يشترك فيلم
Talaash
مع أفلامٍ هندية أخرى في العنوان، خاصة أفلام
بوليودية، لكنه يختلف عنها تماماً في القصة، وفي كل
شيء، عنوانه الكامل:
Talaash: The
Answer Lies Within
هو فيلمٌ غير نمطيّ، وليس بالغريب أن يكون كذلك، فبطله
عامر خان أصبح مؤخراً شديد الانتقائية، والتدقيق في
اختياراته، وهو من أكثر نجوم الهند نجاحاً، وموهبة.
راني موخرجي، أيضاً في دور البطولة المُساعدة (زوجة
البطل) عامر خان، كانت مميزة جداً، رغم أن مساحة دورها
لم تكن كبيرة، لكنّ راني أكثر بنات جيلها موهبة،
وقدراتها كانت يمكنها أن تصل بها للسينما الأمريكية
لولا اختلاف معادلات النجاح بين البلدين، واختلاف
الوسطين الفنيين في الهند، والولايات المتحدة، وصورة
النجمة، أو الممثلة الجميلة مختلفة من بلدٍ لآخر.
دورٌ مميزٌ آخر، تمّ إسناده لكارينا كابور، بطلة
الفيلم، التي تلعب دور مومس تمّ قتلها من طرف مجموعة
شباب من أبناء المسؤولين، والطبقة الغنية، ودفنها دون
إخبار أحد، فتبقى روحها عالقة، وتطارد الشرطي (عامر
خان) للوصول لحل القضية المعقدة التي من الصعب حلّها،
بحكم تورط أبناء المسؤولين فيها، والضحية هي مومس من
عامة الشعب.
الفيلم يدخل ضمن أفلام الجريمة التي تتضمن حبكة غريبة،
وغموضاً، ومفاجآتٍ غير متوقعة في القصة، وتفاصيل
غرائبية، وميتافيزيقية، وضغطاً نفسياً على شخصيات
القصة، والمُشاهد نفسه.
دور المومس ليس بجديدٍ على كارينا كابور، هي تجيد لعبه
جيداً، حيث مثلته في بداياتها في فيلم "شاميلي" سنة
2003، وفي بعض المشاهد من فيلمها المعروف
Heroine
المنتج سنة 2012، وهي نفس سنة
إنتاج فيلم
Talaash،
والذي كانت فيه شخصية المومس مختلفة عن دوريّها
السابقين.
كارينا ممثلةٌ ولدت نجمة، مدعومة جداً رغم قلة
موهبتها، هي حفيدة راج كابور، رائد السينما الهندية،
طورّت من قدراتها التمثيلية تدريجياً، ولم تحصر نفسها
في أدوار الرومانسية، أو الفتاة الدلوعة، أو اللعوب،
وحتى أدوار المومس التي لعبتها لم يكن فيها ابتذال، أو
إغراء، وعريّ كثير، خاصة في هذا الفيلم، حيث تلعب دور
روح ضائعة تبحث عن الراحة الأبدية، لذلك الابتذال في
الشخصية كثيراً، كان سوف يبعد تعاطف الجمهور معها،
لأنها الضحية في الفيلم، وتبحث عن القصاص، والعدل عبر
الشرطي بطل الفيلم.
من يشاهد الفيلم أول مرة، سوف يعتقد طيلة الـ 139
دقيقة التي هي مدة الفيلم أنّ كارينا تلعب دور شخصية
حيّة على أرض الواقع، في الأخير الصدمة الكبيرة
للمُشاهد عندما يكتشف بأنها كانت روحاً ضائعة غير
مرئية للجميع باستثناء البطل.
كانت المخرجة ذكية في توزيع الأدوار، حيث أن راني
موخرجي قادرة على تمثيل كلّ أنواع الأدوار، فأسند لها
دور الزوجة، والأم التي فقدت ابنها، وتؤمن بتواصل روحه
مع جارتها العرّافة، بينما زوجها الشرطي يعتقد بأنها
مريضة، ومهووسة، لدى راني أيضاً دورٌ ناجح جداً كمومس
في فيلم
Laaga Chunari Mein Daag،
لكن كارينا كانت هي الأنسب لهذا الدور في فيلم طالاش،
حيث لا يمكن توقع العكس، أن كارينا هي الزوجة، وراني
هي المومس، فقدرات راني التمثيلية تتخطى كثيراً ما
وصلت إليه كارينا رغم تطورها.
بينما يمكن اعتبار هذا الفيلم من أهم الأفلام التي
لفتت الانتباه للممثلين Rajkummar Rao
و
Nawazuddin Siddiqui ،
و أثبتا نفسيهما كمواهب حقيقية في السينما الهندية،
رغم بشرتهما الداكنة وجمالهما المتواضع، مما يرشحهما
للبقاء في الأدوار الثانوية فقط، أو الانتقال لسينمات
الجنوب الهندي، لكن، ما حصل، أنهما الآن من النجوم
المعروفين في السينما الهندية، و نواز الدين صيديقي
يمكن حتى أن يكون خليفة الراحل عرفان خان في السينما
الأمريكية لما يتمتع به من موهبة، وشكله الهندي الأسمر
النمطي المُساعد جداً على قبوله لدى صناع السينما في
الغرب.
لم تكن أغاني الفيلم استعراضاتٍ دخيلة على القصة، بل
تم إدماجها كخلفية صوتية للأحداث، مثلما أصبح يعمل
الكثير من المخرجين الهنود مع نوعية الأفلام التي لا
تتطلب استعراضاتٍ بالطريقة النمطية المعروفة في
السينما الهندية، حيث أصبحت الاستعراضات النمطية
متواجدة أكثر في الأفلام الرومانسية، أو الكوميدية،
بينما يتفاداها كثير من المخرجين في الأفلام
البوليسية، والدرامية، والملحمية، أو أفلام الرعب،
بعضهم يلغيها تماما، وبعضهم يدمجها في القصة لتكون لها
ضرورة درامية مقنعة لوجودها.
لذلك، يمكن اعتبار مخرجة الفيلم
Reema Kagti
ذكية، وموفقة في محاولتها لعمل فيلم متكامل من حيث كل
عناصره رغم قلة أعمالها السينمائية، وحتى أنها شاركت
في كتابة القصة، والسيناريو رفقة كتاب آخرين، بينما
الإنتاج كان مشتركاً بين العديد من الأشخاص، والشركات،
من بينهما الممثل عامر خان نفسه، والممثل فرحان أختر،
والفيلم نجح جماهيرياً، مادياً، ومن ناحية النقدية
أيضاً. |