المرجع العربي
الأول عن المخرج العالمي
المبدع
»سينما مطرزة بالبراءة« ..
دعوة للدخول إلى عالم »كيارستمي«
الرائع
كتب -
علي
الشرقاوي:
كل كتاب جديد
يخرج من
عباءة الكاتب القاص والروائي
والمترجم،
والسيناريست والمسرحي
البحريني
أمين
صالح،
اعتبره حدثاً
علينا الاحتفاء به،
لأن طبيعة كتابة أمين صالح،
القصة،
الرواية،
الشعر،
الترجمة،
الكتابة في
السينما وللسينما،
الكتابة بكل
أشكالها،
تثير القارئ،
وتستثير في
المتلقي
الرغبة في
دخول شيء من هذه
التجارب التي
يتركنا نلعب على تخومها،
في
الوقت الذي
يدخل مرة أخرى بصمت
إلى كهوف جديدة،
موحشة،
غير مرئية،
ينبش فيها ويخرج لنا بصور مغايرة لما
تعودنا عليه.
إن اللغة الثرية القوية الغنية التي
يستخدمها في
ترجمته
الخاصة،
بعيدا عن الترجمة الحرفية،
هي
التي
تعطي
تجاربه في
الترجمة
روحاً
مختلفة،
إنك وأنت تقرأ تجارب أمين في
الترجمة لا تشعر بأنك تقرأ لغة
أخرى،
فأمين
يكتب الجملة بحميمية،
مما
يساعد في
أن
يتلقاها القارئ
بالحميمية نفسها.
بعيد عن التحليل النقديّ
يقول أمين صالح إن كتابه
الجديد ''سينما
مطرزة بالبراءة''
لا
يعتمد على التحليل النقديّ
لأعمال
المخرج الإيرانيّ
الشهير ''عبّاس كيارستمي'' -
وهي
مهمّة جوهريّة،
أساسيّة،
وضروريّة،
لكننّي
لا أحسن القيام بها -
بل
يركّز على ترجمة
الحوارات التي
أجريت مع هذا المخرج المجمّعة من مصادر مختلفة ومتعدّدة،
وهي
موادّ
خضعت لٌلإعداد والترتيب والتنظيم بحيث تقدّم نظرة
بانوراميّة شاملة -أو
هكذا تطمح وتحاول-
لعالم المخرج الإيرانيّ
الفذ من وجهة نظره
الخاصّة.
وهي
تشتمل على أنشطته الفنيّة،
آراؤه،
رؤاه،
أفكاره،
تأثراته،
أساليبه،
خلفيّته الثقافيّة،
تعدد طاقاته الإبداعيّة وتنوّع اهتماماته وأنشطته الفنيّة
والأدبيّة،
شعريّته الطاغية،
المحيط المحلّيّ
الّذي
يتحرّك فيه ويسبره بعمق
بعين نافذة،
فضلاً
عن الأبعاد الثقافيّة والاجتماعية والسياسيّة الّتي
تشكل
ركائز أساسيّة في
تجربته الإبداعيّة.
إضافة إلى الحوارات،
يحتوي
الكتاب
على استعراض لأفلام المخرج،
مع ترجمة بعض المقالات الملفتة الّتي
كتبها نقّاد
بارزون،
أرى أنها تسلّط ضوءاً
مهمّاً
على جوانب مختلفة ومفيدة من التجربة
السينمائيّة لكيارستمي
الّذي
يعدّ
واحداً
من أهم وأبرز المخرجين في
السينما العالميّة
المعاصرة،
ويقرّ
العديد من النقاد بنبوغ ''كيارستمي''
وعظمته كسينمائي
متميز استطاع بفضل إبداعاته -
مع إبداعات سينمائيين إيرانيين
لا
يقلون أهمية -
أن
يضع الفيلم الإيراني
على خارطة السينما العالمية،
وأن
يجعل من حضوره حدثاً
ثقافيّاً
مهمّاً.
فـ''كيارستمي'' -
كما
يقول الناقد ''جوف أندرو''
فنان لا
يحقق أفلامه للاستهلاك
بالمعنى السلبيّ
المعتاد،
بل
يحرض جمهوره على التفاعل
والتفكير والمساءلة.
أمين مايزال
متواضعاً
عن تجربة أمين الجديدة،
يقول قيس قاسم:
مع أنه قدّم سبعة كتب عن
السينما إلى المكتبة العربية،
مازال البحريني
أمين صالح
على تواضعه مستنكفاً
عن تقديم نفسه إلى القراء.
