مايو 1963: وصل المخرج الفرنسي/السويسري جان لوك
جودار، وفريقه، ونجميّ فيلمه – بريجيت باردو، وميشيل
بيكولي - إلى "كابري"(جزيرةٌ إيطالية) لتصوير مشاهد
فيلمه "الاحتقار" في بيئةٍ مُذهلة، بين البحر،
والصخور، في فيلا مالابرت.
*****
عندما كان المخرج الفرنسي جاك روزييّه يُصوّر مراحل
تصوير فيلم Le Mépris
(الاحتقار) للمخرج جان لوك جودار في عام 1963، أخرج
فيلميّن قصيرين متكاملين:
Paparazzi
(وتعني "المصورون الفضوليون").
Le Parti des choses : Bardot et Godard
(مصادفات الأحداث: باردو، وجودار).
في الفيلم الأول، يبتعد عن طاقم تصوير فيلم
(الاحتقار)، ويطارد المصورين الفضوليين الذين يجوبون
التلال القريبة، وفي الفيلم الثاني، على العكس من ذلك،
يصوّر مراحل تصوير فيلم
(الاحتقار)، ويتعامل بجديةٍ أكبر مع فعل الإبداع،
ويكشف عن الإيماءات اليومية للفنيين، وحركات الممثلين،
وتوجهات المخرج، ويحكي عن التنظيم العشوائيّ الذي
تقوده مصادفات الأحداث.
باردو، وبيكولي - اللذان يجسّدان ثنائياً حسّاساً،
وهشّاً على غير هدى - يتخذان مكانيهّما، وينشغل فنيّو
الإنتاج الإيطاليين بالترتيبات، وينسّق فريقا الصورة،
والصوت فيما بينهما، ويُعلن أحد مساعدي المخرج عن بدء
التصوير، ويبدأ جودار بتوجيه
المخرج الأمريكي (من أصولٍ نمساويةٍ، وألمانية) فريتز
لانغ باحترام.
فريتز لانغ، "الزعيم الهندي القديم"، "المُتحدث باسمّ
الآلهة"، "الشخص الذي ينظر إلى الرجال" سيقول التعليق
الصوتي الذي يبدو، طوال الفيلم، بمثابة التفكير
المُشترك لجودار، وروزييّه.
تتساءل عن حصة الصدفة: "المثاليّ، بالنسبة لجودار، هو
الحصول فوراً على ما يجب أن يكون الآن، وعلى الفور هذه
تعني الصدفة وبالأن ذاته النهائيّ، ما يريده، هو
النهائيّ بالصدفة".
هل سيكون لقصة الأوديسة هذه التي يرويها
فيلم (الاحتقار)، ووجود فريتز لانغ تأثيراً على صانعيّ
الأفلام من الموجة الجديدة المتواجديّن معاً؟
"سيقول
الصوت أيضاً : "الكاميرا، هي أولاً، وقبل كلّ شيء،
ألةٌ للتصوير، والإخراج هو أن تلتقط مصادفات الأحداث
بتواضع ..."، جاك روزييّه، الذي كان مفتوناً بشكلٍ
واضح بفريتز لانغ، وبريجيت باردو، هو مفتونٌ أيضاً
بصديقه جان لوك جودار، يتبعه بتكتمٍ، ويتركه يعمل
بحضور الآلهة (الممثلين النجوم)، أو بدونها، يتبع
روزييّه بكاميرته كاميرا جودار، هذه المرّة، هو
المصوّر الفضوليّ الذي يطارد أجهزة السينما.
بفضل كاميرا من نوع ميتشل، ومعدات تكنيكولور، جودار
سوف يجعل بريجيت باردو تتسامى.
سيحدد التعليق أنه "منذ فيلمه الأول، (على آخر نفس)،
كلّ فيلمٍ من إخراج جان لوك جودار هو وثيقة حقيقية
مكرّسةُ للمرأة العصرية، غير منطقية، مهدّئة، متقلبة،
مثيرة للسخط، ملكية، غامضة...".
إذا كان جزءٌ من الصدفة يصاحب السينما، في جميع
الأحوال فيلم جودار، وبالتأكيد فيلم روزييّه، وذلك
لأنّ أفلامهما تتغذّى باستمرارٍ بفكرٍ عن الحداثة،
والحاجة إلى التفكير بشكلٍ مختلفٍ بالعالم، وإعادة
صياغته.
ينتهز جاك روزييّه الفرصة لإعادة تعريف السينما، بفضل
وجود ثلاث شخصياتٍ استثنائية، جودار وباردو، وفريتز
لانغ، يجدون أنفسهم معاً في مكان تصوير تُضيئه شمس
البحر الأبيض المتوسط.
هذا الفيلم القصير، المرآة اللعوبة لفكر جاك روزييّه،
يشبه وصفه للمرأة العصرية: غير منطقي، مهدئ، غامضٌ،
ملكيّ ...
حزب الأشياء: باردو، وجودار
جاك روزييه، فرنسا / 1963
مع بريجيت باردو، جان لوك جودار، فريتز لانغ، جاك
بالانس، وميشيل بيكولي.
هيرفي بيشار، مسؤول عمليات الاقتناء، ومدير مشروع
ترميم الأفلام في السينماتك الفرنسية. |