خاص بـ«سينماتك»

 

«ڤوي ڤوي ڤوي»..

فيلم بدون كلاشيهات السينما المصرية

بقلم: خالد ربيع السيد/ خاص بـ«سينماتك»

 
 
 
 

أهم ما في فيلم "فوي فوي فوي" للمخرج المصري عمر هلال (أول فيلم له) ؛ والذي تم عرضه الأول مساء أمس في الرياض وسط احتفالية بهيجة؛ هو الأسلوب الاخراجي المتخلص من الكلاشيهات (Clichés) الاخراجية المصرية، "عدا كليشة واحدة سأذكرها لاحقاً"، وخلطه لعدة قوالب درامية في توليفة شيقة متجانسة وجاذبة لانتباه ومعايشة المشاهد طوال عرض الفيلم.. هو إذن دراما سينمائية حديثة تخلط كوميديا الحالة بكوميديا الموقف بالكوميديا السوداء اللطيفة، في إيقاع حيوي ومفارقات مفاجئة ومتصاعدة.

الفيلم بطولة محمد فراج ((صاحب دور مميز في مسلسل: "بدون ذكر أسماء". الرائع. اخراج تامر محسن 2013))، وبيومي فؤاد، وطه دسوقي، وأمجد الحجار، وحنان يوسف، ومحمد عبد العظيم، وحجاج عبد العظيم، ومع نيللي كريم وبسنت شوقي.

سينما حديثة بكليشة

سينما لم تألفها مصر من قبل، وربما كانت أفلام مروان حامد وآخرها كيرة والجن، ثم فيلم "وش في وش" هي نواة هذه السينما المصرية الحديثة.. تفكير مستجد في سيناريو كل مشهد..

هذا رأي انطباعي، ربما عملت على التحقق منه في دراسة أوسع، متمنياً أن يفكر معي القارئ المهتم.

الفيلم يعبر برومانسية وأكشن وتشويق، وفي نفس الوقت يروي قصة حدثت في الواقع بشيء من التراجيديا (جانب مأساوي لإستدرار الدموع والشجن المكثف،إنه إرث وخلفية الكليشيهات المصرية المكرورة، هي دون شك غير موفقة وزائد عن فنية لغة الفيلم، بل نشازاً في السياق العام للغة الفيلم الحديثة؛ رغم توشيحه بإكسسوارات فنية متمشية مع الألفاظ والكلمات المنطوقة في الحوارات.

قصة وحكاية

فوي فوي فوي تعني: قادم قادم قادم.. أو جاييّ جاييّ جاييّ، كلمة أسبانية، بحسب علمي، يرددها لاعبو كرة القدم المكفوفين لينبهوا بعضهم أثناء اللعب بقدوم اللاعب ومعه الكرة التي بدخلها جرس للتنبيه..

المهم:

يحكي الفيلم وهو مستوحى من قصة حقيقية، قصة حسن حارس الأمن "محمد فراج" الذي يعيش حياة فقيرة مع والدته، ويسعى للسفر خارج مصر، فيتصنع أنه كفيف، مخططاً لتحقيق هدفه عن طريق الانضمام لفريق كرة القدم للمكفوفين في احدى المدن المصرية للإنضمام لبطولة كأس العالم للمكفوفين في أوروبا، وينجح حسن في الانضمام للفريق، ثم يلتقي بالعديد من الشخصيات "النصابة" إن جاز الوصف، أولهم "بيومي فؤاد" مدرب الفريق، وتدور الأحداث لنخرج بالمفارقة الكبيرة والتي مفادها يقول: "كلنا نصابين يابا".

خلفية رمزية وراء القصة

قصة الفيلم تدور في عام 2013 ، وهي السنة التي أخذت فيها سطوة حكم الرئيس محمد مرسي في الضغط على الشعب المصري، فالكل يريد أن يغادر مصر، لأنها غدت خانقة. ولا سبيل إلا كل السبل، حتى لو اضطر المواطن الى التحايل والنصب، وذلك لمصلحة و ثراء النصابين، للخروج من مصر.

وكان الكاتب الصحفي محمود شوقي، صرح بأن قصة الفيلم مأخوذة بالكامل من كتابه «المكفوفون والكرة.. حكاية حب من وراء الستار» والتي سبق أن نشر قصته على هيئة سلسلة حلقات بمجلة الإذاعة والتليفزيون. فقط تمنيت أن يشار الى ذلك في تتر الفيلم.

بقي أن نلاحظ أن الفيلم لم يأخذ من تقنيات الإعلانات شيء رغم أن مخرجه عمل عدة سنوات في الإعلانات، فلم يقحم الطابع البصري الخاطف للإعلانات بلقطاته القريبة وزواياه الضيقة وألوانه القوية، وإن كان أخفق كثيراً في استخدام الموسيقى التصويرية المصاحبة، بسبب عدم اضافتها أي بعد درامي سوى الضوضاء التي تشير الى حداثة غير مدروسةللتوظيف الموسيقي، في حين أن المجهود الأدائي للمثلين كان واضحاً في تجويده. عدا إخفاقة وحيدة من المخرج والممثلين: عندما ذهبت نيلي كريم الى شقة محمد فراج، وفي لحظة رومانسية أخذ يتلمس وجهها، فأدركت أنه كفيف. ولكن من الطبيعي أن تجد يد الكفيف مصدر الصوت، ومن الطبيعي أيضاً أن يلمس أي كفيف وجه محدثه. والسؤال : كيف عرفت نيلي أنه كفيف.. لأنه لمس وجهها؟؟.

في المقابل نجد ذكاء المشهد الذي عرف فيه فؤاد بيومي أن محمد فراج كفيف. ففي الطائرة والفريق على سفر، إلتفت بيومي فؤاد نحو محمد فراج فوجده يتفرج (يبص) من شباك الطائرة. هنا أيقن أنه مبصر ويرى بشكل طبيعي. ف "هرش" أنه نصاب.

فيلم جميل، ومفصلي في أسلوبية الإخراج المصري

وكانت نقابة المهن السينمائية في مصر، أعلنت عن ترشيح الفيلم للمنافسة على جائزة أوسكار أفضل فيلم عالمي في الدورة السادسة والتسعين لجوائز الأوسكار.

 

سينماتك في ـ  23 سبتمبر 2023

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004