ومثل بقية كتب صالح،
يجد القارئ في
هذا
الكتاب الجديد متعة خاصة لبساطة أسلوبه وغنى معلوماته ووضوح ما فيه،
عكس الكثير
من كتب السينما المترجمة
إلى العربية أو المعدة لقارئها الذي
لا
يجد فيها
غالباً
إلا طلاسم عصية على الفهم
ولغة أبعد شيء عنها الوضوح.
أهمية هذا الكتاب
لا تكمن فقط في
ما
يقدمه من صورة بانورامية
لكيارستمي
وعالمه،
بل لكونه
يعرفنا بسينما قريبة منا،
سينما تنتمي
إلى منطقتنا وبالتالي
فنحن معنيون
بفهمها والتعرف عليها كما قال هو نفسه عنها ''لدينا هذا الوسط
(السينما)
الذي
من خلاله نطرح،
دوماً
وإلى الأبد،
تلك الأسئلة الكبيرة:
من نحن؟ ما
الذي
نفعله؟ ما هو الواقع؟''.
لهذا السبب
يكتسب الجزء الخاص بتاريخ
السينما الإيرانية أهمية
في
الكتاب لا تقل عن أهمية
المعلومات الشخصية والتي
يقدم منها لنا صالح الكثير،
خصوصاً
تلك المتعلقة بكيارستمي
غير السينمائي
أي
التشكيلي،
الشاعر والمصور الفوتوغرافي،
والذي
قال عنها مرة
''صورة
واحدة هي
أم السينما.
هناك بدأت السينما،
مع تلك الصورة الواحدة''،
وأضاف ''إن تأمل سماء
غائمة وجذع ضخم لشجرة تحت ضوء سحري
هو أمر صعب عندما
يكون المرء وحده.
عدم القدرة على الإحساس بالمتعة لمرأى منظر طبيعي
جميل ورائع
مع شخص آخر هو ضرب من
التعذيب.
لهذا السبب بدأت في
التقاط الصور الفوتوغرافية.
أردت
-
بطريقة أو أخرى -
أن أجعل تلك اللحظات من الولع والألم تصبح أزلية''.
أما الفن التشكيلي
فورث حبه من والده الذي
كان رساماً
ومصمم ديكورات
المباني
والمنازل،
مع أنه اعترف،
أكثر من مرّة،
بأنه في
طفولته استخدم
الرسم كأداة لمقاومة وحدته.
وهو خاض تجربة المسرح لأول مرة العام
2002
في
إيطاليا التي
وفرت له فرص تقديم مسرحية ''تعزية''
العمل الذي
ركّز على
واقعة كربلاء ومقتل الإمام الحسين،
وقد اتخذت من الشعائر الدينية الشيعية،
المتصلة بالعزاء،
إطاراً
لها،
ومن خلالها قدم كيارستمي
رؤيته السياسية في
ربط الماضي
بقضايا الحاضر.
لقد تصادف عرض المسرحية
يومها مع الانتفاضة
الطلابية التي
شهدتها المدن الإيرانية.
وبهذا الشأن عبّر كيارستمي
بوضوح عن
موقفه مما
يحدث: ''احتجاجات
الطلبة هي
رد فعل طبيعي،
بعد ست سنوات من تولي
خاتمي
رئاسة الدولة.
من الواضح أنه لم
يفِ
بوعوده التي
أطلقها عند
انتخابه''.
كتاب لا
غنى عنه
رغم العديد من القراءات الجادة عن تجربة
المحرج العالمي
كيارستمي،
أعتبر أن الكاتب أمين صالح هو من قام بتحويل ما
كتبه
عن هذا المخرج المختلف،
إلى كتاب/مرجع،
يحتاج إليه كل من
يريد الاستفادة من
تجربة فنان شامل،
والتعرف على رؤية وفلسفة هذا المخرج لما حوله ولمن
حوله.
أشدّ
على
يد الصديق أمين صالح
بحرارة،
وأقبله بحب على هذا الإنجاز
المهم،
ليس للبحرين فقط،
إنما لعموم الساحة العربية والعالمية.
وأقول له لك
المحبة في
كل ما تعمل وتحلم،
واصل مشاريعك،
فإننا نحتاج إلى مثل هذه
المشاريع
التي
نتعلم منها الكثير. |