المونتاج:

ـ التزامن الكامل: يتم القطع في شريط الصوت والصورة في نفس المكان بالضبط. وتنتقل الصورة للأمام والخلف بين الشخصيات مصحوبة بالحوار المتزامن معها، وهي أقصر الطرق وأكثرها شيوعاً بين الأساليب التقليدية في تقطيع مشاهد الحوار. ومع ذلك فهي أيضاً السبب الأقوى في خلق الإحساس بالرتابة.

ـ الصورة المتنقلة : تنتقل الصورة بين الشخصيات بينما تنفرد بالحوار شخصية واحدة، وهذه هي الطريقة الرئيسية لإظهار رد فعل المستمع أو للتنويع عندما يكون هناك حواراً طويلاً لأحد الشخصيات؛ كما يمكن استخدامها لزيادة التوتر.

ـ الحوار المتنقل: تبقى صورة أحد الشخصيات بينما ينتقل الحوار من شخصية لأخرى؛ وتستخدم هذه الطريقة عندما يكون رد فعل أحد الشخصيات أهم من الأخرى؛ أو أكثر إثارة؛ وكذلك في الأجزاء القصيرة من الحوار حيث يقلل انتقال الصورة للأمام وإلى الخلف من سرعة اللقطة.

ـ حوار الصورة المبكرة: تنتقل الصورة من شخصية لأخرى قبل أن تبدأ هذه الشخصية في الكلام؛ وتعتبر هذه الطريقة أقل شيوعاً لكنها تصنع تنوعاً عندما يطول حوار أحد الشخصيات.

ـ حوار الصورة المختلفـة: وهى طريقة متطرفة إلى حد ما وتعنى استخدام صورة مختلفة عن صورة الشخصية التي تتحدت؛ من الممكن أن تكون ما تتحدث عنه الشخصية أو مشهد له علاقة بموضوع الحديث مثل مشاهد الرجوع إلى الماضي وتكون النتيجة أقرب إلى مشهدين في مشهد واحد؛ وتعتبرهذه الطريقة رائعة للارتفاع بمستوى مشهد حواري عادى. فهي طريقة Flash Back

ـ الحوار المبكر: يتم قطع الديالوج إلى شخصية أخرى قبل قطع الصور؛ وعادة ما تستعمل هذه الطريقة للجمل التمهيدية؛ وهى تستخدم أيضا لزيادة التوتر.

 

نظرية الحوار السينمائي

إذا الوظيفة التقليدية للحوار فى السينما هى الحكي والكشف عن الشخصيات، و وظيفة بلاغة هذا الحوار يجب أن تتفوق على وظيفته التقليدية. لذا كان يجب أن تهتم هذه البلاغة بالعلاقة المُعقدة بين العقل الواعى والعقل الباطن، الوسيلتان اللتان يتلقى المتفرج بهما الأعمال وتتكون منها الشخصيات، مع إثارة حاسسة الربط والاستنباط عند المتفرج، واختصار ما يمكن حكيه فى سطور عديدة، وتحفيز الحالة التى تنقلها الصورة دون وصفها مباشرة، كى تتصالح مع مبدأ السينما الأزلى وهو "أظهر ولا تقل"، وحينها يمكن أن يُداعب كلاهما الآخر، كما يقول ميتز، دون أن يقصيه تماماً.

نخلص إلى أن وظيفة الحوار التقليدية وهى الحكي أو بث معلومات عن الشخصيات والعالم الذى تدور به القصة. لو كان هذا البث مباشراً فهى إشكالية هينة، أما الإشكالية الكبرى فهي عندما يتسم هذا البث باللا معقولية، وهذا يحدث حينما تُخبر شخصية الأخرى بمعلومة تعرفها بالفعل، فيكون الغرض الحقيقى هو إيصال المعلومة للمتفرج لا الشخصية المستمعة، هنا يخرق الكاتب المنطق لعجزه عن إيجاد طرق أكثر ابتكاراً لإيصال المعلومات.

 

سينماتك في ـ  05 مارس 2023

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004