( 1 )
الكتابة عن أمين صالح..
مشروع ليس باليسير وليس آمناً في ذات الوقت.. ذلك لأن أمين محور مهم في تجربتي
مع السينما والكتابة عنها.. فدائماً ما يلتبس الأمر علي، هل أنا اشرع في
الكتابة عن أمين؟ أم الكتابة عن تجربتي
مع أمين؟
الإجابة هنا عصية وذلك هو الأمر الفاتن الذي
يتميز به أمين مع كل من يعرفه عن قرب من جيلي.. ومسألة دائماً ما تؤرقني.. أقف
مذهولاً أمام تمنع الكلمات.. لتبدو لي الكتابة بعيدة المنال... هل أعتبر هذا
بمثابة سحر أمين.. أم أنه سحر صداقته الصامتة المختزلة لحوار لا ينتهي ووجهه الذي يتركه في ماء الروح ويذهب ...
( ٢ )
»يأسرني هذا الرائع أمين صالح في
حديثه.. في طريقة نصب فخاخه للأصدقاء.. العلاقة مع أمين صالح لابد أن تأخذ
شكلاً
روحانياً.. حتى لو حاولت التملص من هذه الورطة.. فهو يسحرك بصداقته.. يحتويك..
يهيئ لك جنة من الرؤى ويأتي بك إلى ساحات البهاء.. يضعك في مهب جنته.. يباغتك
بماء الفضة.. ويحول مشكلة الكون إلى مزحة..!!!
( ٣ )
(تجده أحياناً متقمصا طاقة الطفولة في
داخل أي شخص يشاركه حلمه.. تجده يخذلك أحياناً في كشف أسرار هذا الحلم.. ولكنه
يعينك في نفس الوقت على اكتشاف أسرار هذا الدخول..
يجلب لك
المعونة لكي تحاول.. وتفشل.. ثم تنجح في النهاية.. لتجد نفسك في متون الحلم
مزهواً بما فعلت.. منتصراً من تحريض منه.. هكذا هو أمين صالح.. لا يهدأ إلا بعد
أن يغرر بك وتدخل في المغامرة..!!!
( ٤ )
الذهاب مع أمين إلى »أفلام من الإمارات«، لم يكن في الحسبان.. لم أتخيله تماماً..
كان بمثابة اكتشاف بالنسبة لي..
بالرغم من عمر صداقتنا الطويلة، إلا أن السفر معه لم يكن قبل ذلك.. لم أختبر
نفسي مع أمين في مسافات أخرى.. كان حلماً يسهر معي حتى الصباح.. صداقتي مع أمين
ازدادت رونقاً هناك.. فاللحظات التي جمعتنا ـ وهي كثيرة ـ تألقت بالفكرة
والمزحة والمرح.. وكأني أتعرف عليه من جديد.. كان اكتشافاً جديداً حقاً.. كم
أنت زاخر يا أمين..!!!
( ٥ )
اكتشفت انه من الضروري
أن لا أصل إلى إجابة على سؤالي فالكتابة عن أمين.. والكتابة عن تجربتي مع
أمين.. ضرب من الغموض الخاص بي في حل لغزه سيفقدني النشوة التي تدفعني
للتباهي.. أولاً لأن أمين صالح يشكل بداية المعرفة ومحورها بالنسبة لتجربتي في السينما ومن ثم الكتابة عنها.
وثانياً لأن أمين يحيل كلام الصداقة إلى مشاعر بسحر خاص لا يفوقه أحد فيه..
أمين الصديق.. أمين الصادق.. كيف لي أن أكلمك بالصداقة..؟
( ٦ )
كان ذلك في بداية الثمانينات،
عندما بدأ الاهتمام والكتابة عن السينما
يحتوياني.. في البدء كان مجرد اهتمام جارف بالسينما وبكل ما يكتب عنها في الصحافة.. ثم بدأ البحث والقراءة في
الكتب والمراجع السينمائية، والتعرف قدر الإمكان على المدارس والأساليب
والتيارات السينمائية الهامة.
شخصياً.. أعتبر نفسي محظوظاً لتواجدي في وسط ثقافي زاخر.. كان
عونا لي على البدء والسير في
هذا المجال مرحلة تلو الأخرى. كان أخي قاسم، أول المهتمين بما كتبت.. كان الدرس
الأول درس العقل والروح..
( ٧ )
لا اعرف بالضبط هل وجدته ام وجدني
ـ استكمالا للالتباس ـ الرائع أمين صالح، باعتباره أكثر اهتماماً بما أسعى
إليه.. السينما. فكان عليه أن يهيئني لتشكيل رؤية واضحة وعميقة لما جئت به عن
السينما.. كان صبوراً ومتفهماً بشكل خيالي، لذلك الاندفاع والحماس
الذي
طغى علي لنشر ما أكتبه.. فكم من المشاريع التي ألغيت، أو أعيدت صياغتها، لكي
تظهر على الشكل الذي ظهرت عليه.. تعلمت من أمين الكثير.. تعلمت منه كيف أسيطر
على جموح الكتابة.. وكيف أستفيد من هذا الجموح في
نفس الوقت.. تعلمت منه أن أكسر التقليد وآتي بالجديد.. كيف أكون نظرة خاصة بي
أثناء المشاهدة السينمائية.
كنت محظوظاً جداً.. لوجودي في مثل هكذا وسط.. وسط أمين وقاسم..
وسط لا يحتفي إلا بالمخيلة.. والقلم والحب، لنسكب حبرنا جميعا
بين
يديهما تاركين أمامنا كجيل النقيضين والمسافة بينهما فضاء تزدهر فيه مواهبنا
رؤى - حسن حداد
الأيام البحرينية في 22
ديسمبر 2007