بعد أكثر من ثلاثين عاماً من تصوير جان لوك جودار
فيلمه الروائيّ الأول "على آخر نفس"، وقبل هدم فندق
السويد في الحيّ اللاتينيّ، استأجر المخرج كلود
فينتورا الغرفة 12 لمدة 9 أيام، والتي كانت بمثابة
مكانٍ للمشهد المركزي للفيلم، وبدأ تحقيقه من خلال
الاتصال بجودار، الذي ليس لديه ما يُخبره به.
ثم تابع المقابلات مع جان بول بلموندو، روجيه آنّأ،
ليليان ديفيد، كلود شابرول، راؤول كوتارد، بيير ريسّي،
سيسيل ديكوجيس، وآخرين، لجمع كلّ كلمات أولئك الذين
كانوا وقتذاك شهوداً على تصوير هذا الفيلم الذي لا
مثيل له.
*****
التلفزيون أيضاً يصنع الذكريات.
أخيراً، قبل أن أشاهده مرةً أخرى، بعد ما يقرب من
ثلاثين عاماً من بثّه لأول مرة، تذكرت فيلم "الغرفة
12، فندق السويد" جيداً.
في الواقع، تذكرت كلّ شيء، وخاصةً مقابلة روجيه آنّا
خلال تصوير مسلسل "نافارو" لمخرجه كوتار
في مقهى سيلكت، وصوت جودار الذي كان ينضح بالحزن أكثر
من الغضب: "لا أتذكر .. لديّ الكثير من العمل...
وداعاً ... ".
ما هي ذاكرة التلفزيون عندما يتعلق الأمر بشيءٍ آخر
غير إعادة الإرسال البسيطة لأحداثٍ عالمية؟
إنها بالفعل مسألة كتابة، عندما يكون التدفق راضياً عن
نفسه، وليس لديه حرفياً ما يطبعه. الآن، بعد أن اختفى
كلّ ذلك تقريباً، ولكن ليس تماماً، دعونا لا نرى كلّ
شيء مظلماً، حتى لو كان من الصعب جداً تخيل مثل هذا
الفيلم على قنوات اليوم، فإن التصميم الإخراجيّ لكلود
فينتورا يظهر كما كان دائماً: تعويذة، طريقة فريدة
لجعل الشهود يتكلمون مثل أولئك الذين يلتفون حول مائدة
مستديرة، ويحضّرون أرواح الموتى.
يمكن أن نتحدث عن الفيتيشية (الولع بالأشياء) عندما
يتعلق الأمر بشيءٍ آخر: كشف الغموض، وفهم كيف نجحت
فرقة صغيرة جداً من المُبتدئين في تنفيذ ضربة المعلم
تلك، في حين أن عوزهم الشديد قد وعدهم بالفشل الأكثر
قتامة.
"على آخر نفس" يرويه فينتورا، وفيلتار، أو قصة فيلم لم
يكن من المفترض أن يظهر إلى النور (كما قال بولموندو)،
بدلاً من تغيير وجه السينما.
الكلّ، أو لا شيئ، وكان هذا كلّ شيئ، البعض ما زالوا
لم يتعافوا بعد.
"غرفة 12، فندق السويد" من إنتاج عام 1993، هو قصة تلك
المُعجزة. |